و العمالقة أولاد لاوذ إرم بن سام بن نوح كان الملك باليمن و الحجاز و ما تاخم ذلك من الأقاليم فمنهم عملاق بن لاوذ بن سام و منهم طسم بن لاوذ أخوه. و منهم جديس بن لاوذ أخوهما و كان العز و الملك بعد عملاق بن لاوذ في طسم فلما ملكهم عملاق بن طسم بغى و أكثر الفساد في الأرض حتى كان يطأ العروس ليلة إهدائها إلى بعلها و إن كانت بكرا افتضها قبل وصولها إلى البعل ففعل ذلك بامرأة من جديس يقال لها غفيرة بنت غفار فخرجت إلى قومها و هي تقول
لا أحد أذل من جديس أ هكذا يفعل بالعروس
فغضب لها أخوها الأسود بن غفار و تابعه قومه على الفتك بعملاق بن طسم و أهل بيته فصنع الأسود طعاما و دعا عملاق الملك إليه ثم وثب به و بطسم فأتى على رؤسائهم و نجا منهم رياح بن مر فصار إلى ذي جيشان بن تبع الحميري ملك اليمن فاستغاث به و استنجده على جديس فسار ذو جيشان في حمير فأتى بلاد جو و هي قصبة اليمامة فاستأصل جديسا كلها و أخرب اليمامة فلم يبق لجديس باقية و لا لطسم إلا اليسير منهم. ثم ملك بعد طسم و جديس وبار بن أميم بن لاوذ بن إرم فسار بولده و أهله فنزل بأرض وبار و هي المعروفة الآن برمل عالج فبغوا في الأرض حينا حتى أفناهم الله شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 94ثم ملك الأرض بعد وبار عبد ضخم بن أثيف بن لاوذ فنزلوا بالطائف حينا ثم بادوانسب عاد و ثمود
و ممن يعد مع العمالقة عاد و ثمود فأما عاد فهو عاد بن عويص بن إرم بن سام بن نوح كان يعبد القمر و يقال إنه رأى من صلبه أولاد أولاد أولاده أربعة آلاف و إنه نكح ألف جارية و كانت بلاده الأحقاف المذكورة في القرآن و هي من شحر عمان إلى حضرموت و من أولاده شداد بن عاد صاحب المدينة المذكورة. و أما ثمود فهو ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح و كانت دياره بين الشام و الحجاز إلى ساحل نهر الحبشة
نسب الفراعنة(11/79)


قوله ع أين الفراعنة و أبناء الفراعنة جمع فرعون و هم ملوك مصر فمنهم الوليد بن الريان فرعون يوسف و منهم الوليد بن مصعب فرعون موسى و منهم فرعون بن الأعرج الذي غزا بني إسرائيل و أخرب بيت المقدس
نسب أصحاب الرس
قوله ع أين أصحاب مدائن الرس قيل إنهم أصحاب شعيب شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 95النبي ص و كانوا عبدة أصنام و لهم مواش و آبار يسقون منها. و الرس بئر عظيمة جدا انخسفت بهم و هم حولها فهلكوا و خسفت بأرضهم كلها و ديارهم و قيل الرس قرية بفلج اليمامة كان بها قوم مبقايا ثمود بغوا فأهلكوا. و قيل قوم من العرب القديمة بين الشام و الحجاز و كانت العنقاء تختطف صبيانهم فتقتلهم فدعوا الله أن ينقذهم منها فبعث إليهم حنظلة بن صفوان فدعاهم إلى الدين على أن يقتل العنقاء فشارطوه على ذلك فدعا عليها فأصابتها الصاعقة فلم يفوا له و قتلوه فأهلكوا. و قيل هم أصحاب الأخدود و الرس هو الأخدود و قيل الرس أرض بأنطاكية قتل فيها حبيب النجار. و قيل بل كذب أهلها نبيهم و رسوه في بئر أي رموه فيها. و قيل إن الرس نهر في إقليم الباب و الأبواب مبدؤه من مدينة طراز و ينتهي إلى نهر الكر فيختلط به حتى يصب في بحر الخزر كان هناك ملوك أولو بأس و قدرة فأهلكهم الله ببغيهم
مِنْهَا قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا وَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ أَدَبِهَا مِنَ الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَ الْمَعْرِفَةِ بِهَا وَ التَّفَرُّغِ لَهَا فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِي يَطْلُبُهَا وَ حَاجَتُهُ الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ الْإِسْلَامُ وَ ضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِهِ وَ أَلْصَقَ الْأَرْضَ بِجِرَانِهِ بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ أَنْبِيَائِهِ(11/80)


شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 96هذا الكلام فسره كل طائفة على حسب اعتقادها فالشيعة الإمامية تزعم أن المراد به المهدي المنتظر عندهم و الصوفية يزعمون أنه يعني به ولي الله في الأرض و عندهم أن الدنيا لا تخلو عن الأبدال و هم الأربعون و عن الأوتاد و هم سبعة و عن قطب و هو واحد فإذا مات القطب صار أحد السبعة قطبا عوضه و صار أحد الأربعين وتدا عوض الوتد و صار بعض الأولياء الذين يصطفيهم الله تعالى أبدالا عوض ذلك البدل. و أصحابنا يزعمون أن الله تعالى لا يخلي الأمة من جماعة من المؤمنين العلماء بالعدل و التوحيد و أن الإجماع إنما يكون حجة باعتبار أقوال أولئك العلماء لكنه لما تعذرت معرفتهم بأعيانهم اعتبر إجماع سائر العلماء و إنما الأصل قول أولئك. قالوا و كلام أمير المؤمنين ع ليس يشير فيه إلى جماعة أولئك العلماء من حيث هم جماعة و لكنه يصف حال كل واحد منهم فيقول من صفته كذا و من صفته كذا. و الفلاسفة يزعمون أن مراده ع بهذا الكلام العارف و لهم في العرفان و صفات أربابه كلام يعرفه من له أنس بأقوالهم و ليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد ص في آخر الوقت إذا خلقه الله تعالى و إن لم يكن الآن موجودا فليس في الكلام ما يدل على وجوده الآن و قد وقع اتفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أن الدنيا و التكليف لا ينقضي إلا عليه. قوله ع قد لبس للحكمة جنتها الجنة ما يستتر به من السلاح كالدرع و نحوها و لبس جنة الحكمة قمع النفس عن المشتهيات و قطع علائق النفس عن شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 97المحسات فإن ذلك مانع للنفس عن أن يصيبها سهام الهوى كما تمنع الدرع الدارع عن أن يصيبه سهام الرماية. ثم عاد إلى صفة هذا الشخص فقال و أخذ بجميع أدبها من الإقبال عليها أي شدة الحرص و الهمة. ثم قال و المعرفة بها أي و المعرفة بشرفها و نفاستها. ثم قال و التفرغ لها لأن الذهن متى وجهته نحو معلومين تخبط و فسد و إنما يدرك الحكمة بتخلية(11/81)


السر من كل ما مر سواها. قال فهي عند نفسه ضالته التي يطلبها هذا مثل
قوله ع الحكمة ضالة المؤمن
و من كلام الحكماء لا يمنعك من الانتفاع بالحكمة حقارة من وجدتها عنده كما لا يمنعك خبث تراب المعدن من التقاط الذهب. و وجدت بخط أبي محمد عبد الله بن أحمد الخشاب رحمه الله في تعاليق مسودة أبياتا للعطوي و هي
قد رأينا الغزال و الغصن و النجمين شمس الضحى و بدر التمام فو حق البيان يعضده البرهان في مأقط شديد الخصام ما رأينا سوى المليحة شيئا جمع الحسن كله في نظام هي تجري مجرى الأصالة في الرأي و مجرى الأرواح في الأجسو قد كتب ابن الخشاب بخطه تحت المليحة ما أصدقه إن أراد بالمليحة الحكمة قوله ع و حاجته التي يسأل عنها هو مثل قوله ضالته التي يطلبها. ثم قال هو مغترب إذا اغترب الإسلام يقول هذا الشخص يخفي نفسه و يحملها شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 98إذا اغترب الإسلام و اغترابلإسلام أن يظهر الفسق و الجور على الصلاح و العدل
قال ع بدأ الإسلام غريبا و سيعود كما بدأ(11/82)


قال و ضرب بعسيب ذنبه و ألصق الأرض بجرانه هذا من تمام قوله إذا اغترب الإسلام أي إذا صار الإسلام غريبا مقهورا و صار الإسلام كالبعير البارك يضرب الأرض بعسيبه و هو أصل الذنب و يلصق جرانه و هو صدره في الأرض فلا يكون له تصرف و لا نهوض. ثم عاد إلى صفة الشخص المذكور. و قال بقية من بقايا حججه خليفة من خلائف أنبيائه الضمير هاهنا يرجع إلى الله سبحانه و إن لم يجر ذكره للعلم به كما قال حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ و يمكن أن يقال إن الضمير راجع إلى مذكور و هو الإسلام أي من بقايا حجج الإسلام و خليفة من خلائف أنبياء الإسلام. فإن قلت ليس للإسلام إلا نبي واحد. قلت بل له أنبياء كثير قال تعالى مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ و قال سبحانه ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً و كل الأنبياء دعوا إلى ما دعا إليه محمد ص من التوحيد و العدل فكلهم أنبياء للإسلام. فإن قلت أ ليس لفظ الحجة و لفظ الخليفة مشعرا بما تقوله الإمامية. قلت لا فإن أهل التصوف يسمون صاحبهم حجة و خليفة و كذلك الفلاسفة شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 99و أصحابنا لا يمتنعون من إطلاق هذه الألفاظ على الماء المؤمنين في كل عصر لأنهم حجج الله أي إجماعهم حجة و قد استخلفهم الله في أرضه ليحكموا بحكمه. و على ما اخترناه نحن فالجواب ظاهر(11/83)

85 / 151
ع
En
A+
A-