الغرائب. فإن قلت لم جعل الشيطان المغوي في الحد الرابع قلت ليقول و فيه يشرع باب هذه الدار لأنه إذا كان الحد إليه ينتهي كان أسهل لدخوله إليها و دخول أتباعه و أوليائه من أهل الشيطنة و الضلال
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 432- و من كتاب له كتبه ع إلى بعض أمراء جيشهفَإِنْ عَادُوا إِلَى ظِلِّ الطَّاعَةِ فَذَاكَ الَّذِي نُحِبُّ وَ إِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَوْمِ إِلَى الشِّقَاقِ وَ الْعِصْيَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطَاعَكَ إِلَى مَنْ عَصَاكَ وَ اسْتَغْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ مَغِيبُهُ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِهِ وَ قُعُودُهُ أَغْنَى مِنْ نُهُوضِهِ
انهد أي انهض و تقاعس أي أبطأ و تأخر. و المتكاره الذي يخرج إلى الجهاد من غير نية و بصيرة و إنما يخرج كارها مرتابا و مثل قوله ع فإن المتكاره مغيبه خير من مشهده و قعوده أغنى من نهوضه قوله تعالى لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 533- و من كتاب له ع إلى الأشعث بن قيس و هو عامل أذربيجانوَ إِنَّ عَمَلَكَ لَيْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَ لَكِنَّهُ فِي عُنُقِكَ أَمَانَةٌ وَ أَنْتَ مُسْتَرْعًى لِمَنْ فَوْقَكَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَفْتَاتَ فِي رَعِيَّةٍ وَ لَا تُخَاطِرَ إِلَّا بِوَثِيقَةٍ وَ فِي يَدَيْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَنْتَ مِنْ خُزَّانِهِ حَتَّى تُسَلِّمَهُ إِلَيَّ وَ لَعَلِّي أَلَّا أَكُونَ شَرَّ وُلَاتِكَ لَكَ وَ السَّلَامُ
قد ذكرنا نسب أشعث بن قيس فيما تقدم. و أذربيجان اسم أعجمي غير مصروف الألف مقصورة و الذال ساكنة قال حبيب
و أذربيجان احتيال بعد ما كانت معرس عبرة و نكال
و قال الشماخ
تذكرتها وهنا و قد حال دونها قرى أذربيجان المسالح و الجال(15/24)
و النسبة إليه أذري بسكون الذال هكذا القياس و لكن المروي عن أبي بكر في الكلام الذي قاله عند موته و لتألمن النوم على الصوف الأذري بفتح الذال. و الطعمة بضم الطاء المهملة المأكلة و يقال فلان خبيث الطعمة أي ردي ء الكسب. و الطعمة بالكسر لهيئة التطعم يقول إن عمل لم يسوغه الشرع و الوالي من قبلي إياه شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 34و لا جعله لك أكلا و لكنه أمانة في يدك و عنقك للمسلمين و فوقك سلطان أنت له رعية فليس لك أن تفتات في الرعية الذين تحت يدك يقال افتات فلان على فلان إذا فعل بغير إذنه ما سبيله أن يستأذنه فيه أصله من الفوت و هو السبق كأنه سبقه إلى ذلك الأمر و قوله و لا تخاطر إلا بوثيقة أي لا تقدم على أمر مخوف فيما يتعلق بالمال الذي تتولاه إلا بعد أن تتوثق لنفسك يقال أخذ فلان بالوثيقة في أمره أي احتاط ثم قال له و لعلي لا أكون شر ولاتك و هو كلام يطيب به نفسه و يسكن به جأشه لأن في أول الكلام إيحاشا له إذ كانت ألفاظه تدل على أنه لم يره أمينا على المال فاستدرك ذلك بالكلمة الأخيرة أي ربما تحمد خلافتي و ولايتي عليك و تصادف مني إحسانا إليك أي عسى ألا يكون شكرك لعثمان و من قبله أكثر من شكرك لي و هذا من باب وعدك الخفي و تسميه العرب الملث. و أول هذا الكتاب
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الأشعث بن قيس أما بعد فلو لا هنات و هنات كانت منك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس و لعل أمرا كان يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله عز و جل و قد كان من بيعة الناس إياي ما قد علمت و كان من أمر طلحة و الزبير ما قد بلغك فخرجت إليهما فأبلغت في الدعاء و أحسنت في البقية و إن عملك ليس لك بطعمة
إلى آخر الكلام و هذا الكتاب كتبه إلى الأشعث بن قيس بعد انقضاء الجمل(15/25)
