و أتت عجوز من الأنصار إليه ع فسألته أن يدعو الله تعالى لها بالجنة فقال إن الجنة لا تدخلها العجز فصاحت فتبسم ع فقال إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا
شرح نهج البلاغة ج : 6 ص : 331 و في الخبر أيضا أن امرأة استحملته فقال إنا حاملوك إن شاء الله تعالى على ولد الناقة فجعلت تقول يا رسول الله و ما أصنع بولد الناقة و هل يستطيع أن يحملني و هو يبتسم و يقول لا أحملك إلا عليه حتى قال لها أخيرا و هل يلد الإبل إلالنوق
و في الخبر أنه ع مر ببلال و هو نائم فضربه برجله و قال أ نائمة أم عمرو فقال بلال مرعوبا فضرب بيده إلى مذاكيره فقال له ما بالك قال ظننت أني تحولت امرأة قيل فلم يمزح رسول الله بعد هذه
و في الخبر أيضا أن نغرا كان لصبي من صبيان الأنصار فطار من يده فبكى الغلام فكان رسول الله ص يمر به فيقول يا أبا عمير ما فعل النغير و الغلام يبكي
و كان يمازح ابني بنته مزاحا مشهورا و كان يأخذ الحسين ع فيجعله على بطنه و هو ع نائم على ظهره
و يقول له حزقة حزقة ترق عين بقة
و في الحديث الصحيح المتفق عليه أنه مر على أصحاب الدركلة و هم يلعبون و يرقصون فقال جدوا يا بني أرفده حتى يعلم اليهود و النصارى أن في ديننا فسحة
قال أهل اللغة الدركلة بكسر الدال و الكاف لعبة للحبش فيها ترقص و بنو أرفدة جنس من الحبش يرقصون.
و جاء في الخبر أنه سابق عائشة فسبقته ثم سابقها فسبقها فقال هذه بتلك
و في الخبر أيضا أن أصحاب الزفافة و هم الراقصون كانوا يقمعون باب حجرة عائشة فتخرج إليهم مستمعة و مبصرة فيخرج هو ع من ورائها مستترا بها(7/313)
و كان نعيمان و هو من أهل بدر أولع الناس بالمزاح عند رسول الله ص شرح نهج البلاغة ج : 6 ص : 332و كان يكثر الضحك فقال رسول الله ص يدخل الجنة و هو يضحكو خرج نعيمان هو و سويبط بن عبد العزى و أبو بكر الصديق في تجارة قبل وفاة رسول الله ص بعامين و كان سويبط على الزاد فكان نعيمان يستطعمه فيقول حتى يجي ء أبو بكر فمر بركب من نجران فباعه نعيمان منهم على أنه عبد له بعشر قلائص و قال لهم إنه ذو لسان و لهجة و عساه قول لكم أنا حر فقالوا لا عليك. و جاءوا إليه فوضعوا عمامته في عنقه و ذهبوا به فلما جاء أبو بكر أخبر بذلك فرده و أعاد القلائص إليهم فضحك رسول الله ص و أصحابه من ذلك سنة. و روي أن أعرابيا باع نعيمان عكة عسل فاشتراها منه فجاء بها إلى بيت عائشة في يومها و قال خذوها فظن رسول الله ص أنه أهداها إليه و مضى نعيمان فنزل الأعرابي على الباب فلما طال قعوده نادى يا هؤلاء إما أن تعطونا ثمن العسل أو تردوه علينا فعلم رسول الله ص بالقصة و أعطى الأعرابي الثمن و قال لنعيمان ما حملك على ما فعلت قال رأيتك يا رسول الله تحب العسل و رأيت العكة مع الأعرابي فضحك رسول الله ص و لم ينكر عليه. و سئل النخعي هل كان أصحاب رسول الله يضحكون و يمزحون فقال نعم و الإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي.(7/314)
و جاء في الخبر أن يحيى ع لقي عيسى ع و عيسى متبسم فقال يحيى ع ما لي أراك لاهيا كأنك آمن فقال ع ما لي أراك عابسا شرح نهج البلاغة ج : 6 ص : 333كأنك آيس فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الله إليهما أحبكما إلي الطلق البسام أحسنكما ظنا بيو روي عن كبراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا يتمازحون و يتناشدون الأشعار فإذا خاضوا في الدين انقلبت حماليقهم و صاروا في صور أخرى. و روي أن عبد الله بن عمر قال لجاريته خلقني خالق الخير و خلقك خالق الشر فبكت فقال لا عليك فإن الله تعالى هو خالق الخير و هو خالق الشر. قلت يعني بالشر المرض و الغلاء و نحوهما. و كان ابن سيرين ينشد
نبئت أن فتاة كنت أخطبها عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول
ثم يضحك حتى يسيل لعابه. و جاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخطاب فوجده مستلقيا على مرفقة له رافعا إحدى رجليه على الأخرى منشدا بصوت عال
و كيف ثوائي بالمدينة بعد ما قضى وطرا منها جميل بن معمر
