قال الحسن ع جربنا و جرب المجربون فلم نر شيئا أنفع وجدانا و لا أضر فقدانا من الصبر تداوى به الأمور و لا يداوى هو بغيره
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 320و قال سعيد بن حميد الكاتبلا تعتبن على النوائب فالدهر يرغم كل عاتب و اصبر على حدثانه إن الأمور لها عواقب كم نعمة مطوية لك بين أثناء النوائب و مسرة قد أقبلت من حيث تنتظر المصاو من كلامهم الصبر مر لا يتجرعه إلا حر. قال أعرابي كن حلو الصبر عند مرارة النازلة. و قال كسرى لبزرجمهر ما علامة الظفر بالأمور المطلوبة المستصعبة قال ملازمة الطلب و المحافظة على الصبر و كتمان السر. و قال الأحنف بن قيس لست حليما إنما أنا صبور فأفادني الصبر صفتي بالحلم.
و سئل علي ع أي شي ء أقرب إلى الكفر قال ذو فاقة لا صبر له و من كلامه ع الصبر يناضل الحدثان و الجزع من أعوان الزمان
و قال أعشى همدان
إن نلت لم أفرح بشي ء نلته و إذا سبقت به فلا أتلهف و متى تصبك من الحوادث نكبة فاصبر فكل غيابة تتكشو الأمر يذكر بالأمر و هذا البيت هو الذي قاله له الحجاج يوم قتله ذكر ذلك أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري في الأمالي قال لما أتي الحجاج بأعشى همدان أسيرا و قد كان خرج مع ابن الأشعث قال له يا ابن اللخناء أنت القائل لعدو الرحمن يعني عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 32يا ابن الأشج قريع كندة لا أبالي فيك عتباأنت الرئيس ابن الرئيس و أنت أعلى الناس كعبانبئت حجاج بن يوسف خر من زلق فتبافانهض هديت لعله يجلو بك الرحمن كرباو ابعث عطية في الحروب يكبهن عليه كبا
ثم قال عبد الرحمن خر من زلق فتب و خسر و انكب و ما لقي ما أحب و رفع بها صوته و اهتز منكباه و در ودجاه و احمرت عيناه و لم يبق في المجلس إلا من هابه فقال أيها الأمير و أنا القائل(2/267)


أبى الله إلا أن يتمم نوره و يطفئ نار الكافرين فتخمداو ينزل ذلا بالعراق و أهله كما نقضوا العهد الوثيق المؤكداو ما لبث الحجاج أن سل سيفه علينا فولى جمعنا و تبددا
فالتفت الحجاج إلى من حضر فقال ما تقولون قالوا لقد أحسن أيها الأمير و محا بآخر قوله أوله فليسعه حلمك فقال لاها الله إنه لم يرد ما ظننتم و إنما أراد تحريض أصحابه ثم قال له ويلك أ لست القائل
إن نلت لم أفرح بشي ء نلته و إذا سبقت به فلا أتلهف و متى تصبك من الحوادث نكبة فاصبر فكل غيابة تتكشأما و الله لتظلمن عليك غيابة لا تنكشف أبدا أ لست القائل في عبد الرحمن
و إذا سألت المجد أين محله فالمجد بين محمد و سعيد
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 322بين الأشج و بين قيس نازل بخ بخ لوالده و للمولوو الله لا يبخبخ بعدها أبدا يا حرسي اضرب عنقه. و مما جاء في الصبر قيل للأحنف إنك شيخ ضعيف و إن الصيام يهدك فقال إني أعده لشر يوم طويل و إن الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله. و من كلامه من لم يصبر على كلمة سمع كلمات رب غيظ قد تجرعته مخافة ما هو أشد منه. يونس بن عبيد لو أمرنا بالجزع لصبرنا. ابن السماك المصيبة واحدة فإن جزع صاحبها منها صارت اثنتين يعني فقد المصاب و فقد الثواب. الحارث بن أسد المحاسبي لكل شي ء جوهر و جوهر الإنسان العقل و جوهر العقل الصبر. جابر بن عبد الله سئل رسول الله ص عن الإيمان فقال الصبر و السماحة
و قال العتابي
اصبر إذا بدهتك نائبة ما عال منقطع إلى الصبرالصبر أولى ما اعتصمت به و لنعم حشو جوانح الصدر
و من كلام علي ع الصبر مفتاح الظفر و التوكل على الله رسول الفرج
و من كلامه ع انتظار الفرج بالصبر عبادة(2/268)


