أيها الشاتمي لتحسب مثلي إنما أنت في الضلال تهيم لا تسبنني فلست بسبي إن سبي من الرجال الكريمو هكذا جرى في القنوت و اللعن قنت بالكوفة على معاوية و لعنه في الصلاة و خطبة الجمعة و أضاف إليه عمرو بن العاص و أبا موسى و أبا الأعور السلمي و حبيب بن مسلمة فبلغ ذلك معاوية بالشام فقنت عليه و لعنه بالصلاة و خطبة الجمعة و أضاف إليه الحسن و الحسين و ابن عباس و الأشتر النخعي و لعله ع قد كان يظهر له من المصلحة حينئذ ما يغيب عنا الآن و لله أمر هو بالغه
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 33138- و من كتاب له ع إلى قثم بن العباس و هو عامله على مكةأَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَيْنِي بِالْمَغْرِبِ كَتَبَ إِلَيَّ يُعْلِمُنِي أَنَّهُ وُجِّهَ إِلَى الْمَوْسِمِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْعُمْيِ الْقُلُوبِ الصُّمِّ الْأَسْمَاعِ الْكُمْهِ الْأَبْصَارِ الَّذِينَ يَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ يُطِيعُونَ الْمَخْلُوقَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَ يَحْتَلِبُونَ الدُّنْيَا دَرَّهَا بِالدِّينِ وَ يَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِينَ وَ لَنْ يَفُوزَ بِالْخَيْرِ إِلَّا عَامِلُهُ وَ لَا يُجْزَى جَزَاءَ الشَّرِّ إِلَّا فَاعِلُهُ فَأَقِمْ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ قِيَامَ الْحَازِمِ الطَّبِيبِ وَ النَّاصِحِ اللَّبِيبِ التَّابِعِ لِسُلْطَانِهِ الْمُطِيعِ لِإِمَامِهِ وَ إِيَّاكَ وَ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ لَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً وَ لَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلًا وَ السَّلَامُ(17/121)


كان معاوية قد بعث إلى مكة دعاة في السر يدعون إلى طاعته و يثبطون العرب عن نصرة أمير المؤمنين و يوقعون في أنفسهم أنه إما قاتل لعثمان أو خاذل و إن الخلافة شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 139لا تصلح فيمن قتل أو خذل و ينشرون عندهم محاسن معاوية بزعمهم و أخلاقه و سيه فكتب أمير المؤمنين ع هذا الكتاب إلى عامله بمكة ينبهه على ذلك ليعتمد فيه بما تقتضيه السياسة و لم يصرح في هذا الكتاب بما ذا يأمره أن يفعل إذا ظفر بهم. قوله عيني بالمغرب أي أصحاب أخباره عند معاوية و سمى الشام مغربا لأنه من الأقاليم المغربية. و الموسم الأيام التي يقام فيها الحج. و قوله و يحتلبون الدنيا درها بالدين دلالة على ما قلنا إنهم كانوا دعاة يظهرون سمت الدين و ناموس العبادة و فيه إبطال قول من ظن أن المراد بذلك السرايا التي كان معاوية يبعثها فتغير على أعمال علي ع و درها منصوب بالبدل من الدنيا و روي الذين يلتمسون الحق بالباطل أي يطلبونه أي يتبعون معاوية و هو على الباطل التماسا و طلبا للحق و لا يعلمون أنهم قد ضلوا. قوله و إياك و ما يعتذر منه من الكلمات الشريفة الجليلة الموقع و قد رويت مرفوعة و كان يقال ما شي ء أشد على الإنسان من حمل المروءة و المروءة ألا يمل الإنسان في غيبة صاحبه ما يعتذر منه عند حضوره. قوله و لا تكن عند النعماء بطرا و لا عند البأساء فشلا معنى مستعمل قال الشاعر
فلست بمفراح إذا الدهر سرني و لا جازع من صرفه المتقلب و لا أتمنى الشر و الشر تاركي و لكن متى أحمل على الشر أركب شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 140قثم بن عباس و بعض أخبارهفأما قثم بن العباس فأمه أم إخوته و روى ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب
عن عبد الله بن جعفر قال كنت أنا و عبيد الله و قثم ابنا العباس نلعب فمر بنا رسول الله ص راكبا فقال ارفعوا إلي هذا الفتى يعني قثم فرفع إليه فأردفه خلفه ثم جعلني بين يديه و دعا لنا(17/122)


