شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 146شي ء كففته فقد ورعته و كل ما تنتظره فأنت تراعيه و المعنى أنه رخص في الإقدام على اللص بالسلاح و نهى أن يمسك عنه نائما. و في حديثه أن رجلا أتاه فقال إن ابن عمي شج موضحة فقال أ من أهل القرى أم من أهل البادية قال من أهل الباديقال عمر إنا لا نتعاقل المضغ بيننا. قال سماها مضغا استصغارا لها و لأمثالها كالسن و الإصبع. قال و مثل ذلك لا تحمله العاقلة عند كثير من الفقهاء و كذلك كل ما كان دون الثلث. و في حديثه أنه لما حصب المسجد قال له فلان لم فعلت قال هو أغفر للنخامة و ألين في الموطئ. أغفر لها أستر لها. و حصب المسجد فرشه بالحصباء و هي رمل فيه حصى صغار. و في حديثه أن الحارث بن أوس سأله عن المرأة تطوف بالبيت ثم تنفر من غير أن تطوف طواف الصدر إذا كانت حائضا فنهاه عمر عن ذلك فقال الحارث كذلك أفتاني رسول الله ص فقال عمر أربت يداك أ تسألني و قد سمعت من رسول الله ص كي أخالفه قال دعا عليه بقطع اليدين من قولك قطعت الشاة إربا إربا. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 147و في حديثه أنه سمع رجلا يتعوذ من الفتن فقال عمر اللهم إني أعوذ بك من الضفاطة أ تسأل ربك ألا يرزقك مالا و ولدا. قال أراد قوله تعالى إِنّا أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ و الضفاطة الحمق و ضعف العقل رجل ضفيط أي أحمق. و في حديثه ما بال رجال لا يزال أحدهم كاسرا وسادة عند امرأة مغزية يتحدث إليها و تتحدث إليه عليكم بالجنبة فإنها عفاف إنما النساء لجم على وضم إلا ما ذب عنه. قال مغزية قد غزا زوجها فهو غائب عنها أغزت المرأة إذا كان بعلها غازيا و كذلك أغابت فهي مغيبة. و عليكم بالجنبة أي الناحية يقول تنحوا عنهن و كلموهن من خارج المنزل و الوضم الخشبة أو البارية يجعل عليها اللحم. قال و هذا مثل حديثه الآخر ألا لا يدخلن رجل على امرأة و إن قيل حموها ألا حموها الموت. قال دعا عليها فإذا كان هذا رأيه في أبي الزوج و هو(13/116)


محرم لها فكيف بالغريب و في حديثه أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فلا بيعة إلا عن مشورة و أيما رجل بايع رجلا عن غير مشورة فلا يؤمر واحد منهما تغرة أن يقتلا. قال التغرة التغرير غررت بالقوم تغريرا و تغرة كقولك حللت اليمين تحليلا شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 148و تحلة و مثله في المضاعف كثير أي أن في ذلك تغريرا بأنفسهما و تعريضا لهما أن يقتلا. و في حديثه أن العبد إذا تواضع لله رفع الله حكمته و قال انتعش نعشك الله و إذا تكبر و عدا طوره وهصالله إلى الأرض. قال وهصه أي كسره و عدا طوره أي قدره. و في حديثه حجوا بالذرية لا تأكلوا أرزاقها و تذروا أرباقها في أعناقها. قال أراد بالذرية هنا النساء و لم يرد الصبيان لأنه لا حج عليهم. و الأرباق جمع ربق و هو الحبل. و في حديثه أنه وقف بين الحرتين و هما داران لفلان فقال شوى أخوك حتى إذا انضج رمد. هذا مثل يضرب للرجل يصنع معروفا ثم يفسده. و في حديثه السائبة و الصدقة ليومهما. قال السائبة المعتق. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 149و ليومهما ليوم القيامة الذي فعل ما فعله لأجله. و في حديثه لا تشتروا رقيق أهل الذمة فإم أهل خراج يؤدي بعضهم عن بعض و أرضهم فلا تتنازعوها و لا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه الله. قال كره أن يشتري أرضهم المسلمون و عليها خراج فيصير الخراج منتقلا إلى المسلم و إنما منع من شراء رقيقهم لأن جزيتهم تكثر على حسب كثرة رقيقهم فإذا ابتيع رقيقهم قلت جزيتهم و إذا أقلت جزيتهم يقل بيت المال. و في حديثه في قنوت الفجر و إليك نسعى و نحفد نرجو رحمتك و نخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق. قال حفد العبد مولاه يحفد أي خدم و منه قوله تعالى بَنِينَ وَ حَفَدَةً أي خدما. و ملحق اسم فاعل بمعنى لاحق من الحق و هو لغة في لحق يقال لحقت زيدا و ألحقته بمعنى. و في حديثه لا تشتروا الذهب بالفضة إلا يدا بيد هاء و هاء إني أخاف عليكم الرماء. قال الرماء الزيادة و هو(13/117)


