العاص فلم يدعوه يدخل إليهم فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي.
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 6و روى الزبير بن بكار في كتاب الموفقيات عن عمه عن عيسى بن داود عن رجاله قال قال ابن عباس رحمه الله لما بنى عثمان داره بالمدينة أكثر الناس عليه في ذلك فبلغه فخطبنا في يوم جمعة ثم صلى بنا ثم عاد إلى المنبر فحمد الله و أثنى عليه ولى على رسوله ثم قال أما بعد فإن النعمة إذا حدثت حدث لها حساد حسبها و أعداء قدرها و إن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها و منافسون فيها و لكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه و ضم القاصية إليه فأتانا عن أناس منكم أنهم يقولون أخذ فيئنا و أنفق شيئنا و استأثر بأموالنا يمشون خمرا و ينطقون سرا كأنا غيب عنهم و كأنهم يهابون مواجهتنا معرفة منهم بدحوض حجتهم فإذ غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعض يذكرنا و قد وجدوا على ذلك أعوانا من نظرائهم و مؤازرين من شبابهم فبعدا بعدا و رغما رغما ثم أنشد بيتين كأنه يومئ فيهما إلى علي ع.
توقد بنار أينما كنت و اشتعل فلست ترى مما تعالج شافياتشط فيقضي الأمر دونك أهله وشيكا و لا تدعى إذا كنت نائيا(10/3)
ما لي و لفيئكم و أخذ مالكم أ لست من أكثر قريش مالا و أظهرهم من الله نعمة أ لم أكن على ذلك قبل الإسلام و بعده و هبوني بنيت منزلا من بيت المال أ ليس هو لي و لكم أ لم أقم أموركم و إني من وراء حاجاتكم فما تفقدون من حقوقكم شيئا فلم لا أصنع في الفضل ما أحببت فلم كنت إماما إذا. ألا و إن من أعجب العجب أنه بلغني عنكم أنكم تقولون لنفعلن به و لنفعلن فبمن تفعلون لله آباؤكم أ بنقد البقاع أم بفقع القاع أ لست أحراكم إن دعا أن يجاب و أقمنكم إن أمر أن يطاع شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 7لهفي على بقائي فيكم بعد أصحابي و حياتي كم بعد أترابي يا ليتني تقدمت قبل هذا لكني لا أحب خلاف ما أحبه الله لي عز و جل إذا شئتم فإن الصادق المصدق محمدا ص قد حدثني بما هو كائن من أمري و أمركم و هذا بدء ذلك و أوله فكيف الهرب مما حتم و قدر أما إنه ع قد بشرني في آخر حديثه بالجنة دونكم إذا شئتم فلا أفلح من ندم. قال ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب ع و معه عمار بن ياسر رضي الله عنه و ناس من أهل هواه يتناجون فقال إيها إيها أ سرارا لا جهارا أما و الذي نفسي بيده ما أحنق على جرة و لا أوتى من ضعف مرة و لو لا النظر لي و لكم و الرفق بي و بكم لعاجلتكم فقد اغتررتم و أفلتم من أنفسكم. ثم رفع يديه يدعو و يقول اللهم قد تعلم حبي للعافية فألبسنيها و إيثاري للسلامة فآتنيها. قال فتفرق القوم عن علي ع و قام عدي بن الخيار فقال أتم الله عليك يا أمير المؤمنين النعمة و زادك في الكرامة و الله لأن تحسد أفضل من أن تحسد و لأن تنافس أجل من أن تنافس أنت و الله في حسبنا الصميم و منصبنا الكريم إن دعوت أجبت و إن أمرت أطعت فقل نفعل و ادع تجب جعلت الخيرة و الشورى إلى أصحاب رسول الله ص ليختاروا لهم و لغيرهم و إنهم ليرون مكانك و يعرفون مكان غيرك فاختاروك منيبين طائعين غير مكرهين و لا مجبرين ما غيرت و لا فارقت و لا بدلت و لا خالفت فعلام يقدمون عليك و(10/4)
هذا رأيهم فيك أنت و الله كما قال الأول
اذهب إليك فما للحسود إلا طلابك تحت العثار
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 8حكمت فما جرت في خلة فحكمك بالحق بادي المنارفإن يسبعوك فسرا و قد جهرت بسيفك كل الجهاقال و نزل عثمان فأتى منزله و أتاه الناس و فيهم ابن عباس فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس فقال ما لي و لكم يا ابن عباس ما أغراكم بي و أولعكم بتعقب أمري أ تنقمون علي أمر العامة أتيت من وراء حقوقهم أم أمركم فقد جعلتهم يتمنون منزلتكم لا و الله لكن الحسد و البغي و تثوير الشر و إحياء الفتن و الله لقد ألقى النبي ص إلي ذلك و أخبرني به عن أهله واحدا واحدا و الله ما كذبت و لا أنا بمكذوب. فقال ابن عباس على رسلك يا أمير المؤمنين فو الله ما عهدتك جهرا بسرك و لا مظهرا ما في نفسك فما الذي هيجك و ثورك إنا لم يولعنا بك أمر و لم نتعقب أمرك بشي ء أتيت بالكذب و تسوف عليك بالباطل و الله ما نقمنا عليك لنا و لا للعامة قد أوتيت من وراء حقوقنا و حقوقهم و قضيت ما يلزمك لنا و لهم فأما الحسد و البغي و تثوير الفتن و إحياء الشر فمتى رضيت به عترة النبي و أهل بيته و كيف و هم منه و إلي على دين الله يثورون الشر