فقال علي ع أما الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها بابا و أسهل إليها سبيلا و لكني أنهاك عما ينهاك الله و رسوله عنه و أهديك إلى رشدك و أما عتيق و ابن الخطاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله ص لي فأنت أعلم بذلك و المسلمون و ما لي و لهذا الأمر و قد تركته منذ حين فإما ألا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة و إما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم طبت به نفسا و نفضت يدي عنه استصلاحا و أما التسوية بينك و بينهما فلست كأحدهما إنهما وليا هذا الأمر فظلفا أنفسهما و أهلهما عنه و عمت فيه و قومك عوم السابح في اللجة فارجع إلى الله أبا عمرو و انظر هل بقي من عمرك إلا كظم ء الحمار فحتى متى و إلى متى أ لا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين و أبشارهم و أموالهم و الله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركا بينه و بينك قال ابن عباس فقال عثمان لك العتبى و افعل و اعزل من عمالي كل من تكرهه شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 16و يكرهه المسلمون ثم افترقا فصده مروان بن الحكم عن ذلك و قال يجترئ عليك الناس فلا تعزل أحدا منهم. و روى الزبير بن بكار أيضا في كتابه عن رجال أسند بعضهم عن بعض عن علي بن أبي طالب ع قال أرسل إلي عثمان في الهاجرة فتقنعت بثوبي و أتيته فدخلت عليه و هو على سريره و في يده قضيب و بين يديه مال دثر صبرتان من ورق و ذهب فقال دونك خذ من هذا حتى تملأ بطنك فقد أحرقتني فقلت وصلتك رحم إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكه معط أو اكتسبته من تجارة كنت أحد رجلين إما آخذ و أشكر أو أوفر و أجهد و إن كان من مال الله و فيه حق المسلمين و اليتيم و ابن السبيل فو الله ما لك أن تعطينيه و لا لي أن آخذه فقال أبيت و الله إلا ما أبيت ثم قام إلي بالقضيب فضربني و الله ما أرد يده حتى قضى حاجته فتقنعت بثوبي و رجعت إلى منزلي و قلت الله بيني و بينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيت عن منكر(10/13)
و روى الزبير بن بكار عن الزهري قال لما أتي عمر بجوهر كسرى وضع في المسجد فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر فقال لخازن بيت المال ويحك أرحني من هذا و اقسمه بين المسلمين فإن نفسي تحدثني أنه سيكون في هذا بلاء و فتنة بين الناس فقال يا أمير المؤمنين إن قسمته بين المسلمين لم يسعهم و ليس أحد يشتريه لأن ثمنه عظيم و لكن ندعه إلى قابل فعسى الله أن يفتح على المسلمين بمال فيشتريه منهم من يشتريه قال ارفعه فأدخله بيت المال. و قتل عمر و هو بحاله فأخذه عثمان لما ولي الخلافة فحلى به بناته. شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 17قال الزبير ال الزهري كل قد أحسن عمر حين حرم نفسه و أقاربه و عثمان حين وصل أقاربه.
قال الزبير و حدثنا محمد بن حرب قال حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال جاء رجل إلى علي ع يستشفع به إلى عثمان فقال حمال الخطايا لا و الله لا أعود إليه أبدا فآيسه منه
و روى الزبير أيضا عن شداد بن عثمان قال سمعت عوف بن مالك في أيام عمر يقول يا طاعون خذني فقلنا له لم تقول هذا و
قد سمعت رسول الله ص يقول إن المؤمن لا يزيده طول العمر إلا خيرا(10/14)
قال إني أخاف ستا خلافة بني أمية و إمارة السفهاء من أحداثهم و الرشوة في الحكم و سفك الدم الحرام و كثرة الشرط و نشأ ينشأ يتخذون القرآن مزامير. و روى الزبير عن أبي غسان عن عمر بن زياد عن الأسود بن قيس عن عبيد بن حارثة قال سمعت عثمان و هو يخطب فأكب الناس حوله فقال اجلسوا يا أعداء الله فصاح به طلحة إنهم ليسوا بأعداء الله لكنهم عباده و قد قرءوا كتابه. و روى الزبير عن سفيان بن عيينة عن إسرائيل عن الحسن قال شهدت المسجد يوم جمعة فخرج عثمان فقام رجل فقال أنشد كتاب الله فقال عثمان اجلس أ ما لكتاب الله ناشد غيرك فجلس ثم قام آخر فقال مثل مقالته فقال اجلس فأبى شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 18أن يجلس فبعث إلى الشرط ليجلسوه فقام الناس فحالوا بينهم و بينه قال ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل ما أكاد أرى أديم السماء من البطحاء فنزل عثمان فدخل داره و لم يصل الجمعةفصل فيما شجر بين عثمان و ابن عباس من الكلام بحضرة علي(10/15)
