لو كان يقعد فوق الشمس من كرم قوم بأولهم أو مجدهم قعدواقوم أبوهم سنان حين تنسبهم طابوا و طاب من الأولاد ما ولدواأنس إذا أمنوا جن إذا فزعوا مرزءون بها ليل إذا جهدوا
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 53محسدون على ما كان من نعم لا بنزع الله منهم ماله حسدوفقال عمر و الله لقد أحسن و ما أرى هذا المدح يصلح إلا لهذا البيت من هاشم لقرابتهم من رسول الله ص فقال ابن عباس وفقك الله يا أمير المؤمنين فلم تزل موفقا فقال يا ابن عباس أ تدري ما منع الناس منكم قال لا يا أمير المؤمنين قال لكني أدري قال ما هو يا أمير المؤمنين قال كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة و الخلافة فيجخفوا جخفا فنظرت قريش لنفسها فاختارت و وفقت فأصابت. فقال ابن عباس أ يميط أمير المؤمنين عني غضبه فيسمع قال قل ما تشاء قال أما قول أمير المؤمنين إن قريشا كرهت فإن الله تعالى قال لقوم ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ. و أما قولك إنا كنا نجخف فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة و لكنا قوم أخلاقنا مشتقة من خلق رسول الله ص الذي قال الله تعالى وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ و قال له وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. و أما قولك فإن قريشا اختارت فإن الله تعالى يقول وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ و قد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت و أصابت قريش. فقال عمر على رسلك يا ابن عباس أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول و حقدا عليها لا يحول فقال ابن عباس مهلا يا أمير المؤمنين شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 54لا تنسب هاشما إلى الغش فإن قلوبهم من قلب رسول الله الذي طهره الله و زكاه و هم أهل البيت الذين قاللله تعالى لهم إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ(13/41)
الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و أما قولك حقدا فكيف لا يحقد من غصب شيئه و يراه في يد غيره. فقال عمر أما أنت يا ابن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي قال و ما هو يا أمير المؤمنين أخبرني به فإن يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه و إن يك حقا فإن منزلتي عندك لا تزول به. قال بلغني أنك لا تزال تقول أخذ هذا الأمر منك حسدا و ظلما قال أما قولك يا أمير المؤمنين حسدا فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة فنحن بنو آدم المحسود. و أما قولك ظلما فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو. ثم قال يا أمير المؤمنين أ لم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله و احتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله ص فنحن أحق برسول الله من سائر قريش. فقال له عمر قم الآن فارجع إلى منزلك فقام فلما ولى هتف به عمر أيها المنصرف إني على ما كان منك لراع حقك. فالتفت ابن عباس فقال إن لي عليك يا أمير المؤمنين و على كل المسلمين حقا برسول الله ص فمن حفظه فحق نفسه حفظ و من أضاعه فحق نفسه أضاع ثم مضى. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 55فقال عمر لجلسائه واها لابن عباس ماأيته لاحى أحدا قط إلا خصمه. لما توفي عبد الله بن أبي رأس المنافقين في حياة رسول الله ص جاء ابنه و أهله فسألوا رسول الله ص أن يصلي عليه فقام بين يدي الصف يريد ذلك فجاء عمر فجذبه من خلفه و قال أ لم ينهك الله أن تصلي على المنافقين فقال إني خيرت فاخترت فقيل لي اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ و لو أني أعلم أني إذا زدت على السبعين غفر له لزدت ثم صلى رسول الله عليه و مشى معه و قام على قبره. فعجب الناس من جرأة عمر على رسول الله ص فلم يلبث الناس إلا أن نزل قوله تعالى وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ فلم يصل ع بعدها على أحد(13/42)
من المنافقين. و
