الإمامة عند الزيدية إثني عشرية(مكرر)!

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

لقد قلتم أن الإمامة لم يكن لها نص ولم يدع أحد من أئمة الجعفرية بعد الحسين (ع) أنه إمام وأخفوها حتى عن أبنائهم وبالتالي فهم ليسوا أئمة فقتم باختيار الإمام بدعوته للجهاد .

فأقول لكم نعم كان هناك تكتم شديد على الإمامة ولم يكن الإمام يصرح بها إلا للخاصة من شيعته ويطلب منهم كتمان السر حتى لا يتعرضوا للقتل من قبل الأمويين الذين كانوا يتربصون بهم ليفتكوا بهم ونذكر هنا بعض الأحاديث من بحار الأنوار ( الكتاب الجامع لعلوم أهل البيت ) والتي تشير إلى هذا التكتم :

الحديث الأول :
البحار :ج2ص68
عن مدرك بن الهزهاز قال : قال أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام : يا مدرك إن أمرنا ليس بقبوله فقط ، ولكن بصيانته وكتمانه عن غير أهله ، اقرأ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته ، وقل لهم : رحم الله امرءا اجتر مودة الناس إلينا فحد ثهم بما يعرفون وترك ماينكرون .

الحديث الثاني : ج2 ص73
عن معلى ابن خنيس ، قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يامعلى ، اكتم أمرنا ولاتذعه ، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله في الدنيا ، وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة . يامعلى من أذاع حديثنا وأمرنا ولم يكتمها أذله الله في الدنيا ، ونزع النورمن بين عينيه في الآخره : وجعله ظلمة يقوده إلى النار ، يامعلى إن التقية ديني ودين آبائي ، ولادين لمن لاتقية له . يامعلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية . يامعلى إن المذيع لامرنا كالجاحد به .

الحديث الثالث : ج2ص74
أحمد بن علي السكري ، عن الحسين بن عبدالله ، عن ابن اورمة عن ابن يزيد . عن ابن عميرة ، عن المفضل ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام يوم صلب فيه المعلى فقلت له : ياابن رسول الله ، ألا ترى هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا اليوم ؟ قال : وماهو ؟ قال : قلت : قتل المعلى بن خنيس قال : رحم الله المعلى قد كنت أتوقع ذلك لانه أذاع سرنا ، وليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤونة علينا من المذيع علينا سرنا . فمن أذاع سرنا إلى غيرأهله لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بخيل.

الحديث الرابع : ج2ص74
ابن الديلمي ، عن داود الرقي ، ومفضل ، وفضيل ، قال : كنا جماعة عند أبي عبدالله عليه السلام في منزله يحدثنا في أشياء ، فلما انصرفنا وقف على باب منزله قبل أن يدخل ، ثم أقبل علينا فقال : رحمكم الله لا تذيعوا أمرنا ولا تحدثوا به إلا أهله ، فإن المذيع علينا سرنا أشد علينا مؤونة من عدونا ، انصرفوا رحمكم الله ولا تذيعوا سرنا .

هذه بعض الأحاديث التي تبين مدى المحنة التي كان يعيشها أئمة أهل البيت في زمانهم حيث كان الأعداء يتربصون بهم ليفتكوا بهم فكيف يستطيع الإمام أن يصرح علناً أمام الناس عامة بإمامته ألا يؤدي ذلك إلى قتله وحرمان الشيعة من علمه فلا يظن أحدكم من هذا أن الإمام خائف على نفسه لا والله فأهل البيت هم أهل الشجاعة والبطولة ولكن الظروف تحكمهم فهم إما أن يعلنوا فيقتلهم الحكام الظلمة وإما أن يكتموا الأمر إلا عن الخلص من شيعتهم لينجوا من القتل فهنا دعوة الإمام في هذا الظرف تكون في غاية التكتم والسرية .

وأما الوضع في زمن الإمام الرضا فهو مختلف تماماً فقد غيرت الدولة العباسية سياستها وخففت عن الشيعة فأعلن الإمام إمامته أمام الملأ دون خوف ولا كتمان ولو تهيأ الظرف لغيره من الأئمة لفعلوا ذلك .

نورد لكم هنا بعض المحاورات مع الإمام أبي الحسن علي موسى الرضا (عليه السلام ) روحي له الفداء وهذا نصها :

المحاورة الأولى : المصدر : عيون أخبار الرضا (ع) ج2ص200

عن الحسن بن الجهم، قال: حضرتُ مجلس المأمون يوماً وعنده عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا ابن رسول الله! بأيّ شيء تصحّ الإمامة لمدّعيها؟
قال: بالنّص والدّليل، قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة، قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟ قال: ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟
قال عليه السلام له: أمَا بلغك قول الرّسول صلّى الله عليه وآله: اتّقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر بنور الله؟ قال: بلى. قال: وما من مؤمنٍ إلاّ وله فراسة ينظر بنور الله على قدر ايمانه، ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله الأئمّة منّا ما فرّقه في جميع المؤمنين، وقال عزّوجلّ في محكم كتابه: إنّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فأوّل المتوسّمين رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ أميرالمؤمنين عليه السّلام من بعده، ثمّ الحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين عليهم السّلام إلى يوم القيامة .
قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أباالحسن! زدنا ممّا جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرّضا عليه السّلام: إنّ الله عزّوجلّ قد أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة، ليست بملك لم تكن مع أحدٍ ممّن مضى إلاّ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهي مع الأئمّة منّا تسدّدهم وتوفّقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله عزّوجلّ.
قال له المأمون: يا أباالحسن! بلغني أنّ قوماً يغلُون فيكم ويتجاوزون فيكم الحدّ ؟
فقال الرّضا عليه السّلام: حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ عن أبيه عليّ، بن أبي طالب عليهم السّلام قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا ترفعوني فوق حقّي، فإنّ الله تبارك وتعالى اتّخذني عبداً قبل أن يتّخذني نبيّاً.
قال الله تبارك وتعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولُ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبّانِيّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرُكُمْ أنْ تَتّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أرْباباً، أَيَاْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟! .
قال عليه السلام: يهلك فيّ اثنان ولا ذنب لي: محبٌّ مفْرطٌ، ومبغضٌ مفرّط.ٌ وأنا أبرأ إلى الله تبارك وتعالى ممّن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدّنا كبراءة عيسى بن مريم عليه السّلام من النّصارى، قال الله تعالى: وَإذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟! قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أنْ أقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إنَّكَ أنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * ما قُلْتُ لَهُمْ إلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أنِ اعْبُدُوااللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
وقال عزّوجلّ: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أنْ يَكُونَ عَبْداً للهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرّبُونَ ، وقال عزّوجلّ: مَا الْمَسِيحُ بْنُ مَرْيَمَ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطّعامَ ومعناه أنّهما كانا يتغوّطان، فمن ادّعى للأنبياء ربوبيّة وادّعى الأئمّة ربوبيّة أونبوّة أولغير الأئمّة إمامة فنحن منه براء في الدّنيا والاخرة.
فقال المأمون: يا أبا الحسن! فما تقول في الرّجعة ؟ فقال الرّضا عليه السّلام: إنّها لَحقّ قد كانت في الأُمم السّالفة ونطق به القرآن، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يكون في هذه الأمّة كلّ ما كان في الأُمم السّالفة حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة.
قال عليه السّلام إذا خرج المهديّ من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السّلام فصلّى خلفه.
وقال عليه السّلام: إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء! قيل: يا رسول الله! ثمّ يكون ماذا؟ قال: ثمّ يرجع الحقّ إلى أهله، فقال المأمون: يا أباالحسن! فما تقول في القائلين بالتناسخ؟
فقال الرّضا عليه السّلام: من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم. مكذِّب بالجنّة والنّار. قال المأمون: ما تقول في المسوخ؟
قال الرّضا عليه السّلام: أولئك قوم غضب الله عليهم، فمسخهم، فعاشوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا ولم يتناسلوا، فما يوجد في الدّنيا من القردة والخنازير وغير ذلك ممّا وقع عليهم اسم المسوخيّة فهو مثل ما لا يحلّ أكلها والانتفاع بها.
قال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أباالحسن، فو الله ما يوجد العلم الصّحيح إلاّ عند أهل هذا البيت! وإليك انتهت علوم آبائك، فجزاك الله عن الاسلام وأهله خيراً.
قال الحسن بن الجهم: فلمّا قام الرّضا عليه السّلام تبعته فانصرف إلى منزله، فدخلت عليه وقلت له: يا ابن رسول الله! الحمد لله الّذي وهب لك من جميل رأي أميرالمؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك.
فقال عليه السّلام: يا ابن الجهم! لا يغرّنّك ما ألفيته عليه من إكرامي والاستماع منّي، فإنّه سيقتلني بالسّمّ وهو ظالم إليّ، إنّي أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، فاكتم هذا ما دمتُ حيّاً. ( أقول انظر إلى علم الإمام يا كاظم وتأمل )
قال الحسن بن الجهم: فما حدّثت أحداً بهذا الحديث إلى أن مضى عليه السّلام بطوس مقتولاً بالسّمّ ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطّائيّ في القبّة الّتي فيها قبر هارون الرّشيد إلى جانبه.

المحاورة الثانية :
روي عن الحسن بن محمّد النوفلي أنّه كان يقول: قدم سليمان المروزي متكلّم خراسان على المأمون فأكرمه ووَصله، ثمّ قال له: إنّ ابن عمّي عليّ بن موسىالرّضا
قدم علَيّ ـ من الحجازـ يحبّ الكلام وأصحابه، فعليك أن تصير إلينا يوم التّروية لمناظرته.
فقال سليمان: يا أميرالمؤمنين! إنّي أكره أنْ أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلّمني ولا يجوز الاستقصاء عليه.
قال المأمون: إنّما وجّهت إليك لمعرفتي بقوّتك، وليس مرادي إلاّ اَنْ تقطعه عن حجّة واحدة فقط.
فقال سليمان: حسبك يا أميرالمؤمنين! إجمع بيني وبينه، وخلّني وإيّاه.
فوجّه المأمون إلى الرضا عليه السّلام فقال له: إنّه قدم علينا رجل من أهل مرو ـ وهو واحد خراسان ـ من أصحاب الكلام، فإن خفّ عليك أن تتجشّم المصير إلينا فعلت.
فنهض عليه السّلام للوضوء ثمّ حضرمجلس المأمون، وجرى بينه وبين سليمان المروزي كلام في البداء بمعنى الظهور، لتغيّر المصلحة، واستشهد عليه السّلام بآي كثيرة من القرآن على صحّة ذلك، مثل قوله تعالى: اللهُ يَبْدَأ الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ و يَزيدُ في الخَلْق ما يَشاءُ و يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ و ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ و آخَرونَ مُرْجَونَ لأمْرِاللهِ وأمثال ذلك.
فقال سليمان: ياأميرالمؤمنين! لا أُنكر بعد يومي هذاالبداء، ولا أُكذّب به إن شاء الله.
فقال المأمون: يا سليمان! سلْ أباالحسن عمّا بدالك، وعليك بحسن الاستماع والإِنصاف!
قال سليمان: يا سيّدي! ماتقول فيمن جعل الإِرادة اسماً وصفةً، مثل: حيّ، وسميع، وبصير، وقدير؟
قال الرّضا عليه السّلام: إنّما قلتم: حدثت الأشياء واخْتلفت، لأنّه شاء وأراد، ولم تقولوا: حدثت واختلفت؛ لأنّه سميع بصير، فهذا دليل على أنّها ليست مثل سميع وبصير ولا قدير.
قال سليمان: فإنّه لم يزل مريداً؟
قال: يا سليمان! فإِرادته غيره؟ قال: نعم.
قال: قد أثبتّ معه شيئاً غيره لم يزل! قال سليمان: ما أثبتّ؟
قال الرّضا عليه السّلام: أهي محدثة؟
قال سليمان: لا، ما هي محدثة! فصاح به المأمون وقال: يا سليمان! مثله يعايى أو يكابر، عليك بالانصاف، اَلا ترى من حولك من أهل النظر؟!
ثمّ قال: كلّمه يا أباالحسن، فإنّه متكلّم خراسان. فأعاد عليه المسألة فقال: هي محدثة يا سليمان، فإنّ الشّيء إذا لم يكن أزليّاً كان محدثا، وإذا لم يكن محدثا كان أزليّا.
قال سليمان: إِرادته منه كما أنَّ سمعه وبصره وعلمه منه.
قال الرّضا عليه السّلام: فإرادته نفسه؟ قال: لا.
قال: فليس المريد مثل السّميع والبصير.
قال سليمان: إنّما أراد نفسه، وأبصر نفسه، وعلم نفسه.
قال الرّضا عليه السّلام: ما معنى أراد نفسه، أراد أن يكون شيئا، أو أراد أن يكون حيّاً، أو سميعاً، أو بصيراً أو قديراً؟ قال: نعم.
قال الرّضا عليه السّلام: أفبإِرادته كان كذلك؟ قال سليمان: لا.
قال الرّضا عليه السّلام: فليس لقولك أراد أن يكون حيّاً سميعاً بصيراً معنىً، إذ لم يكن ذلك بإرادته.
قال سليمان: بلى قد كان ذلك بإرادته.
فضحك المأمون ومنْ حوله، وضحك الرّضا عليه السّلام، ثمّ قال لهم: إرفقوا بمتكّلم خراسان!
فقال: يا سليمان! فقد حال عندكم عن حاله وتغيّر عنها، وهذا ممّا لا يوصف الله عزّوجلّ به. فانقطع.
ثمّ قال الرّضا عليه السّلام: يا سليمان! أسألك عن مسألة؟
قال: سل جُعلت فداك!
قال: أخبرني عنك وعن أصحابك، تكلّمون النّاس بما تفقهون وتعرفون، أو بما لا تفقهون وتعرفون؟ فقال: بل بما نفقهه ونعلم.
قال الرّضا عليه السّلام: فالّذي يعلم النّاس أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، وهذا يبطل قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيء واحد.
قال: جعلت فداك! ليس ذلك منه على ما يعرف النّاس، ولا على ما يفقهون.
قال: فأراكم ادّعيتم علم ذلك بلا معرفة، وقلتم: الإرادة كالسّمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل. فلم يحر جواباً.
ثمّ قال الرّضا عليه السّلام: هل يعلم الله تعالى جميع ما في الجنّة والنّار؟
قال سليمان: نعم.
قال: فيكون ما علم الله عزّوجلّ أنّه يكون من ذلك؟
قال: نعم.
قال: فإذا كان حتّى لا يبقى منه شيء إلاّ كان، أيزيدهم أو يطويه عنهم؟
قال سليمان: بل يزيدهم.
قال: فأراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه أنّه يكون.
قال: جعلت فداك! فالمزيد لا غاية له.
قال: فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك، وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً!
قال سليمان: إنّما قلت: لا يعلمه، لأنّه لا غاية لهذا، لأنّ الله عزّوجلّ وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً.
قال الرضا عليه السّلام: ليس علمه بذلك بموجب لا نقطاعه عنهم، لأنّه قد يعلم ذلك ثمّ يزيدهم ثمّ لا يقطعه عنهم، ولذلك قال عزّوجلّ في كتابه : كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا العَذابَ ، وقال لأهل الجنّة: عَطاءً غَيْرَ مَجْذوذٍ ، وقال عزّوجلّ: وَفاكِهَةٍ كَثيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ فهو عزّوجلّ يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة، أرأيت ما أكل أهل الجنّة وما شربوا، أليس يخلف مكانه؟
قال: بلى.
قال: أفيكون يقطع ذلك عنهم وقد أخلف مكانه؟
قال سليمان: لا.
قال: فكذلك كلّما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم.
قال سليمان: بلى، يقطعه عنهم ولا يزيدهم.
قال الرّضا عليه السّلام: إذاً يبيد ما فيها، وهذا يا سليمان إبطال الخلود وخلاف الكتاب، لأنّ الله عزّوجلّ يقول: لَهُمْ ما يَشاؤُونَ فيها وَلَدَيْنا مَزيدٌ ويقول عزّوجلّ: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٌ ويقول عزّوجلّ: مَا هُمْ مِنْها بِمُخْرَجينَ ويقول الله عزّوجلّ: خالِدينَ فيها أَبداً ويقول عزّوجلّ: وَفاكِهَةٍ كَثيرَة* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ . فلم يحر جواباً.
ثمّ قال الرّضا عليه السّلام: ألا تخبرني عن الإرادة، فعلٌ أمْ هي غير فعل؟
قال: بل هي فعل.
قال: فهي محدثة، لأنّ الفعل كلّه محدث!
قال: ليست بفعل.
قال: فمعه غيره لم يزل؟
قال سليمان: الإرادة هي الإنشاء.
قال: يا سليمان! هذا الّذي عبتموه على ضرار وأصحابه من قولهم : إنّ كلّ ما خلق الله عزّوجلّ في سماءٍ أو أرضٍ أو بحرٍ أو برٍّ، من كلبٍ أو خنزيرٍ أو قردٍ أو إنسانٍ أو دابّةٍ: إِرادة الله، وإنّ إرادة الله تحيا وتموت، وتذهب، وتأكل وتشرب، وتنكح وتلد، وتظلم وتفعل الفواحش، وتكفر وتشرك، فتبرأ منها وتعاديها، وهذا حدّها.
قال سليمان: إنّها كالسمع والبصر والعلم.
قال الرّضا عليه السّلام: قد رجعت إلى هذا ثانيةً، فأخبرني عن السمع والبصر والعلم، أمصنوع؟
قال سليمان: لا.
قال الرّضا عليه السّلام: فكيف نفيتموه؟ فمرّةً قلتم: لم يردْ، ومرّةً قلتم: أراد، وليست بمفعول له. قال سليمان: إنّما ذلك كقولنا مرّةً: علم، ومرّةً: لم يعلم.
قال الرّضا عليه السّلام: ليس ذلك سواء؛ لأنّ نفي المعلوم ليس بنفي العلم، ونفي المراد نفي الإرادة أن تكون، لأنّ الشيء إذا لم يرد لم تكن إرادة، وقد يكون العلم ثابتاً وان لم يكن المعلوم، بمنزلة البصر: فقد يكون الإِنسان بصيراً وإن لم يكن المبصر، ويكون العلم ثابتاً وإن لم يكن المعلوم.
فلم يزل سليمان يردّد المسألة وينقطع فيها ويستأنف، وينكر ما كان أقرّ به ويقرّ بما أنكر، وينتقل من شيءٍ إلى شيءٍ، والرّضا صلوات الله عليه ينقض عليه ذلك حتّى طال الكلام بينهما، وظهر لكلّ أحدٍ انقطاعه مرّاتٍ كثيرة، تركنا إيراد ذلك مخافة التطويل، فآل الأمر إلى أنْ قال سليمان: إِنّ الإِرادة هي القدرة.
قال الرّضا عليه السّلام: وهو عزّوجلّ يقدرعلى ما لا يريده أبداً، ولابُدّ من ذلك لأنّه قال تبارك وتعالى: لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذي أَوْحَيْنا إلَيْكَ فلو كانت الإِرادة هي القدرة، كان قد أراد أن يذهب به لقدرته.
فانقطع سليمان وترك الكلام عند هذا الانقطاع، ثمّ تفرّق القوم.
المصدر: رواه الصّدوق في التّوحيد ص 441 ـ الباب 6/الرقم2 . عيون أخبار الرضا عليه السّلام179:1 ـ الباب 13/الرقم1: عن أبي محمّد جعفر بن عليّ بن أحمد، عن أبي محمّد الحسن بن محمّد بن علي بن صدقة القمّي، عن أبي عمرو: محمّد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاريّ الكجيّ قال: حدّثني من سمع الحسن بن محمّد النوفلي يقول : قدم سلميان المروزيّ... ونقله العلاّمة المجلسيّ رحمه الله في بحار الأنوار 329:10 ـ 338. مع شرح الحديث

المحاورة الثالثة :
عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبدالعزيز بن مسلم قال:
كنّا في أيّام عليِّ بن موسى الرّضا عليه السّلام بـ «مَرو»، فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة في بدو مَقْدمنا، فأدار النّاس أمر الإِمامة وذكروا كثرة اختلاف النّاس فيها، فدخلت على سيّدي ومولاي الرّضا عليه السّلام فأعلمته ما خاض النّاس فيه، فتبسّم ثمّ قال:
يا عبدالعزيز! جهل القوم وخُدعوا عن أديانهم، إِنَّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى أكمل له الدِّين، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ شيء، بيّن فيه الحلال والحرام، والحدود والاحكام، وجميع ما يحتاج إليه كملاً فقال عزّوجلّ: ما فَرَّطْنا فِي الكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ، وأنزل في حجّة الوداع وهو آخر عمره: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِيناً . فأمرُ الإِمامة من تمام الدِّين، ولم يمض صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى بيّن لأُمّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد الحقّ، وأقام لهم عليّاً عليه السّلام علَماً وإِماماً، وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إِلاَّ بيّنه، فمن زعم أنّ الله عزّوجلّ لم يُكمل دينه فقد ردّ كتاب الله عزّوجلّ، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر.
هل تعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأُمّة فيجوّز فيها اختيارهم؟!
إِنَّ الإِمامة أجلّ قدْراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها النّاس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، فيقيموا إِماماً باختيارهم. ( أقول : وهذا الكلام لكم يا زيدية )
إِنَّ الإِمامة خصّ الله عزّوجلّ بها إِبراهيمَ الخليل بعد النّبوّة والخُلّة، مرتبةً ثالثة وفضيلة شرّفه الله بها، وأشاد بها ذكْره فقال عزّوجلّ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً ، فقال الخليل ـ سروراً بها ـ: وَمِنْ ذُرِّيّتي قال الله عزّوجلّ: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ، فأبطلت هذه الآية إِمامةَ كلّ ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصّفوة، ثمّ أكرمه الله عزّوجلّ بأنْ جعل في ذرّيّته أهل الصّفوة والطّهارة، فقال تعالى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ * وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ .
فلم تزل في ذرّيّته يرثها بعض عن بعضٌ قَرناً فقرناً، حتّى ورثها النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال الله عزّوجلّ: إِنَّ أوْلَى النّاسِ بِإِبراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَليُّ المُؤْمِنِينَ ، فكانت له خاصّة فقلّدها النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً عليه السّلام بأمرالله عزّوجلّ على رسم ما فرضها الله، فصارت في ذرّيّته الأصفياء الّذين آتاهم الله العلم والإِيمان بقوله عزّوجلّ: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَالإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَومِ البَعْثِ ، فهي في ولْد عليّ عليه السّلام خاصّةً إِلى يوم القيامة، إِذ لا نبيَّ بعد محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟!
إِنَّ الإِمامة: هي منزلة الأنبياء وإِرث الأوصياء.
إِنَّ الإِمامة: خلافة الله عزّوجلّ، وخلافة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومقام أميرالمؤمنين، وميراث الحسن والحسين عليهم السّلام.
إِنَّ الإِمامة: زمام الدَّين، ونظام المسلمين، وصلاح الدّنيا، وعزّ المؤمنين.
إِنَّ الإِمامة: أُسّ الإِسلام النّامي، وفرعه السّامي.
بالإِمام: تمام الصّلاة والزّكاة والصّيام، والحجّ والجهاد، وتوفير الفيء والصّدقات، وإِمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثّغور والأطراف.
الإِمام: يُحلّ حلال الله ويحرّم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذبّ عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة.
الإِمام: كالشّمس الطّالعة للعالَم وهي في الأُفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
الإِمام: البدر المنير، والسّراج الزّاهر، والنّورالسّاطع، والنّجم الهادي في غياهب الدّجى والبيداء القفار ولجج البحار.
الإِمام: الماء العذب على الظِّماء، والدالّ على الهدى، والمنجي من الرّدى.
الإِمام: النّارعلى اليَفاع الحارّة لمن اصطلى، والدّليل في المهالك ، من فارقه فهالك.
الإِمام: السّحاب الماطر، والغيث الهاطل، والشّمس المضيئة، والأرض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والرّوضة.
الإِمام: الأمين الرّفيق، والوالد الشّفيق، والأخ الشّقيق، ومفزع العباد في الدّاهية.
الإِمام: أمين الله في أرضه، وحجّته على عباده، وخليفته في بلاده، الدّاعي إلى الله، والذابّ عن حريم الله.
الإِمام: المطهَّر من الذّنوب، المبرّأ من العيوب، مخصوص بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين.
الإِمام: واحد دهره لا يدانيه أحد، ولا يعادله عدل، ولا يوجد له بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المتفضّل الوهّاب، فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإِمام أو يمكنه اختياره؟!
هيهات هيهات!!
ضلّت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وحسرت العيون وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء، وجهلت الألبّاء، وكلّت الشُّعراء، وعجزت الأُدباء، وعيت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، فأقرّت بالعجز والتقصير.
وكيف يوصف أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه، ويغني غناه؟!
لا وكيف وأنّى؟! وهو بحيث النّجم من أيدي المتناولين، ووصف الواصفين!! فأين الاختيار من هذا؟! وأين العقول عن هذا؟! وأين يوجد مثل هذا؟!
أظَنّوا أنّ ذلك يوجد في غير آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟! كَذَّبَتْهُمْ والله أنفسُهم ومنّتْهمُ الأباطيل، فارتقوا مرتقىً صعباً دحضاً تزلّ عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إِقامة الإِمام بعقول حائرة بائرة ناقصة وآراء مضلّة، فلم يزدادوا منه إِلاَّ بعداً.
قاتلهم الله أنّى يؤفَكون! لقد راموا صعباً، وقالوا إِفكاً، وضلّوا ضلالاً بعيداً ووقعوا في الحيرة، إِذ تركوا الإِمام عن غير بصيرة، وزيَّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله، إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ! ، وقال عزّوجلّ: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وقال عزّوجلّ: ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ * أمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلَى يَوْم القِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فلْيَأتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقينَ .
وقال عزّوجلّ: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفالُها! أم طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لايعلمون أم قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِنْد اللهِ الصُّمُ البُكْمُّ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهَ فِيهِمْ خَيْراَ لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَولَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ، وَقالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا ، بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم.
( اسمع هذا الكلام يا زيدي وراجع نفسك )
فكيف لهم باختيار الإِمام؟! والإِمام عالم لا يجهل، راعٍ لا ينكل، معدن القدس والطّهارة، والنّسك والزّهادة، والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرَّسول، وهو نسل المطهّرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش، والذّروة من هاشم، والعترة من آل الرّسول، والرّضى من الله، شرف الأشراف، والفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإِمامة، عالم بالسّياسة، مفروض الطّاعة، قائم بأمر الله، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله.
إِنَّ الأنبياء والأئمّة يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله عزّوجلّ: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟! ، وقوله عزّوجلّ: وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوْتِىَ خَيْراً كَثِيراً ، وقوله عزّوجلّ ـ في طالوت ـ: إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ وقال عزّوجلّ لنبيّه: وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
وقال عزّوجلّ ـ في الأئمة من أهل بيته وعترته ـ: أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَآتيْناهُمْ مُلْكاً عَظيماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً .
وإِنَّ العبد إِذا اختاره الله عزّوجلّ لأُمورعباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إِلهاماً، فلم يعيَ بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب.
وهو معصوم مؤيّد، موفّق مسدّد، قد أمن الخطايا والزّلل والعثار، فخصّه الله بذلك ليكون حجّته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه؟ أو يكون مختارهم بهذه الصّفة فيقدّموه؟!
تَعَدَّوا ـ وبيتِ الله ـ الْحقّ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون، وفي كتاب الله: الهدى والشفاء، فنبذوه واتّبعوا أهواءهم فذمّهم الله ومقّتهم وأتعسهم.
فقال عزّوجلّ: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ ، وقال عزّوجلّ: فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ، وقال عزّوجلّ: كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارِ .
المصدر :
رواه الصّدوق رحمه اللهّ في إِكمال الدِّين 675:2 ـ الباب 58/الرقم31: عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن يعقوب، عن أبي محمّد القاسم بن العلاء، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبدالعزيز بن مسلم، وحدّثنا: أبوالعبّاس محمّد بن إِبراهيم بن إِسحاق، عن أبي أحمد القاسم بن محمّد بن عليّ المروزيّ، عن أبي حامد: عمران بن موسى بن إِبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقّام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه: عبدالعزيز بن مسلم... والأمالي ص 536 ـ المجلس 97/الرقم1. ومعاني الأخبار ص 96 ـ باب معنى الإمام المبين /الرقم2. والعيون 216:1 ـ الباب 20/الرقم1. ونقله الكليني في الكافي 198:1. والحرّاني في تحف العقول ص 436، ونقله المجلسي رحمه اللهّ في بحارالأنوار 120:25.


