الشورى

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

الشورى

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

نزعم أننا نريد الشورى ونعمل في سبيلها ونحن نضيق ذرعا بمن يخالفنا الرأي ونستوحش من كلمة نقد وهمسة صدق، ونستثقل نصح الناصح ونسيء الظن به "ومن علامات الإدبار سوء الظن بالنصيح"، ونزعم أنا ضد الفردية والاستبداد ونسعى في نفس الوقت لتركيز القوة والقرار في أيدينا وحدنا، وحين نتعامل نتعامل بمنطق "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ونلغي عقول الآخرين ونتجاهل آرائهم ونتمحور حول الذات ونستأثر بالآراء والتصرفات وكل منا يرى نفسه الأرشد والأوحد دون بقية الأفراد والجماعات، وندعي الإنصاف وأغلب أعمالنا تميل إلى الإجحاف … في البيت، في العمل، في الشارع.. كل الدلائل تشير إلى أن أقوالنا لا تتطابق مع أفعالنا وأننا نحمل –كعالم ثالث- في أعماقنا التسلط والفردية والاستبداد والطغيان ونميل إلى الذات ونبرر لأنفسنا ما نقوم به من تصرفات، نبصر فقط القذى في عيون الآخرين، وننسى الجذع في أعيننا، نرى حذر الآخرين جبنا، وجبننا حذرا، وشجاعة الآخرين تهورا وتهورنا شجاعة، وتواضعهم ذلا وذلنا تواضعاً، بل ونعير الغير بما لا نستطيع نحن تركه، ونصر على حسن الظن بأنفسنا وسوء الظن بغيرنا، وكفا بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمي عنه نفسه وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه وأن ينكر على الناس ما يفعله، فهل نحن مصابون بانفصام في الشخصية، أم هي الأنانية المفرطة المولدة للعجب والغرور والحسد والخيلاء والاستبداد والطغيان؟
أينما اتجهت في البيت، في المدرسة، في الوزارة، في المؤسسة، في الحزب، في المنظمة، في الدولة تجد أعراض الداء واضحة جلية، كل يرى نفسه الأرشد أو الأفقه أو الأورع والألسن، أو الأحق، أو الأجدر، ويتصرف ويعمل ويتحرك من محور "الأنا" ويصنف الآخرين حسب الولاء الشخصي له وقد يقدم من يستحق التأخير ويؤخر من يستحق التقديم، لا لشيء إلا لأن الأول قد اطراه ومدحه وتملق لشخصه، والثاني لم يفعل، أو قدره فقط وأثنى عليه بما فيه وصدق فلم يرض غروره، وبالتالي قدم الأول المتملق –الذي مدحه بما ليس فيه وأعطاه أكثر من حقه وغشه ولم يصدقه، وقال بلسانه ما ليس بقلبه- على الثاني الذي استحق التأخير لرأي أبداه، أو تزلف وتملق يأباه، ولرب مدع قربا، ومتزلف حبا، هو أبعد ما يكون عن الوفاء ممن يأبى التملق وينتقد ويعترض ويحتج، (إذ لا إخلاص بلانصح ولا عداوة مع النصح، ولا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا يحبون الناصحين ومرارة النصح خير من حلاوة "الغش") كما قال الإمام علي عليه السلام. وهذا مثال بسيط على "الكومنه" الكامنة في أعماقنا أفراد وجماعات زرافات ووحدانا، حكاما ومحكومين، أقول حكاما ومحكومين لأننا نحن المحكومين نصلى بنار الاستبداد ونكتوي ونحترق ونغضب ونسخط ونتبرم ونشجب ونستنكر وندين ونتكتل ونسعى للتغيير وما أن نبدأ خطوات المعارضة حتى نجد داء "الأنا" الذي نشكوا منه قابعا في أعماقنا بصورة وبأخرى، وهو الذي تكشفه الممارسات في أي تكتل معارض أو مناهض إلا من رحم الله ويقدر سريان العلة في الجسم أو الكيان يتولد الطغيان ويختل الميزان ونفتقد الحجة والبرهان، فتسقط الدعوى أو نستبدل البلوى بالبلوى وندور في دائرة مغلقة.