بمعنى الربا يقال أرميت على الخمسين أي زدت عليها. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 150و في حديثه من لبد أو عقص أو ضفر فعليه الحلق. قال التلبيد أن تجعل في رأسك شيئا من صمغ أو عسل يمنع من أن يقمل. و العقص و الضفر فتل الشعر و نسجه و في حديثه ما تصعدتني خطبة كما تصعدتني خطبة النكاح. قال معناه ما شق علي و أصله منلصعود و هي العقبة المنكرة قال تعالى سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً. و في حديثه أنه قال لمالك بن أوس يا مالك أنه قد دفت علينا من قومك دافة و قد أمرنا لهم برضخ فاقسمه فيهم. قال الدافة جماعة تسير سيرا ليس بالشديد. و في حديثه أنه سأل جيشا فقال هل ثبت لكم العدو قدر حلب شاة بكيئة. قال البكيئة القليلة اللبن. و في حديثه أنه قال في متعة الحج قد علمت أن رسول الله ص فعلها و أصحابه و لكن كرهت أن يظلوا بهن معرسين تحت الأراك ثم يلبون بالحج تقطر رءوسهم. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 151قال المعرس الذي يغشى امرأته قال كره أن يحل الر من عمرته ثم يأتي النساء ثم يهل بالحج. و في حديثه نعم المرء صهيب لو لم يخف الله لم يعصه. قال المعنى أنه لا يترك المعصية خوف العقاب بل يتركها لقبحها فلو كان لا يخاف عقوبة الله لترك المعصية. و في حديثه أنه أتي بسكران في شهر رمضان فقال للمنخرين للمنخرين أ صبياننا صيام و أنت مفطر. قال معناه الدعاء عليه كقولك كبه الله للمنخرين و كقولهم لليدين و للفم. و في حديثه أنه قال لما توفي رسول الله ص قام أبو بكر فتلا هذه الآية في خطبته إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ قال عمر فعقرت حتى وقعت إلى الأرض. قال يقال للرجل إذا بهت و بقي متحيرا دهشا قد عقر و مثله بعل و خرق. و في حديثه أنه كتب إلى أبي عبيدة و هو بالشام حين وقع بها الطاعون أن الأردن أرض غمقة و أن الجابية أرض نزهة فأظهر بمن معك من المسلمين إلى الجابية. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 152قال الغمقة الكثيرة الأنداء الوباء و النزهة(13/118)