مما مر من مناظرات الإمام علي ابن موسى الرضا (عليه السلام) نستنتج التالي :
1-الإمام علي بن موسى الرضا (ع) هو أعلم أهل زمانه وأعقلهم فقد فاق الجميع بعلمه .
2-علم الإمام علي بن موسى الرضا من الله عز وجل كما صرح هو بذلك .
3-علي بن موسى الرضا (ع) صرح في مجلس المأمون بأنه إمام منصوص عليه دون خوف مما يبطل معه انكاركم لخلافته فهو بذلك يثبت إمامته وإمامة من بعده وإمامة من قبله .
4-إن تصريح الإمام بإمامته يوضح السبب الذي من أجله لم يصرح الأئمة من قبله بإمامتهم كما ذكرنا حيث أن الضغط الأموي عليهم والضغط العباسي كان من الشدة بحيث لم يستطيعوا التصريح بإمامتهم إلا لمن يثقون بكتمانه للسر وعدم إذاعته . أما في وقت الإمام الرضا (عليه السلام ) فقد كانت سياسة المأمون مغايرة تماماً لسياسة من قبله من الخلفاء فقد أدرك مدى تعلق الناس بإمامهم فأراد أن يمتص تقمتهم على بني العباس فقرب إليه الإمام الرضا (ع) وجعله ولياً للعهد مع علم الإمام الرضا بما يضمره المأمون في نفسه من الغدر بالإمام فقبل هذا المنصب ليخفف عن الشيعة ما يلا قونه من ظلم العباسيين .
5-إن الشيعة الزيدية في زمن الإمام الرضا (ع) كانوا يعلمون بإمامة الرضا أنها حق مع ذلك ادعاها في زمانه الكثيرون منهم ظلماً وعلواً .

هناك نقطة أود أفندها من كلامكم وهي تعلقكم بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) بخصوص الشورى فنقول:
إن الإمام عليه السلام قد ناشد الناس بإمامته في مواطن كثيرة في خلافة الثلاثة بعد الرسول ( ص) حيث ذكرهم بما قاله عنه رسول الله (ص) من أن الخليفة الشرعي بعد رسول الله (ص) وأنه منصوص عليه ولكنه لم يلق آذاناً صاغية له وكان الجميع يقول بالشورى ولما رأى إصرارهم وافقهم على مبدأ الشورى رغم اعتراضه عليه حيث صرح في الخطبة الشقشقية بقوله (فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاَْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ) فهو يرفض مبدأ الشورى في الإمامة ولكن إصرار القوم جعله يسايرهم فحدد الشورى في المهاجرين والأنصار ونحن نعلم أنه في سنة 35هجرية يوم اختير الإمام للخلافة كان المجتمع الإسلامي فيه مهاجرين وأنصار وغيرهم من المسلمين فلو كانت الإمامة بالشورى لكان الناس جميعهم يشاركون فيها وليس المهاجرين والأنصار فقط فلماذا قال الإمام ذلك ؟
برأيي أن الإمام أراد أن يقيم عليهم الحجة بإمامته فهو يعلم أن المهاجرين والأنصار قد شهدوا تنصيب الرسول ( ص) لعلي بن أبي طالب بالإمامة فهم لا يجتمعون إلا على اختياره هو دون غيره لتفضيل الرسول (ص) له على جميع المسلمين .
فهذه يا عزيزي ليست قاعدة عامة فهي حصلت في ظرف خاص والإمام (ع) كان يقصد إلزامهم بما التزموا به لا أنه يعترف بمبدأ الشورى في الإمامة ( فافهم ذلك رحمك الله ) ولا تبن عليه أحكامك لأن الإمامة أمر الله لا أمر الناس فالله يقول في كتابه العزيز ( وأمرهم شورى بينهم ) فهل الإمامة من أمر الناس أم من أمر الله ؟
وعليه فلا تحتجوا علينا باختياركم الإمام بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) فشتان بين ما قاله وما أنتم عليه فليس أئمتكم مثل الإمام علي بن أبي طالب (ع) وليس من ينتخبون إمامكم مهاجرون وأنصار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!

عاقل مجنون
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 451
اشترك في: الأحد إبريل 23, 2006 9:11 am
مكان: مستشفى الجنان

مشاركة بواسطة عاقل مجنون »

جميل ... حوار في طريقة!!!
قالوا : المجنون يتكلم ..
قلنا : والعاقل يسمع ..
********* ********* *********
مجنون يتكلم ولا عاقل أخرس .!؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد .....

جعفري كتب :
فأقول لكم نعم كان هناك تكتم شديد على الإمامة ولم يكن الإمام يصرح بها إلا للخاصة من شيعته ويطلب منهم كتمان السر حتى لا يتعرضوا للقتل من قبل الأمويين الذين كانوا يتربصون بهم ليفتكوا بهم ونذكر هنا بعض الأحاديث من بحار الأنوار ( الكتاب الجامع لعلوم أهل البيت ) والتي تشير إلى هذا التكتم :
هذا اعترافٌ منكم يُوفّر عَلينَا جهد كبير ، فكيفَ تَقومُ من الأئمّة على النّاس الحُجّة يوم القِيامَة وهُم مُخفونَ أمرَ إمامتهِم عليهِم ؟! ، كيفَ يكون الصّادق حُجّة على العِباد وهُو لم يُخبِر إلاّ خاصّة شيعته بالإمامة ، فما حالُ بقيّة الشيعة (غير خاصّته) ، وما حالُ بقيّة أهل المدينة ، ومكة ، والعراق ؟! ثمّ كيفَ تدّعي الجعفريّة أنّ الّنص من الله والرّسول بإمامة الاثني عشر (علي ، فالحسن ، فالحسين ، فعلي بن الحسين ، ..إلخ) ، كيف تَروي هذا الخبر مِن طريقِ ستٍّ وعشرين صحابيّاً ، ثمّ تقول أنّ الأئمّة يتكتّمون في عدم إخراجِه ؟! وهل الخبر المشهور المروي عن طريق هؤلاء الصّحابة بحاجَة إلى كلّ هذا التكتّم من أئمّتكم ؟! ، أنتَ الآن مُخيّرُ بين امرين اثنين : إمّا أن تقولَ أنّ أئمّتكم لَم يَقوموا بِهداية عِباد الله ، وضَلّلوا عليهِم ، عِندما لَم يُخبروهُم عن ائمّتهِم بعدَ أئمّتِهم . وإمّا أن تقول : أنّ الخبر الإثني عشري المُتسلسل بأسماء واعداد الأئمّة ، لَم يَكن له وجودٌ قبلَ عصر الغَيبَة ، لانّ النّاس لَو كانوا يَعرفونهَ ، ومُطّلعونَ عليه ، لَما احتاج أئمّتكُم ان يتكّتموا على إمامَة أبنائهِم ، لأنّ النّص المُتسلسل بالأسماء والأعداد ، سيكونُ قد أخبرَ بإمامتهم ، ويكونُ قد نَشرَها ، فالمُسلمونَ في عهد الصّادق سيكونوا مُوقنين بإمامة الجواد ، وعالمين بأنّه سيكون من ولد علي الرّضا ، فما الدّاعي لان يتكتّم الرّضا في أمر الإخبار بامر إمامته ، ومِنَ المُفترض أن يكونَ هذا معلوماُ بالبديهَة ، لأصحاب الروايات الإثني عشرية ، فإن تَفهّمتَ موضِعَ الخلل هُنا ، فتفَهّم قولَنا أنّ الجعفريّة رَوتَ خبراً عن الاثني عشر لم يكُن معلوما ولا مشهوراً ولا مَرويا حتّى في عصر الأئمّة ، إذل لو كانَ مشهوراً ومروياّ في عصرِهم ، لما احتاجوا إلى التكتّم في أمر الإيصاء لأبنائهِم ، ولمَا احتاج شيعتُهم إلى سؤالِهم عن أئمتهِم بعد أئمّتهم ، لأن النّص يُغني عن هذا .

جعفري كتب :
الحديث الثاني : ج2 ص73
عن معلى ابن خنيس ، قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يامعلى ، اكتم أمرنا ولاتذعه ، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله في الدنيا ، وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة . يامعلى من أذاع حديثنا وأمرنا ولم يكتمها أذله الله في الدنيا ، ونزع النورمن بين عينيه في الآخره : وجعله ظلمة يقوده إلى النار ، يامعلى إن التقية ديني ودين آبائي ، ولادين لمن لاتقية له . يامعلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية . يامعلى إن المذيع لامرنا كالجاحد به .
أقول : ما الدّاعي للإخفاء والخبَرُ مشهور ؟! ، ثمّ إن الصّادق بهذه الحثّ الرهيب على الكتمان ، والسّر ، قد خالفَ أمرَ الله والرّسول (وحاشاه) ، فإنّه (الصادق) مأمورٌ بالجَهر بالدّعوة ، ونشر علوم أهل البيت، دونَ التقيّة ، وذلك في قصّة الخواتم الإثني عشر التي يَفتَحُها كلّ إمام من الإثني عشر في وقته ، فيُنفّذ ما في الكتاب ، فروى الكُليني بسنده ، ((.... ، ثمّ دََفَعَه [الحسين] إلى علي بن الحُسين عليهما السلام فَفَكّ خَاتَمَاً فَوَجَدَ فِيه أنْ أطْرِق واصمت والزَم مَنْزِلَك واعبُد رَبّكَ حتّى يأتِيَكَ اليَقِين، فَفَعل، ثمّ دَفَعَهُ إلى ابنِه محمّد بن علي عليهما السلام، فَفَكّ خَاتماً فَوجَدَ فِيهِ حَدِّث النّاس وَأفْتِهِم ولا تَخَافَنّ إلا الله عزوجل، فَإنه لا سَبيلَ لأحَدٍ عَليك [ فَفَعل ]، ثمّ دَفَعَه إلى ابنه جَعفَر فَفَكّ خَاتَمَا (تأمّل) فَوجَد فِيه حَدِّث النّاس وأفتِهِم وانشُر عُلوم أهل بَيتِك وصَدِّق آبَائك الصّالحين ولا تَخَافَنَّ إلا الله عزّ وجَلّ ، وأنْتَ فِي حِرز وأمَان، فَفَعَل، ..)) [أصول الكافي :1/281] ، نعم ! فما بالُكم معشر الجعفريّة تَصفون الصاّدق (ع) بهذا التكتّم الرّهيب في أمور الإمامة وهي أعظمُ علوم أهل البيت وأساسها !! .

* والكلامُ على الحديث الثّاني ، والثّالث ، والرّابع ، يحذوا حَذو كلامِنا السّابق ، ويُؤكّد تساؤلاتنا .

جعفري كتب :
وأما الوضع في زمن الإمام الرضا فهو مختلف تماماً فقد غيرت الدولة العباسية سياستها وخففت عن الشيعة فأعلن الإمام إمامته أمام الملأ دون خوف ولا كتمان ولو تهيأ الظرف لغيره من الأئمة لفعلوا ذلك .
ولِهذا قالَت الزيديّة بإمَامَته ، لأنّه من بني فاطَمة ، ولأنّه لن يَنفكّ إلاّ داعياً ، خصوصاً مع إثبات الزيديّة لإمامته ، وأنتُم بكلامكم هذا أخي في الله تُثبتونَ عقيدة الزيدية في الرّضا (ع) ، إذ أنّه دعا بالإمامة ، وخالف منهجَ آبائه المُتكتّمين في أمر الإظهار ، والخلافُ حولَ كيف عرفَ النّاس إمامة الرّضا ، هل بالدّعوة أم بالنّص من أبيه الكاظم ، المعلوم أنّ الكاظم لم يُخبر إلاّ خواصّ شيعتِه بإمامة عليّ ، بل حتّى أبناء الكاظم لم يَكونوا يعرفون إمامة أخيهِم الرّضا ، وقد سبق إيراد الرّوايات في هذا ، فلتُراجَع ،فكيفَ عرفَت الزيديّة إمامة الرّضا ؟! ، من المؤكّد لم تَعرف إلاّ عن طريق الدّعوة منه ، لأنّ الوصيّة مطمورَة مدفونَة ن والنص الإثني عشري بالاسم والعدد غير موجود .

جعفري كتب :
هناك نقطة أود أفندها من كلامكم وهي تعلقكم بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) بخصوص الشورى فنقول:
إن الإمام عليه السلام قد ناشد الناس بإمامته في مواطن كثيرة في خلافة الثلاثة بعد الرسول ( ص) حيث ذكرهم بما قاله عنه رسول الله (ص) من أن الخليفة الشرعي بعد رسول الله (ص) وأنه منصوص عليه ولكنه لم يلق آذاناً صاغية له وكان الجميع يقول بالشورى ولما رأى إصرارهم وافقهم على مبدأ الشورى رغم اعتراضه عليه حيث صرح في الخطبة الشقشقية بقوله (فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاَْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ) فهو يرفض مبدأ الشورى في الإمامة ولكن إصرار القوم جعله يسايرهم فحدد الشورى في المهاجرين والأنصار ونحن نعلم أنه في سنة 35هجرية يوم اختير الإمام للخلافة كان المجتمع الإسلامي فيه مهاجرين وأنصار وغيرهم من المسلمين فلو كانت الإمامة بالشورى لكان الناس جميعهم يشاركون فيها وليس المهاجرين والأنصار فقط فلماذا قال الإمام ذلك ؟
برأيي أن الإمام أراد أن يقيم عليهم الحجة بإمامته فهو يعلم أن المهاجرين والأنصار قد شهدوا تنصيب الرسول ( ص) لعلي بن أبي طالب بالإمامة فهم لا يجتمعون إلا على اختياره هو دون غيره لتفضيل الرسول (ص) له على جميع المسلمين .
فهذه يا عزيزي ليست قاعدة عامة فهي حصلت في ظرف خاص والإمام (ع) كان يقصد إلزامهم بما التزموا به لا أنه يعترف بمبدأ الشورى في الإمامة ( فافهم ذلك رحمك الله ) ولا تبن عليه أحكامك لأن الإمامة أمر الله لا أمر الناس فالله يقول في كتابه العزيز ( وأمرهم شورى بينهم ) فهل الإمامة من أمر الناس أم من أمر الله ؟
وعليه فلا تحتجوا علينا باختياركم الإمام بما قاله الإمام علي بن أبي طالب (ع) فشتان بين ما قاله وما أنتم عليه فليس أئمتكم مثل الإمام علي بن أبي طالب (ع) وليس من ينتخبون إمامكم مهاجرون وأنصار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!
أخي جعفري ، ألَم نُناقشكَ وصاحِبك في هذه المسألَة سابقاً ، احتججتُم علينا بنفس هذا الاحتجاج ، ورَدَدْنَا عليه ، ولَم تَردّوا على رَدِّنا !! ، وهُنا فنُعيدُ ما كَتبناه ، طالبينَ منكَ أن تتأمّل ، أن سياق كلامنا السّابق القريب في هذا الموضوع ، ونقلِنا عن امير المؤمنين ، لَم يكُن لمعاوية ، ولا للمهاجرين ، ولا الانصار فيه علاقَة ، فلا تَخِلطَ قولَي الإمام علي (ع) ، فنقول مُتّكلين على الله فاكّين بإذن الله الالتباس الذي التبسَ على الأخ (جعفري) ، عندما خلطَ كلامين للإمام علي (ع) ن في مَوقِفين مُختلِفَين ، ذاك له دلالةُ مُجرّد الاحتجاج على معاوية واهل الشام ، وذا ليس له علاقة بالاحتجاج بل جاء ابتداءً من امير المؤمنين ، وتعليميّا منهُ لهُم (ع) ، فنقول :

نعم ! وهُنا وإراضاءً للإنصاف ، ولفكّ الالتباس الحاصِل ، نسوق نصاّ عن أمير المؤمنين أوضحٌ في الدلالة ممّا سبَق ، فنقول قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، مّبيّنا مْنَ هُو الجديرُ بالإمامة :

((أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِيهِ، فَإِنْ شَغَبَ شَاغِبٌ اسْتُعْتِبَ ، فَإِنْ أَبَى قُوتِلَ. وَلَعَمْرِي، لَئِنْ كَانَتِ الْإَمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ (تأمّل) حَتَّى يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ، فمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ، وَلكِنْ أَهْلُهَا يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا، ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ.)) [ نهج البلاغة خ173] .

تعليق : وهُنا فيتكلّم الإمام (ع) ، مُعلّماً للناس أصولَ دينهِم ، وأنّ طريقَ الإمامة هي الشورى ، فيقول اعلموا أيهّا النّاس ، وتفهّموا ، وأيقِنوا ، أنّ أحقّ الناس بإلإمامة ، هو الأشجعُ والأقوى والأعلم في دين الله ، وطريقُ الاختيارِ هي الشّورى مِن قِبَل اهل الحلّ والعقد من صُلحاء الأمّة ممّن حضرَ دعوة الدّاعي من بني فاطمة ، ثم يُبيّن الإمام ما على الخارجين على مَن اتفّق صُلحاء الأمّة عليه من بني فاطمة ، فيقول : فإن شغبَ أوخرجَ أو ألّبَ على الإمام خارجٌ أو مُؤلبٌ ، استُتيبَ ، وإلاّ فإنّهُ يُقاتَل . ثمّ يُبيّن الإمام أنّ اختيار الإمام لا يشترطُ فيه حضور جميع النّاس ، بل يكفي فيه مَن حضرَ من صُلحاء المُسلمين . ثمّ لو تأمّلتَ أخي في الله قول الإمام (ع) : ((وَلَعَمْرِي، لَئِنْ كَانَتِ الْإَمَامَةُ لاَ تَنْعَقِدُ )) ، بإزاء قوله : ((أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الْأَمْرِ )) ، نعم ! لو تأمّلتَهُ جيّداً لوجدتهُ يتكلّم عن مُتقبلِ النّاس ، ولا يتكلّمُ عن نفسهِ ، لوجدتهُ يُعلّمُ النّاس لمُستقبلِهِم ، يُعلّمهم كيف يقفونَ على إمام نبي فاطمة ، وذلكَ لأنّا وجدناهُ (ع) ، يخصّ بني فاطمة بوالية دون غيرهِم ، فيقول : ((إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيشٍ غُرِسُوا فِي هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَيْرِهمْ)) [ نهج البلاغة خ143 ] .

اللهمّ صلّ على محمد و’له الطيبين الطاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

أسئلة وجيهة وموضوعية من حق كل مسلم أن يتسائل عنها وأنا لو كنت مكانك لتسائلت مثلك وأنا أشكرك على هذه الروحية لأنها تنشط البحث وتحث المشاركين على بذل الجهد في كشف الغموض الذي يكتنف الموضوع .

قبل الإجابة على ما جاء في مشاركتكم أود أن أذكر مقدمة تمهيدية تساعدنا على توضيح الرؤية بخصوص ما أثرتموه من أسئلة وبعدها نجيب على أسئلتكم

فنقول وبالله التوفيق والتسديد :

ستتضمن المقدمة الإجابة على الأسئلة التالية من خلال البحث المطروح في هذه المشاركة

السؤال الأول : هل بلغ الرسول (ص) ما أمره الله به كاملاً أم قصر في التبليغ ؟

السؤال الثاني : هل أخذ المسلمون بكل ما قاله الرسول (ص) وطبقوه كما ينبغي أم قصروا في تطبيقه ؟

السؤال الثالث : هل حفظ المسلمون سنة الرسول ( ص) كاملة نقية وأوصلوها إلى من يأتي بعدهم من الأجيال سليمة نقية كما صدرت عن رسول الله (ص) ؟

بعد الإجابة على هذه التساؤلات من خلال بحثنا هذا سنتوصل إلى إجابة لما سألته من أسئلة في مشاركتك بإذن الله تعالى

فنبدأ حديثنا فنقول :

أما بالنسبة للسؤال الأول

فنقول نعم لقد بلغ رسول الله ما أمره الله به كاملاً دون أي تقصير ودليل ذلك قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) .

بالنسبة للسؤال الثاني :

أقول لا لم يأخذ المسلمون بكل ما قاله الرسول (ص) والدليل على ذلك ما ورد في حديث الثقلين من حث الرسول (ص) للمسلمين على التمسك بالثقلين الكتاب والعترة حيث أن التمسك بهما يعصم من الضلالة وحيث أن المسلمين انقسموا بعد الرسول (ص) إلى ثلاث وسبعين فرقة فرقة منهم ناجية والباقي في النار كما صرح بذلك رسول الله (ص) دل ذلك على عدم تمسك المسلمين بما أمرهم الرسول (ص) مما جعلهم يضلون وينقسمون .
وأوضح مثال على ذلك هو النص على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد كرره رسول الله طوال حياته وفي مواقف متعددة وعلمه الصحابة وفهموا مقصد الرسول من ذلك ومع ذلك رأيت الإنكار الشديد له من قبل المسلمين ورفضهم للإ ذعان لإمامته وتقليد الأمر لغيره وقد وافقهم أغلب المسلمين رغم علم الجميع بعدم أحقية من جاء بعد الرسول (ص) للخلافة وأنهم اغتصبوها من الإمام علي بن أبي طالب ظلماً وزوراً .
إذن رغم وجود النص على الإمام فقد أنكر المسلمون عليه حقه .

