إذا ما اتقى الله الفتى ثم لم يكن على أهله كلا فقد كمل الفتى
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 305السر تحت قوله ثم لم يكن على أهله كلا يقال في المثل لا تكن كلا على أهلك فتهلك. عدي بن زيدفهل من خالد إما هلكنا و هل بالموت يا للناس عار
الرضي الموسوي رحمه الله تعالى
إذا لم يكن إلا الحمام فإنني سأكرم نفسي عن مقال اللوائم و ألبسها حمراء تضفو ذيولها من الدم بعدا عن لباس الملاوم فمن قبل ما اختار ابن الأشعث عيشه على شرف عال رفيع الدعائم فطار ذميما قد تقلد عارها بشر جناح يوم دير الجماجم و جاءهم يجرى البريد برأسه و لم يغغال به في الهزائم و قد حاص من خوف الردى كل حيصة فلم ينج و الأفدار ضربة لازم و هذا يزيد بن المهلب نافرت به الذل أعراق الجدود الأكارم فقال و قد عن الفرار أو الردى لحا الله أخزى ذكرة في المواسم و ما غمرات الموت إلا انغماسة و لا ذي المنايا غير تهويم ن شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 306رأى أن هذا السيف أهون محملا من العار يبقى وسمه في المخاطم و ما قلد البيض المباتير عنقه سوى الخوف من تقليدها بالأداهم فعاف الدنايا و امتطى الموت شامخا بمارن عز لا يذل لخاطم و قد حلقت خوف الهوان بمصعب قوادم آباء كرام المقا حين أعطوه الأمان فعافه و خير فاختار الردى غير نادم و في خدره غراء من آل طلحة علاقة قلب للنديم المخالم تحبب أيام الحياة و إنها لأعذب من طعم الخلود لطاعم ففارقها و الملك لما رآهما يجران إذلال النفوس الكرائم و لما ألاح الحوفزان من الردى حذاه المخازي رمح بن عاصم و غادرها شنعاء إن ذكرت له من العار طأطأ رأس خزيان واجم كذاك مني بعد الفرار أمية بشقشقة لوثاء من آل دارم و سل لها سل الحسام ابن معمر فكر على أعقاب ناب بصارم يردد ذكري كل نجد و غائر و ألجم خوفي كل باع و ظالم و هددني الأعداء في المهد لم يحن نهوضي تقطع عقود تمائمي و عندي يوم لو يزيد و مسلم بدا لهما لاستصغرا يوم واقم على العز مت لا ميتة(4/257)
مستكينة تزيل عن الدنيا بشم المراغم و خاطر على الجلى خطار ابن حرة و إن زاحم الأمر العظيم فزا شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 307و من أباة الضيم و مؤثري الموت على الحياة الذليلة محمد و إبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع لما أحاطت عساكر عيسى بن موسى بمحمد و هو بالمدينة قيل له أنج بنفسك فإن لك خيلا مضمرة و نجائب سابقة فاقعد علي و التحق بمكة أو باليمن قال إني إذا لعبد و خرج إلى الحرب يباشرها بنفسه و بمواليه فلما أمسى تلك الليلة و أيقن بالقتل أشير عليه بالاستتار فقال إذن يستعرض عيسى أهل المدينة بالسيف فيكون لهم يوم كيوم الحرة لا و الله لا أحفظ نفسي بهلاك أهل المدينة بل أجعل دمي دون دمائهم فبذل له عيسى الأمان على نفسه و أهله و أمواله فأبى و نهد إلى الناس بسيفه لا يقاربه أحد إلا قتله لا و الله ما يبقي شيئا و إن أشبه خلق الله به فيما ذكر هو حمزة بن عبد المطلب و رمي بالسهام و دهمته الخيل فوقف إلى ناحية جدار و تحاماه الناس فوجد الموت فتحامل على سيفه فكسره فالزيدية تزعم أنه كان سيف رسول الله ص ذا الفقار. و روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب