و قوله فيه خازن علمي و قال تارة أخرى عيبة علمي و يمكن أن يريد خزنة الجنة و أبواب الجنة أي لا يدخل الجنة إلا من وافى بولايتنا فقد جاء في حقه الخبر الشائع المستفيض أنه قسيم النار و الجنة و ذكر أبو عبيد الهروي في الجمع بين الغريبين أن قوما من أئمة العربية فسروه فقالوا لأنه لما كان محبه من أهل الجنة و مبغضه من أهل النار كأنه بهذا الاعتبار قسيم النار و الجنة قال أبو عبيد و قال غير هؤلاء بل هو قسيمها بنفسه في الحقيقة يدخل قوما إلى الجنة و قوما إلى النار و هذا الذي ذكره أبو عبيد أخيرا هو ما يطابق الأخبار الواردة فيه يقول للنار هذا لي فدعيه و هذا لك فخذيه. ثم ذكر أن البيوت لا تؤتى إلا من أبوابها قال الله تعالى وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 166الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِه ثم قال من أتاها من غير أبوابها سمي سارقا و هذا حق ظاهرا و باطنا أما الظاهر فلأن من يتسور البيوت من غير أبوابها هو السارق و أما الباطن فلأن من طلب العلم من غير أستاذ محقق فلم يأته من بابه فهو أشبه شي ء بالسارق ذكر الأحاديث و الأخبار الواردة في فضائل علي(10/148)


و اعلم أن أمير المؤمنين ع لو فخر بنفسه و بالغ في تعديد مناقبه و فضائله بفصاحته التي آتاه الله تعالى إياها و اختصه بها و ساعده على ذلك فصحاء العرب كافة لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق ص في أمره و لست أعني بذلك الأخبار العامة الشائعة التي يحتج بها الإمامية على إمامته كخبر الغدير و المنزلة و قصة براءة و خبر المناجاة و قصة خيبر و خبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة و نحو ذلك بل الأخبار الخاصة التي رواها فيه أئمة الحديث التي لم يحصل أقل القليل منها لغيره و أنا أذكر من ذلك شيئا يسيرا مما رواه علماء الحديث الذين لا يتهمون فيه و جلهم قائلون بتفضيل غيره عليه فروايتهم فضائله توجب من سكون النفس ما لا يوجبه رواية غيرهم.
الخبر الأول يا علي إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها هي زينة الأبرار عند الله تعالى الزهد في الدنيا جعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا و لا ترزأ الدنيا منك شيئا و وهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا و يرضون بك إماما
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 167 رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه المعروف ب حلية الأولياء و زاد فيه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في المسند فطوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن أبغضك و كذب فيك الخبر الثاني قال لوفد ثقيف لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلا مني أو قال عديل نفسي فليضربن أعناقكم و ليسبين ذراريكم و ليأخذن أموالكم قال عمر فما تمنيت الإمارة إلا يومئذ و جعلت أنصب له صدري رجاء أن يقول هو هذا فالتفت فأخذ بيد علي و قال هو هذا مرتين
رواه أحمد في المسند و
رواه في كتاب فضائل علي ع أنه قال لتنتهن يا بني وليعة أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يمضي فيكم أمري يقتل المقاتلة و يسبي الذرية
قال أبو ذر فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي يقول من تراه يعني فقلت إنه لا يعنيك و إنما يعني خاصف النعل و إنه قال هو هذا(10/149)


الخبر الثالث إن الله عهد إلي في علي عهدا فقلت يا رب بينه لي قال اسمع إن عليا راية الهدى و إمام أوليائي و نور من أطاعني و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين من أحبه فقد أحبني و من أطاعه فقد أطاعني فبشره بذلك فقلت قد بشرته يا رب فقال أنا عبد الله و في قبضته فإن يعذبني فبذنوبي لم يظلم شيئا و إن يتم لي ما وعدني فهو أولى و قد دعوت له فقلت اللهم اجل قلبه و اجعل ربيعه الإيمان بك قال قد فعلت ذلك غير أني مختصه بشي ء من البلاء لم أختص به أحدا من أوليائي فقلت رب أخي و صاحبي قال إنه سبق في علمي أنه لمبتل و مبتلى شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 168 ذكره أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء عن أبي برزة الأسلمي ثم رواه بإسناد آخر بلفظ آخر عن أنس بن مالك أن رب العالمين عهد في علي إلي عهدا أنه راية الهدى و منار الإيمان و إمام أوليائي و نور جميع من أطاعني إن عليا أميني غدا في قيامة و صاحب رايتي بيد علي مفاتيح خزائن رحمة ربي
الخبر الرابع من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه و إلى آدم في علمه و إلى إبراهيم في حلمه و إلى موسى في فطنته و إلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب
رواه أحمد بن حنبل في المسند و رواه أحمد البيهقي في صحيحه
الخبر الخامس من سره أن يحيا حياتي و يموت ميتتي و يتمسك بالقضيب من الياقوتة التي خلقها الله تعالى بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتمسك بولاء علي بن أبي طالب
ذكره أبو نعيم الحافظ في كتاب حلية الأولياء و رواه أبو عبد الله بن حنبل في المسند في كتاب فضائل علي بن أبي طالب و حكاية لفظ أحمد رضي الله عنه من أحب أن يتمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن بيمينه فليتمسك بحب علي بن أبي طالب
الخبر السادس و الذي نفسي بيده لو لا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لا نمر بملإ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة(10/150)