بالنسبة للسؤال الثالث :

نقول : إن مجريات التاريخ تشير إلى أن سنة الرسول (ص) لم تحفظ وسنتسلسل في الأحداث من بعد وفاة الرسول (ص) وصولاً إلى عصر الأئمة بعد الحسين ( عليه السلام ) فنقول :

في عهد الخليفة الأول :

أولاً : غصب الزهراء حقها في أرض فدك رغم علمهم بأنه لها وايراد حديث مزور مفاده قول الرسول (ص) : نحن الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وقد احتجت الزهراء عليهم في خطبتها المشهورة .

ثانياً : الهجوم على بيت الزهراء ومحاولة حرقة وقيل لذلك الذي أراد حرق البيت إن في البيت فاطمة فقال وإن وبذلك أسقط قدسية أهل البيت من قلوب الناس وأهانهم وكان ذلك بداية الاستخفاف بقدسية أهل البيت ( عليهم السلام ) .

ثالثاً : منع الناس من أن يحدثوا الناس بأي شيء من سنة الرسول (ص)

رابعاً : الخليفة الأول يحرق سنة الرسول التي جمعها بنفسه :

لم يكتف الخليفة بهذا المرسوم الذي منع بموجبه المسلمين من أن يحدثوا أي شئ من سنة رسول الله ، بل تناول الأحاديث التي جمعها بنفسه ، وسمعها بنفسه من رسول الله ، فأحرقها ! !

قال الذهبي : " إن أبا بكر جمع أحاديث النبي ( ص ) في كتاب ، فبلغ عددها خمسمائة حديث ، ثم دعا بنار فأحرقها " ( 1 )

روى القاسم بن محمد أحد أئمة الزيدية عن الحاكم بسنده إلى عائشة قالت : " جمع أبي الحديث عن رسول الله ، فكانت خمسمائة حديث فبات ليله يتقلب ، فلما أصبح قال أي بنية ، هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها فدعا بنار فأحرقها " ( 2 ) .

فالخليفة صاحب النبي 23 عاما ، وصاهره ، ولازمه ، وشهد كل مواقعه كما يجمع المؤرخون على ذلك . وفوق هذا وذلك فهو يقرأ ويكتب ، فهل نستكثر على من كانت هذه حالته أن يروي عن الرسول خمسمائة حديث من سنته ! ! لقد رواها بنفسه ، وسمعها بنفسه ، وكتبها بنفسه ، بمعدل أقل من 22 حديثا كل عام ، وأقل من حديثين كل شهر ، وهذا يعني أنها كانت صحيحة وصادرة عن رسول الله قطعا ، ومحفوظة وبعيدة عن التحريف لأنه قد استودعها عند ابنته ككنز خوفا عليها من الضياع ، وبعد أن انتقل الرسول إلى جوار ربه وانقطع الوحي ، وبعد أن استولى على منصب الخلافة ، صار لا ينام الليل من وجود هذه الأحاديث ! ! !

ووصفت لنا السيدة عائشة ابنة الخليفة حالته بقولها : " . . . جمع أبي الحديث عن رسول الله ( ص ) ، وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيرا قالت فضمني ، فقلت أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك ؟ فلما أصبح قال : أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك ، فجئته بها ، فدعا بنار فأحرقها ! ! فقلت لم أحرقتها ؟ قال : خشيت أن أموت وهي عندي فتكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ، ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك " انتهى النص ( 3 ) .

السيدة عائشة تؤكد بأن أباها قد جمع الحديث عن رسول الله وتؤكد أن عدد الأحاديث كان خمسمائة حديث ، فلما أصبح طلب الأحادث التي سمعها من رسول الله بنفسه وكتبها بخط يده ، ثم دعا بنار فأحرقها أمام السيدة عائشة ، حتى الآن فإن وقائع الرواية متماسكة ، ومتفقة مع توجهات الخليفة ، ومنسجمة مع المرسوم الذي أصدره بعد توليه لمنصب الخلافة ، ومع أمره للمسلمين " بأن لا يحدثوا شيئا عن رسول الله " ، بل وتتناغم مع الواقع ومع نفسية الخليفة الرقيقة ، فالتصرف قد حدث بعد توليه منصب الخلافة ، وأثناه الفترة التي كان فيها غاضبا من الإمام علي ومن أهل بيت النبوة الذين رفضوا بيعته بدعوى أنهم أحق بالخلافة منه وفي الوقت الذي حرمهم فيه من تركة الرسول ومن سهم ذوي القربى ، وصادر المنح التي أعطاها لهم الرسول ، وهم بإحراق بيت فاطمة على من فيه وهدد الإمام بالقتل إن لم يبايع ، أو أمر بأن يؤتى به بأعنف العنف فليس من المستبعد أن بعض الأحاديث التي كتبها الخليفة تتضمن بعض مراتب الإمام علي ، أو مكانة أهل بيت النبوة ، أو النص على إمامتهم فلما استعرض الوقائع أو أحداث يومه أو أسبوعه ، وتذكر أحاديث النبي ، جفاه النوم وانتابه القلق ، فصارت هذه الأحاديث كشبح يلاحقه ويحول بينه وبين النوم ، لأن نفسية الرجل رقيقة ويندم علي الخطأ بدليل ندمه وعلى فراش الموت حيث قال : " أما إني لا آسى على شئ في الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن . . . فوددت أني لم أكشف عن بيت فاطمة وتركته ولو أغلق على حرب " ( 4 )
ووضح اليعقوبي الصورة بقوله : إن أبا بكر قال : " وليتني لم أفتش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو أغلق على حرب " ( 5 ) فمن المحتمل جدا أن يكون في الأحاديث التي كانت مكتوبة عند أبي بكر توصية بإرضاء السيدة فاطمة بالذات بدليل أنه بعد عملية الشروع بحرق بيتها ، ذهب أبو بكر وعمر إلى منزلها ليعتذرا ، فسألتهما : " نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي وغضبها من غضبي . . . فأجابها الاثنان بصوت واحد اللهم نعم قد سمعناه ! ! " ( 6 )

فما الذي يمنع بأن يكون هذا الحديث هو أحد الخمسمأة ! ! ! فعندما يتذكر أبو بكر هذا الحديث وأمثاله من المكتوبة عنده ، ويتذكر ما فعله بأهل بيت النبوة ، فإن هذا يجلب القلق ، ويذهب النوم خاصة عن شخصية رقيقة كشخصية الخليفة الأول ! ! !

ثم إن الشخص العادي إذا اقتنع بأنه قد ظلم في يومه إنسانا ، فإنه لا يقوى على النوم ، ويصيبه الأرق ، فكيف يحس الإنسان الرقيق إذا اقتنع بأنه قد ظلم أو آذى بنت رسول الله و أحب الناس إليه ، إن وجود هذه الأحاديث يذكره دائما بما فعل ، إنها بمثابة شهود إدانة ، والإنسان بفطرته يتخلص مما يدينه ! ! .

ثم إن الثابت بأن أبا بكر قد جمع خمسمأة حديث ، بينما الموجود بأيدي المسلمين من حديثه لا يتجاوز 142 حديثا كما أحصاها ابن حزم والسيوطي ( 7 ) بمعنى أنه قد ضاع منها 358 حديثا ! ! ! فإن صح ما ذهبنا إليه ، فمن غير المعقول أن يروي الإنسان عن رسول الله ما يدينه ! ! ! أما عجز الحديث " آخره " الذي يتضمن السبب المعلن الذي دفع الخليفة الأول لحرق الأحاديث التي جمعها بنفسه ، فالصناعة والتكلف واضح فيه ، وأكبر الظن بأنه قد ألحق بالحديث إلحاقا فالنفس الذي صيغ فيه العجز مختلف تماما عن النفس الذي صيغ فيه بقية الحديث ، ثم إن المؤرخين والمحدثين يجمعون بأن أبا بكر كان من أقرب الصحابة لرسول الله ، وكان من الملازمين له ، ولم تكن هنالك حواجز بين الرسول وبين أبي بكر فهو صهره وصاحبه ، فما هو الداعي ليترك رسول الله وهو النبع النقي ويأتي إلى غيره ليروي له أحاديث رسول الله ! ! ! ، لأنه أقرب من الغير لرسول الله ، وألصق به ! !

ثم ما يدريك ما كان في هذه الأحاديث من فضائل أهل البيت والنص عليهم مما جعل الخليفة الأول يحرق سنة رسول الله (ص) . فتأمل في ذلك فانت الآن في موقع القضاء فلا تحكم إلا بعد معرفة الظروف المحيطة ولا تخبط خبط عشواء !!!!!!!!!!!!!

في عهد الخليفة الثاني :
لقد استمر مسلسل التعتيم على سنة رسول الله (ص) في عهد الخليفة الثاني وكأن أحدهما يوصي للآخر بطمر سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) فاقرأ معي ما فعله هذا الخليفة بسنة رسول الله (ص) :

1- عمر يجمع سنة الرسول (ص) ويحرقها :ل
قد نجح الخليفة بإيهام المسلمين بأنه يريد أن يكتب سنة الرسول ، لذلك أتته الأكثرية من المسلمين بما هو مكتوب عندها من سنة الرسول ، ووضعوا هذه السنة المكتوبة بين يديه ، ليتمكن الخليفة من تدوينها كما وعد ! ! !

كذلك ، فإن أكثرية المسلمين الذين عندهم كتب ، قد استجابوا لنداء الخليفة لأنهم ظنوا أنه يريد أن ينظر فيها وأن يقومها كما وعد ! ! والأقلية من المسلمين التي تعرف الخليفة وتعرف موقف من سنة الرسول ونواياه نحوها هي التي احتفظت بسنة الرسول المكتوبة عندها ، وهي التي لم تسلم الكتب الموجودة لديها ، وكان الإمام علي وأهل بيت النبوة ومن والاهم هم القلة التي احتفظت بسنة الرسول المكتوبة عندها ، وبالكتب المحفوظة لديها .

لما اعتقد الخليفة أن المسلمين قد أتوه بكامل سنة الرسول المكتوبة عندهم وبكل الكتب المحفوظة لديهم ، قام الخليفة بإحراقها بالنهار وحرقها فعلا ( 8 ) وهكذا تمكن الخليفة من القضاء التام على سنة الرسول المكتوبة وحتى الكتب المحفوظة لدي الأكثرية الساحقة من أهل المدينة المنورة ! ! !

2- الخليفة يعمم على كافة الأمصار الخاضعة لحكمه لمحو سنة الرسول

لما نجح الخليفة عمر بن الخطاب بجمع ما لدى أكثرية المسلمين من سكان المدينة المنورة من سنة الرسول المكتوبة ، والكتب المحفوظة لديهم وإحراقها بالنار ، أصدر مرسوما عممه على كافة البلاد الخاضعة لحكمه هذا نصه : " أن من كان عنده شئ من سنة الرسول المكتوبة فليمحه " ( 9 ) .

لماذا فعل الخليفة ذلك وكيف برر هذه الأفعال :

لقد استشار الخليفة أصحاب رسول الله بجمع سنة الرسول المكتوبة ، فأشاروا عليه بذلك ، وظن المسلمون أن الخليفة يريد أن يجمع سنة الرسول بالفعل لذلك أرسلوا له ما هو مكتوب منها عندهم لغايات شروع الخليفة بجمع السنة كذلك فإن المسلمين قد أرسلوا للخليفة الكتب المحفوظة لديهم وهم يظنون أن الخليفة يريد أن ينظر بها فيقومها كما وعد .

لكن ، لما أمر الخليفة بإحراق ما تجمع لديه من سنة الرسول المكتوبة ومن الكتب وتم حرقها بالفعل ، ذهل الناس ، أو على الأقل تساءلوا لماذا يحرق الخليفة سنة الرسول المكتوبة ! ! ! ، فكان لا بد للخليفة من أن يبرر أفعاله ، فقال بعد أن تمت عملية التحريق : " إني كنت أردت أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم ، كتبوا ، فأكبوا عليها فتركوا كتاب الله - وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا " ( 10 ) ويروى أنه قد قال بعد أن أحرقها : " أمنية كأمنية أهل الكتاب " ( 11 ) ، أي حتى لا ينشغل الناس بالسنة عن القرآن .

النصوص التي استقينا منها تلك المعلومات الواردة بالفقرات السابقة

أ - قال عروة بن الزبير : " إن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن ، فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله ( ص ) ، فأشاروا عليه أن يكتبها ، فطفق عمر يستخير الله شهرا ، ثم أصبح يوما ، وقد عزم الله له ، فقال : إني كنت أردت أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها فتركوا كتاب الله - وإني والله - لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا " ( 12 ) .

ب - عن الزهري قال : " أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهرا ، ثم أصبح وقد عزم الله له فقال ذكرت قوما كتبوا كتبا فأقبلوا عليها وتركوا كتاب الله " ( 13 ) .

ج - قال القاسم بن محمد بن أبي بكر : " إن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهر في أيدي الناس كتب ، فاستنكرها وكرهها وقال : أيها الناس إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبها إلى الله أعدلها وأقومها ، فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به ، فأرى فيه رأيي ، فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار ثم قال أمنية كأمنية أهل الكتاب " ( 14 ) وفي بعض القول مثناة كمثناة أهل الكتاب ( 15 ) .

د - قال يحيى بن جعدة : " إن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة ، ثم بدا له أن لا يكتبها ثم تكب في الأمصار من كان عنده منها شئ فليمحه " ( 16 ) . ه‍ - " إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحريقها " ( 17 ) .

3- الخليفة عمر يمنع رواية سنة الرسول :

في أول اجتماع سياسي عام لأبي بكر الخليفة الأول أمر المسلمين " بأن لا يحدثوا شيئا عن رسول الله " ( 18 ) وكلام الخليفة الأول من الوضوح بحيث أنه لا يحتاج إلى تأويل فهو يمنع علنا رواية سنة الرسول ، وفي الوقت نفسه الذي منع فيه الخليفة الأول رواية سنة الرسول منع ضمنا كتابة سنة الرسول حيث أحرق الأحاديث التي سمعها بنفسه من رسول الله وكتبها بخط يده ( 19 ) وتلك رسالة واضحة إلى المسلمين مفادها " لا ترووا سنة الرسول ولا تكتبوها ! ! ! " .
لم تكن هذه سياسة الخليفة الأول فحسب بل كانت سياسة ولي عهده وشريكه في أمره عمر بن الخطاب ، ومن يتتبع سيرة عمر ، لا يشك إطلاقا بأن عمر هو الذي زرع في ذهن الخليفة فكرتي ، منع رواية السنة ، وإحراق الأحاديث التي كتبها ! ! لأن عمر بن الخطاب هو أول مخترع لشعار " حسبنا كتاب الله " ! ! ! وهو الشعار الذي برر به أبو بكر ما فعل ! ! !

ولما آلت الأمور إلى عمر بن الخطاب ، وتولى الخلافة خالف صاحبه شكلا واتفق معه بالمضمون ! ! ! ووسع إطار المنع والإحراق ، وجعلهما سياسة علنية عامة لدولته ! ! ! فأبو بكر منع رواية سنة الرسول أولا ، ثم أحرق سنة الرسول المكتوبة عنده ، أما عمر فقد جمع سنة الرسول المكتوبة عند الناس والكتب المحفوظة لديها فأحرقها أولا " ( 20 ) .

ثم عمم على كافة الأمصار الخاضعة لحكمه " إن من كان عنده شئ من سنة الرسول فليمحه " ( 21 ) ولما تصور الخليفة عمر بن الخطاب أنه قد أحرق سنة الرسول المكتوبة عند المسلمين ، والكتب المحفوظة لديهم ، تفرغ لمنع رواية سنة الرسول وقد اتخذ هذا المنع أشكالا متعددة ، وبالرغم من تعدد الأشكال فإنها تخدم غاية واحدة لا تخفى حتى على عامة الناس وجهلتهم وهي رغبة الخليفة بأن يجتث سنة الرسول من الوجود ، وأن لا يبقى منها إلا تلك التي لا تتعارض مع توجيهات الدولة ووجودها وسياستها ، أو التي تخدم مصالح الدولة كما سنرى ! !
أشكال منع الخليفة عمر لرواية سنة الرسول

أولاً : النهي عن رواية الحديث :
1 - روي عن قرظة بن كعب أنه قال : " لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا إلى حرار ، ثم قال : أتدرون لما شيعتكم ؟ قلنا : أردت أن تشيعنا وتكرمنا فقال عمر : إن مع ذلك لحاجة ، إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل ، فلا تصدوهم بالأحاديث عن رسول الله وأنا شريككم ، قال قرظة فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله " ( 22 ) .
وفي رواية أخرى ، فلما قدم قرظة بن كعب قالوا : " حدثنا فقال قرظة : نهانا عمر " ( 23 ) .
فقرظة قد فهم بأن عمر ينهى عن الحديث عن رسول الله بدليل قوله : " فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله " .

2 - قال عبد الرحمن بن عوف : " ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق ، عبد الله بن حذيفة ، وأبو الدرداء ، وأبو ذر وعقبة بن عامر فقال : ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله في الآفاق ؟ فقالوا تنهانا ! ! قال : لا ، أقيموا عندي ، لا والله لا تفارقوني ما عشت ، فنحن أعلم نأخذ منكم ، ونرد عليكم " ( 24 ) .

3 - ووصى عمر أبا موسى الأشعري عندما بعثه إلى العراق بمثل ما وصى به قرظة بن كعب ( 25 ) .

4 - خطب عمر بن الخطاب فقال : " . . . من قام منكم فليقم بكتاب الله ، وإلا فليجلس فإنكم قد حدثتم الناس ، حتى قيل قال فلان وقال فلان ، وترك كتاب الله " ( 26 ) .

5 - قال الشعبي : " جالست ابن عمر سنة فما سمعته يحدث عن رسول الله شيئا " ( 27 ) .

6 - قال سعيد بن المسيب : " كتب إلى أهل الكوفة مسائل ألقى فيها ابن عمر ، فلقيته فسألته من الكتاب ، ولو علم أن معي كتابا لكانت الفيصل بيني وبينه " وهذا يعني أن عبد الله بن عمر ملتزم التزاما تاما بنهي أبيه عن سنة رسول الله ! ! ويجدر بالذكر أيضا أن حفصة بنت عمر كانت تعارض التدوين ، وكأن معارضة كتابة ورواية سنة رسول الله خلق في آل عمر ! ! ( 28 ) .

ثانياً : التهديد والضرب :

1 - قال عمر بن الخطاب لأبي هريرة : " لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس " ( 29 ) وقال له أيضا : " لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض الفيح يعني أرض قومه " ( 30 ) .

2 - يبدو أن أبا موسى قد روى حديثا ، فسمعه عمر بن الخطاب ، أو سمع به عمر بن الخطاب فقال لأبي موسى : " والله لتقيمن عليه البينة " ، وفي لفظ مسلم " أقم عليه البينة وإلا أو جعلتك " ( 31 ) .

3 - ويبدو أيضا أن عمر بن الخطاب قد سمع بأن أبي بن كعب قد روى حديثا عن رسول الله فأخذ عمر بمجامع أبي بن كعب وقال له : " لتخرجن مما قلت ! ! ! أي يجب أن تتنصل من رواية هذا الحديث ! ! وقاد أبي إلى المسجد ، فأوقفه على حلقة من أصحاب الرسول ، منهم أبو ذر ، فقال أبو ذر : أنا سمعته أيضا من رسول الله ، فأرسله " ( 32 ) وفي رواية أنه قال لأبي : " لتأتيني على ما تقول ببينة " ( 33 ) .

4 - ضرب عمر أبا هريرة بالدرة وقال له : " قد أكثرت من الرواية ، وأحر بك أن تكون كاذبا على رسول الله " ( 34 ) .

5 - قال أبو هريرة : " ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر " ( 35 ) وكان أبو هريرة يقول : " لو كان عمر حيا لما سمح له برواية حديث رسول الله ولضربه بالدرة " ( 36 ) .

6 - قال أبو هريرة : " لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر لضربني بالدرة " ( 37 ) .

7 - قال أبو سلمة : " سألت أبا هريرة أكنت تحدث في زمن عمر هكذا ؟ قال أبو هريرة لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمحففته " ( 38 ) .

8 - وقال : " ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر " ( 39 ) .

9 - قال الأحنف بن قيس : " أتيت الشام ، فجمعت فإذا رجل لا ينتهي إلى سارية إلا فر أهلها منه ، يصلي ويخفف صلاته ، قال فجلست إليه ، فقلت يا عبد الله من أنت ؟ قال : أنا أبو ذر ، فقال لي : من أنت ، قال : قلت الأحنف بن قيس ، قال : قم لا أعدك بشر ، فقلت له : كيف تعدني بشر ، قال : إن هذا - يعني معاوية - نادى مناديه ألا يجالسني أحد " ( 40 ) هذا أبو ذر الذي وصفه الرسول بأنه أصدق الناس لهجة ، وخير من أقلت الغبراء وأظلت السماء ! ! وهذا ما يتعرض له من والي عمر على بلاد الشام بسبب إصراره على رواية سنة الرسول ! ! !

10 - قال ابن الأثير : " كان الحجاج بن يوسف الثقفي قد ختم في يد جابر وفي عنق سهل بن سعد الساعدي وأنس بن مالك يريد إذلالهم ، وأن يتجنبهم ولا يسمعوا منهم " ( 41 ) .

ثالثاً : الحبس :

1 - بعث عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن مسعود وإلى أبي الدرداء وإلى أبي مسعود الأنصاري فقال : " ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله ، فحبسهم بالمدينة حتى استشهد " ( 42 ) .
2 - إن عمر قال لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر : " ما هذا الحديث عن رسول الله ، وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب " ( 43 ) .

3 - قال الذهبي : إن عمر حبس ثلاثة : ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري فقال : " لقد أكثرتم الحديث عن رسول الله " ( 44 ) .

4 - قال ابن عساكر : " ما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلا من حبس عمر في هذا السبب " ( 45 ) .

إرهاب ورعب لا مثيل في التاريخ ! !

لما مرض النبي تنكرت له زعامة بطون قريش ، واستخفت هذه الزعامة الأكثرية من المجتمع فتبعتها رغبة أو رهبة ! وواجهت تلك الزعامة الغاشمة رسول الله وهو على فراش الموت ، ومعها جموع الغوغاء ، فقالوا لرسول الله : أنت تهجر - أي لا تعي ما تقول - والقرآن وحده يكفينا ، ولسنا بحاجة لوصيتك ولا لتوجيهاتك النهائية ! ! وبعد أن قبضت زعامة البطون على مقاليد الحكم ، أحرقت سنة رسول الله المكتوبة عند المسلمين ، كما أحرقت الكتب المحفوظة لديهم ، ومنعت منعا باتا رواية سنة رسول الله ورفعت شعار " حسبنا كتاب الله ، ولا كتاب مع كتاب الله ! ! " . وصارت رواية السنة التي تكشف شناعة ما جرى من الجرائم الكبرى ، وفرض الإرهاب والرعب على المسلمين ، وهو إرهاب ورعب لا نظير لهما في التاريخ البشري كله .

وقد وصف حذيفة أمين سر رسول الله حجم الإرهاب والرعب المفروضين آنذاك بقوله : " لو كنت على شاطئ نهر ، وقد مددت يدي لأغترف ، فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت يدي إلى فمي حتى أقتل " ( 46 ) .

وحذيفة ليس شخصا عاديا إنما هو أحد كبار الصحابة الكرام ، وأمين سر رسول الله على المنافقين ! ! ومع هذا فهو يؤكد تأكيدا قاطعا بأنه لو حدث الناس بما سمعه من رسول الله ، وكشف بعض الحقائق لقتلته زعامة بطون قريش والجموع التي تؤيدها قبل أن يرتد إليه طرفه ! ! لأن الزعامة الغاشمة والجموع معا لا يريدون إلا طمس الحقائق الشرعية ! ! !

ويؤكد هذا المناخ من الرعب والإرهاب أبو هريرة المعروف بموالاته للغالب حيث قال : " حفظت من رسول الله وعائين ، أما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم " ( 47 ) .

ووضح أبو هريرة الصورة قليلا في ما بعد قائلا : " إني لأحدث أحاديثا لو تكلمت بها زمن عمر لشج رأسي " ( 48 ) .

وفي زمن عمر بن الخطاب عزم أبي بن كعب - أحد أكابر الصحابة - أن يتكلم في الذي لم يتكلم به بعد وفاة رسول الله فقال أبي : " لأقولن قولا لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني " ( 49 ) .
لقد صمم هذا الصحابي الكبير على كشف الحقائق الشرعية ، وترقب الناس اليوم الذي حدده كعب لكشف الحقائق التي سمعها من رسول الله وفجأة ، قال قيس بن عبادة : " رأيت الناس يموجون ، فقلت ما الخبر ؟ فقالوا : مات سيد المسلمين أبي بن كعب ، فقلت : ستر الله على المسلمين حيث لم يقم الشيخ ذلك المقام . . " ( 50 ) .

