بقوله ع فإني ولدت على الفطرة
أي على الفطرة التي لم تتغير و لم تحل و ذلك أن معنى
قول النبي ص كل مولود يولد على الفطرة
أن كل مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه و بصحة الحواس و المشاعر لأن يعلم التوحيد و العدل و لم يجعل فيه مانعا يمنعه عن ذلك و لكن التربية و العقيدة في الوالدين و الإلف لاعتقادهما و حسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه و أمير المؤمنين ع دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل و لم يصد عن مقتضاها مانع لا من جانب الأبوين و لا من جهة غيرهما و غيره ولد على الفطرة و لكنه حال عن مقتضاها و زال عن موجبها. و يمكن أن يفسر بأنه ع أراد بالفطرة العصمة و أنه منذ ولد لم يواقع قبيحا شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 116و لاان كافرا طرفة عين قط و لا مخطئا و لا غالطا في شي ء من الأشياء المتعلقة بالدين و هذا تفسير الإمامية فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام
المسألة السادسة أن يقال كيف قال و سبقت إلى الإيمان و قد قال قوم من الناس إن أبا بكر سبقه و قال قوم إن زيد بن حارثة سبقه. و الجواب أن أكثر أهل الحديث و أكثر المحققين من أهل السيرة رووا أنه ع أول من أسلم و نحن نذكر كلام أبي عمر يوسف بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالإستيعاب. قال أبو عمر في ترجمة علي ع المروي عن سلمان و أبي ذر و المقداد و خباب و أبي سعيد الخدري و زيد بن أسلم أن عليا ع أول من أسلم و فضله هؤلاء على غيره. قال أبو عمر و قال ابن إسحاق أول من آمن بالله و بمحمد رسول الله ص علي بن أبي طالب ع و هو قول ابن شهاب إلا أنه قال من الرجال بعد خديجة.(5/101)


قال أبو عمر و حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا علي بن عبد الله الدهقان قال حدثنا محمد بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال لعلي ع أربع خصال ليست شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 117لأحد غيره هو أول عربي و عي صلى مع رسول الله ص و هو الذي كان معه لواؤه في كل زحف و هو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره و هو الذي غسله و أدخله قبره
قال أبو عمر و روي عن سلمان الفارسي أنه قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها ص الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب
و قد روي هذا الحديث مرفوعا
عن سلمان عن النبي ص أنه قال أول هذه الأمة ورودا علي الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب
قال أبو عمر و رفعه أولى لأن مثله لا يدرك بالرأي. قال أبو عمر فأما إسناد المرفوع
فإن أحمد بن قاسم قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا ابن الحارث بن أبي أسامة قال حدثني يحيى بن هاشم قال حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن حنش بن المعتمر عن عليم الكندي عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله ص أولكم واردا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب
قال أبو عمر و روى أبو داود الطيالسي قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس أنه قال أول من صلى مع النبي ص بعد خديجة علي بن أبي طالب
قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال حدثنا الحسن بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة
قال أبو عمر هذا الإسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته و ثقة نقلته و قد عارض شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 118ما ذكرنا في باب أبي بكر الصديق عن ابن عباس و الصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه(5/102)


كذلك قاله مجاهد و غيره قالوا و منعه قومه. قال أبو عمر اتفق ابن شهاب و عبد الله بن محمد بن عقيل و قتادة و ابن إسحاق على أن أول من أسلم من الرجال علي و اتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله و رسوله و صدقه فيما جاء به ثم علي بعد. و روي عن أبي رافع مثل ذلك. قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا عبد السلام بن صالح قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال حدثنا عمر مولى غفرة قال سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم علي أم أبي بكر فقال سبحان الله علي أولهما إسلاما و إنما شبه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب و أسلم أبو بكر فأظهر إسلامه. قال أبو عمر و لا شك عندنا أن عليا أولهما إسلاما ذكر عبد الرزاق في جامعه عن معمر عن قتادة عن الحسن و غيره قالوا أول من أسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب ع.
و روى معمر عن عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال أول من أسلم علي بن أبي طالب
قال أبو عمر و روى ابن فضيل عن الأجلح عن حبة بن جوين العرني قال سمعت عليا ع يقول لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين
قال أبو عمر و روى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال سمعت عليا يقول إنا أول من صلى مع رسول الله ص(5/103)


شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 119قال أبو عمر و قد روى سالم بن أبي الجعد قال قلت لابن الحنفية أبو بكر كان أولهما إسلاما قال لا. قال أبو عمر و روى مسلم الملائي عن أنس بن مالك قال استنبئ النبي ص يوم الإثنين و صلى علي يوم الثلاثاء. قال أبو عمر و قال زيد بن أرقمول من آمن بالله بعد رسول الله ص علي بن أبي طالب. قال و قد روي حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكرها النسائي و أسلم بن موسى و غيرهما منها ما حدثنا به عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عمرو بن مرة قال سمعت أبا حمزة الأنصاري قال سمعت زيد بن أرقم يقول أول من صلى مع رسول الله ص علي بن أبي طالب. قال أبو عمر و حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا أبي قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا ابن إسحاق قال حدثنا يحيى بن أبي الأشعث عن إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة و كان امرأ تاجرا فو الله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس فلما رآها قد مالت قام يصلي ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلي فقلت للعباس ما هذا يا عباس قال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي قلت من هذه المرأة شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 120قال امرأته خديجة بنت خويلد قلت هذا الفتى قال علي بن أبي طالب ابن عمه قلت ما هذا الذي يصنع قال يصلي و هو يزعم أنه نبي و لم يتبعه على أمره إلا امرأته و ابن عمه هذا الغلام و هو يزعم أنه سيفتح على أمته كنوز كسرى و قيصر قال فكان عفيف الكندي يقول و قد أسلم بعد ذلك و حسن إسلامه لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ كنت أكون ثانيا مع علي. قال أبو عمر و قد ذكرنا هذا(5/104)


الحديث من طرق في باب عفيف الكندي من هذا الكتاب.
قال أبو عمر و لقد قال علي ع صليت مع رسول الله ص كذا و كذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة
فهذه الروايات و الأخبار كلها ذكرها أبو عمر يوسف بن عبد البر في الكتاب المذكور و هي كما تراها تكاد تكون إجماعا. قال أبو عمر و إنما الاختلاف في كمية سنه ع يوم أسلم ذكر الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث بن سعد عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن عليا و الزبير أسلما و هما ابنا ثماني سنين كذا يقول أبو الأسود يتيم عروة و ذكره أيضا ابن أبي خيثمة عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد عن أبي الأسود و ذكره عمر بن شبة عن الحزامي عن أبي وهب عن الليث عن أبي الأسود قال الليث و هاجرا و هما ابنا ثمان عشرة سنة. قال أبو عمر و لا أعلم أحدا قال بقول أبي الأسود هذا. قال أبو عمر و روى الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أسلم علي و هو ابن خمس عشرة سنة شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 121قاأبو عمر و أخبرنا أبو القاسم خلف بن قاسم بن سهل قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي قال أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج قال حدثنا محمد بن مسعود قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أسلم علي و هو أول من أسلم و هو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة. قال أبو عمر قال ابن وضاح و ما رأيت أحدا قط أعلم بالحديث من محمد بن مسعود و لا بالرأي من سحنون. قال أبو عمر قال ابن إسحاق أول ذكر آمن بالله و رسوله علي بن أبي طالب ع و هو يومئذ ابن عشر سنين. قال أبو عمر و الروايات في مبلغ سنه ع مختلفة قيل أسلم و هو ابن ثلاث عشرة سنة و قيل ابن اثنتي عشرة سنة و قيل ابن خمس عشرة سنة و قيل ابن ست عشرة و قيل ابن عشر و قيل ابن ثمان. قال أبو عمر و ذكر عمر بن شبة عن(5/105)

46 / 148
ع
En
A+
A-