منا سيرة أبي بكر و عمر و لم تسيروا في أنفسكم و لا فينا سيرة أبي بكر و عمر نسأل الله أن يعين كلا على كل. و دخل عمر على ابنه عبد الله فوجد عنده لحما عبيطا معلقا فقال ما هذا اللحم قال اشتهيت فاشتريت فقال أ و كلما اشتهيت شيئا أكلته كفى بالمرء سرفا أن أكل كل ما اشتهاه. مر عمر على مزبلة فتأذى بريحها أصحابه فقال هذه دنياكم التي تحرصون عليها. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 9و من كلامه للأحنف يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته و من مزح استخف به و من أكثر من ء عرف به و من كثر كلامه كثر سقطه و من كثر سقطه قل حياؤه و من قل حياؤه قل ورعه و من قل ورعه مات قلبه. و قال لابنه عبد الله يا بني اتق الله يقك و أقرض الله يجزك و اشكره يزدك و اعلم أنه لا مال لمن لا رفق له و لا جديد لمن لا خلق له و لا عمل لمن لا نية له. و طب يوم استخلف فقال أيها الناس إنه ليس فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له و لا أضعف من القوي حتى آخذ الحق منه. و قال لابن عباس يا عبد الله أنتم أهل رسول الله و آله و بنو عمه فما تقول منع قومكم منكم قال لا أدري علتها و الله ما أضمرنا لهم إلا خيرا قال اللهم غفرا إن قومكم كرهوا أن يجتمع لكم النبوة و الخلافة فتذهبوا في السماء شمخا و بذخا و لعلكم تقولون إن أبا بكر أول من أخركم أما إنه لم يقصد ذلك و لكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم مما فعل و لو لا رأي أبي بكر في لجعل لكم من الأمر نصيبا و لو فعل ما هنأكم مع قومكم إنهم ينظرون إليكم نظر الثور إلى جازره. و كان يقول ليت شعري متى أشفى من غيظي أ حين أقدر فيقال لي لو عفوت أم حين أعجل فيقال لو صبرت. و رأى أعرابيا يصلي صلاة خفيفة فلما قضاها قال اللهم زوجني الحور العين فقال له لقد أسأت النقد و أعظمت الخطبة. و قيل له كان الناس في الجاهلية يدعون على من ظلمهم فيستجاب لهم و لسنا نرى(13/6)


شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 10ذلك الآن قال لأن ذلك كان الحاجز بينهم و بين الظلم و أما الآن فالساعة موعدهم و الساعة أدهى و أمر. و من كلامه من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن و من كتم سره كانت الخيرة بيده. ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يبك و لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم شرا و أنت تجد لها في الخير محملا أو عليك بإخوان الصدق و كيس أكياسهم فإنهم زينة في الرخاء و عدة عند البلاء و لا تتهاونن بالخلق فيهينك الله و لا تعترض بما لا يعنيك و اعتزل عدوك و تحفظ من خليلك إلا الأمين فإن الأمين من الناس لا يعادله شي ء و لا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره و لا تفش إليه سرك و استشر في أمرك أهل التقوى و كفى بك عيبا أن يبدو لك من أخيك ما يخفى عليك من نفسك و أن تؤذي جليسك بما تأتي مثله. و قال ثلاث يصفين لك الود في قلب أخيك أن تبدأه بالسلام إذا لقيته و أن تدعو بأحب أسمائه إليه و أن توسع له في المجلس. و قال أحب أن يكون الرجل في أهله كالصبي و إذا أصيخ إليه كان رجلا. بينا عمر ذات يوم إذا رأى شابا يخطر بيديه فيقول أنا ابن بطحاء مكة كديها و كداها فناداه عمر فجاء فقال إن يكن لك دين فلك كرم و إن يكن لك عقل فلك مروءة و إن يكن لك مال فلك شرف و إلا فأنت و الحمار سواء. شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 11و قال يا معشر المهاجرين لا تكثروا الدخول على أهل الدنيا و أرباب الإمرة و الولاية فإنه مسخطة للرب و إياكم و البطنة فإنها مكسلة عن الصلاة و مفسدة للجسد مورثة للسقم و إن الله يبغضلحبر السمين و لكن عليكم بالقصد في قوتكم فإنه أدنى من الإصلاح و أبعد من السرف و أقوى على عبادة الله و لن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه. و قال تعلموا أن الطمع فقر و أن اليأس غنى و من يئس من شي ء استغنى عنه و التؤدة في كل شي ء خير إلا ما كان من أمر الآخر و قال من اتقى الله لم يشف الله غيظه و من خاف الله لم يفعل ما يريد و(13/7)


