للمهلب و ولده
براك الله حين براك بحرا و فجر منك أنهارا غزارا
شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 217بنوك السابقون إلى المعالي إذا ما أعظم الناس الخطاراكأنهم نجوم حول بدر تكمل إذ تكمل فاستداراملوك ينزلون بكل ثغر إذا ما الهام يوم الروع طارارزان في الخطوب ترى عليهم من الشيخ الشمائل و النجارانجوم يهتدى بهم إذا ما أخو الغمرات فالظلماء حارا
قال أبو الفرج و هذا الشعر من قصيدة لكعب يمدح بها المهلب و يذكر الخوارج و منها
سلوا أهل الأباطح من قريش عن المجد المؤثل أين صارا
شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 218لقوم الأزد في الغمرات أمضى و أوفى ذمة و أعز جاراهم قادوا الجياد على وجاها من الأمصار يقذفن المهاراإلى كرمان يحملن المنايا بكل ثنية يوقدن ناراشوازب ما أصبنا الثار حتى رددناها مكلمة مراراغداة تركن مصرع عبد رب نثرن عليه من رهج اراو يوم الزحف بالأهواز ظلنا نروي منهم الأسل الحرارافقرت أعين كانت حزينا قليلا نومها إلا غراراو لو لا الشيخ بالمصرين ينفي عدوهم لقد نزلوا الدياراو لكن قارع الأبطال حتى أصابوا الأمن و احتلوا القرارا(5/181)
شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 219إذا وهنوا و حل بهم عظيم يدق العظم كان لهم جباراو مبهمة يحيد الناس عنها تشب الموت شد لها إزاراشهاب تنجلي الظلماء عنه يرى في كل مظلمة منارابراك الله حين براك بحرا و فجر منك أنهارا غزارالأبيات المتقدمة. قال أبو الفرج و حدثني محمد بن خلف وكيع بإسناد ذكره أن الحجاج لما كتب إلى المهلب يأمره بمناجزة الخوارج حينئذ و يستبطئه و يضعفه و يعجزه من تأخيره أمرهم و مطاولته لهم قال المهلب لرسوله قل له إنما البلاء أن يكون الأمر لمن يملكه لا لمن يعرفه فإن كنت نصبتني لحرب هؤلاء القوم على أن أدبرها كما أرى فإذا أمكنتني فرصة انتهزتها و إن لم تمكني توقفت فأنا أدبر ذلك بما يصلحه و إن أردت أن أعمل برأيك و أنا حاضر و أنت غائب فإن كان صوابا فلك و إن كان خطأ فعلي فابعث من رأيت مكاني و كتب من فوره بذلك إلى عبد الملك فكتب عبد الملك إلى الحجاج لا تعارض المهلب فيما يراه و لا تعجله و دعه يدبر أمره. قال و قام كعب الأشقري إلى المهلب فأنشده بحضرة رسول الحجاج
إن ابن يوسف غره من أمركم خفض المقام بجانب الأمصارلو شهد الصفين حيث تلاقيا ضاقت عليه رحيبة الأقطارمن أرض سابور الجنود و خيلنا مثل القداح بريتها بشفار
شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 220من كل صنديد يرى بلبانه وقع الظبات مع القنا الخطارلرأى معاودة الرباع غنيمة أزمان كان محالف الإقتارفدع الحروب لشيبها و شبابها و عليك كل غريرة معطافبلغت أبياته الحجاج فكتب إلى المهلب يأمره بإشخاص كعب الأشقري إليه فأعلم المهلب كعبا بذلك و أوفده إلى عبد الملك من ليلته و كتب إليه يستوهبه منه فقدم كعب على عبد الملك برسالة المهلب فاستنطقه فأعجبه و أوفده إلى الحجاج و كتب إليه يقسم عليه أن يصفح و يعفو عما بلغه من شعره فلما دخل قال إيه يا كعب
لرأي معاودة الرباع غنيمة(5/182)
فقال أيها الأمير و الله لوددت في بعض ما شاهدته من تلك الحروب و ما أوردناه المهلب من خطرها أن أنجو منها و أكون حجاما أو حائكا قال أولى لك لو لا قسم أمير المؤمنين ما نفعك ما تقول الحق بصاحبك و رده إلى المهلب. قال أبو العباس و كان كتاب المهلب إلى الحجاج الذي بشره فيه بالظفر و النصر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكافي بالإسلام فقد ما سواه الحاكم بألا ينقطع المزيد من فضله حتى ينقطع الشكر من عباده أما بعد شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 221فقد كان من أمرنا ما قد بلغك و كنا نحن و عدونا على حالين مختلفين يسرنا منهمكثر مما يسوءنا و يسوءهم منا أكثر مما يسرهم على اشتداد شوكتهم فقد كان علا أمرهم حتى ارتاعت له الفتاة و نوم به الرضيع فانتهزت الفرصة منهم في وقت إمكانها و أدنيت السواد من السواد حتى تعارفت الوجوه فلم نزل كذلك حتى بلغ الكتاب أجله فقطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين. فكتب إليه الحجاج أما بعد فقد فعل الله بالمسلمين خيرا و أراحهم من بأس الجلاد و ثقل الجهاد و لقد كنت أعلم بما قبلك فالحمد لله رب العالمين فإذا ورد عليك كتابي فأقسم في المجاهدين فيئهم و نفل الناس على قدر بلائهم و