فهمي هويدي يدعو للمقاطعة

أضف رد جديد
Nader
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 1060
اشترك في: السبت إبريل 09, 2005 6:22 pm

فهمي هويدي يدعو للمقاطعة

مشاركة بواسطة Nader »

إنه واحد من المقالات النادرة الصادقة التي ينشرها موقع العبرية.. أقصد العربية.


للأزمة أوجه أخرى

صورة


الأزمة اوسع نطاقا مما نتصور. فإذا كانت هناك حكومات قد خذلتنا في موقفها من الانقضاض “الاسرائيلي” على لبنان، فإن منظمات المجتمع المدني نافستها في التقاعس والخذلان، وهو ما يعني أن داء “الوهن” حين زحف على الجسم فإنه ضرب الرأس والأطراف، حتى بات أملنا معقودا على “أخمص القدمين”.

(1)

لا أخفي أنني صرت اتوجس واستريب في تواتر استخدام مصطلحات وعبارات الإدانة والشجب والاستنكار، والتحذير من خطورة الموقف، وتكثيف الاتصالات لاحتواء الأزمة.. إلى غير ذلك من تجليات الهروب في الكلمات، التي اصبحت قناعا للتقاعس عن الفعل. صحيح أن الفعل المطلوب في الحالة التي نحن بصددها ينبغي أن يسبقه غضب يتعين التعبير عنه بالكلمات، لكن ما اعنيه هو ابتذال الغضب وتحويله إلى قضية لغوية، يتنافس المتقاعسون في صياغتها باقوى العبارات، التي يراد لها أن تكون بديلا عن الفعل، أو توهم بأنها أداء للواجب وشروع في الفعل.

حتى أكون اكثر دقة فإن الاسترابة تحدث حين يصبح الخطر حالا والفعل مطلوبا، وحين يكون الاقدام على الفعل في مقدور المتحدث واستطاعته، الأمر الذي من شأنه أن يحقق المصلحة المرجوة في صد الخطر. وتلك أهم شرائط انكار المنكر، التي فصل فيها اهل العلم، كي يحقق الانكار مراده. وهي إذا ما توفرت فإن الفعل يغدو فريضة ينبغي عدم التحلل منها، بل يصبح الانكار باللسان أو بالقلب هروبا من أداء الواجب، وتعبيرا عن التقاعس وخيانة الأمانة.

أدري أن ثمة موقفاً كارثياً في العالم العربي، لم يجرؤ اصحابه في مناسبات عدة حتى على النطق بمفردات الادانة والاستنكار في مواجهة بشاعة الممارسات الامريكية بوجه أخص، إلا أن تلك حالة قصوى في مراتب العجز والانحطاط (هل نقول الاخصاء؟) السياسي، لا يرجى منها أمل في أي فعل. وهو موقف لا ينبغي القياس عليه، وقد يحتاج إلى دراسة منفصلة.

(2)

لا أظن أن الموضوع الذي اتحدث عنه يحتاج إلى تحرير، اذ كلنا نعيشه بدرجة أو أخرى. ذلك بأن الصواريخ الامريكية التي يطلقها “الاسرائيليون” بواسطة الطائرات الامريكية اذا كانت قد استهدفت لبنان وغزة، فإن شظاياها اصابت كل قلب عربي أو مسلم، بل كل انسان لم يمت لديه صوت الضمير. من هذه الزاوية، فإنني اضم إلى شهداء العدوان الاجرامي ذلك المدرس التونسي ابن بلدة “قفصة” التي تقع في جنوب البلاد، الذي ما إن شاهد الصور البشعة التي بثها التلفزيون لضحايا مذبحة قانا حتى أصيب بأزمة قلبية أودت بحياته. (الخبر نقلته وكالة الانباء الفرنسية في 2/8 الحالي).

