أخبر ع أنه سيأتي على الناس زمان من صفته كذا و كذا و قد رأيناه و رآه من كان قبلنا أيضا قال شعبة إمام المحدثين تسعة أعشار الحديث كذب. و قال الدارقطني ما الحديث الصحيح في الحديث إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود و أما غلبة الباطل على الحق حتى يخفى الحق عنده فظاهرة. و أبور أفسد من بار الشي ء أي هلك و السلعة المتاع و نبذ الكتاب ألقاه و لا يؤويهما لا يضمهما إليه و ينزلهما عنده. و الزبر مصدر زبرت أزبر بالضم أي كتبت و جاء يزبر بالكسر و الزبر بالكسر الكتاب و جمعه زبور مثل قدر و قدور و قرأ بعضهم وَ آتَيْنا داوُدَ َبُوراً أي كتبا و الزبور بفتح الزاي الكتاب المزبور فعول بمعنى مفعول و قال الأصمعي سمعت أعرابيا يقول أنا أعرف بزبرتي أي خطي و كتابتي. و مثلوا بالصالحين بالتخفيف نكلوا بهم مثلت بفلان أمثل بالضم مثلا بالفتح و سكون الثاء و الاسم المثلة بالضم و من روى مثلوا بالتشديد أراد جدعوهم بعد قتلهم. و على في قوله و سموا صدقهم على الله فرية ليست متعلقة بصدقهم بل بفرية شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 106أي و سموا صدقهم فرية على الله فإن امتنع أن يتعلق حرف الجر به لتقدمه عليه و هو مصدر فليكن متعلقا بفعل مقدر دل عليه هذا المصدر الهر و روي و جعلوا في الحسنة العقوبة السيئة و الرواية الأولى بالإضافة أكثر و أحسن. و الموعود هاهنا الموت و القارعة المصيبة تقرع أي تلقى بشدة و قوة(10/93)
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللَّهَ وُفِّقَ وَ مَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقُومُ فَإِنَّ جَارَ اللَّهِ آمِنٌ وَ عَدُوَّهُ خَائِفٌ وَ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ وَ سَلَامَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ فَلَا تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الْأَجْرَبِ وَ الْبَارِئِ مِنْ ذِي السَّقَمِ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ وَ لَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ وَ لَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَ مَوْتُ الْجَهْلِ هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وَ صَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ وَ ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ(10/94)
من استنصح الله من أطاع أوامره و علم أنه يهديه إلى مصالحه و يرده عن مفاسده و يرشده إلى ما فيه نجاته و يصرفه عما فيه عطبه. شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 107و التي هي أقوم يعني الحالة و الخلة التي اتباعها أقوم و هذا من الألفاظ القرآنية قال سبحانه إِنَّ هذَا الْرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ و المراد بتلك الحالة المعرفة بالله و توحيده و وعد له. ثم نهى ع عن التكبر و التعظم و قال إن رفعة القوم الذين يعرفون عظمة الله أن يتواضعوا له و ما هاهنا بمعنى أي شي ء و من روى بالنصب جعلها زائدة و قد ورد في ذم التعظم و اتكبر ما يطول استقصاؤه و هو مذموم على العباد فكيف بمن يتعظم على الخالق سبحانه و إنه لمن الهالكين و
قال رسول الله ص لما افتخر أنا سيد ولد آدم ثم قال و لا فخر
فجهر بلفظة الافتخار ثم أسقط استطالة الكبر و إنما جهر بما جهر به لأنه أقامه مقام شكر النعمة و التحدث بها و
في الحديث المرفوع عنه ص أن الله قد أذهب عنكم حمية الجاهلية و فخرها بالآباء الناس بنو آدم و آدم من تراب مؤمن تقي و فاجر شقي لينتهين أقوام يفخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من جعلان تدفع النتن بأنفها(10/95)
قوله و اعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه فيه تنبيه على أنه يجب البراءة من أهل الضلال و هو قول أصحابنا جميعهم فإنهم بين مكفر لمن خالف أصول التوحيد و العدل و هم الأكثرون أو مفسق و هم الأقلون و ليس أحد منهم معذورا عند أصحابنا و إن ضل بعد النظر كما لا نعذر اليهود و النصارى إذا ضلوا بعد النظر. ثم قال ع فالتمسوا ذلك عند أهله هذا كناية عنه ع و كثيرا ما يسلك هذا المسلك و يعرض هذا التعريض و هو الصادق الأمين العارف بأسرار الإلهية. شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 108ثم ذكر أن هؤلاء الذين أمر باتباعهم ينبئ حهم عن علمهم و ذلك لأن الامتحان يظهر خبيئة الإنسان. ثم قال و صمتهم عن نطقهم صمت العارف أبلغ من نطق غيره و لا يخفى فضل الفاضل و إن كان صامتا. ثم ذكر أنهم لا يخالفون الدين لأنهم قوامه و أربابه و لا يختلفون فيه لأن الحق في التوحيد و العدل واحد فالدين بينهم شاهد صادق يأخذون بحكمه كما يؤخذ بحكم الشاهد الصادق. و صامت ناطق لأنه لا ينطق بنفسه بل لا بد له من مترجم فهو صامت في الصورة و هو في المعنى أنطق الناطقين لأن الأوامر و النواهي و الآداب كلها مبنية عليه و متفرعة عليه(10/96)
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 148109- و من كلام له ع في ذكر أهل البصرةكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ وَ يَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا يَمُتَّانِ إِلَى اللَّهِ بِحَبْلٍ وَ لَا يَمُدَّانِ إِلَيْهِ بِسَبَبٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ وَ عَمَّا قَلِيلٍ يَكْشِفُ قِنَاعَهُ بِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا وَ لَيَأْتِيَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فَأَيْنَ الْمُحْتَسِبُونَ قَدْ سُنَّتَ لَهُمُ السُّنَنُ وَ قُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ وَ لِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ وَ لِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ يَسْمَعُ النَّاعِيَ وَ يَحْضُرُ الْبَاكِيَ ثُمَّ لَا يَعْتَبِرُ(10/97)