الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مجلس للحوار والنقاش مع المذاهب الأخرى ( كثيرا من المواضيع والمشاركات فيه يطرحها المخالفين للفكر الزيدي )، فللزائر الباحث عن الفكر الزيدي عليه التوجه لمجلس الدراسات والأبحاث ومجلس الكتب.
أضف رد جديد
لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة لن نذل »

سلسلة الموعظة الحسنة ، هي سلسلة صدرت من مركز البحوث الإسلامية عام 2004 ، نتيجة لمحاولة البعض ممارسة التبشير المذهبي للجعفرية بين أبناء وشباب الزيدية ونشر شبه ومواضيع تهدف لتشويه صورة المذهب الزيدي بين أبنائه، فتم نشر هذه السلسلة في حينه، وقد وصلنا أن بعض علماء الشيعة الإثنى عشرية الكرام قاموا بإدانة مثل هذه الأساليب التي تفرق بين المسلمين والتي صدرت من بعض الشباب المتهورين من معتنقي المذهب الإثني عشري، وكان من الواضح بعدها بأن هؤلاء الشباب فهموا توبيخ علمائهم وعقلائهم وتوقفوا عن اساليبهم الغير مقبولة .
ولكني رأيت أن البعض يحاول فتح الموضوع من جديد ونشر ردود على اسئلة نشرت قبل ستة سنوات ، وعليه رأيت انه من الواجب اعادة نشر سلسلة الموعظة الحسنة ، حرصاً وتوضيحاً لشباب الزيدية خصوصاً و والمهتمين عموماً .


بسم الله الرحمن الرحيم
النص والعصمة عند الاثني عشرية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار المنتجبين ، وبعد ؛ تصل إلى أيديكم هذه السلسلة من الأبحاث العلمية الفكرية والتي تهدف إلى إبراز الأفكار الإسلامية بصورة واضحة وجلية ، وإلى إيضاح بعض المفاهيم التي قد تلتبس على البعض .

وفي هذه السلسلة لن نهدف للتعرض لفكرة أو طائفة معينة إلا على سبيل النقد الموضوعي على ضوء الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة المتفق عليها ، ونحن ندعو الجميع إلى إثراء هذه الأبحاث بالحوار العلمي ، فالدعوة إلى إصلاح العقول ونفي الأفكار الخاطئة التي ترسبت فيها هي خطوة أولى على طريق إصلاح الوضع الإسلامي بشكل عام .

وهذا الإصدار يتناول رفع التلبيسات والمفاهيم الخاطئة التي تتعلق بالإمامة والقيادة الإسلامية ، وإلى إبراز بعض نواحي القصور في فكر الإمامة عند الاثني عشرية .
ولأن البعض قد يستنكر نقد بعض أفكار أخواننا الإثني عشرية ونشر ذلك لكونه قد يثير الفرقة أحببنا أن ننبه على بعض الأمور :
1-أن الدعوة إلى توحيد صف المسلمين في مواجهة الاستكبار العالمي الغربي هي دعوة عظيمة ، لكنها لا تعني أن تترك كل فرقة أفكارها – لمواجهة العدو اللدود - وتنصهر في بوتقة ضيقة على الجميع ، وإنما تغيير الأفكار يأتي عن طريق الأبحاث والمناظرات والحوار.
2-أن أخواننا الإثني عشرية هم الذين بدأوا بنشر عقائدهم في مجتمعنا ، وقد دعوناهم إلى الحوار مراراً لكن ذلك لم يجدِ .
3-أنا نفتخر بالشخصيات الجهادية من الاثني عشرية مثل روح الله الخميني وحسن نصر الله و محمد باقر الصدر وغيرهم من حيث غيرتهم على الإسلام ووقوفهم في وجه الظلم وخدمتهم لقضايا إسلامية هامة ، ولكن هذا لا يعني صحة جميع معتقداتهم .
4-أن القائمين على نشر المذهب الاثني عشري في اليمن لم ينهجوا النهج الإسلامي في الحوار ، بل لجأوا إلى التغرير على العوام وتجنب مواجهة العلماء ، كما وصل بهم الحد إلى الكذب وادعاء إفحام بعض العلماء ليغرروا بذلك على العوام .
5-أن نشر المذهب الاثني عشري في اليمن ليس فيه إلا خدمة للقوى المعادية كما خدمها نشر المذهب الوهابي ، إذ سيزيد تشرذم المجتمع اليمني وتمزقه إلى طوائف مختلفة ، خاصة مع عدم المنهجية في الأفكار والتعامل والحوار .
6-أن القائمين على نشر هذا المذهب في اليمن لم يكتفوا بنشره حتى تطاولوا على أئمة أهل البيت عليهم السلام بداية من فاتح باب الجهاد الإمام الشهيد زيد بن علي عليهما السلام ، دون مراعاة لمشاعر أخوانهم من محبي أهل البيت .

ــــــــــــــــ دعوة للمشاركة في أجر هذا العمل الخير ــــــــــــــــ
وذلك في نشر هذه الوريقات ، فليساهم كل بما يستطيع ، فمن استطاع تصوير كمية من هذه المنشورات ونشرها
فنسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته وإلا فأقل ما يمكنكم فعله هو إعطاء هذه الوريقات لغيركم
بعد قرائتها حتى تعم الفائدة ، وصلى الله على رسوله وعلى آله .

تقاتل الأئمة

يتكلم البعض عن تقاتل بعض الأئمة الزيدية ويجعل من ذلك دليلاً على ضلال الزيدية لأن الإنسان في مثل هذه الحال لا يعرف مع من الحق وبالتالي لا يأمن من الدخول في الباطل ولا يأمن من سفك الدماء وانتهاك المحرمات بسبب اتباعه لهذا الإمام الذي لا يملك سوى ظن إمامته ، ورداً على مثل هذه الشبهات نقول :

أولاً : إن الاقتتال بين طرفين لا يعني أن كليهما على حق وصواب كما لا يعني أيضاً أنهما على خطاً وباطل ، ألم يتقاتل صلى الله عليه وآله وسلم والكفار ، ألم يتقاتل الإمام علي بن أبي طالب  مع أهل صفين والجمل والنهروان . فهل يُقال : لو كان الإسلام هو الدين الصحيح لما تقاتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمشركين ؟ وهل يقال : لو كان الإسلام صحيحاً لما تقاتل مسلمون بعضهم يقتل البعض الآخر ؟

إن هذا الاقتتال لا يعني ذلك أبداً إجماعاً ، فكذلك تقاتل بعض الأئمة فيما بينهم ، فإنه لم يقل أحد أن كلا الطرفين على حق وصواب ، بل إن العلماء أجمعين يصرحون بأن أحدهما مخطئ والآخر على صواب وحق ، وإذا كان الخارج على إمام الحق جاهلا أو ليست فيه جميع شروط الإمامة أو كانت فيه وليس له موجب قطعي ، فهذا الخارج فاسقٌ يستوجب الغضب من الله ، وخروجه كخروج معاوية بن أبي سفيان كافأه الله . وإن أخطأ في خروجه وعلم خطأه استوجب عليه ما حصل من تداعيات خروجه مع عدم القول بفسقه وتأثيمه ، وإلا فما معنى الإصلاح بين طائفتين سماهم الله مؤمنين حصل بينهما سفك دماء من كلا الطرفين .

فإن قيل : ينطبق على معاوية والإمام علي صلوات الله عليه .
قلنا : إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  قطعية مع تصريح الرسول بأنه على حق وأن الحق سيدور معه وأن محاربه محارب رسول الله ، ونص صلى الله عليه وآله وسلم على أن معاوية من أهل النار ودعاته ، وصرح صلى الله عليه وآله وسلم بأن علياً أمير المؤمنين سيحارب الناكثين والمارقين والقاسطين ، هذا مع الأدلة الناصة على عصمته صلوات الله عليه .

ثانياً : إن العمل بالظن في الظني واجب ، أولم يوجب الإسلام العمل بالظن في بعض الأحكام فقد أوجب إسلامنا الحنيف الجهاد والدليل على الجهاد من حيث هو قطعي لكن من حيث جهاد دولة فلانية أو جماعة فلانية فهو ظني ، فتحريم الدماء وإن كان قطعيا فقد أبيح بالدليل الظني كما في حكم الحاكم بقتل وقصاص وحدٍ بشهادة شهود ، وهؤلاء الشهود لا يفيدون إلا ظنا ، وكذلك الحدود ثبتت بالبينة ولا تفيد إلا ظنا وهذه كلها مخصصة لأدلة عموم تحريم الدماء ، وقد ثبت عند الجميع جواز تخصيص القطعي العملي بالظني .

فالقول بعدم العمل بالظن معناه عدم تطبيق الإسلام وعدم قيام اقتصاد إسلامي ونحوه ، لأنه يحتمل الخطأ وعدم نصب قضاة لاحتمال خطأهم ، وعدم الجهاد لاحتمال الخطأ ، وعدم التربية لاحتمال الخطأ ، وعدم التدريس في المدارس والكليات والمعاهد وفي كل الفنون لاحتمال خطأ المدرس والمعلم والدكتور والشيخ ، وعدم الإفتاء لاحتمال خطأ المفتي ، وعدم تأليف الكتب لاحتمال خطأ المؤلف ، وعدم وضع خطط في كل المجالات الحياة ، وعدم الجهاد ، يا إلهي ما هذه الترهات التي يطرحها هؤلاء الشباب الذين لا فهم لهم .

واعلم أخي القارئ أن الشارع قد أوجب قيام قضاة يفصلون بين الناس فيما يتنازعون فيه من أموال ودماء وفروج وطلاق وغير ذلك وهؤلاء القضاة موزعون في جميع أقطار الدولة الإسلامية والأمة الإسلامية بكافة مذاهبها واتجاهاتها الفكرية متفقة كما كل عاقل في هذه المعمورة أن هؤلاء القضاة يحتمل خطأهم ، وأن هذا الاحتمال لا يدفع وجوب القيام بما كلفوه من فصل التنازع بين الخصوم ، و إلا فيجب أن يكون جميع القضاة معصومين عن الخطأ والغلط والنسيان وهذا كلام من لا علم له .

وعلى ضوء هذا نقول : إن الحاكم يحكم بقتل وجلد ورجم وقذف في الأعراض باتهام القتل والزنا واللواط ويحكم أيضاً بأخذ الأموال بواسطة شهادة اثنين في القتل وشرب الخمر ، وأربعة كما في شهادة الزنا ، وواحد مع يمين أو شهادة امرأتين في الأموال ، مع أن الحاكم يمكن أن يحكم خطأ . وفي بعض الأحيان يعلم خطأه ولا يقتل بسبب حكمه ، بل نص العلماء على إعطاء أهل المقتول الدية من بيت مال المسلمين إذا كان خطأ ، وإذا كان عمداً فيقتل ، وكذا إذا حكم الحاكم بقتل ثم علم تراجع الشهود عن الشهادة وتابوا فإن العلماء نصوا على أن الشهود إذا كانوا متعمدين يقتلوا ، وإذا كانوا مخطئين يعطوا الدية مع أن القتل لم يكن إلا بالحكم من الحاكم الذي يتم نصبه .

وأيضاً فإن الأطباء قد يخطئون في عملية جراحية قد تؤدي إلى استئصال عضو أو جهاز أو قتلٍ ، وكل عملية يقومون بها ففيها احتمال حصول ذلك . فهل نقول يجب أن يكون الأطباء معصومين لأجل أن لا يحصل قتل ويعلم حصول النجاح في كل عملية يقومون بها ؟ إن الطبيب البصير إذا عمل المعتاد وأخطأ فإنه لا يقتل ولا يُذَم ، بل يجب عليه إذا كان خطؤه في مباشرةٍ الدية ، ولا يجب عليه شيء في السراية إذا كان بصيرا وكان عمله المعتاد .

