شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 188تيمي و ابن عم أبي بكر الصديق و قد كان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة و كذلك صار في صدور تيم على بني هاشم و هذا أمر مركوز في طبيعة البشر و خصوصا طينة العرب و طباعها و التجربة إلى الآن تحقق ذلك فبقي من اتة أربعة. فقال سعد بن أبي وقاص و أنا قد وهبت حقي من الشورى لابن عمي عبد الرحمن و ذلك لأنهما من بني زهرة و لعلم سعد أن الأمر لا يتم له فلما لم يبق إلا الثلاثة قال عبد الرحمن لعلي و عثمان أيكما يخرج نفسه من الخلافة و يكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين فلم يتكلم منهما أحد فقال عبد الرحمن أشهدكم أنني قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن أختار أحدهما فأمسكا فبدأ بعلي ع و قال له أبايعك على كتاب الله و سنة رسول الله و سيرة الشيخين أبي بكر و عمر فقال بل على كتاب الله و سنة رسوله و اجتهاد رأيي فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه فقال نعم فعاد إلى علي ع فأعاد قوله فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا فلما رأى أن عليا غير راجع عما قاله و أن عثمان ينعم له بالإجابة صفق على يد عثمان و قال السلام عليك يا أمير المؤمنين فيقال إن عليا ع قال له و الله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه دق الله بينكما عطر منشم. قيل ففسد بعد ذلك بين عثمان و عبد الرحمن فلم يكلم أحدهما صاحبه حتى مات عبد الرحمن(2/162)
شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 189ثم نرجع إلى تفسير ألفاظ الفصل أما قوله ع فصغا رجل منهم لضغنه فإنه يعني طلحة و قال القطب الراوندي يعني سعد بن أبي وقاص لأن عليا ع قتل أباه يوم بدر و هذا خطأ فإن أباه أبو وقاص و اسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بنرة بن كعب بن لؤي بن غالب مات في الجاهلية حتف أنفه. و أما قوله و مال الآخر لصهره يعني عبد الرحمن مال إلى عثمان لأن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت تحته و أم كلثوم هذه هي أخت عثمان من أمه أروى بنت كريز. و روى القطب الراوندي أن عمر لما قال كونوا مع الثلاثة التي عبد الرحمن فيها
قال ابن عباس لعلي ع ذهب الأمر منا الرجل يريد أن يكون الأمر في عثمان فقال علي ع و أنا أعلم ذلك و لكني أدخل معهم في الشورى لأن عمر قد أهلني الآن للخلافة و كان قبل ذلك يقول إن رسول الله ص قال إن النبوة و الإمامة لا يجتمعان في بيت فأنا أدخل في ذلك لأظهر للناس مناقضة فعله لروايته(2/163)
الذي ذكره الراوندي غير معروف و لم ينقل عمر هذا عن رسول الله ص و لكنه قال لعبد الله بن عباس يوما يا عبد الله ما تقول منع قومكم منكم قال لا أعلم يا أمير المؤمنين قال اللهم غفرا إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم النبوة و الخلافة فتذهبون في السماء بذخا و شمخا لعلكم تقولون إن أبا بكر أراد الإمرة عليكم و هضمكم كلا لكنه حضره أمر لم يكن عنده أحزم مما فعل و لو لا رأي أبي بكر شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 190في بعد موته لأعاد أمركم إليكم و لو فعل ما هنأكم مع قومكم إنهم لينظرون إليكم نظر الثور إلى جازره. فأما الرواية التي جاءبأن طلحة لم يكن حاضرا يوم الشورى فإن صحت فذو الضغن هو سعد بن أبي وقاص لأن أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس و الضغينة التي عنده على علي ع من قبل أخواله الذين قتل صناديدهم و تقلد دماءهم و لم يعرف أن عليا ع قتل أحدا من بني زهرة لينسب الضغن إليه. و هذه الرواية هي التي اختارها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ قال لما طعن عمر قيل له لو استخلفت يا أمير المؤمنين فقال من أستخلف لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته و قلت لربي لو سألني
