شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 162و الصقر عسل الرطب. و الرقل جمع رقلة و هي النخلة الطويلة. و قوله خرفة الصائم اسم لما يخترف أي يجتنى و نسبها إلى الصائم لأنهم كانوا يحبون أن يفطروا على التمر. و قوله و صمتة الصغير لأن الصغير كان إذا بكى عندهم سكتوه به و تعلة صبي نحوه من التعليل. و خرسة مريم الخرسة ما تطعمه النفساء عند ولادتها أشار إلى قوله تعالى وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فأما الخرس بغير هاء فهو الطعام الذي يصنع لأجل الولادة كالإعذار للختان و النقيعة للقادم و الوكيرة للبناء. و يحترش به الضب أي يصطاده يقال إن الضب يعجب بالتمر و الحارش صائد الضباب. و الصلعاء الصحراء التي لا نبات بها كرأس الأصلع. و في حديثه أنه قال للسائب ورع عني بالدرهم و الدرهمين. قال أي كف الخصوم عني في قدر الدرهم و الدرهمين بأن تنظر في ذلك و تقضي فيه بينهم و تنوب عني و كل من كففته فقد ورعته و منه الورع في الدين إنما هو الكف عن المعاصي و منه حديث عمر لا تنظروا إلى صلاة الرجل و صيامه و لكن من إذا حدث صدق و إذا اؤتمن أدى و إذا أشفى ورع أي إذا أشرف على المعصية كف عنها. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 163في حديثه أنه خطب الناس فقال أيها الناس لينكح الرجل منكم لمته من النساء و لتنكح المرأة لمتها من الرجال قال لمة الرجل من النساء مثله في السن و منه ما روي أن فاطمة ع خرجت في لمة من نسائها تتوطأ ذيلها حتى دخلت على أبي بكر. و أراد عمر بن الخطاب لا تنكح الشابة الشيخ الكبير و لا ينكح الشاب العجوز و كان سبب هذه الخطبة أن شابة زوجها أهلها شيخا فقتلته. و في حديثه أن رجلا أتاه يشكو إليه النقرس فقال كذبتك الظهائر. قال الظهائر جمع ظهيرة و هي الهاجرة و وقت زوال الشمس. و كذبتك أي عليك بها و هي كلمة معناها الإغراء يقولون كذبك كذا أي عليك به. و(13/126)


منه الحديث المرفوع الحجامة على الريق فيها شفاء و بركة فمن احتجم في يوم الخميس و يوم الأحد كذباك
أي عليك بهما و إنما أمر عمر صاحب النقرس أن يبرز للحر في الهاجرة و يمشي حافيا و يبتذل نفسه لأن ذلك يذهب النقرس. و في حديثه أنه قال من يدلني على نسيج وحده فقال أبو موسى ما نعلمه غيرك فقال ما هي إلا إبل موقع ظهورها. قال معنى قوله نسيج وحده أي لا عيب فيه و لا نظير له أصله من الثوب النفيس لا ينسج على منواله غيره. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 164و البعير الموقع الذي يكثر آثار الدبر بظهره لكثرة ما يركب و أراد عمر أنا كلنا مثل ذلك في العيب. و في حديثه أن الطبيب الأنصاري سقاه لبنا حين طعن فخرج من الطعنة أبيض يصلد. ق أي يبرق و لم يتغير لونه و في حديثه أن نادبة عمر قالت وا عمراه أقام الأود و شفى العمد فقال علي ع أما و الله ما قالته و لكن قولته. و العمد ورم و دبر يكون في ظهر البعير و أراد علي ع أنه كأنما ألقي هذا الكلام على لسانها لصحته و صدقه. و في حديثه أنه استعمل رجلا على اليمن فوفد إليه و عليه حلة مشتهرة و هو مرجل دهين فقال أ هكذا بعثناك ثم أمر بالحلة فنزعت عنه و ألبس جبة صوف ثم سأل عن ولايته فلم يذكر إلا خيرا فرده على عمله ثم وفد إليه بعد ذلك فإذا أشعث مغبر عليه أطلاس فقال و لا كل هذا إن عاملنا ليس بالشعث و لا العافي كلوا و اشربوا و ادهنوا إنكم لتعلمون الذي أكره من أمركم. قال ثياب أطلاس أي وسخة و منه قيل للذئب أطلس. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 165و العافي الطويل الشعر يقال عفى وبر البعير إذا طال و منه الحديث المرفوع أمر أن تعفى اللحى و تحفى الشوارب(13/127)


