نعم سيموت النبي عيسى عليه السلام بل يقتل شهيدا كما في رواياتيعني أنتم تؤكدون ان هناك من سيؤمن به قبل موته ..
بمعنى تثبتون أنه سيموت ؟!
يا أختي ليس هناك دليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة على رجعة النبي عيسى صلوات الله عليه !
انظر الى الآيات "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)"
قوله تعالى: «بل رفعه الله إليه و كان الله عزيزا حكيما» و قد قص الله سبحانه هذه القصة في سورة آل عمران فقال: «إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلى»: آل عمران: 55 فذكر التوفي ثم الرفع.
و هذه الآية بحسب السياق تنفي وقوع ما ادعوه من القتل و الصلب عليه فقد سلم من قتلهم و صلبهم، و ظاهر الآية أيضا أن الذي ادعي إصابة القتل و الصلب إياه، و هو عيسى (عليه السلام) بشخصه البدني هو الذي رفعه الله إليه، و حفظه من كيدهم فقد رفع عيسى بجسمه و روحه لا أنه توفي ثم رفع روحه إليه تعالى فهذا مما لا يحتمله ظاهر الآية بمقتضى السياق فإن الإضراب الواقع في قوله «بل رفعه الله إليه» لا يتم بمجرد رفع الروح بعد الموت الذي يصح أن يجامع القتل و الموت حتف الأنف.
فهذا الرفع نوع التخليص الذي خلصه الله به و أنجاه من أيديهم سواء كان توفي عند ذلك بالموت حتف الأنف أو لم يتوف حتف الأنف و لا قتلا و صلبا بل بنحو آخر لا نعرفه أو كان حيا باقيا بإبقاء الله بنحو لا نعرفه فكل ذلك محتمل.
و ليس من المستحيل أن يتوفى الله المسيح و يرفعه إليه و يحفظه، أو يحفظ الله حياته على نحو لا ينطبق على العادة الجارية عندنا فليس يقصر عن ذلك سائر ما يقتصه القرآن الكريم من معجزات عيسى نفسه في ولادته و حياته بين قومه، و ما يحكيه من معجزات إبراهيم و موسى و صالح و غيرهم، فكل ذلك يجري مجرى واحدا يدل الكتاب العزيز على ثبوتها دلالة لا مدفع لها إلا ما تكلفه بعض الناس من التأويل تحذرا من لزوم خرق العادة و تعطل قانون العلية العام
و بعد ذلك كله فالآية التالية لا تخلو عن إشعار أو دلالة على حياته (عليه السلام) و عدم توفيه بعد.
قوله تعالى: «و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا». «إن» نافية و المبتدأ محذوف يدل عليه الكلام في سياق النفي، و التقدير: و إن أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن، و الضمير في قوله «به» و قوله «يكون» راجع إلى عيسى، و أما الضمير في قوله «قبل موته» ففيه خلاف.
فقد قال بعضهم: إن الضمير راجع إلى المقدر من المبتدأ و هو أحد، و المعنى: و كل واحد من أهل الكتاب يؤمن قبل موته بعيسى أي يظهر له قبيل الموت عند الاحتضار أن عيسى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و عبده حقا و إن كان هذا الإيمان منه إيمانا لا ينتفع به، و يكون عيسى شهيدا عليهم جميعا يوم القيامة سواء آمنوا به إيمانا ينتفع به أو إيمانا لا ينتفع به كمن آمن به عند موته.
و يؤيده أن إرجاع ضمير «قبل موته» إلى عيسى يعود إلى ما ورد في بعض الأخبار أن عيسى حي لم يمت، و أنه ينزل في آخر الزمان فيؤمن به أهل الكتاب من اليهود و النصارى، و هذا يوجب تخصيص عموم قوله «و إن من أهل الكتاب» من غير مخصص، فإن مقتضى الآية على هذا التقدير أن يكون يؤمن بعيسى عند ذلك النزول من السماء الموجودون من أهل الكتاب دون المجموع منهم، ممن وقع بين رفع عيسى و نزوله فمات و لم يدرك زمان نزوله، فهذا تخصيص لعموم الآية من غير مخصص ظاهر.
و قد قال آخرون: إن الضمير راجع إلى عيسى (عليه السلام) و المراد به إيمانهم به عند نزوله في آخر الزمان من السماء، استنادا إلى الرواية
و الذي ينبغي التدبر و الإمعان فيه هو أن وقوع قوله «و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا» في سياق قوله «و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا» ظاهر في أن عيسى شهيد على جميعهم يوم القيامة كما أن جميعهم يؤمنون به قبل الموت، و قد حكى سبحانه قول عيسى في خصوص هذه الشهادة على وجه خاص، فقال عنه: «و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شيء شهيد»: المائدة: 117.
فقصر (عليه السلام) شهادته في أيام حياته فيهم قبل توفيه، و هذه الآية أعني قوله: «و إن من أهل الكتاب» إلخ تدل على شهادته على جميع من يؤمن به فلو كان المؤمن به هو الجميع كان لازمه أن لا يتوفى إلا بعد الجميع، و هذا ينتج المعنى الثاني، و هو كونه (عليه السلام) حيا بعد، و يعود إليهم ثانيا حتى يؤمنوا به.
نهاية الأمر أن يقال: إن من لا يدرك منهم رجوعه إليهم ثانيا يؤمن به عند موته، و من أدرك ذلك آمن به إيمانا اضطرارا أو اختيارا.
على أن الأنسب بوقوع هذه الآية: «و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به» فيما وقع فيه من السياق أعني بعد قوله تعالى «و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم - إلى أن قال - بل رفعه الله إليه و كان الله عزيزا حكيما» أن تكون الآية في مقام بيان أنه لم يمت و أنه حي بعد إذ لا يتعلق ببيان إيمانهم الاضطراري و شهادته عليهم في غير هذه الصورة غرض ظاهر.
فهذا الذي ذكرناه يؤيد كون المراد بإيمانهم به قبل الموت إيمانهم جميعا به قبل موته (عليه السلام).
لكن هاهنا آيات أخر لا تخلو من إشعار بخلاف ذلك كقوله تعالى: «إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي و مطهرك من الذين كفروا و جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة»: آل عمران: 55 حيث يدل على أن من الكافرين بعيسى من هو باق إلى يوم القيامة، و كقوله تعالى: «و قولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا» حيث إن ظاهره أنه نقمة مكتوبة عليهم، فلا يؤمن مجتمعهم بما هو مجتمع اليهود أو مجتمع أهل الكتاب إلى يوم القيامة.
بل ظاهر ذيل قوله «و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم» حيث إن ذيله يدل على أنهم باقون بعد توفي عيسى (عليه السلام).