أم على الله يحيون الفتن كلا ليس البغي و لا الحسد من طباعهم فاتئد يا أمير المؤمنين و أبصر أمرك و أمسك عليك فإن حالتك الأولى خير من حالتك الأخرى لعمري إن كنت لأثيرا عند رسول الله و إن كان يفضي إليك بسره ما يطويه عن غيرك و لا كذبت و لا أنت بمكذوب اخسأ الشيطان عنك و لا يركبك و اغلب غضبك و لا يغلبك فما دعاك إلى هذا الأمر الذي كان منك. شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 9قال دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب فقال ابن عباس و عسى أن يكذب مبلغك قال عثمان إنه ثقة قال ابن عباس إنه ليس بثقة من بلغ وغرى قال عثمان يا ابن عباس آلله إنك ما تعلم من علي ما شكوت منه قال اللهم لا إلا أن يقول كما يقول الناس و ينقم كما ينقمون فمن أغراك(10/5)
به و أولعك بذكره دونهم فقال عثمان إنما آفتي من أعظم الداء الذي ينصب نفسه لرأس الأمر و هو علي ابن عمك و هذا و الله كله من نكده و شؤمه قال ابن عباس مهلا استثن يا أمير المؤمنين قل إن شاء الله فقال إن شاء الله ثم قال إني أنشدك يا ابن عباس الإسلام و الرحم فقد و الله غلبت و ابتليت بكم و الله لوددت أن هذا الأمر كان صار إليكم دوني فحملتموه عني و كنت أحد أعوانكم عليه إذا و الله لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي و لقد علمت أن الأمر لكم و لكن قومكم دفعوكم عنه و اختزلوه دونكم فو الله ما أدري أ دفعوه عنكم أم دفعوكم عنه. قال ابن عباس مهلا يا أمير المؤمنين فإنا ننشدك الله و الإسلام و الرحم مثل ما نشدتنا أن تطمع فينا و فيك عدوا و تشمت بنا و بك حسودا إن أمرك إليك ما كان قولا فإذا صار فعلا فليس إليك و لا في يديك و إنا و الله لنخالفن إن خولفنا و لننازعن إن نوزعنا و ما تمنيك أن يكون الأمر صار إلينا دونك إلا أن يقول قائل منا ما يقوله الناس و يعيب كما عابوا فأما صرف قومنا عنا الأمر فعن حسد قد و الله عرفته و بغي قد و الله علمته فالله بيننا و بين قومنا و أما قولك إنك لا تدري أ دفعوه عنا أم دفعونا عنه فلعمري إنك لتعرف أنه لو صار إلينا هذا الأمر ما زدنا به فضلا إلى فضلنا و لا قدرا إلى قدرنا و إنا لأهل الفضل و أهل القدر و ما فضل فاضل إلا بفضلنا و لا سبق سابق إلا بسبقنا و لو لا هدينا ما اهتدى أحد و لا أبصروا من عمى و لا قصدوا من جور. فقال عثمان حتى متى يا ابن عباس يأتيني عنكم ما يأتيني هبوني كنت بعيدا أ ما كان لي من الحق عليكم أن أراقب و أن أناظر بلى و رب الكعبة و لكن الفرقة(10/6)
شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 10سهلت لكم القول في و تقدمت بكم إلى الإسراع إلي و الله المستعان. قال ابن عباس مهلا حتى ألقى عليا ثم أحمل إليك على قدر ما رأى قال عثمان افعل فقد فعلت و طالما طلبت فلا أطلب و لا أجاب و لا أعتب. قال ابن عباس فخرجت فلقيت عليا و إذاه من الغضب و التلظي أضعاف ما بعثمان فأردت تسكينه فامتنع فأتيت منزلي و أغلقت بابي و اعتزلتهما فبلغ ذلك عثمان فأرسل إلي فأتيته و قد هدأ غضبه فنظر إلي ثم ضحك و قال يا ابن عباس ما أبطأ بك عنا إن تركك العود إلينا لدليل على ما رأيت عند صاحبك و عرفت من حاله فالله بيننا و بينه خذ بنا في غير ذلك. قال ابن عباس فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن علي شي ء فأردت التكذيب عنه يقول و لا يوم الجمعة حين أبطأت عنا و تركت العود إلينا فلا أدري كيف أرد عليه. و روى الزبير بن بكار أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال خرجت من مزلي سحرا أسابق إلى المسجد و أطلب الفضيلة فسمعت خلفي حسا و كلاما فتسمعته فإذا حس عثمان و هو يدعو و لا يرى أن أحدا يسمعه و يقول اللهم قد تعلم نيتي فأعني عليهم و تعلم الذين ابتليت بهم من ذوي رحمي و قرابتي فأصلحني لهم و أصلحهم لي. قال فقصرت من خطوتي و أسرع في مشيته فالتقينا فسلم فرددت عليه فقال إني خرجت ليلتنا هذه أطلب الفضل و المسابقة إلى المسجد فقلت إنه أخرجني ما أخرجك فقال و الله لئن سابقت إلى الخير إنك لمن سابقين مباركين و إني لأحبكم و أتقرب إلى الله بحبكم فقلت يرحمك الله يا أمير المؤمنين إنا لنحبك و نعرف سابقتك و سنك و قرابتك و صهرك قال يا ابن عباس فما لي و لابن عمك و ابن خالي قلت أي بني عمومتي و بني أخوالك قال اللهم اغفر أ تسأل مسألة الجاهل. شرح نهج البلاغة ج : 9 ص : 11قلت إن بني عمومتي من بني خئولتك كثير فأيهم تعني قال أعني عليا لا غيره فقلت لا و الله يأمير المؤمنين ما أعلم منه إلا خيرا و لا أعرف له إلا حسنا قال و الله(10/7)