مقال الطالبيين أن محمدا ع قال لأخته ذلك اليوم إني في هذا اليوم على قتال هؤلاء فإن زالت الشمس و أمطرت السماء فإني مقتول و إن زالت الشمس و لم تمطر السماء و هبت الريح فإني أظفر بالقوم فأججي التنانير و هيئي هذه الكتب يعني كتب البيعة الواردة عليه من الآفاق فإن زالت الشمس و مطرت السماء فاطرحي هذه الكتب في التنانير فإن قدرتم على بدني شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 308فخذوه و إن لم تقدروا على رأسي فخذوا سائر بدني فأت به ظلة بني بلية على مقدار أربعة أذرع أو خمسة منها فاحفروا لي حفيرة و ادفنوني فيها فمطرت السماء وقت الزوال و قتل محمد ع و كان عندهم مشهورا أن آية قتل النفس الزكية أن يسيل دم بالمدينة حتى يدخل بيت عاتكة فكانوا يعجبون كيف يسيل الدم(4/258)
حتى يدخل ذلك البيت فأمطرت السماء ذلك اليوم و سال الدم بالمطر حتى دخل بيت عاتكة و أخذ جسده فحفر له حفيرة في الموضع الذي حده لهم فوقعوا على صخرة فأخرجوها فإذا فيها مكتوب هذا قبر الحسن بن علي بن أبي طالب ع فقالت زينب أخت محمد ع رحم الله أخي كان أعلم حيث أوصى أن يدفن في هذا الموضع. و روى أبو الفرج قال قدم على المنصور قادم فقال هرب محمد فقال له كذبت إنا أهل البيت لا نفر. و أما إبراهيم ع فروى أبو الفرج عن المفضل بن محمد الضبي قال كان إبراهيم بن عبد الله بن الحسن متواريا عندي بالبصرة و كنت أخرج و أتركه فقال لي إذا خرجت ضاق صدري فأخرج إلي شيئا من كتبك أتفرج به فأخرجت إليه كتبا من الشعر فاختار منها القصائد السبعين التي صدرت بها كتاب المفضليات ثم أتممت عليها باقي الكتاب. فلما خرج خرجت معه فلما صار بالمربد مربد سليمان بن علي وقف عليهم و أمنهم و استسقى ماء فأتي به فشرب فأخرج إليه صبيان من صبيانهم فضمهم إليه شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 309و قال هؤلاء و الله منا و نحن منهم لحمنا و دمنا و لكن آباءهم انتزوا على أمرنا و ابتزوا حقوقنا و سفكوا دماءنا ثم تمثلمهلا بني عمنا ظلامتنا إن بنا سورة من الغلق لمثلكم نحمل السيوف و لا تغمز أحسابنا من الرقق إني لأنمي إذا انتميت إلى عز عزيز و معشر صدق بيض سباط كان أعينهم تكحل يوم الهياج بالعفقلت له ما أجود هذه الأبيات و أفحلها فلمن هي فقال هذه يقولها ضرار بن الخطاب الفهري يوم عبر الخندق على رسول الله ص و تمثل بها علي بن أبي طالب يوم صفين و الحسين يوم الطف و زيد بن علي يوم السبخة و يحيى بن زيد يوم الجوزجان فتطيرت له من تمثله بأبيات لم يتمثل بها أحد إلا قتل ثم سرنا إلى باخمرى فلما قرب منها أتاه نعي أخيه محمد فتغير لونه و جرض بريقه ثم أجهش باكيا و قال اللهم إن كنت تعلم أن محمدا خرج يطلب مرضاتك و يؤثر أن تكون كلمتك العليا و أمرك المتبع المطاع فاغفر له و ارحمه و(4/259)
ارض عنه و اجعل ما نقلته إليه من الآخرة خيرا مما نقلته عنه من الدنيا ثم انفجر باكيا ثم تمثل
أبا المنازل يا خير الفوارس من يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعاالله يعلم إني لو خشيتهم أو آنس القلب من خوف لهم فزعالم يقتلوك و لم أسلم أخي لهم حتى نعيش جميعا أو نموت معا