البعيدة من ذلك. و في حديثه أنه قال لبعضهم في كلام كلمه به بل تحوسك فتنة. قال معناه تخالطك و تحثك على ركوبها قال و تحوس مثل تجوس بالجيم قال تعالى فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ. و في حديثه حين ذكر الجراد فقال وددت أن عندنا منه قفعة أو قفعتين. قال القفعة شي ء شبيه بالزنبيل ليس بالكبير يعمل من خوص ليس له عرى و هو الذي يسمى القفة. و في حديثه أن أذينة العبدي أتاه يسأله فقال إني حججت من رأس هزا و خازك أو بعض هذه المزالف فمن أين أعتمر فقال ائت عليا فاسأله فسألته فقال من حيث ابتدأت. قال رأس هزا و خازك مضعان من ساحل فارس و المزالف كل قرية تكون بين البر و بلاد الريف و هي المزارع أيضا كالأنبار و عين التمر و الحيرة. و في حديثه أنه نهى عن المكايلة. قال معناه مكافأة الفعل القبيح بمثله. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 153و في حديثه ليس الفقير الذي لا مال له إنما اقير الأخلق الكسب. قال أراد الرجل الذي لا يرزأ في ماله و لا يصاب بالمصائب و أصله أن يقال للجبل المصمت الذي لا يؤثر فيه شي ء أخلق و صخرة خلقاء إذا كانت كذلك فأراد عمر أن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة لمن لم يقدم من ماله لنفسه شيئا يثاب عليه هناك و هذا نحو
قول النبي ص ليس الرقوب الذي لا يبقى له ولد إنما الرقوب الذي لم يقدم من ولده أحدا
فهذا ما لخصته من غريب كلام عمر من كتاب أبي عبيد. فأما ما ذكره ابن قتيبة من غريب حديثه في كتابه فأنا ألخص منه ما أنا ذاكره. قال ابن قتيبة فمن غريب حديث عمر أنه خطب فقال إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ الرجل المسلم البري ء عند الله فيدسر كما يدسر الجزور و يشا لحمه كما يشاط لحم الجزور يقال عاص و ليس بعاص
فقال علي ع فكيف ذاك و لما تشتد البلية و تظهر الحمية و تسبى الذرية و تدقهم الفتن دق الرحى بثفالها
قال ابن قتيبة يدسر أي يدفع و(13/119)


منه حديث ابن عباس ليس في العنبر زكاه إنما هو شي ء يدسره البحر و يشاط لحمه أي يقطع و يبضع و الأصل في الإشاطة الإحراق فأستعير و في الحديث أن زيد بن حارثة قاتل يوم مؤتة حتى شاط في رماح القوم. و الثفال جلدة تبسط تحت الرحى فيقع عليها الدقيق. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 154و في حديث عمر القسامة توجب العقل و لا تشيط الدم
قال ابن قتيبة العقل الدية يقول إذا حلفت فإنما تجب الدية لا القود و قد روي عن ابن الزبير و عمر بن عبد العزيز أنهما أقادا بالقسامة. و
في حديثه لا تفطروا حتى تروا الليل يغسق على الظراب
قال يغسق أي يظلم. و الظراب جمع ظرب و هو ما كان دون الجبل و إنما خص الظراب بالذكر لقصرها أراد أن ظلمة الليل تقرب من الأرض. و
في حديثه أن رجلا كسر منه عظم فأتى عمر يطلب القود فأبى أن يقتص له فقال الرجل فكاسر عظمي إذن كالأرقم إن يقتل ينقم و إن يترك يلقم فقال عمر هو كالأرقم
قال كانت الجاهلية تزعم أن الجن يتصور بعضهم في صورة الحيات و أن من قتل حية منها طلبت الحية بالثأر فربما مات أو أصابه خبل فهذا معنى قوله إن يقتل ينقم و معنى يلقم يقول إن تركته أكلك و هذا مثل يضرب للرجل يجتمع عليه أمران من الشر لا يدري كيف يصنع فيهما و نحوه قولهم هو كالأشقر إن تقدم عقر و إن تأخر نحر. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 155قال و إنما لم يقده لأنه يخاف من القصاص في العظم الموت و لكن فيه الدية. و في حديثه أنه أتى مسجد قباء فرأى فيه شيئا من غبار و عنكبوت فقال لرجل ائتني بجريدة و اتق العواهن قال فجئته بهاربط كميه بوذمة ثم أخذ الجريدة فجعل يتتبع بها الغبار. قال الجريدة السعفة و جمعها جريد. و العواهن السعفات التي يلين القلبة و القلبة جمع قلب و أهل نجد يسمون العواهن الحواني و إنما نهاه عنها إشفاقا على القلب أن يضر به قطعها. و الوذمة سير من سيور الدلو يكون بين آذان الدلو و العراقي. و(13/120)

38 / 147
ع
En
A+
A-