فضل من رأيت تفضيله و إن كانت بقيت من القوم بقية فخلف خيلا تقوم بإزائهم و استعمل على كرمان من رأيت و ول الخيل شهما من ولدك و لا ترخص لأحد في اللحاق بمنزلة دون أن تقدم بهم علي و عجل القدوم إن شاء الله. فولى المهلب يزيد ابنه كرمان و قال له يا بني إنك اليوم لست كما كنت إنما لك من كرمان ما فضل عن الحجاج و لن تحتمل إلا على ما احتمل عليه أبوك فأحسن إلى من تبعك و إن أنكرت من إنسان شيئا فوجه إلي و تفضل على قومك إن شاء الله. شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 222ثم قدم المهلب على الحجاج فأجلسه إلى جانبه و أظهر بره و إكرامه و قال يا أهل العراق أن عبيد قن للمهلب ثم قال أنت و الله كما لقيط(5/183)
فقلدوا أمركم لله دركم رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعالا يطعم النوم إلا ريث يبعثه هم يكاد حشاه يقصم الضلعالا مترفا إن رخاء العيش ساعده و لا إذا عض مكروه به خشعاما زال يحلب هذا الدهر أشطره يكون متبعا طورا و متبعاحتى استمرت على شرر مريرته مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا
و روى أنه قام إليه رجل فقال أصلح الله الأمير و الله لكأني أسمع الساعة قطريا و هو يقول لأصحابه المهلب و الله كما قال لقيط الأيادي ثم أنشد هذا الشعر فسر الحجاج حتى امتلأ سرورا فقال المهلب أما و الله ما كنا أشد من عدونا و لا أحد و لكن دمغ الحق الباطل و قهرت الجماعة الفتنة و العاقبة للمتقين و كان ما كرهناه من المطاولة خيرا لنا مما أحببناه من المعاجلة. شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 223فقال الحجاج صدقت اذكر لي القوم الذين أبلوا و صف لي بلاءهم فأمر الناس فكتبوا ذلك إلى الحجاج فقال لهم المهلب ما ذخر الله لكم خير لكم عاجل الدنيا إن شاء الله فذكرهم المهلب على مراتبهم في البلاء و تفاضلهم في الغناء و قدم بنيه المغيرة و يزيد و مدركا و حبيبا و قبيصة و المفضل و عبد الملك و محمدا و قال و الله لو واحد يقدمهم في البلاء لقدمته عليهم و لو لا أن أظلمهم لآخرتهم فقال الحجاج صدقت و ما أنت أعلم بهم مني و إن حضرت و غبت إنهم لسيوف من سيوف الله ثم ذكر معن بن المغيرة و الرقاد و أشباههما. فقال الحجاج من الرقاد فدخل رجل طويل أجنأ فقال المهلب هذا فارس العرب فقال الرقاد للحجاج أيها الأمير إني كنت أقاتل مع غير المهلب فكنت كبعض الناس فلما صرت مع من يلزمني الصبر و يجعلني أسوة نفسه و ولده و يجازيني على البلاء صرت أنا و أصحابي فرسانا. فأمر الحجاج بتفضيل قوم على قوم على قدر بلائهم و زاد ولد المهلب ألفين ألفين و فعل بالرقاد و بجماعة شبيها بذلك. و قال يزيد بن حبناء من الأزارقة(5/184)
دعي اللوم إن العيش ليس بدائم و لا تعجلي باللوم يا أم عاصم فإن عجلت منك الملامة فاسمعي مقالة معني بحقك عالم و لا تعذلينا في الهدية إنما تكون الهدايا من فضول المغان شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 224و ليس بمهد من يكون نهاره جلادا و يمسي ليله غير نائم يريد ثواب الله يوما بطعنه غموس كشدق العنبري بن سالم أبيت و سربالي دلاص حصينة و مغفرها و السيف فوق الحيازم حلفت برب الواقفين عشية لدى عرفات حلفة غير آثم لقد كان في القوم لقيتهم بسابور شغل عن بزوز اللطائم توقد في أيديهم زاعبية و مرهفة تفري شئون الجماجمو قال المغيرة الحنظلي من أصحاب المهلب
إني امرؤ كفني ربي و أكرمني عن الأمور التي في غبها وخم و إنما أنا إنسان أعيش كما عاشت رجال و عاشت قبلها أمم ما عاقني عن قفول الجند إذ قفلوا عي بما صنعوا حولي و لا صمم و لو أردت قفولا ما تجهمني إذن الأمير و لا الكتاب إذ رقمواإن المهلب إن أشتق لرؤيته أو أمه فإن الناس قد علمواأنه الأريب الذي ترجى نوافله و المستنير الذي تجلى به الظلم و القائل الفاعل الميمون طائره أبو سعيد إذا ما عدت النعم أزمان كرمان إذ غص الحديد بهم و إذ تمنى رجال أنهم هزمو شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 225و قال حبيب بن عوف من قواد المهلبأبا سعيد جزاك الله صالحة فقد كفيت و لم تعنف على أحدداويت بالحلم أهل الجهل فانقمعوا و كنت كالوالد الحاني على الولد
و قال عبيدة بن هلال الخارجي يذكر رجلا من أصحابه
يهوي فترفعه الرماح كأنه شلو تنشب في مخالب ضاريهوي صريعا و الرماح تنوشه إن الشراة قصيرة الأعمار
شبيب بن يزيد الشيباني(5/185)