أنت تلاحظ أن المنية ما أدركت هذا الصحابي الجليل إلا قبل الوقت المحدد لكشف الحقائق ! ! ! ويقينا أن أبي بن كعب قد قتل بالطريقة نفسها التي قتل فيها سعد بن عبادة سيد الخزرج .
والخلاصة أن منع كتابة ورواية سنة الرسول ، والعزم على اجتثاثها من الوجود ، وكتمان الحقائق الشرعية التي تصطدم مع الواقع السياسي قد تحول إلى قانون أساسي نافذ المفعول في كافة أرجاء دولة الخلافة ! ! ومن يخرج على هذا القانون فإن عقوبته الموت ! !

لم تعد هنالك قيمة للنفس البشرية ولا لأية حرمة من الحرمات فعلي بن أبي طالب يهدد بالقتل ، وأهل بيت النبوة يسامون سوء العذاب وتصادر حقوقهم بالتركة ، والمنح التي أعطيت لهم ، ويحرمون من سهم ذوي القربى ، وباليوم الثاني لوفاة الرسول تشرع دولة الخلافة بحرق بيت بنت رسول الله على من فيه وفيه فاطمة بنت الرسول وعلي والحسن والحسين وبنو هاشم وكبار المعزين ! !

ومع هذا فلم ينه أحد من الناس عن منكر من هذه المنكرات لا بيد ولا بلسان ! ! وطرحت فاطمة بنت رسول الله قضيتها أمام كبار القوم ، بأوضح لغة وأفصح لسان ، فسمعوها جميعا ، وبكى بعضهم ومع هذا لم يجرؤ أحد منهم على الكلام ! ! إنه الإرهاب والرعب ! ! ومع أن الإرهاب قد ولى ، والرعب قد زال ، إلا أن نفوس المسلمين ما زالت مسكونة بالرعب والإرهاب ، لأنها قد أشربت روح التاريخ وثقافته ! ! .

من وسائل تدمير سنة رسول الله :

قلنا : إن الخليفة الأول قد أحرق أحاديث الرسول التي سمعها من رسول الله بنفسه وكتبها بخط يده ، وأن الخليفة الثاني ناشد الناس أن يأتوه بسنة الرسول المكتوبة عندهم لأنه يريد أن يجمعها في كتاب واحد ، كما ناشد الناس أن يأتوه بالكتب المحفوظة لديهم لأنه يريد أن ينظر بها ويقومها ، وصدقت الأكثرية الساحقة من المسلمين ذلك فلما أتاه الناس بسنة رسول الله المكتوبة عندهم ، وبالكتب المحفوظة لديهم أمر بتحريقها وحرقت فعلا ، ثم كتب إلى عماله في كل البلاد الخاضعة لحكمه أن من كان عنده شئ من سنة الرسول فليمحه ، واقتداء بالخلفاء وعملا بسنتهم اخترعت وسائل أخرى للقضاء على سنة الرسول وتدميرها .

1 - الدفن : قال إبراهيم بن هاشم : " دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر وقوصرة " ( 51 ).
وعلق ابن حنبل على عملية الدفن بقوله : " لا أعلم لدفن الكتب من معنى " ( 52 ).

وقال ابن الجوزي : " دفن الكتب وإلقاؤها في الماء من تلبس إبليس " ( 53 ) .

2 - المحو : قال أبو نضرة قلنا لأبي سعيد : " اكتتبنا حديثا من حديث رسول الله فقال : امحه " ( 54 ) وهكذا فعل أبو موسى مع تابعه إذ محا كل ما كتب ( 55 ) .

3 - الغسل : قال عبد الرحمن بن أبي مسعود : " كنا نسمع الشئ فنكبته ففطن لنا عبد الله بن مسعود ، فدعا أم ولده ، ودعا بالكتاب وبإجانة من ماء فغسله " ( 56 ) .

وقال أبو بردة بن أبي موسى : " كنت كتبت عن أبي كتابا فدعا بمركن ماء فغسله " ( 57 ) .

وقال أبو بردة أيضا : " كان أبو موسى يحدثنا بأحاديث فنقوم أنا ومولى لي فنكتبها ، فقال أتكتبان ما سمعتما مني ؟ قالا : نعم ، قال : فجيئاني به ، فدعا بماء فغسله " ( 58 ) .

وحتى يضفو على هذه الأفعال الشنيعة طابع الشرعية كذبوا على رسول الله ، فادعوا بأنهم حرقوا سنته المكتوبة أمامه ولم يستنكر ذلك ( 59 ) .

بل ادعوا ما هو أكبر من ذلك فزعموا أن الرسول قد قال : " لا تكتبوا عني من كتب عني غير القرآن فليمحه " ( 60 ) .

ثم توجوا هذه الاختلاقات بقولهم : " إن الإمام عليا خطب الناس فقال : اعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه ، فإنما أهلك حيث يتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم " ( 61 ) .
مثل هذه الأحاديث صحيحة من حيث الشكل ، ولنفترض أن أبا هريرة هو الذي رواها كلها ، فادعى بأنه قد سمعها من رسول الله بالفعل ، شكلا الحديث مقبول ومعقول ، لأن أبا هريرة قد عاصر الرسول وصحبه سنتين أو ثلاث ، ولأن هذا الحديث يتفق مع سياسة الخلفاء وسنتهم القائمة على طمس سنة الرسول فمن الطبيعي أن يتبناه الخلفاء ، وأن تتبناه الدولة لأنه يتفق مع توجهاتها فإذا تبنته الدولة يصبح جزءا من وثائقها الرسمية ، ولا يجوز الطعن بالوثائق الرسمية إلا عن طريق التزوير ! !

والدولة لا تكتفي بذلك ، إنما تدخل مثل هذا الحديث في مناهجها التعليمية ، وتفرض على الناس تصديقه ! ! ! ولم يكن بإمكان أحد أن يطعن بصحة حديث تتبناه الدولة ، فمثل هذه الأحاديث محصنة بقوة الدولة ونفوذها ضد الطعن ، وعندما أباحت دولة الخلافة في ما بعد رواية وكتابة أحاديث الرسول وانطلق العلماء لجمعها وجدوا هذه الأحاديث التي تبنتها دولة الخلافة على شكل وثائق رسمية فنقلوها كما هي دون أن يتأكدوا من صحة مضامينها ، وبعد سقوط دولة الخلافة بقيت هذه الأحاديث محصنة أيضا ضد الطعن ، ولكن ليس بقوة دولة الخلافة إنما بقوة " نظرية عدالة كل الصحابة " ! !

فإذا صح أن أبا هريرة قد قال سمعت رسول الله ، أو سمعت عليا يقول كذا وكذا فإن أبا هريرة صادق 100 % لأنه صحابي والصحابي " من العدول " أو معصوم ومن المستحيل أن يكذب ! ! وهكذا وجدت الأحاديث التي تخدم توجهات الدولة ، أو تؤيد سنة الخلفاء حماية مطلقة ، وإحصانا دائما ضد الطعن ! ! واختلطت الأحاديث الصحيحة مع الأحاديث المكذوبة على رسول الله واختلط الدفاع عن سنة الرسول بالدفاع عن سنة الخلفاء وتواجدت هذه المتناقضات معا ، فيجب على الباحث وعلى المسلم أن يراعيها معا ! ! ! صحيح أن المسلمين يعيشون زمانهم الراهن ، ولكن بعقلية الماضي وتناقضاته ، وأهل بيت النبوة ومن والاهم وأحسن الولاء لهم هم وحدهم الذين استطاعوا أن يشقوا طريقهم وسط هذه التناقضات ، وأن يسلكوا سبيل الهدى .

وهكذا نجح الخليفة الثاني باستبعاد سنة الرسول استبعادا تاما ، ونجح بفرض ذلك على رعايا دولته ، فصار إبعاد سنة الرسول من واقع الحياة العملية والاحتفاظ ب‍ " القرآن " وحده هو الهدف المشترك للخليفة وولاته وأوليائه ، وتبعا لتوجه الخليفة وأوليائه وولاته ، قل اهتمام الأكثرية الساحقة من المسلمين بسنة الرسول ، وقللوا من قيمتها ، وقل الاهتمام بها ، وأخذوا في تناسيها إلا في الحدود التي يراها الخليفة وولاته ! ! ! وصارت هذه السياسة الغاشمة إزاء سنة الرسول من المبادئ الكبرى التي حرص عليها كل الخلفاء ، والتزموا بها التزاما حرفيا .

فسنة الرسول هي التي يعترف عمر بها ، وما لا يعترف به عمر لا يعترف به الخلفاء ، فما أجازه عمر فهو سنة الرسول ، وما لم يجزه عمر فليس من سنة الرسول في شئ .

في عهد الخليفة الثالث :

عثمان بن عفان وسنة الرسول:
قال محمود بن لبيد سمعت عثمان على المنبر يقول : " لا يحل لأحد يروي حديثا عن رسول الله لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر " ( 62 ) فما أجازه الخليفتان واعتبراه من سنة الرسول فهو منها بالفعل ، وما لم يجيزاه فليس من سنة الرسول ! ! !
وقد رأينا أن الخليفتين لم يجيزا من سنة الرسول إلا ما ندر ! !

سنة الرسول في العهد الأموي :
رأينا ما قاله عثمان على المنبر ، ولما آلت الخلافة إلى معاوية سلك طريق أصحابه الذين مهدوا له الدرب للوصول إلى الخلافة ، فكان معاوية يقول علنا : " لا تحدثوا عن رسول الله " ( 63 ) قال ابن عدي : " إن معاوية نهى أن يحدث عن رسول الله بحديث إلا حديثا ذكر على عهد عمر فأقره " ( 64 ) وكان يقول على منبر دمشق : " إياكم والحديث على رسول الله إلا حديثا كان في عهد عمر . . . " ( 65 ) . وكتب يزيد بن معاوية إلى أبيه أن جبير بن نضير نشر في مصر حديثا ! ! ! فقد تركوا القرآن ! ! فبعث معاوية إلى جبير فجاءه فقرأ عليه كتاب يزيد ، فعرف بعضه وأنكر بعضه ! ! فقال معاوية : لأضربنك ضربا أدعك لمن بعدك نكالا " ( 66 ) .

معاوية يفصح ضمنا عن الغاية من منع رواية وكتابة سنة الرسول :
التزم معاوية بالموقف الذي اتخذه الخلفاء الثلاثة من سنة الرسول ، وأفصح ضمنا عن الغاية التي ابتغوها من وراء منع رواية وكتابة سنة رسول الله ، والاعتماد على القرآن والقرآن وحده ، فقد أصدر معاوية مرسوما عممه على كافة عماله على كافة الأقاليم الخاضعة لحكمه هذا نصه : " أن برئت الذمة ممن روى شيئا في فضل أبي تراب وأهل بيته " ( 67 )

فهذه هي الحكمة التي ابتغاها الخلفاء من منعهم لرواية وكتابة سنة الرسول ومن إحراقهم للمكتوب منها ! ! ! لأنهم إن فتحوا أبواب رواية السنة النبوية ، وأعطوا المسلمين الحرية بروايتها فسيكتشف المسلمون بأن رسول الله قد عين الإمام عليا خليفة من بعده كما سمى أحد عشر خليفة يتعاقبون على الخلافة من بعد علي كلهم من ذرية النبي ومن صلب علي ، وسيكتشف المسلمون بأن الخلفاء قد غصبوا ما ليس لهم ، وحالوا بين أهل بيت النبوة وبين حقهم الشرعي برئاسة الأمة الإسلامية ، وعندما يكتشف المسلمون ذلك ففي وقت يطول أو يقصر سيعيدون الحق لأصحابه الشرعيين ، وسيعاقبون الغاصبين ! ! هذا هو السر في منع كتابة ورواية سنة الرسول وإحراق المكتوب منها ، وأما شعار حسبنا كتاب الله ، أو بيننا وبينكم كتاب الله ! ! أو لا كتاب مع كتاب الله فليس إلا ستارا ومبررا فضفاضا ليس إلا ! ! ! ومع أن معاوية سار على منهج الخلفاء الثلاثة الذين وطدوا له إلا أنه قد ركز تركيزا خاصا على " المفصل " أو السبب الرئيسي من المنع " وهو الحيلولة بين المسلمين وبين معرفة فضل أبي تراب وأهل بيت النبوة .

ثم انتقل معاوية نقلة نوعية ، واتبع أسلوبا جديدا لتدمير سنة الرسول وهو ما يمكن أن نطلق عليه " حرب الفضائل " فخلافا لسياسة دولة الخلافة القائمة على منع كتابة ورواية الرسول فقد أمر برواية فضائل ومناقب عثمان ، ولما غصت البلاد بفضائل عثمان أمر برواية فضائل الصحابة ، والخلفاء الأولين ، وجاء في مراسيمه ما يلي وبالحرف : " ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب وأهل بيته إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ! ! "

وهكذا لم يفتح معاوية باب الرواية عن رسول الله في مجالي الفضائل والمناقب فحسب ، بل فتح باب الوضع والكذب على رسول الله ! ! وخصص معاوية للرواة صلات وكساء وحباء وقطائع ، فانبجست الأرض عن مئات الألوف من الرواة طمعا بما يعطيه معاوية ، ووضعت الملايين من المناقب والفضائل التي لا وجود لها إلا في خيالات رواة معاوية ، ثم أسندت كلها لرسول الله ! ! !
ثم فرض معاوية على الخاصة والعامة الاعتراف بهذه المرويات وحفظها وتدريسها ، واعتبارها من وثائق الدولة الرسمية . قال ابن نفطويه : " إن أكثر هذه المرويات مفتعلة ، ولا أصل لها ، وكان القصد منها إرغام أنوف بني هاشم " ( 68 ) ! ! !

وعندما سمعوا في ما بعد برواية وكتابة سنة الرسول كانت تلك المرويات الكاذبة جزءا من وثائق الدولة ومشهودا بصحتها فأخذها الرواة الجدد دون مناقشة ! ! ولاح لمعاوية أن هذا الكم الهائل من المرويات المختلفة في فضائل الصحابة ومناقبهم سيمنع كافة النصوص الشرعية الواردة في فضل أبي تراب وأهل بيته أو أن فضائل الإمام وأهل بيت النبوة ستضيع في هذا المحيط المترامي من المرويات الكاذبة ! !
والخلاصة: أن قرار الخليفة الأول والثاني بمنع كتابة سنة الرسول ومنع روايتها بقي ساري المفعول حتى زمن عمر بن عبد العزيز الأموي المتوفى سنة 101 ه‍ ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة ، رفع المنع عن كتابة ورواية سنة الرسول ، وكتب إلى أهل المدينة : " أن انظروا حديث رسول الله فاكتبوا ، فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله " وكان ابن شهاب الزهري أول من دون الحديث على رأس المائة هجرية بأمر من عمر بن عبد العزيز ثم كثر التدوين والتصنيف ( 69 ) .

قال الشيخ محمد أبو زهرة : " كاد القرن الأول ينتهي ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره إلى العلماء بجمع الحديث ، بل تركوه موكولا إلى حفظهم ، ومرور هذا الزمن الطويل كفيل بأن يذهب بكثير من حملة الأحاديث من الصحابة والتابعين ( 70) .

منع الخلفاء لكتابة ورواية سنة الرسول ليس شاملا كل السنة ! !
صحيح أن أبا بكر قد أحرق الأحاديث التي سمعها بأذنيه من رسول الله وكتبها بخط يده ، وصحيح أنه قد أمر المسلمين بأن لا يحدثوا شيئا عن رسول الله ، وصحيح أيضا أن عمر بن الخطاب قد أوهم الناس بأنه يريد أن يجمع سنة الرسول وناشدهم أن يأتوه بها لهذه الغاية ، وصحيح أيضا بأنه قد ناشد الناس بأن يأتوه بالكتب الموجودة لديهم ، فلما تجمعت بين يديه أمر بحرقها وحرقت فعلا ، وصحيح أنه قد عمم على كافة الأقاليم الخاضعة لحكمه أن من كان عنده شئ من سنة الرسول فليمحه ، وصحيح أيضا أنه قد نهى عن كتابة سنة الرسول ، ونهى عن روايتها وحبس بعض الرواة ، وضرب بعضهم ، وتوعد بعضهم كما فصلنا.

ولكن المؤكد أن الخليفتين لم يقصدا المنع الشامل لكتابة ورواية سنة الرسول ، إنما قصدا منع كتابة ورواية سنة الرسول المتعلقة بالرئاسة العامة من بعده ، والمتعلقة بمكانة أهل بيت النبوة ، والمتعلقة بالمنافقين وبأعداء الله ورسوله السابقين ، والمتعلقة بتحذيراته من مكر الذين سيرتدون على أعقابهم ، . . . الخ فلو فتحوا باب الرواية لاكتشف المسلمون سريعا بأن كل شئ ليس في محله الشرعي ، ولوقع الخلاف وانهارت دولتهم ، ولتهدم كل ما بنوه ولخسروا الدنيا والآخرة ، لذلك أرعبتهم سنة الرسول ، وخافوا منها ، لذلك صمموا أن يحرقوا المكتوب منها ، وأن يمنعوا المسلمين من أن يحدثوا شيئا عن رسول الله ، حتى لا يحدثوا في الأمور التي يخشاها الخلفاء وأعوانهم .

كان صعبا على الخليفتين أن يقولا : لا تحدثوا عن سنة الرسول المتعلقة بالرئاسة وبأهل البيت وبالمنافقين ، أو التي تحذر من أعداء الله السابقين أو من أولئك الذين سيرتدون على أعقابهم أو . . . الخ لأن ذلك سيزيد طينتهم بلة وسيعمق جراحاتهم ، ويعرض أمنهم للخاطر ، لذلك عمدوا للتعميم والغموض ولكنهم وأولياؤهم يعرفون ما هو الخطر من سنة رسول الله المكتوبة وغير المكتوبة . وبالرغم من أن عمر بن الخطاب ، قد شن حملة ضاربة على سنة رسول الله المكتوبة ، وغير المكتوبة إلا أنه قد أباح للمسلمين بأن يرووا عن رسول الله ما يعمل به ( 71) فليس لدى الخليفة عمر أو غيره ما يمنع من رواية سنة الرسول المتعلقة بالصلاة والصوم والحج وغيرها من العبادات ، لأن رواية سنة الرسول المتعلقة بمثل هذه الأمور لا تؤثر على حكمه ولا على نظامه ، ولا على المنافقين وأعداء الله السابقين الذي استعان بهم ! !

قال الدارمي في شرحه لنهي عمر للوفد الذي أرسله للكوفة بأن لا يحدثوا عن رسول الله حتى لا يصدوا الناس عن القرآن : " معناه عندي الحديث عن أيام الرسول وليس السنن والفرائض " ( 72 ) .
وقال ابن عبد البر : " إن عمر إنما نهى عن الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة " ( 73 ) جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن " صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت " قال فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه قال فدفعنا إليه الصحيفة ، قال فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء ، فقلنا يا أبا عبد الرحمن أنظر فيها ، فإن فيها أحاديثا حسانا فجعل يميثها فيها ويقول : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القران ) " القلوب أوعية ، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها ما سواه " ( 74 ) .

قال عمر الذي أحرق سنة الرسول المكتوبة ، ومنع الرواية عن رسول الله وحبس الرواية وتوعدهم وضربهم : " لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح بانيا استخلفته ووليته ، فإذا قدمت على ربي وسألني . . . قلت أي ربي سمعت عبدك ونبيك يقول لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ، ولو أدركت معاذ بن جبل استخلفته ، فإذا سألني ربي . . . قلت سمعت عبدك ونبيك يقول : إن معاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة ! ! ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته فإذا قدمت على ربي . . . قلت سمعت عبدك ونبيك يقول : خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله على المشركين " ( 75 ) .

وأهلية أبي عبيدة وخالد للخلافة لا تكمن في ما قاله الرسول عنهما بل تكمن بمشاركتهما لعمر بالشروع بحرق بيت فاطمة بنت الرسول في اليوم الثاني لوفاة أبيها رسول الله ! ! !

وكم بين الرسول أمام عمر من أحكام بالإمام علي ، لقد شهد عمر نفسه تنصيب الرسول للإمام علي خليفة من بعده ، وبايعه عمر وهنأه بالخلافة ، وبعد موت الرسول انقلب عليه ، وتنكر لكل ما قاله الرسول في الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيت النبوة ! ! ! لقد هم عمر بحرقهم وهم أحياء في اليوم الثاني لوفاة الرسول .

و قد تميزت فترة الخلفاء الثلاثة ومن جاء بعدهم من الأمويين والعباسيين بعدائهم التام لأهل بيت النبوة ، وكراهيتهم بأن تؤول الرئاسة لأهل بيت النبوة ! ! وكان هدفهم ينصب على طمس معالم السنة ، التي تكشف الحقائق الشرعية كشفا موضوعيا ، ولو أباحوا للمسلمين كتابة سيرة الرسول بموضوعية وصدق وحياد لاكتشف المسلمون أن الإمام عليا كان هو فارس الإسلام في كل المواقع ، وحامل راية النبي ، وأنه هو الذي فتك بأعداء الله ، وأن آل محمد هو أول من قاتل ، وهم الذين حملوا الرسول قبل الهجرة ، فلولاهم لقتلت زعامة بطون قريش رسول الله ، ولما قامت للإسلام قائمة ، وسيكتشف المسلمون بأن الخلفاء لم يكن لهم أي دور مميز في أية معركة من المعارك التي جرت بين الكفر والإيمان ، ومع أن التاريخ قد كتب تحت إشرافهم إلا أنه لم يرو راو قط أن أحدا من الخلفاء قد قتل أو جرح أو أسر مشركا ! ! ! ولم يرو راو قط أن بني تيم أو بني عدي أو بني أمية هم الذين حموا رسول الله قبل الهجرة ، أو هم الذين حاربوا معه بعد الهجرة ، بل كل الرواة متفقون بإن هذه البطون وبقية قريش هم الذين اتحدوا على مقاومة النبي وهم الذين اشتركوا بمحاصرة ومقاطعة الهاشميين في شعب أبي طالب ، وهم الذين تآمروا على قتل النبي بل وشرعوا بقتله ليلة الهجرة ، وهم الذين جيشوا الجيوش وحاربوا النبي بعد الهجرة ، ولم يتوقفوا عن حربه إلا بعد أن هزمهم الرسول .

لو عرف المسلمون ذلك ، لما وجدوا مبررا واحدا لتقدم الخلفاء وتأخر أهل بيت النبوة ، أو لإذلال الهاشميين ، وخلع أثواب العز على بقية بطون قريش ولما وجدوا مبررا لتقديم أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم على الإمام علي ! !

إن سنة الرسول هي التي تكشف الأصيل من الزائف والحق من الباطل ، وتحدد المواقع الشرعية للناس ، هذا هو سر عدائهم لسنة الرسول ، وخوفهم منها ، وهذا هو الهدف من محاولتهم المستميتة لطمسها .

كان سليمان بن عبد الملك وليا للعهد الأموي ، حج ذات سنة ومر بالمدينة ، وركب إلى مشاهد رسول الله ، فأمر إبان بن عثمان أن يكتب له سيرة الرسول ، فقال إبان : هي عندي قد أخذتها مصححة ، فأمر بنسخها ، ولما اطلع سليمان عليها ، ورأى ما فيها ، أمر بذلك الكتاب فحرق ، وعندما رجع إلى عاصمة ملكه ذكر ذلك لأبيه فقال عبد الملك : " وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فضل فيه ، تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها فقال سليمان : لقد أمرت بتحريق الكتاب فصوبه عبد الملك " ( 76 ) .

سليمان لا يدري أن رسول الله قد لعن جده مروان بن الحكم ، ولعن أباه الحكم بن العاص ووسمهم بأنهم أعداء الله ، وحذر منهم ، ولا يدري بأن أجداده وأقاربه هم الذين قادوا جبهة الشرك ، ولا أهل الشام ، ولا حديثو العهد بالإسلام يدرون بذلك ! ! فما هي مصلحتهم وما هي مصلحة الخلفاء بإباحة سنة الرسول التي تكشف ذلك ! ! إن مصلحتهم ومصلحة ملكهم تقضي بطمس سنة الرسول ، واعتبارها هي الخطر الداهم الذي يهدد ملكهم ومصالحهم ! ! !

طلب خالد القسري أحد ولاة بني أمية من أحد العلماء أن يكتب له سيرة الرسول ، فقال ذلك العالم : " فإنه يمر بي الشئ من سيرة علي بن أبي طالب أفأذكره ؟ فقال خالد : لا ، إلا أن تراه في قعر جهنم " ( 77 )

إذا تحدثوا عن سيرة الرسول أو سنة الرسول ، فإنهم يريدونها سيرة مزورة تخدم ملكهم ومصالحهم ، وتشهد لصالحهم زورا ، فإذا لم يتمكنوا من إيجاد مثل هذه السيرة أو السنة ، فلا داعي لسيرة ولا لسنة تشكل خطرا على دولتهم ووجودهم ، وتخدم أعداءهم الألداء آل محمد ومن والاهم ! ! !

أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة قاوموا سياسة الخلفاء الرامية إلى طمس سنة الرسول :
على الرغم من أن الخلفاء قد أحرقوا سنة الرسول المكتوبة عند الناس ، والكتب المحفوظة لديهم ومنعوا المسلمين من أن يحدثوا عن رسول الله شيئا ، واستعانوا بسلطة الدولة ونفوذها لطمس سنة رسول الله ، ومنع المسلمين من كتابة ورواية هذه السنة إلا أن أئمة أهل بيت النبوة ، والقلة المؤمنة التي والتهم ، قد تحدوا سياسة الدولة وقرارات منع كتابة ورواية السنة ، فلم يستجيبوا للخليفة الثاني عندما ناشدهم بأن يأتوه بسنة الرسول المكتوبة عندهم ، لأنهم يعلمون علم اليقين بأن الخليفة يريد أن يحرق سنة الرسول المكتوبة ، وما قوله بأنه يريد أن يجمع السنة إلا وسيلة ليتمكن من حيازة السنة المكتوبة وحرقها .

ففي الوقت الذي كان فيه الخلفاء يأمرون المسلمين بأن لا يكتبوا سنة الرسول ، ولا يرووا منها شيئا ، كان أهل بيت النبوة يحثون المسلمين على التمسك بسنة نبيهم ، وروايتها وحفظها وكتابتها ، فكان الإمام علي يقول : " قيدوا العلم بالكتاب ، قيدوا العلم بالكتاب " ( 78 ) وكان يقول : " من يشتري مني علما بدرهم " ( 79 ) وكانوا يروون عن رسول الله قوله : " أكتبوا هذا العلم فإنكم ستنتفعون به إما في دنياكم وإما في آخرتكم وأن العلم لا يضيع صاحبه " ( 80 ) .

في عهد الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :
وعندما آلت الخلافة إلى الإمام علي ، كانت فرصة أمامه لإثبات فساد سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول ، ولأن هذه السياسة قد تمكنت من نفوس العامة ، واعتبروها جزءا من سنة الخلفاء ، فقد تعددت أساليب الإمام بمقاومتها فكان يحث المسلمين على الرواية والكتابة في كل شئ ، وفي سنة الرسول خاصة ، وأحيانا كان يلجأ إلى أسلوب المناشدة ، كقوله سألت الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول في غدير خم : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " أن يقم فيقوم العشر والعشرون والقلة والكثرة ، وبهذا الأسلوب تمكن الإمام من إعادة الاهتمام بسنة رسول الله ومن تقويض الأسس التي قامت عليها سياسة منع وكتابة ورواية سنة الرسول ، كما فضح الغاية التي توخاها الخلفاء من سياسة منع كتابة ورواية سنة الرسول ، وكان لخطبه ودروسه ومواعظه ، أبلغ الأثر في نسف القناعات التي أوجدها الخلفاء ، وإعادة الاعتبار للقناعات الشرعية التي وضعها رسول الله ، وحاول الخلفاء طمسها ، وكان الإمام يملي على الراغبين بالكتابة الأصول الأساسية في مختلف العلوم الشرعية والإنسانية ، على سبيل المثال التعليقة النحوية التي ألقاها الإمام إلى أبي الأسود الدؤلي ( 81 ) ، ولعبت كتب الإمام وعهوده إلى ولاته ، وتوجيهاته لهم دورا عظيما باستجلاء معالم الشرعية التي حاولوا طمسها منها على سبيل المثال عهده للأشتر النخعي ( 82 ) . وكان الإمام يتطرق حتى لأدق التفاصيل الفنية للكتابة ، فيقول : " ألق دواتك ، وأطل جلفة قلمك وفرج بين السطور . . . " ( 83 ) . وكتب إلى عماله قائلا : " أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم . . . " ( 84 ) .

وسار أئمة أهل بيت النبوة - كل في زمانه - على خط الإمام الرامي إلى فك الحصار الذي فرضه الخلفاء على كتابة ورواية سنة الرسول ، فما من إمام من الأئمة إلا وكانت له كتبة ، فكانوا يكتبون ، ويملون على شيعتهم ، ويجيبون على أسئلة السائلين ، ويروون سنة الرسول عن آبائهم وأجدادهم ، ويأمرون المسلمين بأن يكتبوا وينشروا سنة رسول الله .
جمع الإمام الحسن ولده وولد أخيه فقال لهم : " يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبارا آخرين ، فتعلموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه فليكتبه ، وليضعه في بيته " ( 85 ) .

قال الإمام الحسين في خطبة له بمنى . . . " اسمعوا مقالي ، واكتبوا قولي ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم . . . فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ، ويذهب الحق " ( 86 ) .
لقد كون الأئمة - كل في زمانه - وأتباعهم جبهة معارضة واقعية لسياسة دولة الخلافة وسنة الخلافة الرامية إلى طمس سنة رسول الله ، وقد أثمرت معارضتهم لأن المؤمنين الصادقين قد التزموا بخط أهل بيت النبوة ، ونفذوا توجيهات الأئمة الرامية إلى كتابة ونشر سنة الرسول ، وفك الحصار المفروض عليها من الدولة وكان الإمام علي يقول : " تذاكروا هذا الحديث وتزاوروا فإنكم إن لم تفعلوا يدرس " ( 87 ) وكان ابن عباس يقول : " تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم ، فإنه ليس مثل القرآن محفوظ ، فإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم ، ولا يقولن أحدكم حدثت أمس فلا أحدث اليوم ، بل حدثت أمس ، ولتحدث اليوم ولتحدث غدا " ( 88 ) .

واتخذت القلة المؤمنة موقفا مماثلا :

قال الراوي : " أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى ، وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه ، فأتاه رجل ، فوقف عليه ثم قال له : " ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم الصمامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ، ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله قبل أن تجيزوه علي لأنفذتها " ( 89 ) .
وكان علقمة بن قيس النخعي يقول : " أطيلوا ذكر الحديث لا يدرس " ( 90 ) .
ولولا أهل بيت النبوة ، والقلة المؤمنة ، لتمكنت تلك السياسة الغاشمة تجاه سنة رسول الله من اجتثاث السنة من جذورها .

المصدر :
1-تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 5 ، وعلوم الحديث ص 39 .
2-الاعتصام بحبل الله المتين ج 1 ص 30 ، وتدوين السنة الشريفة ص 264 ، وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 ، وكنز العمال ج 1 ص 285
3-تذكرة الحفاظ ج 1 ص 5 ، وكنز العمال ج 10 ص 285 ، وتدوين القرآن ص 370
4-أنساب الأشراف ج 1 ص 587 .
5-تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 115 .
6-الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 7 وما فوق
7-تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 66 ، وتدوين السنة للجلالي ص 277
8-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 140
9-كنز العمال ج 10 ص 291
10-تقييد العلم ص 49 ، ورواه في دفاع عن السنة ص 21 عن البيهقي في المدخل ، وتدوين السنة ص 272
11-تقييد العلم ص 53
12-راجع كنز العمال ج 10 ص 291 ، وتدوين القرآن ص 371
13-كنز العمال ج 10 ص 291
14-تقييد العلم ص 52
15-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 1 ص 140 طبعة لندن
16-تقييد العلم ص 53 .
17-الطبقات الكبرى لابن سعد ، ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر ج 5 ص 140
18-تذكرة الحافظ للذهبي ج 1 ص 2 - 3 ، والأنوار الكاشفة ص 53 ، وتدوين السنة الشريفة للجلالي ص 423 .
19-تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 5 ، وكنز العمال ج 10 ص 85 ، والاعتصام بحبل الله المتين ج 1 ص 30 ، وتدوين السنة الشريفة ص 264
20-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 140
21-كنز العمال ج 10 ص 291
22-أخرجها ابن عبد البر بثلاثة أسانيد في جامع بيان العلم باب ذكر من ذم الإكثار من الحديث ج 2 ص 147 ، وتذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 4 - 5 ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 6 ص 7 ، وسنن الدارمي ج 1 ص 73 ، وسنن ابن ماجة ج 1 ص 73 ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج 1 ص 110 ، ومعالم المدرستين ج 2 ص 45 ، وتدوين السنة الشريفة ص 431 .
23-المصدر السابق .
24-الحديث رقم 4865 من الكنز الطبعة الأولى ج 5 ص 239 ومنتخبه ج 4 ص 61
25-المستدرك للحاكم ج 1 ص 125 ، والبداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 107 ، وتدوين السنة الشريفة ص 433 .
26-أخبار المدينة ج 3 ص 800 .
27-الحديث والمحدثون ص 68 ، وتدوين السنة الشريفة ص 471 .
28-تدوين السنة الشريفة ص 471 .
29-المحدث الفاضل ص 554 رقم 746 ، والبداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 160 ، وتدوين السنة الشريفة ص 431 .
30-أخبار المدينة المنورة لابن شيبة ج 3 ص 800
31-صحيح مسلم ج 3 ص 1694 ، وموطأ مالك ج 2 ص 964 بلفظ آخر والرسالة للشافعي ص 43 .
32-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 4 ف 1 ص 13 - 14 .
33-تذكرة الحفاظ ج 1 ص 8 .
34-شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 67 ، 68 .
35-البداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 107 .
36-تذكرة الحفاظ ج 1 ص 7 ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج 2 ص 121 .
37-جامع بيان العلم لابن عبد البر ج 2 ص 121
38-تذكرة الحفاظ ج 1 ص 7 .
39-البداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 107 ، وتدوين السنة الشريفة ص 486 - 487 .
40-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 4 ص 168 .
41-أسد الغابة لابن الأثير ج 2 ص 472 الطبعة الحديثة ترجمة سهل ، وتدوين السنة ص 478 .
42-الكامل لابن عدي ج 1 ص 18 .
43-المستدرك للحاكم ج 1 ص 110 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي في ذيل المستدرك ، ومجمع الزوائد ج 1 ص 149.
44-تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 7 .
45-مختصر تاريخ دمشق ج 17 ص 101 ، وتدوين السنة الشريفة ص 437
46-كنز العمال ج 13 ص 345 نقلا عن ابن عساكر
47-صحيح البخاري ج 1 ص 34
48-البداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 107 .
49-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 501 ، والحاكم باختصار ج 2 ص 329 وج 3 ص 303
50-المسترشد لابن جرير الطبري ، ومعالم الفتن لسعيد أيوب ج 1 ص 257
51-تقييد العلم ص 62 – 63 ، تدوين السنة ص277
52-تقييد العلم ص 63
53-نقد العلماء أو تلبيس إبليس ص 314 - 316 ، وتدوين السنة ص 279 .
54-تقييد العلم ص 38 .
55-الطبقات الكبرى لابن سعد ج 4 ص 112 .
56-سنن الدارمي ج 1 ص 102 .
57-تقييد العلم ص 41 .
58-تقييد العلم ص 40 ، وتدوين السنة ص 281 .
59-مسند أحمد ج 5 ص 182 ، وسنن أبي داود كتاب العلم ج 3 ص 319 .
60-صحيح مسلم ج 4 ص 97 كتاب الزهد باب التثبت في الحديث وحكم كتابه العلوم ح 72 ، وسنن الدارمي ج 1 ص 119 المقدمة باب 42 ، ومسند أحمد ج 3 ص 12 و 39 و 51
61-الأنوار الكاشفة ص 39 ، وتدوين السنة ص 191
62- الطبقات لابن سعد ج 2 ف 2 ص 100 ، ومسند أحمد ج 1 ص 362 - 363 ، وتدوين السنة ص 472 .

63-الفقيه والمتفقه للخطيب ج 1 ص 7 ، وتدوين السنة ص 473 .
64-الكامل لابن عدي ج 1 ص 33 ، وج 1 ص 18 ، ومسند أحمد ج 4 ص 99 ، وتذكرة الحفاظ ج 1 ص 7
65-صحيح مسلم ج 2 ص 718 كتاب الزكاة باب النهي عن المسألة .
66-سير أعلام النبلاء ج 4 ص 77 .
67-شرح النهج ج 3 ص 595 - 596 تحقيق حسن تميم
68-راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ، وما نقله عن المدائني في كتابه الأحداث ج 3 ص 595 - 596 تحقيق حسن تميم.
69-فتح الباري باب كتابة العلم ج 1 ص 218 .
70-الحديث والمحدثون ص 127 ، وتدوين السنة الشريفة ص 482
71-البداية والنهاية لابن كثير ج 8 ص 107 .
72-سنن الدارمي ج 1 ص 73 ح 286
73-جامع بيان العلم ج 2 ص 121 .
74-تقييد العلم ص 54 ، وتدوين السنة ص 413 ، وعبد الله هو عبد الله بن مسعود
75-الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 23 - 24
76-الموفقيات للزبير بن البكار ص 22 - 223 .
77-الأغاني ج 22 ص 25 ، وتدوين السنة الشريفة ص 421
78-تقييد العلم ص 89 - 90
79-طبقات ابن سعد ج 6 ص 116 طبعة ليدن ، وتاريخ بغداد ج 8 ص 357 ، وكنز العمال ج 5 ص 61 ، رقم 29385 .
80-كنز العمال ج 10 ، ص 262 .
81-راجع سير أعلام النبلاء ج 4 ص 84 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ج 1 ص 12 - 14 ، وتاريخ الخلفاء ص 143 ، والفهرست لابن النديم ص 45 ، وتدوين السنة ص 143 - 144 .
82-راجع نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح ص 427 – 445
83-نهج البلاغة الحكمة رقم 315 ص 530 ، وتدوين السنة ص 146 .
84-الخصال للصدوق ج 1 ص 310 .
85-طبقات ابن سعد ترجمة الإمام الحسن ، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 ، وسنن الدارمي ج 1 ص 107 .
86- كتاب سليم بن قيس ص 165 ، وتدوين السنة ص 148
87-سنن الدارمي ج 1 ص 122 ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص 60 و 146 ، وشرف أصحاب الحديث ص 69 .
88-سنن الدارمي ج 1 ص 119 ، وشرف أصحاب الحديث ص 95 ، وتدوين السنة ص 565 .
89-سنن الدارمي ج 1 ص 112 ، وصحيح البخاري ج 1 ص 27 ، وفتح الباري ج 18 ص 170 ، وحجية السنة ص 463 - 464 .
90-مختصر تاريخ دمشق ج 17 ص 172 ، وسير أعلام النبلاء ، ج 4 ، ص 57



إخواني الأعزاء كانت هذه مقدمة تمهيدية لما سنجيب عليه من أسئلة طرحها الأخ الكاظم يرجى قراءتها بعناية لأننا سنبني عليها مشاركاتنا القادمة .

الأخ الكاظم برجاء الانتظار حتى أجيب على ما طرحته من أسئلة في مشاركتك

وللحديث بقية

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

الأخ (جعفري) أسعدكَ الله .... كان بالودّ الاختصار ، فكتاباتُكم مَنقولَة عن أشخاص ، ومُطوّلَة ، وليسَ في هذا ما يَعيب بوجود الاستفادَة ، ولكن لَو اقتصَرنا على الشّاهد النّافِع قدر المُستطاع ، فسيكونُ هذا مُفضّلاً ، ونقلُكم القريب عن كتاب (أينَ سُنّة الرّسول ، وماذا فَعلوا بها) ، لأحمد يعقوب ، مثالٌ حَيّ ، واحتراماً لوجهة نظركم الأخيرة ، سأكفّ وأقتصِر ، ولكن بالودّ تَنبيهُكم على نُقطَة أرجو أن تَحتَوها في مُشاركتم القادِمَة (حِفظاً للوقت) ، وهِي (وبعد أن اطّلعنا على جهود الإمام علي (ع) في تنمية حُبّ تَدوين ، ورِواية السّنن ، مِنَ المشاركة المنقولَة القريبة) : ماذا أُثِرَ عن أمير المؤمنين من خَبَر الإثني عَشر ؟! هَل نَشرَهُ في خُطبِه ، وأشارَ إليهِ في كُتُبِه ، وألحقَهُ بمُناشداتِه ، أو أثِرَ عنهُ في نَهجِه ، والمعلوم أنّ الأمر أمرهُ (في زمنِ ولايَته) ، فالواجبُ فيهِ الصّراحة (بالاسم والعَدد) دونَ الإيماء ، والمَعلومُ أنّ الإمام بعلمِه المُستَقبلي ، على شرطِ الجعفريّة ، (يعلمُ أنّ النّاس ستُنكر أئمّة أبنائه الأحد عَشر) ، والعَقلُ فيطلبُ من الإمام علي (ع) أن يُكثّف نَشر خبر إمامة الإثني عشر (خصوصاً بعد التكتيم الرّهيب في عهد الثّلاثَة ، كما وصَفَ نقلُكُم القَريب) ، فهَل أُثِر عن أمير المؤمنين (ع) مايَشهدُ لإمامة الإثني عشر ، بالأسماء والأعداد صراحةً ، والنّهجُ فبينَ أيدينَا .

تحيّاتي لكم سيّدي .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم أخي العزيز وعذراً للإطالة في المشاركة السابقة لأننا وجدنا ما كتبه المحامي أحمد حسين يعقوب يحاكي الموضوع الذي نحن بصدده فنقلناه لتوضيح ما نريد أن نوضحه لكم علماً بأننا سنحتاج إلى هذه المقدمة لإكمال مناقشاتنا حول الأئمة الاثنى عشر.

اولآً : الرد على سؤال النص على الاثنى عشر إماماً :

أخي لقد رأيتم ما فعله من جاء بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسنته ومدى الدمار الذي ألحقوه بها ومدى الإرهاب الذي أحدثوه بين المسلمين بخصوص من يروي حديثاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكيف بربك يصل إلينا فضائل أهل البيت وسنة نبينا بين أيديهم يعبثون بها بشتى الوسائل من حرق ومحو وغسل ومنع رواية ... الخ .

رغم كل ما فعلوه بالسنة خرج منها حديث يشير إلى أن خلفاء الرسول (ص) صلى الله عليه وآله وسلم عددهم اثنا عشر .

تفسير أهل السنة :
لقد حار أهل السنة في تفسير هذا الحديث حيرة شديدة ولم يتوصلوا إلى تفسير مقنع .

تفسير الزيدية :
هو قولكم أن المقصود باثنى عشر خليفة أي أن الخلفاء يكونون من اثنى عشر بطناً ( ستة من الحسن وستة من الحسين عليهم السلام ) وأن الخلفاء بعد الرسول (ص) من هذه البطون وأنهم لا ينقطعون إلى يوم القيامة وأن الخلفاء ليس من الضروري أن يتلوا بعضهم بعضاً فهم يأتون في أزمنة مختلفة وليس بالضروة أن تكون متقاربة .
حيث قلتم :
فإذا تقرّر لك أنّه حقاً لا عَقَب للحسن والحسين (ع) إلاَّ مِن هذه الأبطن ، فتأمَّل لَفظَة : ((أنَّ الله عَزّ وجل جَعَلَ خَلََفَ النبوّة مِن أبناء نَبيّه في اثني عَشَرَ سبطاً )) ، واعلَم أنَّ المراد أنَّ خلفَ النبّوة في المستقبل الزمني البعيد ، سيكونُ في اثني عَشرَ بَطناً من أبناء الحسن والحسين ، لأنّهُم أبناء الرسول(ص) ، بمعنى سيكونُ في بني فاطمة بنت محمد رضوان الله عليها وعلى أبيها وبنيها ، وهُوَ مذهبُ الزيدية . أيضاً لو تأمّلتَ لفظة : (( مِن أبنَاء نَبيّه )) ، وقَرَنتها بلَفظَة : (( خَلَف النبوّة )) ، لتحقَّق لكَ أنَّ الرسول كانَ يعني في المُستقبلَ البعيد ، وأيضاً لَو قرنتَ ما سبَق معَ روايات جابِر بن سمرة من طُرق أهل السنة حول الإثني عشر خليفة ، وأنَّ الرّسول (ص) أخبرَ بها في سياقِ إخباراته عن الفتن والحوادث التي ستحصُلُ مِن بَعدِه ، فسيكون هذا مُرّجحاً كبيراً لِما ذهبنا إليه ، من أنَّ الرسول (ص) كانَ يُخبِرُ بأمرٍ بَعيد ، وهُو خلافة النبّوة في عقِبِ هؤلاء الإثني عشر من أبناء الحسنين ، وهُم لَم يُولَدوا في عصر الرسول (ص) ، فكان الرّسول يُخبرُ بأمرٍ سيحصُلُ في المدى البعيد ،
تفسير الإمامية :
أن المقصود من الحديث هم الأئمة الإثنى عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم المهدي ( عليهم السلام )

أخي العزيز :
الحديث واضح يشير إلى أن عدد من يخلفون النبوة هم اثنى عشر لا يزيدون ولا ينقصون بغض النظر عن أنهم حكموا ألم يحكموا بعد . وهذا ما فهمه أهل السنة وفهمناه نحن أما تفسيركم من أن الاثنى عشر تعنى أن الخلفاء من اثنى عشر بطناً فهذا بعيد عن الواقع .

ورد في خطبة الإمام علي بن الحسين ( ع) قوله : ( اللهم إنك أيدت في كل أوان بإمام من عندك ... )
وهذا معناه :
1-أن في كل زمان يوجد إمام .
2-أن الأئمة يتلوا بعضهم بعضاً فلا يوجد مساحة زمنية فارغة بين كل إمام ومن يليه .

ويقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حواره مع كميل بن زياد : وهذا الحوار ذكر في نهج البلاغة وهذا نصه :
ومن كلام له (عليه السلام) لكُمَيْل بن زياد النخعي:
قال كُمَيْل بن زياد: أخذ بيدي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فأخرجني إلى الجبّان، فلمّا أصحر تنفّس الصّعَدَاء، ثمّ قال:
يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، إِنَّ هذهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ، فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، فَاحْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ:
النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاة، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ، أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِق، يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيح، لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَؤُوا إِلَى رُكْن وَثِيق.يَا كُمَيْلُ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ: الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ المَالَ، وَالْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الاِْنْفَاقِ، وَصَنِيعُ الْمَالِ يَزُولُ بِزَوَالِهِ.
يَا كُمَيْل بْن زِيَاد، مَعْرِفَةُ الَعِلْمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الاِْنْسَانُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ، وَجَمِيلَ الاُْحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ، وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.
يَا كُمَيْل بْن زِياد، هَلَكَ خُزَّانُ الاَْمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعَُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ: أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ،أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.
هَا إِنَّ ها هُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وَأَشَارَ إِلى صَدره) لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً! بَلَى أَصَبْتُ لَقِناً غَيْرَ مَأْمُون عَلَيْهِ، مُسْتَعْمِلاً آلَةَ الدِّينِ لِلدُّنْيَا، وَمُسْتَظْهِراً بِنِعَمَ اللهِ عَلَى عِبادِهِ، وَبِحُجَجِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، أَوْ مُنْقَاداً لِحَمَلَةِ الْحَقِّ، لاَ بَصِيرَةَ لَهُ فِي أَحْنَائِهِ، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ لاَِوَّلِ عَارِض مِنْ شُبْهَة.
أَلاَ لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ! أَوْ مَنْهُوماً بِالَّلذَّةِ، سَلِسَ الْقِيَادِ للشَّهْوَةِ، أَوْ مُغْرَماً بِالْجَمْعِ وَالاِْدِّخَارِ، لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْء، أَقْرَبُ شَيْء شَبَهاً بِهِمَا الاَْنَعَامُ السَّائِمَةُ! كَذلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ.
اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الاَْرْضُ مِنْ قَائِم لله بِحُجَّة، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ.وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولئِكَ؟ أُولئِكَ ـ وَاللَّهِ ـ الاَْقَلُّونَ عَدَداً، وَالاَْعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ(7) الْمُتْرَفُونَ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ
مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ!
انْصَرِفْ إذَا شِئْتَ.

من هذا الحوار نستنتج التالي :
1-الإمام يقسم الناس إلى ثلاثة أقسام ( عالم رباني - متعلم على سبيل نجاة – همج رعاع ) وطبعاً يجب أن يكون الإمام بعد الرسول (ص) عالم رباني .
2- قول الإمام ( عالم رباني ) يدل على أن الإمام علمه من الله أي لدني وليس اكتسابي . والعلم الاكتسابي يكون للمتعلم على سبيل النجاة أي يتعلم من العلوم الذي يساعده على النجاة من عذاب الله ويدخل الجنة أي الضروري من العلم الذي يحتاجه كل مسلم .
3-الأئمة عددهم قلبل وخطرهم ( شانهم ) عظيم وهم معرفون معينون من قبل الله لقوله ( أولئك ) .
4-أن في كل زمان يوجد إمام ( بلى لا تخلوا الأرض من قائم بحجة ) .
5-أن هذا الإمام يكون على أحد حالين إما ظاهر وإما مختفي ( أو خافي مغمور ) .
6-أن هؤلاء الأئمة يتلوا بعضهم بعضاً وأنهم يتوارثون العلم (يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ ) وأن هؤلاء الأئمة هدفهم واحد ورأيهم واحد لا يختلفون عن بعضهم .
7-كلام الإمام بوجود إمام خائف مغمور ينافي ما أنتم عليه من أن الدعوة تكون بإشهار السيف .

