رأي المعتزلة في الجن للشيخ أمين ذياب

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

رأي المعتزلة في الجن للشيخ أمين ذياب

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

بسم الله الرحمن الرحيم
رأي المعتـزلة في الجن

· موضوع تأثير الجن في تغيـير حقائق الأشياء ، ينكره الإسلام ، وما هو موجود منه بأن أُدخل في حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي تفسير بعض آيات القرآن الكريم هو مجرد استعارة من الفكر اليهودي والفكر النصراني 0
· ليس هناك من مشكلة ، أو إشكالية ، في الإيمان بوجود عالم الجن عند المسلمين ، وأي زعم أو قول : أن بعض مدارس الفكر الإسلامي كالمعتزلة ، تنكر وجود الجن لا حقيقة له 0

· قضية الجن ، قضية ذات وجوه متعددة هي : ـ

1. الإيمان بوجود الجن ، وهذا الأمر لم يختلف فيه المسلمون أي اختلاف 0

2. إمكانية التواصل مع الجن ـ عبر أي واحدة من الحواس ـ وهذا ما ينكره المعتزلة إنكاراً تاما ، لقوله تعالى : (( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم * )) ولقوله تعالى في سورة الجن : (( قل أُوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن )) فما أوقحَ ! من يدعي أنه يراهم ، أو يسمعُهم ، مع أنَّ نبي الهدى لم يرهم ، ولم يسمعهم ، كما هو منطوق القرآن الكريم 0

3. قدرة الجن على التأثير في حياة الناس ، خاصة في موضوع المرض والشفاء منه ، وهذا ما ينكره المعتزلة أيضاً 0

4. إمكانية تسخير الجن من قبل بعض الناس ، وهذا ما ينكره المعتزلة ، لكن المعتزلة تؤمن إيمانا لا ارتيابَ فيه ، بما ورد في القرآن الكريم من تسخير الجن لسليمان عليه السلام ، بقدرة الله ، على سبيل المعجزة الخاصة بسليمان ، والمعجزة لا تتكرر ، إذ أي تكرار لها يسحب عنها برهان المعجزة ، حتى لنفس النبي صاحب المعجزة ، إذ التكرار يقدم شبهة ، وهي أن من ظهرت على يده أكثر من مرة ، إنما يدرك سرا علميا فيها يعرفه هو ، ولذلك استطاع إظهارها مرة أخرى ، فالحكيم الخبير لا يجعل معجزاته لأنبيائه موضع الشبهة 0

5. إمكانية معرفة الجن الغيبَ، وهذا ما ينكره المعتزلة ، والقرآن الكريم أنكر ذلك بوضوح قال تعالى : (( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلاَّ دابةُ الأرض تأكل منسأته فلما خرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين )) فالجن لا يعلم الغيبَ كُلاً أو بعضاً ، فها هم في زمن سليمان مسخرون على خلاف طبيعتهم ، في أشد الشوق للعودة لطبيعتهم ، ويموت سليمان وهم يشاهدونه قائما ، ولا يعلمون أنه ميت 0

6. وجود قدرة للجن للتحول ، أو التمثل بالناس ، أو الحيوانات ، لا حقيقة له ، وليس عليه دليلٌ ، بل هذا الأمر مجردُ إدِّعاء ، إذ كلمة الجن تعني الستر ، أي عدم الظهور ، والمشاغبة بأحاديث الآحاد ، لا ينهض دليلا لوحده ، فكيف إذا تعارض مع القرآن الكريم ! ؟