روى أبو هريرة قال كنا قعودا حول رسول الله ص في نفر فقام من بين أظهرنا فأبطأ علينا و خشينا أن يقطع دوننا فقمنا و كنت أول من فزع فخرجت أبتغيه حتى أتيت حائطا للأنصار لقوم من بني النجار فلم أجد له بابا إلا ربيعا فدخلت في جوف الحائط و الربيع الجدول فدخلت منه بعد أن احتفرته فإذا رسول الله ص فقال أبو هريرة قلت نعم قال ما شأنك قلت كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت عنا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا و كنت أول من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفرته كما يحتفر الثعلب و الناس من ورائي. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 56فقال يا أبا هريرةذهب بنعلي هاتين فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة فخرجت فكان أول من لقيت عمر فقال ما هذان النعلان قلت نعلا رسول الله ص بعثني بهما و قال من لقيته يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة. فضرب عمر في صدري فخررت لاستي و قال ارجع إلى رسول الله ص. فأجهشت بالبكاء راجعا فقال رسول الله ما بالك قلت لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب صدري ضربة خررت لاستي و قال ارجع إلى رسول الله. فخرج رسول الله فإذا عمر فقال ما حملك يا عمر على ما فعلت فقال عمر أنت بعثت أبا هريرة بكذا قال نعم قال فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فيتركوا العمل خلهم يعملون فقال رسول الله ص خلهم يعملون(13/43)
و روى أبو سعيد الخدري قال أصابت الناس مجاعة في غزاة تبوك فقالوا يا رسول الله لو أذنت لنا فذبحنا نواضحنا و أكلنا شحمها و لحمها فقال افعلوا فجاء عمر فقال يا رسول الله إنهم إن فعلوا قل الظهر و لكن ادعهم بفضلات أزوادهم فاجمعها ثم ادع لهم عليها بالبركة لعل الله يجعل في ذلك خيرا شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 57ففعل رسول الله ص ذلك فأكل الخلق الكثير من طعام قليل و لم تذبح النواضحو روى ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله ص يذكر له ذنبا أذنبه فانزل الله تعالى في أمره وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ فقال يا رسول الله لي خاصة أم للناس عامة. فضرب عمر صدره بيده و قال لا و لا نعمى عين بل للناس عامة فقال رسول الله ص بل للناس عامة(13/44)
و كان عمر يقول وافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى. و قلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر و الفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب. و تمالأ عليه نساؤه غيرة فقلت له عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت بهذا اللفظ. و قال عبد الله بن مسعود فضل عمر الناس بأربع برأيه في أسارى بدر فنزل القرآن بموافقته ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ و برأيه في حجاب نساء النبي ص فنزل قوله تعالى وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 58مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ و بدعوة النبي ص اللهم أيد الإسلام بأحد الرجلين و برأيه في أبي بكر كان أول من بايعه. و روت عائشة قالت كنت آكل مع رسول الله ص حيسا قبل أن تنزل آية الاب و مر عمر فدعاه فأكل فأصابت يده إصبعي فقال حس لو أطاع فيكن ما رأتكن عين فنزلت آية الحجاب. جاء عيينة بن حصن و الأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ و لا منفعة فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا نحرثها أو نزرعها و لعل الله أن ينفع بها بعد اليوم فقال أبو بكر لمن حوله من الناس المسلمين ما ترون قالوا لا بأس فكتب لهما بها كتابا و أشهد فيه شهودا و عمر ما كان حاضرا فانطلقا إليه ليشهد في الكتاب فوجداه قائما يهنأ بعيرا فقالا إن خليفة رسول الله ص كتب لنا هذا الكتاب و جئناك لتشهد على ما فيه أ فتقرؤه أم نقرؤه عليك قال أ على الحال التي تريان إن شئتما فاقرآه و إن شئتما فانتظرا حتى أفرغ. قالا بل نقرؤه عليك فلما سمع ما فيه أخذه منهما ثم تفل فيه فمحاه فتذامرا و قالا مقالة سيئة. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 59فقال إن رسول الله ص كان يتألما و الإسلام يومئذ ذليل و إن الله تعالى قد أعز الإسلام فاذهبا(13/45)