و في حديثه أنه قال للرجل أ ما تراني لو شئت أمرت بشاة فتية سمينة أو قنية فألقي عنها صوفها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل منه خبز مرقق و أمرت بصاع من زبيب فجعل في سعن حتى يكون كدم الغزال. قال السعن قربة أو إداوة ينتبذ فيها و تعلق بجذع. و في حديثه أنه رأى رجلا يأنح ببطنه فقال ما هذا قال بركة من الله قال بل هو عذاب من الله يعذبك به. قال يأنح يصوت و هو ما يعتري الإنسان السمين من البهر إذا مشى أنح يأنح أنوحا. و في حديثه أنه لما دنا من الشام و لقيه الناس جعلوا يتراطنون فأشكعه ذلك و قال لأسلم مولاه إنهم لم يروا على صاحبك بزة قوم غضب الله عليهم. قال أشكعه أغضبه قال أراد أنهم لم يتحاموا عنه اللغط و الكلام بالفارسية و النبطية بحضرته لأنهم لم يروه بعين الإمارة و السلطان كما يرون أمراءهم لأنهم لم يروا عليه بزة الأمراء و زيهم. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 166و في حديثه أعاملا على الطائف كتب إليه أن رجالا منهم كلموني في خلايا لهم أسلموا عليها و سألوني أن أحميها لهم فكتب إليه عمر أنها ذباب غيث فإن أدوا زكاته فاحمه لهم. قال الخلايا موضع النحل التي تعسل الواحدة خلية و أراد بقوله إنها ذباب غيث أنها تعيش بالمطر لأنها تأكل ما ينبت عنه فإذا لم يكن غيث فقدت ما تأكل فشبهها بالسائم من النعم لا مئونة على صاحبها منها و أوجب فيها الزكاة. و في حديثه أن سعد بن الأخرم قال كان بين الحي و بين عدي بن حاتم تشاجر فأرسلوني إلى عمر فأتيته و هو يطعم الناس من كسور إبل و هو قائم متوكئ على عصا مؤتزر إلى أنصاف ساقيه خدب من الرجال كأنه راعي غنم و علي حلة ابتعتها بخمسمائة درهم فسلمت عليه فنظر إلي بذنب عينه و قال لي أ ما لك معوز قلت بلى قال فألقها فألقيتها و أخذت معوزا ثم لقيته فسلمت فرد علي السلام. قال كسور الإبل أعضاؤها. و الخدب العظيم الجافي و كأنه راعي غنم يريد في الجفاء و البذاذة و خشونة الهيئة و اللبسة. و المعوز(13/128)