سمعت نبيك يقول أبو عبيدة أمين هذه الأمة
و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته و قلت لربي إن سألني
سمعت نبيك ع يقول إن سالما شديد الحب لله(2/164)
فقال له رجل ول عبد الله بن عمر فقال قاتلك الله و الله ما الله أردت بهذا الأمر ويحك كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته لا أرب لعمر في خلافتكم ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي إن تك خيرا فقد أصبنا منه و إن تك شرا يصرف عنا حسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد و يسأل عن أمر أمة محمد. فخرج الناس من عنده ثم راحوا إليه فقالوا له لو عهدت عهدا قال قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أولي أمركم رجلا هو أحراكم أن يحملكم على الحق شرح نهج البلاغة ج : 1 ص : 191و أشار إلى علي ع فرهقتني غشية فرأيت رجلا يدخل جنة قد غرسها فجعيقطف كل غضة و يانعة فيضمها إليه و يصيرها تحته فخفت أن أتحملها حيا و ميتا و علمت أن الله غالب أمره عليكم بالرهط الذي قال رسول الله عنهم إنهم من أهل الجنة ثم ذكر خمسة عليا و عثمان و عبد الرحمن و الزبير و سعدا. قال و لم يذكر في هذا المجلس طلحة و لا كان طلحة يومئذ بالمدينة ثم قال لهم انهضوا إلى حجرة عائشة فتشاوروا فيها و وضع رأسه و قد نزفه الدم فقال العباس لعلي ع لا تدخل معهم و ارفع نفسك عنهم قال إني أكره الخلاف قال إذن ترى ما تكره فدخلوا الحجرة فتناجوا حتى ارتفعت أصواتهم فقال عبد الله بن عمر إن أمير المؤمنين لم يمت بعد ففيم هذا اللغط و انتبه عمر و سمع الأصوات فقال ليصل بالناس صهيب و لا يأتين اليوم الرابع من يوم موتي إلا و عليكم أمير و ليحضر عبد الله بن عمر مشيرا و ليس له شي ء من الأمر و طلحة بن عبيد الله شريككم في الأمر فإن قدم إلى ثلاثة أيام فأحضروه أمركم و إا فأرضوه و من لي برضا طلحة فقال سعد أنا لك به و لن يخالف إن شاء الله تعالى. ثم ذكر وصيته لأبي طلحة الأنصاري و ما خص به عبد الرحمن بن عوف من كون الحق في الفئة التي هو فيها و أمره بقتل من يخالف ثم خرج الناس(2/165)
فقال علي ع لقوم معه من بني هاشم إن أطيع فيكم قومكم من قريش لم تؤمروا أبدا و قال للعباس عدل بالأمر عني يا عم قال و ما علمك قال قرن بي عثمان
و قال عمر كونوا مع الأكثر فإن رضي رجلان رجلا و رجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن فسعد لا يخالف ابن عمه و عبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان فيوليها أحدهما الآخر فلو كان الآخران معي لم يغنيا شيئا فقال العباس لم أدفعك إلى شي ء إلا رجعت إلي شرح نهج ااغة ج : 1 ص : 192مستأخرا بما أكره أشرت عليك عند مرض رسول الله ص أن تسأله عن هذا الأمر فيمن هو فأبيت و أشرت عليك عند وفاته أن تعاجل البيعة فأبيت و قد أشرت عليك حين سماك عمر في الشورى اليوم أن ترفع نفسك عنها و لا تدخل معهم فيها فأبيت فاحفظ عني واحدة كلما عرض عليك القوم الأمر فقل لا إلا أن يولوك و اعلم أن هؤلاء لا يبرحون يدفعونك عن هذا الأمر حتى يقوم لك به غيرك و ايم الله لا تناله إلا بشر لا ينفع معه خير فقال ع أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان و ليحدثن البدع و الأحداث و لئن بقي لأذكرنك و إن قتل أو مات ليتداولنها بنو أمية بينهم و إن كنت حيا لتجدني حيث تكرهون ثم تمثل
حلفت برب الراقصات عشية غدون خفافا يبتدرن المحصباليجتلبن رهط ابن يعمر غدوة نجيعا بنو الشداخ وردا مصلبا(2/166)