أنت بحمد الله كذلك و الملك يعسف الناس و يأخذ مال هذا فيعطيه هذا فسكت عمر و قال أرجو أن أكونه. و روى مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر تعلم سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا. و روى أنس قال كان يطرح لعمر كل يوم صاع من تمر فيأكله حتى حشفه. و روى يوسف بن يعقوب الماجشون قال قال لي ابن شهاب و لأخ لي و ابن عم لنا و نحن صبيان أحداث لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم فإن عمر كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الصبيان فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 67و روى الحسن قال كان رجل لا يزال يأخذ من لحية عمر شيئا فأخذ يوما من لحيته فقبض على يده فإذا فيها بشي ء فقال إن الملق من الكذب ثم علاه بالدرة. انقطع شسعل عمر فاسترجع و قال كل ما ساءك فهو مصيبة. وقف أعرابي على عمر فقال له
يا ابن خطاب جزيت الجنة اكس بنياتي و أمهنه أقسم بالله لتفعلنهفقال عمر إن لم أفعل يكون ما ذا قال
إذا أبا حفص لأمضينه
فقال إذا مضيت يكون ما ذا قال
تكون عن حالي لتسألنه يوم تكون الأعطيات جنةو الواقف المسئول يبهتنه إما إلى نار و إما جنة
فبكى عمر ثم قال لغلامه أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره و الله ما أملك ثوبا غيره. و روى ابن عباس قال قال لي عمر ليلة أنشدني لشاعر الشعراء قلت و من هو قال زهير الذي يقول شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 6إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية من المجد من يسبق إليها يسود(13/51)
فأنشدته حتى برق الفجر فقال إيها الآن اقرأ يا عبد الله قلت ما أقرأ قال سورة الواقعة. سمع عمر صوت بكاء في بيت فدخل و بيده الدرة فمال عليهم ضربا حتى بلغ النائحة فضربها حتى سقط خمارها ثم قال لغلامه اضرب النائحة ويلك اضربها فإنها نائحة لا حرمة لها لأنها لا تبكي بشجوكم إنها تهريق دموعها على أخذ دراهمكم إنها تؤذي أمواتكم في قبورهم و أحياءكم في دورهم إنها تنهى عن الصبر و قد أمر الله به و تأمر بالجزع و قد نهى الله عنه. و من كلامه من اتجر في شي ء ثلاث مرات فلم يصب فيه فليتحول عنه إلى غيره. و من كلامه لو كنت تاجرا لم اخترت على العطر شيئا إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. و من كلامه تفقهوا قبل أن تسودوا. و من كلامه تعلموا المهنة فإنه يوشك أحدكم أن يحتاج إلى مهنته. و من كلامه مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس. و من كلامه أعقل الناس أعذرهم لهم. رأى عمر ناسا يتبعون أبي بن كعب فرفع عليه الدرة فقال يا أمير المؤمنين اتق الله قال فما هذه الجموع خلفك يا ابن كعب أ ما علمت أنها فتنة للمتبوع مذلة للتابع. جاء رجل إلى عمر فقال إن بنتا لي واريتها في الجاهلية فاستخرجناها قبل أن شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 69تموت فأدركت معنا الإسلافأسلمت ثم قارفت حدا من حدود الله فأخذت الشفرة لتذبح نفسها فأدركناها و قد قطعت بعض أوداجها فداويناها حتى برئت و تابت توبة حسنة و قد خطبها قوم أ فأخبرهم بالذي كان من شأنها فقال عمر أ تعمد إلى ما ستره الله فتبديه و الله لئن أخبرت بشأنها أحدا لأجعلنك نكالا لأهل الأمصار أنكحها نكاح العفيفة السليمة.
أسلم غيلان بن سلمة الثقفي من عشر نسوة فقال له النبي ص اختر منهن أربعا و طلق ستا(13/52)
فلما كان على عهد عمر طلق نساءه الأربع و قسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فأحضره فقال له إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك و لعلك لا تمكث إلا قليلا و ايم الله لتراجعن نساءك و لترجعن في مالك أو لأورثنهن منك و لآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رغال و قال عمر إن الجزف في المعيشة أخوف عندي عليكم من العيال أنه لا يبقى مع الفساد شي ء و لا يقل مع الإصلاح شي ء. و كان عمر يقول أدبوا الخيل و انتضلوا و اقعدوا في الشمس و لا يجاورنكم الخنازير و لا تقعدوا على مائدة يشرب عليها الخمر أو يرفع عليهالصليب و إياكم و أخلاق العجم و لا يحل لمؤمن أن يدخل الحمام إلا مؤتزرا و لا لامرأة أن تدخل الحمام إلا من سقم فإذا وضعت المرأة خمارها في غير بيت زوجها فقد هتكت الستر بينها و بين الله تعالى. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 70و كان يكره أن يتزيا الرجال بزي النساء ألا يزال الرجل يرى مكتحلا مدهنا و أن يحف لحيته و شاربه كما تحف المرأة. سمع عمر سائلا يقول من يعشي السائل فقال عشوا سائلكم ثم جاء إلى دار إبل الصدقة يعشيها فسمع صوته مرة أخرى من يعشي السائل فقال أ لم آمركم أن تعشوه فقالوا قد عشيناه فأرسل إليه عمر و إذا معه جراب مملوء خبزا فقال إنك لست سائلا إنما أنت تاجر تجمع لأهلك فأخذ بطرف الجراب فنبذه بين يدي الإبل. و قال عمر من مزح استخف به و قال أ تدرون لم سمي المزاح مزاحا لأنه أزاح الناس عن الحق. و من كلامه لن يعطى أحد بعد الكفر بالله شرا من زوجة حديدة اللسان سيئة الخلق عقيم و لن يعطى أحد بعد الإيمان بالله خيرا من زوجة كريمة ودود ولود حسنة الخلق. و كان يقول إن شقاشق الكلام من شقاشق اللسان فأقلوا ما استطعتم. و نظر إلى شاب قد نكس رأسه خشوعا فقال يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب فمن أظهر للخلق خشوعا فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقا. و من كلامه إن أحبكم إلينا ما لم نركم(13/53)
أحسنكم أسماء فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم أخلاقا فإذا بلوناكم فأحبكم إلينا أعظمكم أمانة و أصدقكم حديثا. و كان يقول لا تنظروا إلى صلاة امرئ و لا صيامه و لكن انظروا إلى عقله و صدقه. شرح نج البلاغة ج : 12 ص : 71و من كلامه إن العبد إذا تواضع لله رفع حكمته و قال له انتعش نعشك الله فهو في نفسه صغير و في أعين الناس عظيم و إذا تكبر و عتا وهضه الله إلى الأرض و قال اخسأ خسأك الله فهو في نفسه عظيم و في أعين الناس حقير حتى يكون عندهم أحقر من الخنزي. و قال الإنسان لا يتعلم العلم لثلاث و لا يتركه لثلاث لا يتعلمه ليماري به و لا ليباهي به و لا ليرائي به و لا يتركه حياء من طلبه و لا زهادة فيه و لا رضا بالجهل بدلا منه. و قال تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم. و قال إني لا أخاف عليكم أحد الرجلين مؤمنا قد تبين إيمانه و كافرا قد تبين كفره و لكن أخاف عليكم منافقا يتعوذ بالإيمان و يعمل بغيره. و من كلامه إن الرجف من كثرة الزناء و إن قحوط المطر من قضاه السوء و أئمة الجور. و قال في النساء استعينوا عليهن بالعري فإن إحداهن إذا كثرت ثيابها و حسنت زينتها أعجبها الخروج. و من كلامه إن الجبت السحر و إن الطاغوت الشيطان و إن الجبن و الشجاعة غرائز تكون في الرجال يقاتل الشجاع عمن لا يعرف و يفر الجبان عن أمه و إن كرم الرجل دينه و حسب الرجل خلقه و إن كان فارسيا أو نبطيا. و قال تفهموا العربية فإنها تشحذ العقل و تزيد في المروءة. و قال النساء ثلاث امرأة هينة لينة عفيفة ودود ولود تعين بعلها على الدهر و لا تعين الدهر على بعلها و قلما تجدها و أخرى وعاء للولد لا تزيد على ذلك شيئا و الثالثة غل قمل يجعله الله في عنق من يشاء و ينزعه إذا شاء.(13/54)
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 72و الرجال ثلاثة رجل عاقل يورد الأمور و يصدرها فيحسن إيرادا و إصدارا و آخر يشاور الرجال و يقف عند آرائهم و الثالث حائر بائر لا يأتمر رشدا و لا يطيع مرشدا. و قال ما يمنعكم إذا رأيتم السفيه يخرق أعراض النساء أن تعربوا عليه قالواخاف لسانه قال ذاك أدنى ألا تكونوا شهداء. و رأى رجلا عظيم البطن فقال ما هذا قال بركة من الله. و قال إذا رزقت مودة من أخيك فتشبث بها ما استطعت. و قال لقوم يحصدون الزرع إن الله جعل ما أخطأت أيديكم رحمة لفقرائكم فلا تعودوا فيه. و قال ما ظهرت قط نعمه على أحد إلا وجدت له حاسدا و لو أن أمرا كان أقوم من قدح لوجدت له غامزا. و قال إياكم و المدح فإنه الذبح. و قال لقبيصه بن ذؤيب أنت رجل حديث السن فصيح اللسان و إنه يكون في الرجل تسعة أخلاق حسنة و خلق واحد سيئ فيغلب الواحد التسعة فتوق عثرات السيئات. و قال بحسب امرئ من الغي أن يؤذي جليسه أو يتكلف ما لا يعنيه أو يعيب الناس بما يأتي مثله و يظهر له منهم ما يخفى عليهم من نفسه. و قال احترسوا من الناس بسوء الظن. و قال في خطبة له لا يعجبنكم من الرجل طنطنته و لكن من أدى الأمانة و كف عن أعراض الناس فهو الرجل. و قال الراحة في مهاجرة خلطاء السوء. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 73و قال إن لؤما بالرجل أن يرفع يديه من الطعام قبل أصحابه. و أثنى رجل على رجل عند عمر فقال له أ عاملته قال لا قال أ صحبته في السفر قال لا قال فأنت إذا القائل ما لا يعلم. و قال لأن أموت بين شعبتي رحلي أسعى في الأرض تغي من فضل الله كفاف وجهي أحب إلي من أن أموت غازيا. و كان عمر قاعدا و الدرة معه و الناس حوله إذ أقبل الجارود العامري فقال رجل هذا سيد ربيعة فسمعها عمر و من حوله و سمعها الجارود فلما دنا منه خفقه بالدرة فقال ما لي و لك يا أمير المؤمنين قال ويلك سمعتها قال و سمعتها فمه قال خشيت أن تخالط القوم و يقال هذا أمير فأحببت أن أطأطئ(13/55)