يا رب إنك عالم بمحبتي لك و اجتهادي و تجردي للذب عنك على مراغمة الأعادي بالعدل و التوحيد أصدع معلنا في كل نادي و كشفت زيغ ابن الخطيب و لبسه بين العبادو نقضت سائر ما بناه من الضلالة و الفس شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 82و أبنت عن إغوائه في دين أحمد ذي الرشادو جعلت أوجه ناصريه محممات بالسوادو كففت من غلوائهم بعد التمرد و العنادفكأنما نخل الرماد عليهم بعد الرمادو قصدت وجهك أبتغي حسن المثوبة في المعادفأفض على العبد الفقير إليكم نور السدادو ارز قبل الموت معرفة المصائر و المبادي و افكك أسير الحرص باللأصفاد من أسر الصفادو اغسل بصفو القرب من أبوابكم كدر البعادو أعضه من حر الغليل بوصلكم برد الفؤادو ارحم عيونا فيك هامية و قلبا فيك صاديا ساطح الأرض المهاد و ممسك السبع الشداديَا بُنَيَّ إِنِّي قَدْ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَ حَالِهَا وَ زَوَالِهَا وَ انْتِقَالِهَا وَ أَنْبَأْتُكَ عَنِ الآْخِرَةِ وَ مَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا وَ ضَرَبْتُ لَكَ فِيهِمَا الْأَمْثَالَ لِتَعْتَبِرَ بِهَا وَ تَحْذُوَ عَلَيْهَا إِنَّمَا مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ فَأَمُّوا مَنْزِلًا خَصِيباً وَ جَنَاباً مَرِيعاً فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ الطَّرِيقِ وَ فِرَاقَ الصَّدِيقِ وَ خُشُونَةَ السَّفَرِ وَ جُشُوبَةَ المَطْعَمِ لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ وَ مَنْزِلَ قَرَارِهِمْ فَلَيْسَ يَجِدُونَ لِشَيْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً وَ لَا يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً وَ لَا شَيْ ءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 83وَ أَدْنَاهُمْ إِلَى مَحَلَّتِهِمْ وَ مَثمَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ فَلَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ وَ لَا أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ(17/71)


مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ وَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ حذا عليه يحذو و احتذى مثاله يحتذي أي اقتدى به و قوم سفر بالتسكين أي مسافرون. و أموا قصدوا و المنزل الجديب ضد المنزل الخصيب. و الجناب المريع بفتح الميم ذو الكلإ و العشب و قد مرع الوادي بالضم. و الجناب الفناء و وعثاء الطريق مشقتها. و جشوبة المطعم غلظه طعام جشيب و مجشوب و يقال إنه الذي لا أدم معه. يقول مثل من عرف الدنيا و عمل فيها للآخرة كمن سافر من منزل جدب إلى منزل خصيب فلقي في طريقه مشقة فإنه لا يكترث بذلك في جنب ما يطلب و بالعكس من عمل للدنيا و أهمل أمر الآخرة فإنه كمن يسافر إلى منزل ضنك و يهجر منزلا رحيبا طيبا و هذا من
قول رسول الله ص الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 84يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا وَ لَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحُِ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لَا تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وَ آفَةُ الْأَلْبَابِ فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ وَ لَا تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ وَ إِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ
جاء في الحديث المرفوع لا يكمل إيمان عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه و يكره لأخيه ما يكره لنفسه(17/72)


و قال بعض الأسارى لبعض الملوك افعل معي ما تحب أن يفعل الله معك فأطلقه و هذا هو معنى قوله ع و لا تظلم كما لا تحب أن تظلم. و قوله و أحسن من قول الله تعالى وَ أَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ. و قوله و استقبح من نفسك سئل الأحنف عن المروءة فقال أن تستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك و روي و ارض من الناس لك و هي أحسن. و أما العجب و ما ورد في ذمة فقد قدمنا فيه قولا مقنعا. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 85قوله ع و اسع في كدحك أي أذهب ما اكتسبت بالإنفاق و الكدح هاهنا هو المال الذي كدح في حصوله و السعي فيه إنفاقه هذه كلمة فصيحة و قد تقدم نظائر قوله و لا تكن خازنا لغيرك. ثم أمره أن يكون أخشع ما يكون لله إذ هداه لرشده و ذلك لأن هدايته إياه إلى رشده نعمة عظيمة منه فوجب أن يقابل بالخشوع لأنه ضرب من الشكر(17/73)


وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقاً ذَا مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَ أَنَّهُ لَا غِنَى بِكَ فِيهِ عَنْ حُسْنِ الِارْتِيَادِ وَ قَدْرِ بَلَاغِكَ مِنَ الزَّادِ مَعَ خِفَّةِ الظَّهْرِ فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ فَيَكُونَ ثِقْلُ ذَلِكَ وَبَالًا عَلَيْكَ وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ وَ اغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَئُوداً الْمُخِفُّ فِيهَا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُثْقِلِ وَ الْمُبْطِئُ عَلَيْهَا أَقْبَحُ أَمْراً مِنَ الْمُسْرِعِ وَ أَنَّ مَهْبِطَهَا بِكَ لَا مَحَالَةَ إِمَّا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ نُزُولِكَ وَ وَطِّئِ الْمَنْزِلَ قَبْلَ حُلُولِكَ فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَ لَا إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 86أمره في هذا الفصل بإنفاق المال و الصدقة و المعروف فقال إن بين يديك طريقا بعيد المسافة شديد المشقة و من سلك طريقا فلا غنى له عن أن يرتاد لنفسه و يتزود من الزاد قدر ما يبلغه الغاية و أن يكون خفيف الظهر في سفره ذلك فإياك أن تحممن المال ما يثقلك و يكون وبالا عليك و إذا وجدت من الفقراء و المساكين من يحمل ذلك الثقل عنك فيوافيك به غدا وقت الحاجة فحمله إياه فلعلك تطلب مالك فلا تجده(17/74)


جاء في الحديث المرفوع خمس من أتى الله بهن أو بواحدة منهن أوجب له الجنة من سقى هامة صادية أو أطعم كبدا هافية أو كسا جلدة عارية أو حمل قدما حافية أو أعتق رقبة عانية
قيل لحاتم الأصم لو قرأت لنا شيئا من القرآن قال نعم فاندفع فقرأ الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ يكنزون فقالوا أيها الشيخ ما هكذا أنزل قال صدقتم و لكن هكذا أنتم(17/75)

103 / 150
ع
En
A+
A-