السؤال الآن موجه لكم أيها الزيدية عموماً :

هل تنطبق هذه الشروط على أئمتكم ؟
ومن هو إمامكم في الوقت الحاضر والذي تنطبق عليه شروط الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ؟
تحياتي

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

عذراً هذه الصفحة جاءت بالخطأ

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ....

الأخ جعفري (أسعدَكَ الله) ، لم تُجيبوا على موقّع الشّورى من النّص الإثني عشري ، كما أنّكم لَم تحتووا مُشاركتنا القريبة ضِمن جوابكم القريب ، بخصوص عدم نشر الإمام علي (ع) لِمَا تكتّم عليه الخُلفاء الثّلاثة .

جعفري كتب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم أخي العزيز وعذراً للإطالة في المشاركة السابقة لأننا وجدنا ما كتبه المحامي أحمد حسين يعقوب يحاكي الموضوع الذي نحن بصدده فنقلناه لتوضيح ما نريد أن نوضحه لكم علماً بأننا سنحتاج إلى هذه المقدمة لإكمال مناقشاتنا حول الأئمة الاثنى عشر.

اولآً : الرد على سؤال النص على الاثنى عشر إماماً :

أخي لقد رأيتم ما فعله من جاء بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسنته ومدى الدمار الذي ألحقوه بها ومدى الإرهاب الذي أحدثوه بين المسلمين بخصوص من يروي حديثاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فكيف بربك يصل إلينا فضائل أهل البيت وسنة نبينا بين أيديهم يعبثون بها بشتى الوسائل من حرق ومحو وغسل ومنع رواية ... الخ .

رغم كل ما فعلوه بالسنة خرج منها حديث يشير إلى أن خلفاء الرسول (ص) صلى الله عليه وآله وسلم عددهم اثنا عشر .

تفسير أهل السنة :
لقد حار أهل السنة في تفسير هذا الحديث حيرة شديدة ولم يتوصلوا إلى تفسير مقنع .

تفسير الزيدية :
هو قولكم أن المقصود باثنى عشر خليفة أي أن الخلفاء يكونون من اثنى عشر بطناً ( ستة من الحسن وستة من الحسين عليهم السلام ) وأن الخلفاء بعد الرسول (ص) من هذه البطون وأنهم لا ينقطعون إلى يوم القيامة وأن الخلفاء ليس من الضروري أن يتلوا بعضهم بعضاً فهم يأتون في أزمنة مختلفة وليس بالضروة أن تكون متقاربة .
حيث قلتم :
اقتباس:
فإذا تقرّر لك أنّه حقاً لا عَقَب للحسن والحسين (ع) إلاَّ مِن هذه الأبطن ، فتأمَّل لَفظَة : ((أنَّ الله عَزّ وجل جَعَلَ خَلََفَ النبوّة مِن أبناء نَبيّه في اثني عَشَرَ سبطاً )) ، واعلَم أنَّ المراد أنَّ خلفَ النبّوة في المستقبل الزمني البعيد ، سيكونُ في اثني عَشرَ بَطناً من أبناء الحسن والحسين ، لأنّهُم أبناء الرسول(ص) ، بمعنى سيكونُ في بني فاطمة بنت محمد رضوان الله عليها وعلى أبيها وبنيها ، وهُوَ مذهبُ الزيدية . أيضاً لو تأمّلتَ لفظة : (( مِن أبنَاء نَبيّه )) ، وقَرَنتها بلَفظَة : (( خَلَف النبوّة )) ، لتحقَّق لكَ أنَّ الرسول كانَ يعني في المُستقبلَ البعيد ، وأيضاً لَو قرنتَ ما سبَق معَ روايات جابِر بن سمرة من طُرق أهل السنة حول الإثني عشر خليفة ، وأنَّ الرّسول (ص) أخبرَ بها في سياقِ إخباراته عن الفتن والحوادث التي ستحصُلُ مِن بَعدِه ، فسيكون هذا مُرّجحاً كبيراً لِما ذهبنا إليه ، من أنَّ الرسول (ص) كانَ يُخبِرُ بأمرٍ بَعيد ، وهُو خلافة النبّوة في عقِبِ هؤلاء الإثني عشر من أبناء الحسنين ، وهُم لَم يُولَدوا في عصر الرسول (ص) ، فكان الرّسول يُخبرُ بأمرٍ سيحصُلُ في المدى البعيد ،


تفسير الإمامية :
أن المقصود من الحديث هم الأئمة الإثنى عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم المهدي ( عليهم السلام )

أخي العزيز :
الحديث واضح يشير إلى أن عدد من يخلفون النبوة هم اثنى عشر لا يزيدون ولا ينقصون بغض النظر عن أنهم حكموا ألم يحكموا بعد . وهذا ما فهمه أهل السنة وفهمناه نحن أما تفسيركم من أن الاثنى عشر تعنى أن الخلفاء من اثنى عشر بطناً فهذا بعيد عن الواقع .
سيدي ، هذه دَعوى عريضَة ، تَدّعون فيها أنّ النص على الإثني عشر بألفاظِه ، قد اندثرَ نهائياً ، ليسَ عن جمهور الأمّة وسوادها ، بل حتّى عن الشيعة وبيوت الأئمّة (أبنائهم) ؟! في الوقت الذي نجدُ نحنُ وأنتم حديث الغدير ، والمنزلة ، والثقلين ، والسّفينة ، والرّايَة ، وبراءة ، يطيرُ في كلّ سِفرٍ ، وشَرحٍ ، ومُسنَد !! . هذا كلامُ بعيد ، بَل مُستحيل ، ووجهُ الاستحالَة فيه إطباقُ أهل ذلكَ الصّدر على عدم التفوّه بخبرٍ كهذا ، والله المُستعان ، أينَ دور علي (ع) حينَ ولايته ، مال النّهج لم يَذكُر خُطبَةً ، أو كتاباً ، أو حِكمةً ، تقول بالإثني عشرَ إماماً ؟! مالِ زين العابدين ، لَم تَذكر صحيفَتهُ السّجادية أي دعوةٍ لهؤلاء الإثني عشر بالاسم والعدد ؟! . إخوتي في الله إنّ مثلَكُم كمَثَل مَن يقول بإمامَة علي (ع) ، لمجرّد صعوده لجبل الغدير فقط ، دونَ التّوليَة ، وبمجرّد لحَاقِه بركب الرّسول فيما يخصّ خبر المَنزلَة ، دونَ تفوّه الرّسول بخبر المنزلَة ، وتعلّلكم بهذا التّعليل ، يفتحُ أبواب التأليف والتلفيق على الرّسول فتحاً رهيباً ، فكلّ مَن أتى بخبرٍ لَم يعرفهُ النّاس ، ولَم يشتهِر بينَهُم ، سيقولُ إنّ هذا الإخفاء ، والدّثر ، هُو بسبب الخُلفاء ، ورواة الأحاديث ، والله المُستعان ، وعندي أنّ نَصّاً كهذا تدّعيه الجعفرية ، مَحلّه القرآن وليس السنّة وفقط ، وعندي أنّ الله سيَحفظُ هذا النّص بحيث يكون على مرأىً لكلّ مَن يُطالعُ مسانيد مُحدّثي الأمّة ، بمُختلفِ تيّاراتِهم ، لا أن تَصِلَ الحالُ إلى جَهل أصحاب وخواصّ خواصّ الأئمّة ، كمؤمن الطّاق عضيد الصّادق ولزيمُه ، جهلهُ بإمامة الكاظم ، حتّى دعاهُ إليه الكاظم ، وغيرهُ الكثير ، في هذا رَحِمَكُم الله تضليل ، وتأنيسٌ وخِداعٌ للنّفس ، نعم ! هذا ولو سَلّمنا لكم ادّعائكُم في اتفاق الأمّة على إخفاء خبركم الغثني عشري ، قولوا لنا : لماذا انتشرَ خبر جابر بن سُمرَة ، وابن مسعود ؟! هَل بالصّدفةِ انتشَر ؟! نُريدُ كلاماً مَنطقيّاً ، أمّا بالنّسبة لتفسير الزيدية لهذا الحديث فهُو غيرُ مُحتَجٍّ بهِ عِندَهُم ، وقد سبقَ الكلامُ على مَرتَبَتِه ، فليُراجَع .

==============

وأمّا بالنّسبة لكلامكم الأخير ، وما احججتم بهِ علينا مِن نهج أمير المؤمنين ، فسبقَ وأن أجبنا عليه في مُحاورات سابقَة ، نَنَقُلُها هُنا ففيه فائدة جمّة بإذن الله .

4- قالت الإمامية :


قال الإمام علي بن أبي طالب (ع) في نهج البلاغة :

(( اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ إَمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً ، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ ))[80] .

* ألا يدلّ قول أمير المؤمنين (ع) : (( خَائِفاً مَغْمُوراً )) ، على الغيبة للإمام المهدي ؟

قالت الزيدية :

أمّا عن قول الإمام علي (ع) : ((اللَّهُمَّ بَلَى! لاَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَ إَمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً ، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ )) ، فإنَّ الظاهر المشهور ، هُو الإمامُ القائمُ من آل محمدٍ (ع) ، المحيي لسنن رب العباد ، والشاهر لعقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مَن ساعدتهُ وسَمحَت له الظروف باجتماع الأنصار، وقوبلَت دعوتهُ العادلةُ بالقبولِ والإيجاب ، واختُطِبَ لهُ على المنابرِ ، وجُمِعَت له الأفياء والزكوات ، والتزمَ بالانتصاف للمظلومِ من الظّالم ، وبتطبيق حدود الله على الشريف والوضيع ، وبإقامة الجُمَع والجماعات ، وبإرساء الأمن والعدل في سائر العباد ، ومَثلُ هذا عند الزيدية، مَثَلُ الإمام علي بن أبي طالب حالَ التمكّن ، والحسن بن علي (ع) حال التمكّن ، والإمام الحسين (ع) ، والإمام زيد وابنه يحيى (ع) ، والنفس الزكية محمد بن عبدالله وإخوته الكرام البررة عليه وعليهم سلام الله ، وغيرهم من نجوم الآل وأئمتهم ، التي زبرَت مواقفَهُم الدّعوية أمهات الكُتب ، على اختلاف ما تيسّر لهم من صلاحياتٍ في الظهورِ والاستحكام ، إذ لا مُقارنةَ بينَ ظهورِ واستحكامِ الهادي على الحق والحسين الفخي ، ولكنّا نقولُ أنَّ النيّة معقودة ، وأنّ دَعواتهم إلى أمة محمد ناطِقَةٌ بهذا ، فهذا وغيرهُ ما يقصدُ به الإمام أمير المؤمنين كرّم الله وجهه، عندما قال : ((لاَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً،)) ، ألا ترى أنَّ الإمام ربطَ الظهورَ والغمور معاً بالحجيّة ، والحجيّة من الإمام على العباد لن تكونَ إلاَّ بالظهور قدرَ الإمكان ، لا بالغيبةِ والاستتار والاكتتام ، والبُعد عن الضعفاء والمظلومينَ والمساكين ، وسيأتي الكلام على الحجّة المغمور وما معناه عند أهل البيت (ع) ، نعم ! فإنَّ الحجّة على العباد من الإمام لا تكون حُجّةً إلاَّ إذا بذلَ الإمام وُسعهُ وطاقتهُ في إعلاء كلمة الله وتطبيق أحكامه وشريعته ،قال الإمام القاسم الرسي (ع) : (( وإنما صِفَةُ الإمام، الحَسَنُ في مَذهَبِه، الزَّاهِدُ فِي الدّنيا، العَالِم فِي نَفسِه، بِالمؤمنِينَ رَؤوفٌ رَحِيك ، يَأخذُ عَلى يَدِ الظَّالِم، وَينصُرُ المَظلوم ، وَيُفَرِّجُ عَن الضّعِيف، وَيَكُونُ لِليَتِيم كَالأبِ الرّحِيم، ولَلأرمَلَة كَالزّوج العَطُوف، يُعَادِي القَريب فِي ذَاتِ الله، ويُوالي البَعيد فِي ذَاتِ الله، لا يَبخَلُ بِشَيء مِمَّا عِندَه مِمَّا تَحتَاجُ إليهِ الأمّة، مَنَ أتَاهُ مِن مُسْتَرشِدٍ أرْشَدَه ، ومَن أتَاهُ مٌتَعَلّمِاً عَلَّمَه ، يَدعُو النَّاسَ مُجتَهِداً إلى طَاعَةِ الله، ويُبَصِّرَهُم عُيوبُ مَا فِيهِ غَيهم، ويُرَغِّبَهُم فِيمَا عِندَ الله، لا يَحتَجِبُ عَن مَن طَلَبَه، فَهُو مِن نَفسِه فِي تَعَبٍ مِن شِدَّة الاجتهَاد ، وَ النَّاسُ مِنهُ فِي أَدَبٍ، فَمَثلُه كَمَثَلِ المَاءِ الذي هُوَ حَياةُ كُلِّ شَيء، حَيَاتُهُ تَمضِي، وَعِلمُه يَبقَى، يُصَدِّقُ فِعْلُه قَولَه، يَغرِفُ مِنهُ الخاصُّ والعَام، لا يُنكِرُ فَضلَهُ مَن خَالَفَه، ولا يَجحَدُ عِلمَه مَن خَالَطَه، كِتابُ الله شَاهِدٌ لَه ومُصَدِّقٌ لَه، وفِعلُه مٌصَدِّقٌ لِدَعْواه ))[81] . وقالَ حفيده الإمام الهادي إلى الحق (ع) : (( يجبُ لله على الإمام، أنْ يقومَ بأمرِهِ ، ويأمُرَ بِه ، ويَنهى عَن نَهيه ، ويُقيمَ حُدودَه على كُلِّ مَن وَجبَت عليه مِن شريفٍ أو دَنِي ، قريبِ الرّحمِ أو بَعِيدِها ))[82] . وقال الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قريباً من قول القاسم الرسي ، فيما رواه عنه مُحدّث الإمامية محمد بن يعقوب الكليني : (( إن الإمامَ زِمَامُ الدّين ، ونِظَامُ المُسلِمِين ، وصَلاحُ الدّنيا ، وعِزُّ المؤمِنين ، إنَّ الإمَامَة أسُّ الإسلامِ النّامِي ، وفَرعُه السّامِي ، وبِالإمامِ تَوفِيرُ الفَيء والصَّدَقَات ، وإمْضَاءُ الحُدودِ والأحْكَام ، ومَنعُ الثّغُورِ والأطرَاف ، الإمِامُ يُحِلُّ حَلالَ الله ، ويُحَرِّمُ حَرامَ الله ، ويُقِيمُ حُدودَ الله ، ويَذُبُّ عَن دِينِ الله ، ويَدعُو إلى سَبيلِ رَبّهِ بِالحِكمَة والمَوعِظَة الحَسَنَة ، والحُجّةُ البَالِغَة ، وهُوَ الأمَينُ الرّفِيق ، والوَالِدُ الرّقِيق ، والأخُ الشّفِيق ، ومَفزَعُ العِبَاد ، أمِينُ الله في أرْضِه ، وحُجّتهُ عَلى عبَادِه ، وخَليفَتُهُ فِي بِلادِه ، الدّاعِي إلى الله ، والذّابُّ عَن حُرَمِ الله ، عِزُّ المُسلِمِين ، وغَيظُ المُنافِقين ، وبَوارُ الكَافِرين ))[83] . وقال الإمام جعفر الصادق (ع) ، فيما روتهُ عنه الإمامية ، في مشارق اليقين : (( إنَّ الله - عز وجل - أعْظَمُ مِن أنْ يَترُكَ الأرضَ بِغيرِ إمامٍ عَادل ، إن زادَ المؤمنونَ شيئاً ردّهُم ، وإنْ نَقَصُوا شَيئاً أتَمَّهُم ، وهُوَ حُجّةُ الله على عِبَادِه )) ، فهذا كَمَا تَرى إجمَاعٌ لَيسَ مِنَ الزيدية والإمامية فحسب بل من سوادِ الأمة ، على الصفات الواجب توفّرها في الإمام وإن لَم نذكر أقوالها وهيَ موجودةٌ في مظانّها ، فإن أرادَ الإماميةُ أنّ الحجّج الظاهرة المشهور بهذه الصّفات ، هُم أئمتهم الأحد عشر ، فهذا خيالٌ غابٍ ، لأنَّ أئمتهم (ع) لم يتحلّوا بهذه الصّفات حتّى يخرطوهم في سلك الظاهر المشهور ، فلا زين العابدين جُبيَت إليه أموال الشام واليمن ، ولا محمدٌ الباقر أرسلَ الدّعاةَ إلى مصرَ والبحرين ، ولا جعفرٌ الصادق قَبِلَ بيعاتِ مُسودّة أهل خُراسان ، ولا موسى الكاظم عَمِلَ بأسمى مراتب الأمر والمعروف والنهي عن المنكر باليدِ والسيف ، بلْ كيفَ يسوغُ للإمامي جَعلَهُم من الحجج الظاهرة ، وأقربُ المُقربين إليهم ، لا يعلمونَ شيئاً عن حُجّيَتِهِم ، أمسِك ، أبناءهم: كمحمد وعلي ابني جعفر الصادق ، وإبراهيم بن موسى الكاظم . أبناء عمومتهم : عبدالله الكامل وأبناءه النفس الزكية فَمن دونه ، والحسين المثلث وأبناءه ، وزيد بن علي وأبناءه ، بل حتّى ربيب الصادق وتلميذه وخرّيجه الحسين ذو الدمعة خرجَ مع عدوّه اللدود!! محمد بن عبدالله النفس الزكية وأخيه إبراهيم! وهذا كله على رأي الإمامية ، تلامذتهم والرواة عنهم : أبو حنيفة النعمان وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وشعبة بن الحجاج ، ومالك بن أنس . شيعتهم المقربون : زرارة بن أعين ، فهل يحقّ لعاقلٍ بعدَ هذا أن يقول : أنّ أمير المؤمنين (ع) عنى بالحجج الظاهرة المشهورة الأئمة الأحدَ عشر ؟! ، أمَّ أنّه سيقول بما قالت به الزيدية من أنَّ الحجج الظاهرة المشهورة هُم أئمة الآل المُظهرين لحميدِ الأفعال والأحكام ، قدرَ الإمكان ، مع فِعلِ الأسباب ؟!

إذا تقرّر هذا ، فإنَّ الكلامَ على قوله (ع) : ((وَ إَمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً ، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ )) ، يدورُ حولَ معنى المغمور ، فالشريف الرضي رحمه الله يقول أي : (( غَمَرَهُ الظلمُ حَتَّى غَطّاه فَهُو لا يَظهَر )) . وصاحب لسان العرب يقول : (( والـمَغْمُورُ من الرّجال: الذي لَـيسَ بِمَشهُور )) ، وفي القاموس المحيط : ((والمَغْمورُ: الخامِلُ )) ونحنُ نقول : هُو عكسُ الظاهر المشهور من أئمة أهل البيت (ع) ، فلا دعوةٌ لهُ أُجيبَت ، ولا أنصارٌ التفّوا حولَه ، ولا حَاكِمٌ جَائرٌ خفّفَ الوطأةَ عليه ، ولا إمكانيةٌ لرفعِ الجورِ والحيفِ باليدِ إنْ لَم يكنِ اللسان! ، ومعَ ذلكَ فهوَ يفعلُ الأسبابَ تلو الأسباب ، للتمكّن من التغيير والتبديل والتعديل لما يراهُ من أمورٍ مُخالفةٍ لمنهج الربِّ جلا وعلا ، ومنهج رسوله الكريم (ص) ، وهذا حالُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّمَ الله وجهه في عهد الثلاثة ، وحالُ الحسنِ بعد صلحه لمعاوية الطليق ، وحالُ الحسين قبلَ خروجهِ على رأس الطُغاةِ يزيد ، وحالُ القاسم بن إبراهيم مع ولاةِ بني العبّاس بعدَ أن شدّدُوا عليه في الطلب ، ونكثَ بيعتهُ أهل مِصر ، وهُو حالُ إمامُ الزيدية في هذا الزمان ، والله المستعان ، وعلى هذا ينطبقُ تفسيرُ الشريف الرضي وأهل اللغة لمعنى المغمور .

وأمّا الشيعة الإمامية ، فإن كانَ ولابدّ من أن يقولوا بإمامة أئمتهم ، الأئمة الربانيّة النصيّة ، فلا حظَّ لهم من هذا النّصّ سوى جَعْلِهِم أئمتَهُم الأحدَ عشر من الحجج الخائفةِ المغمورة ، لأنَّ تفسيرهُ بالمهدي العسكري الغائب لا يجوز ، لأنَّ الإمام علي كرّم الله وجهه ، صرّح بحجيّة المغمور ، والحجّة لابدّ أن تكون حاضرةً غيرَ غائبَة ، إذ كيفَ يكونُ الغائبُ المُنتظرُ حجةً عليّ في هذا العام ( 1427هـ) بل وعلى عزالدين بن الحسن (ع) (ت 941هـ ) ، بل وعلى الهادي يحيى بن الحسين (ت 298هـ )!! ، ولَم يبلغُهُم وهُم قريبوا العهدِ به منّي استبسَالهُ في ردِّ الظلمُ والحيفِ والجورِ عن أمة محمد بن عبدالله (ص) ، بِل لَم يشمّوا له رائحةً تُذكَرُ إلاّ في خيالات السفراء الأربعة الإمامية ، دونَ غيرهم والله المُستعان ، نعم ! فالخائفُ المغمور من أئمة الزيدية حجّةٌ لله على الأرض عَلِمَهُ مَن عَلِم ، وجَهِلَهُ مَن جَهِل كما قال زيد بن علي (ع) لأهل الكوفة : (( ويحَكُم ! أمَا عَلِمتُم أنَُّه لَيسَ مِن قَرن تَمشُوا إلاَّ بَعثَ الله عز وجل مِنَّا رَجُلاً ، أو خَرَجَ مِنا رجُلٌ حُجةٌ عَلى ذلك القرن، عَلِمَهُ مَن عَلِم وجَهِلَه مَن جَهِل )) ، وكما قاله أمير المؤمنين (ع) في مقالته السابقة من النهج ، وليسَ للإمامية أن يقولوا والمهدي حجّةٌ لله على الأرض عَلِمهُ مَن عَلِم ، وجَهلهُ مَن جهِل، لأنّ الغائبَ حُكمهُ حُكمُ العَدَم ، والعَدَمُ لا يصنعُ شيئاً ، ألا ترى كتاب الله تعالى لو كانَ مُجوَّفاً خالياً من الحروف والسُّور ، كأن يكون بياضاً بين دفّتين ، وكانَ معَ ذلكَ مُتداولاً بين أيدي النّاس ، أكانَ عَالمٌ أو جَاهِلٌ سينتفعُ به ؟! ، وكذا المهديُّ الإماميّ الغائب المُنتظر فإنّه وإن كانَ حيّاً في مخيلَة الإماميّة ، فإنّه بتخليّه عن أمّة جده التي هُو حُجّةُ الله عليهم ، يُعدّ من العبث الذي نُنَزّهُ عنه أئمة الهدى أولي النُهى والحجا، ولا ينتفعُ به لا القريبُ ولا البعيد . وفي المُقابل نقولُ أنَّ الحاضرُ المغمور من أئمة أهل البيت الزيدية وإن لَم تقرع دَعوَتهُ مَسَامعَ أهلِ الأمْصَار ، فإنَّ أفعالهِ ستُنبئُ عَن حُجيّته ، وستسعى إلى الانتشار بدءاً بالقريب فالبعيد فالأبعد ، قال الإمام النصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) : (( ولا فَرضٌ عَلى القَائمِ أنْ يَقهَرَ الخلقَ، وأنْ يَملِكَ الأرضَ، وإنّمَا فَرضُهُ إبلاءُ العُذرِ فِي إعزَاز دِينِ اللَّه، والجهادِ فِي سبيلِ اللَّه، قَال اللَّه تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾، و﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا﴾ ، فَقَد يُعبَدُ اللَّه تعالى بِبَذلِ الجُهدِ واستفرَاغِ الوُسْع فِي إعْزَازِ دِينِ اللَّه ، وصَلاحِ أمُورِ المُسلمين )) ، وعلى النّاظر النّظر وتحكيمُ العقلِ لا الهوى ، في هذه الدّعوة الجامعة ، فإن أجاب فالحظ له ، وإن عابَ فالثبور له ، وأمّا المعدوم الغائب فلا انتشارَ لدعوتهِ ، ولا سعيٌّ منه إلى ذلك ، ولن يكونَ إمَاماً حقّاً ، إلاّ وله أفعالٌ واجتهاداتٌ وطموحاتٌ تميّزهُ عن غيرهِ من العُلماء والصّالحين ، وهذا ما لَم يتوفَّر في مهديِّ الإمامية ، مع اختلافهم في تعليل غيبته واكتتامه ، كما سبقَ وأشرنا ، فقائلٌ بسبب الخوف ولا ندري مَتى سيزولُ هذا الخَوف ، خصوصاً وأنَّ شيعته ليسوا بالقلّة في هذا الزّمان ، لا بالمال ولا بالعتاد ولا بالأنفس ، ولا بالصّراخ والهُتافِ باسمه في كل مُناسبَةٍ ومَحفَل ، وقائلٌ وقائل ... والله المستعان . فهذا ما اقتضته أدلة العقول دونَ النّقول ، لأنّ العقولَ حُجَجٌ على النقول ، وهذا التأويل للمغمورِ مِن مزالقِ أهل النقول ، وصدقَ القائلُ : أنَّ اعتمادَ الإمامية في دينها على المنقول ، واعتمادُ الزيدية في دينها على المعقول .

