عذرنا الرجال بحرب الرجال فما للنساء و ما للسباب أ ما حسبنا ما أتينا به لك الخير من هتك ذاك الحجاب و مخرجها اليوم من بيتها يعرفها الذنب نبح الكلاب إلى أن أتانا كتاب لها مشوم فيا قبح ذاك الكتقال فحدثنا الكلبي عن أبي صالح أن عليا ع لما نزل ذا قار في قلة من عسكره صعد الزبير منبر البصرة فقال أ لا ألف فارس أسير بهم إلى علي فأبيته بياتا و أصبحه صباحا قبل أن يأتيه المدد فلم يجبه أحد فنزل واجما و قال هذه و الله الفتنة التي كنا نحدث بها فقال له بعض مواليه رحمك الله يا أبا عبد الله تسميها فتنة ثم نقاتل فيها فقال ويحك و الله إنا لنبصر ثم لا نصبر فاسترجع المولى ثم خرج في الليل فارا إلى علي ع فأخبره فقال اللهم عليك به. قال أبو مخنف و لما فرغ الحسن بن علي ع من خطبته قام بعده عمار فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أيها الناس أخو نبيكم و ابن عمه يستنفركم لنصر دين الله و قد بلاكم الله بحق دينكم و حرمة أمكم فحق دينكم أوجب و حرمته أعظم أيها الناس عليكم بإمام لا يؤدب و فقيه لا يعلم و صاحب بأس لا ينكل و ذي سابقة في الإسلام ليست لأحد و إنكم لو قد حضرتموه بين لكم أمركم إن شاء الله. قال فلما سمع أبو موسى خطبة الحسن و عمار قام فصعد المنبر و قال الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد فجمعنا بعد الفرقة و جعلنا إخوانا متحابين بعد العداوة و حرم علينا دماءنا و أموالنا قال الله سبحانه وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 15و قال تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها فاتقوا الله عباد الله و ضعوا أسلحتكم و كفوا عن قتال إخوانكم. أما بعد يا أهل الكوفة إن تطيعوا الله باديا و تطيعوني ثانيا تكونوارثومة من جراثيم العرب يأوي إليكم المضطر و يأمن فيكم الخائف إن عليا إنما يستنفركم لجهاد أمكم عائشة و طلحة و الزبير حواري رسول الله و(15/9)


من معهم من المسلمين و أنا أعلم بهذه الفتن أنها إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت أسفرت إني أخاف عليكم أن يلتقي غاران منكم فيقتتلا ثم يتركا كالأحلاس الملقاة بنجوة من الأرض ثم يبقى رجرجة من الناس لا يأمرون بالمعروف و لا ينهون عن منكر إنها قد جاءتكم فتنة كافرة لا يدرى من أين تؤتى تترك الحليم حيران كأني أسمع رسول الله ص بالأمس يذكر الفتن فيقول أنت فيها نائما خير منك قاعدا و أنت فيها جالسا خير منك قائما و أنت فيها قائما خير منك ساعيا فثلموا سيوفكم و قصفوا رماحكم و انصلوا سهامكم و قطعوا أوتاركم و خلوا قريشا ترتق فتقها و ترأب صدعها فإن فعلت فلأنفسها ما فعلت و إن أبت فعلى أنفسها ما جنت سمنها في أديمها استنصحوني و لا تستغشوني و أطيعوني و لا تعصوني يتبين لكم رشدكم و يصلى هذه الفتنة من جناها فقام إليه عمار بن ياسر فقال أنت سمعت رسول الله ص يقول ذلك قال نعم هذه يدي بما قلت فقال إن كنت صادقا فإنما عناك بذلك وحدك و اتخذ عليك الحجة فالزم بيتك و لا تدخلن في الفتنة أما إني أشهد أن رسول الله ص أمر عليا بقتال الناكثين و سمى له فيهم من سمى و أمره بقتال القاسطين و إن شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون أن رسول الله ص شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 16إنما نهاك وحدك و حذرك من الدخول في الفتنة ثم قال له أعطني يدك على ما سمعت فمد إليه يده فقال له عمار غلب الله من غالبه و جده ثم جذبه فنزل عن المنبر. و روى محمد بن جرير الطبري في التاريخ قال لما أتى عليا ع الخبر و هو بالمدينة بأمر عائشة و طلحة و الزبير و أنهم قد توجهوا نحو العراق خرج يبادر و هو يرجو أن يدركهم و يردهم فلما انتهى إلى الربذة أتاه عنهم أنهم قد أمعنوا فأقام بالربذة أياما و أتاه عنهم أنهم يريدون البصرة فسر بذلك و قال إن أهل الكوفة أشد لي حبا و فيهم رؤساء العرب و أعلامهم فكتب إليهم إني قد اخترتكم على الأمصار و إني بالأثر.(15/10)


