استتاره الهلالية و أم ابنه عباد بن حبيب و قال الشاعر لخالد يفيل رأيه
بعثت غلاما من قريش فروقة و تترك ذا الرأي الأصيل المهلباأبى الذم و اختار الوفاء و أحكمت قواه و قد ساس الأمور و جربا
و قال الحارث بن خالد المخزومي
فر عبد العزيز إذ راء عيسى و ابن داود نازلا قطرياعاهد الله إن نجا ملمنايا ليعودن بعدها حرميايسكن الخل و الصفاح فغورينا مرارا و مرة نجدياحيث لا يشهد القتال و لا يسمع يوما لكر خيل دويا
و كتب خالد إلى عبد الملك بعذر عبد العزيز و قال للمهلب ما ترى أمير المؤمنين صانعا بي قال يعزلك قال أ تراه قاطعا رحمي قال نعم قد أتته هزيمة أمية أخيك ففعل يعني هرب أمية من سجستان فكتب عبد الملك إلى خالد شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 178أما بعد فإني كنت حددت لكدا في أمر المهلب فلما ملكت أمرك نبذت طاعتي وراءك و استبددت برأيك فوليت المهلب الجباية و وليت أخاك حرب الأزارقة فقبح الله هذا رأيا أ تبعث غلاما غرا لم يجرب الأمور و الحروب للحرب و تترك سيدا شجاعا مدبرا حازما قد مارس الحروب ففلج فشغلته بالجباية أما لو كافأتك على قدر ذنبك لأتاك من نكيري ما لا بقية لك معه و لكن تذكرت رحمك فكفتني عنك و قد جعلت عقوبتك عزلك و السلام قال و ولى بشر بن مروان الإمارة و هو بالكوفة و كتب إليه أما بعد فإنك أخو أمير المؤمنين يجمعك و إياه مروان بن الحكم و إن خالدا لا مجتمع له مع أمير المؤمنين دون أمية فانظر المهلب بي أبي صفرة فوله حرب الأزارقة فإنه سيد بطل مجرب و امدده من أهل الكوفة بثمانية آلاف رجل و السلام فشق على بشر ما أمره به في المهلب و قال و الله لأقتلنه فقال له موسى بن نصير أيها الأمير إن للمهلب حفاظا و وفاء و بلاء. و خرج بشر بن مروان يريد البصرة فكتب موسى بن نصير و عكرمة بن ربعي إلى المهلب أن يتلقاه لقاء لا يعرفه به فتلقاه المهلب على بغل و سلم عليه في غمار الناس فلما جلس بشر مجلسه قال ما فعل أميركم المهلب(5/151)


قالوا قد تلقاك أيها الأمير و هو شاك فهم بشر أن يولي حرب الأزارقة عمر بن عبيد الله بن معمر و شد عزمه أسماء شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 179بن خارجة و قال له إنما ولاك أمير المؤمنين لترى رأيك فقال له عكرمة بن ربعي اكتب إلى أمير المؤمنين فأعلمه علة المهلب فكتب إليه بذلك و أن بالبصرة من يغني غناءه و وجه بالكتاب مع وفد أوفدهم إليه رئيسهم د الله بن حكيم المجاشعي فلما قرأ عبد الملك الكتاب خلا بعبد الله فقال له إن لك دينا و رأيا و حزما فمن لقتال هؤلاء الأزارقة قال المهلب قال إنه عليل قال ليست علته بمانعة فقال عبد الملك لقد أراد بشر أن يفعل ما فعل خالد فكتب إليه يعزم عليه أن يولي المهلب الحرب فوجه إليه فقال أنا عليل و لا يمكنني الاختلاف فأمر بشر بحمل الدواوين إليه فجعل ينتخب فعزم عليه بشر بالخروج فاقتطع أكثر نخبته ثم عزم عليه ألا يقيم بعد ثالثة و قد أخذت الخوارج الأهواز و خلفوها وراء ظهورهم و صاروا بالفرات فخرج المهلب حتى صار إلى شهار طاق فأتاه شيخ من بني تميم فقال أصلح الله الأمير إن سني ما ترى فهبني لعيالي فقال على أن تقول للأمير إذا خطب فحثكم على الجهاد كيف تحثنا على الجهاد و أنت تحبس عنه أشرافنا و أهل النجدة منا ففعل الشيخ ذلك فقال له بشر و ما أنت و ذاك ثم أعطى المهلب رجلا ألف درهم على أن يأتي بشرا فيقول له أيها الأمير أعن المهلب بالشرطة و المقاتلة ففعل الرجل ذلك فقال له بشر و ما أنت و ذاك فقال نصيحة حضرتني للأمير و المسلمين و لا أعود إلى مثلها فأمده بشر بالشرطة و المقاتلة و كتب إلى خليفته على الكوفة أن يعقد لعبد الرحمن بن مخنف على ثمانية آلاف من كل ربع ألفين و يوجه بهم مددا للمهلب(5/152)


شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 180فلما أتاه الكتاب بعث إلى عبد الرحمن بن مخنف الأزدي يعقد له و اختار من كل ربع ألفين فكان على ربع أهل المدينة بشر بن جرير بن عبد الله البجلي و على ربع تميم و همدان محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني و على ربع كندة محمدن إسحاق بن الأشعث بن قيس الكندي و على ربع مذحج و أسد زحر بن قيس المذحجي فقدموا على بشر بن مروان فخلا بعبد الرحمن بن مخنف و قال له قد عرفت رأيي فيك و ثقتي بك فكن عند ظني بك و انظر إلى هذا المزوني فخالفه في أمره و أفسد عليه رأيه. فخرج عبد الرحمن و هو يقول ما أعجب ما طلب مني هذا الغلام يأمرني أن أصغر شأن شيخ من مشايخ أهلي و سيد من ساداتهم فلحق بالمهلب. فلما أحس الأزارقة بدنو المهلب منهم انكشفوا عن الفرات فأتبعهم المهلب إلى سوق الأهواز فنفاهم عنها ثم اتبعهم إلى رامهرمز فهزمهم عنها فدخلوا فارس و أبلى يزيد ابنه في وقائعه هذه بلاء شديدا تقدم فيه و هو ابن إحدى و عشرين سنة. فلما صار القوم إلى فارس وجه إليهم ابنه المغيرة فقال له عبد الرحمن بن صالح أيها الأمير إنه ليس لك برأي قتل هذه الأكلب و لئن و الله قتلتهم لتقعدن في بيتك و لكن طاولهم و كل بهم فقال ليس هذا من الوفاء فلم يلبث برامهرمز إلا شهرا حتى أتاه موت بشر بن مروان. فاضطرب الجند على ابن مخنف فوجه إلى إسحاق بن الأشعث و ابن زحر فاستحلفهما ألا يبرحا فحلفا له و لم يفيا و جعل الجند من أهل الكوفة يتسللون حتى اجتمعوا شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 181بسوق الأهواز و أراد أهللبصرة الانسلال من المهلب فخطبهم فقال إنكم لستم كأهل الكوفة إنما تذبون عن مصركم و أموالكم و حرمكم. فأقام منهم قوم و تسلل منهم قوم كثير. و كان خالد بن عبد الله خليفة بشر بن مروان فوجه مولى له بكتاب منه إلى من بالأهواز يحلف بالله مجتهدا لئن لم يرجعوا إلى مراكزهم و انصرفوا عصاة لا يظفر بأحد إلا قتله فجاءهم مولاه فجعل يقرأ(5/153)


عليهم الكتاب و لا يرى في وجوههم قبولا فقال إني أرى وجوها ما القبول من شأنها فقال له ابن زحر أيها العبد اقرأ ما في الكتاب و انصرف إلى صاحبك فإنك لا تدري ما في أنفسنا و جعلوا يستحثونه بقراءته ثم قصدوا قصد الكوفة فنزلوا النخيلة و كتبوا إلى خليفة بشر يسألونه أن يأذن لهم في دخول الكوفة فأبى فدخلوها بغير إذن. فلم يزل المهلب و من معه من قواده و ابن مخنف في عدد قليل فلم يلبثوا أن ولي الحجاج العراق. فدخل الكوفة قبل البصرة و ذلك في سنة خمس و سبعين فخطبهم الخطبة المشهورة و تهددهم ثم نزل فقال لوجوه أهلها ما كانت الولاة تفعل بالعصاة قالوا كانت تضرب و تحبس فقال و لكن ليس لهم عندي إلا السيف إن المسلمين لو لم يغزوا المشركين لغزاهم المشركون و لو ساغت المعصية لأهلها ما قوتل عدو و لا جبي في ء و لا عز دين. ثم جلس توجيه الناس فقال قد أجلتكم ثلاثا و أقسم بالله لا يتخلف أحد من شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 182أصحاب ابن مخنف بعدها إلا قتلته ثم قال لصاحب حرسه و لصاحب شرطته إذا مضت ثلاثة أيام فاشحذا سيوفكما فجاءه عمير بن ضابئ البرجمي بابنه فقال أصلح الله الأمير إن هذا أنفعكم مني و هو أشد بني تميم أبدانا و أجمعهم سلاحا و أربطهم جأشا و أنا شيخ كبير عليل و استشهد جلساءه فقال له الحجاج إن عذرك لواضح و إن ضعفك لبين و لكني أكره أن يجترئ بك الناس علي و بعد فأنت ابن ضابئ صاحب عثمان و أمر به فقتل فاحتمل الناس و إن أحدهم ليتبع بزاده و سلاحه ففي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي
أقول لعبد الله يوم لقيته أرى الأمر أمسى منصبا متشعبا(5/154)


شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 183تجهز فإما أن تزور ابن ضابئ عميرا و إما أن تزور المهلباهما خطتا خسف نجاؤك منهما ركوبك حوليا من الثلج أشهبافما إن أرى الحجاج يغمد سيفه مدى الدهر حتى يترك الطفل أشيبافأضحى و لو كانت خراسان دونه رآها مكان السوق أو هي أقربو هرب سوار بن المضرب السعدي من الحجاج و قال
أ قاتلي الحجاج إن لم أزر له دراب و أترك عند هند فؤاديا
في قصيدة مشهورة له. فخرج الناس عن الكوفة و أتى الحجاج البصرة فكان أشد عليهم إلحاحا و قد كان أتاهم خبره بالكوفة فتحمل الناس قبل قدومه و أتاه رجل من بني يشكر و كان شيخا أعور يجعل على عينه العوراء صوفة فكان يلقب ذا الكرسفة فقال شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 184لح الله الأمير إن بي فتقا و قد عذرني بشر بن مروان و قد رددت العطاء فقال إنك عندي لصادق ثم أمر به فضربت عنقه ففي ذلك يقول كعب الأشقري أو الفرزدق
لقد ضرب الحجاج بالمصر ضربة تقرقر منها بطن كل عريف(5/155)

56 / 148
ع
En
A+
A-