7. إمكانية التـزاوج بين الجن والإنس ، والآية : (( فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * )) فليس في الآية دليل على التـزاوج ، ذلك أنَّ الآية لم تأت لهذا الموضوع بل وردت لموضوع آخر ، هو إثبات العذرية وتأكيدها ، وعليه لا بد من ملاحظة التركيب القرآني (( لم يطمثهن إنس قبلهم )) فنفى طمثٌ ممكن ، وهو طمث الأنس ، ثم أضاف الطمث المستحيل ، بفاصل بين الإنس والجان ، وهو الظرف [ قبلهم ] ، فالنفي متوجه للطمث ، ولا يستدل بدليل الإشارة ، على إمكانية الطمث من الجن ، إذ لو كان ذلك هو المراد ، لكان من الضروري عدم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، أي لكان النص [لم يطمثهن إنس ولا جان قبلهم ] ولم يأت الفصل للغرض البديعي ، ذلك أنَّ البديع في القرآن تابع للمعنى ، وليس هو الغرض ، ومن يقل بذلك فإنه يتهم القرآن في أسلوبه ، ومن هذه الدراسة يتبين استحالة طمث الجن للإنس ، دنيا ، وآخرة 0

8. إنَّ الحيات ليست من الجن ، لا جنساً ، ولا تمثلاً ، واستعمال اسم الجان للحية ، أو بالحقيقة لنوع معين من الحيات ، وهي الحيات الرفيعة السريعة الحركة ، وهي بالتالي لا تستقر بمكان ، فإن الاسم جاء لها من العرب على سبيل التوسع ، أي المجاز ، لتشابه بينها وبين الجن ولذلك فالحية التي في البيت أيام بيوت الطين ، لا علاقة لها باسم الجن ، إذ يقال لها في اللسان العربي عامر ، وعامرة ، قيل سميت عوامر لطول عمرها ، ولا عبرة في النص من نصوص الحديث المرفوعة لرسول الله ، ومتنه : [ إنَّ لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فخرجوا عليها ثلاثا ] فالحديث حديث آحاد ، ولا يقبل بأمور إيمانية ، هذا من جهة ، ومن وجه آخر مسألة تطبيقه ، فالعجب من القائلين بصحة هذا الحديث ، مع الامتناع عن تطبيقه في حياتـهم ، إذ من المعلوم من حالهم أنـهم يسارعون إلى قتل حيات البيوت ، مباشرة دون تخريج عليها 0

9. إنَّ الجن في حالة عجز مزرية ، فلا يمكنه إمراض أحد ، أو شفاء مريض ، أو قتل فرد من الأحياء ، أو إحياء ميت ، أو نقل ريشة دجاجة من مكان إلى آخر ، إن كل ما سبق من حيث هو نظام كوني ، فهو لرب العالمين ، فلا بد من الإيمان بأنـها فعل القادر الذي لا يعجز وليست فعل القادر بقدرة ، ولا بد أن يعلم أن الفعل الذي تم على يد الأنبياء ، من مثلها فهي من الله تعالى لنبي ، وهي معجزته ، وهي الشهادة لصدق النبي في دعواه ، أما الإنسان المستخلف ، وهو قادر بقدرة تَـمْكِينِـيـَّةٍ ، ومن المعلوم أنَّ في الكون ظواهرَ سببية ، فمن عرف الأسباب ، فهو ممكن من استخدامها ، وإظهار الظاهرة الكونية ، سواء في الطبيعة بالقانون السببي الصارم ، أو في الإنسان باستعمال سنن النفس والآفاق ، أمَّا قدرات الأحياء الأخرى أو العوالم الأخرى ، فهي قدرات مختلفة عن قدرة الإنسان اختلافاً كلياً ، فقدرات الإنسان ملائمة لكونه مستخلفا 0

