و روى نصر عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال لما كان قتال صفين قال رجل لعمار يا أبا اليقظان أ لم يقل رسول الله ص قاتلوا الناس حتى يسلموا فإذا أسلموا عصموا مني دماءهم و أموالهم قال بلى و لكن و الله ما أسلموا و لكن استسلموا و أسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا
و روى نصر عن عبد العزيز عن حبيب بن أبي ثابت عن منذر الثوري قال قال محمد بن الحنفية لما أتاهم رسول الله ص من أعلى الوادي و من أسفله شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 32و ملأ الأودية كتائب يعني يوم فتح مكة استسلموا حتى وجدوا أعوانا. و روى نصر عن الحكم بن ظهير عن إسماعيل عن الحسن قال و حدثنا الحكم أيضا عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله ص إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فاضربوا عنقه
فقال الحسن فو الله ما فعلوا و لا أفلحوا(5/26)


شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 5533- و من كلام له عوَ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ أَعْمَامَنَا مَا يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلَّا إِيمَاناً وَ تَسْلِيماً وَ مُضِيّاً عَلَى اللَّقْمِ وَ صَبْراً عَلَى مَضَضِ الْأَلَمِ وَ جِدّاً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الآْخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ وَ أَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ حَتَّى اسْتَقَرَّ الْإِسْلَامُ مُلْقِياً جِرَانَهُ وَ مُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ وَ لَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ وَ لَا اخْضَرَّ لِلْإِيمَانِ عُودٌ وَ ايْمُ اللَّهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً وَ لَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً(5/27)


لقم الطريق الجادة الواضحة منها و المضض لذع الألم و برحاؤه و التصاول أن يحمل كل واحد من القرنين على صاحبه و التخالس التسالب و الانتهاب و الكبت الإذلال و جران البعير مقدم عنقه و تبوأت المنزل نزلته و يقال لمن أسرف في الأمر لتحتلبن دما و أصله الناقة يفرط في حلبها فيحلب الحالب الدم. شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 34و هذه ألفاظ مجازية من باب الاستعارة و هي. قوله استقر الإسلام ملقيا جرانه أي ثابتا متمكنا كالبعير يلقي جرانه على الأرض. و قوله متبوئا أوطانه جعله كالجسم المستقر في وطنه و مكانه. و قوله ما قام للدين عمود جه كالبيت القائم على العمد. و قوله و لا اخضر للإيمان عود جعله كالشجرة ذات الفروع و الأغصان. فأما قتلهم الأقارب في ذات الله فكثير قتل علي ع الجم الغفير من بني عبد مناف و بني عبد الدار في يوم بدر و أحد و هم عشيرته و بنو عمه و قتل عمر بن الخطاب يوم بدر خاله العاص بن هشام بن المغيرة و قتل حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة يوم بدر و هو ابن عمه لأنهما ابنا عبد مناف و مثل ذلك كثير مذكور في كتب السيرة. و أما كون الرجل منهم و قرنه يتصاولان و يتخالسان فإن الحال كذلك كانت بارز علي ع الوليد بن عتبة و بارز طلحة بن أبي طلحة و بارز عمرو بن عبد ود و قتل هؤلاء الأقران مبارزة و بارز كثيرا من الأبطال غيرهم و قتلهم و بارز جماعة من شجعان الصحابة جماعة من المشركين فمنهم من قتل و منهم من قتل و كتب المغازي تتضمن تفصيل ذلك
فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة(5/28)


و هذا الكلام قاله أمير المؤمنين ع في قصة ابن الحضرمي حيث قدم البصرة من قبل معاوية و استنهض أمير المؤمنين ع أصحابه إلى البصرة فتقاعدوا. قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 35حدثنا محمد بن يوسف قالدثنا الحسن بن علي الزعفراني عن محمد بن عبد الله بن عثمان عن ابن أبي سيف عن يزيد بن حارثة الأزدي عن عمرو بن محصن أن معاوية لما أصاب محمد بن أبي بكر بمصر و ظهر عليها دعا عبد الله بن عامر الحضرمي فقال له سر إلى البصرة فإن جل أهلها يرون رأينا في عثمان و يعظمون قتله و قد قتلوا في الطلب بدمه فهم موتورون حنقون لما أصابهم ودوا لو يجدون من يدعوهم و يجمعهم و ينهض بهم في الطلب بدم عثمان و احذر ربيعة و انزل في مضر و تودد الأزد فإن الأزد كلها معك إلا قليلا منهم و إنهم إن شاء الله غير مخالفيك. فقال عبد الله بن الحضرمي له إنا سهم في كنانتك و أنا من قد جربت و عدو أهل حربك و ظهيرك على قتلة عثمان فوجهني إليهم متى شئت فقال اخرج غدا إن شاء الله فودعه و خرج من عنده. فلما كان الليل جلس معاوية و أصحابه يتحدثون فقال لهم معاوية في أي منزل ينزل القمر الليلة فقالوا بسعد الذابح فكره معاوية ذلك و أرسل إليه ألا تبرح حتى يأتيك أمري فأقام. و رأى معاوية أن يكتب إلى عمرو بن العاص و هو يومئذ بمصر عامله عليها يستطلع رأيه في ذلك فكتب إليه و قد كان تسمى بإمرة المؤمنين بعد يوم صفين و بعد تحكيم الحكمين من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص سلام عليك أما بعد فإني قد رأيت رأيا هممت بإمضائه و لم يخذلني عنه شرح نهج البلاغة ج : 4 ص : 36إلا استطلاع رأيك فإن توافقني أحمد الله و أمضه و إن تخالفني فإني أستخير الله و أستهديه إني نظرت في أمر أهل البصرة فوجدت معظم أهلها لنا وليا و لعلي و شيعته عد و قد أوقع بهم علي الوقعة التي علمت فأحقاد تلك الدماء ثابتة في(5/29)


صدورهم لا تبرح و لا تريم و قد علمت أن قتلنا ابن أبي بكر و وقعتنا بأهل مصر قد أطفأت نيران أصحاب علي في الآفاق و رفعت رءوس أشياعنا أينما كانوا من البلاد و قد بلغ من كان بالبصرة على مثل رأينا من ذلك ما بلغ الناس و ليس أحد ممن يرى رأينا أكثر عددا و لا أضر خلافا على علي من أولئك فقد رأيت أن أبعث إليهم عبد الله بن عامر الحضرمي فينزل في مضر و يتودد الأزد و يحذر ربيعة و يبتغي دم ابن عفان و يذكرهم وقعة علي بهم التي أهلكت صالحي إخوانهم و آبائهم و أبنائهم فقد رجوت عند ذلك أن يفسد على علي و شيعته ذلك الفرج من الأرض و متى يؤتوا من خلفهم و أمامهم يضل سعيهم و يبطل كيدهم فهذا رأيي فما رأيك فلا تحبس رسولي إلا قدر مضي الساعة التي ينتظر فيها جواب كتابي هذا أرشدنا الله و إياك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته. فكتب عمرو بن العاص إلى معاوية. أما بعد فقد بلغني رسولك و كتابك فقرأته و فهمت رأيك الذي رأيته فعجبت له و قلت إن الذي ألقاه في روعك و جعله في نفسك هو الثائر بابن عفان و الطالب بدمه و إنه لم يك منك و لا منا منذ نهضنا في هذه الحروب و بادينا أهلها و لا رأى الناس رأيا أضر على عدوك و لا أسر لوليك من هذا الأمر الذي ألهمته فامض رأيك مسددا فقد وجهت الصليب الأريب الناصح غير الظنين و السلام.(5/30)

31 / 148
ع
En
A+
A-