ذكره أبو عبد الله أحمد بن حنبل في المسند
الخبر السابع خرج ص على الحجيج عشية عرفة فقال لهم إن الله قد شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 169باهى بكم الملائكة عامة و غفر لكم عامة و باهى بعلي خاصة و غفر له خاصة إني قائل لكم قولا غير محاب فيه لقرابتي إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته و بعدوته
رواه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في كتاب فضائل علي ع و في المسند أيضا
الخبر الثامن رواه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في الكتابين المذكورين أنا أول من يدعى به يوم القيامة فأقوم عن يمين العرش في ظله ثم أكسى حلة ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض فيقومون عن يمين العرش و يكسون حللا ثم يدعى بعلي بن أبي طالب لقرابته مني و منزلته عندي و يدفع إليه لوائي لواء الحمد آدم و من دونه تحت ذلك اللواء ثم قال لعلي فتسير به حتى تقف بيني و بين إبراهيم الخليل ثم تكسى حلة و ينادي مناد من العرش نعم العبد أبوك إبراهيم و نعم الأخ أخوك علي أبشر فإنك تدعى إذا دعيت و تكسى إذا كسيت و تحيا إذا حييت
الخبر التاسع يا أنس اسكب لي وضوءا ثم قام فصلى ركعتين ثم قال أول من يدخل عليك من هذا الباب إمام المتقين و سيد المسلمين و يعسوب الدين و خاتم الوصيين و قائد الغر المحجلين قال أنس فقلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار و كتبت دعوتي فجاء علي فقال ص من جاء يا أنس فقلت علي فقام إليه مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه فقال علي يا رسول الله صلى الله عليك و آلك لقد رأيت منك اليوم تصنع بي شيئا ما صنعته بي قبل قال و ما يمنعني و أنت تؤدي عني و تسمعهم صوتي و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء(10/151)


شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 170 الخبر العاشر ادعوا لي سيد العرب عليا فقالت عائشة أ لست سيد العرب فقال أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب فلما جاء أرسل إلى الأنصار فأتوه فقال لهم يا معشر الأنصار أ لا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا قالوا بلى يا رسول اه قال هذا علي فأحبوه بحبي و أكرموه بكرامتي فإن جبرائيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز و جل
رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء
الخبر الحادي عشر مرحبا بسيد المؤمنين و إمام المتقين فقيل لعلي ع كيف شكرك فقال أحمد الله على ما آتاني و أسأله الشكر على ما أولاني و أن يزيدني مما أعطاني
ذكره صاحب الحلية أيضا الخبر الثاني عشر من سره أن يحيا حياتي و يموت مماتي و يسكن جنة عدن التي غرسها ربي فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه و ليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي و رزقوا فهما و علما فويل للمكذبين من أمتي القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي
ذكره صاحب الحلية أيضا الخبر الثالث عشر بعث رسول الله ص خالد بن الوليد في سرية و بعث عليا ع في سرية أخرى و كلاهما إلى اليمن و قال إن اجتمعتما فعلي على الناس و إن افترقتما فكل واحد منكما على جنده فاجتمعا و أغارا و سبيا نساء و أخذا أموالا و قتلا ناسا و أخذ علي جارية فاختصها لنفسه فقال خالد لأربعة من المسلمين منهم بريدة الأسلمي اسبقوا إلى رسول الله ص فاذكروا له كذا و اذكروا شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 171له كذا لأمور عددها على علي فسبقوا إليه فجاء واحد من جانبه فقال إن عليا فعل كذا فأعرض عنه فجاء الآخر من الجانالآخر فقال إن عليا فعل كذا فأعرض عنه فجاء بريدة الأسلمي فقال يا رسول الله إن عليا فعل ذلك فأخذ جارية لنفسه فغضب ص حتى احمر وجهه و قال دعوا لي عليا يكررها إن عليا مني و أنا من علي و إن حظه في الخمس أكثر مما أخذ و هو ولي كل مؤمن من بعدي(10/152)

39 / 151
ع
En
A+
A-