كما يقال المنية و لا الدنية و النار و لا العار و السيف و لا الحيف. قال سيف بن ذي يزن حين أعانه بوهرز الديلمي و من معه لأنوشروان أيها الملك أين تقع ثلاثة آلاف من خمسين ألفا فقال يا أعرابي كثير الحطب يكفيه قليل النار. لما حبس مروان بن محمد إبراهيم الإمام خرج أبو العباس السفاح و أخوه أبو جعفر و عبد الوهاب و محمد ابنا إبراهيم الإمام و عيسى و صالح و إسماعيل و عبد الله و عبد الصمد أبناء علي بن عبد الله بن العباس و عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس من الحميمة من أرض السراة يطلبون الكوفة و قد كان داود بن علي بن عبد الله بن العباس و ابنه موسى بن داود بالعراق فخرجا يطلبان الشام فتلقاهما أبو العباس و أهل بيته بدومة الجندل فسألهم داود عن شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 292خروجهم فأخبروه أنهم يريدون الكوفة ليظهروا بها و يدعوا ى البيعة لأبي العباس فقال يا أبا العباس يظهر أمرك الآن بالكوفة و مروان بن محمد شيخ بني أمية بحران مطل على العراق في جيوش أهل الشام و الجزيرة و يزيد بن عمر بن هبيرة شيخ العرب بالعراق في فرسان العرب فقال يا عم من أحب الحياة ذل ثم تمثل بقول الأعشى
فما ميتة إن متها غير عاجز بعار إذا ما غالت النفس غولها
فقال داود لابنه موسى صدق ابن عمك ارجع بنا معه فإما أن نهلك أو نموت كراما. و كان عيسى بن موسى يقول بعد ذلك إذا ذكر خروجهم من الحميمة يريدون الكوفة إن ثلاثة عشر رجلا خرجوا من ديارهم و أهليهم يطلبون ما طلبنا لعظيمة هممهم كبيرة نفوسهم شديدة قلوبهم. أبو الطيب المتنبي
و إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
و له(4/247)


إلى أي حين أنت في زي محرم و حتى متى في شقوة و إلى كم و إلا تمت تحت السيوف مكرماتمت و تقاسى الذل غير مكرم فثب واثقا بالله وثبة ماجديرى الموت في الهيجا جنى النحل في ال شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 293و قال آخرإن تقتلوني فآجال الرجال كما حدثت قتل و ما بالقتل من عارو إن سلمت لوقت بعده فعسى و كل شي ء إلى حد و مقدارخطب الحجاج فشكا سوء ضاعة أهل العراق فقام إليه جامع المحاربي فقال أيها الأمير دع ما يباعدهم منك إلى ما يقربهم إليك و التمس العافية ممن دونك تعطها ممن فوقك فلو أحبوك لأطاعوك إنهم ما شنئوك بنسبك و لا لبأوك و لكن لإيقاعك بعد وعيدك و وعيدك بعد وعدك. فقال الحجاج ما أراني أرد بني اللكيعة إلى طاعتي إلا بالسيف فقال جامع أيها الأمير إن السيف إذا لاقى السيف ذهب الخيار فقال الحجاج الخيار يومئذ لله فقال أجل و لكنك لا تدري لمن يجعله الله فقال يا هناه إيها فإنك من محارب فقال جامع
و للحرب سمينا فكنا محاربا إذا ما القنا أمسى من الطعن أحمرا(4/248)


و من الشعر الجيد في تحسين الإباء و الحمية و التحريض على النهوض و الحرب و طلب الملك و الرئاسة قصيدة عمارة اليمني شاعر المصريين في فخر الدين تورانشاه بن أيوب التي يغريه فيها بالنهوض إلى اليمن و الاستيلاء على ملكها و صادفت هذه القصيدة محلا قابلا و ملك تورانشاه اليمن بما هزت هذه القصيدة من عطفه و حركت من عزمه و أولها شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 29العلم مذ كان محتاج إلى العلم و شفرة السيف تستغني عن القلم و خير خيلك إن غامرت في شرف عزم يفرق بين الساق و القدم إن المعالي عروس غير واصلة ما لم تخلق رادءيها بنضح دم ترى مسامع فخر الدين تسمع ما أملاه خاطر أفكاري على قلمي فإن أصبت فلي حظ المصيب و إن أخطأدك فاعذرني و لا تلم كم تترك البيض في الأجفان ظامئة إلى الموارد في الأعناق و القمم و مقلة المجد نحو العزم شاخصة فاترك قعودك عن إدراكها و قم فعمك الملك المنصور سومها من الفرات إلى مصر بلا سأم و اخلق لنفسك أمرا لا تضاف به إلى سواك و أور النار في العلم و لمشيرين إن لجت نصيحتهم أو لا فأنعم على العميان بالصمم و اعزم و صمم فقد طالت و قد سمجت قضية لفظتها ألسن الأمم فرب أمر يهاب الناس غايته و الأمر أهون فيه من يد لفم فكيف إن نهضت فيما هممت به أسد تسير من الخطى في أجم لا يدرك المجد إلا كل مقتحم في موج ملتطم وج مضطرم لا ينقض الخطوة الأولى بثانية و لا يفكر في العقبى من الندم كأنما السيف أفتاه بقتلهم في فتح مكة حل القتل في الحرم و لم يراعوا لعثمان و لا عمر و لا الحسين ذمام الأشهر الحرم فما تروم سوى فتح صوارمه يضحكن في كل يوم عابس البهم حتى كأن لسان السيف فييروي الشريعة عن عاد و عن إرم(4/249)


شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 295هذا ابن تومرت قد كانت بدايته فيما يقول الورى لحما على وضم و قد ترقى إلى أن صار طالعة من الكواكب بالأنفاس و الكظم و كان أول هذا الدين من رجل سعى إلى أن دعوه سيد الكذب لم يظهر الدين الحنيف المقدس على الأديان بسعي البشر بل بالتأييد الإلهي و السر الرباني صلوات الله و سلامه على القائم به و المتحمل له
و البدر يبدو هلالا ثم يكشف بالأنوار ما سترته شملة الظلم و الغيث فهو كما قد قيل أوله قطر و بدء خراب السد بالعرم تنمو قوى الشي ء بالتدريج إن رزقت لطفا و يقوى شرار النار بالضرم حاسب ضميرك عن رأي أتاك و قل نصيحة وردت من غير متهم أقسمت ما أنت ممن جل همته م من نعم أو رق من نعم و إنما أنت مرجو لواحدة بنى بها الدهر مجدا غير منهدم كأنني بالليالي و هي هاتفة قد صم سمع رجال دونها و عمي و بالعلى كلما لاقتك قائلة أهلا بمنشر آمالي من الرو من أباة الضيم الذين اختاروا القتل على الأسر و الموت على الدنية مصعب بن الزبير كان أمير العراقين من قبل عبد الله بن الزبير و كان قد كسر جيوش عبد الملك مرارا و أعياه أمره فخرج إليه من الشام بنفسه فليم في ذلك و قيل له إنك تغرر بنفسك و خلافتك فقال إنه لا يقوم لحرب مصعب غيري هذا أمر يحتاج إلى أن يقوم به شجاع ذو رأي و ربما بعثت شجاعا و لا رأي له أو ذا رأي و لا شجاعة عنده و أنا بصير بالحرب شجاع بالسيف فلما أجمع على الخروج إلى حرب مصعب جاءته شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 296امرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية فالتزمته بكت لفراقه و بكى جواريها حولها فقال عبد الملك قاتل الله ابن أبي جمعة كأنه شاهد هذه الصورة حيث يقول
إذا هم بالأعداء لم يثن عزمه حصان عليها نظم در يزينهانهته فلما لم تر النهي عاقه بكت فبكى مما عراها قطينها(4/250)


فسار عبد الملك حتى إذا كان بمسكن من أرض العراق و قد دنا منه عسكر مصعب تقاعد بمصعب أصحابه و قواده و خذلوه فقال لابنه عيسى الحق بمكة فانج بنفسك و أخبر عمك عبد الله بما صنع أهل العراق بي و دعني فإني مقتول فقال لا تتحدث نساء قريش أني فررت عنك و لكن أقاتل دونك حتى نقتل فالفرار عار و لا عار في القتل ثم قاتل دونه حتى قتل و خف من يحامي عن مصعب من أهل العراق و أيقن بالقتل فأنفذ عبد الملك إليه أخاه محمد بن مروان فأعطاه الأمان و ولاية العراقين أبدا ما دام حيا و ألفي ألف درهم صلة فأبى و قال إن مثلي لا ينصرف عن هذا المكان إلا غالبا أو مقتولا فشد عليه أهل الشام و رموه بالنبل فأثخنوه و طعنه زائدة بن قيس بن قدامة السعدي و نادى يا لثارات المختار فوقع إلى الأرض فنزل إليه عبد الملك بن زياد بن ظبيان فاحتز رأسه و حمله إلى عبد الملك. لما حمل رأس مصعب إلى عبد الملك بكى و قال لقد كان أحب الناس إلي و أشدهم مودة لي و لكن الملك عقيم. كتب مصعب إلى سكينة بنت الحسين ع و كانت زوجته لما شخص إلى حرب عبد الملك و هي بالكوفة بعد ليال من فراقها
و كان عزيزا إن أبيت و بيننا حجاب فقد أصبحت مني على عشر(4/251)

18 / 148
ع
En
A+
A-