يدل على أن اللفظة أنت تكفني و ليست كما ذكره الرضي رحمه الله أنت تكفيني لكن الرضا طبق هذه اللفظة على ما قبلها و هو قوله أنا أكفيكه و لا شبهة أنها رواية أخرى
فصل في نسب ثقيف و طرف من أخبارهم
و إنما قال له و الشجرة التي لا أصل لها و لا فرع لأن ثقيفا في نسبها طعن فقال قوم من النسابين إنهم من هوازن و هو القول الذي تزعمه الثقفيون قالوا هو ثقيف و اسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر و على هذا القول جمهور الناس. و يزعم آخرون أن ثقيفا من إياد بن نزار بن معد بن عدنان و أن النخع أخوه لأبيه شرح نهج البلاغة ج : 8 ص : 304و أمه ثم افترقا فصار أحدهما في عداد هوازن و الآخر في عداد مذحج بن مالك بن زيد بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. و قد ر أبو العباس المبرد في الكامل لأخت الأشتر مالك بن الحارث النخعي تبكيه
أ بعد الأشتر النخعي نرجو مكاثرة و نقطع بطن وادو نصحب مذحجا بإخاء صدق و أن ننسب فنحن ذرا إيادثقيف عمنا و أبو أبينا و إخوتنا نزار أولو السداد
قال أبو العباس و هجا يحيى بن نوفل و كان هجاء خبيث اللسان العريان بن الهيثم بن الأسود النخعي و قد كان العريان تزوج امرأة اسمها زباد مبني على الكسر و الزاي مفتوحة بعدها باء منقوطة بواحدة و هي من ولد هانئ بن قبيصة الشيباني و كانت قبله تحت الوليد بن عبد الملك بن مروان فطلقها فأنكحها إياه أخ لها يقال له زياد فقال يحيى بن نوفل
أ عريان ما يدري امرؤ سيل عنكم أ من مذحج تدعون أم من إيادفإن قلتم من مذحج إن مذحجا لبيض الوجوه غير جد جعادو أنتم صغار الهام حدل كأنما وجوهكم مطلية بمدادو إن قلتم الحي اليمانون أصلنا و ناصرنا في كل يوم جلادفأطول بأير من معد و نزوة نزت بإياد خلف دار مرادضللتم كما ضلت ثقيف فما لكم و لا لهم بين القبائل هادلعمر بني شيبان إذ ينكحونه زباد لقد ما قصروا بزباد(9/261)
شرح نهج البلاغة ج : 8 ص : 305أ بعد وليد أنكحوا عبد مذحج كمنزية عيرا خلاف جوادو أنكحها لا في كفاء و لا غنى زياد أضل الله سعي زياقال أبو العباس و كان المغيرة بن شعبة و هو والي الكوفة صار إلى دير هند بنت النعمان بن المنذر و هي فيه عمياء مترهبة فاستأذن عليها فقيل لها أمير هذه المدرة بالباب قالت قولوا له من ولد جبلة بن الأيهم أنت قال لا قالت أ فمن ولد المنذر بن ماء السماء أنت قال لا قالت فمن أنت قال أنا المغيرة بن شعبة الثقفي قالت فما حاجتك قال جئت خاطبا قالت لو كنت جئتني لجمال أو حال لأطلبنك و لكن أردت أن تتشرف بي في محافل العرب فتقول نكحت ابنة النعمان بن المنذر و إلا فأي خير في اجتماع أعور و عمياء فبعث إليها كيف كان أمركم قالت سأختصر لك الجواب أمسينا و ليس في الأرض عربي إلا و هو يرهبنا أو يرغب إلينا و أصبحنا و ليس في الأرض عربي إلا و نحن نرهبه و نرغب إليه قال فما كان أبوك يقول في ثقيف قالت أذكر و قد اختصم إليه رجلان منهم أحدهما ينتهي إلى إياد و الآخر إلى هوازن فقضى للإيادي و قال
إن ثقيفا لم تكن هوازنا و لم تناسب عامرا أو مازنا(9/262)
فقال المغيرة أما نحن فمن بكر بن هوازن فليقل أبوك ما شاء ثم انصرف. و قال قوم آخرون إن ثقيفا من بقايا ثمود من العرب القديمة التي بادت و انقرضت. شرح نهج البلاغة ج : 8 ص : 306قال أبو العباس و قد قال الحجاج على المنبر يزعمون أنا من بقايا ثمود فقد كذبهم الله بله وَ ثَمُودَ فَما أَبْقى. و قال مرة أخرى و لئن كنا من بقايا ثمود لما نجا مع صالح إلا خيارهم. و قال الحجاج يوما لأبي العسوس الطائي أي أقدم أ نزول ثقيف الطائف أم نزول طيئ الجبلين فقال له أبو العسوس إن كانت ثقيف من بكر بن هوازن فنزول طيئ الجبلين قبلها و إن كانت من بقايا ثمود فهي أقدم فقال الحجاج اتقني فإني سريع الخطفة للأحمق المتهور فقال أبو العسوس قال أبو العباس و كان أعرابيا قحا إلا أنه لطيف الطبع و كان الحجاج يمازحه
يؤدبني الحجاج تأديب أهله فلو كنت من أولاد يوسف ما عداو إني لأخشى ضربة ثقفية يقد بها ممن عصاه المقلداعلى أنني مما أحاذر آمن إذا قيل يوما قد عصى المرء و اعتدى
و قتل المغيرة بن الأخنس مع عثمان يوم الدار و قد ذكرنا مقتله فيما تقدم
تم الجزء الثامن من شرح نهج البلاغة و يليه الجزء التاسع(9/263)
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 3الجزء التاسع