ونظرة واحدة إلى أكثر من حزب وتنظيم ومنظمة تعكس الوضع بوضوح في شتى الأقطار الإسلامية، والأدهى والأمر ما يحدث في الساحة من تكرار لنفس الممارسات، ألا يدعونا هذا إلى الوقوف مليا مع أنفسنا ومراجعة حساباتنا ومعرفة مواقعنا؟ فإن كنا حقا طلاب عدل وحق وسلام ودعاة تغيير فالعبرة في تقييم أي دعوة أو حركة، ليس فيما يدعيه أصحابها أو يطرحه مناصروها، بل ما تحكم بها تحركاتها، ويعكسه سلوك وتصرفات أفرادها والقائمين عليها، إن طابق القول العمل كان بها، وإلا فلا معنى لقول بلا عمل، ولا جدوى لأي حركة في سبيل التغيير إن لم نتبع سنة التغيير المتمثلة في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وإذا فالطريق يبدأ من هنا، وليسأل كل منا نفسه عندما تتناقض المصالح مع المبادئ والرغبات مع القيم، والشهوات مع المثل في أي جانب يقف وفي أي صف، وأين نحن من الشورى؟ وكيف ندعو إليها إن كنا نستبد بآرائنا ونتصرف في أمور خطيرة تشمل نتائجها الصغير والكبير دون أن نوضح أو نطلب الرأي أو نستشير.
ومهما كان فهمنا وعلمنا وخبرتنا وحنكتنا فإصابة الرأي تأتي من خلال حسن اللقاء، وحسن الاستماع "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" والإصلاح لا يمكن إلا في أجواء الاحترام المتبادل وهو ما علمنا القرآن، "وإني وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" ... لسنا أفضل ولا أعلم من منقذ البشرية صلى الله عليه وآله وسلم، الذي لم يكن يهتم بآراء أصحابه وأنصاره فحسب بل كان يحثهم على ذلك بقوله: "أشيروا علي" في أي موقف اجتهادي ليس فيه وحي من السماء، وموقفه يوم "بدر" مع مشورة الحباب بن المنذر معروف وكذلك مع رأي الأغلبية في القتال خارج المدينة وعدم الانتظار لوصول المشركين إليها في مواجهة "أحد" وهو القائل: "لا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا عقل كالتدبير" وسئل مرة ما الحزم فقال: "مشاورة ذوي الرأي واتباعهم" و"إذا كان أمرائكم خياركم وأغنيائكم سمحائكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من باطنها"، فكيف ندعي كحركات إسلامية ولا أقصد بحركة بعينها اتباع الرسول ولا نقتدي بالرسول، كيف ندعي حمل الرسالة وصدورنا فارغة من مضمونها؟ وكيف ننشد الحكمة والإصابة إن أغلقنا باب الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة قبل اتخاذ القرار؟ ولم نتح الفرصة المتكاملة لذوي العقول والأفهام كي يشاركونا الرأي؟ وكيف ندعي الشورى ونكافح من أجل الشورى ونسعى في نفس الوقت إلى إلغاء عقول الناس وتجاهل آرائهم تحت حجج ومبررات واهية؟ أليس في قبول وجهات النظر واختلاف الآراء علم مواقع الخطأ والصواب؟
بدون حرية القول والعمل والمشاركة في اتخاذ القرار نقتل كل أمل في التنافس الخلاق ونقضي على كل فرص الاستفادة من كل الآراء، والنصائح التي تكشف لنا وجوه الخير والشر وترينا نقاط القوة والضعف.
إذا كنا صادقين في دعوانا فلا بد من "آلية" وطريقة منظمة للاستفادة من كل الآراء، ولا بد من الاحتكام إلى الجميع خصوصاً في الأمور التي تهم الجميع وتشمل نتائجها الجميع، واعتبار رأي الأكثرية نافذاً بحق كل الأفراد إلا فيما يخالف نصا أو ما يتعلق بأمور شخصية وخاصة، فهل من وقفة صادقة مع النفس؟
اللهم خذ بأيدينا ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

