و كتب إليه عبد الله بن عامر شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 242أما بعد فإن أمير المؤمنين كان لنا الجناح الحاضنة تأوي إليها فراخها تحتها فلما أقصده السهم صرنا كالنعام الشارد و لقد كنت مشترك الفكر ضال الفهم ألتمس دريئة أستجن بها من خطأ الحوادث حتى وقع إلي كتابكانتبهت من غفلة طال فيها رقادي فأنا كواجد المحجة كان إلى جانبها حائرا و كأني أعاين ما وصفت من تصرف الأحوال. و الذي أخبرك به أن الناس في هذا الأمر تسعة لك و واحد عليك و و الله للموت في طلب العز أحسن من الحياة في الذلة و أنت ابن حرب فتى الحروب و نضار بني عبد شمس و الهمم بك منوطة و أنت منهضها فإذا نهضت فليس حين قعود و أنا اليوم على خلاف ما كانت عليه عزيمتي من طلب العافية و حب السلامة قبل قرعك سويداء القلب بسوط الملام و لنعم مؤدب العشيرة أنت و إنا لنرجوك بعد عثمان و ها أنا متوقع ما يكون منك لأمتثله و أعمل عليه إن شاء الله. و كتب في أسفل الكتاب
لا خير في العيش في ذل و منقصة و الموت أحسن من ضيم و من عارإنا بنو عبد شمس معشر أنف غر جحاجحة طلاب أوتارو الله لو كان ذميا مجاورنا ليطلب العز لم نقعد عن الجارفكيف عثمان لم يدفن بمزبلة على القمامة مطروحا بها عارفازحف إلي فإني زاحف لهم بكل أبيض ماضي الحد بتار(11/204)


و كتب إليه الوليد بن عقبة أما بعد فإنك أسد قريش عقلا و أحسنهم فهما و أصوبهم رأيا معك حسن شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 243السياسة و أنت موضع الرئاسة تورد بمعرفة و تصدر عن منهل روي مناوئك كالمنقلب من العيوق يهوي به عاصف الشمال إلى لجة البحر. كتبت إلي تذكر طيالخيش و لين العيش فمل ء بطني علي حرام إلا مسكة الرمق حتى أفري أوداج قتلة عثمان فري الأهب بشباة الشفار و أما اللين فهيهات إلا خيفة المرتقب يرتقب غفلة الطالب إنا على مداجاة و لما تبد صفحاتنا بعد و ليس دون الدم بالدم مزحل إن العار منقصة و الضعف ذل أ يخبط قتل عثمان زهرة الحياة الدنيا و يسقون برد المعين و لما يمتطوا الخوف و يستحلسوا الحذر بعد مسافة الطرد و امتطاء العقبة الكئود في الرحلة لا دعيت لعقبة إن كان ذلك حتى أنصب لهم حربا تضع الحوامل لها أطفالها قد ألوت بنا المسافة و وردنا حياض المنايا و قد عقلت نفسي على الموت عقل البعير و احتسبت أني ثاني عثمان أو أقتل قاتله فعجل علي ما يكون من رأيك فإنا منوطون بك متبعون عقبك و لم أحسب الحال تتراخى بك إلى هذه الغاية لما أخافه من إحكام القوم أمرهم و كتب في أسفل الكتاب(11/205)


نومي علي محرم إن لم أقم بدم ابن أمي من بني العلات قامت علي إذا قعدت و لم أقم بطلاب ذاك مناحة الأموات عذبت حياض الموت عندي بعد ما كانت كريهة مورد النهلاو كتب إليه يعلى بن أمية شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 244إنا و أنتم يا بني أمية كالحجر لا يبنى بغير مدر و كالسيف لا يقطع إلا بضاربه. وصل كتابك بخبر القوم و حالهم فلئن كانوا ذبحوه ذبح النطيحة بودر بها الموت لينحرن ذابحه نحر البدنة وافى بها الهدي الأجل ثكلتنين أنا ابنها إن نمت عن طلب وتر عثمان أو يقال لم يبق فيه رمق إني أرى العيش بعد قتل عثمان مرا إن أدلج القوم فإني مدلج و أما قصدهم ما حوته يدي من المال فالمال أيسر مفقود إن دفعوا إلينا قتلة عثمان و إن أبوا ذلك أنفقنا المال على قتالهم و إن لنا و لهم لمعركة نتناحر فيها نحر القدار النقائع عن قليل تصل لحومها. و كتب في أسفل الكتاب
لمثل هذا اليوم أوصى الناس لا تعط ضيما أو يخر الراس(11/206)


