ورد في الخبر داود قارئ أهل الجنة
و سفائف الخوص جمع سفيفة و هي النسيجة منه سففت الخوص و أسففته بمعنى و هذا الذي ذكره ع عن داود يجب أن يحمل على أنه شرح حاله قبل أن يملك فإنه كان فقيرا فأما حيث ملك فإن المعلوم من سيرته غير ذلك. فأما عيسى فحاله كما ذكرها ع لا ريب في ذلك على أنه أكل اللحم و شرب شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 232الخمر و ركب الحمار و خدمه التلامذة و لكن الأغلب من حاله هي الأمور التي عددها أمير المؤمنين ع. و يقال حزنني الشي ء يحزنني بالضم و يجوز أحزنني بالهمز يحزنني و قرئ بهما و هو في كلامه ع في هذا الفصل بهما و يقال لفته عن كذا يلفبالكسر أي صرفه و لواه(10/208)


فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ ص فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وَ عَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى وَ أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ وَ الْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً وَ لَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً وَ أَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ وَ حَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ وَ صَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ تَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً لِلَّهِ تَعَالَى وَ مُحَادَّةً عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ لَقَدْ كَانَ ص يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَ يَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ وَ يَرْفَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ وَ يَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ وَ يُرْدِفُ خَلْفَهُ وَ يَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ يَا فُلَانَةُ لِإِحْدَى أَزْوَاجِهِ غَيِّبِيهِ عَنِّي فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَ زَخَارِفَهَا فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ وَ أَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَ أَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً وَ لَا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً وَ لَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ وَ أَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ وَ غَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 233وَ كَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ أَنْ يُذْكَرَ عِدَهُ وَ لَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص مَا يَدُلُّكُ عَلَى(10/209)


مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وَ عُيُوبِهَا إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ وَ زُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اللَّهُ مُحَمَّداً ص بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ فَإِنْ قَالَ أَهَانَهُ فَقَدْ كَذَبَ وَ اللَّهِ الْعَظِيمِ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ وَ إِنْ قَالَ أَكْرَمَهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ وَ زَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ وَ اقْتَصَّ أَثَرَهُ وَ وَلَجَ مَوْلِجَهُ وَ إِلَّا فَلَا يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُحَمَّداً ص عَلَماً لِلسَّاعَةِ وَ مُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ وَ مُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً وَ وَرَدَ الآْخِرَةَ سَلِيماً لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ وَ أَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللَّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ وَ قَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ أَ لَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ فَقُلْتُ اعْزُبْ عَنِّي فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى(10/210)


المقتص لأثره المتبع له و منه قوله تعالى وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ و قضم الدنيا تناول منها قدر الكفاف و ما تدعو إليه الضرورة من خشن العيشة و قال أبو ذر رحمه الله يخضمون و نقضم و الموعد الله و أصل القضم أكل الشي ء اليابس بأطراف الأسنان و الخضم أكل بكل افم للأشياء الرطبة و روي قصم بالصاد أي كسر شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 234قوله أهضم أهل الدنيا كشحا الكشح الخاصرة و رجل أهضم بين الهضم إذا كان خميصا لقلة الأكل. و روي و حقر شيئا فحقره بالتخفيف و الشقاق الخلاف و المحادة المعاداة و خصف النعل خرزها و الرياش النة و المدرعة الدراعة. و قوله عند الصباح يحمد القوم السرى مثل يضرب لمحتمل المشقة العاجلة رجاء الراحة الآجلة
نبذ من الأخبار و الآثار الواردة في البعد عن زينة الدنيا
جاء في الأخبار الصحيحة أنه ع قال إنما أنا عبد آكل أكل العبيد و أجلس جلسة العبيد
و كان يأكل على الأرض و يجلس جلوس العبيد يضع قصبتي ساقيه على الأرض و يعتمد عليهما بباطني فخذيه و ركوبه الحمار العاري آية التواضع و هضم النفس و أردف غيره خلفه آكد في الدلالة على ذلك. و جاء في الأخبار الصحيحة النهي عن التصاوير و عن نصب الستور التي فيها التصاوير و كان رسول الله ص إذا رأى سترا فيه التصاوير أمر أن تقطع رأس تلك الصورة. و
جاء في الخبر من صور صورة كلف في القيامة أن ينفخ فيها الروح فإذا قال لا أستطيع عذب(10/211)


شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 235قوله لم يضع حجرا على حجر هو عين ما جاء في الأخبار الصحيحة خرج رسول الله ص من الدنيا و لم يضع حجرا على حجر. و جاء في أخبار علي ع التي ذكرها أبو عبد الله أحمد بن حنبل في كتاب فضائله و هو روايتي عن قريش بن السبيع بن المهنا العلوي عن نقيب الطالبيين أبي عبد الله أحمد بن علي بن المعمر عن المبارك بن عبد الجبار أحمد بن القاسم الصيرفي المعروف بابن الطيوري عن محمد بن علي بن محمد بن يوسف العلاف المزني عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أبي عبد الله أحمد رحمه الله قال قيل لعلي ع يا أمير المؤمنين لم ترقع قميصك قال ليخشع القلب و يقتدي بي المؤمنون
و روى أحمد رحمه الله أن عليا كان يطوف الأسواق مؤتزرا بإزار مرتديا برداء و معه الدرة كأنه أعرابي بدوي فطاف مرة حتى بلغ سوق الكرابيس فقال لواحد يا شيخ بعني قميصا تكون قيمته ثلاثة دراهم فلما عرفه الشيخ لم يشتر منه شيئا ثم أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم فلما جاء أبو الغلام أخبره فأخذ درهما ثم جاء إلى علي ع ليدفعه إليه فقال له ما هذا أو قال ما شابه هذا فقال يا مولاي إن القميص الذي باعك ابني كان يساوي درهمين فلم يأخذ الدرهم و قال باعني رضاي و أخذ رضاه
و روى أحمد رحمه الله عن أبي النوار بائع الخام بالكوفة قال جاءني علي بن أبي طالب إلى السوق و معه غلام له و هو خليفة فاشترى مني قميصين و قال لغلامه اختر أيهما شئت فأخذ أحدهما و أخذ علي الآخر ثم لبسه و مد يده فوجد كمه فاضلة فقال اقطع الفاضل فقطعته ثم كفه و ذهب(10/212)

51 / 151
ع
En
A+
A-