وأيضا فإن احتمال الخطأ حاصل في المفتي والمرجع ، فإن المفتي يمكن أن يخطئ في فتوى فإذا أفتى مرجع ما بقتل فئة فلانية فهل يجب على العوام المقلدين له العالمين بعدالة المرجع وتقواه وكونه أعلم رجل في المراجع اتباعة أم لا يجب ؟

ويفتي المفتي والمرجع بطلاق وبصحة نكاح - أي يفتي في فروج - ويفتي بفسق فلان أو كفره أو نحوه ذلك مع احتمال حصول الخطأ منه ، بل يعلم من بعض المراجع الرجوع في بعض ما أفتوا به ، فهل يذمون ؟
ثم نقول : إن علماء وفقهاء الاثني عشرية الذين يقولون بعصمة الإمام احترازاً من محذور الدخول في الباطل ، ويقولون إن المعصوم ( المهدي محمد بن الحسن ) قد أوجب الرجوع إليهم ، هم في أنفسهم مختلفون وبينهم تكفير وتفسيق ؛ فهاهو آية الله العظمى الشيخ وحيد الخرساني وكذا آية الله العظمى الشيخ جواد التبريزي وكذا الشيخ حسين الشاهرودي وأحمد المددي ومصطف الهرندي وعلى رضا الحائري ومحمد هادي آل راضي وحسين النجاتي وباقر الإيرواني وحسن الجوهري من أساتذة ومراجع الشيعة في إيران يفتون بأن آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله يريد إخماد ضوء النبوة وإطفاء نور الولاية ، وأنه من الضالين المضلين ، ويطالبون محمد حسين فضل الله أن يرجع عن ضلالاته ، ويستفيق من نومته ويعلن توبته ، وإن كل من أيد محمد حسين فضل الله بأي نحو كان فقد أعان على هدم مباني الشريعة الغراء (1)

فهؤلاء المراجع الفاسق والمفسِّق والضال والمضلِل هل أوجب المهدي المعصوم الرجوع إليهم ؟ وهل محمد حسين فضل الله فاسق وضال ؟ وإذا لم يكن فاسقا فهل المرجع الشيعي التبريزي والخرساني فاسقان ؟ وكذا آية الله العظمى منتظري المحبوس في بيته بسبب ماحصل بين الشيرازيين والأخباريين والخمينيين ما رأيكم في شأنه ؟ وما رأيكم فيما حصل من إعدامات يوم الثورة الإيرانية لكثير من مراجع الشيعة ، وملاحقة الحرس الخاص والمخابرات الإيرانية لكل من يعارض ولاية الفقية من المراجع والعلماء ؟ فهل أوجب المهدي المعصوم لديكم الرجوع إلى هؤلاء ؟

انظر أخي القارئ إلى بعض المراجع الذين يكفرون ويفسقون ويحذرون من مراجع ومجتهدين آخرين ، ويتصارعون من أجل المرجعية والخمس الصراع الذي ما انفك عن الإمامية الجعفرية ، وانظر أخي بعض نشرات ومجلات الشيرازيين القاطنين في البحرين والإحساء في العراق والقاطنين في لندن .

قلتم : كيف قال الله باتباع الزيدية وهم يتحاربون ؟
ونحن نقول : كيف نص المعصوم على غير المعصوم من المراجع الذين يتقاتلون ويتقاذفون بالتكفير والتفسيق ؟
قال الخميني مخاطباً أهل الحوزات : كفوا عن هذه الاختلافات المبتذلة المفضوحة ، اقلعوا عن هذه التحزبات والمحوريات الخاطئة ، هل أنتم أهل ملتين ؟ (2)

العصمة



من المعلوم أن الاثني عشرية تشترط العصمة في الإمام ، فإذا كانت هذه العصمة لأجل إقامة دولة إسلامية فنحن نسأل : هل الحكومة الإيرانية اليوم حكومة إسلامية ؟
الاثنا عشرية تشترط في الخليفة أن يكون منصوصاً عليه ومعصـوماً ؛ فهل الولي الفقيه معصوم ومنصوص عليه ؟ المعلوم أنه غير منصوص عليه بعينه ولا معصوم ولا تقول الاثنا عشرية هذا ، وعلى هذا فدولة إيران وما قد يأتي به الزمان من دول شيعية ليست بدول إسلامية على هذا الفكر . ثم هل تستطيع الاثنا عشرية إقامة دولة إسلامية من دون معصوم ولا منصوص عليه ؟ وإذا قلنا وسلمنا جدلاً بوجود معصوم ظاهر غير غائب فما العمل إذا توسع المجتمع الإسلامي واشتمل أقطاراً واسعة ؛ فهل يجب أن يكون في كل دولة معصوم ؟ وإذا اكتفي بمعصوم تحت حكومة اتحادية مركزية فكيف بالولاة في بقية الدول بل في المدن بل في المحاكم والحارات والبيوت أيضاً ؟ فإن في الأرض مسلمين يحتاجون إلى دولة وإمام فلماذا تم حصر الأئمة باثني عشر آخرهم غائب من سنة 255هـ - على حد زعم الاثني عشرية – إلى قرننا الخامس عشر ؟ وما الفائدة من العصمة مع القدرة على إقامة دولة إسلامية من دون معصوم حيث إن الاثني عشرية تقول إن دولة إيران هي الدولة الإسلامية في هذه المعمورة ، وإن العناية الإلهية قد أحاطتهم واستطاعوا إقامة دولة إلهية في هذه الأرض مع عدم وجود معصوم لأنه غائب - عجل الله فرجه - .

وبما أن الاثني عشرية اليوم قد انتهجت نهج الزيدية في الإطار الكلي في قيام دولة إسلامية – مع أنها تجربة أولى ولم تتجاوز بعدُ ثلاثة عقود – فنحن نورد بعض الإشكاليات :

1- ما هي شخصية الحاكم الإسلامي ؟ وهل المسلمون سواء في هذا الأمر أم يختص بالعدول أو بالفقهاء منهم ؟ وإذا كانت الولاية الشرعية تختص الفقهاء من المسلمين فماذا يكون شأن الحكومة إذا تعدد الفقهاء في عصر واحد ؛ هل تنفذ تصرفات كل واحد منهم ، أم يختص بأفقههم ؟
2- ولاية الفقيه ( أو المجلس ) هل تكون لكل الشيعة في الأرض ، أم يكون – مثلاً – لإيران ولي ( أو مجلس ) وللعراق آخر ؟ وإذا جاز وجود فقيهين في دولتين فما الدليل على ذلك ؟ وما الحكم إذا اختلفا في قتل جماعة موجودة في كلا الدولتين ؟ وإذا لم يجز وجود أكثر من فقيه فما الدليل ؟ ثم هل الدليل على هذه الأشياء أو بعضها قطعي أم لا ؟
3- إذا حصل تنازع بين فقيهين لهما من التقوى والورع والعلم الحظ الأكبر ، وسفكت دماء وأخربت دور ؛ فما حكم المخطئ التقي الورع الذي ظن وجوب الجهاد ضد الآخر ؟ هل يفسق ويذم ويقتل ؟
4- وكيف يعرف الفقهاء من هو الأعلم والأورع والأجدر بأن يكون الولي الفقيه ؟
5- هل يحتمل خطأ الناس في تحديد الولي الفقيه ؟
6- وإذا نصب مرجع لقيادة الناس ثم علم أن هناك من هو أعلم منه في العلوم الشرعية والإدارية ؛ هل يعزل ؟
7- كيف أوجب المعصوم الرجوع إلى غير المعصوم مع أن غير المعصوم يفتي ويأمر بما فيه سفك للدماء والأرواح واستحلال للفروج ونزع للأموال وغير ذلك ؟ فهل غير المعصوم – المفتي والقاضي وولي الفقيه – يمكن ويحتمل خطؤه أم لا ؟
8- من الاثني عشرية من لا يعتقد أصلاً بولاية الفقيه ؛ فما حكمه في وجوب الطاعة وهو في دولة لها ولي فقيه أو مجلس ؟
9- كيف جازت طاعة الولي الفقيه مع أنه يمكن أن يبطن الكفر والفسق ؟
10- هل يحتمل خطأ المجلس الذي يقر الولي الفقيه أو الشورى الجماعية في الشروط المعتبرة ؟
11- من أول من وضع الشروط المعتبرة في الولي الفقيه أو الشورى الجماعية ؟ وما الدليل ؟
12- هل يجوز للولي الفقيه التنازل عن الولاية لغيره ؟
13- ما الفرق بين أعمال النائب والإمام المعصوم في الحكومة الإسلامية ؟
14- هل الولي الفقيه يقوم بما هو مطلوب من الإمام المعصوم أم لا ؟ إن كان يقوم بها فكيف مع عدم وجود العصمة والعلم الإلهي ؟ وإن لم يكن يقوم بها فما هو دور الإمام الذي ما زال غائباً في الحكومة ؟
15- ما الحكم إذا ظهر كفر أو فسق الولي الفقيه ؟
16- النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على عدم افتراق القرآن والعترة ؛ فأين العترة عند الاثني عشرية ؟ وهل لها آثار في أمورهم الدينية إذ أن كل علوم الاثني عشرية – على حد زعمهم – من الأئمة الذين قبل المهدي ؟
17- هلا اشترطت الاثنا عشرية عصمة النواب – الذين ينوبون الإمام كالنواب الأربعة في الغيبة الصغرى – والولاة الفقهاء ومجلس الفقهاء ؟ وكذا عصمة القضاة والمفتين والمراجع والمدرسين والأطباء وغيرهم كما اشترطت عصمة الإمام ؟
18- هلا أعطى المهدي محمد بن الحسن – الشخصية الوهمية – للاثني عشرية علم ما كان وما سيكون إلى حين ظهوره ؟
19- وهلا أعطاهم تفسير القرآن الموجود لديه عن آبائه المعصومين – على حد زعمهم - ؟ هلا أعطاهم العلم المخزون ؟ وإلا فما فائدة هذه العلوم ؟ ثم هل نحن مكلفون بها ؟ وكيف نكلف بما لا نعلم إذ التكليف بما لا يعلم قبيح عند كل عاقل ؟ وعالم لا يعلّم ككنز لا ينفق منه !
20- كيف صح الائتمام بمثل هذا الإمام – عجل الله فرجه – الذي لا يبين للناس ولا ينفعهم ؟
21- هلا اجتمع المهدي بالعلماء والمراجع والساسة في بعض الأوقات أو أرسل إليهم رسولاً جاعلاً له دليلاً يبين صدقه ، ومن خلال هذه الاجتماعات ينهي جميع الاختلافات فيما بينهم في أصول الدين وفروعه ، ويبين لهم كيفية محاربة أهل الشرك والكفر والنصب ؟ أو يؤلف كتباً فيها مذهبهم الصحيح من أصول وفروع ويرسله إليهم بواسطة أو بدون واسطة وليكن كل ذلك سراً ، المهم أن نرى آثار ذلك !
22- إذا كان لا يمكن ذلك لأجل الخوف سواء كان سببه نحن أم لا لم يكن في وجوده لطف كما تزعم الاثنا عشرية ولا مصلحة ، بل في وجوده شر محض ؛ إذ لم يفد إلا أن من شك فيه أو لم يؤمن به مع أنه غائب ولا طريق إليه عذبه الله يوم القيامة – كما تدعي الاثنا عشرية - ، وفي نفس الوقت لم ينتفع به شيعته بل حصل لهم دوام الحسرة والندامة والألم ومعاداة جميع الطوائف الإسلامية ، ثم لجأوا إلى الاستعانة بالنصارى كما في لبنان دولة وأحزاباً ، وبأهل السنة البعثيين كسوريا ، ومع أنه لا ضير في ذلك إذ فيه مصلحة عامة تخدم الإسلام إلا أن مرادنا هو إثبات عدم حصول النفع بالمعصوم الذي يعلم ما كان وما يكون ، والذي هو منصوص عليه ومعصوم ، وإذا كان في وجود المعصوم لطف وهو غائب عنا وعن الاثني عشرية فأين هذا اللطف ؟ وإذا لم يكن لطف المعصوم حاصلاً مع غيبته وجاز التكليف لنا من الله مع غياب المعصوم بطل القول باشتراط العصمة لهذا الإمام – عجل الله فرجه - .
23- ثم كيف عرفت الاثنا عشرية مذهبها ودينها في ظل غياب المعصوم المنصوص عليه محمد بن الحسن ؟ إذ أنهم لم يسمعوا من هذا الإمام شيئاً لأنه غائب خائف من القتل ؟
24- وإذا قالت الاثنا عشرية : عرفنا الإسلام عقائده وأحكامه بواسطة الرواية عن المعصومين . قلنا : كيف قلتم إن الإسلام لن يحفظ إلا بمعصوم ثم أنتم هؤلاء تدعون أن إسلامكم محفوظ بحفظ الكليني والمفيد وابن بابويه والمرتضى ، وهؤلاء ليسوا بمعصومين ؟ ثم إن كان النقل هذا كافياً لحفظ شريعة الإسلام فلماذا اشترطتم العصمة إذاً؟ وهلا اكتفيتم بنقلها عن صاحب الشريعة صلى الله عليه وآله وسلم ؟ إذ أن النقل قد أغنى عن المعصوم ، وحفظ مذهبكم ودينكم من ليس بمعصوم ، فعرف من هذا أن الإسلام محفوظ بحفظ أهل النقل الذين لا يمكن أن يتواطئوا على الكذب .
25- ثم ها هي الاثنا عشرية تدافع عن مذهبها وتؤلف الكتب والرسائل وترجع إلى مراجعها في السؤال وإلى قضاتها في فصل الخصومات من دون الحاجة إلى معصوم ، أم أنهم ليسوا على يقين من صحتها ؟
26- وما الفائدة من العصمة والاختلافات كائنة فيما بين الاثني عشرية ؟ وما فائدتها وهي ترجع إلى غير المعصوم ؟ وما الفائدة من اشتراط النص والعصمة والإمام لا فائدة منه لا في الأمور الدينية ولا السياسية ؟ وما الفائدة من العصمة والاثنا عشرية ما زالت تختلف في الاستنباطات والترجيحات وتصحيح الأحاديث وتضعيفها ؟
27- بما أن إمام الاثني عشرية الثاني عشر محمد بن الحسن يعلم ما كان وما يكون فهلا ظهر ، وإذا ما كان هناك خطر على حياته تستر لأنه يعلم المناطق والأمكنة التي لا يراد قتله فيها ؟

والخلاصة أنا نقول للأخوان الاثني عشرية : إن العصمة إذا كانت من أجل الحكم فها أنتم هؤلاء قد استطعتم إقامة دولة إسلامية ناجحة من دون معصوم ومنصوص عليه ، وإن كانت لأجل الدين وحفظه وهداية الناس فأنتم تقولون بأنكم على الدين الصحيح وإن الرواة غير المعصومين حفظوا لكم دينكم ، وها هو محمد بن الحسن العسكري – على حد زعمكم – يقول إن الفقهاء حجة له على الشيعة مع أن الفقهاء مختلفون وغير معصومين ، فمعنى كلامه أن هداية الناس تكون بالفقهاء غير المعصومين ، فلماذا العصمة يا أخوة الدين بارك الله فيكم وهداكم ؟!

