سلام الله على ذلك الشعب المقاوم الكبير

أضف رد جديد
alimohammad
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 357
اشترك في: الأربعاء مارس 26, 2008 2:47 pm

سلام الله على ذلك الشعب المقاوم الكبير

مشاركة بواسطة alimohammad »

سلام الله على ذلك الشعب المقاوم الكبير

نداء الإمام الخامنئي بمناسبة موسم الحج

07/12/2008

بسم الله الرحمن الرحيم

جمعت أرض الوحي مرّة أخرى حشود المؤمنين في ضيافتها السنوية. الأرواح المشتاقة من كل أنحاء العالم عاكفة الآن في مسقط رأس الإسلام و القرآن على مناسك يعرضُ التدبّرُ فيها صورةً من الدرس الخالد الذي أعطاه الإسلام و القرآن للبشرية، و هي بحد ذاتها خطوات رمزية لتطبيق هذا الدرس و العمل به.

الهدف من هذا الدرس الكبير هو الفلاح و الشموخ الأبدي للإنسان، و السبيل إليه هو تربية الإنسان الصالح و تشكيل المجتمع الصالح.. الإنسان الذي يعبد الله الأحد في قلبه و عمله و يطهر ذاته من الشرك و الأدران الأخلاقية و الأهواء المنحرفة.. و المجتمع الذي تساهم في بنيته العدالة، و التحرر، والإيمان، و التوثّب و كل مؤشرات الحياة و التقدم.

اُدرجت في فريضة الحج العناصر الرئيسية لهذه التربية الفردية و الاجتماعية. منذ لحظة الإحرام و الخروج من دائرة المميزات الفردية و ترك الكثير من الملذات و النزعات النفسية، و إلى الطواف حول رمز التوحيد، و الصلاة في مقام إبراهيم المضحّي و محطّم الأصنام، و من الجري السريع بين الجبلين إلى الاستقرار في عرصات عرفات بين حشود الموحدين الهائلة من كل الألوان و الأعراق، و إلى قضاء ليلة بالذكر و التضرع في المشعر الحرام، و الاستئناس المنفصل لكل فؤاد بالله إلى جانب التواجد بين تلك الحشود الكثيفة، ثم التواجد في منى و رجم الرموز الشيطانية، ثم التجسيد الغزير المعاني للتضحية و إطعام المساكين و العابرين، كلها تعاليم و تمارين و ذكرى.

الإخلاص و الصفاء و العزوف عن المشاغل المادية من جهة، و السعي و الجهد و المقاومة من جهة ثانية، و الأنس و الاختلاء بالله من جهة أخرى، و الوحدة و التعاطف و الاندماج مع خلق الله من جهة، و الاهتمام بتهذيب القلب و الروح من ناحية، و الانسجام مع الجسد العظيم للأمة المسلمة من ناحية، و الخشوع في حضرة الحق تعالى من ناحية، و الصلابة حيال الباطل من ناحية، و باختصار التحليق في أجواء الآخرة من جهة، و العزيمة الراسخة لعمارة الدنيا من جهة ثانية، أحوال تحتبك ببعضها في هذه المنظومة المتكاملة و يجري تعليمها و التمرّن عليها: ( و منهم من يقول ربّنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ).

و هكذا تكون الكعبة الشريفة و مناسك الحج ركناً لقوام و قيام المجتمعات الإنسانية و خزيناً من المنافع و المصالح للبشر: ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس) و ( ليشهدوا منافع لهم و ليذكروا اسم الله في أيام معدودات).

على المسلمين اليوم من أي بلاد أو عرق كانوا أن يقدّروا هذه الفريضة الكبرى و ينتفعوا منها أكثر من أي وقت مضى، فالأفق أمام أنظار الأمة الإسلامية اليوم أكثر إشراقاً من أي زمن و الأمل في بلوغ الأهداف التي رسمها الإسلام للفرد و المجتمع المسلم أكبر من أي وقت آخر. إذا كانت الأمة الإسلامية قد ابتليت في القرنين الماضيين بالانهيار و الهزيمة حيال الحضارة المادية الغربية و المدارس الإلحادية بنمطيها اليساري و اليميني، فإن المدارس السياسية و الاقتصادية الغربية الآن في القرن الخامس عشر للهجرة قد غاصت في الوحل و مُنيت بالضعف و الانهيار و الهزيمة، و راح الإسلام في ظل صحوة المسلمين و استعادة هويته و طرح فكرة التوحيد و منطق العدالة و المعنوية، راح يبتدأ طوراً جديداً من ازدهاره و عزته.

الذين كانوا حتى الماضي غير البعيد يعزفون على وتر اليأس و القنوط، و يظنون أن ليس الإسلام و المسلمين و حسب بل حتى أساس المعنوية و التدين مما سيسحق أمام هجمات الحضارة الغربية، يرون اليوم بأعينهم نهضة الإسلام و تجدد حياة القرآن، مقابل ضعف أولئك المهاجمين و زوالهم التدريجي، و يصدقون ذلك بألسنتهم و قلوبهم.

إنني أقول بكل الثقة: إن هذا هو مستهل الأمر، و لا يزال التحقق التام للوعد الإلهي أي انتصار الحق على الباطل و إعادة بناء أمة القرآن و الحضارة الإسلامية الحديثة أمامنا: (وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ).

