شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 188عنك فم هذا الكلب فأرسل إليه بمائتي دينار فقال له رسول زياد إن ابن عمك زيادا الأمير قد أرسل إليك مائتي دينار لتنفقها فقال وصلته رحم إي و الله ابن عمي حقا ثم مر به زيامن الغد في موكبه فوقف عليه فسلم و بكى أبو العريان فقيل له ما يبكيك قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبي العريان
ما ألبثتك الدنانير التي بعثت أن لونتك أبا العريان ألواناأمسى إليك زياد في أرومته نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانالله در زياد لو تعجلها كانت له دون ما يخشاه قربانا
فلما قرئ كتاب معاوية على أبي العريان قال اكتب جوابه يا غلام
أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها قد كدت يا ابن أبي سفيان تنساناأما زياد فقد صحت مناسبه عندي فلا أبتغي في الحق بهتانامن يسد خيرا يصبه حين يفعله أو يسد شرا يصبه حيثما كانا(17/166)


و روى أبو عثمان أيضا قال كتب زياد إلى معاوية ليستأذنه في الحج فكتب إليه إني قد أذنت لك و استعملتك على الموسم و أجزتك بألف ألف درهم فبينا هو يتجهز إذ بلغ ذلك أبا بكرة أخاه و كان مصارما له منذ لجلج في الشهادة على المغيرة بن شعبة أيام عمر لا يكلمه قد لزمته أيمان عظيمة ألا يكلمه أبدا فأقبل أبو بكرة يدخل القصر يريد زيادا فبصر به الحاجب فأسرع إلى زياد قائلا أيها الأمير هذا أخوك أبو بكرة قد دخل القصر قال ويحك أنت رأيته قال ها هو ذا قد طلع و في حجر زياد بني يلاعبه و جاء أبو بكرة حتى وقف عليه فقال للغلام كيف أنت يا غلام إن أباك ركب في الإسلام عظيما زنى أمه و انتفى من أبيه و لا و الله ما علمت سمية رأت شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 189أبا سفيان قط ثم أبوك يريد أن يركب ما هو أعظم من ذلك يوافي الموسم غدا و يوافي أم حبيبة بنت أبي سفيان و هي من أمهات المؤمنين فإن جاء يستأذنليها فأذنت له فأعظم بها فرية على رسول الله ص و مصيبة و إن هي منعته فأعظم بها على أبيك فضيحة ثم انصرف فقال جزاك الله يا أخي عن النصيحة خيرا ساخطا كنت أو راضيا ثم كتب إلى معاوية إني قد اعتللت عن الموسم فليوجه إليه أمير المؤمنين من أحب فوجه عتبة بن أبي سفيان. فأما أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب فإنه قال لما ادعى معاوية زيادا في سنة أربع و أربعين و ألحقه به أخا زوج ابنته من ابنه محمد بن زياد ليؤكد بذلك صحة الاستلحاق و كان أبو بكرة أخا زياد لأمه أمهما جميعا سمية فحلف ألا يكلم زيادا أبدا و قال هذا زنى أمه و انتفى من أبيه و لا و الله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قبل ويله ما يصنع بأم حبيبة أ يريد أن يراها فإن حجبته فضحته و إن رآها فيا لها مصيبة يهتك من رسول الله ص حرمة عظيمة. و حج زياد مع معاوية و دخل المدينة فأراد الدخول على أم حبيبة ثم ذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك و قيل إن أم حبيبة حجبته و لم تأذن له في الدخول عليها و(17/167)


قيل إنه حج و لم يرد المدينة من أجل قول أبي بكرة و إنه قال جزى الله أبا بكرة خيرا فما يدع النصيحة في حال و روى أبو عمر بن عبد البر في هذا الكتاب قال دخل بنو أمية و فيهم عبد الرحمن بن الحكم على معاوية أيام ما استلحق زيادا فقال له عبد الرحمن يا معاوية لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة و ذلة يعني على بني أبي العاص فأقبل معاوية شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 190على مروان و قال أخرج عنا هذا الخليع فقال مروان إي و الله إنه لخليع ما يطاق فقال معاة و الله لو لا حلمي و تجاوزي لعلمت أنه يطاق أ لم يبلغني شعره في و في زياد ثم قال مروان أسمعنيه فأنشد
ألا أبلغ معاوية بن حرب لقد ضاقت بما يأتي اليدان أ تغضب أن يقال أبوك عف و ترضى أن يقال أبوك زان فأشهد أن رحمك من زياد كرحم الفيل من ولد الأتان و أشهد أنها حملت زيادا و صخر من سمية غير دثم قال و الله لا أرضى عنه حتى يأتي زيادا فيترضاه و يعتذر إليه فجاء عبد الرحمن إلى زياد معتذرا يستأذن عليه فلم يأذن له فأقبلت قريش إلى زياد تكلمه في أمر عبد الرحمن فلما دخل سلم فتشاوس له زياد بعينه و كان يكسر عينه فقال له زياد أنت القائل ما قلت قال عبد الرحمن ما الذي قلت قال قلت ما لا يقال قال أصلح الله الأمير إنه لا ذنب لمن أعتب و إنما الصفح عمن أذنب فاسمع مني ما أقول قال هات فأنشده
إليك أبا المغيرة تبت مما جرى بالشام من خطل اللسان و أغضبت الخليفة فيك حتى دعاه فرط غيظ إن هجاني و قلت لمن لحاني في اعتذاري إليك اذهب فشأنك غير شأن شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 191عرفت الحق بعد ضلال رأيي و بعد الغي من زيغ الجنان زياد من أبي سفيان غصن تهادى ناضرا بين الجنان أراك أخا و عما و ابن عم فما أدري بعيب ما تراني و إن زيادة في آل حرب أحب إلي من وسطي بناني ألا أبلغ معاوية بن حرب فقد ظفرت بمااليدان(17/168)