مشاركة بواسطة الموسوي »

موضع هام جدا, و هذا هو من آلام جميع الامة و قد واجهناه نحن ايضا خصوصا في هذه الايام. سيدي! ما هي الفكرة و النظرية الغائبة التي بها يمكن ان نامل حل مثل هذه المشاكل؟ و انتم تعلمون جيدا ان المشكلة لا تختص بلد دون بلد من بلادنا و تاريخ دون تاريخ من تاريخ الامة...و لا ادري هل يمكن تاييد هذه الجملة من كلامكم:... إلا فيما يخالف نصا أو ما يتعلق بأمور شخصية وخاصة؟!؟ فان كثيرا من الجبابرة و المستبدين خصوصا في حكومات حكموا او يحكومون باسم الدين قد استقلوا نفس هذه الاستثاءات و المعاذير!!!
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

نفثت مصدور ، نشعر بها جميعا، وهذا يحتم علينا أن تعويد انفسنا على سماع مالا يتفق مع قناعاتنا وتقييمه بلا توتر ، ويوجب علينا توجيه أبناء امتنا إلى سعة الأفق وقبول الاخر واحترام فكره وقناعاته أيا كان.
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

اهلا بالأستاذمحمد عزان وسعة الصدر مطلب الجميع
وكذلك التجرد الكامل للحقيقة وترك الأهواء والغرور والعجب بالنفس الذي يمنع صاحبه من رؤية الصواب
وأرجو ان يكون الهم الأكبر خدمةالفكر والتراث ومحاولة النهوض بالأمة
وان لاننشغل في القضايا الهامشية إياها فنكبرها ونعطيها فوق حجمها
وأن لانكتب تحت تأثير ردود أفعال لخلافات
وتصفيةحسابات أومجاملات لشخصيات
وان يكون هدفنا الأول والأخير رضوان الله تعالى
وهذه الكلمات أنصح بها نفسي أولا
وأسال الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

صحيح. ولكن لا يهمنا ما يكون عليه الإنسان في باطنه فتلك مسألة بينه وبين الله ، وتقدير ان هذا الشخص أو ذاك يقصد وينوي غيب ليس من شأننا، والانطلاق منه يشوش على تفكيرنا وينسينا معالجة واقعنا وما هو مطروح بين أيدينا.
وما دام الموضوع هنا عن الشورى وهو موضوع جدير بالاهتمام أريد ان أسأل:
ماهو مفهوم الشورى ؟ وممن يكون؟ وفيم يكون؟ وما مدى إلزاميته؟
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

اسئلة مهمة أرجومنك ومن بقية ا لإخوة الإسهام في الإجابة عليها
وأرجو أن لاتذهب بعيدا فتحمل كلامي مالا يحتمل

عبدالله حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 163
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 10:56 am

مشاركة بواسطة عبدالله حميدالدين »

في تصوري الخاص فالشورى كما أتت في القرآن الكريم لا تتجاوز الإرشاد إلى أمر من الأمور المستحسنة عقلاً.
وبالنالي فإن أي بحث في تفاصيلها يجب أن لا يستند أساساً إلى أدلة شرعية أو نحوها، لأن ذلك يؤدي إلى تكلفنا في استخراج معان لم تردها وتقصدها النصوص.
ولكل مجتمع ونظام الحق في أن يفرض على نفسه آليات حكم محددة تخدم واقعهم وظروفهم.

محمدعزان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 167
اشترك في: الأربعاء يناير 21, 2004 10:59 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة محمدعزان »

هذا كلام جميل وقاطع ولا أجد ما أضيف إليه.
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾ (الإسراء/53).

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“