لو لا يوم القيامة لكان غير ما ترون. و قال إني لأعلم أجود الناس و أحلم الناس أجودهم من أعطى من حرمه و أحلمهم من عفا عمن ظلمه. و كتب إلى ساكني الأمصار أما بعد فعلموا أولادكم العوم و الفروسية رووهم ما سار من المثل و حسن من الشعر. و قال لا تزال العرب أعزة ما نزعت في القوس و نزت في ظهور الخيل و قال و هو يذكر النساء أكثروا لهن من قول لا فإن نعم مفسدة تغريهن على المسألة. و قال ما بال أحدكم يثني الوسادة عند امرأة معزبة إن المرأة لحم على وضم إلا ما ذب عنه.(13/8)


شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 12و كتب إلى أبي موسى أما بعد فإن للناس نفرة عن سلطانهم فأعوذ بالله أن يدركني و إياك عمياء مجهولة و ضغائن محمولة و أهواء متبعة و دنيا مؤثرة أقم الحدود و اجلس للمظالم و لو ساعة من نهار و إذا عرض لك أمران أحدهما لله و الآخر للدنيفابدأ بعمل الآخرة فإن الدنيا تفنى و الآخرة تبقى و كن من مال الله عز و جل على حذر و اجف الفساق و اجعلهم يدا و يدا و رجلا و رجلا و إذا كانت بين القبائل نائرة يا لفلان يا لفلان فإنما تلك نجوى الشيطان فاضربهم بالسيف حتى يفيئوا إلى أمر الله و تكون دعواهم إلى الله و إلى الإسلام و قد بلغني أن ضبة تدعو يا لضبة و إني و الله أعلم أن ضبة ما ساق الله بها خيرا قط و لا منع بها من سوء قط فإذا جاءك كتابي هذا فأنهكهم ضربا و عقوبة حتى يفرقوا إن لم يفقهوا و الصق بغيلان بن خرشة من بينهم و عد مرضى المسلمين و اشهد جنائزهم و افتح لهم بابك و باشر أمورهم بنفسك فإنما أنت رجل منهم غير إن الله قد جعلك أثقلهم حملا و قد بلغني أنه فشا لك و لأهل بيتك هيئة في لباسك و مطعمك و مركبك ليس للمسلمين مثلها فإياك يا عبد الله بن قيس أن تكون بمنزلة البهيمة التي مرت بواد خصيب فلم يكن لها همة إلا السمن و إنما حظها من السمن لغيرها و اعلم أن للعامل مردا إلى الله فإذا زاغ العامل زاغت رعيته و إن أشقى الناس من شقيت به نفسه و رعيته و السلام و خطب عمر فقال أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله الذي يبقى و يفنى ما سواه و الذي بطاعته ينفع أولياءه و بمعصيته يضر أعداءه إنه ليس لهالك هلك عذر في تعمد ضلالة حسبها هدى و لا ترك حق حسبه ضلالة قد ثبتت الحجة و وضحت الطرق و انقطع العذر و لا حجة لأحد على الله عز و جل ألا إن أحق ما تعاهد به الراعي شرح نهج البلاغة ج : 12 ص : 13رعيته أن يتعاهدهم بالذي لله تعالى عليهم في وظائف دينهم ذي هداهم به و إنما علينا أن نأمركم بالذي أمركم الله به من طاعته و(13/9)


ننهاكم عما نهاكم الله عنه من معصيته و أن نقيم أمر الله في قريب الناس و بعيدهم و لا نبالى على من قال الحق ليتعلم الجاهل و يتعظ المفرط و يقتدي المقتدي و قد علمت أن أقواما يتمنون في أنفسهم و يقولون نحن نصلي مع المصلين و نجاهد مع المجاهدين إلا أن الإيمان ليس بالتمني و لكنه بالحقائق إلا من قام على الفرائض و سدد نيته و اتقى الله فذلكم الناجي و من زاد اجتهادا وجد عند الله مزيدا. و إنما المجاهدون الذين جاهدوا أهواءهم و الجهاد اجتناب المحارم ألا إن الأمر جد و قد يقاتل أقوام لا يريدون إلا الذكر و قد يقاتل أقوام لا يريدون إلا الأجر و إن الله يرضى منكم باليسير و أثابكم على اليسير الكثير. الوظائف الوظائف أدوها تؤدكم إلى الجنة و السنة السنة الزموها تنجكم من البدعة. تعلموا و لا تعجزوا فإن من عجز تكلف و إن شرار الأمور محدثاتها و إن الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في الضلالة فافهموا ما توعظون به فإن الحريب من حرب دينه و إن السعيد من وعظ بغيره. و قال و عليكم بالسمع و الطاعة فإن الله قضى لهما بالعزة و إياكم و التفرق و المعصية فإن الله قضى لهما بالذلة. أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لكم. بعث سعد بن أبي وقاص أيام القادسية إلى عمر قباء كسرى و سيفه و منطقته(13/10)

16 / 147
ع
En
A+
A-