10. الجن ليس مستخلفا ، فهو عاجز عن استعمال الأشياء ، أو تغيير حقائقها ، أو تشكيلها أو تصنيعها ، أو نقلها من مكانها إلى مكان آخر ، والعفريت من الجن الذي قال للنبي سليمان (( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أنْ تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) فهو لم يقل ذلك بسبب القدرة الذاتية له ، بل بسبب المعجزة ، وهي تسخيرهم للنبي سليمان ، قال تعالى : (( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون )) الآية مصرحة بأنواع ثلاثة من الجنود للنبي سليمان ، من الجن ، والأنس ، والطير ، و [ من ] هنا للتبعيض أي بعضا من الجن ، وبعضا من الإنس ، وبعضا من الطير ، وعلى فرض أنـها للبيان ، فهي لا تفيد الاستغراق لكل الجنس ، بل مجرد طائفة من الجنس ، وأُضيف إلى ما خص الله سليمان به مظهر واحد من مظاهر الطبيعة هو الريح ، وهؤلاء الجند المـحشورون هم فاعلون بقدرة الله القادر ، أي أنَّ الأمر معجزة ، ومثل ذلك الريح المسخر 0

11. أنَّ الخواص التي عليها الجن هي : 1- رؤيتهم للناس من حيث لا يمكن للناس أن تراهم أفرادا أو جماعات قال تعالى : (( أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونـهم )) وحرف [من] الزائد ورد لتوكيد عدم رؤية الناس للجن ، بأي حال من الأحوال 2- إنـهم يستمعون لكلام الناس ، ولكن الناس لا تسمع منهم ، ولا تستمع إليهم ، قال تعالى في صدر سورة الجن : (( قد أوحي إلى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنَّا سمعنا قرءاناً عجبا )) فالقرآن ينص بـمنطوقه : إنَّ علم استماع الجن للقرآن ، إنما أخبر به الرسول محمد وحياً ، ولم يعلمه مشاهدة ، ولا معاينة ، أي لم تقع عليهم رؤية العين ، وهذا رد واضح بين على من يزعم أنه يَسمعُ الجن وَيُسْمِعُهُم ، فالرسول لم يحصل على هذه الخصيصة 3- ليس للجن سلطان على أحد من البشر ، وسلطان الجن على البشر يكون على من رضي باختياره متابعته ، أي بارتكابه من ذاته ، وبناءاً على دوافعه ، ووفق رأيه ومباشرته للفعل بكل اختيار ، أعمال المعاصي والفسق ، والكفر ، فالجن غير متمكن ، وفاقد للاستطاعة بإجبار أي واحد من البشر على معتقد أو مسلك ، وهذا ما يصرح به القرآن واضحا جلياً ، بلا لُبْس أو غموض ، قال تعالى : (( وقال الشيطان لما قضي الأمر إنَّ الله وعدَكُم وعْدَ الحق ووعدْتُّكم فأخلفتُكم وما كان لي عليكم من سلطان إلاَّ أنْ دعوتكم فاستجبتم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم ولا أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبلُ إنَّ الظالمين لهم عذاب أليم ))