فقال زياد أراك أحمق صرفا شاعرا ضيع اللسان يسوغ لك ريقك ساخطا و مسخوطا و لكنا قد سمعنا شعرك و قبلنا عذرك فهات حاجتك قال تكتب إلى أمير المؤمنين بالرضا عني قال نعم ثم دعا كاتبه فكتب له بالرضا عنه فأخذ كتابه و مضى حتى دخل على معاوية فلما قرأه قال لحا الله زيادا لم يتنبه لقوله
و إن زيادة في آل حرب
ثم رضي عن عبد الرحمن و رده إلى حالته. و أما أشعار يزيد بن مفرغ الحميري و هجاؤه عبيد الله و عبادا ابني زياد بالدعوة فكثيرة مشهورة نحو قوله
أ عباد ما للؤم عنك تحول و لا لك أم من قريش و لا أب و قل لعبيد الله ما لك والد بحق و لا يدري امرؤ كيف تنسبو نحو قوله
شهدت بأن أمك لم تباشر أبا سفيان واضعة القناع
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 192و لكن كان أمر فيه لبس على حذر شديد و ارتياع إذا أودى معاوية بن حرب فبشر شعب قعبك بانصدو نحو قوله
إن زيادا و نافعا و أبا بكرة عندي من أعجب العجب هم رجال ثلاثة خلقوا في رحم أنثى و كلهم لأب ذا قرشي كما تقول و ذا مولى و هذا بزعمه عربكان عبيد الله بن زياد يقول ما شجيت بشي ء أشد علي من قول ابن مفرغ فكر ففي ذاك إن فكرت معتبر هل نلت مكرمة إلا بتأميرعاشت سمية ما عاشت و ما علمت أن ابنها من قريش في الجماهير
و يقال إن الأبيات النونية المنسوبة إلى عبد الرحمن ابن أم الحكم ليزيد بن مفرغ و إن أولها
أ لا أبلغ معاوية بن حرب مغلغلة من الرجل اليماني
و نحو قوله و قد باع برد غلامه لما حبسه عباد بن زياد بسجستان
يا برد ما مسنا دهر أضر بنا من قبل هذا و لا بعنا له ولدالامتني النفس في برد فقلت لها لا تهلكي إثر برد هكذا كمدالو لا الدعي و لو لا ما تعرض بي من الحوادث ما فارقته أبدا
و نحو قوله(17/169)


أبلغ لديك بني قحطان مألكة عضت بأير أبيها سادة اليمن أضحى دعي زياد فقع قرقرة يا للعجائب يلهو بابن ذي يزن شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 193و روى ابن الكلبي أن عبادا استلحقه زياد كما استلحق معاوية زيادا كلاهما لدعوة قال لما أذن لزياد في الحج تجهز فبينا هو يتجهز و أصحاب القرب يعرضون عليه قربهم إذ تقدم عباد و كان خرازا فصار يعرض عليه و يحاوره و يجيبه فقال زياد وي من أنت قال أنا ابنك قال ويحك و أي بني قال قد وقعت على أمي فلانة و كانت من بني كذا فولدتني و كنت في بني قيس بن ثعلبة و أنا مملوك لهم فقال صدقت و الله إني لأعرف ما تقول فبعث فاشتراه و ادعاه و ألحقه و كان يتعهد بني قيس بن ثعلبة بسببه و يصلهم و عظم أمر عباد حتى ولاه معاوية سجستان بعد موت زياد و ولى أخاه عبيد الله البصرة فتزوج عباد الستيرة ابنة أنيف بن زياد الكلبي فقال الشاعر يخاطب أنيفا و كان سيد كلب في زمانه
أبلغ لديك أبا تركان مألكة أ نائما كنت أم بالسمع من صمم أنكحت عبد بني قيس مهذبة آباؤها من عليم معدن الكرم أ كنت تجهل عبادا و محتده لا در درك أم أنكحت من عدم أ بعد آل أبي سفيان تجعله صهرا و بعد بني مروان و الحكم أعظم عليك بذا عارا و منقصة ما دمت حيا و بعموت في الرحم
و قال الحسن البصري ثلاث كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة منهن لكانت موبقة انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها و استلحاقه زيادا مراغمة
لقول رسول الله الولد للفراش و للعاهر الحجر
و قتله حجر بن عدي فيا ويله من حجر و أصحاب حجر. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 194و روى الشرقي بن القطامي قال كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعة لعلي بن أبي طالب ع فلما قدم زياد الكوفة طلبه و أخافه فأتى الحسن بن علي ع مستجيرا به فوثب زياد على أخيه و ول و امرأته فحبسهم و أخذ ماله و نقض داره(17/170)

122 / 150
ع
En
A+
A-