إنما عنيت عظيمكم أهل البيت قلت خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان و هو يقرأ القرآن قال يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه
شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 21شي ء من أمر الخلافة قلت نعم قال أ يزعم أن رسول الله ص نص عليه قلت نعم و أزيدك سألت أبي عما يدعيه فقال صدق فقال عمر لقد كان من رسول الله ص في أمره ذرو من قول لا يثبت حجة و لا يقطع عذرا و لقد كان يربع في أمره وقتا ما و لقد أرفي مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا و حيطة على الإسلام لا و رب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا و لو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول الله ص أني علمت ما في نفسه فأمسك و أبى الله إلا إمضاء ما حتم. ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب تاريخ بغداد في كتابه مسندا. ابتنى أبو سفيان دارا بمكة فأتى أهلها عمر فقالوا إنه قد ضيق علينا الوادي و أسال علينا الماء فأتاه عمر فقال خذ هذا الحجر فضعه هناك و ارفع هذا و اخفض هذا ففعل فقال الحمد لله الذي أذل أبا سفيان بأبطح مكة. و قال عمر و الله لقد لان قلبي في الله حتى لهو ألين من الزبد و لقد اشتد قلبي في الله حتى لهو أشد من الحجر. كان عمر إذا أتاه الخصمان برك على ركبتيه و قال اللهم أعني عليهما فإن كلا منهما يريدني عن ديني. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 22و خطب عمر فقال أيها الناس إنما كنا نعرفكم و النبي بين أظهرنا إذ ينزل الوحي و إذ ينبئنا الله من أخباركم ألا و إن النبي ص قد انطلق و الوحي قد انقطع و إنما نعرفكم بما يبدو منكم من أظهر خيرا ظننا به خيرا و أحببناه عليه و من أظهر شرا ظننا به شرا و أبغضناه عليه سرائركم بينكم و بين ربكم ألا إنه قد أتى علي حين و أنا أحسب أنه لا يقرأ القرآن أحد إلا يريد به وجه الله و ما عند الله و قد خيل إلي بأخرة أن رجالا قد قرءوه يريدون به ما عند الناس فأريدوا الله بقراءتكم و أريدوا الله بأعمالكم. ألا و(13/16)


إني لا أرسل عمالي إليكم أيها الناس ليضربوا أبشاركم و لا ليأخذوا أموالكم و لكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم و سنتكم فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إلي لأقتص له فقد رأيت رسول الله ص يقتص من نفسه. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم و لا تمنعوهم حقوقهم فتفقروهم و لا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم. و قال مرة قد أعياني أهل الكوفة إن استعملت عليهم لينا استضعفوه و إن استعملت عليهم شديدا شكوه و لوددت أني وجدت رجلا قويا أمينا استعمله عليهم فقال له رجل أنا أدلك يا أمير المؤمنين على الرجل القوي الأمين قال من هو قال عبد الله بن عمر قال قاتلك الله و الله ما أردت الله بها لاها الله لا أستعمله عليها و لا على غيرها و أنت فقم فاخرج فمذ الآن لا أسميك إلا المنافق فقام الرجل و خرج. و كتب إلى سعد بن أبي وقاص أن شاور طليحة بن خويلد و عمرو بن معديكرب فإن كل صانع أعلم بصنعته و لا تولهما من أمر المسلمين شيئا شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 23و غضب عمر على بعض عماله فكلم امرأة منساء عمر في أن تسترضيه له فكلمته فيه فغضب و قال و فيم أنت من هذا يا عدوة الله إنما أنت لعبة نلعب بك و تفركين. و من كلامه أشكو إلى الله جلد الخائن و عجز الثقة. قال عمرو بن ميمون لقد رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام واقفا على حذيفة بن اليمان و عثمان بن حنيف و هو يقول لهما أ تخافان أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيقه فقالا لا إنما حملناها أمرا هي له مطيقة فأعاد عليهما القول انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيقه فقالا لا فقال عمر إن عشت لأدعن أرامل العراق لا يحتجن بعدي إلى رجل أبدا فما أتت عليه رابعة حتى أصيب. كان عمر إذا استعمل عاملا كتب عليه كتابا و أشهد عليه رهطا من المسلمين ألا يركب برذونا و لا يأكل نقيا و لا يلبس رقيقا و لا يغلق بابه دون حاجات المسلمين ثم يقول اللهم اشهد. و استعمل عمر النعمان بن عدي بن نضلة على ميسان فبلغه عنه الشعر الذي(13/17)