الثوب الخلق و الميم مكسورة و إنما ترك رد السلام عليه أولا لأنه أشهر الحلة فأدبه بترك رد السلام فلما خلعها و لبس المعوز رده عليه. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 167و في حديثه أنه ذكر فتيان قريش سرفهم في الإنفاق فقال لحرفة أحدهم أشد علي من عيلته. قال الحرفة هاهنا أن يكون الرجل لا يتجر و لا يلتمس الرزق فيكون محدودا لا يرزق إذا طلب و منه قيل فلان محارف و العيلة الفقر. و في حديثه أنه قال لرجل ما مالك قال أقرن لي و آدمة في المنيئة قال قومها و زكها. قال الأقرن جمع قرن و هي جعبة من جلود تكون للصيادين يشق منها جانب ليدخلها الريح فلا يفسد الريش. و آدمة جمع أديم كجريب و أجربة. و المنيئة الدباغ و إنما أمره بتزكيتها لأنها كانت للتجارة. و في حديثه أن أبا وجزة السعدي قال شهدته يستقي فجعل يستغفر فأقول أ لا يأخذ فيما خرج له و لا أشعر أن الاستسقاء هو الاستغفار فقلدتنا السماء قلدا كل خمس عشرة ليلة حتى رأيت الأرنبة يأكلها صغار الإبل من وراء حقاق العرفط. قال فقلدتنا مطرتنا لوقت معين و منه قلد الحمى و قلد الزرع سقيه لوقت و هو وقت الحاجة. و قال رأيت الأرنب يحتملها السيل حتى تتعلق بالعرفط و هو شجر ذو شوك و زاد في الأرنب هاء كما قالوا عقرب و عقربة و حقاق العرفط صغارها و قيل الأرنب شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 168ضرب من النبت لا يكاد يطول فأراد أنه طال بهذا المطر حتى أكلته صغار الإبل من وراء شجر العرفط. و في حديثه أنه قال مولي أحد إلا حامى على قرابته و قرى في عيبته و لن يلي الناس قرشي عض على ناجذه. قال حامى عليهم عطف عليهم و قرى في عيبته أي اختان و أصل قرى جمع. و في حديثه لن تخور قوى ما كان صاحبها ينزع و ينزو. يخور يضعف و النزع في القوس و النزو على الخيل. و روي أن عمر كان يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ثم يجمع جراميزه و يثب فكأنما خلق على ظهر فرسه. و(13/129)


في حديثه تعلموا السنة و الفرائض و اللحن كما تتعلمون القرآن
قال اللحن هاهنا اللغة و النحو. و في حديثه أنه مر على راع فقال يا راعي عليك بالظلف من الأرض لا ترمض فإنك راع و كل راع مسئول. قال الظلف المواضع الصلبة أمره أن يرعى غنمه فيها و نهاه أن يرمض و هو أن يرعى غنمه في الرمضاء و هي تشتد جدا في الدهاس و الرمل و تخف في الأرض الصلبة. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 169و في حديثه أن رجلا قرأ عليه حرفا فأنكره فقال من أقرأك هذا قال أبو موسى فقال إن أبا موسى لم يكن من أهل البهش. قال البهش المقل الرطب فإذا يبس فهو الخشل و أراد أن أبا موسى ليس من أهل الحجاز لأن المقل بالحجاز نبت القرآن نزل بلغة الحجاز. و في حديثه أن عقبة بن أبي معيط لما قال للنبي ص أ أقتل من بين قريش فقال عمر حن قدح ليس منها. قال هذا مثل يضرب للرجل يدخل نفسه في القوم و ليس منهم و القدح أحد قداح الميسر و كانوا يستعيرون القدح يدخلونه في قداحهم يتيمنون به و يثقون بفوزه. و في حديثه أن أهل الكوفة لما أوفدوا العلباء بن الهيثم السدوسي إليه فرأى عمر هيئته رثة و أعجبه كلامه و عمله قال لكل أناس في حميلهم خير. قال هذا مثل و المراد أنهم سودوه على معرفة منهم بما فيه من الخلال المحمودة و المعنى أن خبره فوق منظره. و في حديثه أنه أخذ من القطنية الزكاة. قال هي الحبوب كالعدس و الحمص و في أخذ الزكاة منها خلاف بين الفقهاء. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 170و في حديثه أنه كان يقول للخارص إذا وجدت قوما قد خرفوا في حائطهم فانظر قدر ما ترى أنهم يأكلونه فلا تخرصه. قال خرفوا فيه أي نزلوا فيه أم اختراف الثمرة. و في حديثه إذا أجريت الماء على الماء جزى عنك. قال يريد صب الماء على البول في الأرض فإنه يطهر المكان و لا حاجة إلى غسله و جزى قضى و أغنى من قوله تعالى لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً فإن أدخلت الألف قلت أجزأك و همزت و معناه كفاك. و في حديثه(13/130)

40 / 147
ع
En
A+
A-