منك. و قال من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده. و قال إن أخوف ما أخاف أن يكون إعجاب المرء برأيه فمن قال إني عالم فهو جاهل و من قال إني في الجنة فهو في النار. و خرج للحج فسمع غناء راكب يغني و هو محرم فقيل يا أمير المؤمنين أ لا تنهاه عن الغناء و هو محرم فقال دعوه فإن الغناء زاد الراكب. و قال يثغر الغلام لسبع و يحتلم لأربع عشرة و ينتهي طوله لإحدى و عشرين و يكمل عقله لثمان و عشرين و يصير رجلا كاملا لأربعين.
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 74و روى سعيد بن المسيب أن عمر لما صدر من الحج في الشهر الذي قتل فيه كوم كومة من بطحاء و ألقى عليها طرف ثوبه ثم استلقى عليها و رفع يديه إلى السماء و قال اللهم كبرت سني و ضعفت قوتي و انتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع و لا مفرط.م قدم المدينة فخطب الناس فقال أيها الناس قد فرضت لكم الفرائض و سننت لكم السنن و تركتكم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا و شمالا إياكم أن تنتهوا عن آية الرجم و أن يقول قائل لا نجد ذلك حدا في كتاب الله فقد رأيت رسول الله رجم و رجمنا بعده و لو لا أن يقول الناس إن ابن الخطاب أحدث آية في كتاب الله لكتبتها و لقد كنا نقرؤها و الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن دفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال أي شعبان الذي مضى أم الذي نحن فيه ثم جمع أصحاب رسول الله ص و قال ضعوا للناس تاريخا يرجعون إليه فقال قائل منهم اكتبوا على تاريخ الروم فقيل إنه يطول و إنه مكتوب من عهد ذي القرنين و قال قائل بل اكتبوا على تاريخ الفرس فقيل إن الفرس كلما قام ملك طرحوا ما كان قبله
فقال علي ع اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله ص من دار الشرك إلى دار النصرة و هي دار الهجرة(13/56)


فقال عمر نعم ما أشرت به فكتب للهجرة بعد مضي سنتين و نصف من خلافة عمر. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 75قال المؤرخون إن عمر أول من سن قيام رمضان في جماعة و كتب به إلى البلدان و أقام الحد في الخمر ثمانين و أحرق بيت رويشد الثقفي و كان نباذا و أقام في عمله بنفسه أول من حمل الدرة و أدب بها و قيل بعده كانت درة عمر أهيب من سيف الحجاج. و هو أول من فتح الفتوح فتح العراق كله السواد و الجبال و أذربيجان و كور البصرة و كور الكوفة و الأهواز و فارس و فتح الشام كلها ما خلا أجنادين فإنها فتحت في خلافة أبي بكر و فتح كور الجزيرة و الموصل و مصر و الإسكندرية و قتله أبو لؤلؤة و خيله على الري. و هو أول من مسح السواد و وضع الخراج على الأرض و الجزية على جماجم أهل الذمة فيما فتحه من البلدان و بلغ خراج السواد في أيامه مائة ألف ألف درهم و عشرين ألف ألف درهم بالوافية و هي وزن الدينار من الذهب و هو أول من مصر الأمصار و كوف الكوفة و بصر البصرة و أنزلها العرب و أول من استقضى القضاة في الأمصار و أول من دون الدواوين و كتب الناس على قبائلهم و فرض لهم الأعطية و هو أول من قاسم العمال و شاطرهم أموالهم و كان يستعمل قوما و يدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل و قال أكره أن أدنس هؤلاء بالعمل و هو الذي هدم مسجد رسول الله ص و زاد فيه و أدخل دار العباس فيما زاد و هو الذي أخرج اليهود من الحجاز و أجلاهم عن جزيرة العرب إلى الشام و هو الذي فتح البيت المقدس و حضر الفتح بنفسه و هو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم و كان ملصقا بالبيت و حج بنفسه خلافته كلها إلا السنة الأولى فإنه استخلف على الحج عبد الرحمن بن عوف و هو شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 76الذي جاء بالحصى من العقيق فبسطه في مسجد المدينة و كان الناس إذا رفعوا رءوسهم من السجود نفضوا أيديهم. و روى أبو هريرة قال قدمت علىمر من عند أبي موسى بثمانمائة ألف درهم فقال لي بما ذا قدمت قلت(13/57)


