أنه قال لا يعطى من المغانم شي ء حتى تقسم إلا لراع و الدليل غير موليه. قال الراعي هاهنا الطليعة لأنه يرعى القوم أي يحفظهم. و قوله غير موليه أي غير معطيه شيئا لا يستحقه. و في حديثه أن من الناس من يقاتل رياء و سمعة و منهم من يقاتل و هو ينوي الدنيا و مهم من ألجمه القتال فلم يجد بدا و منهم من يقاتل صابرا محتسبا أولئك هم الشهداء قال ألجمه القتال أي رهقه و غشيه فلم يجد مخلصا.
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 171و في حديثه أنه أرسل إلى أبي عبيدة رسولا فقال له حين رجع فكيف رأيت أبا عبيدة قال رأيت بللا من عيش فقصر من رزقه ثم أرسل إليه و قال للرسول حين قدم كيف رأيته قال رأيته حفوفا قال رحم الله أبا عبيد بسطنا له فبسط و قبضنا له فقبض. ل الحفوف و الحفف واحد و هو ضيق العيس و شدته يقال ما عليهم حفف و لا ضفف أي ما عليهم أثر عوز و الشظف مثل الحفف. و في حديثه أنه رئي في المنام فسئل عن حاله فقال ثل عرشي لو لا أني صادفت ربي رحيما. قال ثل عرشه أي هدم. و في حديثه أنه قال لأبي مريم الحنفي لأنا أشد بغضا لك من الأرض للدم قالوا كان عمر عليه غليظا كان قاتل زيد بن الخطاب أخيه فقال أ ينقصني ذلك من حقي شيئا قال لا قال فلا ضير. قال هذا مثل لأن الأرض لا يغوص فيها الدم كما يغوص الماء فهذا بغض الأرض له و يقال إن دم البعير تنشفه الأرض وحده و في حديثه أن اللبن يشبه عليه. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 172قال معناه أن الطفل ربما نزع به الشبه إلى الظئر من أجل لبنها فلا تسترضعوا إلا من ترضون أخلاقها. و في حديثه اغزوا و الغزو حلو خضر قبل أن يكون ثماما ثم يكون رماما ثم يكون حطاما. قال هذا مثل و الثمام نبت ضعيف. و الرمابالضم و الرميم واحد مثل طوال و طويل. و الحطام يبس النبت إذا تكسر و معنى الكلام أنه أمرهم بالغزو حين عزائمهم قوية و بواعثهم إليه شديدة فإن مع ذلك يكون الظفر قبل أن يهي و يضعف فيكون كالثمام الضعيف ثم كالرميم(13/131)


ثم يكون حطاما فيذهب. و في حديثه إذا انتاطت المغازي و اشتدت العزائم و منعت الغنائم أنفسها فخير غزوكم الرباط. قال انتاطت بعدت و النطي ء البعيد. و اشتدت العزائم صعبت و منعت الغنائم أنفسها فخير غزوكم الرباط في سبيل الله. و في حديثه أنه وضع يده في كشية ضب و قال إن النبي ص لم يحرمه و لكن قذره. قال كشية الضب شح بطنه. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 173و قوله وضع أي أكل منه. و في حديثه لا أوتى بأحد انتقص من سبل المسلمين إلى مثاباته شيئا إلا فعلت به كذا. قال المثابات هاهنا المنازل يثوب أهلها إليها أي يرجعون و المراد من اقتطع شيئا من طريق المسلمين و أدخله في داره. و فحديثه أنه كره النير. قال هو علم الثوب و أظنه كرهه إذا كان حريرا. و في حديثه أنه انكسرت قلوص من إبل الصدقة فجفنها. قال اتخذ منها جفنة من طعام و أجمع عليه. و في حديثه عجبت لتاجر هجر و راكب البحر. قال عجب كيف يختلف إلى هجر مع شدة وبائها و كيف يركب البحر مع الخطار بالنفس. و في حديثه أنه قال ليلة لابن عباس في مسير له أنشدنا لشاعر الشعراء قال و من شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 174هو قال الذي لم يعاظل بين القول و لم يتبع حوشي الكلام قال و من هو قال زهير فجعل ينشد إلى أن برق الصبح. قال هو مأخوذ من تعاظل الجراد إذا ر بعضه بعضا. و حوشي الكلام وحشيه. و في حديثه أن نائلا مولى عثمان قال سافرت مع مولاي و عمر في حج أو عمرة فكان عمر و عثمان و ابن عمر لفا و كنت أنا و ابن الزبير في شببة معنا لفا فكنا نتمازح و نترامى بالحنظل فما يزيدنا عمر على أن يقول لنا كذاك لا تذعروا علينا فقلنا لرياح بن العترف لو نصبت لنا نصب العرب فقال أقول مع عمر فقلنا افعل و إن نهاك فانته ففعل و لم يقل عمر شيئا حتى إذا كان في وجه السحر ناداه يا رياح إنها اكفف فإنها ساعة ذكر. قال لفا أي حزبا و فرقة. و شببة جمع شاب مثل كاتب و كتبة و كاذب و كذبة و كافر و كفرة. و قوله كذاك أي(13/132)


