فهذا قول ابن عباس في سبق علي ع إلى الإسلام و هو أثبت من حديث الشعبي و أشهر على أنه قد روي عن الشعبي خلاف ذلك من حديث
أبي بكر الهذلي و داود بن أبي هند عن الشعبي قال قال رسول الله ص لعلي ع هذا أول من آمن بي و صدقني و صلى معي
قال فأما الأخبار الواردة بسبقه إلى الإسلام المذكورة في الكتب الصحاح و الأسانيد الموثوق بها فمنها ما روى شريك بن عبد الله عن سليمان بن المغيرة عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود أنه قال أول شي ء علمته من أمر رسول الله ص أني قدمت مكة مع عمومة لي و ناس من قوي و كان من أنفسنا شراء عطر فأرشدنا إلى العباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه و هو جالس إلى زمزم فبينا نحن عنده جلوسا إذ أقبل رجل من باب الصفا و عليه ثوبان أبيضان و له وفرة إلى أنصاف أذنيه جعدة أشم أقنى أدعج العينين كث اللحية براق الثنايا أبيض تعلوه حمرة كأنه القمر ليلة البدر و على يمينه غلام مراهق أو محتلم حسن الوجه تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها حتى قصدوا نحو الحجر فاستلمه و استلمه الغلام ثم استلمته المرأة ثم طاف بالبيت سبعا و الغلام و المرأة يطوفان معه ثم استقبل الحجر شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 226فقام و رفع يديه و كبر و قام الغلام إلى جانبه و قامت المرأة خلفها فرفعت يديها و كبرت فأطال القنوت ثم ركع و ركع الغلام و المرأة ثم رفع رأسه فأطال و رفع الغلام و المرأة معه يصنعان مثل ما يصنع فلما رأينا شيئا ننكره لا نعرفه بمكأقبلنا على العباس فقلنا يا أبا الفضل إن هذا الدين ما كنا نعرفه فيكم قال أجل و الله قلنا فمن هذا قال هذا ابن أخي هذا محمد بن عبد الله و هذا الغلام ابن أخي أيضا هذا علي بن أبي طالب و هذه المرأة زوجة محمد هذه خديجة بنت خويلد و الله ما على وجه الأرض أحد يدين بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة و من حديث موسى بن داود عن خالد بن نافع عن عفيف بن قيس الكندي و قد رواه عن عفيف أيضا مالك بن إسماعيل النهدي و(14/256)


الحسن بن عنبسة الوراق و إبراهيم بن محمد بن ميمونة قالوا جميعا حدثنا سعيد بن جشم عن أسد بن عبد الله البجلي عن يحيى بن عفيف بن قيس عن أبيه قال كنت في الجاهلية عطارا فقدمت مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب فبينا أنا جالس عنده أنظر إلى الكعبة و قد تحلقت الشمس في السماء أقبل شاب كان في وجهه القمر حتى رمى ببصره إلى السماء فنظر إلى الشمس ساعة ثم أقبل حتى دنا من الكعبة فصف قدميه يصلي فخرج على أثره فتى كأن وجهه صفيحة يمانية فقام عن يمينه فجاءت امرأة متلففة في ثيابها فقامت خلفهما فأهوى الشاب راكعا فركعا معه ثم أهوى إلى الأرض ساجدا فسجدا معه فقلت للعباس يا أبا الفضل أمر عظيم فقال أمر و الله عظيم أ تدري من هذا الشاب قلت لا قال هذا ابن أخي هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أ تدري من هذا الفتى قلت لا قال هذا ابن أخي علي بن أبي طالب بن عبد المطلب أ تدري من المرأة قلت لا قال هذه ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى هذه خديجة زوج محمد هذا و إن محمدا هذا يذكر أن إلهه إله السماء و الأرض و أمره بهذا الدين فهو عليه كما ترى شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 227و يزعم أنه نبي و قد صدقه على قوله علي ابن عمه هذا الفتى و زوجته خديجة هذه المرأة و الله ما أعلم على وجه الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة قال عفيف فقلت له فما تقولون أنتم قال ننتظر الشيما يصنع يعني أبا طالب أخاه. و(14/257)