فلما دخل عبد الرحمن و جلس قال يا أبا محمد إنا إذا خلونا قلنا كما يقول الناس. و كان سعيد بن المسيب ينشد
لقد أصبحت عرس الفرزدق جامحا و لو رضيت رمح استه لاستقرت(7/315)
و يضحك حتى يستغرق. و كان يقال لا بأس بقليل المزاح يخرج منه الرجل عن حد العبوس. شرح نهج البلاغة ج : 6 ص : 334و من كلام بعض الأدباء و نحن نحمد الله إليك فإن عقدة الإسلام في قلوبنا صحيحة و أواخيه عندنا ثابتة و قد اجتهد قوم أن يدخلوا قلوبنا من مرض قلوبهم و أيشوبوا يقيننا بشكهم فعصم الله منهم و حال توفيقه دونهم و لنا بعد مذهب في الدعابة جميل لا يشوبه أذى و لا قذى يخرج بنا إلى الأنس من العبوس و إلى الاسترسال من القطوب و يلحقنا بأحرار الناس الذين ارتفعوا عن لبسة الرياء و أنفوا من التشوف بالتصنع. و قال ابن جريج سألت عطاء عن القراءة على ألحان الغناء و الحداء فقال لي لا بأس بذلك حدثني عبيد الله بن عمر الليثي أنه كان لداود النبي ع معزفة قد يضرب بها إذا قرأ الزبور فتجمع إليه الطير و الوحش فيبكي و يبكي من حوله. و قال جابر بن عبد الله الجعفي رأيت الشعبي يقول لخياط يمازحه عندنا حب مكسور و أحب أن تخيطه فقال الخياط أحضر لي خيوطا من ريح لأخيطه لك. و سئل الشعبي هل يجوز أن يؤكل الجني لو ظفر به فقال ليتنا نخرج منه كفافا لا لنا و لا علينا. و سأل إنسان محمد بن سيرين عن هشام بن حسان فقال توفي البارحة أ ما شعرت فخرج يسترجع فلما رأى ابن سيرين جزعه قرأ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها. و كان زيد بن ثابت من أفكه الناس في بيته و أرفثهم و قد أباح الله تعالى الرفث إلى النساء فقال أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ شرح نهج البلاغة : 6 ص : 335وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ و قال أهل اللغة الرفث القول الفاحش تخاطب به المرأة حال الجماع. و مر بالشعبي حمال على ظهره دن خل فوضع الدن و قال له ما كان اسم امرأة إبليس فقال الشعبي ذلك نكاح ما شهدناه. و قال عكرمة ختن ابن عباس بنيه فأرسلني فدعوت اللعابين فلعبوا فأعطاهم أربعة دراهم. و تقدم رجلان إلى شريح في خصومة(7/316)
فأقر أحدهما بما ادعي عليه و هو لا يدري فقضى شريح عليه فقال أصلحك الله أ تقضي علي بغير بينة قال بلى شهد عندي ثقة قال و من هو قال ابن أخت خالتك.
و جاء في الخبر أن النبي ص مر بصهيب و هو أرمد يأكل تمرا فنهاه فقال إنما آكله عن جانب العين الصحيحة يا رسول الله فضحك منه و لم ينكر عليه
و في الخبر أنه ص مر بحسان بن ثابت و قد رش أطماره و عنده جارية تغنيه
هل على ويحكما إن لغوت من حرج
فقال ص لا حرج إن شاء الله
و قيل إن عبد الله بن جعفر قال لحسان بن ثابت في أيام معاوية لو غنتك فلانة جاريتي صوت كذا لم تدرك ركابك فقال يا أبا جعفر فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير. شرح نهج البلاغة ج : 6 ص : 336و قال أسلم مولى عمر بن الخطاب مر بي عمر و أنا و عاصم نغني غناء النصب فو و قال أعيدا علي فأعدنا عليه و قلنا أينا أحسن صنعة يا أمير المؤمنين فقال مثلكما كحماري العبادي قيل له أي حماريك شر فقال هذا ثم هذا فقلت يا أمير المؤمنين أنا الأول من الحمارين فقال أنت الثاني منهما. و مر نعيمان و هو بدري بمخرمة بن نوفل في خلافة عثمان و قد كف بصره فقال أ لا يقودني رجل حتى أبول فأخذ نعيمان بيده حتى صار به إلى مؤخر المسجد و قال هاهنا فبل فبال فصاح به الناس فقال من قادني قيل نعيمان قال لله علي أن أضربه بعصاي هذه فبلغ نعيمان فأتاه فقال بلغني أنك أقسمت لتضربن نعيمان فهل لك فيه قال نعم قال قم فقام معه حتى وافى به عثمان بن عفان و هو يصلي فقال دونك الرجل فجمع محرمة يديه في العصا و ضربه بها فصاح الناس ويلك أمير المؤمنين قال من قادني قالوا نعيمان قال و ما لي و لنعيمان لا أعرض له أبدا. و كان طويس يتغنى في عرس فدخل النعمان بن بشير الأنصاري العرس و طويس يغنيهم
أ جد بعمرة هجرانها و تسخط أم شاننا شانها
فأشاروا إليه بالسكوت فقال النعمان دعوه إنه لم يقل بأسا إنما قال
و عمرة من سروات النساء تنفح بالمسك أردانها(7/317)