قال فكل هؤلاء كتبوا إلى معاوية يحرضونه و يغرونه و يحركونه و يهيجونه إلا سعيد بن العاص فإنه كتب بخلاف ما كتب به هؤلاء كان كتابه أما بعد فإن الحزم في التثبت و الخطأ في العجلة و الشؤم في البدار و السهم سهمك ما لم ينبض به الوتر و لن يرد الحالب في الضرع اللبن ذكرت حق أمير المؤمنين علينا و قرابتنا منه و أنه قتل فينا فخصلتان ذكرهما نقص و الثالثة تكذب و أمرتنا بطلب دم عثمان فأي جهة تسلك فيها أبا عبد الرحمن ردمت الفجاج و أحكم الأمر عليك و ولي زمامه غيرك فدع مناوأة من لو كان افترش فراشه صدر الأمر لم يعدل به غيره و قلت كأنا عن قليل لا نتعارف فهل نحن إلا حي من قريش إن لم تنلنا الولاية لم يضق عنا الحق إنها خلافة منافية و بالله أقسم قسما مبرورا لئن صحت عزيمتك على شرح نهج البلاغة ج : 10 ص : 245ما ورد به كتابك لألفينك بين الحالين طليحا و هبني إخالك بعد خوض الدماء تنال الظ هل في ذلك عوض من ركوب المأثم و نقص الدين. أما أنا فلا على بني أمية و لا لهم أجعل الحزم داري و البيت سجني و أتوسد الإسلام و أستشعر العافية فاعدل أبا عبد الرحمن زمام راحلتك إلى محجة الحق و استوهب العافية لأهلك و استعطف الناس على قومك و هيهات من قبولك ما أقول حتى يفجر مروان ينابيع الفتن تأجج في البلاد و كأني بكما عند ملاقاة الأبطال تعتذران بالقدر و لبئس العاقبة الندامة و عما قليل يضح لك الأمر و السلام. هذا آخر ما تكاتب القوم به و من وقف عليه علم أن الحال لم يكن حالا يقبل العلاج و التدبير و أنه لم يكن بد من السيف و أن عليا ع كان أعرف بما عمل. و قد أجاب ابن سنان في كتابه الذي سماه العادل عن هذا السؤال فقال قد علم الناس كافة أنه ع في قصة الشورى عرض عليه عبد الرحمن بن عوف أن يعقد له الخلافة على أن يعمل بكتاب الله و سنة رسوله و سيرة أبي بكر و عمر فلم يستجب إلى ذلك و قال بل على أن أعمل بكتاب الله و سنة رسوله و أجتهد رأيي. و قد(11/207)


اختلف الناس في ذلك فقالت الشيعة إنما لم يدخل تحت الشرط لأنه لم يستصوب سيرتهما و قال غيرهم إنما امتنع لأنه مجتهد و المجتهد لا يقلد المجتهد فأيهما أقرب على القولين جميعا إثما و أيسر وزرا أن يقر معاوية على ولاية الشام مدة إلى أن تتوطد خلافته مع ما ظهر من جور معاوية و عداوته و مد يده إلى الأموال و الدماء أيام سلطانه أو أن يعاهد عبد الرحمن على العمل بسيرة أبي بكر و عمر ثم يخالف بعض أحكامها إذا استقر الأمر له و وقع العقد و لا ريب أن أحدا لا يخفى عليه فضل ما بين(11/208)

110 / 151
ع
En
A+
A-