==========

[80] نهج البلاغة ، للإمام علي بن أبي طالب (ع) ، باب المختار من حِكم أمير المؤمنين (ع) .

[81] كتاب الرد على الروافض من أهل الغلو .

[82] الأحكام 2/467

[83] أصول الكافي للكليني ، باب صفة الإمام .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

الشبهة السادسة عشر :

قال أحد المستبصرين ( بما معناه ) ، أنّ حديث الرسول (ص) : (( مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )) ، وهذا الحديث يشهد للإمامية ولعقيدتهم في الإمامة ، حيث أنّ محمد بن الحسنِ العسكري المهدي المننتظر هُوَ إمامنا اليوم ، وعليه يصدق حديث الرسول (ص) ، ولا يصدق على معتقد الزيدية ، لتجويزهم خلو الزّمان من الإمام الظاهر ، وواقع حالهم وتاريخهم يقول بوجود فتراتٍ بين الأئمة القائمين . و اختتم المستبصر كلامه بالنصح للزيدية ، وإرادة الهُدى لهم ، بما سطّره وبيّنَه.

الرّد :

قد تبيّنا نُصحَ المُستبصر لنا ، ونحنُ نُعيدُ النّصحَ له ، بما هُو أقوى وأعزّ أركاناُ بإذن الله تعالى ، فنقول له ولإخوانه :

[ فائدة : حول حديث ميتة الجاهلية ، من كتب الجعفرية ]

نقول فيها وعلى الله التّكلان : إنَّ هذا الحديث من أشهر ما يتمسّك به أهل الغيبة من الجعفريّة في دَعواهُم ، والحقّ أنّ رأي أئمة أهل البيت (ع) ، يُخالفُ ما فَهِمَهُ الإماميّة من هذا الحديث ، عندما استدّلوا به على الغيبة ، لأنَّ أهل البيت يقولون بأنّ الإمام الذي يجبُ مَعرفته ، إمامٌ حيٌّ ، ظاهرٌ وليسَ غائب !! ، انظر قولَ أئمة الجعفريّة أنفسهُم (ع) :

1- قال الإمام الصادق (ع) : (( مَن مَاتَ وَلَيسَ عَليهِ إمِامٌ حَيٌّ ظَاهِرٌ! مَاتَ مِيتَةً جَاهِليّة ، قِيلَ : إمِامٌ حَي ؟ قَال : إمِامٌ حَيٌّ ، إمِامٌ حَيّ )) ( 1) .

تعليق : تأمّل لفظةَ ( ظَاهر ) ، وهل الظهورُ إلاّ عكس الغياب والخفاء ، يا معشر الجعفريّة !! ، أيضاً كلامُ الصّادق هُنا يتوافقُ معَ رأي الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) والذي سنذكرهُ عند الكلام على رأي الزيدية في هذا الحديث . نعم! فلا دليلَ على أنَّ إمامَ زماننا يجبُ أن يكونَ هُو ابن الحسن العسكري ، لانتفاء النّص الدّال على إمامته كما تقرّرَ سابقاً ، ولا دليلَ أيضاً على أنهُ إمامُ زماننا لأنهُ غائبٌ مُختفٍ غيرُ ظاهر .

2- عن يعقوب السراج قال : قُلتُ لأبي عبدالله : تَخلُوا الأرضُ مِن عَالِمٍ مِنكُم حَيٍّ ظَاهِر! تَفزَعُ إليهِ النَّاس فِي حَلالِهِم وحَرَامِهِم ؟ فَقَال : (( لا ، إذاً لا يُعبَدُ الله يَا أبا يوسف )) (2 ) .

تعليق : وهُنا تصريحٌ بأنَّ إمام كلّ زّمان لا بُدَّ أن يكونَ حيٌّ ظاهر ، يفزعُ إليه النّاس في حلالِهِم وحرامِهِم ، فيما اشتبهَ والتبسَ عليهم من الدّين ، ثمّ يقول الإمام جعفر روحي له الفداء ، إذاً لا يُعبدُ الله ، بغيرِ هذا الإمام الظاهر ، والسؤالِ للجعفرية ، هل تستطيعون أن تفزعوا إلى إمامِ زمانِكُم ، فتخبروهُ بأمورِ دينكم ، وما التبسَ عَليكُم فيه، يفزعُ إليه النّاس في الحلال والحرام ؟ يفزعُ إليه النّاس في التخلّص من الظلم والطُغاة وكيفية التعامل مع الجورِ والجائرين ؟ ، فإن قلتم : لا نستطيع– ولن تقولوا إلاّ هذا - ، فأعيدوا التدبّر في رواية الصادق السابقة، وابحثوا عن الإمام الظاهر كيلا تموتوا ميتة أهل الجاهلية ، والعياذُ بالله .

3- وعن الصادق (ع) أنّه قال : (( إنَّ الله لا يَدعُ الأرضَ إلاَّ وفِيهَا عَالِمٌ يَعلَمُ الزّيادَة والنّقصَان ، فَإذِا زَادَ المؤمنونَ شَيئاً رَدَّهُم ، وإذَا نَقّصُوا أكْمَلَهُ لَهُم ، فقالَ : خُذُوهُ كَامِلاً، ولَولا ذَلِكَ لالتَبَسَ عَلى المؤمنينَ أمْرُهُم ، ولَمْ يُفَرَّقْ بَينَ الحقِّ والبَاطِل )) ( 3) .

تعليق : تأمّل قول الصادق (ع) ، أنّ الله لا يدعُ الأرض إلاّ وفيها عالِم ، يردّ ما زادهُ المُسلمون وليس مِنَ الشّرع ، ويُكملُ ما قصّروا فيه بتعليمهم وإرشادِهِم ، وأنّهُ لولا ذلكَ الفعلُ من الإمام لالتبسَ على المؤمنينَ أمرُ دينهم ، ولَخُلِطَ الحقّ بالباطل . فهَل توفّرَت في إمامكم هذه الصّفات معشر الجعفرية ، هَلْ عَلمتم إمام زمانكم الغائب! قامَ مُختطباً يوم جُمعةٍ يحثّكم فيها على الصلاح ؟ هل عَلمتم إمام زمانكم الغائب! يجلسُ بعد إمامتهِ لكم في الصلاة للتدريس والتفهيم وإرجاع الفروعٍ للأصول ، وردّ العقائد الباطلة ، والإفتاء ، والفصل بين المُتخاصِمين ، وتبيين الأحكام في الحلال والحرام ؟ هَل عَلمتُم إمامَ زمانكم يتقدّمكم عند لقاء أعداء الله والرّسول ، يأمرُ بالمعروف وينهى عن المُنكر ، يُقيمُ الحدود ، ويجمعُ الزكوات ؟ فإن قُلتم ، لا نعلمُ ذلك – ولن تقولوا إلاّ ذلك - ، فأقول ابحثوا عن الإمام الظاهر المُستحقّ لهذا الأمر من آل رسول الله (ص) ، المُقتدي بالرسول وأمير المؤمنين والحسنين وأفاضل سادات أهل البيت (ع) ، وساندوهُ وكونوا أعواناً له ، تنجوا من ميتة الجاهلية .

4- وعن عمر بن يزيد عن أبي الحسن الأول قال : (( مَن مَاتَ بِغيرِ إمامٍ مَاتَ مِيتةً جَاهلية ، إمِامٌ حيٌّ يُعرَف! ، فَقلتُ : لَم أسِمَع أبَاك يَذكُرُ هَذا ، يَعنِي إمِامَاً حَيّاً ، فَقال : قَدْ والله قَالَ ذَلك رَسُولُ الله (ص) : مَن مَاتَ وَلَيسَ لَه إمِامٌ يَسمَعُ لَه ويُطِيع! مَاتَ مِيتَةً جَاهلية )) ( 4) .

تعليق : تأمّل لفظة : ( يسمعُ لهُ ويُطيع ) ، فإن كانَ غائباً فكيفَ أسمعُ لهُ وأطيعُ ؟

مثاله :

لو أمَرَ رجلٌ طِفلاً أن يَسمعَ كلامَ والديه ، ويتعلَّمَ منهُما حميدَ الأخلاق ، ووالداهُ عنه مُسافرانِ إلى بلدٍ بعيد ، ومعَ ذلكَ فهُم يُراقبان ولدَهما ، ويُحصيانِ تَحرّكاته وسكناته، عن طريق تقنياتٍ ووسائلَ حديثة ، بحيثُ يرونَهُ ولا يَرَاهُم ، فَكَبُرَ الطّفلُ وبَلغَ أشدّه ، ونَشأً على المعَاصِي والفَسَاد الأخلاقِي ، فأتاهُ نفسُ الرّجُلِ بعدَ عَشراتِ السنين ! وسألَه : ماذا تعلَّمتَ من والِدَيك في هذه الفترة يا بني ؟ فردَّ عليه الصبي ، قائلاً : لَم أرَهُما حتّى أتعلّم مِنهُما ؟ فعاودَ الرّجل السؤال قائلاً : ولماذا تَخلَّقتَ بهذه الأخلاق المُشينة ، وارتكبتَ من المعاصي ما يُغضبُ الله ؟ فأجابَهُ الصبي : هذه البيئةُ التي نشأتُ فيها ، أدارَتنِي حَيثُ دَارَت ، تَركَنِي والديّ ، ولَم يُقومَا بِحَقّ الله عَليَّ ، مِن التَعليم و حُسنِ التأديب ! فقالَ الرّجل : فكيفَ يا بنيّ ، لَو عَلِمتَ أنَّ والديكَ كانا يُراقبانك ويَرونَك من حيثُ لا تَراهُم ، وأنتَ تنشأ عَلى الفساد ، وترتَكِبُ المُحرّمات ، وتَنخَرِطُ فِيمَا عَاقِبَتُه عِندَ الله نيرانُ الجحِيم . فيتكلّم الصبي قائلاً : ما أقبحَ ما فعلَ والديّ معي ، يَرَونِي أهلَكُ ، وأغرقُ في لجاج المعاصي ومتغطمط الضلالات ولا يَمدّوا لي يدَ العون ، أو يُرشِدِون . وهذا حالُ أهل الغيبة من الجعفرية ، الصبيّ هُم الأتباع ، والوالدان هُم الإمام ، والرّجل هُو الكتاب والعقل والسّنة . والله المُستعان .

[ رأي الزيدية في هذا الحديث ]

وهُنا ارتئينا أنَّ المقامَ جديرٌ بالتكلم على الحديث ، الذي قال فيه (ص) : (( مَِن مَاتَ ولَم يَعرِف إمَامَ زَمَانِه مَات مِيتَةً جَاهَِليّة )) ، من وجهة نظرنا نحن الزيدية ، ونُتمَّ ما سيسُدّ طريقَ احتجاجاتٍ كثيرة ، فنقول :

قال الإمام الهادي إلى الحق (ع) في تفسيرِ الحديث :

(( إذا كانَ في عَصرِ هذا الإنسان ، إمامٌ قائمٌ زكيٌّ نَقيٌّ ، فَلم يَعرفهُِ ولَم يَنصرهُ ، وتَرَكَهُ وخَذلَهُ وماتَ على ذلك ، ماتَ ميتةً جاهلية ، فإذا لَم يَكُن إمامٌ ظاهِرٌ مَعروفٌ باسمه ، مَفهومٌ بقيامه ، فالإمام الرّسول ، والقرآن ، وأمير المؤمنين (ع) ، ومِمَّن على سيرته وفي صِفَتِه مِن وَلَدِه ، فَتَجِبُ مَعرِفَةُ مَا ذَكَرنا على جميعِ الأنام ، إذا لَم يُعلَم في ذلكَ العصر إمام ، ويجبُ عليهِم أنْ يَعلمُوا أنَّ هذا الأمر في ولَدِ الرَّسول (ص) خاصّاً دُونَ غيرِهم ، وأنّهُ لا يَعدمُ في كُلِّ عَصرٍ حُجّةٌ لله يَظهرُ منهُم ، إمامٌ يأمرُ بالمعروف وينهى عن المُنكر ، فإذا عَلِمَ كُلَّ ما ذَكرنا ، وكانَ الأمرُ عندَهُ كمَا شَرحنا ، ثمّ ماتَ فقد نجا من الميتة الجاهليّة ، وماتَ على الميتةِ المِليّة ، ومَن جَهِلَ ذلكَ ولَم يَقُل به ، ولَم يَعتَقِده ، فَقد خرجَ من الميتة المليّة ، وماتَ على الميتة الجاهلية ، هذا تفسيرُ الحديثِ ومعناه )) (5) انتهى بحروفه .

تعليق : الإمام الهادي (ع) ، يُشيرُ في أوّلِ كلامه إلى الحُجّة الظاهر المشهور، المعروف باسمهِ ورَسمه ، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، فإنَّ مَن بَلغتهُ دَعوتهُ ولم يُجبهُ ويُبايعهُ حُقّ عليه حديث الرسول (ص) من الميتة الجاهلية .

ثمَّ يُشيرُ (ع) إلى الحُجّة الخائف المغمور ، الغير مشهورٍ ولا معروفٍ باسمه ، ولَم تصِل دَعوتهُ إلى الأمصار والبلدان ، وأنَّ على الشيعة في هذا الحال ، أن يُؤمنوا بأنّ هذا الأمر – الإمامة – في أهل البيت (ع) دونَ غيرهِم ، وأنّه لا بُدَّ من شخصٍ منهم يحملُ صفاتَ الزّعامَة في زمان الفترة ، وقال العلامة أحمد بن يحيى حابس رحمه الله : (( وسَبَبُ الفَترَة قَهرُ الظَّلَمَة )) (6) ، وأنّه لولا الخوف المُسلّطُ عليهِم ، ما توانوا عن الخروج ، والتحول من طورِ الغمور إلى الظهور ، وعليهِم أن يملأوا أنْفُسَهُم إيماناً بِنُصرَةِ هَذَا الإمامِ المَغمُورِ إنْ كانوا يعرفونه باسمه ، كما نعرفُ إمامَنا اليوم على عدم ظهوره واشتهاره ، وإن كانوا لا يعرفونَ أحداً باسمهِ فالقولُ ما تقدَّمَ عن الإمام الهادي (ع) معَ الاعتقاد الجازم بالنُصرَة لِمن قامَ بهذا الأمر منهم ، بالمال ، والنفس ، والولد .

ثمَّ يشيرُ (ع) بعد هذا ، إلى الإئتمام بالقرآن والرسول وأمير المؤمنين والأئمة من ولده السابقين ، إذ أنَّ الخائف المغمور ، الغيرُ معروفٍ بالاسم للبعض ، والمعروفِ للبعض ممّن يعيش قريباً منه ، لنْ يُخالفَ حَتماً كتاب الله ولا سنة جدّه محمد (ص) ، ولا دَعوة أبيه علي (ع) ، ولا دين آبائه من الأئمة الكرام البررة ، وحديثُ الثقلين على كلامنا ضامن . وبهذا يموت العبدُ ميتة أهل الإسلام ، ويكونُ كلّ هؤلاء له ذخرٌ ووسيلةٌ عندَ الملك الدّيان ، فَمَن أحبَّ قوماً حُشِرَ مَعَهُم . اللّهم أمتنا ميتة أهل السلام ، وانفعنا بولاية محمد وآل محمد ، واجعلنا من أنصارهم وأعوانهم ، لا مِن خاذليهم وأعداءهم ، آمين اللهم آمين .

ثمَّ علّق الإمام يحيى بن الحسين الهاروني الحسني (ع) على تفسير الإمام الهادي السابق للحديث ، فقال : (( وهذاَ هُوَ الصّحيح ، دُونَ مَا ظَنُّ بعضُ النّاس ، مِن أنْ يَدُلَّ على أنّهُ لا بُدَّ في كُلِّ زَمانٍ مِن إمامٍ تَلتَزِمُ مَعرِفتُه ، لأنَّ هذا في نهايَة البُعد )) .

[ تعليق : يُريدُ الإمام أنّهُ لا يُشترطُ معرفةُ إمامُ كلّ زمانٍ بعينِه ، إذا كانَ في طور الغمور وعدمِ الاشتهار ، لما في ذَلِكَ مِن التكليف بما لا يُطاق ، وهُو غايةٌ في البُعدِ في أن يكونَ واجباً مع الغمور وعدم الاشتهار ، وعدمُ قرعِ المسامِعِ لِدعوته العادِلَة الجامعَة ، وعلى مَن هذا حالهُ الإئتمامُ بالقرآن والرسول وأمير المؤمنين والأئمة من ولده السابقين ، والتشحّطِ والتحلّي بعزيمة تحمّسه للقيامِ مع داعي آل مُحمّد (ع) من أبناء الحَسن والحُسين ، وأن يكونَ في حالهِ هذا مُقتدياً في دينهِ وقيلِه ، بأئمتهم السابقين وعُلمائهم المُصقِّعين علي فالحسن والحسين فزين العابدين فالحسن بن الحسن فالباقرُ فزيد بن علي فما دون ، وألاّ يُخالفَهُم فيما اجتمعوا عليه من الأصول ، ففي هذا يدخلُ العبد في ميتة أهل الإسلام ، وإن لَم يعرف إمامَ زمانهِ بعينهِ ورَسمه ، لأنَّ تكليفَ ما لا يُطاق كما تطلبُ الجعفرية من العباد فهذا مُحال ، وفي كلام الجعفرية بإمامة الغائب للزّمان ضَحِكٌ على الذقون ، واستخفافٌ بالعقول ، وقولُ الزيّدية أعدلُ الأقوال ، ولا يدخُلُ هذا في بابِ شهادة الجارِ لنفسه، وإنّما يشهدُ لتوسّط قولها مَن سبرَ أقوالَ الفِرق وتعليلاتهِم لهذا الحديث الشريف ، فهُم بينَ مُلحقٍ له ، بسلاطين الدّول على جَورِهِم وظُلمِهم وعدم تحقّقُ عدالَتِهم ، وأنّى يكونُ هؤلاء حُجّة ؟ وبينَ مُهمِلٍ له ، لا يُلقي لهُ ولأهميّته بال ، وبينَ مُلحقٍ لهُ ، بأئمة الأوهام والخيالات مَن لا يَنفعونَ ولا يَضرّون ، ولا يَحلّونَ ولا يَربطون ، لا لِضَعِيفٍ انتصفوا ، ولا لضائعٍ انتشلوا ، ولا لحقٍّ انتصروا ، ولا لباطلٍ غَضِبوا ، فأنّى تكونُ لهؤلاء إمامَة الزّمان والحجّة على العالَمين ، وأنّى يجبُ على العبادُ الإيمانُ الإيجابي بِمَن هذهِ صِفته ؟ ، فتوسّطَ أهل البيت (ع) بين هؤلاء في مقالَتِهم ، فلا هُم أهمَلوا وجوّزوا خُلو الأرضِ من حُجّة ظاهرَةٍ شاهرَة أو مَغمورَةٍ خائفةٍ غيرُ مشهورةٍ ولا غائبة ، ولا هُم أوجَبُوا على العباد معرِفَة المغمور غير المشهور من عُلماء آل مُحمّد (ع) ، فجَعَلوا لهُم منهجَ الكتاب والسنة وأمير المؤمنين وولَدهُ أبناء الحسن والحسين علاماتٌ إلى الموتِ بميتةِ أهل الإسلام ، مع السعيّ منهُم قدرَ المُستطاع لإيجادِ مَن صِفتهُ صِفةُ أئمة أهل البيت السابقين من بني فاطمَة اللاحقين ، فإن لَم يجدوا ، فلا يُكلّفُ الله إلاّ وُسعها ، والمرءُ مَع أنّ أحب ] عودٌ لكلام الإمام الناطق بالحق يحيى الهاروني .

(( فإن قالَ قائل : أتُجوّزنَ أن تَخلُوَ الأرضُ من الأئمة أَزمنةً كثيرَة ؟ .

قيلَ له : إن أردتَ بهذا القول ، أنَّ الأرضَ تَخلو ممّن يَصِحُّ للإمامة ، وسياسَة أمرِ الأمّة مِن أفاضِلِ أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله ، فهذا يَمتنِع منهُ الزيدية ، ولا يُجوّزونَه ، وإن أردتَ بذلِكَ أنّها تخلو ممّن يقومُ بالأمر ويَتولاّه لأسبابٍ عارِضَة ، وأحداثٍ مَانِعَة ، فهذا غيرُ ممُتَنِع .
)) (7) اهـ كلام الناطق بالحق الهاروني

وإلى هذا القول الأخير ، يُشير الإمام مانكديم أحمد بن الحسين (ع) ، فيقول : (( اعلَم أنَّ مِن مَذهَبِنا أنَّ الزّمان لا يَخلو عَن إمام ، ولَسنا نعني بهِ أنُّ لابُدَّ مِن إمامٍ مُتصرِّف ، فالمعلوم أنّهُ ليسْ ، وإنّما المُرادُ به ليسَ يجوزُ خلوّ الزّمانِ ممّن يَصلُح للإمامَة )) (8) .

تعليق : قال (ع) : فالمعلوم لَيسْ : يُريدُ أنّ الخائف المغمور الغير مشهور الظاهر الغير غائب ، لا تنطبقُ عليه علاماتُ التّصرّف في الأمة ، إذ لو انطبقَت عليه لكانَ ظاهراً داعياً مشهوراً .

وللإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي (ع) ، كلامٌ بديع ، فيه تعزيزٌ لما ذكَرنا ، نكتفي بالإشارة عن الإطالة ، فليُراجَع (9) .

واعلَم أنَّ هذا التأويلَ للحديث ، معَ اجتماعِ سواد الأمّة على صحّة صدورِ عن رسول الله (ص) ، نجدهُ أقربُ التأويلات والتفسيراتِ المُطابِقَة للعقل ، والنّقل ، ويُعزّزهُ قول الرسول (ص) : ((مَن سَمِعَ وَاعِيَتَنا أهَلَ البيت ، ولَم يُجِبهَا كَبّه اللَّه عَلى مِنخَريه فِي نَارِ جَهنّم )) (10) ، والواعية هي الدّعوة ، والدّعوة لَن تكون إلاَّ مع الظهور ، وهيَ مُتوفّرةٌ في الظاهر المشهور والخائف المغمور ، على اختلافِ توسّعها وانتشارها . وقوله (ص) : (( إنَّ عِندَ كُلّ بِدعَةٍ تَكونُ مِن بَعدِي يُكادُ بِهَا الإسلامْ ، وَلِيّاً مِن أهلِ بَيتِي، مُوكّلاً يُعلنُ الحقّ، وينُوّره، ويَردّ كيدُ الكائدين ، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على اللَّه )) (11) ، وحتماً لن يكون هذا الوليُّ إلاَّ ظاهراً غيرُ غائب ، كما قد تقرّرَ ، وصفةُ الظهور مُتوفّرةٌ في المشهور والمغمور ، والاختلاف في الشهُرَة مِن عَدَمِهَا .

هذا وصلّى الله وسلم على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

==================================
(1) الاختصاص ، 269 البحار ، 23/92 إثبات الهداة ، 1/139
(2) البصائر ، 143 علل الشرايع ، 76 البحار ، 23/21 ، 51 ، 24/217 إثبات الهداة ، 1/120
(3) علل الشرايع ، 76 ، 77 ، 78 البصائر ، 96 ، 143 ، 289 الاختصاص ، 289 كمال الدين ، 117 ، 118 ، 128 ، 129 غيبة النعماني ، 68 المحاسن ، 235 البحار ، 23/21 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ، 39 ، 26/178 إثبات الهداة ، 1/106 ، 108
(4) الاختصاص ، 269 البحار ، 23/92 البصائر ، إثبات الهداة ، 1/129 ، 139
(5) الأحكام 2/466 - 467
(6) الإيضاح شرح المصباح ، مخطوط
(7) الدّعامَة ، ص 226 - 227
(8) شرح الأصول الخمسة ، للقاضي عبدالجبار ، وشرحها للإمام المستظهر بالله أحمد أحمد بن الحسين بن أبي هاشم محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الإمام محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن - والحسن هذا جد الإمام الناصر الأطروش - بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ص 514 .
(9) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (ع) ، ص268
(10) رواه الإمام المنصور بالله في العقد الثمين .
(11 ) رواه الإمام المنصور بالله في العقد الثمين .
آخر تعديل بواسطة الكاظم في الأحد أغسطس 27, 2006 6:06 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

سؤال للاخ الكاظم

من إمامك فى هذا الزمان الذى ان لم يكن لك مت ميتة جاهلية ؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرّحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد .....

