قيل لأبي قحافة يوم ولي الأمر ابنه قد ولي ابنك الخلافة فقرأ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ثم قال لم ولوه قالوا لسنه قال أنا أسن منه. نازع أبو سفيان أبا بكر في أمر فأغلظ له أبو بكر فقال له أبو قحافة يا بني أ تقول هذا لأبي سفيان شيخ البطحاء قال إن الله تعالى رفع بالإسلام بيوتا و وضع بيوتا فكان مما رفع بيتك يا أبت و مما وضع بيت أبي سفيان
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 6223- و من كلام له لما أشير عليه بألا يتبع طلحة و الزبير و لا يرصد لهما القتالوَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ عَلَى طُولِ اللَّدْمِ حَتَّى يَصِلَ إِلَيْهَا طَالِبُهَا وَ يَخْتِلَهَا رَاصِدُهَا وَ لَكِنِّي أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَى الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ الْمُطِيعِ الْعَاصِيَ الْمُرِيبَ أَبَداً حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا
يقال أرصد له بشر أي أعد له و هيأه و في الحديث إلا أن أرصده لدين علي و اللدم صوت الحجر أو العصا أو غيرهما تضرب به الأرض ضربا ليس بشديد. و لما شرح الراوندي هذه اللفظات قال و في الحديث و الله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد و قد كان سامحه الله وقت تصنيفه الشرح ينظر في صحاح الجوهري و ينقل منها فنقل هذا الحديث ظنا منه أنه حديث عن رسول الله ص و ليس كما ظن بل الحديث الذي أشار إليه الجوهري هو حديث علي ع الذي نحن بصدد تفسيره. و يختلها راصدها يخدعها مترقبها ختلت فلانا خدعته و رصدته ترقبته و مستأثرا علي أي مستبدا دوني بالأمر و الاسم الأثرة(2/192)


و في الحديث أنه ص شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 224قال للأنصار ستلقون بعدي أثرة فإذا كان ذلك فاصبروا حتى تردوا علي الحوضو العرب تقول في رموزها و أمثالها أحمق من الضبع و يزعمون أن الصائد يدخل عليها وجارها فيقول لها أطرقي أم طريق خامري أم عامر و يكرر ذلك عليها مرارا معنى أطرقي أم طريق طأطئي رأسك و كناها أم طريق لكثرة إطراقها على فعيل كالقبيط للناطف و العليق لنبت و معنى خامري الزمي وجارك و استتري فيه خامر الرجل منزله إذا لزمه قالوا فتلجأ إلى أقصى مغارها و تتقبض فيقول أم عامر ليست في وجارها أم عامر نائمة فتمد يديها و رجليها و تستلقي فيدخل عليها فيوثقها و هو يقول لها أبشري أم عامر بكم الرجال أبشري أم عامر بشاء هزلى و جراد عظلى أي يركب بعضه بعضا فتشد عراقيبها فلا تتحرك و لو شاءت أن تقتله لأمكنها قال الكميت
فعل المقرة للمقالة خامري يا أم عامر
و قال الشنفري(2/193)


لا تقبروني إن قبري محرم عليكم و لكن خامري أم عامرإذا ما مضى رأسي و في الرأس أكثري و غودر عند الملتقى ثم سائري هنا لك لا أرجو حياة تسرني سجيس الليالي مبسلا بالجرائر شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 225أوصاهم ألا يدفنوه إذا قتل و قال اجعلوني أكلا للسباع كالشي ء الذي يرغب به الضبع في الخروج و تقدير الكلام لا تقبروني و لكن اجعلوني كالتي يقال لها خامري أم عامر و هي الضبع فإنها لا تقبر و يمكن أن يقال أيضا أراد لا تقبروني و اجني فريسة للتي يقال لها خامري أم عامر لأنها تأكل الجيف و أشلاء القتلى و الموتى. و قال أبو عبيدة يأتي الصائد فيضرب بعقبه الأرض عند باب مغارها ضربا خفيفا و ذلك هو اللدم و يقول خامري أم عامر مرارا بصوت ليس بشديد فتنام على ذلك فيدخل إليها فيجعل الحبل في عرقوبها و يجرها فيخرجها يقول لا أقعد عن الحرب و الانتصار لنفسي و سلطاني فيكون حالي مع القوم المشار إليهم حال الضبع مع صائدها فأكون قد أسلمت نفسي فعل العاجز الأحمق و لكني أحارب من عصاني بمن أطاعني حتى أموت ثم عقب ذلك بقوله إن الاستئثار علي و التغلب أمر لم يتجدد الآن و لكنه كان منذ قبض رسول الله ص
طلحة و الزبير و نسبهما
و طلحة هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة أبوه ابن عم أبي بكر و أمه الصعبة بنت الحضرمي و كانت قبل أن تكون عند عبيد الله تحت أبي سفيان صخر بن حرب فطلقها ثم تبعتها نفسه فقال فيها شعرا أوله
و إني و صعبة فيما أرى بعيدان و الود ود قريب
في أبيات مشهورة و طلحة أحد العشرة المشهود لهم بالجنة و أحد أصحاب الشورى و كان له في الدفاع عن رسول الله ص يوم أحد أثر عظيم و شلت بعض شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 226أصابعه يومئذ وقى رسول الله ص بيده من سيوف المشركين و قال رسول الله ص يومئذ اليوم أوجب طلحة الجنة(2/194)


