قوله ع و معروف الضريبة منكر الجليبة الجليبة هي الخلق الذي شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 23يتكلفه الإنسان و يستجلبه مثل أن يكون جبانا بالطبع فيتكلف الشجاعة أو شحيحا بالطبع فيتكلف الجود و هذا القسم أيضا عام في الناس. ثم لما فرغ من الأخلاق المتضادة ذكر بعدها ذ الأخلاق و الطباع المتناسبة المتلائمة فقال و تائه القلب متفرق اللب و هذان الوصفان متناسبان لا متضادان. ثم قال و طليق اللسان حديد الجنان و هذان الوصفان أيضا متناسبان و هما متضادان للوصفين قبلهما فالأولان ذم و الآخران مدح
شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 23024- و من كلام له عقَالَهُ وَ هُوَ يَلِي غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ تَجْهِيزَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَ الْإِنْبَاءِ وَ أَخْبَارِ السَّمَاءِ خَصَّصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ وَ عَمَّمْتَ حَتَّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ سَوَاءً وَ لَوْ لَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ وَ نَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ لَأَنْفَدْنَا عَلَيْكَ مَاءَ الشُّئُونِ وَ لَكَانَ الدَّاءُ مُمَاطِلًا وَ الْكَمَدُ مُحَالِفاً وَ قَلَّا لَكَ وَ لَكِنَّهُ مَا لَا يُمْلَكُ رَدُّهُ وَ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي اذْكُرْنَا عِنْدَ رَبِّكَ وَ اجْعَلْنَا مِنْ بَالِكَ(14/16)


بأبي أنت و أمي أي بأبي أنت مفدي و أمي. و الإنباء الإخبار مصدر أنبأ ينبئ و روي و الأنباء بفتح الهمزة جمع نبأ و هو الخبر و أخبار السماء الوحي. قوله ع خصصت و عممت أي خصت مصيبتك أهل بيتك حتى أنهم لا يكترثون بما يصيبهم بعدك من المصائب و لا بما أصابهم من قبل و عمت هذه شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 25المصيبة أيضا الناس حتى استوى الخلائق كلهم فيها فهي مصيبة خاصة بالنسبة و عامة بالنسبة. و مثل قوله حتى صرت مسليا عمن سواك قول الشاعررزئنا أبا عمر و لا حي مثله فلله در الحادثات بمن تقع فإن تك قد فارقتنا و تركتنا ذوي خلة ما في انسداد لها طمع لقد جر نفعا فقدنا لك أننا أمنا على كل الرزايا من الجزو قال آخر
أقول للموت حين نازله و الموت مقدامة على البهم أظفر بمن شئت إذ ظفرت به ما بعد يحيى للموت من ألمو لي في هذا المعنى كتبته إلى صديق غاب عني من جملة أبيات
و قد كنت أخشى من خطوب غوائل فلما نأى عني أمنت من الحذرفأعجب لجسم عاش بعد حياته و أعجب لنفع حاصل جره ضرر
و قال إسحاق بن خلف يرثي بنتا له
أمست أميمة معمورا بها الرجم لقا صعيد عليها الترب مرتكم يا شقة النفس إن النفس والهة حرى عليك و إن الدمع منسجم قد كنت أخشى عليها أن تقدمني إلى الحمام فيبدي وجهها العدم فالآن نمت فلا هم يؤرقني تهدا العيون إذا ما أودت الح شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 26للموت عندي أياد لست أكفرها أحيا سرورا و بي مما أتى ألو قال آخر
فلو أنها إحدى يدي رزيتها و لكن يدي بانت على إثرها يدي فآليت لا آسى على إثر هالك قدي الآن من حزن على هالك قديو قال آخر
أ جاري ما أزداد إلا صبابة عليك و ما تزداد إلا تنائياأ جاري لو نفس فدت نفس ميت فديتك مسرورا بنفسي و مالياو قد كنت أرجو أن أملاك حقبة فحال قضاء الله دون رجائياألا فليمت من شاء بعدك إنما عليك من الأقدار كان حذاريا
و قال آخر(14/17)