حسبكم. و قوله لا تذعروا علينا أي لا تنفروا إبلنا. و نصب العرب غناء لهم يشبه الحداء إلا أنه أرق منه. و في حديثه أنه كتب في الصدقة إلى بعض عماله كتابا فيه و لا تحبس الناس أولهم على آخرهم فإن الرجن للماشية عليها شديد و لها مهلك و إذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تعتم من غنمه و لا تأخذ من أدناها و خذ الصدقة من أوسطها و إذا وجب على
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 175الرجل سن لم تجدها في إبله فلا تأخذ إلا تلك السن من شروى إبله أو قيمة عدل و انظر ذوات الدر و الماخض فتنكب عنها فإنها ثمال حاضريهم. قال الرجن الحبس رجن بالمكان أقام به و مثله دجن بالدال. و لا تعتم لا تختر اعتام اعتياما أي اخت. من شروى إبله أي من مثلها. و ذوات الدر ذوات اللبن. و الماخض الحامل. و ثمال حاضريهم عصمتهم و غياثهم و حاضريهم من يسكن الحضر. و في حديثه أنه كان يلقط النوى من الطريق و النكث فإذا مر بدار قوم ألقاها فيها و قال ليأكل هذا داجنتكم و انتفعوا بباقيه. قال الداجنة ما يعلفه الناس في منازلهم من الشاة و الدجاج و الطير. و النكث الخيوط الخلق من صوف أو شعر أو وبر. و في حديثه ثلاث من الفواقر جار مقامة إن رأى حسنة دفنها و إن رأى سيئة أذاعها و امرأة إن دخلت عليها لسنتك و إن غبت عنها لم تأمنها و إمام إن أحسنت لم يرض عنك و إن أسأت قتلك. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 176قال الفواقر الدواهي واحدتها فاقرة لأنها تكسر فقار الظهر. و لسنتك أخذتك بلسانها. و في حديثه في خطبة له من أتى هذا البيت لا ينهره إليه غيره رجع و قد غفر له. قال ينهره يدفعه يريد من حج لا ينوي بالحج إلا الطاعة غفر لهو
في حديثه اللبن لا يموت(13/133)


قال قيل في معناه أن اللبن إذا أخذ من ميتة لم يحرم و كل شي ء أخذ من الحي فلم يحرم فإنه إن أخذ من الميت لم يحرم. و قيل في معناه إن رضع الطفل من امرأة ميتة حرم عليه من أولادها و قرابتها من يحرم عليها منها لو كانت حية. و قيل معناه أن اللبن إذا انفصل من الضرع أوجر به الصبي أو أدم به أو ديف له في دواء و سقيه فإنه إن لم يسم في اللغة رضاعا إلا أنه يحرم به ما يحرم بالرضاع فقال اللبن لا يموت أي لا يبطل عمله بمفارقة الثدي. و في حديثه من حظ المرء نفاق أيمه و موضع خفه. قال الأيم التي لا بعل لها و الخف الإبل كما تسمى الحمر و البغال حافرا و البقر و الغنم ظلفا يريد من حظ الإنسان أن يخطب إليه و يتزوج بناته و أخواته و أشباههن فلا يبرن شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 177و من حظه أيضا أن ينفق إبله حتى ينتابه التجار و غيرهم فيبتاعوها في مواضعها يستطرقونه لا يحتاج أن يعرضها عليهم. في حديثه أن العباس بن عبد المطلب سأله عن الشعراء فقال إمرؤ القيس سابقهم خسف لهم عين الشعر فافتقر عن معان عور أصح بصر. قال خسف لهم من الخسيف و هي البئر تحفر في حجارة فيخرج منها ماء كثير و جمعها خسف. و قوله افتقر أي فتح و هو من الفقير و الفقير فم القناة. و قوله عن معان عور يريد أن إمرأ القيس من اليمن و اليمن ليست لهم فصاحة نزار فجعل معانيهم عورا و فتح إمرؤ القيس عنها أصح بصر
ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر
فأما الحديث الوارد في فضل عمر فمنه ما هو مذكور في الصحاح و منه ما هو غير مذكور فيها فمما ذكر في المسانيد الصحيحة من ذلك
ما روت عائشة أن رسول الله ص قال كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر(13/134)


أخرجاه في الصحيحين و روى سعد بن أبي وقاص قال استأذن عمر على رسول الله ص و عنده نساء من قريش يكلمنه عالية أصواتهن فلما استأذن قمن يبتدرن الحجاب فدخل و رسول الله ص يضحك قال أضحك الله سنك يا رسول الله قال عجبت من هؤلاء اللواتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر أنت شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 178أحق أن يهبن ثم قال أي عدوات أنفسهن أ تهبنني و لا تهبن رسول الله ص قلن نعم أنت أغلظ و أفظ فقال رسول الله ص و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجكأخرجاه في الصحيحين و قد روي في فضله من غير الصحاح أحاديث
منها إن السكينة لتنطق على لسان عمر
و منها إن الله تعالى ضرب بالحق على لسان عمر و قلبه
و منها إن بين عيني عمر ملكا يسدده و يوفقه
و منها لو لم أبعث فيكم لبعث عمر
و منها لو كان بعدي نبي لكان عمر
و منها لو نزل إلى الأرض عذاب لما نجا منه إلا عمر
و منها ما أبطأ عني جبريل إلا ظننت أنه بعث إلى عمر
و منها سراج أهل الجنة عمر
و منها إن شاعرا أنشد النبي ص شعرا فدخل عمر فأشار النبي ص إلى الشاعر أن اسكت فلما خرج عمر قال له عد فعاد فدخل عمر فأشار النبي ص بالسكوت مرة ثانية فلما خرج عمر سأل الشاعر رسول الله ص عن الرجل فقال هذا عمر بن الخطاب و هو رجل لا يحب الباطل
و منها إن النبي ص قال وزنت بأمتي فرجحت و وزن أبو بكر بها فرجح و وزن عمر بها فرجح ثم رجح ثم رجح(13/135)

41 / 147
ع
En
A+
A-