بعض الأدلة على عدم صحة النص على الأثنى عشر بأسمائهم

اختلافهم بعد كل إمام في الإمام الذي يليه

فقد اختلفوا في الإمام الثاني عشر عندهم ، فمنهم من يسميه ومنهم من لا يسميه ورووا في ذلك اخباراً ، ومنهم من يصحح العلم بولادته ومنهم من ينفي العلم بولادته ، ومنهم من يقول : إن الحسن العسكري لم يمت وعلل ذلك بقوله : لو أنه مات وليس له ولد ظاهر لخلا الزمان عن الإمام المعصوم ، ومنهم من قال : إنه مات لكنه سيجيء وهو المعني بكونه قائماً بعد الموت ، ومنهم من قال: أنه لا يجيء لكنه أوصى بالإمامة لأخيه جعفر (3).

ومما يدل على أن اختلافهم كان لأجل الغموض الذي يكتنف مذهبهم ما حدث لمشائخ الشيعة وفقهائهم عندهم ولعبد الله بن بكير وعمار بن موسى الساباطي في قولهم بإمامة عبد الله بن جعفر ثم رجوعهم عن القول بإمامتهم إلى القول بإمامة الرضا (4).

قال مؤلف منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل: تحير بعض الشيعة في الجواد وذلك لصغر سنه حتى توجه علماء الشيعة وأفاضلهم وأشرافهم وأمثالهم إلى الحج ، فبعد أن أنهوا مناسك حجهم دخلوا على أبي جعفر فأقروا بإمامته من كثرة ما رأوا من وفور علمه وما شاهدوه من معجزاته وكراماته - على حد زعمهم - وزال عنهم أيُّ أثر في شك أو شبهة راودت خواطرهم (5).

سؤالهم الإمام من بعدك

في كفاية الأثر صـ56 : قيل : يا رسول الله ؛ فما اسمه - أي المهدي - ؟ قال : لا يسمى حتى يظهره الله .
وعن العباس بن النجاشي الأسدي قال : قلت للرضا أنت صاحب هذا الأمر ؟ قال : أي والله على الأنس والجن (6) .
وعن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله : يمضي الإمام وليس له عقب؟ فقال : لا يكون إلا أن يغضب الله على خلقه فيعاجلهم (7) .
محمد بن مسلم يسأل الإمام قائلا : أعلمنا من بعدك (8) .
عن علي بن عمرو العطار قال : دخلت على أبي الحسن العسكري وأبو جعفر ابنه في الأحياء وأنا أظن أنه هو ، فقلت : جعلت فداك من أخص ولدك ؟ قال : لا تخصوا أحدا حتى يخرج إليكم أمري . قال : فكتبت إليه بعد : في مَن يكون هذا الأمر ؟ قال : فكتب إليّ في الكبير من ولدي . قال : وكان أبو محمد  أكبر من جعفر - أي جعفر أخو الحسن العسكري – (9) .
عن علي بن عمر النوفلي قال : دخلت على أبي الحسن العسكري في صحن داره ، فمر بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك هذا صاحبنا ؟ فعدل قال : لا ؟ صاحبكم الحسن (10) .
عن محمد بن عبد الجبار قال : قلت لسيدي الحسن بن علي العسكري  : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك ؛ أحب أن أعلم من الإمام وحجة الله على عباده من بعدك ؟ فقال  : إن الإمام وحجة الله من بعدي ابني سمي رسول الله (11) .
وعن يعقوب بن منقوش قال : سألت أبا محمد الحسن العسكري : يا سيدي ؛ من صاحب هذا الأمر من بعدك ؟ فقال : ارفع الستر فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين أبيض الوجه (12) .
روى الكليني في الكافي الجزء الأول ص323 عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مهران قال : لما خرج من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجتيه قلت له عند خروجه : جعلت فداك ؛ إني أخاف عليك في هذا الوجه ، فإلى من الأمر من بعدك ؟ فكرّ إلي بوجهه ضاحكاً : ليس الغيبه حيث ظننت في هذه السنة . فلما خرج به الثانية إلى المعتصم صرتُ إليه فقلت له : جعلت فداك أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك ؟ فبكى حتى اخضلت لحيته ثم التفت إلي فقال : عند هذه يُخاف عليّ ، الأمر بن بعدي إلى ابني علي .

فهذه المرويات المزعومة كلها تدل على أن تعيين الإمام لم يكن بالنصوص لا المتواترة ولا الأحادية ، وإلا لما سألوا عن اسم الإمام ؛ إذ سؤالهم المزعوم يدل على أن تعيين الإمام عندهم كان بتعيين الإمام الذي قبله على حد زعمهم ، ومما يزيد الأمر وضوحاً اعتمادهم على قواعد لمعرفة الإمام كالقول بأن الإمام هو من ولد الأكبر ، وأن الإمام لابد له من عقب ، وأن الإمامة لاتكون في أخوين بعد الإمام الحسن والإمام الحسين وأن الإمام لابد له من معجز يدل على صدقه ، ومسألة الإمام في بعض الأحكام وظهور الكرامات على يده على حد زعمهم وغير ذلك ، وانظر هذا في دلائل الإمامة صـ235،435 ، والإمامة والتبصرة من الحيرة ، والكافي للكليني صـ304 ، وكشف الغمة في معرفة الأئمة ج2 صـ351 إلى 365 .

وتأمل كيف أثبت البحراني إمامة التسعة الأئمة ، إذ قال : لأنهم – أي الأئمة – قد نصوا على من بعدهم ، وبتعيين الإمام لمن بعده يتعين أن يكون هو الإمام الحق ، وبظهور الكرامات على يده (13). فهو لم يعتمد على حديث متواتر ولا أحادي في تعيينهم من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل اعتمد على حد زعمه على حديث أن النبي قال للحسين : ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة التسعة تاسعهم قائمهم .

وهذا يدلنا على أن الإمامية في أول الأمر استدلت بالقرائن والمعجزات والقواعد ثم على التعيين جملة ثم على تعيينهم من قبل الأئمة ثم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حد زعمهم ، ومما يدل على أن الإمامة عندهم ضمنية قول النوبختي : إن الإشارة والوصية لا تصحان من الإمام ولا من غيره إلا بشهود أقل ذلك شاهدان فما فوقهما (14).

خروج كثير من آل محمد من ذرية الإمام الحسين والإمام الحسن

وهذا يدل على عدم علمهم بهذا الحديث وذلك مثل :
عبد الله بن جعفر ادعى الإمامة (15) ، ومحمد بن جعفر الصادق (16) .
وموسى بن جعفر وعبد الله بايعا محمد بن عبد الله (مقاتل الطالبين ص244).
وخرج زيد بن علي صلوات الله عليه ودعا لنفسه ، ويحيى بن زيد صلوات الله عليه ادعى الإمامة (17) .
ومحمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ادعى الإمامة ( مقاتل الطالبين ص438 ) ، وتلقب بإمارة المؤمنين ، والقاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب خرج مع النفس الزكية.

فلو كان الحديث صحيحاً لقال جعفر الصادق لأولاده وعمه زيد بحديث الإثنى عشر ، والله يقول :( وأنذر عشيرتك الأقربين ).
قال في مقاتل الطالبين صـ126: كان جعفر بن محمد  يمسك لزيد بن علي بالركاب ويساوي ثيابه على السرج ـ وقال جعفر بن محمد لعبد الله بن الحسن : فإنا والله لا ندعك وأنت شيخنا. اهـ (18) .

تساؤلات ؟؟

هناك روايات عديدة يذكرها الكليني في الكافي الجزء الأول صـ326و328 والمفيد في الإرشاد صـ336،337 والطوسي في الغيبة صـ120،122. أن الإمام الهادي أوصى في البداية إلى ابنه محمد ولكنه توفي في حياة أبيه فأوصى إلى ابنه الحسن العسكري .

أخي القارئ ؛ أين النصوص التي تؤكد النص على أسماء الأئمة .
روايات عديدة صحيحة السند عند الجعفرية رواه الكليني والشيخ المفيد تؤكد أن زرارة مات ولم يعرف إمام زمانه . أخي القارئ ؛ إن زرارة من أفقه وأعلم الإمامية في ذلك العصر ، ألم يعلم بالنصوص التي نصت على أسماء الأئمة ؟.

خمس روايات في الكليني تؤكد أن الأئمة في ثلاثة عشر إمام صحيحة السند ، والقول بأنها محرفة من الناسخ هيام إذ لا يعقل أن تظل قروناً عديدة ولا يتم إصلاحها إلى اليوم، كما أن هناك رواية في كتاب سليم بن قيس تؤكد أن الإمامة في ثلاثة عشر منهم الإمام زيد بن علي صلوات الله عليه .
أخي القارئ ؛ إن جميع ما تقدم يثبت أن فكرة الاثني عشر فكرة باطلة وما هي إلا خيال لا وجود له في الحقيقة .

أخي القارئ ؛
إن جهل الاثني عشرية لاسم الإمام وسؤالهم الإمام ( من الإمام بعدك ) ، وتحريم تسمية الإمام الثاني عشر عندهم، وقولهم بأن الإمام الصادق نص على إمامة الكاظم في وصيته مع أربعة غيره منهم أبو جعفر الدوانيقي ، واستدلالهم على إمامة الإمام بأنه الذي يصلي على الإمام الميت ، وأن الإمام هو من عنده صلاح رسول الله وعمامته ليدل على عدم وجود حديث ينص على أسماء الاثني عشر .

ثم كيف يستقيم قولهم إن نقل الحديث الذي ينص على المعصومين كان أمراً في غاية الخطورة ، وأن ذكر الحديث حتى للشيعة كان في منتهى الإخفاء مع تواتر الحديث بزعمهم ، ولماذا انتشرت أحاديث فضائل أهل البيت بشكل عام وفضائل أمير المؤمنين وتواترت عند جميع الفرق مع وجود نفس العلة فيها ؟
وإليكم هذه الرواية التي تؤكد تخبط الاثني عشرية في استدلالاتهم على إمامة أئمتهم :

محمد بن الحنفية كان ينكر إمامة علي بن الحسين ، تقول الاثني عشرية إن السجاد احتج على عمه محمد بأن سلاح رسول الله عنده ، وإنهما احتكما إلى الحجر الأسود فنطق الحجر بقدرة الله : " إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي إلى علي بن الحسين " ، فانصرف بعد ذلك وهو مؤمن بإمامة علي بن الحسين (19) .
لماذا لم يعرف محمد بن الحنفية عم السجاد حديث الاثني عشر ؟
لماذا لم يحتج السجاد على محمد بن الحنفية بحديث الاثني عشر ، بحيث يؤمن بجميع المعصومين؟
لماذا لجأ السجاد إلى المعجز فهل محمد بن الحنفية منكر لحديث الاثني عشر؟ أم أنه لا يؤمن به ولذلك عدل عن الاحتجاج بالحديث إلى المعجز .
ثم إن الاثني عشرية تقول إن المعجز لأجل معرفة مسمى الاسم فقط ، فهل كان ابن الحنفية يفكر أن مخاطبه هو السجاد.
لماذا يوصي الإمام بالإمام الذي بعده ؟

الكافي عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي نجران عن صفوان الحمال عن أبي عبد الله ؛ قال له منصور بن حازم : بأبي أنت وأمي ؛ إن الأنفس يغدا عليها ويراح ، فإذا كان ذلك فمن ؟ فقال أبو عبد الله : إذا كان ذلك فهو صاحبكم . - وضرب بيده على منكب أبي الحسن الأيمن - فيما أعلم - وهو يومئذ خماسي ، وعبد الله بن جعفر جالس معنا – (الكافي 1/309 ) .
عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن يحيى بن يسار القنبري قال : أوصى أبو الحسن إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي(الكافي 1/325 .)

