فلما كان يوم الجمل ذهبت إحداهما فلما أرسله علي ع إلى معاوية ذهبت الأخرى ثم فارق عليا و اعتزل الحرب. و روى أهل السيرة أن الأشعث خطب إلى علي ع ابنته فزبره
و قال يا ابن الحائك أ غرك ابن أبي قحافة
و روى أبو بكر الهذلي عن الزهري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف قال قام الأشعث إلى علي ع فقال إن الناس يزعمون أن رسول الله ص عهد إليك عهدا لم يعهده إلى غيرك فقال إنه عهد إلي ما في قراب سيفي لم يعهد إلي غير ذلك فقال الأشعث هذه إن قلتها فهي عليك لا لك دعها ترحل عنك فقال له و ما علمك بما علي مما لي منافق ابن كافر حائك ابن حائك إني لأجد منك بنة الغزل ثم التفت إلى عبيد الله بن عدي بن الخيار فقال يا عبيد الله إنك لتسمع خلافا و ترى عجبا ثم أنشد
أصبحت هزءا لراعي الضأن أتبعه ما ذا يريبك مني راعي الضأن
. و قد ذكرنا في بعض الروايات المتقدمات أن سبب قوله هذه عليك لا لك أمر آخر و الروايات تختلف. و روى يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش أن جريرا و الأشعث خرجا إلى جبان الكوفة فمر بهما ضب يعدو و هما في ذم علي ع فنادياه يا أبا حسل هلم شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 76ي نبايعك بالخلافة فبلغ عليا ع قولهما
فقال أما إنهما يحشران يوم القيامة و إمامهما ضب
و كان أبو مسعود الأنصاري منحرفا عنه ع
روى شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد بن وهب قال تذاكرنا القيام إذا مرت الجنازة عند علي ع فقال أبو مسعود الأنصاري قد كنا نقوم فقال علي ع ذاك و أنتم يومئذ يهود
و روى شعبة عن عبيد بن الحسن عن عبد الرحمن بن معقل قال حضرت عليا ع و قد سأله رجل عن امرأة توفي عنها زوجها و هي حامل فقال تتربص أبعد الأجلين فقال رجل فإن أبا مسعود يقول وضعها انقضاء عدتها فقال علي ع إن فروجا لا يعلم
فبلغ قوله أبا مسعود فقال بلى و الله إني لأعلم أن الآخر شر.(5/66)


و روى المنهال عن نعيم بن دجاجة قال كنت جالسا عند علي ع إذ جاء أبو مسعود فقال علي ع جاءكم فروج فجاء فجلس فقال له علي ع بلغني أنك تفتي الناس قال نعم و أخبرهم أن الآخر شر قال فهل سمعت من رسول الله ص شيئا قال نعم سمعته يقول لا يأتي على الناس سنة مائة و على الأرض عين تطرف قال أخطأت استك الحفرة و غلطت في أول ظنك إنما عنى من حضره يومئذ و هل الرخاء إلا بعد المائة
شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 77 و روى جماعة من أهل السير أن عليا ع كان يقول عن كعب الأحبار إنه لكذابو كان كعب منحرفا عن علي ع و كان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفا عنه و عدوا له و خاض الدماء مع معاوية خوضا و كان من أمراء يزيد ابنه حتى قتل و هو على حاله. و قد روي أن عمران بن الحصين كان من المنحرفين عنه ع و أن عليا سيره إلى المدائن و ذلك أنه كان يقول إن مات علي فلا أدري ما موته و إن قتل فعسى أني إن قتل رجوت له. و من الناس من يجعل عمران في الشيعة. و كان سمرة بن جندب من شرطة زياد روى عبد الملك بن حكيم عن الحسن قال جاء رجل من أهل خراسان إلى البصرة فترك مالا كان معه في بيت المال و أخذ براءة ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فأخذه سمرة بن جندب و اتهمه برأي الخوارج فقدمه فضرب عنقه و هو يومئذ على شرطة زياد فنظروا فيما معه فإذا البراءة بخط بيت المال فقال أبو بكرة يا سمرة أ ما سمعت الله تعالى يقول قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى فقال أخوك أمرني بذلك. و روى الأعمش عن أبي صالح قال قيل لنا قد قدم رجل من أصحاب رسول الله ص فأتيناه فإذا هو سمرة بن جندب و إذا عند إحدى رجليه خمر و عند الأخرى ثلج فقلنا ما هذا قالوا به النقرس و إذا قوم قد أتوه فقالوا يا سمرة شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 78ما تقول لربك غدا تؤ بالرجل فيقال لك هو من الخوارج فتأمر بقتله ثم تؤتى بآخر فيقال لك ليس الذي قتلته بخارجي ذاك فتى وجدناه ماضيا في حاجته(5/67)


