شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 236و روى أحمد رحمه الله عن الصمال بن عمير قال رأيت قميص علي ع الذي أصيب فيه و هو كرابيس سبيلاني و رأيت دمه قد سال عليه كالدردي. و روى أحمد رحمه الله قال لما أرسل عثمان إلى علي ع وجده مؤتزرا بعباءة محتجزا بعقال و هو يهنأ بعيرا لو الأخبار في هذا المعنى كثيرة و فيما ذكرناه كفاية
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 162237- و من خطبة له عابْتَعَثَهُ بِالنُّورِ الْمُضِي ءِ وَ الْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ وَ الْمِنْهَاجِ الْبَادِي وَ الْكِتَابِ الْهَادِي أُسْرَتُهُ خَيْرُ أُسْرَةٍ وَ شَجَرَتُهُ خَيْرُ شَجَرَةٍ أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ وَ هِجْرَتُُ بِطَيْبَةَ عَلَا بِهَا ذِكْرُهُ وَ امْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ وَ مَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ وَ دَعْوَةٍ مُتَلَافِيَةٍ أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ وَ قَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ وَ بَيَّنَ بِهِ الْأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دَيْناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ وَ تَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ وَ تَعْظُمْ كَبْوَتُهُ وَ يَكُنْ مَآبُهُ إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ وَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ الْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَ أَسْتَرْشِدُهُ السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِهِ الْقَاصِدَةَ إِلَى مَحَلِّ رَغْبَتِهِ(10/213)
بالنور المضي ء أي بالدين أو بالقرآن و أسرته أهله أغصانها معتدلة كناية عن عدم الاختلاف بينهم في الأمور الدينية و ثمارها متهدلة أي متدلية كناية عن سهولة اجتناء العلم منها. و طيبة اسم المدينة كان اسمها يثرب فسماها رسول الله ص طيبة شرح نهج البلاغة ج : 9 ص :8و مما أكفر الناس به يزيد بن معاوية أنه سماها خبيثة مراغمة لرسول الله ص. علا بها ذكره لأنه ص إنما انتصر و قهر الأعداء بعد الهجرة و دعوة متلافية أي تتلافى ما فسد في الجاهلية من أديان البشر. قوله و بين به الأحكام المفصولة ليس يعني أنها كانت مفصولة قبل أن بينها بل المراد بين به الأحكام التي هي الآن مفصولة عندنا و واضحة لنا لأجل بيانه لها. و الكبوة مصدر كبا الجواد إذا عثر فوقع إلى الأرض و المآب المرجع و العذاب الوبيل ذو الوبال و هو الهلاك و الإنابة الرجوع و السبيل الطريق يذكر و يؤنث و القاصدة ضد الجائرة فإن قلت لم عدى القاصدة ب إلى قلت لأنها لما كانت قاصدة تضمنت معنى الإفضاء إلى المقصد فعداها ب إلى باعتبار المعنى(10/214)
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً وَ الْمَنْجَاةُ أَبَداً رَهَّبَ فَأَبْلَغَ وَ رَغَّبَ فَأَسْبَغَ وَ وَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وَ انْقِطَاعَهَا وَ زَوَالَهَا وَ انْتِقَالَهَا فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَ أَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 239فَغُضُّوا عَنْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ غُمُومَهَا وَ أَشْغَالَهَا لِمَا أَيْقَنْتُمْ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَ تَرُّفِ حَالَاتِهَا فَاحْذَرُوهَا حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ وَ الْمُجِدِّ الْكَادِحِ وَ اعْتَبِرُوا بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ قَدْ تَزَايَلَتْ أَوْصَالُهُمْ وَ زَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وَ أَسْمَاعُهُمْ وَ ذَهَبَ شَرَفُهُمْ وَ عِزُّهُمْ وَ انْقَطَعَ سُرُورُهُمْ وَ نَعِيمُهُمْ فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الْأَوْلَادِ فَقْدَهَا وَ بِصُحْبَةِ الْأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا لَا يَتَفَاخَرُونَ وَ لَا يَتَنَاسَلُونَ وَ لَا يَتَزَاوَرُونَ وَ لَا يَتَحَاوَرُونَ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِهِ الْمَانِعِ لِشَهْوَتِهِ النَّاظِرِ بِعَقْلِهِ فَإِنَّ الْأَمْرَ وَاضِحٌ وَ الْعَلَمَ قَائِمٌ وَ الطَّرِيقَ جَدَدٌ وَ السَّبِيلَ قَصْدٌ
المنجاة مصدر نجا ينجو نجاة و منجاة و النجاة الناقة ينجى عليها فاستعارها هاهنا للطاعة و التقوى كأنها كالمطية المركوبة يخلص بها الإنسان من الهلكة. قوله رهب فأبلغ الضمير يرجع إلى الله سبحانه أي خوف المكلفين فأبلغ في التخويف و رغبهم فأتم الترغيب و أسبغه ثم أمر بالإعراض عما يسر و يروق من أمر الدنيا لقلة ما يصحب الناس من ذلك ثم قال إنها أقرب دار من سخط الله و هذا نحو
قول النبي ص حب الدنيا رأس كل خطيئة(10/215)
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 240قوله فغضوا عنكم عباد الله غمومها أي كفوا عن أنفسكم الغم لأجلها و الاشتغال بها يقال غضضت فلانا عن كذا أي كففته قال تعالى وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ قوله فاحذروها حذر الشفيق الناصح أي فاحذروها على أنفسكم لأنفسكم كما يحذر الشفيق ناصح على صاحبه و كما يحذر المجد الكادح أي الساعي من خيبة سعيه و الأوصال الأعضاء و المحاورة المخاطبة و المناجاة و روي و لا يتجاورون بالجيم و العلم ما يتسدل به في المفازة و طريق جدد أي سهل واضح و السبيل قصد أي مستقيم
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 163241- و من كلام له ع لبعض أصحابهو قد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام و أنتم أحق به فقال ع
يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ وَ لَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وَ حَقُّ الْمَسْأَلَةِ وَ قَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ وَ نَحْنُ الْأَعْلَوْنَ نَسَباً وَ الْأَشَدُّونَ بِالرَّسُولِ ص نَوْطاً فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ وَ الْحَكَمُ اللَّهُ وَ الْمَعْوَدُ إِلَيْهِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ
وَ دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ وَ لَكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ(10/216)
وَ هَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ وَ لَا غَرْوَ وَ اللَّهِ فَيَا لَهُ خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ وَ يُكْثِرُ الْأَوَدَ حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ مِنْ مِصْبَاحِهِ وَ سَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ وَ جَدَحُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً فَإِنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ(10/217)