مؤشر هذا الوعد الذي لا يبدل في المرحلة الأولى و الأهم هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران و قيام الصرح الشامخ للنظام الإسلامي الذي جعل إيران مقراً منيعاً لفكرة السيادة و الحضارة الإسلامية. انبثاق هذه الظاهرة المعجزة في ذروة ضجيج النزعات المادية و معاداة الإسلام من قبل اليسار و اليمين الفكري و السياسي، و من ثم مقاومتها و متانتها حيال الضربات السياسية و العسكرية و الاقتصادية و الإعلامية التي توجّه لها من كل مكان، بعث في العالم الإسلامي أملاً جديداً و فجّر حماساً في القلوب. و كلما مضى الزمن ازدادت هذه المتانة - بحول من الله و قوة - و تأصّل ذلك الأمل أكثر. طوال العقود الثلاثة التي مضت على هذا الحدث كان الشرق الأوسط و البلدان المسلمة في آسيا و أفريقيا ساحة لهذا النزال المنتصر. فلسطين و الانتفاضة الإسلامية و قيام الحكومة الفلسطينية المسلمة، و لبنان و الانتصار التاريخي لحزب الله و المقاومة الإسلامية على الكيان الصهيوني المستكبر السفاح، و العراق و تشكيل حكومة شعبية مسلمة على أنقاض نظام صدام الدكتاتوري الملحد، و أفغانستان و الهزيمة الذليلة للمحتلين الشيوعيين و نظامهم العميل، و هزيمة و إخفاق كافة المشاريع الاستكبارية الأمريكية للسيطرة على الشرق الأوسط، و المشكلات و الاضطرابات المعضلة داخل الكيان الصهيوني الغاصب، و اتساع تيار النزعة الإسلامية في معظم أو جميع بلدان المنطقة و خصوصاً بين الشباب و المثقفين، و التقدم العلمي و التقني المذهل في إيران الإسلامية رغم الحظر و الحصار الاقتصادي، و اندحار مؤجّجي الحروب في أمريكا في الميادين السياسية و الاقتصادية، و الشعور بالهوية و التميّز لدى الأقليات المسلمة في غالبية البلدان الغربية، كلها مؤشرات جلية على انتصار الإسلام و تقدمه في نزاله مع الأعداء خلال هذا القرن أي القرن الخامس عشر للهجرة.


أيها الإخوة و الأخوات، كل هذه الانتصارات إنما هي حصيلة الجهاد و الإخلاص. حينما سُمع صوت الله من حناجر عباد الله، و حينما نزلت همم المجاهدين في سبيل الحق و قواهم للساحة، و عندما عمل المسلم بعهده و ميثاقه مع الله، حقق الله العليّ القدير وعده و تغيّرت مسيرة التاريخ: ( أوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم)، ( إن تنصروا الله ينصركم و يثبّت أقدامكم )، (و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )، ( إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا في الحياة الدنيا و يوم يقوم الأشهاد ).

هذه لا تزال بداية الطريق، و لا تزال أمام المسلمين منعطفات صعبة. و اجتياز هذه المنعطفات غير ميسور من دون الإيمان و الإخلاص، و الأمل و الجهاد، و البصيرة و الصبر. باليأس و التشاؤم، والإهمال و ضعف الهمم، و بالتسرع و عدم الصبر، وبسوء الظن بصدق الوعود الإلهية لن يمكن قطع هذا الطريق.

حشد العدوّ الجريحُ و سيحشد كل قدراته في الساحة. ينبغي أن نكون يقظين عقلاء شجعاناً واعين للفرص. في هذه الحالة ستعود كل مساعي العدو مخفقةً فاشلة. في هذه الأعوام الثلاثين تواجد العدو - أي أمريكا و الصهيونية غالباً - في الساحة بكل قدراته التي استطاع استخدامها، لكنه فشل، و سيكون الحال كذلك في المستقبل أيضاً إن شاء الله.
شدة عمل العدو تدل على ضعفه و عدم تدبيره في الغالب. لاحظوا الساحة الفلسطينية و غزه على وجه الخصوص. تصرفات العدو القاسية الفظّة في غزه و التي نادراً ما شهد لها تاريخ الظلم البشري مثيلاً علامة ضعفه في التغلب على الإرادة القوية لأولئك الرجال و النساء و الشباب و الأطفال الذين وقفوا بأيدٍ عزلاء أمام الكيان الغاصب و حاميته - أي القوة الأمريكية الكبرى- و وضعوا طلبها بالإعراض عن حكومة حماس تحت أقدامهم.

سلام الله على ذلك الشعب المقاوم الكبير

لقد فسّر أهالي غزه و حكومة حماس هذه الآيات القرآنية الخالدة: ( و لنبلونّكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون ) و ( لتبلونّ في أموالكم و أنفسكم و لتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و من الذين أشركوا أذىً كثيراً و إن تصبروا و تتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ).

لن يكون النصر النهائي في معركة الحق و الباطل لسوى الحق، و إنه الشعب الفلسطيني المظلوم الصبور الذي سينتصر أخيراً على العدو ( و كان الله قوياً عزيزا ً). اليوم أيضاً و فضلاً عن الإخفاق في دحر مقاومة الفلسطينيين، نزلت بسمعة النظام الأمريكي و معظم الأنظمة الأوربية بانكشاف كذب دعاواهم في الحرية و الديمقراطية و شعار حقوق الإنسان، نزلت بهم هزيمة منكرة لن يمكن تلافيها في القريب العاجل. الكيان الصهيوني سيئ الصيت أضحى أتعس سمعة و أقبح وجهاً من أي وقت آخر، و خسرت بعض الأنظمة العربية في هذا الاختبار العجيب ما تبقى لها من ماء وجه.. ( و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب يتقلبون ).

و السلام على عباد الله الصالحين

السيد علي الخامنئي
4 ذي الحجة الحرام 1429

http://arabic.khamenei.ir//index.php?op ... Itemid=106
ماشاء الله لاقوة الا بالله، عليه توكلت و اليه انيب.

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشـؤون العربيـة والعالمية“