خير
و روى عبد الله بن مسعود قال نعى إلينا نبينا و حبيبنا نفسه قبل موته بشهر جمعنا في بيت أمنا عائشة فنظر إلينا و شدد و دمعت عينه و قال مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله آواكم الله حفظكم الله رفعكم الله نفعكم الله شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 30وفقكم الله رزقكم اه هداكم الله نصركم الله سلمكم الله تقبلكم الله أوصيكم بتقوى الله و أوصى الله بكم و استخلفه عليكم إني لكم منه نذير و بشير ألا تعلوا على الله في عباده و بلاده فإنه قال لي و لكم تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فقلنا يا رسول الله فمتى أجلك قال قد دنا الفراق و المنقلب إلى الله و إلى سدرة المنتهى و الرفيق الأعلى و جنة المأوى و العيش المهنا قلنا فمن يغسلك يا رسول الله قال أهلي الأدنى فالأدنى قلنا ففيم نكفنك قال في ثيابي هذه إن شئتم أو في بياض مصر أو حلة يمنية قلنا فمن يصلي عليك فقال إذا غسلتموني و كفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة فإن أول من يصلي علي جليسي و حبيبي و خليلي جبرائيل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت مع جنوده من الملائكة ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي و سلموا و لا تؤذوني بتزكية و لا ضجة و لا رنة و ليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد و أقرءوا أنفسكم مني السلام و من غاب من أهلي فأقرءوه مني السلام و من تابعكم بعدي على ديني فأقرءوه مني السلام فإني أشهدكم أني قد سلمت على من بايعني على ديني من اليوم إلى يوم القيامة قلنا فمن يدخلك قبرك يا رسول الله قال أهلي مع ملائكة كثيرة يرونكم و لا ترونهم
قلت العجب لهم كيف لم يقولوا له في تلك الساعة فمن يلي أمورنا بعدك لأن ولاية الأمر أهم من السؤال عن الدفن و عن كيفية الصلاة عليه و ما أعلم ما أقول في هذا المقام(14/21)
قال أبو جعفر الطبري و روى سعيد بن جبير قال كان ابن عباس رحمه الله يقول شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 31يوم الخميس و ما يوم الخميس ثم يبكي حتى تبل دموعه الحصباء فقلنا له و ما يوم الخميس قال يوم اشتد برسول الله ص وجعه فقال ائتوني باللوح و الدواة أو قال بالكتو الدواة أكتب لكم ما لا تضلون بعدي فتنازعوا فقال اخرجوا و لا ينبغي عند نبي أن يتنازع قالوا ما شأنه أ هجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه ثم أوصى بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم و سكت عن الثالثة عمدا أو قالها و نسيتها
و روى أبو جعفر عن ابن عباس قال خرج علي بن أبي طالب ع من عند رسول الله ص في وجعه الذي توفي فيه فقال له الناس يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله ص قال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ العباس بيده و قال أ لا ترى أنك بعد ثلاث عبد العصا إني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فاذهب إلى رسول الله ص فسله فيمن يكن هذا الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك و إن كان في غيرنا وصى بنا فقال علي أخشى أن أسأله فيمنعناها فلا يعطيناها الناس أبدا
و روت عائشة قالت أغمي على رسول الله ص و الدار مملوءة من النساء أم سلمة و ميمونة و أسماء بنت عميس و عندنا عمه العباس بن عبد المطلب فأجمعوا على أن يلدوه فقال العباس لا ألده فلدوه فلما أفاق قال من صنع بي هذا قالوا عمك قال لنا هذا دواء جاءنا من نحو هذه الأرض و أشار إلى أرض الحبشة قال فلم فعلتم ذلك فقال العباس خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب فقال إن ذلك شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 32لداء ما كان الله ليقذفني به لا يبقى أحد في البيت إلا لد إلا عمي قال فلقد لدت ميمونة و إنها لصائمة لقسم رسول الله ص عقوبة ل بما صنعوا(14/22)
قال أبو جعفر و قد وردت رواية أخرى عن عائشة قالت لددنا رسول الله ص في مرضه فقال لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء فلما أفاق قال لا يبقى أحد إلا لد غير العباس عمي فإنه لم يشهدكم