و روى الزبير أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده فأتيته إجلالا و توقيرا لمكانه فقال لي هل رأيت عليا قلت خلفته في المسجد فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله قال أما منزله فليس فيه فابغه لنا في المسجد فتوجهنا إلى المسجد و إذا علي ع يخرج منه قال ابن عباس و قد كنت أمس ذلك اليوم عند علي فذكر عثمان و تجرمه عليه و قال أما و الله يا ابن عباس إن من دوائه لقطع كلامه و ترك لقائه فقلت له يرحمك الله كيف لك بهذا فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع قال أعتل و أعتل فمن يقسرني قال لا أحد. قال ابن عباس فلما تراءينا له و هو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت و الطلب للانصراف ما استبان لعثمان فنظر إلي عثمان و قال يا ابن عباس أ ما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا فقلت و لم و حقك ألزم و هو بالفضل أعلم فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه فقال عثمان إن تدخل فإياك أردنا و إن تمض فإياك طلبنا فقال علي أي ذلك أحببت قال تدخل فدخلا و أخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها و جلس قبالتها فجلس عثمان إلى جانبه فنكصت عنهما فدعواني جميعا فأتيتهما فحمد عثمان الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أما بعد يا بني خالي و ابني شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 19عمي فإذ جمعتكما في النداء فسأجمعكما في الشكاية عن رضاي على أحدكما و وجدي على الآخر إني أستعذركما من أنفسكما و أسألكما فيئتكما و أستوهبكما رجعتكما فو اللهو غالبني الناس ما انتصرت إلا بكما و لو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما و لقد طال هذا الأمر بيننا حتى تخوفت أن يجوز قدره و يعظم الخطر فيه و لقد هاجني العدو عليكما و أغراني بكما فمنعني الله و الرحم مما أراد و قد خلونا في مسجد رسول الله ص و إلى جانب قبره و قد أحببت أن تظهرا لي رأيكما في و ما تنطويان لي عليه و تصدقا فإن الصدق(10/16)
أنجى و أسلم و أستغفر الله لي و لكما. قال ابن عباس فأطرق علي ع و أطرقت معه طويلا أما أنا فأجللته أن أتكلم قبله و أما هو فأراد أن أجيب عني و عنه ثم قلت له أ تتكلم أم أتكلم عنك قال بل تكلم عني و عنك فحمدت الله و أثنيت عليه و صليت على رسوله ثم قلت أما بعد يا ابن عمنا و عمتنا فقد سمعنا كلامك لنا و خلطك في الشكاية بيننا على رضاك زعمت عن أحدنا و وجدك على الآخر و سنفعل في ذلك فنذمك و نحمدك اقتداء منك بفعلك فينا فإنا نذم مثل تهمتك إيانا على ما اتهمتنا عليه بلا ثقة إلا ظنا و نحمد منك غير ذلك من مخالفتك عشيرتك ثم نستعذرك من نفسك استعذارك إيانا من أنفسنا و نستوهبك فيئتك استيهابك إيانا فيئتنا و نسألك رجعتك مسألتك إيانا رجعتنا فإنا معا أيما حمدت و ذممت منا كمثلك في أمر نفسك ليس بيننا فرق و لا اختلاف بل كلانا شريك صاحبه في رأيه و قوله فو الله ما تعلمنا غير معذرين فيما بيننا و بينك و لا تعرفنا غير قانتين عليك و لا تجدنا غير راجعين إليك فنحن نسألك من نفسك مثل ما سألتنا من أنفسنا و أما قولك لو غالبتني الناس ما انتصرت إلا بكما أو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما فأين بنا و بك عن ذلك و نحن و أنت كما قال أخو كنانة شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 2بدا بحتر ما رام نال و إن يرم يخض دونه غمرا من الغر رائمه لنا و لهم منا و منهم على العدا مراتب عز مصعدات سلالمهو أما قولك في هيج العدو إياك علينا و إغرائه لك بنا فو الله ما أتاك العدو من ذلك شيئا إلا و قد أتانا بأعظم منه فمنعنا مما أراد ما منعك من مراقبة الله و الرحم و ما أبقيت أنت و نحن إلا على أدياننا و أعراضنا و مروءاتنا و لقد لعمري طال بنا و بك هذا الأمر حتى تخوفنا منه على أنفسنا و راقبنا منه ما راقبت. و أما مساءلتك إيانا عن رأينا فيك و ما ننطوي عليه لك فإنا نخبرك أن ذلك إلى ما تحب لا يعلم واحد منا من صاحبه إلا ذلك و لا يقبل منه غيره و كلانا ضامن على صاحبه(10/17)