فشبه علينا و إنما الخارجي هذا فتأمر بقتل الثاني فقال سمرة و أي بأس في ذلك إن كان من أهل الجنة مضى إلى الجنة و إن كان من أهل النار مضى إلى النار.
و روى واصل مولى أبي عيينة عن جعفر بن محمد بن علي ع عن آبائه قال كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار فكان يؤذيه فشكا الأنصاري ذلك إلى رسول الله ص فبعث إلى سمرة فدعاه فقال له بع نخلك من هذا و خذ ثمنه قال لا أفعل قال فخذ نخلا مكان نخلك قال لا أفعل قال فاشتر منه بستانه قال لا أفعل قال فاترك لي هذا النخل و لك الجنة قال لا أفعل فقال ص للأنصاري اذهب فاقطع نخله فإنه لا حق له فيه
و روى شريك قال أخبرنا عبد الله بن سعد عن حجر بن عدي قال قدمت المدينة فجلست إلى أبي هريرة فقال ممن أنت قلت من أهل البصرة قال ما فعل سمرة بن جندب قلت هو حي قال ما أحد أحب إلي طول حياة منه قلت و لم ذاك
قال إن رسول الله ص قال لي و له و لحذيفة بن اليمان آخركم موتا في النار
فسبقنا حذيفة و أنا الآن أتمنى أن أسبقه قال فبقي سمرة بن جندب حتى شهد مقتل الحسين. و روى أحمد بن بشير عن مسعر بن كدام قال كان سمرة بن جندب أيام مسير شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 79الحسين ع إلى الكوفة على شرطة عبيد الله بن زياد و كان يحرض الناس على الخروج إلىلحسين ع و قتاله. و من المنحرفين عنه المبغضين له عبد الله بن الزبير و قد ذكرناه آنفا
كان علي ع يقول ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبد الله فأفسده(5/68)


و عبد الله هو الذي حمل الزبير على الحرب و هو الذي زين لعائشة مسيرها إلى البصرة و كان سبابا فاحشا يبغض بني هاشم و يلعن و يسب علي بن أبي طالب ع و كان علي ع يقنت في صلاة الفجر و في صلاة المغرب و يلعن معاوية و عمر و المغيرة و الوليد بن عقبة و أبا الأعور و الضحاك بن قيس و بسر بن أرطاة و حبيب بن مسلمة و أبا موسى الأشعري و مروان بن الحكم و كان هؤلاء يقنتون عليه و يلعنونه. و روى شيخنا أبو عبد الله البصري المتكلم رحمه الله تعالى عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال أتيت مسجد رسول الله ص و الناس يقولون نعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله فقلت ما هذا قالوا معاوية قام الساعة فأخذ بيد أبي سفيان فخرجا من المسجد
فقال رسول الله ص لعن الله التابع و المتبوع رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه
قالوا يعني الكبير العجز. و قال روى العلاء بن حريز القشيري أن رسول الله ص قال لمعاوية لتتخذن يا معاوية البدعة سنة و القبح حسنا أكلك كثير و ظلمك عظيم
قال و روى الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ قال قال شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 80علي ع نحن و آل أبي سفيان قوم تعادوا في الأمر و الأمر يعود كما بداقلت و قد ذكرنا نحن في تلخيص نقض السفيانية ما فيه كفاية في هذا الباب.(5/69)


و روى صاحب كتاب الغارات عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله قال ذكر المغيرة بن شعبة عند علي ع و جده مع معاوية قال و ما المغيرة إنما كان إسلامه لفجرة و غدرة غدرها بنفر من قومه فتك بهم و ركبها منهم فهرب منهم فأتى النبي ص كالعائذ بالإسلام و الله ما رأى أحد عليه منذ ادعى الإسلام خضوعا و لا خشوعا ألا و إنه يكون من ثقيف فراعنة قبل يوم القيامة يجانبون الحق و يسعرون نيران الحرب و يوازرون الظالمين ألا إن ثقيفا قوم غدر لا يوفون بعهد يبغضون العرب كأنهم ليسوا منهم و لرب صالح قد كان منهم فمنهم عروة بن مسعود و أبو عبيد بن مسعود المستشهد يوم قس الناطف و إن الصالح في ثقيف لغريب(5/70)

39 / 148
ع
En
A+
A-