قال أبو جعفر و الذي تولى اللدود بيده أسماء بنت عميس. قلت العجب من تناقض هذه الروايات في إحداها أن العباس لم يشهد اللدود فلذلك أعفاه رسول الله ص من أن يلد و لد من كان حاضرا و في إحداها أن العباس حضر لده ع و في هذه الرواية التي تتضمن حضور العباس في لده كلام مختلف فيها أن العباس قال لا ألده ثم قال فلد فأفاق فقال من صنع بي هذا قالوا عمك إنه قال هذا دواء جاءنا من أرض الحبشة لذات الجنب فكيف يقول لا ألده ثم يكون هو الذي أشار بأن يلد و قال هذا دواء جاءنا من أرض الحبشة لكذا. و سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد البصري عن حديث اللدود فقلت أ لد علي بن أبي طالب ذلك اليوم فقال معاذ الله لو كان لد لذكرت عائشة ذلك فيما تذكره و تنعاه عليه قال و قد كانت فاطمة حاضرة في الدار و ابناها معها أ فتراها لدت أيضا و لد الحسن و الحسين كلا و هذا أمر لم يكن و إنما هو حديث ولده من ولده تقربا إلى بعض الناس و الذي كان أن أسماء بنت عميس أشارت بأن يلد و قالت هذا دواء جاءنا من أرض الحبشة جاء به جعفر بن أبي طالب و كان بعلها شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 33و ساعدتها على تصويب ذلك و الإشارة به ميمونة بنت الحارث فلد رسول الله ص فلما أفاق أنكره و ل عنه فذكر له كلام أسماء و موافقة ميمونة لها فأمر أن تلد الامرأتان لا غير فلدتا و لم يجر غير ذلك و الباطل لا يكاد يخفى على مستبصر. و
روت عائشة قالت كثيرا ما كنت أسمع رسول الله يقول إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره فلما احتضر رسول الله ص كان آخر كلمة سمعتها منه بل الرفيق الأعلى فقلت إذا و الله لا يختارنا و علمت أن ذلك ما كان يقوله من قبل(14/23)
و روى الأرقم بن شرحبيل قال سألت ابن عباس رحمه الله هل أوصى رسول الله ص فقال لا قلت فكيف كان فقال إن رسول الله ص قال في مرضه ابعثوا إلى علي فادعوه فقالت عائشة لو بعثت إلى أبي بكر و قالت حفصة لو بعثت إلى عمر فاجتمعوا عنده جميعا هكذا لفظ الخبر على ما أورده الطبري في التاريخ و لم يقل فبعث رسول الله ص إليهما قال ابن عباس فقال رسول الله ص انصرفوا فإن تكن لي حاجة أبعث إليكم فانصرفوا و قيل لرسول الله الصلاة فقال مروا أبا بكر أن يصلي بالناس فقالت عائشة إن أبا بكر رجل رقيق فمر عمر فقال مروا عمر فقال عمر ما كنت لأتقدم و أبو بكر شاهد فتقدم أبو بكر فوجد رسول الله ص خفة فخرج فلما سمع أبو بكر حركته تأخر فجذب رسول الله ص ثوبه فأقامه مكانه و قعد رسول الله ص فقرأ من حيث انتهى أبو بكر(14/24)
قلت عندي في هذه الواقعة كلام و يعترضني فيها شكوك و اشتباه إذا كان قد شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 34أراد أن يبعث إلى علي ليوصي إليه فنفست عائشة عليه فسألت أن يحضر أبوها و نفست حفصة عليه فسألت أن يحضر أبوها ثم حضرا و لم يطلبا فلا شبهة أن ابنتيهما طلبتاهما ه هو الظاهر و قول رسول الله ص و قد اجتمعوا كلهم عنده انصرفوا فإن تكن لي حاجة بعثت إليكم قول من عنده ضجر و غضب باطن لحضورهما و تهمة للنساء في استدعائهما فكيف يطابق هذا الفعل و هذا القول ما روي من أن عائشة قالت لما عين على أبيها في الصلاة أن أبي رجل رقيق فمر عمر و أين ذلك الحرص من هذا الاستعفاء و الاستقالة و هذا يوهم صحة ما تقوله الشيعة من أن صلاة أبي بكر كانت عن أمر عائشة و إن كنت لا أقول بذلك و لا أذهب إليه إلا أن تأمل هذا الخبر و لمح مضمونه يوهم ذلك فلعل هذا الخبر غير صحيح و أيضا ففي الخبر ما لا يجيزه أهل العدل و هو أن يقول مروا أبا بكر ثم يقول عقيبه مروا عمر لأن هذا نسخ الشي ء قبل تقضي وقت فعله. فإن قلت قد مضى من الزمان مقدار ما يمكن الحاضرين فيه أن يأمروا أبا بكر و ليس في الخبر إلا أنه أمرهم أن يأمروه و يكفي في صحة ذلك مضي زمان يسير جدا يمكن فيه أن يقال ي أبا بكر صل بالناس قلت الإشكال ما نشأ من هذا الأمر بل من كون أبي بكر مأمورا بالصلاة و إن كان بواسطة ثم نسخ عنه الأمر بالصلاة قبل مضي وقت يمكن فيه أن يفعل الصلاة فإن قلت لم قلت في صدر كلامك هذا إنه أراد أن يبعث إلى علي ليوصي إليه و لم لا يجوز أن يكون بعث إليه لحاجة له قلت لأن مخرج كلام ابن عباس هذا المخرج أ لا ترى أن الأرقم بن شرحبيل الراوي لهذا الخبر قال سألت ابن عباس هل أوصى رسول الله ص فقال لا فقلت فكيف كان فقال إن رسول الله ص قال في مرضه(14/25)