لماذا يوصي مع وجود حديث يفيد العلم بإمامة الأثنى عشر بإسمائهم ؟ ولماذا يشهد يحي بن يسار وجماعة من الموالي على أنه أوصى إلى ابنه الحسن ؟

وفي شأن المهدي :

عن الحسن: يا زراره هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته . هنالك روايات أن الشيعة الاثني عشرية شكوا في ولادته ؛ فمنهم من يقول هو حمل ، ومنهم من يقول غائب ، ومنهم من يقول ولد قبل ابيه بسنتين ، غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون(كمال الدين صـ342 )

تأمل :
رواية في الكافي 1/311 تؤكد أن هشام بن الحكم فهِم أن الإمامة على علي بن موسى الرضا من أبيه موسى كانت لاجل أن موسى الكاظم قال لعلي بن يقطين : هذا علي سيد ولدي ؛ أما أني قد نحلته كنيتي . فقال علي لهشام ذلك ، فقال هشام لعلي : ويحك كيف قلت ؟ فقال علي : سمعت والله منه كما قلت . فقال هشام : أخبرك أن الأمر فيه من بعده .

أعدها العلامة /
عبد الله بن حسين الديلمي


* الملف بصيغة وورد مع الهوامش والمصادر في المرفقات.
المرفقات
مقدمة الموعظة الحسنة 1 - النص والعصمة عند الاثني عشرية.doc.zip
(48.41 KiB) حُمِّل 181 مرةً
الموعظة الحسنة 1 - النص والعصمة عند الاثني عشرية.doc.zip
(17.52 KiB) حُمِّل 155 مرةً
آخر تعديل بواسطة لن نذل في الجمعة أغسطس 20, 2010 1:23 am، تم التعديل مرة واحدة.
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

Re: الموعظة الحسنة - ردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة لن نذل »

*مركز البحوث الإسلامية
سلسلة الموعظة الحسنة (2)

إشكالات واردة على مذهب الاثني عشرية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى أهل بيته الأطهار المنتجبين، وبعد؛ انطلاقاً مما كلفنا الله به من البحث والسؤال عن مشكلات الدين ، سعياً لتطهيره عن شائبات شبه المبطلين ، ومما لا يمكن إنكاره انتماء المذهب الاثني عشري لمذاهب المسلمين ، لكنه كغيره يجب البحث في صحته من عدمها ومناقشة عقائده قبل الحكم بصحته أو بطلانه أو جزء منه ، وإن أهم ما يتبادر إلى ذهن المتتبع لأقوال أتباعه، ويستشكله من ينظر في عقيدة أصحابه، هي هذه الإشكالات ، التي نطالب إخواننا منهم كشف ما تضمنته من المعضلات ، غير متوانين عن تبيين الحق الذي يعلمونه ، والاعتراف ببطلان ما قد يرونه ، عمـلاً بقوله تعالـى : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )، وقوله: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) ؛ نسأل الله أن يكتب فائدة ذلك لجميع المسلمين، وأن ينفع به من أراد اليقين، آمين آمين،

*** الأسئلة في المرفقات كملف وورد، لم أدرجها هنا لاختلاف التنسيق كونها مجدولة ***

نسأل الله أن يوفقنا جميعا لمرضاته، ويهدينا للمستقيم من صراطه، ويجنبنا الشك في دينه، والإلحاد عن سبيله، والضلال عن ما ارتضاه منهجا لجميع عبيده آمين اللهم آمين بحق محمد الأمين وآله الطاهرين
ــــــــــ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ــــــــــ
ــــــــــــــــــــ وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين ــــــــــــــــــــ

للإجابة على هذه الأسئلة يمكنكم مراسلتنا على البريد العادي أو الالكتروني
مع ملاحظة عنونة الجواب الالكتروني باللغة العربية لضمان استقباله


مركز البحوث الإسلامية
ص.ب. 1934
b7ooth@ yahoo.com

* صدر ونشر في مارس 2004م .
المرفقات
الموعظة الحسنة 2 - إشكالات واردة على المذهب الاثني عشري.doc.zip
(68.61 KiB) حُمِّل 163 مرةً
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة لن نذل »

سلسلة الموعظة الحسنة 3
المهدي محمد بن الحسن الشخصية الوهمية*

إن المعروف عقلاً أن الله يقيم حجة ودليلاً وطريقاً إلى الأمر الذي يريدُ مِنَّا اعتقاده أو العمل به ، وأن هذا الطريق لابُدَّ أن يكون مفيدا ًللعلم واليقين في القضايا العلمية ، وأن بهذا الطريق المفيدةَ لليقين تكون الحجة قد قامت على جميع المكلفين لكيلا يهلك على الله إلا هالك .

وإنّ مَنْ نظر إلى قول الاثني عشرية بأن محمد بن الحسن الشخصية الوهمية هو حجة الله وإن كان غائباً مستوراً لا يقوم بدورٍ في الحكومة الإسلامية ولا في القضايا الشرعية ، ولذلك كان له – على حد زعمهم - وكلاء وكان الفقهاء هم حجته على الاثني عشرية يعلم علم اليقين بالتناقض والتهافت في كلامهم .
فما معنى أن يكون ابن الحسن حجة وهو غائب لا يقوم بأي دور من الأدوار التي ذكرها أمير المؤمنين في نهج البلاغة التي هي واجبة على الإمام ! وما معنى الحجية لرجلٍ لا يظهر وجوده وعدمه في قضايا الشرع !

والأغرب من هذا أن يقولوا إن هذا الحجة على هذه الأمة الذي لم يكن له أي دور في الدولة الإسلامية لا إيجاباً ولا سلباً ولا حتى أمَر بمعروف ولا نهى عن منكر ، وإنما هو مرخٍ ستره ومغلق سردابه عليه قد أقام حجة تقوم مقامه وهم الفقهاء .

وفي هذا العدد سوف نتكلم عن محمد بن الحسن المهدي المزعوم عند الاثني عشرية ، مناقشين بعض الروايات التي يروونها ، ومحللين ادعائهم رواية أهل السنة لولادة محمد بن الحسن .

إن الاثني عشرية يزعمون أن ابن الحسن حجة ويقولون أن حجة الله عل أرضه المعصوم الذي لا يخطئ ولا ينسى والذي له الولاية الكونية إحياءً وإماتةً وخلقاً وإعداماً لكل الموجودات والمعدومات، والذي له الولاية الشرعية فهو قادر على نسخ الشرعية والزيادة من عنده لأنه لا يشاء إلا ما شاء الله ، إن هذا الحجة قد جعل الحجة الفقهاء ، فهو حجة الله والفقهاء حجة على الناس.

أيها الأخوة الإمامية ما هي هذه الحجة ؟ ما معنى أن يكون حجة ونحن لا نراه ؟ لماذا هذا الحجة على وفق مذهبكم لا يظهر بين الناس ؟ وماذا عليه لو ظهر واستخدم التقية ؟ وأنكر أنه المهدي ، بل إن احداً لا يعرفه لعدم المعرفه المسبقة من الناس ، وقام بدوره في هذه الأمه فأمريكا وإسرائيل والكفر والنفاق والفساد قد استشرى !!

ثم ما الذي يعمل المتحير الشاك الباحث عن الحجة في هذه الأرض التي لا تخلو منها، مع أن الحجة – كما تقول الإمامية – غائب ولا يُرى ولا يهدي ولا يحذّر ولا يقيم دليلاً وبرهاناً ولا يصلح مفسداً ولا ينصح أحداً ، مع وجود الكثير من الناس الذين يبحثون عن الحق والحقيقة والطريق الموصل إلى مذهب رسول الله الصحيح صلى الله عليه وآله وسلم .

إنكم تقولون إن ولادة ابن الحسن العسكري كانت سرية للغاية حتى أن حكيمة كانت تراقب نرجس ولم ترى لها أثراً من الحمل ، وأنها أخذتها فترة ولم تشهد عملية الولادة ، وتقولون إن نرجس استغربت عندما قالت لها حكيمة إنها ستلد تلك الليلة ، وأن حكيمة شكت في قول الحسن العسكري ، فأجابها الجنين في بطن امه نرجس قائلاً : لا تعجلي يا عمة . وهذا الكلام من رواية الصدوق والطوسي.

وفي رواية أبي الأديان التي انفرد بها الصدوق في إكمال الدين أن أبا الأديان - وهو أحد خدم الإمام - لم يعرف هوية الإمام مِن بعد الحسن وأنه يجهل وجود ابن له ، ويقول أيضاً بأن عامة الشيعة بما فيهم السمّان والبصري أرادوا أن يصلّوا خلف جعفر أخي الحسن وأن الشيعة كانوا يظنون أن الإمام هو جعفر الذي تسميه الاثني عشرية بجعفر الكذاب حتى رأوا ابن الحسن يجذبه من خلفه ويتقدم ليصلي بهم .

لماذا خاف القتل محمد بن الحسن العسكري مع أن آبائه وجدوا وبعضهم تعمر ودرس وألقى حجته ونصح الأمة ، فلماذا لم تقتل الدولة العباسية آبائه قبل أن يلد لهم ولدٌ .
ثم لماذا لم يُظهر الحسن العسكري ولده بين الناس ويشهر ولادته ويذكر بين الملأ أن له غيبتين ويبالغ في الإظهار ثم بعد ذلك يختفي ولده ولايظهر إلى حين إرادة الله ؟!!
وإن كان خوفاً من الدولة العباسية فقد كان باستطاعتها قتل الإمام الحسن قبل أن يكون له ولد وقبل أن يبلغ سن البلوغ ؟

أين الحجة !!

كيف تقيم الاثنا عشرية الحجة على الذين لايقولون بإمامة بل بولادة محمد بن الحسن والذين هم راغبون في النصح وباحثون عن الحقيقة وهم يسمعون ويقرأون أن القائلين بإمامة الحسن العسكري اختلفوا بعد وفاته في تحديد هوية وشخصية الإمام ِإلى أربع عشرة فرقه ، وأن هؤلاء المختلفين أكثرهم من أهل الصلاح والنسك والعباده والعلم كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل عند الإمامية .

كيف يتوافق تواتر الحديث بالنص على الاثني عشر مع رواية الاثني عشرية أن المهدي تخفى ولادته ولا يظهر ويشك الناس في ولادته ، مع أن الواقع أنهم هم الذين احتاروا وشكوا وكان الحيارى هم الجمهور منهم !!

وكيف يقيمون الحجة على الذين لم يقتنعوا بصحة حديث الاثنى عشر الذي يحدد أسماء الأئمة لأنه اختلف أصحاب كل إمام بعد موته ، ولأنهم كانوا يجهلون شخصية الإمام ولأنهم كانوا يسألون الإمام مَن بعدك . مع أن هؤلاء المختلفين والحيارى والسائلين والجاهلين كانوا من أفقه وأعلم أصحاب ذلك الإمام وكانوا من أهل النسك والعبادة !!

كيف يقيمون الحجة عليهم مع أنهم – أي هؤلاء الباحثين - رأوا أن الإثني عشرية تعدّل الفطحية والواقفية وغيرهم الذي يدل عل ان هذا الإختلاف ليس ناشئاً عن حب المال أوأنه عن فسق ، ورأوا الاثنى عشرية تروي أن بعضاً من الذين لم يقولوا بإمامة بعض الأئمة قد تراجعوا وقالوا بإمامته ؛ ليس لقيام الحجة بحديث الاثني عشر بل لِما رأوا من المعجزات على حد زعمهم .

أيها الاثنا عشرية أين الحجة ؟!!
ثم إن التاريخ يشير إلى أن الشيعة جمهورهم والغالب منهم كان خلف الزيدية وأئمتهم الذين قادوا الشيعة عملياً وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ونصحوا الأمة وبذلوا أموالهم ونفوسهم وأولادهم من أجـل القيـام بأمر الله (( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هوسماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس )) .

رواية أبي الأديان

روى ابن بابويه بسند معتبر عن أبي الأديان أنه قال :
كنت أخدم الحسن بن علي عليهما السلام وأحمل كتبه إلى الأمصار ، فدخلت إليه في علته التي توفي بها صلوات الله عليه فكتب معي كتاباً ، وقال: تمضي بها إلى المدائن ، وإنك ستغيب خمسة عشر يوماً فتدخل إلى سرمن رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل .
قال أبو الأديان : فقلت : ياسيدي فإذا كان ذلك فمن ؟ قال : من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي . فقلت : زدني . فقال : من يصلي عليّ فهو القائم بعدي . فقلت : زدني . فقال : من اخبر بما في الهيمان فهو القائم بعدي.

قال أبو الأديان : فمنعتني هيبته أن أسأله أيّ هميان ، وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سرمن رأى يوم الخامس عشر كما قال لي (ع) فإذا أنا بالواعية في داره ، وإذا أنا بجعفر بباب الدار والشيعة حوله يعزونه ويهنئونه، فقلت في نفسي : إن يكن هذا الإمام فقد حالت الإمامة . لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور ، فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شيء .