قال المفضل فجعلت أعزيه و أعاتبه على ما ظهر من جزعه فقال إني و الله في هذا كما قال دريد بن الصمة شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 31يقول ألا تبكي أخاك و قد أرى مكان البكا لكن بنيت على الصبرلمقتل عبد الله و الهالك الذي على الشرف الأعلى قتيل أبي بكرو عبد يغوث تحجل الطير حوله و جل مصابا جثو قبر على قبرفأما ترينا لا تزال دماؤنا لدى واتر يسعى بها آخر الدهرفإنا للحم السيف غير نكيرة و نلحمه طورا و ليس بذي نكريغار علينا واترين فيشتفى بنا إن أصبنا أو نغير على وتربذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا فما ينقضي إلا و نحن على شطر
قال المفضل ثم ظهرت لنا جيوش أبي جعفر مثل الجراد فتمثل إبراهيم ع قوله
إن يقتلوني لا تصب أرماحهم ثأري و يسعى القوم سعيا جاهدانبئت أن بني جذيمة أجمعت أمرا تدبره لتقتل خالداأرمي الطريق و إن رصدت بضيقه و أنازل البطل الكمي الحاردا
فقلت له من يقول هذا الشعر يا ابن رسول الله فقال يقوله خالد بن جعفر بن كلاب يوم شعب جبلة و هذا اليوم الذي لقيت فيه قيس تميما قال و أقبلت عساكر أبي جعفر فطعن رجلا و طعنه آخر فقلت له أ تباشر القتال بنفسك و إنما العسكر منوط بك فقال إليك يا أخا بني ضبة فإني لكما قال عويف القوافي
ألمت سعاد و إلمامها أحاديث نفس و أحلامهامحجبة من بني مالك تطاول في المجد أعلامها(4/260)
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 311و إن لنا أصل جرثومة ترد الحوادث أيامهاترد الكتيبة مفلولة بها أفنها و بها ذامهو التحمت الحرب و اشتدت فقال يا مفضل احكني بشي ء فذكرت أبياتا لعويف القوافي لما كان ذكره هو من شعره فأنشدته ألا أيها الناهي فزارة بعد ما أجدت لسير إما أنت ظالم أبى كل حر أن يبيت بوتره و تمنع منه النوم إذ أنت نائم أقول لفتيان كرام تروحوا على الجرد في أفواههن الشكائم قفوا وقفة من يحي لا يخز بعدها و من يخترم لا تتبعه اللوائم و هل أنت إن باعدت نفسك عنهم لتسلم فيعد ذلك سالم
فقال أعد و تبينت من وجهه أنه يستقتل فانتهبت و قلت أو غير ذلك فقال لا بل أعد الأبيات فأعدتها فتمطى في ركابيه فقطعهما و حمل فغاب عني و أتاه سهم عائر فقتله و كان آخر عهدي به ع قلت في هذا الخبر ما يحتاج إلى تفسير أما قوله
إن بنا سورة من الغلق
فالغلق الضجر و ضيق الصدر و الحدة يقال احتد فلان فنشب في حدته و غلق و السورة الوثوب يقال إن لغضبه لسورة و إنه لسوار أي وثاب معربد و سورة الشراب وثوبه في الرأس و كذلك سورة السم و سورة السلطان سطوته و اعتداؤه. و أما قوله لمثلكم نحمل السيوف فمعناه أن غيركم ليس بكف ء لنا لنحمل له السيوف و إنما نحملها لكم لأنكم أكفاؤنا فنحن نحاربكم على الملك و الرئاسة و إن كانت أحسابنا واحدة و هي شريفة لا مغمز فيها. شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 312و الرقق بفتح الراء الضعف و منه قول الشاعلم تلق في عظمها وهنا و لا رققا
و قوله
تكحل يوم الهياج بالعلق
فالعلق الدم يريد أن عيونهم حمر لشدة الغيظ و الغضب فكأنها كحلت بالدم. و قوله لكن بنيت على الصبر أي خلقت و بنيت بنية تقتضي الصبر و الشرف لأعلى العالي و بنو أبي بكر بن كلاب من قيس عيلان ثم أحد بني عامر بن صعصعة. و أما قوله
إن يقتلوني لا تصب أرماحهم(4/261)