و قال معاوية للهيثم بن الأسود أبي العريان و كان عثمانيا و كانت امرأته علوية الرأي تكتب بأخبار معاوية في أعنة الخيل و تدفعها إلى عسكر علي ع بصفين فيدفعونها إليه فقال معاوية بعد التحكيم يا هيثم أهل العراق كانوا أنصح لعلي في صفين أم أهل الشام لي فقال أهل العراق قبل أن يضربوا بالبلاء كانوا أنصح لصاحبهم قال كيف قلت ذلك قال لأن القوم ناصحوه على الدين و ناصحك أهل الشام على الدنيا و أهل الدين أصبر و هم أهل بصيرة و إنما أهل الدنيا أهل طمع ثم و الله ما لبث أهل العراق أن نبذوا الدين وراء ظهورهم و نظروا إلى الدنيا فالتحقوا بك. فقال معاوية فما الذي يمنع الأشعث أن يقدم علينا فيطلب ما قبلنا قال إن الأشعث يكرم نفسه أن يكون رأسا في الحرب و ذنبا في الطمع. و من المفارقين لعلي ع أخوه عقيل بن أبي طالب قدم على أمير المؤمنين بالكوفة يسترفده فعرض عليه عطاءه فقال إنما أريد من بيت المال فقال تقيم إلى يوم الجمعة فلما صلى ع الجمعة قال له ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين قال بئس الرجل قال فإنك أمرتني أن أخونهم و أعطيك فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية فأمر له يوم قدومه بمائة ألف درهم و قال له يا أبا يزيد أنا خير لك أم علي قال وجدت عليا أنظر لنفسه منه لي و وجدتك أنظر لي منك لنفسك. و قال معاوية لعقيل إن فيكم يا بني هاشم لينا قال أجل إن فينا لينا من غير شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 93ضعف و عزا من غير عنف و إن لينكم يا معاوية غدر و سلمكم كفر فقال معاوية و لا كل هذا يا أبا يزيد. و قال الوليد بن عقبةعقيل في مجلس معاوية غلبك أخوك يا أبا يزيد على الثروة قال نعم و سبقني و إياك إلى الجنة قال أما و الله إن شدقيه لمضمومان من دم عثمان فقال و ما أنت و قريش و الله ما أنت فينا إلا كنطيح التيس فغضب الوليد و قال و الله لو أن أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعودا و إن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا فقال صه و الله إنا لنرغب بعبد من(5/81)


عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط. و قال معاوية يوما و عنده عمرو بن العاص و قد أقبل عقيل لأضحكنك من عقيل فلما سلم قال معاوية مرحبا برجل عمه أبو لهب فقال عقيل و أهلا برجل عمته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد لأن امرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب بن أمية. قال معاوية يا أبا يزيد ما ظنك بعمك أبي لهب قال إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشا عمتك حمالة الحطب أ فناكح في النار خير أم منكوح قال كلاهما شر و الله. و ممن فارقه ع حنظلة الكاتب خرج هو و جرير بن عبد الله البجلي من الكوفة إلى قرقيسيا و قالا لا نقيم ببلدة يعاب فيها عثمان. شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 94و ممن فارقه وائل بن حجر الحضرمي و خبره مذكور في قصة بسر بن أرطاة. و روى صاحب كتاب الغارات عن إسماعيل بن حكيم عن أبي مسعود الجريري قال كان ثلاثةن أهل البصرة يتواصلون على بغض علي ع مطرف بن عبد الله بن الشخير و العلاء بن زياد و عبد الله بن شفيق. قال صاحب كتاب الغارات و كان مطرف عابدا ناسكا و قد روى هشام بن حسان عن ابن سيرين أن عمار بن ياسر دخل على أبي مسعود و عنده ابن الشخير فذكر عليا بما لا يجوز أن يذكر به فقال عمار يا فاسق و إنك لهاهنا فقال أبو مسعود أذكرك الله يا أبا اليقظان في ضيفي. قال و أكثر مبغضيه ع أهل البصرة كانوا عثمانية و كانت في أنفسهم أحقاد يوم الجمل و كان هو ع قليل التألف للناس شديدا في دين الله لا يبالي مع علمه بالدين و اتباعه الحق من سخط و من رضي.
قال و قد روى يونس بن أرقم عن يزيد بن أرقم عن أبي ناجية مولى أم هانئ قال كنت عند علي ع فأتاه رجل عليه زي السفر فقال يا أمير المؤمنين إني أتيتك من بلدة ما رأيت لك بها محبا قال من أين أتيت قال من البصرة قال أما إنهم لو يستطيعون أن يحبوني لأحبوني إني و شيعتي في ميثاق الله لا يزاد فينا رجل و لا ينقص إلى يوم القيامة(5/82)


