و ربما قلبوا الواو ألفا فقالوا آه من كذا آه على كذا و ربما شددوا الواو و كسروها و سكنوا الهاء فقالوا أوه من كذا و ربما حذفوا الهاء مع التشديد و كسروا الواو فقالوا أو من كذا بلا مد و قد يقولون آوه بالمد و التشديد و فتح الألف و سكون الهاء لتطويل الصوت بالشكاية و ربما أدخلوا فيه الياء تارة يمدونه و تارة لا يمدونه فيقولون أوياه و آوياه و قد أوه الرجل تأويها و تأوه تأوها إذا قال أوه و الاسم منه الآهة بالمد قال المثقب العبدي
إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين
شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 111قوله ع و وثقوا بالقائد فاتبعوه يعني نفسه أي وثقوا بأني على الحق و تيقنوا ذلك فاتبعوني في حرب من حاربت و سلم من سالمت. قوله الجهاد الجهاد منصوب بفعل مقدر. و إني معسكر في يومي أي خارج بالعسكر إلى منزل يكون لهم معسكراذكر سعد بن عبادة و نسبه
و قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي صحابي يكنى أبا عبد الملك روى عن رسول الله ص أحاديث و كان طوالا جدا سبطا شجاعا جوادا و أبوه سعد رئيس الخزرج و هو الذي حاولت الأنصار إقامته في الخلافة بعد رسول الله ص و لم يبايع أبا بكر حين بويع و خرج إلى حوران فمات بها قيل قتلته الجن لأنه بال قائما في الصحراء ليلا و رووا بيتين من شعر قيل إنهما سمعا ليلة قتله و لم ير قائلهما
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادةو رميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده
و يقول قوم إن أمير الشام يومئذ كمن له من رماه ليلا و هو خارج إلى الصحراء بسهمين فقتله لخروجه عن طاعة الإمام و قد قال بعض المتأخرين في ذلك
يقولون سعد شكت الجن قلبه ألا ربما صححت دينك بالغدرو ما ذنب سعد أنه بال قائما و لكن سعدا لم يبايع أبا بكرو قد صبرت من لذة العيش أنفس و ما صبرت عن لذة النهي و الأمر(11/94)
شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 112و كان قيس بن سعد من كبار شيعة أمير المؤمنين ع و قائل بمحبته و ولائه و شهد معه حروبه كلها و كان مع الحسن ع و نقم عليه صلحه معاوية و كان طالبي الرأي مخلصا في اعتقاده و وده و أكد ذلك عنده فوات الأمر أباه و ما نيل يوم السقيفة وعده منه فوجد من ذلك في نفسه و أضمره حتى تمكن من إظهاره في خلافة أمير المؤمنين و كما قيل عدو عدوك صديق لك
ذكر أبي أيوب الأنصاري و نسبه
و أما أبو أيوب الأنصاري فهو خالد بن يزيد بن كعب بن ثعلبة الخزرجي من بني النجار شهد العقبة و بدرا و سائر المشاهد و عليه نزل رسول الله ص لما خرج عن بني عمرو بن عوف حين قدم المدينة مهاجرا من مكة فلم يزل عنده حتى بنى مسجده و مساكنه ثم انتقل إليها و يوم المؤاخاة آخى رسول الله ص بينه و بين مصعب بن عمير. و قال أبو عمر في كتاب الإستيعاب إن أبا أيوب شهد مع علي ع مشاهده كلها و روي ذلك عن الكلبي و ابن إسحاق قالا شهد معه يوم الجمل و صفين و كان مقدمته يوم النهروان(11/95)
قوله تختطفها الذئاب الاختطاف أخذك الشي ء بسرعة و يروى تتخطفها قال تعالى تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ. و يقال إن هذه الخطبة آخر خطبة أمير المؤمنين ع قائما شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 184113- من خطبة له عالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنْصَبَةٍ خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ وَ اسْتَعْبَدَ الْأَرْبَابَ بِعِزَّتِهِ وَ سَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِهِ وَ هُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيَا خَلْقَهُ وَ بَعَثَ إِلَى الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ رُسُلَهُ لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا وَ لِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا وَ لْيَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا وَ لِيُبَصِّرُوهُمْ عُيُوبَهَا وَ لِيَهْجُمُوا عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَاحِّهَا وَ أَسْقَامِهَا وَ حَلَالِهَا وَ حَرَامِهَا وَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ وَ الْعُصَاةِ مِنْ جَنَّةٍ وَ نَارٍ وَ كَرَامَةٍ وَ هَوَانٍ أَحْمَدُهُ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا اسْتَحْمَدَ إِلَى خَلْقِهِ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً وَ لِكُلِّ قَدْرٍ أَجَلً وَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً
المنصبة بالفتح و النصب التعب و الماضي نصب بالكسرة و هم ناصب في قول النابغة
كليني لهم يا أميمة ناصب(11/96)
ذو نصب مثل رجل تامر و لابن و يقال هو فاعل بمعنى مفعول فيه لأنه ينصب شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 114فيه و يتعب كقولهم ليل نائم أي ينام فيه و يوم عاصف أي تعصف فيه الريح و استعبدت فلانا اتخذته عبدا و الضراء الشدة. و معتبر مصدر بمعنى الاعتبار و مصاحها جمع مصحمفعلة من الصحة كمضار جمع مضرة وصفه سبحانه بأنه معروف بالأدلة لا من طريق الرؤية كما تعرف المرئيات و بأنه يخلق الأشياء و لا يتعب كما يتعب الواحد منا فيما يزاوله و يباشر من أفعاله خلق الخلائق بقدرته على خلقهم لا بحركة و اعتماد و أسبغ النعمة عليهم أوسعها و استعبد الذين يدعون في الدنيا أربابا بعزه و قهره. و ساد كل عظيم بسعة جوده و أسكن الدنيا خلقه كما ورد في الكتاب العزيز إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. و بعث رسله إلى الجن و الإنس كما ورد في الكتاب العزيز يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا. قال ليكشفوا لهم عن غطاء الدنيا أي عن عوراتها و عيوبها المستورة و ليخوفوهم من مضرتها و غرورها المفضي إلى عذاب الأبد. و ليضربوا لهم أمثالها كالأمثال الواردة في الكتاب العزيز نحو قوله تعالى إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ... الآية. قوله و ليهجموا عليهم هجمت على الرجل دخلت عليه بغتة يقول ليدخلوا عليهم بما في تصاريف الدنيا من الصحة و السقم و ما أحل و ما حرم على طريق الابتلاء. شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 115ثم قال و ما أعد الله سبحانه للمطيعين منهم و العصاة يجوز أن تكون ما معطوفة على عيوبها فيكون موضعها نصبا و يجوز أن يكون موضعها جرا و يكون من تتمة أقسام ما يعتبر به و الأول أحسن. ثم قال ع إني أحمد الله ك استحمد إلى خلقه استحمد إليهم فعل ما يوجب عليهم حمده. ثم قال إنه(11/97)
سبحانه جعل لكل شي ء من أفعاله قدرا أي فعله مقدرا محدود الغرض اقتضى ذلك القدر و تلك الكيفية كما قال سبحانه وَ كُلُّ شَيْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ. و جعل لكل شي ء مقدر وقتا ينتهي إليه و ينقطع ه و هو الأجل. و لكل أجل كتابا أي رقوما تعرفها الملائكة فتعلم انقضاء عمر من ينقضي عمره و عدم ما ألطافهم في معرفة عدمه
مِنْهَا فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ وَ ارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ أَتَمَّ نُورَهُ وَ أَكْرَمَ بِهِ دِينَهُ وَ قَبَضَ نَبِيَّهُ ص وَ قَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ وَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلَّا وَ جَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً وَ آيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْهُ أَوْ تَدْعُو إِلَيْهِ فَرِضَاهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وَ سَخَطُهُ فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 116وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْ ءٍ سَخِطَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ لَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بيْ ءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ إِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ وَ تَتَكَلِّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ وَ حَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ وَ افْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ لذِّكْرَ وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وَ جَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَ حَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِهِ وَ نَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ وَ تَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ قَدْ وَكَّلَ(11/98)