بثمانمائة ألف درهم فقال أ لم أقل لك إنك يمان أحمق ويحك إنما قدمت بثمانين ألف درهم فقلت يا أمير المؤمنين إنما قدمت بثمانمائة ألف درهم فجعل يعجب و يكررها فقال ويحك و كم ثمانمائة ألف درهم فعددت مائة ألف و مائة ألف حتى بلغت ثمانية فاستعظم ذلك و قال أ طيب هو ويحك قلت نعم فبات عمر ليلته تلك أرقا حتى إذا نودي لصلاة الصبح قالت له امرأته ما نمت هذه الليلة قال و كيف أنام و قد جاء الناس ما لم يأتهم مثله منذ قام الإسلام فظنت المرأة أنها داهية فسألته فقال مال جم حمله أبو موسى قالت فما بالك قال ما يؤمنني لو مت و هذا المال عندي لم أضعه في حقه فخرج يصلي الصبح و اجتمع الناس إليه فقال لهم قد رأيت في هذا المال رأيا فأشيروا علي رأيت أن أكيله للناس بالمكيال قالوا لا يا أمير المؤمنين قال لا بل أبدأ برسول الله ص و بأهله ثم الأقرب فالأقرب فبدأ ببني هاشم ثم ببني المطلب ثم بعبد شمس و نوفل ثم بسائر بطون قريش. قسم عمر مروطا بين نساء المدينة فبقي مرط جيد له فقال بعض من عنده أعط هذا يا أمير المؤمنين ابنة رسول الله التي عندك يعنون أم كلثوم ابنة علي ع(13/58)


شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 77فقال أم سليط أحق به فإنها ممن بايع رسول الله ص و كانت تزفر لنا القرب يوم أحد. و روى زيد بن أسلم عن أبيه قال خرجت مع عمر إلى السوق فلحقته امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي و ترك صبية صغارا لا ينضحون كراعا لا زرع لهم لا ضرع و قد خشيت عليهم الضيعة و أنا ابنة خفاف بن أسماء الغفاري و قد شهد أبي الحديبية فوقف عمر معها و لم يمض و قال مرحبا بنسيب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما و جعل بينهما نفقة و ثيابا ثم ناولها خطامه و قال اقتاديه فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله بخير فقال له رجل لقد أكثرت لها يا أمير المؤمنين فقال ثكلتك أمك و الله لكأني أرى أبا هذه و أخاها و قد حاصرا حصنا فافتتحاه فافترقنا ثم أصبحنا نستقرئ سهماننا فيه. و روى الأوزاعي أن طلحة تبع عمر ليلة فرآه دخل بيتا ثم خرج فلما أصبح ذهب طلحة إلى ذلك البيت فرأى امرأة عمياء مقعده فقال لها ما بال رجل أتاك الليلة قالت إنه رجل يتعاهدني منذ كذا و كذا يأتيني بما يصلحني فقال طلحة ثكلتك أمك يا طلحة تريد تتبع عمر. خرج عمر إلى الشام حتى إذا كان ببعض الطريق لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح و أصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فقال لابن عباس ادع لي المهاجرين فدعاهم فسألهم فاختلفوا عليه فقال بعضهم خرجت لأمر و لا نرى أن شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 78ترجع عنه و قال بعضهم معك بقية الناس و أصحاب رسول الله ص و لا نرى أن تقدمهم على هذا الوء فقال ارتفعوا عني ثم قال لابن عباس ادع لي الأنصار فدعاهم فاستشارهم فاختلفوا عليه اختلاف المهاجرين فقال لابن عباس ادع لي من كان من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعاهم فقالوا بأجمعهم نرى أن ترجع بالناس و لا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه فقال له أبو عبيدة بن الجراح أ فرارا من قدر الله(13/59)


تعالى فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله أ رأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة و الأخرى جدبة أ ليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله و إن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله فجاء عبد الرحمن بن عوف و كان متغيبا في بعض حاجته فقال إن عندي من هذا علما
سمعت رسول الله ص يقول إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه
فحمد عمر الله عز و جل و انصرف إلى المدينة. و روى ابن عباس قال خرجت مع عمر إلى الشام في إحدى خرجاته فانفرد يوما يسير على بعيره فاتبعته فقال لي يا ابن عباس أشكو إليك ابن عمك سألته أن يخرج معي فلم يفعل و لم أزل أراه واجدا فيم تظن موجدته قلت يا أمير المؤمنين إنك لتعلم قال أظنه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة قلت هو ذاك إنه يزعم أن رسول الله أراد الأمر له فقال يا ابن عباس و أراد رسول الله ص الأمر له فكان ما ذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك إن رسول الله ص أراد أمرا و أراد شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 79الله غيره فنفذ مرادلله تعالى و لم ينفذ مراد رسوله أ و كلما أراد رسول الله ص كان إنه أراد إسلام عمه و لم يرده الله فلم يسلم. و قد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ و هو قوله إن رسول الله ص أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددته عنه خوفا من الفتنة و انتشار أمر الإسلام فعلم رسول الله ما في نفسي و أمسك و أبى الله إلا إمضاء ما حتم و حدثني الحسين بن محمد السيني قال قرأت على ظهر كتاب أن عمر نزلت به نازلة فقام لها و قعد و ترنح لها و تقطر و قال لمن عنده معشر الحاضرين ما تقولون في هذا الأمر فقالوا يا أمير المؤمنين أنت المفزع و المنزع فغضب و قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً ثم قال أما و الله إني و إياكم لنعلم ابن بجدتها و الخبير بها قالوا كأنك أردت ابن أبي طالب قال و أنى(13/60)

26 / 147
ع
En
A+
A-