بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له و زيد يرفع إليه القصص و كلما رفع إليه قصة كتب هشام في أسفلها ارجع إلى أرضك فيقول زيد و الله لا أرجع إلى ابن الحارث أبدا ثم أذن له بعد حبس طويل و هشام في علية له فرقي زيد إليها و قد أمر هشام خادما له أن يتبعه حيث لا يراه زيد و يسمع ما يقول فصعد زيد و كان بادنا فوقف في بعض الدرجة فسمعه الخادم و هو يقول ما أحب الحياة إلا من ذل فأخبر الخادم هشاما بذلك فلما قعد زيد بين يدي هشام و حدثه حلف له على شي ء فقال هشام لا أصدقك فقال زيد إن الله لا يرفع أحدا عن أن يرضى بالله و لم يضع أحدا عن أن يرضى بذلك منه قال له هشا إنه بلغني أنك تذكر الخلافة و تتمناها و لست هناك لأنك ابن أمة فقال زيد إن لك جوابا قال تكلم قال إنه ليس أحد أولى بالله و لا أرفع درجة عنده من نبي ابتعثه و هو إسماعيل بن إبراهيم و هو ابن أمة قد اختاره الله لنبوته و أخرج منه خير البشر فقال هشام فما يصنع أخوك البقرة فغضب زيد حتى كاد يخرج من إهابه ثم قال سماه رسول الله ص الباقر و تسميه أنت البقرة لشد ما اختلفتما لتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة و ترد النار.(4/242)
شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 287فقال هشام خذوا بيد هذا الأحمق المائق فأخرجوه فأخذ الغلمان بيده فأقاموه فقال هشام احملوا هذا الخائن الأهوج إلى عامله فقال زيد و الله لئن حملتني إليه لا أجتمع أنا و أنت حيين و ليموتن الأعجل منا فأخرج زيد و أشخص إلى المدينة و م نفر يسيرونه حتى طردوه عن حدود الشام فلما فارقوه عدل إلى العراق و دخل الكوفة و بايع لنفسه فأعطاه البيعة أكثر أهلها و العامل عليها و على العراق يومئذ يوسف بن عمر الثقفي فكان بينهما من الحرب ما هو مذكور في كتب التواريخ و خذل أهل الكوفة زيدا و تخلف معه ممن تابعه نفر يسير و أبلى بنفسه بلاء حسنا و جهادا عظيما حتى أتاه سهم غرب فأصاب جانب جبهته اليسرى فثبت في دماغه فحين نزع منه مات ع. عنف محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ع زيدا لما خرج و حذره القتل و قال له إن أهل العراق خذلوا أباك عليا و حسنا و حسينا ع و إنك مقتول و إنهم خاذلوك فلم يثن ذلك عزمه و تمثل
بكرت تخوفني الحتوف كأنني أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل فأجبتها إن المنية منهل لا بد أن أسقى بذاك المنهل إن المنية لو تمثل مثلت مثلي إذا نزلوا بضيق المنزل فاقني حياءك لا أبا لك و اعلمي أني امرؤ سأموت إن لم أق شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 288العلوي البصري صاحب الزنج يقولو إذا تنازعني أقول لها قري موت الملوك على صعود المنبرما قد قضى سيكون فاصطبري له و لك الأمان من الذي لم يقدر
و قال أيضا
إني و قومي في أنساب قومهم كمسجد الخيف في بحبوحة الخيف ما علق السيف منا بابن عاشرة إلا و عزمته أمضى من السيفبعض الطالبيين
و إنا لتصبح أسيافنا إذا ما انتضين ليوم سفوك منابرهن بطون الأكف و أغمادهن رءوس الملوكبعض الخوارج يصف أصحابه(4/243)
و هم الأسود لدى العرين بسالة و من الخشوع كأنهم أحباريمضون قد كسروا الجفون إلى الدعا متبسمين و فيهم استبشارفكأنما أعداؤهم أحبابهم فرحا إذا خطر القنا الخطاريردون حومات الحمام و إنها تالله عند نفوسهم لصغارو لقد مضوا و أنا الحبيب إليهم و هم لدي أحبة أبرارقدر يخلفني و يمضيهم به يا لهف كيف يفوتني المقدار
