و قال خالد بن صفوان ما الإنسان لو لا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 16و قال ابن أبي الزناد كنت كاتبا لعمر بن عبد العزيز فكان يكتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب في المظالم فيراجعه فكتب إليه إنه يخيل إلي أنيو كتبت إليك أن تعطي رجلا شاة لكتبت إلي أ ضأنا أم معزا فإذا كتبت إليك بأحدهما كتبت إلي أ ذكرا أم أنثى و إذا كتبت إليك بأحدهما كتبت إلي صغيرا أم كبيرا فإذا كتبت إليك في مظلمة فلا تراجعني و السلام. و أخذ المنصور هذا فكتب إلى سلم بن قتيبة عامله بالبصرة يأمره بهدم دور من خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن و عقر نخلهم فكتب إليه بأيهما أبدأ بالدور أم بالنخل يا أمير المؤمنين فكتب إليه لو قلت لك بالنخل لكتبت إلي بما ذا أبدأ بالشهريز أم بالبرني و عزله و ولى محمد بن سليمان. و خطب عبد الله بن عامر مرة فأرتج عليه و كان ذلك اليوم يوم الأضحى فقال لا أجمع عليكم عيا و لؤما من أخذ شاة من السوق فهي له و ثمنها علي. و خطب السفاح أول يوم صعد فيه المنبر فأرتج عليه فقام عمه داود بن علي فقال أيها الناس إن أمير المؤمنين يكره أن يتقدم قوله فيكم فعله و لأثر الأفعال أجدى عليكم من تشقيق المقال و حسبكم كتاب الله علما فيكم و ابن عم رسول الله ص خليفة عليكم. قال الشاعر شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 1و ما خير من لا ينفع الدهر عيشه و إن مات لم يحزن عليه أقاربه كهام على الأقصى كليل لسانه و في بشر الأدنى حديد مخالبهو قال أحيحة بن الجلاح(14/11)


و الصمت أجمل بالفتى ما لم يكن عي يشينه و القول ذو خطل إذا ما لم يكن لب يزينه شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 22918- و من كلام له عرَوَى ذِعْلَبٌ الْيَمَامِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِحْيَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمنِيِنَ ع فَقَالَ وَ قَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ اخْتِلَافُ النَّاسِ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مَبَادِئُ طِينِهِمْ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِلْقَةً مِنْ سَبَخِ أَرْضٍ وَ عَذْبِهَا وَ حَزْنِ تُرْبَةٍ وَ سَهْلِهَا فَهُمْ عَلَى حَسَبِ قُرْبِ أَرْضِهِمْ يَتَقَارَبُونَ وَ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِهَا يَتَفَاوَتُونَ فَتَامُّ الرُّوَاءِ نَاقِصُ الْعَقْلِ وَ مَادُّ الْقَامَةِ قَصِيرُ الْهِمَّةِ وَ زَاكِي الْعَمَلِ قَبِيحُ الْمَنْظَرِ وَ قَرِيبُ الْقَعْرِ بَعِيدُ السَّبْرِ وَ مَعْرُوفُ الضَّرِيبَةِ مُنْكَرُ الْجَلِيبَةِ وَ تَائِهُ الْقَلْبِ مُتَفَرِّقُ اللُّبِّ وَ طَلِيقُ اللِّسَانِ حَدِيدُ الْجَنَانِ(14/12)


ذعلب و أحمد و عبد الله و مالك رجال من رجال الشيعة و محدثيهم و هذا الفصل عندي لا يجوز أن يحمل على ظاهره و ما يتسارع إلى أفهام العامة منه و ذلك لأن قوله إنهم كانوا فلقة من سبخ أرض و عذبها إما أن يريد به أن كل واحد من الناس ركب من طين و جعل صورة بشرية طينية برأس و بطن و يدين و رجلين ثم نفخت فيه الروح كما فعل بآدم أو يريد به أن الطين الذي ركبت منه صورة آدم فقط كان مختلطا من سبخ و عذب فإن أريد الأول فالواقع خلافه لأن البشر الذين نشاهدهم و الذين بلغتنا أخبارهم لم يخلقوا من الطين كما خلق آدم و إنما خلقوا من نطف آبائهم و ليس لقائل أن يقول لعل تلك النطف شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 19افترقت لأنها تولدت من أغذية مختلفة المنبت من العذوبة و الملوحة و ذلك لأن النطفة لا تتولد من غذاء بعينه بل من مجموع الأغذية و تلك الأغذية لا يمكن أن تكون كلها من أرض سبخة محضة في السبخية ن هذا من الاتفاقات التي يعلم عدم وقوعها كما يعلم أنه لا يجوز أن يتفق أن يكون أهل بغداد في وقت بعينه على كثرتهم لا يأكلون ذلك اليوم إلا السكباج خاصة و أيضا فإن الأرض السبخة أو التي الغالب عليها السبخية لا تنبت الأقوات أصلا و إن أريد الثاني و هو أن يكون طين آدم ع مختلطا في جوهره مختلفا في طبائعه فلم كان زيد الأحمق يتولد من الجزء السبخي و عمرو العاقل يتولد من الجزء العذبي و كيف يؤثر اختلاف طين آدم من ستة آلاف سنة في أقوام يتوالدون الآن. و الذي أراه أن لكلامه ع تأويلا باطنا و هو أن يريد به اختلاف النفوس المدبرة للأبدان و كنى عنها بقوله مبادئ طينهم و ذلك أنها لما كانت الماسكة للبدن من الانحلال العاصمة له من تفرق العناصر صارت كالمبدإ و كالعلة له من حيث إنها كانت علة في بقاء امتزاجه و اختلاط عناصره بعضها ببعض و لذلك إذا فارقت عند الموت افترقت العناصر و انحلت الأجزاء فرجع اللطيف منها إلى الهواء و الكثيف إلى الأرض. و قوله كانوا(14/13)