12. الجن لا يدخل جسم الإنسان ، ولا يقدر على لمسه ، ولا يدخل عقل الإنسان ، أو دماغه أو قلبه ، أو صدره ، أو أي جزء من جسم الإنسان ، فالجن عالَمٌ مفصولٌ تمام الفصل عن الإنس ، في كل أمر ، الجن يوسوس للناس ، الجن يزين المعصية للناس ، ليس بمقدور البشر معرفة الكيفية ، التي تجري فيها الوسوسة والتزيين ، ولهذا لا ضير من القول أنَّ الشيطان يباشر فعلاً الوسوسة والتزيين ، على شرطين : الأول : أنَّ موضوع كيفية ذلك غير معروف ، الثاني أنـهما ـ أي الوسوسة والتزيين ـ ليسا سبب العدول عن الاستقامة ، بل عدل الإنسان عنها من ذاته ، فلا يلومَنَّ غير نفسه ، وإنْ قال أحد : أنَّ الوسوسة والتزيين وردتا على سبيل التخييل ـ أي كأنَّ الإنسان وقد واقع المعصية والفسق والكفر ـ كأنه جعل الشيطان قائده ومرشده وهاديه ، مع أنه هو الذي قاد نفسه ، ودلـها وسار بـها إلى ما فيه هلاكها أي تحقق منه السير في درب الشيطان ، والتخييل ورد في القرآن كثيرا ، والتخييل غير الخيال أو التخيل ، إذ التخيل متعلق بالظن والوهم ، وهما متعلقان بعدم التحقق من الوجود ، وليس عدم وجود الواقع مطلقأ ، بينما التخييل متعلق بالتصوير الفني في القرآن ، وهو واحد من الأساليب البيانية المركبة العالية ، أنظر قوله تعالى أول آية في سورة الأنبياء (( اقترب للناس حسابـهم وهم في غفلة معرضون )) فهل يقترب الحساب على الحقيقة والواقع ؟ هل الحساب في حالة قدرة على الاقتراب ؟ أم هو التخييل ، وهو هنا إلباس المعنويات ثوب الحسيات ، أي التعامل مع أسماء المعاني ، وكأنـها كيان حي ، يجري عليه ما يجري على الأحياء ، ثم في استعمال الفعل المزيد بالألف المهموز ، والتاء ، بدلا عن الفعل المجرد [قرب] ألا يعني هذا وجود تخييل في أساليب القرآن ؟ وعند كَسَلِ عَقْلِ واحد من الناس عن فهمه لأنه صاحب عقل حسي ، مثل عقل اليهود من بني إسرائيل ، هل يعني عدم وجود التخييل ؟0