في مواجهة خطر من ذاك القبيل، ثمة صور متعددة للفعل المرتجى، بعضها تنهض به الحكومات، والبعض الآخر تسهم به الشعوب من خلال قواها الحية. فالحكومات العربية مثلا تملك اوراقا وخيارات عدة، حدها الاقصى يتمثل في المشاركة في القتال إعمالا لاتفاقية الدفاع المشترك. ثم ان هناك خيارات اخرى من قبيل ممارسة الضغط السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية واعلان المقاطعة الاقتصادية مع تجميد العلاقات وسحب السفراء إن وجدوا (فعلها الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز أكثر الله من امثاله نيابة عنا!). من تلك الخيارات ايضا ممارسة الضغط الاقتصادي سواء بوقف ضخ النفط أو سحب الارصدة والودائع في بنوك الدول المشاركة في العدوان، أو التحول من الدولار إلى اليورو في المعاملات المالية... الخ.

لم يحدث شيء من ذلك كله، حيث استبعد الحد الاقصى لاسباب ربما كانت مفهومة، كما استبعدت الخيارات الاخرى لاسباب غير مقنعة وغير مفهومة، الأمر الذي حصر رد الفعل الرسمي العربي في نطاق الاقوال لا الافعال، وهو ما استقبل بدرجات متفاوتة من التنديد والاستهجان. غير أن موقف منظمات المجتمع المدني التي تقاعست بدورها عن أي فعل جاد، ظل مسكوتاً عليه، رغم أنه يستحق اكثر من التنديد والاستهجان، على الاقل لأن تلك المنظمات تملك خيارات أوسع بكثير مما هو متوفر للحكومات.

(3)

إذا سألتني: ماذا بوسع منظمات المجتمع المدني أن تفعل؟ فردي أنها باعتبارها كيانات اهلية طوعية، تعبر عن اشواق الناس وتنمي روح المشاركة والتضامن بينهم، يفترض أن تقوم بدور في تحريك المجتمع وتعبئته لأجل النهوض به والدفاع عن مصالحه.

في الحالة التي نحن بصددها، فإن تلك المنظمات اذا عبرت حقا عن ضمير المجتمع وحسه العام، يتعين عليها ان تتحرك بافعالها على ثلاث جبهات، أولاها الانتصار للمقاومة وحث الجماهير على الاصطفاف إلى جانبها. وثانيتها فضح العدوان وتعبئة الرأي العام في الداخل والخارج ضد جرائمه، وثالثتها مساندة الشعبين اللبناني والفلسطيني وتقديم ما تستطيعه من عون لهما.

تحت هذه العناوين هناك العديد من المهام والتكاليف، التي يمثل التطوع الى جانب المقاومة حدها الاقصى، في حين يمثل الدعاء لرجالها بالثبات والفوز حدها الأدنى. والمسافة بين هاتين المرتبتين تتسع لقائمة طويلة من المهام، من بينها الدعم المالي والمقاطعة الشاملة على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، والاحتجاج بالتظاهر والاعتصام خصوصا امام السفارات المتواطئة في العدوان، ومطالبة الحكومات وكل المؤسسات بقطع علاقاتها مع “اسرائيل”، واستخدام وسائل الاتصال الحديثة في فضح جرائم العدوان وتعميم وقائعها البشعة على العالم.. الخ (للعلم: ثمة موقع “اسرائيلي” على شبكة الانترنت باسم ايش (معناها الثأر) اطلق في 27/7 قائمة تضمنت الاعلان عن 54 طريقة لنصرة “اسرائيل”، استخدمها نشطاء مصريون لنصرة حماس وحزب الله، كما ذكر موقع “اسلام أون لاين”). اذا تساءلنا: ما الدور الفعال الذي قامت به منظمات المجتمع المدني في مواجهة العدوان؟ فردي على السؤال كالتالي: اذا استثنينا جهودا استثنائية مثل التي قام بها وفد اتحاد الاطباء العرب في بيروت، او ما قام به بعض الغيورين في مجال الاغاثة، فلعلي لا ابالغ اذا قلت إن تلك المنظمات حققت فشلا ذريعا في القيام باي فعل جاد يترجم الشعور الشعبي الجارف المستنفر ضد العدوان والمتضامن مع اللبنانيين والفلسطينيين. ذلك أن مواقف الاغلبية الساحقة من تلك المنظمات في أحسن فروضها ظلت تتحرك في دائرة الاقوال دون الافعال لماذا؟ عندي في تفسير ذلك عدة اسباب في مقدمتها ما يلي:

* إن تلك المنظمات التي نراها على سطح المجتمع العربي مجرد كيانات نخبوية، لا جذور لها ولا امتداد في الشارع العربي. ان شئت فقل انها مجرد رؤوس لا قوام لها ولا أجسام.