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 635- و من كتاب له ع إلى معاويةإِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَ سَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتَّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى وَ لَعَمْرِي يَا مُعَاوِيَةُ لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ لَتَعْلَمَنَّ أَنِّي كُنْتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّى فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ السَّلَامُ
قد تقدم ذكر هذا الكلام في أثناء اقتصاص مراسلة أمير المؤمنين ع معاوية بجرير بن عبد الله البجلي و قد ذكره أرباب السيرة كلهم و أورده شيوخنا المتكلمون في كتبهم احتجاجا على صحة الاختيار و كونه طريقا إلى الإمامة و أول الكتاب
أما بعد فإن بيعتي بالمدينة لزمتك و أنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا(15/26)
إلى آخر الفصل. شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 36و المشهور المروي فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة أي رغبة عن ذلك الإمام الذي وقع الاختيار له. و المروي بعد قوله ولاه الله بعد ما تولىو أصلاه جهنم و ساءت مصيرا و إن طلحة و الزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي فكان نقضهما كردتهما فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق و ظهر أمر الله و هم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون فإن أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تتعرض للبلاء فإن تعرضت له قاتلتك و استعنت بالله عليك و قد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل الناس فيه ثم حاكم القوم إلي أحملك و إياهم على كتاب الله فأما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن و لعمري يا معاوية إن نظرت بعقلك(15/27)
إلى آخر الكلام. و بعده و اعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة و لا تعترض بهم الشورى و قد أرسلت إليك جرير بن عبد الله البجلي و هو من أهل الإيمان و الهجرة فبايع و لا قوة إلا بالله. و اعلم أن هذا الفصل دال بصريحه على كون الاختيار طريقا إلى الإمامة كما يذكره أصحابنا المتكلمون لأنه احتج على معاوية ببيعة أهل الحل و العقد له و لم يراع في ذلك إجماع المسلمين كلهم و قياسه على بيعة أهل الحل و العقد لأبي بكر فإنه ما روعي فيها إجماع المسلمين لأن سعد بن عبادة لم يبايع و لا أحد من أهل بيته و ولده و لأن عليا و بني هاشم و من انضوى إليهم لم يبايعوا في مبدإ الأمر و امتنعوا و لم يتوقف المسلمون في تصحيح إمامة أبي بكر و تنفيذ أحكامه على بيعتهم و هذا دليل على صحة الاختيار و كونه طريقا إلى الإمامة و أنه لا يقدح في إمامته ع امتناع معاوية من البيعة و أهل الشام فأما الإمامية فتحمل هذا الكتاب منه ع على التقية و تقول إنه ما كان يمكنه شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 37أن يصرح لمعاوية في مكتوبه بباطن الحال و يقول له أنا منصوص علي من رسول الله ص و معهود إلى المسلمين أن أكون خليفة فيهم بلا فصل فيكون في ذلك طعن على الأئمة المتقدمين و تفسحاله مع الذين بايعوه من أهل المدينة و هذا القول من الإمامية دعوى لو عضدها دليل لوجب أن يقال بها و يصار إليها و لكن لا دليل لهم على ما يذهبون إليه من الأصول التي تسوقهم إلى حمل هذا الكلام على التقية. فأما قوله ع و قد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم حاكم القوم إلي أحملك و إياهم على كتاب الله فيجب أن يذكر في شرحه ما يقول المتكلمون في هذه الواقعة قال أصحابنا المعتزلة رحمهم الله هذا الكلام حق و صواب لأن أولياء الدم يجب أن يبايعوا الإمام و يدخلوا تحت طاعته ثم يرفعوا خصومهم إليه فإن حكم بالحق استديمت إمامته و إن حاد عن الحق انقضت خلافته و أولياء عثمان الذين(15/28)