كانت المثوبة أي الثواب. و أجزل أكثر و الجزيل العظيم و عطاء جزل و جزيل و الجمع جزال و قد أجزلت له من العطاء أي أكثرت. و جعله للناس قياما أي عمادا و فلان قيام أهله أي يقيم شئونهم و منه قوله تعالى وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً. و أوعر بقاع الأرض حجرا أي أصعبها و مكان وعر بالتسكين صعب المسلك أو المقام. شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 158و أقل نتائق الدنيا مدرا أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق أي كثيرة الحبل و الولادة و يقال ضيعة منتاق أي كثيرة الريع فجعل ع الضياع ات المدر التي تثار للحرث نتائق و قال إن مكة أقلها صلاحا للزرع لأن أرضها حجرية. و القطر الجانب و رمال دمثة سهلة و كلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن أن ينبت. و عيون وشلة أي قليلة الماء و الوشل بفتح الشين الماء القليل و يقال وشل الماء وشلانا أي قطر. قوله لا يزكو بها خف أي لا تزيد الإبل فيها أي لا تسمن و الخف هاهنا هو الإبل و الحافر الخيل و الحمير و الظلف الشاة أي ليس حولها مرعى يرعاه الغنم فتسمن. و أن يثنوا أعطافهم نحوه أي يقصدوه و يحجوه و عطفا الرجل جانباه. و صار مثابة أي يثاب إليه و يرجع نحوه مرة بعد أخرى و هذه من ألفاظ الكتاب العزيز. قوله ع لمنتجع أسفارهم أي لنجعتها و النجعة طلب الكلأ في الأصل ثم سمي كل من قصد أمرا يروم النفع منه منتجعا. قوله و غاية لملقى رحالهم أي صار البيت هو الغاية التي هي الغرض و المقصد و عنده تلقى الرحال أي تحط رحال الإبل عن ظهورها و يبطل السفر لأنهم قد انتهوا إلى الغاية المقصودة. شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 159قوله تهوي إليه ثمار الأفئدة ثمرة الفؤاد هو سويداء القلب و منه قولهم للولد هو ثمرة الفؤاد و معنى تهوي إليه أي تتشوقه و تحن نحوه. و المفاوز هي جمع مفازة الفلاة سميت مفازة إما لأنها مكة من قولهم فوز الرجل أي هلك و أما تفاؤلا بالسلامة و الفوز و(14/191)


الرواية المشهورة من مفاوز قفار بالإضافة و قد روى قوم من مفاوز بفتح الزاء لأنه لا ينصرف و لم يضيفوا جعلوا قفار صفة. و السحيقة البعيدة. و المهاوي المساقط. و الفجاج جمع فج و هو الطريق بين الجبلين. قوله ع حتى يهزوا مناكبهم أي يحركهم الشوق نحوه إلى أن يسافروا إليه فكنى عن السفر بهز المناكب. و ذللا حال إما منهم و إما من المناكب و واحد المناكب منكب بكسر الكاف و هو مجمع عظم العضد و الكتف. قوله و يهللون يقولون لا إله إلا الله و روي يهلون لله أي يرفعون أصواتهم بالتلبية و نحوها. و يرملون الرمل السعي فوق المشي قليلا. شعثا غبرا لا يتعهدون شعورهم و لا ثيابهم و لا أبدانهم قد نبذوا السرابيل و رموا ثيابهم و قمصانهم المخيطة. و شوهوا بإعفاء الشعور أي غيروا و قبحوا محاسن صورهم بأن أعفوا شعورهم فلم يحلقوا ما فضل منها و سقط على الوجه و نبت في غيره من الأعضاء التي جرت العادة بإزالتها عنها.(14/192)


شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 160و التمحيص التطهير من محصت الذهب بالنار إذا صفيته مما يشوبه و التمحيص أيضا الامتحان و الاختبار و المشاعر معالم النسك. قوله و سهل و قرار أي في مكان سهل يستقر فيه الناس و لا ينالهم من المقام به مشقة. و جم الأشجار كثيرها و دانيلثمار قريبها. و ملتف البنى مشتبك العمارة. و البرة الواحدة من البر و هو الحنطة. و الأرياف جمع ريف و هو الخصب و المرعى في الأصل و هو هاهنا السواد و المزارع و محدقة محيطة و مغدقة غزيرة و الغدق الماء الكثير. و ناضرة ذات نضارة و رونق و حسن. قوله و لو كانت الإساس يقول لو كانت إساس البيت التي حمل البيت عليها و أحجاره التي رفع بها من زمردة و ياقوتة فالمحمول و المرفوع كلاهما مرفوعان لأنهما صفة اسم كان و الخبر من زمردة و روي بين زمردة و يجوز أن تحمل لفظتا المفعول و هما المحمول و المرفوع ضمير البيت فيكون قائما مقام اسم الفاعل و يكون موضع الجار و المجرور نصبا و يجوز ألا تحملهما ذلك الضمير و يجعل الجار و المجرور هو الساد مسد الفاعل فيكون موضعه رفعا. و روي مضارعة الشك بالضاد المعجمة و معناه مقارنة الشك و دنوه من النفس و أصله من مضارعة القدر إذا حان إدراكها و من مضارعة الشمس إذا دنت للمغيب. و قال الراوندي في تفسير هذه الكلمة من مضارعة الشك أي مماثلته و مشابهته و هذا بعيد لأنه لا معنى للمماثلة و المشابهة هاهنا و الرواية الصحيحة بالصاد المهملة. قوله ع و لنفى متعلج الريب أي اعتلاجه أي و لنفى اضطراب الشك في القلوب و روي يستعبدهم و يتعبدهم و الثانية أحسن. شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 161و المجاهد جمع مجهدة و هي المشقة. و أبوابا فتحا أي مفتوحة و أسبابا ذللا أي سهلة. و اعلم أن محصول هذا الفصل أنه كلما كانت العبادة أشق كان الثواب عليها أعظم و لو أن الله تعالى جعل العبادات سهلة على اكلفين لما استحقوا عليها من الثواب إلا قدرا يسيرا بحسب ما يكون فيها(14/193)


من المشقة اليسيرة. فإن قلت فهل كان البيت الحرام موجودا أيام آدم ع ثم أمر آدم و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه قلت نعم هكذا روى أرباب السير و أصحاب التواريخ
روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه عن ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى آدم لما أهبطه إلى الأرض أن لي حرما حيال عرشي فانطلق فابن لي بيتا فيه ثم طف به كما رأيت ملائكتي تحف بعرشي فهنالك أستجيب دعاءك و دعاء من يحف به من ذريتك فقال آدم إني لست أقوى على بنائه و لا أهتدي إليه فقيض الله تعالى له ملكا فانطلق به نحو مكة و كان آدم في طريقه كلما رأى روضة أو مكانا يعجبه سأل الملك أن ينزل به هناك ليبني فيه فيقول الملك إنه ليس هاهنا حتى أقدمه مكة فبنى البيت من خمسة جبال طور سيناء و طور زيتون و لبنان و الجودي و بنى قواعده من حراء فلما فرغ خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك كلها التي يفعلها الناس اليوم ثم قدم به مكة و طاف بالبيت أسبوعا ثم رجع إلى أرض الهند فمات
و روى الطبري في التاريخ أن آدم حج من أرض الهند إلى الكعبة أربعين حجة على رجليه. شرح نهج البلاغة ج : 13 ص : 162و قد روي أن الكعبة أنزلت من السماء و هي ياقوتة أو لؤلؤة على اختلاف الروايات و أنها بقيت على تلك الصورة إلى أن فسدت الأرض بالمعاصي أيام نوح و جاء الطوفان فرفع البيت و بنى إبراهيم هذه البنية على قواعده القديمة(14/194)


و روى أبو جعفر عن وهب بن منبه أن آدم دعا ربه فقال يا رب أ ما لأرضك هذه عامر يسبحك و يقدسك فيها غيري فقال الله إني سأجعل فيها من ولدك من يسبح بحمدي و يقدسني و سأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري يسبحني فيها خلقي و يذكر فيها اسمي و سأجعل من تلك البيوت بيتا أختصه بكرامتي و أوثره باسمي فأسميه بيتي و عليه وضعت جلالتي و خصصته بعظمتي و أنا مع ذلك في كل شي ء أجعل ذلك البيت حرما آمنا يحرم بحرمته من حوله و من تحته و من فوقه فمن حرمه بحرمتي استوجب كرامتي و من أخاف أهله فقد أباح حرمتي و استحق سخطي و أجعله بيتا مباركا يأتيه بنك شعثا غبرا على كل ضامر من كل فج عميق يرجون بالتلبية رجيجا و يعجون بالتكبير عجيجا من اعتمده لا يريد غيره و وفد إلي و زارني و استضاف بي أسعفته بحاجته و حق على الكريم أن يكرم وفده و أضيافه تعمره يا آدم ما دمت حيا ثم تعمره الأمم و القرون و الأنبياء من ولدك أمة بعد أمة و قرنا بعد قرن(14/195)

102 / 147
ع
En
A+
A-