فاستشهد قثم بسمرقند. قال ابن عبد البر و روى عبد الله بن عباس قال كان قثم آخر الناس عهدا برسول الله ص أي آخر من خرج من قبره ممن نزل فيه قال و كان المغيرة بن شعبة يدعي ذلك لنفسه فأنكر علي بن أبي طالب ع ذلك و قال بل آخر من خرج من القبر قثم بن العباس. قال ابن عبد البر و كان قثم واليا لعلي ع على مكة عزل علي ع خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي و كان واليها لعثمان و ولاها أبا قتادة الأنصاري ثم عزله عنها و ولى مكانه قثم بن العباس فلم يزل واليه عليها حتى قتل علي ع قال هذا قول خليفة و قال الزبير بن بكار استعمل علي ع قثم بن العباس على المدينة. قال ابن عبد البر و استشهد قثم بسمرقند كان خرج إليها مع سعيد بن عثمان بن عفان زمن معاوية فقتل هناك. قال و كان قثم يشبه رسول الله ص و فيه يقول داود بن مسلم شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 14عتقت من حل و من رحلة يا ناق إن أدنيتني من قثم إنك إن أدنيت منه غدا حالفني اليسر و مات العدم في كفه بحر و في وجهه بدر و في العرنين منه شمم أصم عن قيل الخنا سمعه و ما على الخير به من صمم لم يدر ما لا و بلا قد درى فعافها و اعتاض منها شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 34142- و من كتاب له ع إلى محمد بن أبي بكرلما بلغه توجده من عزله بالأشتر عن مصر ثم توفي الأشتر في توجهه إلى هناك قبل وصوله إليها(17/123)


أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِيحِ الْأَشْتَرِ إِلَى عَمَلِكَ وَ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجَهْدَ وَ لَا ازْدِيَاداً لَكَ فِي الْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَئُونَةً وَ أَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلَايَةً إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اللَّهُ فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ وَ لَاقَى حِمَامَهُ وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ أَوْلَاهُ اللَّهُ رِضْوَانَهُ وَ ضَاعَفَ الثَّوَابَ لَهُ فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ وَ امْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ وَ شَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ وَ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ وَ يُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
محمد بن أبي بكر و بعض أخباره(17/124)


أم محمد رحمه الله أسماء بنت عميس الخثعمية و هي أخت ميمونة زوج النبي ص شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 143و أخت لبابة أم الفضل و عبد الله زوج العباس بن عبد المطلب و كانت من المهاجرات إلى أرض الحبشة و هي إذ ذاك تحت جعفر بن أبي طالب ع فولدت له هناك محمد بن جعفر عبد الله و عونا ثم هاجرت معه إلى المدينة فلما قتل جعفر يوم مؤتة تزوجها أبو بكر فولدت له محمد بن أبي بكر هذا ثم مات عنها فتزوجها علي ع و ولدت له يحيى بن علي لا خلاف في ذلك. و قال ابن عبد البر في الإستيعاب ذكر ابن الكلبي أن عون بن علي اسم أمه أسماء بنت عميس و لم يقل ذلك أحد غيره. و قد روي أن أسماء كانت تحت حمزة بن عبد المطلب فولدت له بنتا تسمى أمة الله و قيل أمامة و محمد بن أبي بكر ممن ولد في عصر رسول الله ص. قال ابن عبد البر في كتاب الإستيعاب ولد عام حجة الوداع في عقب ذي القعدة بذي الحليفة حين توجه رسول الله ص إلى الحج فسمته عائشة محمدا و كنته أبا القاسم بعد ذلك لما ولد له ولد سماه القاسم و لم تكن الصحابة ترى بذلك بأسا ثم كان في حجر علي ع و قتل بمصر و كان علي ع يثني عليه و يقرظه و يفضله و كان لمحمد رحمه الله عبادة و اجتهاد و كان ممن حضر عثمان و دخل عليه فقال له لو رآك أبوك لم يسره هذا المقام منك فخرج و تركه و دخل عليه بعده من قتله و يقال إنه أشار إلى من كان معه فقتلوه.
قوله و بلغني موجدتك أي غضبك وجدت على فلان موجدة و وجدانا لغة قليلة و أنشدوا
كلانا رد صاحبه بغيظ على حنق و وجدان شديد(17/125)

113 / 150
ع
En
A+
A-