لتغد المنايا حيث شاءت فإنها محللة بعد الفتى ابن عقيل فتى كان مولاه يحل بنجوة فحل الموالي بعده بمسيلقوله ع و لكان الداء مماطلا أي مماطلا بالبرء أي لا يجيب إلى الإقلاع. و الإبلال الإفاقة شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 2ذكر طرف من سيرة النبي ع عند موته
فأما وفاة رسول الله ص و ما ذكره أرباب السيرة فيها فقد ذكرنا طرفا منه فيما تقدم و نذكر هاهنا طرفا آخر مما أورده أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه.
قال أبو جعفر روى أبو مويهبة مولى رسول الله ص قال أرسل إلي رسول الله ص في جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم أقبل علي فقال يا أبا مويهبة إني قد أوهبت مفاتيح خزائن الدنيا و الخلد فيها و الجنة فخيرت بينها و بين الجنة فاخترت الجنة فقلت بأبي أنت و أمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا و الخلد فيها و الجنة جميعا فقال لا يا أبا مويهبة اخترت لقاء ربي ثم استغفر لأهل البقيع و انصرف فبدأ بوجعه الذي قبضه الله فيه(14/18)


و روى محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت رجع رسول الله ص تلك الليلة من البقيع فوجدني و أنا أجد صداعا في رأسي و أقول وا رأساه فقال بل أنا وا رأساه ثم قال ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فكفنتك و صليت عليك و دفنتك فقلت و الله لكأني شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 28بك لو كان ذلك رجعت إلى منزلي فأعرست ببعض نسائك فتبسم ع و تتام به وجعه و هو مع ذلك يدور على نسائه حتى استعز به و هو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن الاس و رجل آخر تخط قدماه في الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيته قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فحدثت عبد الله بن العباس بهذا الحديث فقال أ تدري من الرجل الآخر قلت لا قال علي بن أبي طالب لكنها كانت لا تقدر أن تذكره بخير و هي تستطيع قالت ثم غمر رسول الله ص و اشتد به الوجع فقال أهريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدته في مخضب لحفصة بنت عمر و صببنا عليه الماء حتى طفق يقول بيده حسبكم حسبكم(14/19)


قلت المخضب المركن. و روى عطاء عن الفضل بن عباس رحمه الله قال جاءني رسول الله ص حين بدأ به مرضه فقال اخرج فخرجت إليه فوجدته موعوكا قد عصب رأسه فقال خذ بيدي فأخذت بيده حتى جلس على المنبر ثم قال ناد في الناس فصحت فيهم فاجتمعوا إليه فقال أيها الناس إني أحمد إليكم الله إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه و من كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه و من كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه و لا يقل رجل إني أخاف الشحناء من قبل رسول الله ألا و إن الشحناء ليست من طبيعتي و لا من شأني ألا و إن أحبكم إلي من أخذ مني حقا شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 29إن كان له أو حللني فلقيت الله و أنا طيب النفس و قد أراني أن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم به مرارا ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع فجلس على المنبر فعاد لمقالته الأولى في الشحناء و غيرها فقارجل فقال يا رسول الله إن لي عندك ثلاثة دراهم فقال إنا لا نكذب قائلا و لا نستحلفه على يمين فيم كانت لك عندي قال أ تذكر يا رسول الله يوم مر بك المسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم قال أعطه يا فضل فأمرته فجلس ثم قال أيها الناس من كان عنده شي ء فليؤده و لا يقلفضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة فقام رجل فقال يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله قال و لم غللتها قال كنت محتاجا إليها قال خذها منه يا فضل ثم قال أيها الناس من خشي من نفسه شيئا فليقم أدعو له فقام رجل فقال يا رسول الله إني لكذاب و إني لفاحش و إني لنئوم فقال اللهم ارزقه صدقا و صلاحا و أذهب عنه النوم إذا أراد ثم قام رجل فقال يا رسول الله إني لكذاب و إني لمنافق و ما شي ء أو قال و إن من شي ء إلا و قد جئته فقام عمر بن الخطاب فقال فضحت نفسك أيها الرجل فقال النبي ص يا ابن الخطاب فضوحلدنيا أهون من فضوح الآخرة اللهم ارزقه صدقا و إيمانا و صير أمره إلى(14/20)

67 / 147
ع
En
A+
A-