13. أنَّ الكارثة التي تلف الأمة ، وتجعلهم يسلكون دائما درب التيه والضياع ، هي جرأة متصنعي التقوى ، وَطَلَبَةِ الرئاسة ، ممارسي الاحتيال ، أهل اللسان اللسن الذَّرِب على قول الباطل ، وفحش القول ، دون فهم ، أو علم ، أو تقوى ، ضد المعتزلة ، وضد الزمخشري مع أن المعتزلة لم تُعْطِ لعلمائها صورة المعصوم ، أو الذي لا يقع منه الخطأ ، وهذا أمر معلوم لكل الدارسين للتراث الإسلامي ، فالتخييل من أهم التعبيرات في القرآن الكريم ، وبه تتجلى حقيقته الإعجازية ، فعدم الذهاب إلى إثبات التخييل ، جعل الجماعة الحسية في مفهوم علاقة الجن بالإنسان ، تقتل أكثر من بريئ أثناء محاولة إخراج الجن منه ، على حد زعمهم 0
14. لا يستطيع أيٌّ أن يحسم موضوع علاقة الجن بالإنس ، ولكنه قادر على تكوين فكرة تأصيلية ، يَبْني الفروع عليها ، والفقرة 11 من هذا البحث أصلت للموضوع ، فقارئ القرآن في موضوع ، بعد أن ينفي ما نفاه القرآن ، سيجد نفسه وكأنه أمام قضية غير محسومة وهذا اشتباه في ذهنه ، وليس بسبب النص ، سيواجه في موضوع التزيين والوسوسة ، إما أن يثبت مباشرة الشياطين من الجن التزيين والوسوسة مع الإقرار بالعجز ، عن إدراك كيفية هذه المباشرة ، مع معرفة أن الشيطان فاقد للسلطان على الإنسان ، من استجاب له ، ومن لم يستجب ، فكلاهما سار مساره بطوعه واختياره من قبل نفسه لا من غيرها ، أو لا يثبت هذه المباشرة ، ويرى أنـها وردت في القرآن وفق المباني والمعاني التي عند الناس بصفة أنـهم أهل العربية ، والقرآن عربي المفردات والتراكيب والأسلوب ، وإنساني المعاني ، فالفرد من العرب بل من الجنس الإنساني ، يسند انحرافه إلى غيره دفاعا عن الذات ، فالقرآن لم يخرج عن أسلوب العرب بالتعبير ، وإذ الأمر متعلق بالذات والدفاع عنها ، بإسناد الانحراف إلى الغير فبدلا من الصدام المباشر مع الذات ، عمد الأسلوب القرآني إلى الصدام مع الانحراف ، وهنا يتجلَّى بصورة واضحة الفهم العميق لانفعالات النفس الإنسانية ، قال تعالى (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاَّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنـهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * )) يلاحظ في هذه الآية تمام مسؤولية آكل الربا عن فعله ، وأنه في محل القدرة على مجانبة العمل الربوي ، فمس الجن له ليس على الحقيقة وليس مسوغا له لأكل الربا ، فلماذا ذكر القرآن المس والتخبط ، فإن كان هناك مس فعلا فليس في مقدوره دفعه ، فكيف يقيم القرآن تماثلا بين واقعين مختلفين ؟ واقع في مقدور البشر تركه أو فعله ، وواقع ليس في مقدور البشر في أي حال من الأحوال ، لا بد أن يكون التماثل في ناتج فعل حسي ، وناتج فعل معنوي ، الناتج هو التخبط المعنوي عند آكل الربا ، في أكله الربا ، أو في الدعوى أنَّ البيع مثل الربا ، والتخبط الحسي عند المريض في الجنون ، مع الإدراك بأن الجنون ليس مرضا يحدثه الجن بالقدرة الذاتية ، أو بالتقدير أي بخصائص النظام الكوني ، والقرآن يذكر مس الشيطان على مقتضى اللسان العربي ، وليس على الإقرار بواقع المس ، وإثبات علاقة بين الجن والإنس هي مجرد زعم للعرب ، لا حقيقة له ، والقرآن لا يمكن أن يخرج عن مواضعة العرب في كلامهم ، ولكنه يصحح مفهوم الكلمات ، أو أنْ يقال : إنَّ آكلي الربا يقع منهم مثل ما يقع من المريض بالجنون ، يوم القيامة في الـمحشر لكشف سريرتهم أمام الخلق إن سورة الناس وفيها (( الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس )) إنَّ الآية الأولى أثبتت الوسوسة في صدور الناس ، والآية التالية لها أثبتت نوعين من فاعلي الوسوسة في الصدر ، هما : الجنة ، والناس ، ومعلوم مشاهدة أن الناس لا تدخل الصدور ، فالجن المقترن مع الإنس ، يوسوس دون دخول الصدور ، فالمس ، والجريان مع مجرى الدم والعروق ودخول الصدور / كلها على المعنى ، لا على الواقع 0
15. الإيمان بوجود الجن ليس من الإيمان بالغيب ، بل هو من الأيمان بالخبر ، والخبر الذي يصلح دليلا للإيمان ، هو الخبر الذي ثبت عقلا أنه خبر الصادق ، الذي لا يكذب ، وأنَّ المعنى الذي يدل عليه النص مقطوع به ، أنه على هذا المعنى ، أي الخبر القطعي الثبوت ، القطعي الدلالة أما الظني الدلالة ، فيكون القول في فهمه مجرد رأي ، وفهم ، فيتأتى فيه وجود الفهم المناقض له ، وأمَّا الظني الثبوت كحديث الآحاد ، فيحرم بناء الإيمان عليه ، ويجوز مجرد قبوله والتسليم مجرد تسليم بموضوعه ، أي عدم تصديقه على سبيل الجزم ، هذا إن لم يكن في حالة تعارض مع القرآن الكريم ، ومثل هذا الخبر لا يَرِدُ تعارضه مع العقل ، لأن موضوعه لا يقع تحت العقل ، أما إنْ كان موضوعه في عالم الشهادة ، كحديث سجود الشمس في غيابـها تحت العرش ، فهذا يُرَدُّ عقلاً 0