* إن الاغلبية الساحقة من تلك المنظمات تعتمد على التمويل الاجنبي، الامريكي والاوروبي. والممولون لم يقصدوا وجه الله بما يقدمونه، ولكن لهم حسابات ومصالح و”اجندة” خاصة، ليس من بينها بطبيعة الحال دعم المقاومة والانتصار لها. والمنظمات الحريصة على استمرار التمويل لا بد أن تراعي ذلك الاعتبار.

* لأنها لم تخرج من رحم المجتمع، وانما اكتسبت شرعيتها من اجازة السلطة لها، فإن بعض تلك المنظمات راعت حذر الحكومات في تعاطيها مع الملف، ولم تشأ أن تبتعد عن الخط الرسمي، حتى لا تخسر رضى الحكومات. آية ذلك مثلا أن عضوا بارزا بأحد مجالس حقوق الانسان في مصر انفعل بالمشهد، فأعد في وقت مبكر بيان إدانة للعدوان “الإسرائيلي” على لبنان، ولكن رئيس المجلس فضل عدم اصدار البيان، لأنه بدا متجاوزا لسقف الموقف الرسمي وقتذاك.

* لأن أغلب القائمين على تلك المنظمات من الماركسيين السابقين أو من أصحاب التوجه العلماني، الذين لهم حساباتهم الأيديولوجية المخاصمة للتوجه الإسلامي، فإن هذه الخلفية افقدتهم الحماسة للانتصار للمقاومة في لبنان وفلسطين، حتى لا يسهم ذلك في تعزيز موقف حزب الله وحركة حماس. وهو موقف اتسم بقصر النظر وضيق الأفق، لم يختلف في شيء عما فعله نظائرهم من المتدينين، الذين دعوا إلى بطلان نصرة المقاومة اللبنانية. بحجة أن عناصرها من “الشيعة الرافضة”!

(4)

إذا احجمت الحكومات عن الفعل، فلماذا لا يتقدم المجتمع ويتحمل مسؤوليته؟ لماذا لا نشهر نحن سلاح المقاطعة الاقتصادية والثقافية في وجه المعتدين، لكي نبعث إليهم برسالة موجعة مسكونة بالاحتجاج والغضب؟ وإذا كان بعض الأمريكيين قد طالبوا بمقاطعة أنواع الاجبان والنبيذ المصنعة في فرنسا، لمجرد أنها عارضت في البداية فكرة غزو العراق التي اصرت عليها واشنطن، فلا اقل ونحن نشهد قتل شعبنا من أن ندعو إلى مقاطعة القتلة ومن لف لفهم. هكذا قلت لبعض الناشطين المصريين، مضيفاً أن المسألة تحتاج إلى دراسة تتخير مجالات وسلعاً بذاتها توصل الرسالة، لكنني اتحدث عن الفكرة، التي طبقت بنجاح في مسألة الرسوم الدنماركية التي أهانت نبي الإسلام.

لا تفوتني في هذا الصدد ملاحظة أن درجة الغضب الشعبي في العالم العربي والإسلامي بسبب الاعتداء على كرامة النبي عليه الصلاة والسلام كانت اعلى منها في حالة الاعتداء على كرامة البشر في لبنان وفلسطين. وهي ملاحظة تكشف عن وجه آخر لأزمتنا، يضيف القصور في الوعي الديني، إلى جانب الفتور والعجز اللذين رصدناهما بحق منظمات المجتمع المدني.

أعني بالقصور في الوعي ذلك التهوين من شأن كرامة الإنسان، عند المتدينين، الذين حصروا الغيرة والقداسة في نطاق القيم العقيدية والأخلاقية دون غيرها، في حين أن المرجعية الإسلامية أعلت كثيراً من شأن كرامة البشر، حتى إن الآية (217) في سورة “البقرة” التي حرمت القتال في الشهر الحرام، استثنت حالة قهر المسلمين بإخراجهم من ديارهم، واعتبرتها موجبة للقتال، لأن كرامة المسلمين اعلى مقاماً عند الله من كرامة ذلك الشهر.