أكثم بن صيفي الصبر على جرع الحمام أعذب من جنا الندم. شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 323و من كلام بعض الزهاد و اصبر على عمل لا غناء بك عن ثوابه و اصبر عن عمل لا صبر على عقابك به. و كتب ابن العميد أقرأ في الصبر سورا و لا أقرأ في الجزع آية و أحفظ في التماسك و اللد قصائد و لا أحفظ في التهافت قافية. و قال الشاعر
و يوم كيوم البعث ما فيه حاكم و لا عاصم إلا قنا و دروع حبست به نفسي على موقف الردى حفاظا و أطراف الرماح شروع و ما يستوي عند الملمات إن عرت صبور على مكروهها و جزوأبو حية النميري
إني رأيت و في الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثرو قل من جد في أمر يحاوله و استصحب الصبر إلا فاز بالظفر
و وصف الحسن البصري عليا ع فقال كان لا يجهل و إن جهل عليه حلم و لا يظلم و إن ظلم غفر و لا يبخل و إن بخلت الدنيا عليه صبر. عبد العزيز بن زرارة الكلابي
قد عشت في الدهر أطوارا على طرق شتى فقاسيت منه الحلو و البشعاكلا بلوت فلا النعماء تبطرني و لا تخشعت من لأوائها جزعالا يملأ الأمر صدري قبل موقعه و لا يضيق به صدري إذا وقعا
و من كلام بعضهم من تبصر تصبر الصبر يفسح الفرج و يفتح المرتتج المحنة إذا تلقيت بالرضا و الصبر كانت نعمة دائمة و النعمة إذا خلت من الشكر كانت محنة لازمة. شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 324قيل لأبي مسلم صاحب الدولة بم أصبت ما أصبت قال ارتديت بالصبر و اتزرت بالكتن و حالفت الحزم و خالفت الهوى و لم أجعل العدو صديقا و لا الصديق عدوا. منصور النمري في الرشيد
و ليس لأعباء الأمور إذا عرت بمكترث لكن لهن صبوريرى ساكن الأطراف باسط وجهه يريك الهوينى و الأمور تطير(2/269)


من كلام أمير المؤمنين ع أوصيكم بخمس لو ضربتم إليهن آباط الإبل كانت لذلك أهلا لا يرجون أحدكم إلا ربه و لا يخافن إلا ذنبه و لا يستحين إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم و لا يستحيي إذا جهل أمرا أن يتعلمه و عليكم بالصبر فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فكما لا خير في جسد لا رأس له لا خير في إيمان لا صبر معه
و عنه ع لا يعدم الصبور الظفر و إن طال به الزمان
نهشل بن حري
و يوم كأن المصطلين بحرة و إن لم يكن جمرا قيام على جمرصبرنا له حتى تجلى و إنما تفرج أيام الكريهة بالصبر
علي ع اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين
و عنه ع و إن كنت جازعا على ما تفلت من يديك فاجزع على كل ما لم يصل إليك
و في كتابه ع الذي كتبه إلى عقيل أخيه و لا تحسبن ابن أمك و لو أسلمه الناس متضرعا متخشعا و لا مقرا للضيم واهنا و لا سلس الزمام للقائد و لا وطي ء الظهر للراكب و لكنه كما قال أخو بني سليم شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 32فإن تسأليني كيف أنت فإنني صبور على ريب الزمان صليب يعز علي أن ترى بي كآبة فيشمت عاد أو يساء حبيبفصل في الرياء و النهي عنه
و اعلم أنه ع بعد أن أمرنا بالصبر نهى عن الرياء في العمل و الرياء في العمل منهي عنه بل العمل ذو الرياء ليس بعمل على الحقيقة لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى و أصحابنا المتكلمون يقولون ينبغي أن يعمل المكلف الواجب لأنه واجب و يجتنب القبيح لأنه قبيح و لا يفعل الطاعة و يترك المعصية رغبة في الثواب و خوفا من العقاب فإن ذلك يخرج عمله من أن يكون طريقا إلى الثواب و شبهوه بالاعتذار في الشي ء فإن من يعتذر إليك من ذنب خوفا أن تعاقبه على ذلك الذنب لا ندما على القبيح الذي سبق منه لا يكون عذره مقبولا و لا ذنبه عندك مغفورا وهذا مقام جليل لا يصل إليه إلا الأفراد من ألوف الألوف. و قد جاء في الآثار من النهي عن الرياء و السمعة كثير(2/270)


روي عن النبي ص أنه قال يؤتى في يوم القيامة بالرجل قد عمل أعمال الخير كالجبال أو قال كجبال تهامة و له خطيئة واحدة فيقال إنما عملتها ليقال عنك فقد قيل و ذاك ثوابك و هذه خطيئتك أدخلوه بها إلى جهنم
و قال ع ليست الصلاة قيامك و قعودك إنما الصلاة إخلاصك و أن تريد بها الله وحده
و قال حبيب الفارسي لو أن الله تعالى أقامني يوم القيامة و قال هل تعد سجدة سجدت ليس للشيطان فيها نصيب لم أقدر على ذلك. شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 326توصل عبد الله بن الزبير إلى امرأة عبد الله بن عمر و هي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي في أن تكلم بعلها عبد اه بن عمر أن يبايعه فكلمته في ذلك و ذكرت صلاته و قيامه و صيامه فقال لها أ ما رأيت البغلات الشهب التي كنا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة قالت بلى قال فإياها يطلب ابن الزبير بصومه و صلاته.
و في الخبر المرفوع أن أخوف ما أخاف على أمتي الرياء في العمل ألا و إن الرياء في العمل هو الشرك الخفي
صلى و صام لأمر كان يطلبه حتى حواه فلا صلى و لا صاما
فصل في الاعتضاد بالعشيرة و التكثر بالقبيلة
ثم إنه ع بعد نهيه عن الرياء و طلب السمعة أمر بالاعتضاد بالعشيرة و التكثر بالقبيلة فإن الإنسان لا يستغني عنهم و إن كان ذا مال و قد قالت الشعراء في هذا المعنى كثيرا فمن ذلك قول بعض شعراء الحماسة(2/271)

55 / 150
ع
En
A+
A-