في زمان صار ثعلبة أسدا و استذاب الحمل
فالذنابى فيه ناصية و النواصي خشع ذلل
فاصبري يا نفس و احتملي إن نفس الحر تحتمل
و قال أبو الطيب
نعد المشرفية و العوالي و تقتلنا المنون بلا قتال
و نرتبط السوابق مقربات و ما ينجين من خبب الليالي
و من لم يعشق الدنيا قديما و لكن لا سبيل إلى الوصال
نصيبك في حياتك من حبيب نصيبك في منامك من خيال
رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال
و هان فما أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي
يدفن بعضنا بعضا و يمشي أواخرنا على هام الأوالي
و كم عين مقبلة النواحي كحيل في الجنادل و الرمال
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و مغض كان لا يغضي لخطب و بال كان يفكر في الهزال
و قال أبو العتاهية في أرجوزته المشهورة في ذم الدنيا و فيها أنواع مختلفة من
الحكمة
ما زالت الدنيا لنا دار أذى ممزوجة الصفو بألوان القذى
الخير و الشر بها أزواج لذا نتاج و لذا نتاج
من لك بالمحض و ليس محض يخبث بعض و يطيب بعض
لكل إنسان طبيعتان خير و شر و هما ضدان
و الخير و الشر إذا ما عدا بينهما بون بعيد جدا
إنك لو تستنشق الشحيحا وجدته أنتن شي ء ريحاحسبك مما تبتغيه القوت ما أكثر القوت لمن يموت
الفقر فيما جاوز الكفافا من اتقى الله رجا و خافا
هي المقادير فلمني أو فذر إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر
لكل ما يؤذي و إن قل ألم ما أطول الليل على من لم ينم
ما انتفع المرء بمثل عقله و خير ذخر المرء حسن فعله
إن الفساد ضده الصلاح و رب جد جره المزاح
من جعل النمام عينا هلكا مبلغك الشر كباغيه لكا
إن الشباب و الفراغ و الجده مفسدة للمرء أي مفسده
يغنيك عن كل قبيح تركه قد يوهن الرأي الأصيل شكه
ما عيش من آفته بقاه نغص عيشا ناعما فناه
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34يا رب من أسخطنا بجهده قد سرنا الله بغير حمده
ما تطلع الشمس و لا تغيب إلا لأمر شأنه عجيب(4/282)
لكل شي ء قدر و جوهر و أوسط و أصغر و أكبرو كل شي ء لاحق بجوهره أصغره متصل بأكبرهمن لك بالمحض و كل ممتزج وساوس في الصدر منك تعتلج
عجبت و استغرقني السكوت حتى كأني حائر مبهوت
إذا قضى الله فكيف أصنع و الصمت إن ضاق الكلام أوسع
و قال أيضا
كل على الدنيا له حرص و الحادثات لنا بها قرص
و كان من واروه في جدث لم يبد منه لناظر شخص
يهوى من الدنيا زيادتها و زيادة الدنيا هي النقص
ليد المنية في تلطفها عن ذخر كل نفيسة فحص
و قال أيضا
أبلغ الدهر في مواعظه بل زاد فيهن لي من الإبلاغ
أي عيش يكون أطيب من عيش كفاف قوت بقدر البلاغ
غصبتني الأيام أهلي و مالي و شبابي و صحتي و فراغي
صاحب البغي ليس يسلم منه و على نفسه بغي كل باغ
رب ذي نعمة تعرض منها حائل بينه و بين المساغ
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و قال ابن المعتز
حمدا لربي و ذما للزمان فما أقل في هذه الدنيا مسراتي
كفت يدي أملى عن كل مطلب و أغلقت بابها من دون حاجاتي
و له أيضا
أ لست ترى يا صاح ما أعجب الدهرا فذما له لكن للخالق الشكرا
لقد حبب الموت البقاء الذي أرى فيا حبذا مني لمن سكن القبرا