قال أبو جعفر محمد بن جرير رحمه الله كتب علي ع من الربذة إلى أهل الكوفة أما بعد فإني قد اخترتكم و آثرت النزول بين أظهركم لما أعرف من مودتكم و حبكم لله و رسوله فمن جاءني و نصرني فقد أجاب الحق و قضى الذي عليه
قال أبو جعفر فأول من بعثه علي ع من الربذة إلى الكوفة محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر فجاء أهل الكوفة إلى أبي موسى و هو الأمير عليهم ليستشيروه في الخروج إلى علي بن أبي طالب ع فقال لهم أما سبيل الآخرة فأن تقعدوا و أما سبيل الدنيا فأن تخرجوا. و بلغ المحمدين قول أبي موسى الأشعري فأتياه و أغلظا له فأغلظ لهما و قال شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 17لا يحل لك القتال مع علي حتى لا يبقى أحد من قتلة عثمان إلا قتل حيث كان و قالت أخت علي بن عدي من بني عبد العزى بن عبد شمس و كان أخوها علي بن عدي من شيعة علي ع و في جملة عسكر
لا هم فاعقر بعلي جمله و لا تبارك في بعير حمله ألا علي بن عدي ليس لهقال أبو جعفر ثم أجمع علي ع على المسير من الربذة إلى البصرة فقام إليه رفاعة بن رافع فقال يا أمير المؤمنين أي شي ء تريد و أين تذهب بنا قال أما الذي نريد و ننوي فإصلاح إن قبلوا منا و أجابوا إليه قال فإن لم يقبلوا قال ندعوهم و نعطيهم من الحق ما نرجو أن يرضوا ه قال فإن لم يرضوا قال ندعهم ما تركونا قال فإن لم يتركونا قال نمتنع منهم قال فنعم إذا. و قام الحجاج بن غزية الأنصاري فقال و الله يا أمير المؤمنين لأرضينك بالفعل كما أرضيتني منذ اليوم بالقول ثم قال(15/11)


دراكها دراكها قبل الفوت و انفر بنا و اسم بنا نحو الصوت لا وألت نفسي إن خفت الموتو لله لننصرن الله عز و جل كما سمانا أنصارا. قال أبو جعفر رحمه الله و سار علي ع نحو البصرة و رأيته مع ابنه محمد بن الحنفية و على ميمنته عبد الله بن عباس و على ميسرته عمر بن أبي سلمة و علي ع في القلب على ناقة حمراء يقود فرسا كميتا فتلقاه بفيد غلام من شرح نه البلاغة ج : 14 ص : 18بني سعد بن ثعلبة يدعى مرة فقال من هؤلاء قيل هذا أمير المؤمنين فقال سفرة قانية فيها دماء من نفوس فانية فسمعها علي ع فدعاه فقال ما اسمك قال مرة قال أمر الله عيشك أ كاهن سائر اليوم قال بل عائف فخلى سبيله و نزل بفيد فأتته أسد و طيئ فعرضو عليه أنفسهم فقال الزموا قراركم ففي المهاجرين كفاية. و قدم رجل من الكوفة فيدا فأتى عليا ع فقال له من الرجل قال عامر بن مطرف قال الليثي قال الشيباني قال أخبرني عما وراءك قال إن أردت الصلح فأبو موسى صاحبك و إن أردت القتال فأبو موسى ليس لك بصاحب فقال ع ما أريد إلا الصلح إلا أن يرد علينا
قال أبو جعفر و قدم عليه عثمان بن حنيف و قد نتف طلحة و الزبير شعر رأسه و لحيته و حاجبيه فقال يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية و جئتك أمرد فقال أصبت خيرا و أجرا ثم قال أيها الناس إن طلحة و الزبير بايعاني ثم نكثاني بيعتي و ألبا علي الناس و من العجب انقيادهما لأبي بكر و عمر و خلافهما علي و الله إنهما ليعلمان أني لست بدونهما اللهم فاحلل ما عقدا و لا تبرم ما قد أحكما في أنفسهما و أرهما المساءة فيما قد عملا(15/12)


قال أبو جعفر و عاد محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر إلى علي ع فلقياه و قد انتهى إلى ذي قار فأخبراه الخبر فقال علي ع لعبد الله بن العباس اذهب أنت إلى الكوفة فادع أبا موسى إلى الطاعة و حذره من العصيان و الخلاف و استنفر الناس فذهب عبد الله بن عباس حتى قدم الكوفة فلقي أبا موسى و اجتمع الرؤساء من أهل الكوفة فقام أبو موسى فخطبهم و قال إن أصحاب رسول الله ص صحبوه في مواطن كثيرة فهم أعلم بالله ممن لم يصحبه و إن لكم علي حقا شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 19و أنا مؤديه إليكم أمر ألا تستخفوا بسلطان الله و ألا تجترءوا على اه أن تأخذوا كل من قدم عليكم من أهل المدينة في هذا الأمر فتردوه إلى المدينة حتى تجتمع الأمة على إمام ترتضي به إنها فتنة صماء النائم فيها خير من اليقظان و اليقظان خير من القاعد و القاعد خير من القائم و القائم خير من الراكب فكونوا جرثومة من جراثيم العرب أغمدوا سيوفكم و أنصلوا أسنتكم و اقطعوا أوتار قسيكم حتى يلتئم هذا الأمر و تنجلي هذه الفتنة. قال أبو جعفر رحمه الله فرجع ابن عباس إلى علي ع فأخبره فدعا الحسن ابنه ع و عمار بن ياسر و أرسلهما إلى الكوفة فلما قدماها كان أول من أتاهما مسروق بن الأجدع فسلم عليهما و أقبل على عمار فقال يا أبا اليقظان علام قتلتم أمير المؤمنين قال على شتم أعراضنا و ضرب أبشارنا قال فو الله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لكان خيرا للصابرين ثم خرج أبو موسى فلقي الحسن ع فضمه إليه و قال لعمار يا أبا اليقظان أ غدوت فيمن غدا على أمير المؤمنين و أحللت نفسك مع الفجار قال لم أفعل و لم تسوءني فقطع عليهما الحسن و قال لأبي موسى يا أبا موسى لم تثبط الناس عنا فو الله ما أردنا إلا الإصلاح و ما مثل أمير المؤمنين يخاف على شي ء قال أبو موسى صدقت بأبي و أمي و لكن المستشار مؤتمن سمعت رسول الله ص يقول تكون فتنة و ذكر تمام الحديث فغضب عمار و ساءه ذلك و قال أيها الناس(15/13)

134 / 147
ع
En
A+
A-