ثم خرج عقيد الخادم فقال لجعفر: سيدي قد كُفن أخوك فقم للصلاة عليه . فدخل جعفر والشيعة من حوله فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي (ع) عل نعشه مكفناً ، فتقدم جعفر ليصلي على أخيه ، فلما همَّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة ، بشعره قطط بأسنانه تفليج فجبذ رداء جعفر وقال : تأخر ياعم فأنا أحق بالصلاة على أبي . فتأخر جعفر وقد اربدّ وجهه، فتقدم الصبي وصلى عليه ودفنه إلى جانب قبر أبيه (ع) ، ثم قال لي : يابصري ّ هات جوابات الكتب التي معك . فدفعتها إليه وقلت في نفسي : هذه اثنتان وبقي الهميان . ثم خرجت إلى جعفر وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء ليقيم عليه الحجة : ياسيدي من الصبي ؟ فقال : والله مارأيته قط ولا عرفته .

فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم ، فسألوا عن الحسن بن علي (ع) فعرفوا موته ، فقالوا : مَنْ ؟ فأشار الناس إلى جعفر ، فسلّموا عليه وعزوه وهنأوه وقالوا : معنا كتب ومال . فقال : ممن الكتب وكم المال ؟ فقام ينفض أثوابه ويقول : يريدون منا أن نعلم الغيب.
قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان وهميان فيه ألف دينار عشرة منها مطلية . فقدموا الكتب والمال وقالوا: الذي وجه بك لأجل ذلك هو الإمام (1) .

الحديث يدل على :

1-أن أبا الأديان - خادم الحسن العسكري - لم يعرف شخص الإمام الذي بعد الحسن.
2-أنه لم يعرف أن الإمامة لا تصح في أخوين .
3-أنه لم يعرف أو يظن أن للحسن العسكري ولداً يسمى محمداً .
4-أنه يجهل حديث الاثني عشر الذي حدّد أسماء الأئمة .
5-أنه لم يتوصل إلى عدم صحة إمامة جعفر إلا لأن جعفر لم يطالبه بجوابات الكتب ولم يصل عليه.
6-أن أبا الأديان تقدّم إلى جعفر بن علي وعزّاه وهنأه بالإمامة .
7-أن الشك والإرتياب دخل على قلب أبي الأديان في الإمامة حتى قال مخاطباً نفسه: إن يكن هذا الإمام – يريد جعفر – فقد حالت الإمامة . الذي يدل على عدم وجود قطع أو ظن غالب بأنه ليس الإمام ، وأن سبب هذا الشك هو معرفة أبي الأديان أن جعفر يشرب الخمر ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور.
8-أن الشيعة لم يعرفوا شخص الإمام بعد الحسن ولا اسمه .
9-ان الشيعة لم تعرف أن الإمامة لا تصح في أخوين .
10-أن الشيعة لم تعرف أن للحسن العسكري ولداً سمي محمداً .
11-أن الشيعة اعتقدت أن الإمام بعد الحسن هو أخوه جعفراً ولذلك عزَّوه وهنأوه.
12-أن النفر الذين قدموا من قم لم يعرفوا شخص الإمام ولا اسمه.
13-أن النفر الذين قدموا من قم لم يعرفوا أن الإمامة لا تصح في أخوين.
14-أن النفر الذين قدموا من قم لم يعرفوا ان للحسن العسكري ولداّ سمي محمداً.
15-أن جهل الشيعة استمر حتى مع أن الذي صلّى على الحسن العسكري هو رجل أوعز أنه ابنه ومع أنهم سمعوه يقول لعمه جعفر : تأخر ياعم فأنا أحق بالصلاة على أبي . إذ إن الشيعة أشارت إلى جعفر بأنه الإمام بعد الدفن والصلاة على الحسن العسكري.

وهذا كله يثير هذه التساؤلات :

س1 : لماذا جهل أبو الأديان اسم الإمام وأن للحسن ولداً اسمه محمداً مع وجود نصوص؟
س2 : لماذا أخبر الحسن العسكري أبا الأديان بأن الإمام هو من يصلي عليه ولم يخبره بأسمه وإن كان هذا هو ولده فهل حديث الاثني عشر لم يكن موجوداً نذاك؟
س3 : هل كان لا يعرف حديث الاثني عشر الناص على أسمائهم؟
س4 : لماذا جهل أبو الأديان أن الإمامة لا تصح في أخوين مع وجود نصوص لا تجيز ذلك؟
س5 : لماذا حدّد الحسن العسكري علاماتٍ لمن هو الإمام مع وجود نص متواتر يحدد اسم الإمام ؟ وأنه الأكبر من الأولاد؟
س6 : لماذا قال : إن يكن هذا الإمام - يريد جعفر - فقد حالت الإمامة ؟ فهل كان لا يعرف حديث الإثني عشر؟
س7 : لماذا لم يعرف أن الإمام ليس هو جعفر إلا حينما جاء الصبي فأخر جعفراً عن الإمامة وصلى على الحسن هذا الصبي؟
س8 : لماذا جهلت الشيعة اسم الإمام ؟ وأن للحسن ولداً اسمه محمداً ؟ مع وجود نصوص تدعي الجعفرية تواترها تنص على أسماء الأئمة؟
س9 : لماذا جهلت الشيعة أن الإمامه لاتصح في أخوين مع وجود نصوص تدعي الأثي عشرية تواترها تنص على ان الإمامة لا تصح في أخوين؟
س10 : لماذا اعتقدت الشيعة إمامة جعفر؟ واستمر ذلك الإعتقاد مع مشاهدتهم لمحمد العسكري يخاطب عمه : تأخر ياعم فأنا أحق بالصلاة على أبي .
س11: لماذا جهل النفر الذين قدموا من قم اسم الإمام؟
س12: لماذا جهل النفر الذين قدموا من قم أن الإمامة لا تصح في أخوين.

رواية أهل السنة لميلاد محمد بن الحسن

كيف تقول الاثني عشرية إن بعض المؤرخين من أهل السنة ذكروا ميلاد وتاريخ محمد بن الحسن مع أن الاثني عشرية يذكرون أن ولادته كانت سرية ، وأن أبا الأديان لم يعرف ولادته وكذلك الشيعة ، وأن الشيعة تقدمت معزية مهنئة لجعفر ، ومع أن النفر الذين قدموا من قم لم يعرفوا ذلك أيضاً، ومع أن حكيمة كانت تراقب نرجس ولم ترَ بها أثراً من الحمل ، وأن اعتقاد الشيعة لإمامة جعفر استمر حتى بعد ظهور محمد بن الحسن ، وصلاته على أبيه ، ومخاطبة عمه بأن يتأخر ، ومع أن الشيعة اختلفت بعد موت الحسن العسكري ، وأن منهم من توقف ، ومنهم من قال بإمامة جعفر ، وأن الفقهاء من الفطيحة - وهم من أهل الورع والعبادة والعلم - مثل عبدالله بن بكير بن أعين ونظرائه قالوا : إن الحسن بن علي توفي وأنه كان الإمام بعد أبيه ، وأن جعفر بن علي الإمام بعده (2) .

فكيف يجهلون النص على أسماء الأئمة ؟ وأن اسم الإمام بعد الحسن هو محمد ؟ وكيف يجهلون ولادة محمد بن الحسن ويقولون بإمامة جعفر وينكرون أن للحسن ولداً وهم أهل عبادة وتدين وصدق وعلم ورواية ؟

ومامعنى توقف البعض وقولهم : نحن لاندري مانقول في ذلك ، وقد اشتبه علينا الأمر فلسنا نعلم ألِلحسن بن علي ولدٌ أم لا ، ولا الإمامة أصحت لجعفر أم لمحمد ، وقد كثر الاختلاف والأرض لا تخلوا من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم على القول بإمامة أحد بعده (3) .

بل وجدنا الشيعة – كما ذكر النوبخي والأشعري في المقالات والصدوق والنعماني وغيرهم- اختلفوا بعد موت الحسن العسكري ، وأن من ضمن من لم يقل بولادة محمد بن الحسن وقال بإمامة جعفر - الذي يطلقون عليه الكذاب - علماء من أكابر الإمامية التي تروى عنهم الكتب والأصول من أصحاب الحسن العسكري !!
وكيف يعلم بعض أهل السنة ولادة واسم الإمام بعد الحسن والاثنا عشرية أنفسهم شكّوا في ولادته ؟ فمنهم من يقول هو حمل ، ومنهم من يقول هو غائب ، ومنهم من يقول ولد قبل سنتين (4) . ويذكرون أن الحسن العسكري قال : إن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون (5) . وأن الحسن قال : هو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته.

وكيف يذكر هؤلاء الذين تقول الاثنا عشرية أنهم من أهل السنة باباً في عصمة الأئمة وباباً في الأئمة الاثني عشر ، وباباً في أسماء الأئمة ، وهم لا يعتقدون أن هناك أئمة معصومون ولا أن الصادق والباقر والعسكري أئمة ؟

وكيف تكون تلك الروايات من طريق السنة مع أن السند ينتهي إلى ابن بابويه والطوسي وغيرهما ؟!
والغالب في الظن - إن لم يصل إلى مرتبة اليقين - أن بعض هؤلاء - الذين ذكر أنهم من أهل السنة - هم اثنا عشرية وأنهم استخدموا التقية ، وإلا فما معنى أن يذكر باباً في عصمة الأئمة وباباً في أن الائمة اثني عشر إماماً ويسميهم بأسمائهم .
والتاريخ يشير بوضوح إلى أن الحسن العسكري مات ولم يخلف ولداً وأن أخاه جعفر بن علي أخذ ميراثه.


تأمل !!!

عن عبدالله بن عطاء المكي أن محمد بن علي قال له : انظر من لا يدري الناس أنه وُلد أم لا فذاك صاحبكم (6) !
وفي رواية : انظروا من عميت على الناس ولادته فذاك صاحبكم (7) !


تساؤلات



س1 : مالذي دعى الفطحية وهم العلماء العابدون الورعون إلى القول بإمامة جعفر بن علي المسمى عند الجعفريه بجعفر الكذاب ؟
س2 : لماذا التفت الشيعة أصحاب الحسن العسكري حول جعفر بن علي يعزونه ويهنئونه مع تواتر الحديث الذي ينص على اسماء الأئمة ثم تراجعوا حينما رأوا – كما تزعم الاثنا عشرية – محمد بن الحسن يجذب عمه حينما أراد أن يصلي على الحسن العسكري؟
س3 : لماذا لم يذكر الأشعري صاحب المقالات والنوبختي صاحب فرق الشيعة حديث الاثنى عشر ويلزما الخصم به ؟!!
س4 : ولماذا استدلا بنحو أن الحجة لا تخلو وأن الإمامة لا تكون في أخوين على إثبات وجود ابن الحسن .
س5 : لماذا كثرت الأحاديث التي تدل على أن الإمام من كان عند سلاح رسول الله ويعلم الغيب ، ومن تقدمت إشارة له من أبيه ، وأنه من يكلم الناس والطير بكل لغه ، وأنه من يخترق القوانين وله ولاية كونية مع وجود حديث متواتر ينص على أسمائهم ؟ ومع أن ماذكر في السؤال ليس لمعرفة مسمى الاسم- أي لمعرفة الإمام المنصوص عليه في الحديث بشخصه - ؟ ومع أن الذين عرفوا – كما زعمت الاثنا عشرية – الأئمة بهذه الطرق المتقدمة كانوا من أصحاب الإمام السابق ومن أهل العلم والورع والعباده ؟ هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ؟ نبئونا بعلم إن كنتم صادقين ؟!!
س6 : بعض الإمامية كالشيرازي والخميني يقول بأن الإمام يعلم ما يكون وقد ردّ عليهم المرتضى قائلاً : قلنا : إن الإمام لا يجب أن يعلم الغيوب وما كان وما يكون لأن ذلك يؤدي إلى أن يشارك القديم تعالى في جميع معلوماته (8) . وقد صرح المجلسي بكفر القائل بالولاية التكوينية كما هو مذكور في الأربعين حديثاً للخميني مع أن الخميني يقول بالولاية التكوينية.
وقال الطوسي في تلخيص الشافي : وأما قولهم إنه يجب أن يكون عالماً بسائر المعلومات وبالغيب فلا شبهة في بطلانه (9) .