عبر عن ذات المعنى القول المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام في هجرته من مكة للمدينة، حين نظر إلى الكعبة ونقل عنه قوله إن دم المسلم أعظم درجة عند الله منك.

مثل هذا القصور في الفهم كثيراً ما ندد به الشيخ محمد الغزالي في العديد من كتبه، ومن العبارات النفاذة التي اوردها في هذا الصدد قوله إن شرف البنت تراق من أجله الدماء في بلاد المسلمين، اما العدوان على شرف الأمة فإنه لا يحرك فيها ساكناً.

إن جماهيرنا معبأة بطاقة عالية من الحماس للمقاومة، التي اعادت إلى الشارع العربي الشعور بالثقة والعزة. وهي الحماسة التي نطمئن إليها ونراهن عليها، وإن احتاجت إلى استثمار وترشيد. وقد وقعت على صدى لها في أكثر من واقعة بليغة الدلالة، آية ذلك أنني شاهدت في القاهرة بعضاً من القراء وهم يلقون في وجه بائع للصحف بإحدى المجلات الأسبوعية التي اهانت السيد حسن نصر الله، ووصفته بالعمالة والإرهاب، وطالبوا البائع برد ما دفعوه ثمناً للمجلة بعدما فقدوا احترامهم لها، على صعيد آخر، قرأت في صحيفة “مصر اليوم” أن اثنين من خطباء الجمعة في مدينة بورسعيد عرَّضا بالسيد حسن وبحزب الله لأنهم من “الشيعة الرافضة”، فوقع المصلون عريضة طالبت بعزل احدهما، في حين قام أقرانهم بالاعتداء على الثاني بالضرب.

إن مشاعر الحماسة الجياشة التي تعمل في الشارع العربي إذا لم تستثمر في اوعية للفعل البناء، فإنها قد تجد تصريفها في ردود افعال كثيرة غير محسوبة.

* نقلا عن صحيفة " الاهرام" المصرية

http://www.alarabiya.net/Articles/2006/08/08/26418.htm


تحياتي..
صورة

وجدانُ الأمةِ
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 619
اشترك في: الثلاثاء فبراير 01, 2005 11:50 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة وجدانُ الأمةِ »

* إن الاغلبية الساحقة من تلك المنظمات تعتمد على التمويل الاجنبي، الامريكي والاوروبي. والممولون لم يقصدوا وجه الله بما يقدمونه، ولكن لهم حسابات ومصالح و”اجندة” خاصة، ليس من بينها بطبيعة الحال دعم المقاومة والانتصار لها. والمنظمات الحريصة على استمرار التمويل لا بد أن تراعي ذلك الاعتبار.
قوي صح..هذه النقطة لمستها عندما كنا نحضر مع منظمات المجتمع المدني للاعتصام أمام مبنى الأمم المتحدة....إحدى المنظمات كانت رئيستها مفزوعة جداً من كلمة ( مقاطعة) الامريكان..وقالتها بصراحة نحن منظمات مجتمع مدني ولا يمكن أن نقاطع..وطبعا الإشارة كانت للتمويل..
لطالما اتهمت بالتطرف في مقاطعتي والتي من ضمنها مقاطعتي للمشاريع الممولة أمريكياً ..ولكن ألا يدل مثل هكذا موقف أن التمويل سيطرة!!...إذا كانت منظمات المجتمع المدني تتحرج من اتخاذ المواقف بسبب التمويل والمصالح المشتركة..فسلام الله على الحكومات..ولا حول ولا قوة إلا بالله..!

مقال رائع جداً...صادق فعلاً ودقيق..وفيه أكثر من لفتة ذكية ومهمة مثل:
لا تفوتني في هذا الصدد ملاحظة أن درجة الغضب الشعبي في العالم العربي والإسلامي بسبب الاعتداء على كرامة النبي عليه الصلاة والسلام كانت اعلى منها في حالة الاعتداء على كرامة البشر في لبنان وفلسطين. وهي ملاحظة تكشف عن وجه آخر لأزمتنا، يضيف القصور في الوعي الديني،
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشـؤون العربيـة والعالمية“