قاله و هو
و من مبلغ الحسناء أن حليلها بميسان يسقى من زجاج و حنتم إذا شئت غنتني دهاقين قرية و صناجة تحدو على كل منسم شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 24فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني و لا تسقني بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوسق المتهفكتب إليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ أما بعد فقد بلغني قولك
لعل أمير المؤمنين يسوءه
البيت و ايم الله إنه ليسوءني فاقدم فقد عزلتك. فلما قدم عليه قال يا أمير المؤمنين و الله ما شربتها قط و إنما هو شعر طفح على لساني و إني لشاعر. فقال عمر أظن ذاك و لكن لا تعمل لي على عمل أبدا. استعمل عمر رجلا من قريش على عمل فبلغه عنه أنه قال
اسقني شربة تروي عظامي و اسق بالله مثلها ابن هشام
فأشخصه إليه و فطن القرشي فضم إليه بيتا آخر فلما مثل بين يديه قال له أنت القائل
اسقني شربة تروي عظامي
قال نعم يا أمير المؤمنين فهلا أبلغك الواشي ما بعده قال ما الذي بعده قال
عسلا باردا بماء غمام إنني لا أحب شرب المدام(13/18)


قال آلله آلله ثم قال ارجع إلى عملك. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 25قال عمر أيما عامل من عمالي ظلم أحدا ثم بلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا الذي ظلمته. و قال للأحنف بن قيس و قد قدم عليه فاحتبسه عنده حولا يا أحنف إني قد خبرتك و بلوتك فرأيت علانيتك حسنة و أنا أر أن تكون سريرتك مثل علانيتك و إن كنا لنحدث أنه إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم. و كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص أن مترس بالفارسية هو الأمان فمن قلتم له ذلك ممن لا يفقه لسانكم فقد أمنتموه. و قال لأمير من أمراء الشام كيف سيرتك كيف تصنع في القرآن و الأحكام فأخبره فقال أحسنت اذهب فقد أقررتك على عملك فلما ولي رجع فقال يا أمير المؤمنين إني رأيت البارحة رؤيا أقصها عليك رأيت الشمس و القمر يقتتلان و مع كل واحد منهما جنود من الكواكب فقال فمع أيهما كنت قال مع القمر فقال قد عزلتك قال الله تعالى وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً. كان عمر جالسا في المسجد فمر به رجل فقال ويل لك يا عمر من النار فقال قربوه إلي فدنا منه فقال لم قلت لي ما قلت قال تستعمل عمالك و تشترط عليهم شرح نهج البلاغة ج : 12 ص 26ثم لا تنظر هل وفوا لك بشروط أم لا قال و ما ذاك قال عاملك على مصر اشترطت عليه فترك ما أمرته به و ارتكب ما نهيته عنه ثم شرح له كثيرا من أمره فأرسل عمر رجلين من الأنصار فقال لهما انتهيا إليه فاسألا عنه فإن كان كذب عليه فأعلماني و إن رأيتما ما يسوءكما فلا تملكاه من أمره شيئا حتى تأتيا به فذهبا فسألا عنه فوجداه قد صدق عليه فجاءا إلى بابه فاستأذنا عليه فقال حاجبه إنه ليس عليه اليوم إذن قالا ليخرجن إلينا أو لنحرقن عليه بابه و جاء أحدهما بشعلة من نار فدخل الآذن فأخبره فخرج إليهما قالا إنا رسولا عمر إليك لتأتيه قال إن لنا حاجة تمهلانني لأتزود قالا إنه عزم علينا ألا نمهلك فاحتملاه(13/19)


فأتيا به عمر فلما أتاه سلم عليه فلم يعرفه و قال من أنت و كان رجلا أسمر فلما أصاب من ريف مصر ابيض و سمن فقال أنا عاملك على مصر أنا فلان قال ويحك ركبت ما نهيت عنه و تركت ما أمرت به و الله لأعاقبنك عقوبة أبلغ إليك فيها ائتوني بكساء من صوف و عصا و ثلاثمائة شاة من غنم الصدقة فقال البس هذه الدراعة فقد رأيت أباك و هذه خير من دراعته و خذ هذه العصا فهي خير من عصا أبيك و اذهب بهذه الشياه فارعها في مكان كذا و ذلك في يوم صائف و لا تمنع السابلة من ألبانها شيئا إلا آل عمر فإني لا أعلم أحدا من آل عمر أصاب من ألبان غنم الصدقة و لحومها شيئا. فلما ذهب رده و قال أ فهمت ما قلت فضرب بنفسه الأرض و قال يا أمير المؤمنين لا أستطيع هذا فإن شئت فاضرب عنقي قال فإن رددتك فأي رجل تكون قال و الله لا يبلغك بعدها إلا ما تحب فرده فكان نعم الرجل و قال عمر و الله شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 27لا أنزعن فلانا من القضاء حتى أستعمل عوضه رجلا إذا رآه الفاجر فرق. و روى عبد الله بن بريدة قال بينا عمر يعس ذات ليلة انتهى إلى باب متجاف و امرأة تغني نسوةهل من سبيل إلى خمر فأشربها أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج(13/20)

18 / 147
ع
En
A+
A-