تأمل :

الكليني عن عبدالله بن سليمان العامري عن أبي عبدالله (ع) قال : مازالت الأرض إلا ولله فيها الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله (10) .
وروى أيضاً عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله (ع) قال : سمعته يقول إن الأرض لا تخلوا إلا وفيها إمام كي ما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم ، وإن نقصوا شيئاً أتمه لهم (11) .
وروى أيضاً عن بشير العطار قال : سمعت أبا عبدالله يقول : نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته (12).\

ونقول :
س: أين الحجة اليوم الذي يعرف الحلال والحرام ، ويدعو الناس إلى سبيل الله ؟
س: وأين الحجة اليوم الذي ما إن زاد المؤمنون شيئاً ردهم ، وإن نقصوا شيئاً أتمه لهم؟
س: وكيف يأتم من أوجب العصمة اليوم من ليس بمعصوم ولا يعذر الناس بجهالته ؟

روايات في محمد بن الحسن

ويروي الشيخ الطوسي بسنده عن أبي سليمان داود بن غسان البحراني أن أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي قال : دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (ع) في المرضة التي مات فيها ، وأنا عنده إذ قال لخادمة عقيد – وكان الخادم أسود نوبيّا قد خدم من قبله علي بن محمد(ع) وهو ربّى الحسن(ع) – : ياعقيد اغل لي الماء بمصطكيّ . فأغلى له ، ثم جاءت به صيقل الجارية أم الخلف ، فلما صار القدح في يديه وهم بشربه جعلت يده ترتعد حتى ضرب القدح ثنايا الحسن (ع) ، فتركه من يده وقال لعقيد : ادخل البيت فإنك ترى صبياً ساجداً فائتني به .
إلى أن قال : فقال للصبي أبو محمد (ع) : أبشر يابُنيّ ؛ فأنت صاحب الزمان وأنت المهدي وأنت حجة الله على أرضه ، وأنت ولدي ووصيي وأنا ولدتك ، وأنت م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ولدك رسول الله (ص) (13) .

وروي المجلسي في جلاء العيون عن ابن بابويه وآخرين أنهم رووا عن رجل من أهل قم ، وفي هذه الرواية أن السلطان بعث إلى أبي عيسى المتوكل فأمره بالصلاة عليه ، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتّاب والقضاة والفقهاء والمعدّلين ، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام ، مات حتف أنفه على فراشه . حضر من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ، ومن المتطببين فلان وفلان ، ومن القضاة فلان وفلان . ثم غطى وجهه وقام فصلى عليه وحمل من وسط داره ، ودفن في البيت الذي دفن فيه ابوه عليهما السلام ، فلما دفن تفرق الناس ، و اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور (14) .

* الموضوع في ملف وورد مع الهوامش والمصادر في المرفقات .
المرفقات
الموعظة الحسنة 3 -المهدي الشخصية الوهمية.doc.zip
(46.16 KiB) حُمِّل 157 مرةً
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

Re: الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة لن نذل »

سلسلة الموعظة الحسنة 4
تــأمــلات*

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وبعد ؛
نقف وإياك أيها القارئ الكريم في هذا العدد من سلسلتنا متأملين لشئ مما ورد من أجوبة الاثني عشرية وغيرها، لنعرف صحة مطابقة ما جاء فيها لعقائدهم التي يدينون بها ، وهذا من الأهمية بمكان ؛ لأن كثيراً ممن يُعجَب بتلك الأفكار لا يتأمل صحة العقائد مقارنة مع الواقع العقلي والقرآني والنبوي أولاً ، ومع واقع أصحاب تلك الأفكار ثانياً ، وها نحن هنا نلقي لمحة على الجانب الثاني وهو صحة عقائد الاثني عشرية مقارنة بواقعهم .

فتأمل أخي العزيز في قراءة هذه الوريقات ، وإذا كان لك أي استفسار فلا تتأخر في إرساله عبر أي البريدين العادي أو الالكتروني .

إجابات وردود



إجابة الإمامية على اختلافهم بعد موت كل إمام كانت :
1)أن النبي صلوات الله عليه وعلى آله نص على علي (ع) أمام مائة ألف أو يزيدون من المسلمين ، ثم بعد موت رسول الله (ص) اختلفوا في تحديد الإمام فلو كان اختلافهم حجة لكانت الأدلة على إمامته باطلة.
2)أن سبب ذلك يعود إلى أنه كانت لديهم أموالٌ من الإمام السابق فجحدوا إمامة اللاحق لأجل المال.
قلت : إننا استدلينا على بطلان حديث الاثني عشر باختلاف أصحاب الإمام في تعيين الإمام الذي بعده مع القول بأن الاثني عشرية قد وثقتهم وروت عنهم ، ومع القول بأن سبب توقفهم في الإمام اللاحق أو اختلافهم كان لأجّل الحيرة والشك والريب وأثبتنا ذلك بالأحاديث المتكاثرة من جهتكم.

ثم نقول : إن الأدلة على إمامة الإمام علي عليه السلام كالغدير والمنزلة ونحوهما مما لا اختلاف في صحتها وإفادتها العلم وإن كان هنالك خلافاً في مدلولها ، ثم إن الأحاديث الدالة على ولايته عليه السلام ليست ضرورية بحيث لا تحتاج إلى استدلال أي أن الأدلة على إمامته ومدلولاتها قطعية استدلالية ، بينما حديث الاثني عشر الذي ينص على أسماء الأئمة لا يمكن أن يختلف فيه – مع القول بتواتره جدلاً- إلا أن يكون المخالف عالماً بإمامة اللاحق ولكنه أنكر ذلك تعدياً .
فأنتم معشر الاثني عشرية قد كفّرتم وَفَسَّقْتُمْ الصحابة الذين لم يقولوا بولاية أمير المؤمنين بينما لم تفسقوا الواقفية والفطحية وغيرهما بل عدلتموهم ورويتم عنهم أصول الكتب .

فمن الفطحية عبد الله بن بكير ؛ قال الشيخ في الفهرس برقم464 : فطحي المذهب إلا أنه ثقة . وقال أيضاً في عدة الأصول : إن الطائفة عملت بما رواه عبدالله بن بكير . وعدّه الشيخ المفيد في رسالته العدية من فقهاء الصادقين والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام ، الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم أحد منهم(1).

ومنهم أحمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي، قال الشيخ في الفهرس برقم72: كان فطحياً .وقد استدل المامقاني في الفائدة السابعة من مقدمة كتابة تنقيح المقال [ ج1 ص193 ] على صحة روايتهم ومن ضمن ماقال : بل روى الشيخ في كتاب الغيبة [ ص239 ] عن أبي محمد الحسن عليه السلام أنه سئل عن كتب بني فضال فقال: خذوا بما رووا وذروا مارأوا(2) اهـ . علماً بأن بني الحسن بن علي بن فضال من الفطحية (3) .

قلت : هذه الأقوال تدل على أنهم لم يرجعوا عن القول بإمامة عبدالله بن جعفر فيكون مجموع الأئمة عندهم ثلاثة عشر إماماً ؛ لأن عبدالله بن جعفر بقي بعد جعفر تسعين يوماً ، فكيف جهل هؤلاء الأعلام الرؤساء - على حد تعبير المفيد - والملازمين لجعفر الصادق (ع) حديث الإثني عشر الذي ينص على أسماء الأئمة مع أن العامي من الاثني عشرية يستحيل أن يجهل أسماء الأئمة حتى ولو لم يعرف نصََّ الحديث لأنَّ الجعفرية تتميز من بين المذاهب بقولها بحصر الإمامة في اثنى عشر وفي أنهم منصوص عليهم، فما بالك بهؤلاء الأعلام !!

زرارة (4) مات ولم يعرف أن الإمام بعد الصادق هو ابنه موسى

تبريرات وردود

1-قالوا : انا لم ندّعِ أن جميع الشيعة في ذلك العصر عرف الأئمة الاثني عشر بأسمائهم .
قلت : إنَّ العادةَ تَقتضي في مثل زرارة – والذي زعموا أنه أعلم أصحاب الصادق ، وأن الرياسة كانت له في أصحاب الصادق - أن يعرف مَنْ هو الإمام الذي بعد الصادق (ع) بواسطة النص من السابق أو النص على أسماء جميع الأئمة ، وكلا الأمرين يجهله زرارة .
فقد قال النجاشي في زرارة : شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم ، وكان قارئاً فقيهاً متكلماً أديباً اجتمعت فيه خلال الفضل والدين . وقال الصادق في زرارة وغيره- كما تروي الاثنا عشرية - : هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي (ع) . وقال : هم نجوم شيعتي أحياءً وأمواتاً.
فمن البعيد بل المستحيل عادةً أنْ يجهل رجلٌ في حجم زرارة - الذي هو الأمين وحافظ للدين والمتكلم وشيخ الاثني عشرية والمتقدم عليهم - اسمَ الإمام ، ويجهل النص الذي تزعم الاثنا عشرية تواتره والذي ينص على أسماء الأئمة ، ويجهل النصوص على التحديد الإمام بعد الصادق مع وجود النص الذي تزعم الاثنا عشر أنه يفيد العلم وأنه ينص على أسماء الأئمة .

2- قالوا : إنه قد قيل إن زرارة قد كان علم بأمر موسى بن جعفر (ع) وبإمامته ، وإنما بعث ابنه ليتعرف عن موسى بن جعفر(ع) هل يجوز له إظهار مايعلم من إمامته أو يستعمل التقية في كتمانه ، وهذا أشبه بفضل زرارة وأليق بمعرفته . وقال بعض المتأخرين: وهذا هوالصحيح .
قلت : قولهم : قيل . دليل على تضعيفه من ناحية الرواية، وقولهم : وهذا أشبه بفضل زرارة وأليق بمعرفته . تقويةٌ للرواية الضعيفة من ناحية علم زرارة وعدم جهله.
لكن التقية مِنْ مَنْ ؛ أمن ابنه الموجود عنده وحيداً ؟ ثم كيف يتقي في إمامة موسى بن جعفر فقط وهو يظهر القول بإمامة زين العابدين والباقر والصادق ؟ وكيف يتقي ويرسل ولده إلى موسى بن جعفر سائلاً عن الإمام الذي بعده؟ فلماذا لم يتقِ في إمامة الصادق ؟ وأليس الأليق أن يقول - متقياً - بإمامة العباسي في وقته لا أن يرسل إلى موسى بن جعفر ؛ فكيف يتقي وهو يسأل موسى فما علاقة موسى بالإمام والعملية كلها تقية؟
ثم كيف يتقي وهو القائل قبل رجوع ولده بعد رفع المصحف: اللهم إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد (ع). فيثبت إمامة جعفر ويثبت أن الإمام من ولد جعفر ثم تقول الاثني عشرية إنه يتقي ؟ إن الانسب أن يقول - إذا كان متقياً - بإمامة العباسي وينكر أن الإمامة في ولد جعفر . ثم لماذا يرفع المصحف قبل رجوع ولده ؟ وماهي الفائدة من الرفع إذا كانت القضية والمسألة تقية ؟
ثم إن السائل حينما سأل الرضا عن زرارة يقول : لم بعث زرارة ابنه عبيداً . ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق جعفر. يدل على أن الرواية التي تدل على جهله للإمام بعد الصادق ، والتي تدل على أن الإرسال كان لأجل التعرف على الوصي بعد الصادق صحيحة .
وجواب الإمام الرضا(ع) المزعوم مبنيٌ على أنه يعلم الغيب وبالتالي عرف أن قصد زرارة هو التقية مع أن معرفة الإمام للغيب باطلة ، وهذا لا ينافي أن يعرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الأئمة بعض الغيبيات من جهة الله ، أو من جهة رسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فالإمام الحسن بن علي(ع) حينما تناول السم لم يكن يعرف أنه سمٌ ، والإمام علي بن موسى الرضا حينما تناول السم لم يكن يعرف أنه سمٌ ، وإلا لكانا قاتلين لنفسيهما ، والإمام علي حينما أرسل الأشتر إلى مصر لم يكن يعرف أنه سيقتل في الطريق ، وحينما أرسل محمد بن أبي بكر والياً على مصر لم يكن يعرف أنه سيقتل وإلا لماذا أرسل الإمام علي (ع) الأشتر مع أنه يعلم أنه سيقتل في الطريق ؟ ولماذا يرسل محمداً إلى مصر مع علمه أنه سيقتل ويفشل في جمع أهل مصر.
والله يقول: (( قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير )) . وهذا لا ينافي أن يعرف بعض الأمور الغيبية من جهة الإخبار من الله ، أو أن يعرف أمير المؤمنين أن قاتله عبدالرحمن بن ملجم ، وأن يعرف اليوم الذي سيقتل فيه من دون أن يعرف الساعة والزمان ، ومن دون أن يقال إنه ترك نفسه لعبد الرحمن بن ملجم ، ولنا رسالة في هذا الموضع سنطبعها إن شاء الله .