و في الحديث المرفوع خلقان يحبهما الله الشجاعة و السخاء
كان بشر بن المعتمر من قدماء شيوخنا رحمه الله تعالى يقول بتفضيل علي ع شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 289و يقول كان أشجعهم و أسخاهم و منه سرى القول بالتفضيل إلى أصحابنا البغداديين قاطبة و في كثير من البصريين. دخل النضر بن راشد العبدي على امرأته في حرب الترك بخران في ولاية الجنيد بن عبد الرحمن المري في خلافة هشام بن عبد الملك و الناس يقتتلون فقال لها كيف تكونين إذا أتيت بي في لبد قتيلا مضرجا بالدماء فشقت جيبها و دعت بالويل فقال حسبك لو أعولت علي كل أنثى لعصيتها شوقا إلى الجنة ثم خرج فقاتل حتى قتل و حمل إلى امرأته في لبد و دمه يقطر من خلاله. قال أبو الطيب المتنبي
إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم يرى الجبناء إن الجبن حزم و تلك خديعة الطبع اللئيم و كل شجاعة في المرء تغني و لا مثل الشجاعة في الحكو قال
إذا لم تجد ما يبتر العمر قاعدا فقم و اطلب الشي ء الذي يبتر العمراو قال(4/244)
أهم بشي ء و الليالي كأنها تطاردني عن كونه و أطاردوحيدا من الخلان في كل بلدة إذا عظم المطلوب قل المساعد شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 290قيل لأبي مسلم في أيام صباه نراك تنظر إلى السماء كثيرا كأنك تسترق السمع أو تنتظر نزول الوحي قال لا و لكن لي همة عالية و نفس تتطلع إلى معالي الأمور مع عيش كعيش الهمج و الرعاع و حال متناهية في الاتضاع قيل فما الذي يشفي علتك و يي غلتك قال الملك قيل فاطلب الملك قال إن الملك لا يطلب هكذا قيل فما تصنع و أنت تذوب حسرا و تموت كمدا قال سأجعل بعض عقلي جهلا و أطلب به ما لا يطلب إلا بالجهل و أحرس بالباقي ما لا يحرس إلا بالعقل فأعيش بين تدبير ضدين فإن الخمول أخو العدم و الشهرة أخت الكون. قال ابن حيوس
أمواتهم بالذكر كالأحياء و لحيهم فضل على الأحياءنزلوا على حكم المروءة و امتطوا بالبأس ظهر العزة القعساءو العز لا يبقى لغير معود أن يكشف الغماء بالغماءلا تحسب الضراء ضراء إذا أفضت بصاحبها إلى السراء
و قال(4/245)
و هي الرئاسة لا تبوح بسرها إلا لأروع لا يباح ذماره يحمي حماه قلبه و لسانه و تذود عنه يمينه و يساره لا العذل ناهيه و لا الحرص الذي أمر النفوس بشحها أماره فليعلم الساعي ليبلغ ذا المدى أن الطريق كثيرة أخطا شرح نهج البلاغة ج : 3 ص : 291كان ثابت قطنة في خيل عبد الله بن بسطام في فتح شكند من بلاد الترك في أيام هشام بن عبد الملك فاشتدت شوكة الترك و انحاز كثير من المسلمين و استؤسر منهم خلق فقال ثابت و الله لا ينظر إلي بنو أمية غدا مشدودا في الحديد أطلب الفداء اهم إني كنت ضيف ابن بسطام البارحة فاجعلني ضيفك الليلة ثم حمل و حمل معه جماعة فكسرتهم الترك فرجع أصحابه و ثبت هو فرمي برذونه فشب و ضربه فأقدم فصرع ثابت و ارتث فقال اللهم إنك استجبت دعوتي و أنا الآن ضيفك فاجعل قراي الجنة فنزل تركي فأجهز عليه. قال يزيد بن المهلب لابنه خالد و قد أمره على جيش في حرب جرجان يا بني إن غلبت على الحياة فلا تغلبن علي الموت و إياك أن أراك غدا عندي مهزوما.
عن النبي ص الخير في السيف و الخير مع السيف و الخير بالسيف(4/246)