فلقة من سبخ أرض و عذبها و حزن تربة و سهلها تفسيره أن البارئ جل جلاله لما خلق النفوس خلقها مختلفة في ماهيتها فمنها الزكية و منها الخبيثة و منها العفيفة و منها الفاجرة و منها القوية و منها الضعيفة و منها الجريئة المقدمة و منها الفشلة الذليلة إلى غير ذلك من أخلاق النفوس المختلفة المتضادة. ثم فسر ع و علل تساوي قوم في الأخلاق و تفاوت آخرين فيها فقال شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 20إن نفس زيد قد تكون مشابهة أو قريبة من المشابهة لنفس عمرو فإذا هما في اللاق متساويتان أو متقاربتان و نفس خالد قد تكون مضادة لنفس بكر أو قريبة من المضادة فإذا هما في الأخلاق متباينتان أو قريبتان من المباينة. و القول باختلاف النفوس في ماهياتها هو مذهب أفلاطون و قد اتبعه عليه جماعة من أعيان الحكماء و قال به كثير من مثبتي النفوس من متكلمي الإسلام. و أما أرسطو و أتباعه فإنهم لا يذهبون إلى اختلاف النفوس في ماهيتها و القول الأول عندي أمثل. ثم بين ع اختلاف آحاد الناس فقال منهم من هو تام الرواء لكنه ناقص العقل و الرواء بالهمز و المد المنظر الجميل و من أمثال العرب ترى الفتيان كالنخل و ما يدريك ما الدخل. و قال الشاعر
عقله عقل طائر و هو في خلقة الجمل
و قال أبو الطيب
و ما الحسن في وجه الفتى شرف له إذا لم يكن في فعله و الخلائق
و قال الآخر
و ما ينفع الفتيان حسن وجوههم إذا كانت الأخلاق غير حسان فلا يغررنك المرء راق رواؤه فما كل مصقول الغرار يماني شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 21و من شعر الحماسةلقومي أرعى للعلا من عصابة من الناس يا حار بن عمرو تسودهاو أنتم سماء يعجب الناس رزها بآبدة تنحي شديد وئيدهاتقطع أطناب البيوت بحاصب و أكذب شي ء برقها و رعودهافويل أمها خيلا بهاء و شارة إذا لاقت الأعداء لو لا صدودهاو منه أيضا(14/14)


و كاثر بسعد إن سعدا كثيرة و لا ترج من سعد وفاء و لا نصرايروعك من سعد بن زيد جسومها و تزهد فيها حين تقتلها خبرا
قوله ع و ماد القامة قصير الهمة قريب من المعنى الأول إلا أنه خالف بين الألفاظ فجعل الناقص بإزاء التام و القصير بإزاء الماد و يمكن أن يجعل المعنيان مختلفين و ذلك لأنه قد يكون الإنسان تام العقل إلا أن همته قصيرة و قد رأينا كثيرا من الناس كذلك فإذن هذا قسم آخر من الاختلاف غير الأول. قوله ع و زاكي العمل قبيح المنظر يريد بزكاء أعماله حسنها و طهارتها فيكون قد أوقع الحسن بإزاء القبيح و هذا القسم موجود فاش بين الناس. قوله و قريب القعر بعيد السبر أي قد يكون الإنسان قصير القامة و هو مع ذلك داهية باقعة و المراد بقرب قعره تقارب ما بين طرفيه فليست بطنه بمديدة شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 22و لا مستطيلة و إذا سبرته و اختبرت ما عنده وجدته لبيبا فطنا لا يوقف على أسراره و لا يدرك باطنه و من هذا المعنى قول الشاعرترى الرجل النحيف فتزدريه و في أثوابه أسد مزيرو يعجبك الطرير فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
و قيل لبعض الحكماء ما بال القصار من الناس أدهى و أحذق قال لقرب قلوبهم من أدمغتهم. و من شعر الحماسة
إلا يكن عظمي طويلا فإنني له بالخصال الصالحات وصول و لا خير في حسن الجسوم و طولها إذا لم تزن حسن الجسوم عقولو من شعر الحماسة أيضا و هو تمام البيتين المقدم ذكرهما
فما عظم الرجال لهم بفخر و لكن فخرهم كرم و خيرضعاف الطير أطولها جسوما و لم تطل البزاة و لا الصقوربغاث الطير أكثرها فراخا و أم الصقر مقلات نزورلقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير(14/15)

66 / 147
ع
En
A+
A-