و روى أبو غسان البصري قال بنى عبيد الله بن زياد أربعة مساجد بالبصرة تقوم على بغض علي بن أبي طالب و الوقيعة فيه مسجد بني عدي و مسجد بني مجاشع شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 95و مسجد كان في العلافين على فرضة البصرة و مسجد في الأزد. و مما قيل عنه إنه يبغض عليا ع يذمه الحسن بن أبي الحسن البصري أبو سعيد و روى عنه حماد بن سلمة أنه قال لو كان علي يأكل الحشف بالمدينة لكان خيرا له مما دخل فيه و رواه عنه أنه كان من المخذلين عن نصرته.
و روي عنه أن عليا ع رآه و هو يتوضأ للصلاة و كان ذا وسوسة فصب على أعضائه ماء كثيرا فقال له أرقت ماء كثيرا يا حسن فقال ما أراق أمير المؤمنين من دماء المسلمين أكثر قال أ و ساءك ذلك قال نعم قال فلا زلت مسوأ
قالوا فما زال الحسن عابسا قاطبا مهموما إلى أن مات. فأما أصحابنا فإنهم يدفعون ذلك عنه و ينكرونه و يقولون إنه كان من محبي علي بن أبي طالب ع و المعظمين له. و روى أبو عمر بن عبد البر المحدث في كتابه المعروف بالاستيعاب في معرفة الصحاب أن إنسانا سأل الحسن عن علي ع فقال كان و الله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه و رباني هذه الأمة و ذا فضلها و ذا سابقتها و ذا قرابتها من رسول الله ص لم يكن بالنؤمة عن أمر الله و لا بالملومة في دين الله و لا بالسروقة لمال الله أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ذلك علي بن أبي طالب يا لكع. و روى الواقدي قال سئل الحسن عن علي ع و كان يظن به الانحراف عنه و لم يكن كما يظن فقال ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع ائتمانه على براءة شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 96و ما قال له الرسول في غزاة تبوك فلو كان غير النبوة شي ء يفوته لاستثنا و قول النبي ص الثقلان كتاب الله و عترتي(5/83)


و إنه لم يؤمر عليه أمير قط و قد أمرت الأمراء على غيره. و روى أبان بن عياش قال سألت الحسن البصري عن علي ع فقال ما أقول فيه كانت له السابقة و الفضل و العلم و الحكمة و الفقه و الرأي و الصحبة و النجدة و البلاء و الزهد و القضاء و القرابة إن عليا كان في أمره عليا رحم الله عليا و صلى عليه فقلت يا أبا سعيد أ تقول صلى عليه لغير النبي فقال ترحم على المسلمين إذا ذكروا و صل على النبي و آله و علي خير آله فقلت أ هو خير من حمزة و جعفر قال نعم قلت و خير من فاطمة و ابنيها قال نعم و الله إنه خير آل محمد كلهم و من يشك أنه خير منهم
و قد قال رسول الله ص و أبوهما خير منهما
و لم يجر عليه اسم شرك و لا شرب خمر
و قد قال رسول الله ص لفاطمة ع زوجتك خير أمتي(5/84)


فلو كان في أمته خير منه لاستثناه و لقد آخى رسول الله ص بين أصحابه فآخى بين علي و نفسه فرسول الله ص خير الناس نفسا و خيرهم أخا فقلت يا أبا سعيد فما هذا الذي يقال عنك إنك قلته في علي فقال يا ابن أخي احقن دمي من هؤلاء الجبابرة و لو لا ذلك لشالت بي الخشب. قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله تعالى و وجدته أيضا في كتاب الغارات لإبراهيم بن هلال الثقفي و قد كان بالكوفة من فقهائها من يعادي عليا و يبغضه مع غلبة التشيع على الكوفة فمنهم مرة الهمداني. شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 97و روى أبو نعيم الفضل بن دكين عن فطر بخليفة قال سمعت مرة يقول لأن يكون علي جملا يستقى عليه أهله خير له مما كان عليه. و روى إسماعيل بن بهرام عن إسماعيل بن محمد عن عمرو بن مرة قال قيل لمرة الهمداني كيف تخلفت عن علي قال سبقنا بحسناته و ابتلينا بسيئاته. قال إسماعيل بن بهرام و قد روينا عنه أنه قال أشد فحشا من هذا و لكنا نتورع عن ذكره. و روى الفضل بن دكين عن الحسن بن صالح قال لم يصل أبو صادق على مرة الهمداني. قال الفضل بن دكين و سمعت أن أبا صادق قال في أيام حياة مرة و الله لا يظلني و إياه سقف بيت أبدا. قال و لما مات لم يحضره عمرو بن شرحبيل قال لا أحضره لشي ء كان في قلبه على علي بن أبي طالب. قال إبراهيم بن هلال فحدثنا المسعودي عن عبد الله بن نمير بهذا الحديث قال ثم كان عبد الله بن نمير يقول و كذلك أنا و الله لو مات رجل في نفسه شي ء على علي ع لم أحضره و لم أصل عليه. و منهم الأسود بن يزيد و مسروق بن الدع روى سلمة بن كهيل أنهما كانا يمشيان إلى بعض أزواج رسول الله ص فيقعان في علي ع فأما الأسود فمات على ذلك و أما مسروق فلم يمت حتى كان لا يصلى لله تعالى صلاة شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 98إلا صلى بعدها على علي بن أبي طالب ع لحديث سمعه من عائشة في فضله. و روىبو نعيم الفضل بن دكين عن عبد السلام بن حرب عن ليث بن أبي سليم قال كان(5/85)

42 / 148
ع
En
A+
A-