إمامِي (الكِتاب) و (السنّة) و (إجماع أهل البيت ، سادات بني الحسن والحسين) و (الحجّة الحسني ، مجدالدين بن محمد المؤيدي) و (علماء آل رَسول الله في عَصرنا هذا) .

كتابٌ ، وسُنّةٌ ، وإجماعٌ آلٍ ***** وَمجْدُ هُدىً ، وأبناء فاطِمَةٍ
أئمّتي ، وعُصبتي ، وعِمامتي *** بهِمُ وصّى الإلهُ في كِتابِهِ
عُلماء ، مَعلومينَ ، لا خافِينَ **** نَجمهُمُ علا ، فاتّبِع آثارَه

كِتابٌ

صورة

وسُنّةٌ

صورة

وإجماعُ آلٍ

صورة

وَمجْدُ هُدىً
ً
صورة

وأبناءُ فاطِمَةٍ

صورة

صورة

===================

الإخوة الجعفرية :

1- قال الإمام الصادق (ع) : (( مَن مَاتَ وَلَيسَ عَليهِ إمِامٌ حَيٌّ ظَاهِرٌ! مَاتَ مِيتَةً جَاهِليّة ، قِيلَ : إمِامٌ حَي ؟ قَال : إمِامٌ حَيٌّ ، إمِامٌ حَيّ )) ( 1) .

تعليق : أينَ إمامَك أخي (عبدالمؤمن) ، الظّاهر (غير الغائب) ، الذي لَو لَم تَعرِفه ، ستموتُ ميتَة جاهليّة ؟!.

2- عن يعقوب السراج قال : قُلتُ لأبي عبدالله : تَخلُوا الأرضُ مِن عَالِمٍ مِنكُم حَيٍّ ظَاهِر! تَفزَعُ إليهِ النَّاس فِي حَلالِهِم وحَرَامِهِم ؟ فَقَال : (( لا ، إذاً لا يُعبَدُ الله يَا أبا يوسف )) (2 ) .

تعليق : أينَ إمامَك أخي (عبدالمؤمن) ، الظّاهر (غير الغائب) ، الذي لَو لَم تَعرِفه ، ستموتُ ميتَة جاهليّة ؟!.

3- وعن الصادق (ع) أنّه قال : (( إنَّ الله لا يَدعُ الأرضَ إلاَّ وفِيهَا عَالِمٌ يَعلَمُ الزّيادَة والنّقصَان ، فَإذِا زَادَ المؤمنونَ شَيئاً رَدَّهُم ، وإذَا نَقّصُوا أكْمَلَهُ لَهُم ، فقالَ : خُذُوهُ كَامِلاً، ولَولا ذَلِكَ لالتَبَسَ عَلى المؤمنينَ أمْرُهُم ، ولَمْ يُفَرَّقْ بَينَ الحقِّ والبَاطِل )) ( 3) .

تعليق : أيَن إمامكَ اخي (عبدالمؤمن) ، الذي يُعلّم النّاس متى ما زادوا ن ويُكملَ لهُم متى ما نَقّصوا وفرّطوا ؟! .

4- وعن عمر بن يزيد عن أبي الحسن الأول قال : (( مَن مَاتَ بِغيرِ إمامٍ مَاتَ مِيتةً جَاهلية ، إمِامٌ حيٌّ يُعرَف! ، فَقلتُ : لَم أسِمَع أبَاك يَذكُرُ هَذا ، يَعنِي إمِامَاً حَيّاً ، فَقال : قَدْ والله قَالَ ذَلك رَسُولُ الله (ص) : مَن مَاتَ وَلَيسَ لَه إمِامٌ يَسمَعُ لَه ويُطِيع! مَاتَ مِيتَةً جَاهلية )) ( 4) .

تعليق : أينَ إمامُك أخي (عبدالمؤمن) ، الذي يُسْمِعُكَ كَي تُطيعَه ؟! .

تحيّاتي لكم إخوتي في الله .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

عبد المؤمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 103
اشترك في: السبت فبراير 11, 2006 4:33 pm

مشاركة بواسطة عبد المؤمن »

الكاظم كتب:بسم الله الرّحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد .....

إمامِي (الكِتاب) و (السنّة) و (إجماع أهل البيت ، سادات بني الحسن والحسين) و (الحجّة الحسني ، مجدالدين بن محمد المؤيدي) و (علماء آل رَسول الله في عَصرنا هذا) .


.
علماؤكم الاجلاء السادة الكرام اضعهم على راسى واتشرف بذلك .
واحب ان اسألهم :
ياسادتى ياسادات بنى الحسن والحسين (عليهم السلام )
من إمامكم فى هذا الزمان الذى تعتقدونه ؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

:!: َهل قَرأتَ أخِي ما كَتَبَ الكاظِم :!:

ولا تَنسَ الإجابَة عَمّا سَألَك عنْه الفَقير .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

جعفري
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 63
اشترك في: الخميس يونيو 29, 2006 9:14 pm

مشاركة بواسطة جعفري »

الأخ الكاظم المحترم

كل كلامك كان حول توضيح قول الإمام علي بن أبي طالب (ع) : ( بلى لا تخلوا الأرض من قائم بحجة ... ) ولنا فيه نظر سنعرضه لا حقاً .

الآن ما تفسيرك لباقي الخطبة وهو :

( وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولئِكَ؟ أُولئِكَ ـ وَاللَّهِ ـ الاَْقَلُّونَ عَدَداً، وَالاَْعْظَمُونَ قَدْراً، يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَبَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ ، وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ
مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، آهِ آهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِمْ! )

هذه الفقرة من الخطبة تشير إلى أن عدد الأئمة قليل وخطرهم عظيم بينما عندكم العدد لا ينقطع فقد يصل عدد أئمتكم إلى أكثر من مئة فكيف تفسر هذا ؟

الإمام يقول يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ألا يدل هذا على أن الأئمة يتوارثون العلم فيما بينهم وتنتقل من واحد إلى آخر وهذا لا يتحقق في أئمتكم؟

الأئمة متفقون في جميع أقوالهم لا يخالف بعضهم بعضاً فهل هذا موجود في أئمتكم ؟

هل قول الإمام ( وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، ) ينطبق على أئمتكم وكيف تعرفون ذلك منهم ليكونوا هم خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه فأنتم لا تعلمون من الإنسان إلا ظاهره فكيف تعرفون ما بداخله والله تعالى يقول ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )
برجاء الإجابة بوضوح ودون الإطالة فخير الكلام ما قل ودل

مع تحياتي لكم بالتوفيق

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

بسم الله الرّحمن الرحيم

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد .....

جعفري كتب :
هذه الفقرة من الخطبة تشير إلى أن عدد الأئمة قليل وخطرهم عظيم بينما عندكم العدد لا ينقطع فقد يصل عدد أئمتكم إلى أكثر من مئة فكيف تفسر هذا ؟
ومائةُ إمامٍ مُقارنةً بآلافِ الحُكّام أليسَ قليلاً أخي في الله (جعفري) ، فالحقّ في المَسألَة أنّ أئمّة أهل البيت (ع) مُقارنةً بغيرهِم قليلون ، حتّى لَو بلغوا مائتي إمام على مدارِ أربعة عشر قرناً ، وهذه القلّة فَهيَ قلّة من جِهتَين ، قلّة مُقارنةً بعموم النّاس حُكّاماً ومحكومين ، وقلّةٌ مُقارنةً بأهل الاصطفاء العام ، نعني سائر أبناء الحسن والحسين ، وبمعنى آخَر نقول : أنّ أهل الاصطفاء العام (جميع أبناء فاطمة ، أبناء الحسن والحسين) هُم كثرةُ ظاهرَة ولله الحمد ، فقد يَصلوا اليوم إلى الملايين كثّر الله الصّالحين منهُم ، وذلِكَ هُو قولُ الإمام السجّاد (ع) في صَحيفَتِه : ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَليْنَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دُونَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ ، بِقُدْرَتِهِ الَّتِي لَا تَعْجِزُ عَنْ شَيْ‏ءٍ وَإِنْ عَظُمَ ، وَلَا يَفُوتُهَا شَيْ‏ءٌ وَإِنْ لَطُفَ . فَخَتَمَ بِنَا عَلَى جَمِيعِ مَنْ ذَرَأَ ، وَجَعَلَنَا شُهَدَاءَ عَلَى مَنْ جَحَدَ ، وَكَثَّرَنَا بِمَنِّهِ عَلَى مَنْ قَلَّ ))، فالمقصودُ بالكثرَة ، أي كثرَة أبناء الحسن والحسين ، ولعلّ الإمام كان يستحضر دعوة الرّسول لعلي وفاطمة بتكثير نسلِهم ، والمُباركَة الإلهيّة فيه ، فالأئمّة من هذه الفاطميّة ، قلّة ، مائةُ إمامٍ ، من مليونِ فاطميّ ، تُعتبرُ قلّة، ومائتي إمامٍ من مليارات بني الإنسان من غير بني فاطمة ، تُعتبرُ قلّة ، فهُمُ حقّا الأقلّونَ عدَداً مُقارنةً بغيرِهم ، وإن قُلتُم بخلافِ هذا معشر الجعفريّة : رَدَدتُم على زين العابدين كلامَهُ ودُعائهُ ، فإنّه مُصرِّحٌ بأنّ الله كَثّرَهُم على مَنْ قَلّ ، فكيفَ يكون الإثني عشر إماماً كُثُراً ، وأئمّ’ الزيدية وغيرهِم قليل ؟! .

جعفري كتب :
الإمام يقول يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ألا يدل هذا على أن الأئمة يتوارثون العلم فيما بينهم وتنتقل من واحد إلى آخر وهذا لا يتحقق في أئمتكم؟
والحقّ ما قالَ أمير المؤمنين ، فأئمّة أهل البيت (ع) يَحفظُ بهِم الله تأويلَ كِتابِه ، وتنقيَةِ سُنّته ، والدّعوة لإحياء القلوب بذكرِ علاّم الغُيوب ، والأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر ، وأئمّةُ أهل البيت (ع) فعلومُهُم مُستودَعةُ عندَ الأئمّة مِن بعدِهِم ، يستنبطونَهُا فتُؤخذُ عنهُم ، ويُقالُ بها ، الخلفُ تلوَ الخلَف ، وهذا العلمُ منَ السّأبقين ، فزراعةٌ منهُم في نفوسٍ وقلوبِ اللاّحِقين ، واللاحقون فيدَعونَ بما دَعا إليه السّابقون ، هُم الّدعاةُ إلى الله ، وإلى دينِه ، فأمّا أئمّة الجعفرية (كما تُصوّرُ الأصول والرّوايات الجعفريّة) فليسُوا دُعاةً إلى الله ، بَل هُم مُضّلّلون للعبَاد ، غيرُ آبهين بنشر دعوة جدّهم الرّسول ، ولا هدايَة النّاس ، والله المُستعان ، ولستُ أقول هذا إلاّ تبرئةً لهؤلاء الأخيار ، من أولئكَ الأتباع ، فنحنُ مازلنا نُطالعُ مُحدّثين ، ومُسندي الجعفرية ، يروون فواجعَ عن أولئك الأطهار ، فممّا رَووهُ ، وهُو يُمثّل تَقاعُسَهُم عن الدّعوة إلى سبيل الله : [مُلاحظَة استبِط الشّاهد ، وهُو عدم انطباق قول أمير المؤمنين السّأبق على أئمّة الجعفريّة : ((أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ،)) ] :

1- روى ثِقة الجعفريّة الكُليني ، بسنده : ((عن ثَابت بن سَعيد ، قَال: قَال أبوعبدالله: يَا ثَابِت (تأمّل) مَالَكُم ولِلنّاس، كُفّوا عَنِ النّاس ، (تأمّل) ولا تَدْعُوا أحَداً إلى أمْرِكُم، فَوالله لَو أنَّ أهْلَ السّمَاواتِ وأهْلَ الأرضِين اجْتَمَعُوا على أنْ يَهْدُوا عَبداً يُريدُ الله ضَلالَته مَا استَطَاعُوا على أن يَهْدوه، وَلو أنّ أهلَ السّمَاواتِ وأهْلَ الأرضين اجتمَعُوا على أن يُضلّوا عبداً يُريدُ الله هِدَايَتَهُ مَا استَطَاعُوا أنْ يُضِلّوه، (تأمّل) كُفّوا عنِ النّاس ، ولا يَقولُ أحَدٌ: عَمِّي ، وأخِي ، وابنُ عَمّي ، وَجَارِي، فَإنّ الله إذَا أرادَ بِعَبدٍ خَيراً طَيَّبَ رُوحَهُ فَلا يَسْمَعُ مَعْروفاً إلا عَرَفَهُ ، ولا مُنكَراً إلاّ أنْكَره، ثمّ يَقْذِفُ الله فِي قَلبِهِ كَلِمَةً يَجْمَعُ بِهَا أمْرَه )) . أصول الكافي : 1/165 .

تعليق : التّعليقُ ليسَ لي ، ولا لكُم إخوتي في الله ، بل للهِ سُبحانه وتعالى ، إذ يَقول مُخاطِباُ نبيّه (ص) : ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) ، ويقول جلّ شأنه : ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)) ، وقولُه جلّ شأنُه : ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) .

2- روى ثِقة الجعفريّة الكُليني ، بسنده : ((عن فُضيل بن يَسار ، قال: قُلتُ لأبي عبدالله عليه السلام : نَدْعُو النّاس إلى هَذا الأمْر؟ فَقَال: لا يَا فُضَيل ، إنَّ الله إذَا أرادَ بِعَبدٍ خَيراً ، أمَرَ مَلَكَاً فَأخَذَ بِعُنُقِهِ فَأدْخَلَهُ فِي هََذا الأمْر طَائعاً أو كَارِهَاً )). أصول الكافي : 1/167 .

تعليق : فكيفَ يكون الإمام حُجّة على العباد وهُوَ لا يَسعى لإقامَة الحجّة عليهِم؟! هَل هذا هُوَ شرط الله ، والرّسول، وأمير المؤمنين ؟! .

3- روى الصّفار ، بسنده : ((عن عبدِالله سُليمان ، قَال : سَمِعتُ أباجَعفَر عليه السلام وِعندَهُ رَجُلٌ مِنْ أهلِ البَصرَة ، يُقَالُ لَهُ عثمَان الأعمَى ، وَهُو يَقول : إنَّ الحسَن البَصرى يَزعُمُ أنَّ الذين يَكتُمُونَ العِلم يُؤذِي رِيحُ بُطونِهِم أهلُ النّار ، فَقَال أبوجَعفر عليه السلام : فَهَلَكَ إذاً مُؤمنُ آلِ فِرعَون ، وَمَا زَالَ العِلمُ مَكتومَاً مُنذُ بَعَثَ الله نُوحَاً عليه السلام فَلْيَذْهَبِ الحسَن يَميناً وَشِمَالاً فَوالله مَايُوجَدُ العِلمُ الاَّ هَيهُنَا)) . بصائر الدّرجات:29 .

تعليق : تأمّل في كلام الباقر (ع) ، تجدهُ يُصرّح ويُلمّح بشرط كتمان العِلم ، وصحّته ، وخطأ إلجام الله لكاتِم العِلم ، بلجامٍ من نار ، ولكن هَل يَجوزُ على الحجّة الكِتمان ؟ هل يجوزُ على الرّسول كتمان بعض الوَحي ؟! هل يَجوز على الصّادق كِتمان بعض العِلم؟! ولا يُقاس الحجّة على العِباد بمؤمنِ آل فِرعون ، لعدم لزوم التبليغ عليه ، كما لَزِمَ حُجج الله وآياته من الأئمّة ، ونحنُ فنقول الأئمّة والعُلماء .

4- روى المجلسي ، بالسّند ، ((عَن يُونس بن ظبيان ، قَال: دَخَلتُ على الصّادق جَعفر بن مُحمّد عليه السلام ، فَقُلتُ: يا ابنَ رَسول الله إنّي دَخَلتُ على مَالِك وأصْحَابِه ، ...[وذكرَ خبر الإثني عشر]... ، ثمّ قُلتُ: يا ابنَ رَسول الله إنَّ عَبدَ اللهِ بن سَعْد دَخَلَ عَليكَ بِالأمسِ ، فَسَألَكَ عَمّا سَألتُكَ فَأجَبْتَهُ بِخِلافِ هَذَا، فَقَال: يَا يُونُس ، كُلّ امْرِئٍ وَمَا يَحْتَمِلُه ، وَكُلّ [ولكلّ] وَقت حَدِيثه ، وإنّكَ لأهلٌ لِمَا سَألْتَ، فَاكتُمْهُ إلاّ عَنْ أهْلِهِ والسّلام)) بحار الأنوار:36/403.

تعليق : ما رأيُكم رَحِمَكُم الله ، هل يُعتبرُ هذا من التّضليل ، وخصوصاً أنّ الخبَر يخصّ الإثني عشر ، حُجج الله على الأرض ، فيُجيبُ الصّادث عبدَالله بن سعد بجوابٍ مُختلِفٍ عن جواب يونس بن ظبيان ، فكيفَ سيكونُ الصّادق حُجّة على عبدالله هذا يوم القيامَة ؟!.

5- روى الطّبرسي ، بسنده ، حكايةً طويلةً عجيبَة ، بين هشام بن سالم ، والكاظم (ع) ، نختصرُ منها الشّاهد : (( عن هشام بن سالم ... فَقُلتُ [أي هشام بن سالم]: جُعِلتُ فِدَاك، مَضَى أبُوك ؟ قَالَ: نَعَم . قُلتُ: مَضَى مَوتاً ؟ قالَ: نَعم . (تأمّل) قُلتُ: فَمَنْ لَنَا بَعْدَه ؟ قَال: إنْ شَاء الله أن يَهدِيَكَ هَدَاك. قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك، إنّ عَبدَ الله أخَاك يَزْعُمُ أنّه إمَامٌ مِنْ بَعدِ أبيه. فَقَال: عَبدُ الله يُريدُ أنْ لا يُعبَدَ الله. قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك، فَمَنْ لََنَا بَعدَه ؟ قَال: إنْ شَاءَ الله أنْ يَهْدِيَكَ هَدَاك. قُلتُ: جُعلتُ فِدَاك، فَأنْت هُو ؟ تأمّل) قَال: لا، مَا أقول ذَلك. قَال: فَقُلتُ فِي نَفسِي: لَم أُصِبْ طَريقَ المَسْألَة، ثُمّ قُلتُ لَه: جُعِلتُ فِدَاك عَليكَ إمَام ؟ قَال: لا . قَال: فَدَخَلنِي شَئ لا يَعْلمُه إلا الله تعالى إعظَامَاً لَهُ وَهيبة، ثمّ قلتُ: جُعِلتُ فِدَاك، أسْألُكَ كَمَا كُنتُ أسْألُ أبَاك ؟ تأمّل) قال: سَلْ تُخبَر ولا تُذِع، فَإنْ أذَعْتَ فَهُو الذّبح. قَال: فَسَألتُه فَإذا بَحْرٌ لا ينزف ، (تأمّل مدى الجهل بالنّص الإثني عشري والوصيّة) قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك، شِيعَةُ أبيكَ ضُلاّل فَألقِي إليهِم هَذَا الأمر وأدْعُوهم إليك ؟ فَقَد أخَذْتَ عَليَّ الكِتمَان. قَال: مَنْ آنَسْتَ مِنهُ رُشداً فَألقِ إليهِ ، (تأمّل) وَخُذ عَليه الكِتمَان، فَإنْ أذَاعَ فَهُو الذّبح ، وأشَارَ بِيدِه إلى حَلقِه ... )) إعلام الورى بأعلام الوَرى:2/16.

تعليق : تأمّل جَهلَ هشام بن سالم ، وهُو َمن هُو في المنزلة العِلميّة عندَ الجعفريّة ، ولو تأمّلت بقية الرّواية ستجدُ معه ، مؤمنُ الطّاق الأحول ، وزرارة بن أعين ، عاشوا في حيرَة رَهيبَة بعد موتِ الصّادق ، يتخبّطون ، لا يَعرفونَ إمامَهُم الكاظم بعد إمامهِم الصّادق ، ويبدو أنّ الصّادق (ع) لم يُخبر أقربَ المُقرّبين إليه بإمامة ابنه ، ولو حتّى بالوصيّة . ثمّ تأمّل ممُاطلَة موسى مع هشام هذا ، فلَم يُخبِرَهُ بإمامته عليه الإمامة الرّبانيّة ، وكأنّ الكاظم يجهل مَنْ هُو صاحبُ أبيه هشام بن سالم ، ثمّ تأمّل إنكار الكاظم ، عندما قالَ له هشام : أنت ُهو ، فقال : لا ، فهذا فغريبٌ وَجهُه ، ثمّ تأمّل المُبالغة من الإمام الكاظم في التكتّم في نشر الدّين ، حتى قرَنَهُ بالذّبح ، ثمّ تأمّل ما أشار إليه هشام من أنّ شيعة الصادق (ع) يعيشونَ في ضلال ، تجد أنّ حجّة الله لم تَقُم عليهِم من الصّادق ، وذلكَ عندما لَم يُخبرهُم بإمامة ابنه بعدَه ، بل لَو تأمّلت ابنهُ عَبدُ الله ، يدعو لإمامة نفسِه ، تجدهُ لاا يعرف إمامةَ أخيه الكاظم ، والله المُستعان ، فأين الدّعوة ، وأين الأئمّ’ الدّعاة معشر الجعفريّة ؟! .

نعم ! وهذا ما وَقفنا عليه في عُجالة ، وإن طُلِبَ المَزيد ، أتينَا بِه مُستعينين بالله ، ولا ننسى أن نُُذكّر بالشاهدِ من كلامنا ورَبطِه بكلام الأخ (جعفري) المُقتبَس ، فإنّه جاء من ضمن كلام الإمام علي (ع) : ((أُولئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ،)) ، فأينَ الخِلافَة ، وأينَ الدّعوَة ، ممّا سبق وأشرنَا إليه ؟! .

جعفري كتب :
الأئمة متفقون في جميع أقوالهم لا يخالف بعضهم بعضاً فهل هذا موجود في أئمتكم ؟
فما نَفعلُ رَحِمَك الله ، برواية : ((جَعفَر الصّادق عَن أبيه عليه السلام : أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وآله قَال : مَا وَجَدتُمْ فِي كِتَابِ الله فَالعَمَلُ بِه لازِمٌ لاعُذْرَ لَكُم فِي تَرْكِه ، ومَالَمْ يَكُن فِي كِتَابِ الله وَكَانَتْ فِيه سُنّةٌ مِنّي فَلا عُذْرَ لَكُم فِي تَركِ سُنّتِي ، وَمَالَمْ يَكُن فِيه سُنّةٌ مِنّي فَمَا قَالَ أصحَابي فَخُذُوه ، فَإنّمَا مَثَلُ أصحَابي فِيكُم كَمَثَلِ النّجوم ، فَبأيّهَا أخَذْ اهتَدَى ، وبَأيّ أقَاويلِ أصحَابي أخَذْتُمْ اهتَدَيتُمْ ،(تأمّل) واختِلافُ أصحَابي لَكُم رَحمَة ، قِيل : يَارسول الله صلى الله عليه وآله وَمَنْ أصْحَابُك ؟! ، قَال : أهلُ بَيتي)). بصائر الدّرجات: 31 .

ثمّ ماذا نَفعلُ رَحِمَك الله في تلكَ الرّوايات التي شُحِنَت بِها كُتب الجعفرية ، نعني الأخبار المُتضاربَة ، التي لا يكاد نصّ يَسلمُ أمام النّص الآخر ، والكلّ مَرويّ عن الأئمّة الإثني عشر ، ماذا تُسمّي هذا ؟! أليسَ اختلافاً ؟! ، فأبيّها تأخذون ، وأنتم تَعيشون بلا معصوم يُرشدكم إلى الصحّيح مِنَ السّقيم؟! .

جعفري كتب :
هل قول الإمام ( وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَان أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْـمَحَلِّ الاَْعْلَى، ) ينطبق على أئمتكم وكيف تعرفون ذلك منهم ليكونوا هم خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه فأنتم لا تعلمون من الإنسان إلا ظاهره فكيف تعرفون ما بداخله والله تعالى يقول ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )
أقول : ماذا فَهمتَ رحِمَك الله منذ هذا الكلام ؟ هَل فَهِمتَ أنّ أبدانَ الأئمّة تكون في الأرض ، وأرواحهُم مُعلّقةٌ في السّماء ، على وجهِ الحقيقة ؟. إن قُلتَ : نَعم . قُلت : لاحولَ ولا قوّة إلاّ بالله . وإن قُلت : لا . قُلتُ : فاعلَم أنّ هذا كِنايَةٌ عن الخوف الشديد من الله ، والشّوق الشّائق لمُلاقاةِ الله ، فأبدانُهم في الأرض ، وقلوبُهم مع الله ، يَستحضروهُ في كلّ آونَةٍ وحين ، وهذا فواضحٌ وهو مُلازمُ لأئمّة أهل البيت ، سادات بني الحسن والحسين .

وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمد وآله الطّيبين الطّاهرين .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“