و الزبير هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عمة رسول الله ص و هو أحد العشرة أيضا و أحد الستة و ممن ثبت مع رسول الله ص يوم أحد و أبلى بلاء حسنا
و قال النبي ص لكل نبي حواري و حواري الزبير
و الحواري الخالصة تقول فلان خالصة فلان و خلصانه و حواريه أي شديد الاختصاص به و الاستخلاص له
خروج طارق بن شهاب لاستقبال علي بن أبي طالب
خرج طارق بن شهاب الأحمسي يستقبل عليا ع و قد صار بالربذة طالبا عائشة و أصحابها و كان طارق من صحابة علي ع و شيعته قال فسألت عنه قبل أن ألقاه ما أقدمه فقيل خالفه طلحة و الزبير و عائشة فأتوا البصرة فقلت في نفسي إنها الحرب أ فأقاتل أم المؤمنين و حواري رسول الله ص إن هذا لعظيم ثم قلت أ أدع عليا و هو أول المؤمنين إيمانا بالله و ابن عم رسول الله ص و وصيه هذا أعظم ثم أتيته فسلمت عليه ثم جلست إليه فقص علي قصة القوم و قصته ثم صلى بنا الظهر فلما انفتل جاءه الحسن ابنه ع فبكى بين يديه قال ما بالك قال أبكي لقتلك غدا بمضيعة و لا ناصر لك أما إني أمرتك فعصيتني ثم أمرتك فعصيتني فقال ع لا تزال تخن خنين الأمة ما الذي أمرتني به فعصيتك قال أمرتك حين أحاط الناس بعثمان أن تعتزل فإن الناس إذا قتلوه طلبوك أينما كنت حتى يبايعوك فلم تفعل ثم أمرتك لما قتل عثمان ألا توافقهم على شرح نهج بلاغة ج : 1 ص : 227البيعة حتى يجتمع الناس و يأتيك وفود العرب فلم تفعل ثم خالفك هؤلاء القوم فأمرتك ألا تخرج من المدينة و أن تدعهم و شأنهم فإن اجتمعت عليك الأمة فذاك و إلا رضيت بقضاء الله فقال ع و الله لا أكون كالضبع تنام على اللدم حتى يدخل إليها طالبها فيعلق الحبل برجلها و يقول لها دباب دباب حتى يقطع عرقوبها... و ذكر تمام الفصل فكان طارق بن شهاب يبكي إذا ذكر هذا الحديث دباب اسم الضبع مبني على الكسر كبراح اسم للشمس(2/195)


شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 7228- و من خطبة له عاتَّخَذُوا الشَّيْطَانَ لِأَمْرِهِمْ مِلَاكاً وَ اتَّخَذَهُمْ لَهُ أَشْرَاكاً فَبَاضَ وَ فَرَّخَ فِي صُدُورِهِمْ وَ دَبَّ وَ دَرَجَ فِي حُجُورِهِمْ فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ وَ نَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الْخَطَلَ فِعْلَ مَنْ قَدْ شَرِكَهُ الشَّيْطَانُ فِي سُلْطَانِهِ وَ نَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِهِ
يجوز أن يكون أشراكا جمع شريك كشريف و أشراف و يجوز أن يكون جمع شرك كجبل و أجبال و المعنى بالاعتبارين مختلف. و باض و فرخ في صدورهم استعارة للوسوسة و الإغواء و مراده طول مكثه و إقامته عليهم لأن الطائر لا يبيض و يفرخ إلا في الأعشاش التي هي وطنه و مسكنه و دب و درج في حجورهم أي ربوا الباطل كما يربي الوالدان الولد في حجورهما ثم ذكر أنه لشدة اتحاده بهم و امتزاجه صار كمن ينظر بأعينهم و ينطق بألسنتهم أي صار الاثنان كالواحد قال أبو الطيب
ما الخل إلا من أود بقلبه و أرى بطرف لا يرى بسوائه
و قال آخر
كنا من المساعده نحيا بروح واحده
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 229و قال آخرجبلت نفسك في نفسي كما تجبل الخمرة بالماء الزلال فإذا مسك شي ء مسني فإذا أنت أنا في كل حاو الخطل القول الفاسد و يجوز أشركه الشيطان في سلطانه بالهمزة و شركه أيضا و بغير الهمزة أفصح
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 8230- و من كلام له ع يعني به الزبير في حال اقتضت ذلكيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ بِيَدِهِ وَ لَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ وَ ادَّعَى الْوَلِيجَةَ فَلْيَأْتِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ وَ إِلَّا فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ(2/196)

40 / 150
ع
En
A+
A-