تتمة الخطب و الأوامرتتمة خطبة 135
ذكر أطراف مما شجر بين علي و عثمان في أثناء خلافته
و اعلم أن هذا الكتاب يستدعي منا أن نذكر أطرافا مما شجر بين أمير المؤمنين ع و عثمان أيام خلافته إذ كان هذا الكلام الذي شرحناه من ذلك النمط و الشي ء يذكر بنظيره و عادتنا في هذا الشرح أن نذكر الشي ء مع ما يناسبه و يقتضي ذكره. قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري كتاب أخبار السقيفة حدثني محمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن زياد بن جبل عن أبي كعب الحارثي و هو ذو الإداوة قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و إنما سمي ذا الإداوة لأنه قال إني خرجت في طلب إبل ضوال فتزودت لبنا في إداوة ثم قلت في نفسي ما أنصفت ربي فأين الوضوء فأرقت اللبن و ملأتها ماء فقلت هذا وضوء و شراب و طفقت أبغي إبلي فلما أردت الوضوء اصطببت من الإداوة ماء فتوضأت ثم أردت الشرب فلما اصطببتها إذا لبن فشربت فمكثت بذلك ثلاثا فقالت شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 4له أسماء النحرانية يا أبا كعب أ حقينا كانم حليبا قال إنك لبطالة كان يعصم من الجوع و يروي من الظمأ أما إني حدثت بهذا نفرا من قومي منهم علي بن الحارث سيد بني قنان فلم يصدقني و قال ما أظن الذي تقول كما قلت فقلت الله أعلم بذلك و رجعت إلى منزلي فبت ليلتي تلك فإذا به صلاة الصبح على بابي فخرجت إليه فقلت رحمك الله لم تعنيت ألا أرسلت إلي فآتيك فإني لأحق بذلك منك قال ما نمت الليلة إلا أتاني آت فقال أنت الذي تكذب من يحدث بما أنعم الله عليه قال أبو كعب ثم خرجت حتى أتيت المدينة فأتيت عثمان بن عفان و هو الخليفة يومئذ فسألته عن شي ء من أمر ديني و قلت يا أمير الؤمنين إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث بن كعب و إني أريد أن أسألك فأمر حاجبك ألا يحجبني فقال يا وثاب إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له قال فكنت إذا جئت فقرعت الباب قال من ذا فقلت الحارثي فيقول ادخل(10/1)
فدخلت يوما فإذا عثمان جالس و حوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رءوسهم الطير فسلمت ثم جلست فلم أسأله عن شي ء لما رأيت من حالهم و حاله فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر فقالوا إنه أبى أن يجي ء قال فغضب و قال أبى أن يجي ء اذهبوا فجيئوا به فإن أبى فجروه جرا. قال فمكثت قليلا فجاءوا و معهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات و قفاه شعرات فقلت من هذا قالوا عمار بن ياسر فقال له عثمان أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجي ء قال فكلمه بشي ء لم أدر ما هو ثم خرج فما زالوا شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 5ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام فقلت و الله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فحتى أدري ما يصنع فتبعته حتى دخل المسجد فإذا عمار جالس إلى سارية و حوله نفر من أصحاب رسول الله ص يبكون فقال عثمان يا وثاب علي بالشرط فجاءوا فقال فرقوا بين هؤلاء ففرقوا بينهم. ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم فلما كبر قالت امرأة من حجرتها يا أيها الناس ثم تكلمت و ذكرت رسول الله ص و ما بعثه الله به ثم قالت تركتم أمر الله و خالفتم عهده... و نحو هذا ثم صمتت و تكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة و حفصة. قال فسلم عثمان ثم أقبل على الناس و قال إن هاتين لفتانتان يحل لي سبهما و أنا بأصلهما عالم. فقال له سعد بن أبي وقاص أ تقول هذا لحبائب رسول الله ص فقال و فيم أنت و ما هاهنا ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد. فخرج من المسجد فاتبعه عثمان فلقي عليا ع بباب المسجد فقال له ع أين تريد قال أريد هذا الذي كذا و كذا يعني سعدا يشتمه فقال له علي ع أيها الرجل دع عنك هذا قال فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا فقال عثمان أ لست الذي خلفك رسول الله ص له يوم تبوك فقال علي أ لست الفار عن رسول الله ص يوم أحد. قال ثم حجز الناس بينهما قال ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر و نشبوا في الفتنة و ردوا سعيد بن(10/2)