و سبحان ربي راضيا بقضائه و كان اتقائي الشر يغري بي الشرا
و له
قل لدنياك قد تمكنت مني فافعلي ما أردت أن تفعلي بي
و اخرقي كيف شئت خرق جهول إن عندي لك اصطبار لبيب
و قال أبو العلاء المعري
و الدهر إبرام و نقض و تفريق و جمع و نهار و ليل
لو قال لي صاحبه سمه ما جزت عن ناجية أو بديل
و قال آخر
و الدهر لا يبقى على حالة لا بد أن يدبر أو يقبلا
و قال أبو الطيب
ما لي و للدنيا طلابي نجومها و مسعاي منها في شدوق الأراقم
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و قال آخر
لعمرك ما الأيام إلا معارة فما اسطعت من معروفها فتزود
و قال آخر
لعمرك ما الأيام إلا كما ترى رزية مال أو فراق حبيب
الوزير المهلبي
أ لا موت يباع فأشتريه فهذا العيش ما لا خير فيه(4/283)
أ لا رحم المهيمن نفس حر تصدق بالممات على أخيه
و له
أشكو إلى الله أحداثا من الزمن يبرينني مثل بري القدح بالسفن
لم يبق بالعيش لي إلا مرارته إذا تذوقته و الحلو منه فني
لا تحسبن نعما سرتك صحبتها إلا مفاتيح أبواب من الحزن
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر
ألا أيها الدهر الذي قد مللته سألتك إلا ما سللت حياتي
فقد و جلال الله حببت جاهدا إلي على كره الممات مماتي
و له
أ لم تر أن الدهر يهدم ما بنى و يسلب ما أعطى و يفسد ما أسدى
فمن سره ألا يرى ما يسوءه فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا
البحتري
كان الليالي أغريت حادثاتها بحب الذي نأبى و بغض الذي نهوى
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و من عرف الأيام لم ير خفضها نعيما و لم يعدد مضرتها بلوى
أبو بكر الخوارزمي
ما أثقل الدهر على من ركبه حدثني عنه لسان التجربه
لا تشكر الدهر لخير سببه فإنه لم يتعمد بالهبه
و إنما أخطأ فيك مذهبه كالسيل قد يسقي مكانا أخربه
و السم يستشفي به من شربه
و قال آخر
يسعى الفتى في صلاح العيش مجتهدا و الدهر ما عاش في إفساده ساعى
آخر
يغر الفتى مر الليالي سليمة و هن به عما قليل عواثر
آخر
إذا ما الدهر جر على أناس كلاكله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا
آخر
قل لمن أنكر حالا منكره و رأى من دهره ما حيره
ليس بالمنكر ما أنكرته كل من عاش رأى ما لم يره
ابن الرومي
سكن الزمان و تحت سكنته دفع من الحركات و البطش
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34كالأفعوان تراه منبطحا بالأرض ثم يثور للنهش
أبو الطيب
أنا لفي زمن ترك القبيح به من أكثر الناس إحسان و إجمال
ذكر الفتى عمره الثاني و حاجته ما قاته و فضول العيش أشغال
و قال آخر
جار الزمان علينا في تصرفه و أي حر عليه الدهر لم يجر
عندي من الدهر ما لو أن أيسره يلقى على الفلك الدوار لم يدر
آخر
هذا الزمان الذي كنا نحاذره فيما يحدث كعب و ابن مسعود(4/284)
إن دام هذا و لم تعقب له غير لم يبك ميت و لم يفرح بمولود
آخر
يا زمانا ألبس الأحرار ذلا و مهانه
لست عندي بزمان إنما أنت زمانه
أ جنون ما نراه منك يبدو أم مجانه
الرضي الموسوي
تأبى الليالي أن تديما بؤسا لخلق أو نعيما
و المرء بالإقبال يبلغ وادعا خطرا جسيما
فإذا انقضى إقباله رجع الشفيع له خصيما