أحاديث الاثني عشر إماماً ترجع في الأصل إلى عدد يسير

قد ذكرنا أن اختلاف أصحاب كل إمام بعد وفاته في تحديد هوية الإمام الذي بعده - خاصة الحسن العسكري - وسؤالهم الإمام : من الإمام بعدك ؟ وأن أهل البيت لم يكونوا عالمين بحديث الاثني عشر ، يدل على عدم وجود النص فضلاً عن تواتره ، وأنه لم يكن من مروياتهم فضلاً عن أن يكون متواتراً عنهم (5) .
والآن نتحدث بصورة موجزة عن الأحاديث في الاثني عشر عند الإمامية ، وأنها غير متواترة ؛ فنقول إن أحاديث الاثني عشرية ترجع في الأصل إلى عدد يسير يجوز عليهم الكذب والخطأ وذلك لأمور:

1-أن جمهور الشيعة كانوا لا يقولون بالنص في الاثني عشر بل كانوا يقولون بمقالة الزيدية ؛ فإن إبراهيم بن موسى أخا علي بن موسى الرضا خرج ودعى إلى نفسه وكان قبل ذلك مع الإمام محمد بن إبراهيم طباطبا وحكم اليمن وسيطر عليها (6) ، وكانت الشيعة بشكل عام تلتف حول القائم من أبناء فاطمة (ع) ولذلك كانوا المبايعين للإمام زيد ويحيى بن زيد ومحمد بن عبدالله وإخوانه ، وغيرُهم عليهم السلام كثيرٌ وإن خذلوهم وتركوهم، كما خذلوا الحسين صلوات الله عليه .
فقد خرج الإمام زيد في العراق وكذا محمد بن عبدالله وأخوه إبراهيم وكذا محمد بن إبراهيم طباطبا ، وخرج الإمام محمد بن زيد وأخوه الحسن بن زيد في طبرستان وكذا الإمام الناصر الأطروش ، وخرج الإمام محمد الديباج بن الصادق في الحجاز فقد بايعه الناس وإن خذلوه كما خذلوا الحسين ، وخرج الإمام يحي بن زيد وبدأ دعوته من خراسان وانتقل منها إل سرخس ومنها إلى بلخ وذلك بسبب مطاردة العباسيين له ، وعندما استشهد ما ولد لأهل خرسان ولد إلا أسموه زيداً أو يحيى .
والإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية أرسل ابنه عبدالله إلى خرسان وقتل في آخر أيام أبي جعفر وأرسل ابنه علياً إلى مصر وابنه الحسن إلى اليمن . وخرج الإمام الحسين بن على الفخي(ع) في الحجاز وقتل في فخ بين مكة والمدينة ، وبايعه أهل البيت ، وخرج معه عبدالله بن جعفر بن محمد ويحيى وسليمان وإدريس بنو عبدالله بن الحسن .

وخرج الإمام يحيى بن عبد الله إلى بلاد الترك يبث دعوته ووردته بيعة مائة الف رجل من مختلف الأمصار ثم خرج إلى بلاد الديلم .
وقال أهل الكوفه للإمام زيد بن علي صلوات الله عليهما حينما أراد العودة إلى المدينة : إين تخرج رحمك الله ومعك مائة الف سيف ؟ وأنطوى ديوانه على خمسة عشرالف مقاتل من أهل الكوفة فقط دع عنك سائر البلدان . كما امتدت بيعة الإمام محمد بن عبدالله إلى جميع الأمصار.

أخي القارئ ؛ إن هذه الثورات كانت في الحجاز والعراق اليمن وخرسان وطبرستان وبلاد الترك وغيرها ، إن ذلك ليؤكد أن الجمهور من الشيعة والغالب منهم لم يكن يعلم بنص على إمام معين أو بحديث ينص على إمام معين أو بحديث ينص على أسماء الأئمة أو يحددهم بعدد مخصوص ، ويدل على أن تلك المواطن لم يكن للاثني عشرية فيها عدد كبير - مع أن الواقع أن تحديد عدد الأئمة باثني عشر وبأسمائهم لم يحصل إلا بعد موت الحسن العسكري بفترة - .

2-أن الأغلب من أصحاب الحسن العسكري بعد موته كان يقول بإمامة جعفر أخيه فقد قال أبوالأديان البصري - أحد خدم الحسن العسكري - أنه عاد إلى سامراء يوم وفاة العسكري فرأى الشيعة حول جعفر بن علي يعزّونه ويهنّئونه (7) .
وأن بعضاً من أصحاب الحسن العسكري أنكر ولادة محمد وقالوا بانقطاع الإمامة ، وهذا يدل على أن حديث الاثني عشر لم يكن من مروياتهم ومن الأحاديث المتواترة ، ويدل على أن الرواة له – إن سلمنا جدلاً بوجود راوٍ له آنذاك – لم يبلغوا حدّ التواتر وإلا لما خفي عليهم أن جعفر ليس هو الإمام ، ولما خفي عليهم أن الإمام تخفى ولادته ويشك الناس فيه وأن اسمه محمد بن الحسن ، وأن له غيبتين .

3-أن النوبختي والأشعري في فرق الشيعة والمقالات - سواء كان الكتابان لواحد أو أكثر - ذكرا اختلاف أصحاب الحسن بعد موته إلى أربعة عشر فرقة منها القطعية ، وذكرا أدلة القطعية ولم يذكرا النص على أسماء الأئمة بل قالا مستدلين إن الأمامة لا تعود في أخوين إلى قيام الساعة بعد حسن وحسين (ع) ولايجوز أن تخلو الأرض من حجة من عقب الإمام الماضي قبله .

وذكرا أن الفقهاء من الفطحية من أهل الورع والعباده مثل عبدالله بن بكير بن أعين ، ونظرائه زعموا أن الحسن بن علي توفي ، وأنه كان الإمام بعد أبيه ، وأن جعفر بن علي الإمام بعده (8) .

فلو روى الحديث الذي ينص على الأئمة مائتا راوٍ - كما يقول صاحب الخزّاز في كفاية الأثر - لما اختلف أهل العبادة والفقهاء أصحاب الحسن بعد موته في تحديد شخصية الإمام ، ولما قال الفقهاء من الفطحية أهل الورع العبادة أمثال عبدالله بن بكير بن أعين ونظرائه بإمامة جعفر بن علي ، ولو كان الحديث يرويه عدد كثير لعلموه خاصة وهم علماء عابدون .

مع أن من الذين اختلفوا بعد موت الحسن فرقة قالت : نحن لاندري ما نقول في ذلك ، وقد اشتبه علينا الأمر فلسنا نعلم أن للحسن بن علي ولد أم لا ! وأن الإمامة صحت لجعفر أم لمحمد ! وقد كثر الاختلاف والأرض لا تخلوا من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم على القول بإمامة أحدٍ بعده (9) ، الذي يدل على حيرة عظيمة وشبه جسيمة أدّت هؤلاء إلى التوقف ويدل على عدم وجود نصوص في ذكر أسماء الأئمة وعدم وجود روايات متواترة لدى الأثني عشرية أنفسهم ، تدل على أن الإمامة لا تصح في أخوين وأن الإمامة تكون للولد الأكبر من أولاد الإمام السابق.

رواية هشام بن سالم وصاحب الطاق

عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبدالله (ع) أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر أنه صاحب الأمر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده ، وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله أنه قال : إن الأمر في الكبير مالم تكن به عاهة .

فدخلنا عليه فسأله عما نسأل عنه أباه ، فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ فقال : في مائتين خمسةٌ . فقلنا : ففي مئة ؟ قال : درهمان ونصف . فقلنا : والله ماتقول المرجئة هذا . قال : فرفع يديه إلى السماء فقال : والله ماأدري ماتقول المرجئة .

قال : فخرجنا من عنده ضلالاَ لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الأحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكيين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد ، ونقول : إلى المرجئة ؟ إلى القدرية ؟ إلى الزيدية ؟ إلى المعتزلة ؟ إلى الخواج ؟!! فقال أبو الحسن (ع) : إليّ إلي ، لا إلى المرجئة ولا إلى الحرورية .
فقمت وقبلت رأسه (10).

نقول : النص يشير بوضوح تام إلى عدم معرفة الشيعة جميعاً المجتمعين حول عبدالله بن جعفر حديث الاثني عشر الذي ينص على أسمائهم ، ويزيد هذا وضوحاً حينما ترى أن صاحب الطاق وهشام بن سالم كانا حيارى أيضاً ، وقوى هذا أيضاً أن معرفتهم لإمام زمانهم موسى لم يكن إلا لأنهم عرفوا أنه يعلم ما في ضمائرهم ، وقولهم إن الأمر في الكبير يدل على أنهم لم يكونوا يعرفون إمام زمانهم إلا بهذا ، يزيدك وضوحاً لكلامنا هذا جهلهم - أي العلماء والفقهاء ومشايخ الشيعة - لإمامة موسى بن جعفر .

قال الراوي : فخرجنا من عنه ضلالاً لا ندري إلى أين نتوجه . هذا الكلام يدل على عمق الشك الذي حصل لهم بعد معرفتهم جهل من كانوا يعتقدون إمامته .
ثم قول هشام : والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر . يدل على أن الكل يجهل النصوص ، وقوله : فقال أبو الحسن (ع) : إليّ إليَّ . يدل على أن معرفة الإمام لم يكن بالنصوص بل بالمعجزات وعلم الغيب.

ونتسائل :

س : كيف جهلت الشيعة ومنهم هشام بن سالم وصاحب الطاق اسم الإمام الذي بعد جعفر مع أن هشام وصاحب الطاق من كبار العلماء والملازمين لجعفر ؟
س : لماذا اعتقد صاحب الطاق وغيره من الشيعة إمامة عبدالله بن جعفر مع وجود نصوص تدل عل أسماء الأئمة ؟ وإذا كانت هذه النصوص خاصة بالعلماء وفي إطارهم ، فكيف جهل هشام وصاحب الطاق ؟!
س : لماذا احتار صاحب الطاق وهشام وغيرهما الذين كانوا من أفقه وأعلم أصحاب الصادق ؟ وخرجا من عند عبدالله ضلالاً حيارى ؟!
س : لماذا لم تتم معرفة الإمام عندهم إلا حينما علم موسى بن جعفر لما في قلوبهما - أي علم الغيب - ؟
س : لماذا لم تعلم الاثني عشرية بالوصية من جعفر إلى موسى بن جعفر ؟ بل لماذا لم يعلم أفقه وأعلم أصحاب الصادق وصيته لابنه موسى ؟ دع عنك النص المتواتر على أسماء الأئمة .


مركز البحوث الإسلامية
ص.ب. 1934
b7ooth@ yahoo.com

*الموضوع كاملاً مع الهوامش والمصادر في ملف وورد في المرفقات .
المرفقات
الموعظة الحسنة 4- تأملات.doc.zip
(46.6 KiB) حُمِّل 172 مرةً
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

المودة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 7
اشترك في: الخميس مارس 18, 2010 10:55 am

Re: الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة المودة »

بسم الله الرحمن الرحيم
واسـتـقـر بـي الـنـوى

تأليف
السيدالحجة محمد بن حمود العمدي حفظه الله


يوم خُيِّرت بين الشامخين
لم يكن جديداً عليَّ هذه المرّة أيضاً أن أذعن للحقيقة التي وصلتُ إليها.

فمنذ أن حدثتْ تلك العاصفة الهوجاءُ في حياتي سنة 1412 هـ(1) وأناأبحث في المذاهب وأدرسُها وأرحل منها إليها! لستُ أدري إلى أين يمضي القطار
خلتُ أن يكتفي من حطام ونار
فانبرى منكراً فكرتي ذا القطار
إن نيرانه من شظايا الفِكَر
وبما غيرها ليس يحلو السفر(2)


____________

1) عندماتركتُ مدينة «صَعْدَة» التي كنتُ أدرس بها متجهاً نحو صنعاء متنقِّلاً بين محافلهاالثقافية والفكرية باحثاً عن فكرة أحمِلُها يُذعن لها عقلي وتطمئنُّ لها روحي.

2) المقطع الاخير من قصيدة «شظايا فِكر» من ديوان «إلى الله» للكاتب (صاحب هذه السطور) مخطوط.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 10
--------------------------------------------------------------------------------

ولكنّ الجديد فيها هو هذا الاتصال الروحي بأبعادها المترامية وهذاالعشق العرفاني بالاخلاص لهاوالهيام الروحاني بالسير في سبُلها.

كنتُ قد اعتكفتُ ـ شِبْه اعتكاف!! لمدّة قصيرة ـ متصوِّفاً في جامع النهرين بصنعاء ممارساً ـ كما أسميتُ تلك المرحلة من حياتي ـ بـ «دور النقه الروحي» أمضي بعدها سبيلي في الصراع مع أمواج أفكار العالم وأطروحات صراع الحضارات... !

حين أتى ذلك الاخ المؤمن وقال لي: ما الذي أتى بكَ إلى هنا؟

قد سمعنا عنك أنك قد لويت عنانك لعالم الافكار الحديثة(1) والمنهج العلمي المادّي(2) فما أنت وهذا المكان؟!


____________

1) أردت بالافكار الحديثة ما كان من قبيل الطرح الفلسفي المعاصر كفلسفة الاخلاق وفلسفة العلوم ومناهج ونظريات البحوث الابستمولوجية المعاصرة وحوار الاديان وحوار الحضارات أو صراعها و...