16. إنَّ أحاديث الجن التي وردت في أمهات كتب الحديث ، وفي غير الأمهات ، كلها بلا استثناء ، في محل التعارض مع القرآن الكريم ، فالواجب ردُّها ، ومن لم يَرُدَّها وجعَلها من إيمانه فإنَّه يكون قد أقام إيمانا على الأسطورة ، لا على الخبر الظني ، إذ الخبر الظني ، لا بد أن لا يعارض القرآن ، ولا يعارض المعقول الحسي ، وليس فيه دعوة لقبول الجور ، ولا ينافي التنـزيه ، أي لا بد أنْ يكون موضوعه ممكن على الاحتمال 0

17. من غرائب هذا الزمان ، أن البعض يكتب ـ ليثبت الاتصال بالجن ـ ما يلي : ـ [ وإنَّ من الناس من رآهم ، وكلَّمهم وكلَّموه ، وقد ثبت ذلك بالخبر اليقين !!!! ويواصل [ س ] كلامه : حتى أنَّ من الناس من يأمرهم ، وينهاهم ، ويتصرف بـهم !!!! ثم يقول : ـ ومن الناس من يخدمون الجن ، ويخدمهم ، ويلعب بهم لعب الصبيان بالكرة ، ولا ينكر وجودهم رؤية بعض الناس الصالحين والطالحين لهم ، إلاَّ أولئك الذين لا يؤمنون بالغيب ، (( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد )) ]

من الجدير بالذكر أثناء قراءة الفقرة 17 ، لأكثر من مرة أنَّ [ س ] يعمد إلى تأكيد رؤية الجن والكلام معهم وأنها ثابتة بالخبر اليقين ، هل المراد بالخبر اليقين خبر القرآن الكريم ؟ إنْ كان المراد ذلك ، فالقرآن نفى نفياً مؤكداً إمكانية رؤية الجن ، والنص قطع بالمنطوق عدم رؤيتهم 0

الخبر اليقين هو قول المتقولين ، فكيف تبلغ بـهم الجرأة على مخالفة القرآن الكريم ؟ لماذا بُتِرَتْ الآيةُ المستشهد بـها من أولها ؟ فالله تعالى يقول : (( افترى على الله كذبا أم به جنة 000 الآية )) فالآية متعلقة بمن أنكر البعث ، فكيف حولها العابثون بالقرآن الكريم عن موضوعها من جهة ، وكيف جعلوا وعيدها للذي يجعل القرآن أساسا ـ يهتدي به في موضوع الجن أو أي موضوع آخر ـ من مواضيع الإسلام ؟ 0

تلك هي مقتطفات ، حول موضوع الجن ، تـهدف إلى فتح جدال حقيقي ، لبناء الإيمان الإسلامي على المرتكزات الصحيحة ، لا على الأسطورة ، أمَّا الأحاديث التي يأتي بـها المدعون الاتصال بالجن ، أو المسَلِّمُون بذلك ، وبقدرته على التأثير على الإنسان ، فهذه الأحاديث محل الرد ، لمعارضتها للقرآن ، أما إذا استند الأمر إلى الأسطورة ، فهي الكارثة المزدوجة ، التي يعاني منها المجتمع الآن من احتيالات ، وشعوذات ، وتصرفات ، أدت إلى إلحاق القتل والأذى ببعض الناس ، ولن يسامح الله من يفعل ذلك 0

http://mutazela.cjb.net/
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

أبو مجد الدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 294
اشترك في: الأحد ديسمبر 21, 2003 6:17 pm
مكان: الـمَـدْحِـيـَّـة
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو مجد الدين »

بارك الله فيك أخي واصل ...
* ما هو تفسير السحر إذاً عند الشيخ أمين ذياب والمعتزلة؟
* ما هو رأي الزيدية في هذا الموضوع؟
صورة