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و هو الزمان إذا نبا سلب الذي أعطى قديما
كالريح ترجع عاصفا من بعد ما بدأت نسيما
أبو عثمان الخالدي
ألفت من حادثات الدهر أكبرها فما أعادي على أحداثها الصغر
تزيدني قسوة الأيام طيب نثا كأنني المسك بين الفهر و الحجر
السري الرفاء
تنكد هذا الدهر فيما يرومه على أنه فيما نحاذره ندب
فسير الذي نرجوه سير مقيد و سير الذي نخشى غوائله وثب
ابن الرومي
ألا إن في الدنيا عجائب جمة و أعجبها ألا يشيب وليدها
إذا ذل في الدنيا الأعزاء و اكتست أذلتها عزا و ساد مسودها
هناك فلا جادت سماء بصوبها و لا أمرعت أرض و لا اخضر عودها
أرى الناس مخسوفا بهم غير أنهم على الأرض لم يقلب عليهم صعيدها
و ما الخسف أن يلفى أسافل بلدة أعاليها بل أن يسود عبيدها
السري الرفاء
لنا من الدهر خصم لا نطالبه فما على الدهر لو كفت نوائبه
يرتد عنه جريحا من يسالمه فكيف يسلم منه من يحاربه
و لو أمنت الذي تجنى أراقمه علي هان الذي تجنى عقاربه
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34أبو فراس بن حمدان
تصفحت أحوال الزمان و لم يكن إلى غير شاك للزمان وصول
أ كل خليل هكذا غير منصف و كل زمان بالكرام بخيل
ابن الرومي
رأيت الدهر يرفع كل وغد و يخفض كل ذي شيم شريفه
كمثل البحر يغرق فيه حي و لا ينفك تطفو فيه جيفه
أو الميزان يخفض كل واف و يرفع كل ذي زنة خفيفه
ابن نباتة
و أصغر عيب في زمانك أنه به العلم جهل و العفاف فسوق
و كيف يسر الحر فيه بمطلب و ما فيه شي ء بالسرور حقيق
أبو العتاهية(4/285)
لتجذبني يد الدنيا بقوتها إلى المنايا و إن نازعتها رسني
لله دنيا أناس دائبين لها قد ارتعوا في غياض الغي و الفتن
كسائمات رواع تبتغي سمنا و حتفها لو درت في ذلك السمن
و له أيضا
أنساك محياك المماتا فطلبت في الدنيا الثباتا
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34و قال يزيد بن مفرغ الحميري
لا ذعرت السوام في فلق الصبح مغيرا و لا دعيت يزيدا
يوم أعطى من المخافة ضيما و المنايا يرصدنني أن أحيدا
و قال آخر
لا تحسبيني يا أمامة عاجزا دنسا ثيابه
إني إذا خفت الهوان مشيع ذلل ركابه
مثله قول عنترة
ذلل ركابي حيث شئت مشايعي لبي و أحفزه برأي مبرم
و قال آخر
أ خشية الموت در دركم أعطيتم القوم فوق ما سألوا
إنا لعمر الإله نأبى الذي قالوا و لما تقصف الأسل
نقبل ضيما و نحن نعرفه ما دام منا بظهرها رجل
و قال آخر
و رب يوم حبست النفس مكرهة فيه لأكبت أعداء أحاشيها
آبى و آنف من أشياء آخذها رث القوى و ضعيف القوم يعطيها
مثله للشداخ
أبينا فلا نعطي مليكا ظلامة و لا سوقة إلا الوشيج المقوما شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 34تروم الخلد في دار التفاني و كم قد رام قبلك ما تروم لأمر ما تصرمت الليالي و أمر ما تقلبت النجوم تنام و لم تنم عنك المنايا تنبه للمنية يا نئوم إلى ديان يوم الدين نمضي و عند الله تجتمع الخصومحسبنا الله وحده و صلواته على خيرته من خلقه سيدنا محمد و آله الطاهرين
تم الجزء الثالث و يليه الجزء الرابع و أوله في ذكر يوم النحر و صفة الأضحية(4/286)