روى عبد الله بن موسى و الفضل بن دكين و الحسن بن عطية قالوا حدثنا خالد بن طهمان عن نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار قال كنت أوصى النبي ص فقال لي هل لك أن نعود فاطمة قلت نعم يا رسول الله فقام يمشي متوكئا علي و قال أما إنه سيحمل ثقلها غيرك و يكون أجرها لك قال فو الله كأنه لم يكن علي من ثقل النبي ص شي ء فدخلنا على فاطمة ع فقال لها ص كيف تجدينك قالت لقد طال أسفي و اشتد حزني و قال لي النساء زوجك أبوك فقيرا لا مال له فقال لها أ ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما و أكثرهم علما و أفضلهم حلما قالت بلى رضيت يا رسول اله و قد روى هذا الخبر يحيى بن عبد الحميد و عبد السلام بن صالح عن قيس بن الربيع عن أبي أيوب الأنصاري بألفاظه أو نحوها
و روى عبد السلام بن صالح عن إسحاق الأزرق عن جعفر بن محمد عن آبائه أن رسول الله ص لما زوج فاطمة دخل النساء عليها فقلن يا بنت رسول الله خطبك فلان و فلان فردهم عنك و زوجك فقيرا لا مال له فلما دخل عليها أبوها ص رأى ذلك في وجهها فسألها فذكرت له ذلك فقال يا فاطمة إن الله أمرني فأنكحتك أقدمهم سلما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما و ما زوجتك إلا بأمر من السماء أ ما علمت أنه أخي في الدنيا و الآخرة
شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 228و روى عثمان بن سعيد عن الحكم بن ظهير عن السدي أن أبا بكر و عمر خطبا فاطمة ع فردهما رسول الله ص و قال لم أومر بذلك فخطبها علي ع فزوجه إياها و قال لها زوجتك أقدم الأمة إسلاماو ذكر تمام الحديث قال و قد روى هذا الخبر جماعة من الصحابة منهم أسماء بنت عميس و أم أيمن و ابن عباس و جابر بن عبد الله.(14/258)


قال و قد روى محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال أتيت أبا ذر بالربذة أودعه فلما أردت الانصراف قال لي و لأناس معي ستكون فتنة فاتقوا الله و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه فإني سمعت رسول الله ص يقول له أنت أول من آمن بي و أول من يصافحني يوم القيامة و أنت الصديق الأكبر و أنت الفاروق الذي يفرق بين الحق و الباطل و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي تقضي ديني و تنجز موعدي
قال و قد روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير عن العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي قال سمعت علي بن أبي طالب يقول أنا عبد الله و أخو رسوله و أنا الصديق الأكبر لا يقولها غيري إلا كذاب و لقد صليت قبل الناس سبع سنين
و روت معاذة بنت عبد الله العدوية قالت سمعت عليا ع يخطب على منبر البصرة و يقول أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر و أسلمت قبل أن يسلم
و روى حبة بن جوين العرني أنه سمع عليا ع يقول أنا أول رجل أسلم شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 229مع رسول الله صرواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن حبة بن جوين و
روى عثمان بن سعيد الخراز عن علي بن حرار عن علي بن عامر عن أبي الحجاف عن حكيم مولى زاذان قال سمعت عليا ع يقول صليت قبل الناس سبع سنين و كنا نسجد و لا نركع و أول صلاة ركعنا فيها صلاة العصر فقلت يا رسول الله ما هذا قال أمرت به
و روى إسماعيل بن عمرو عن قيس بن الربيع عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال صلى رسول الله ص يوم الإثنين و صلى علي يوم الثلاثاء بعده
و في الرواية الأخرى عن أنس بن مالك استنبئ النبي ص يوم الإثنين و أسلم علي يوم الثلاثاء بعده(14/259)


و روى أبو رافع أن رسول الله ص صلى أول صلاة صلاها غداة الإثنين و صلت خديجة آخر نهار يومها ذلك و صلى علي ع يوم الثلاثاء غدا ذلك اليوم
قال و قد روي بروايات مختلفة كثيرة متعددة عن زيد بن أرقم و سلمان الفارسي و جابر بن عبد الله و أنس بن مالك أن عليا ع أول من أسلم و ذكر الروايات و الرجال بأسمائهم و
روى سلمة بن كهيل عن رجاله الذين ذكرهم أبو جعفر في الكتاب أن رسول الله ص قال أولكم ورودا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب
و روى ياسين بن محمد بن أيمن عن أبي حازم مولى ابن عباس عن ابن عباس شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 230قال سمعت عمر بن الخطاب و هو يقول كفوا عن علي بن أبي طالب فإني سمعت من رسول الله ص يقول فيه خصالا لو أن خصلة منها في جميع آل الخطاب كان أحب لي مما طلعت عليه الس كنت ذات يوم و أبو بكر و عثمان و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبيدة مع نفر من أصحاب رسول الله ص نطلبه فانتهينا إلى باب أم سلمة فوجدنا عليا متكئا على نجاف الباب فقلنا أردنا رسول الله ص فقال هو في البيت رويدكم فخرج رسول الله ص فسرنا حوله فاتكأ على علي ع و ضرب بيده على منكبه فقال أبشر يا علي بن أبي طالب إنك مخاصم و إنك تخصم الناس بسبع لا يجاريك أحد في واحدة منهن أنت أول الناس إسلاما و أعلمهم بأيام الله
و ذكر الحديث. قال و قد روى أبو سعيد الخدري عن النبي ص مثل هذا الحديث. قال
روى أبو أيوب الأنصاري عن رسول الله ص أنه قال لقد صلت الملائكة علي و على علي ع سبع سنين و ذلك أنه لم يصل معي رجل فيها غيره
قال أبو جعفر فأما ما رواه الجاحظ من
قوله ص إنما تبعني حر و عبد(14/260)

115 / 147
ع
En
A+
A-