لن أنســـــــــــــــــــــــاك

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

بخصوص السحر فهناك نص للأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله في تفسيره للمعوذتين يناقش فيها خرافة سحر النبي (ص) وقد تحدث فيها عن السحر وسأضع موضوعا الآن يحوي كلام الإمام ، خاصة وأن قضية سحر النبي المزعومة مما يستخدمه النصارى في هجومهم على الإسلام .
بالنسبة لرأي الزيدية فأترك المجال لمن له علم بهذا الموضوع ، وإن كنت أعتقد أنه نفس موقف المعتزلة ، ويا ريت نعرف أيضا رأي الإمامية في اغلمسألة .
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

لم نر إجابة على السؤال حول رأي الزيدية في السحر والمس وأحوال الجن ، وكذلك رأي الإمامية .
أم أن الموجودين لا يعرفون من آراء الزيدية سوى موقفهم من الصحابة :wink:
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

عاوز كمان تستعدي علينا الجن والعفاريت!!!!
بعض الإنس جلبوا علينا الويل والثبور
لأن أراءنا لم تعجبهم في بعض الأمور
خلينا في الإنس أحسن لك ولنا
وبلاش جن
واقرأ المعوذتين

إبن حريوه السماوي
مشرف الجناح التاريخي
مشاركات: 679
اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am

الجن

مشاركة بواسطة إبن حريوه السماوي »

الأخ واصل العزيز أنا معك فيما ذكرته عن الجن وقد اطلعت على كلام للإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام وولد المرتضى محمد بن يحيى حول هذا الموضوع وهو لا يختلف عما ذكرته وسأكتب كلامهما لأني لا أريد أن أذكره بالمعنى فنصوصهما كما هي أولى وأرجو قبول مشاركتي هنا أما موضوع الصحابة وما جرى بيننا فيه وإن كنت قد شاركت فيه مؤخرا فلا يدخل ماحصل هناك هنا ونبتعد عن الحساسيات التي وقعت هناك ويراجع كل واحد منا نفسه
في ذلك والســـــــــــلام مني إليك
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح

وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح

الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه


واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

ليس هناك أي مجال لرفض مشاركتك كمسلم في قضية تهم المسلم كعقيدة وكفهم لذاته وللعالم من حوله ، وهي قضية نعاني الكثير بسببها وقد رأيت بعيني من يذهبون إلى الأديرة والكنائس للتخلص من (العفاريت) ويقوم القسيس بخداعهم وإرغامهم على السجود للصليب وقول المسيح ربي !!!!!!!!!! .
وهذا كلام قرأته للسيد حسن السقاف ذكره في متن العقيدة الذي وضعه والموجود بموقعه www.tnzih.org
الإيمان بوجود الجان : مما يجب الإيمان به وجود الجان وهم صنف من الخلق العقلاء خلق الله تعالى أصل مادتهم من النار كما خلق أصل مادة الإنسان من طين أو تراب .
وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم الجآن في آيات عديدة منها قوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان } الرحمن : 34 . وفي هذه الآية دليل على أنهم مكلفون بشريعتنا لأنَّ الله تعالى خاطبهم بهذا القرآن وتحدّاهم به كما كانوا من قبل مخاطبين بشرائع الرسل السابقين ، قال الله تعالى { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً } الإسراء : 88 . وقال تعالى : { وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلمَّا قضي ولَّوا إلى قومهم منذرين ، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدّقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم } الأحقاف : 31 .

والجآن لا يعلمون الغيب لقوله تعالى { فلما قضينا عليه الموت ما دلَّهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ، فلمَّا خرَّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين } سبأ : 14 . ، وإبليس من الجن لقوله تعالى { إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه } . والصحيح عندنا أننا لا نراهم لقولــــه تعالى { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } والأحاديث التي فيها إثبات رؤيتهم لا تثبت وبعضها في البخاري .

واستخراج الجآن من الآدميين كما يدّعيه بعض المشعوذين والمتمسلفين كذب وهو من جملة الخرافات . ويحرم إتيان العرافين والمنجمين وأصحاب الضرب بالكف ومعرفة الحظوظ ونحوهم على سبيل تصديقهم والاعتقاد
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“