2) المنهج هو الطريق المتبوع، وهو بالمعنى العلمي: مجموعة الاجراءات التي ينبغي اتخاذها بترتيب معين لبلوغ هدف معين، وتتوقف طبيعة هذه الاجراءات وتفاصيلها على الغاية منها، وتتنوع بتنوع العلوم، وتختلف في العلم الواحد من عالم إلى عالم ومن عصر إلى عصر... انظر: الموسوعة الفلسفية: 471.

وقصدت بوصف «المادّي»: المعنى الفلسفي للنزعة القائلة: بأن كلّ ما هو موجودٌ ماديٌّ... انظر: الموسوعة الفلسفية المختصرة: 284.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 11
--------------------------------------------------------------------------------

قلتُ: لا عليك، أنا كما سمعتَ; إلاّ أنّي أحببتُ أن أمرّ بدور «نقه روحي» لاتوثّبَ من جديد لمواصلة طريقي في عالم الفكر الحديث وطرحه العلميّ البحت (التجريبي)(1) .

قال: وما زلتَ في مطالعاتكَ كما كنت؟

قلتُ: لا.

قال: وكيف تدير رحى «نقهك الروحي» هذا إذن؟

قلت: بما يعنيني ولا يعنيك!


____________

1) التجريبية: تعاليم نظريّة المعرفة التي تذهب إلى أنّ التجربة الحسيّة هي المصدر الوحيد، وتؤكّد أن كل معرفة تقوم على أساس التجربة، ويتم بلوغها عن طريق التجربة. انظر: الموسوعة الفلسفية (السوفياتية): 110.

وحاولت ـ بربطي لـ «التجريبي» بـ «الفكر الحديث» ـ النظرَ إلى التجريبية المنطقية الحديثَة التي تقصر التجربة على المجموع الكلي للاحساسات أو الافكار، منكرة أنّ التجربة تقوم على أساس من العالم الموضوعي.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 12
--------------------------------------------------------------------------------

قال: فهلاّ عرّجتَ على كتاب أو كتب للصوفيّة(1) تبهج روحك وتؤنس خلوتك؟!

قلت: لي في كتاب الله سلوةٌ وعزاء!

قال: لجدّك الامام يحيى بن حمزة(2) كتابٌ اسمه «تصفية

____________

1) التصوف: مصدر الفعل الخماسي المصوغ من «صوف» للدلالة على لبس الصوف، ومن ثم كان المتجرِّدُ لحياة الصوفيّة يُسمَّى في الاسلام صوفيّاً.

وورد لفظ «الصوفي» لقباً مفرداً لاوّل مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، إذ نُعِتَ به جابر بن حيّان، ولا يستطيع الباحث في تاريخ الصوفية أن يظفربتعريف جامع مانع للتصوف.

ويقول الانصاري (ت 929 هـ) «التصوف علمٌ تُعرَفُ به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الاخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الابدية. انظر: حقائق عن التصوف: 13، دائرة المعارف الاسلامية: 5/265، التصوّف منشؤه ومصطلحاته: 21.

2) الامام المؤيّد بالله أوالمؤيّد بربّ العزّة يحيى بن حمزة بن علي (669 ـ 749 هـ) يُعتبر من أكابر أئمة الزيدية، ويجعله الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه «الزيدية»: «قمة اللقاء» بين الزيدية والمعتزلة، وألّف حوله كتاب «الامام المجتهد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية»، ادّعى يحيى بن حمزة الامامةَ سنة (748 هـ) ويُروى أن كراريس تصانيفه زادت على عدد أيام عمره، وهو صاحب موقف سِلْميٍّ ـ إن لم يكن مدافعاً ـ في حقّ «الخلفاء» الذين تقدّموا جدَّه الامام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وله مشربٌ معتزليٌّ ملحوظ، من أهم كتبه: «الشامل» في علم الكلام، و«الانتصار» في الفقه المقارن ـ وهو موسوعة فقهية ضخمة تقع في 18 مجلّداً ـ وله كتاب «تصفية القلوب من درن الاوزار والذنوب» يتصل نسب يحيى بن حمزة بالامام الجواد علي بن محمّد الهادي(عليهما السلام) الامامين العاشر والتاسع من أئمة أهل البيت الاثني عشر(عليهم السلام) عن طريق جعفر بن الامام الجواد. انظر: التحف شرح الزلف: 185، لوامع الانوار: 2/72، البدر الطالع: 2/184، الاعلام: 8/143، الموسوعة اليمنية: 2/1019، أعيان الشيعة: 10/289.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 13
--------------------------------------------------------------------------------

القلوب»(1) فلمَ لا تجعله «مُصفّياً لقلبك»؟!

قلت: ذاك كتابٌ قرأتُه منذ زمن !

قال: «فإحياء علوم الدين»(2) .


____________

1) «تصفية القلوب عن درن الاوزار والذنوب» لابي إدريس يحيى بن حمزة «المؤيد بالله» كتابٌ يتناول الاخلاق الفاضلة والاوصاف الحميدة، وهو ـ كما قيل ـ على نمط «إحياء علوم الدين ـ للغزالي» مرتب في عشر مقالات، طبع بتحقيق إسماعيل بن أحمد الجرافي ـ المكتبة السلفية ـ القاهرة 1985، وطبع ـ مؤخراً ـ بتحقيق سلفيٍّ للاهدل.

2) كتاب «إحياء علوم الدين»: من كتب المواعظ، رتّبه مؤلّفه أبو حامد محمّد بن محمّد الغزّالي الشافعي (505) على أربعة أقسام: ربع العبادات وربع العادات وربع المهلكات وربع المنجيات في كلٍّ منها عشرة كتب...، طبع مراراً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 14
--------------------------------------------------------------------------------

قلت: الحقُّ أنّي بين الفينة والاُخرى أُقلّب صفحات أحد مجلّداته وأقرؤها!

وسير بها في معارج العرفان؟

قلتُ: لا بأس!

قال: آتيك به.


* * *
وبعد يومين أو ثلاثة جاءَ وأعطاني كتاباً عرفانياً من كتب الشيعة الاثني عشرية(1) .


____________

1) «والشيعة: القوم الذين يجتمعون على أمر، وكل قوم اجتمعوا على أمر فَهُمْ شيعة، وكل قوم أمرُهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض... قال الزجاج: والشيعة أتباع الرجل وأنصاره... قال الازهري: والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويوالونهم. وقد غلب هذا الاسم على من يتولّى عليّاً وأهل بيته (رضوان الله عليهم أجمعين) حتى صار لهم اسماً خاصّاً، فإذا قيل: فلانٌ من الشيعة عُرِفَ أنه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا، أي عندهم، وأصل ذلك من المشايعة، وهي المتابعة والمطاوعة» انظر: التشيّع نشأته معالمه: 24، لسان العرب: 8/188 ـ 189.

«ولقد استعمل القرآن الكريم كلمةَ الشيعة بمعنى الانصار والاتباع الفكريين فقال: (وَإنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَِبْراهِيمَ) الصافات: 83» التشيع: 24.

«] التشيّع [ على التخصيص لا محالة لاتباع أميرالمؤمنين ] عليّ بن أبي طالب [صلوات الله عليه على سبيل الولاء والاعتقاد لامامته بعد الرسول ـ صلوات الله عليه وآله ـ بلا فصل ونفي الامامة عمّن تقدّمه في مقام الخلافة...»: أوائل المقالات: 2.

«الشيعة: هم الذين شايعوا علياً(رضي الله عنه)على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصاً ووصيّةً، إمّا جليّاً، وإمّا خفيّاً، واعتقدوا أنّ الامامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده، وقالوا: ليست الامامة قضيّة مصلحيّة تناط باختيار العامة، وينتصب الامام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، وهي ركن الدين...» الملل والنحل للشهرستاني: 146 ـ 147.

«والشيعة: ثلاث فرق: زيدية، وإمامية، وباطنية» الملل والنحل لابن المرتضى (مقدمة كتاب البحر الزخّار): 40.

«وإذا ثبت ما بيّناه بالسمة بالتشيّع ـ كما وصفناه ـ وجبت للاماميّة والزيديّة الجارودية من بين سائر فرق الامة...» أوائل المقالات: 3.

«... والعمدة في التشيّع مذهب الزيدية وعدلية الامامية...» الشافي لابن حمزة: 1/139.

والاثنا عشرية هم الاماميّة القائلون بوجود النصّ على اثني عشر إماماً ـ بعد الرسول ـ نصّ عليهم هو نفسه صلوات الله عليه وآله.

«باب الفرق بين الامامية وغيرهم من الشيعة وسائر أصحاب المقالات: فأمّا السمة للمذهب بالامامة ووصف الفريق من الشيعة بالامامية فهو علم على من دان بوجوب الامامة ووجودها في كلّ زمان، وأوجب النصّ الجليّ والعصمة والكمال لكلِّ إمام، ثمّ حصرَ الامامةَ في وُلْد الحسين بن علي(عليهما السلام)وساقها إلى الرضا عليّ بن موسى(عليهما السلام)، لانّه ـ وإن كان عَلَماً على من دان من الاصول بما ذكرناه، دون التخصيص لمن قال في الاعيان بما وصفناه ـ فإنه قد انتقل عن أصله لاستحقاق فرق من معتقديه ألقاباً بأحاديث لهم بأقاويل أحدثوها فغلبتْ عليهم في الاستعمال دون الوصف بالامامية، وصار هذا الاسم ـ في عُرْف المتكلّمين وغيرهم من الفقهاء والعامّة ـ علماً على من ذكرناه» أوائل المقالات: 4.

«واتفقت الامامية على أنّ الائمة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر إماماً...» أوائل المقالات: 6.

«مذهب الامامية هو أحد المذاهب الاسلامية الكلامية والفقهية.. يرجع في انتمائه العقيدي والفكري إلى أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وبه سمّي بالامامي وأتباعه بالامامية، وقد يُسمّى بالمذهب الجعفري نسبةً إلى الامام السادس من أئمة أهل البيت(عليهم السلام): أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) المتوفى سنة 148 هـ، وذلك لوفرة عطائه الفكري بالنسبة إلى بقية الائمة من أهل البيت(عليهم السلام)، ولانه عاش فترة انطلاقة الفكر الكلامي والخلافات الفكرية في مفاهيم العقيدة وشؤونها الاخرى، وبروز أعلام الفكر الكلامي ومدارسه الاولى كالجبرية والمعتزلة، وفترة توسع الفكر الفقهي وظهور أصحاب المذاهب الفقهية أمثال: مالك بن أنس وأبي حنفية، حيث كان المسلمون آنذاك يتمايزون بالانتماء، فيقال: هذا من أتباع المذهب الكلامي المعين أو المذهب الفقهي المعيّن.

ويعرف هذا المذهب أيضاً بمذهب الامامية الاثني عشرية في مقابلة المذهبين الشيعيين الاخرين: الزيدي والاسماعيلي اللذين تستمر الامامة ـ في اعتقادهما ـ متجاوزة الحصر بعدد معين.

ويطلق عليه ـ غالباً ـ المذهب الشيعي لكثرة أتباعه مقارنةً بأتباع المذهبين الشيعيين الاخرين الزيدي والاسماعيلي.

ويشكل الشيعة الامامية ـ في الوقت الحاضر ـ نصف مسلمي آسيا وثلث مسلمي العالم» مذهب الامامية: 7 ـ 8.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 15
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 16
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 17
--------------------------------------------------------------------------------

كان كتاباً عجيباً!، كنت «أغرق» في «بحوره» ساعات وساعات وهو يذهب بي ذات اليمين وذات الشمال...، ومنتقى القول أنه كان عاصفةً في حياتي هوجاء لا أرى مجالاً متّسعاً للاستطراد في تسطيرها!

وبعدها بأيام جاءني ذلك الاخ بكتاب آخر حول جهاد النفس.

وحصلتُ بعدها على كتب أُخرى في تهذيب النفس، ويالتلك الذكريات العذبة التي مازالت مخيّلتي تحتفظ بها عن تلك الايّام.


* * *
انقضت فترة وجيزة و«غرَقي» في تلك الكتب كان قد بلغ مداه، ولما وصلتُ إلى الساحل قلت: من أين أتى كاتب تلك الكتب بما في تلك الكتب!؟

إنّه لم يكن ليأتيَ بشيء من عنده ومن جعبته الخاصة!!

كلّ ما هناك أنوارٌ وأحاديث لاهل البيت (عليهم السلام).

وأغرقتُ في التساؤل والاستعجاب!

قلت: ولكن أوليس «المؤلّف» من «الاثني عشرية» وهم من هم في
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 18
--------------------------------------------------------------------------------

مخالفتهم لعقائد «الزيدية»(1) الحقّة!؟


____________

1) الزيديّة: «أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ساقوا الامامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها، ولم يجوزوا ثبوت الامامة في غيرهم، إلاّ أنهم جوّزوا أن يكون كل فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالامامة، أن يكون إماماً واجب الطاعة. سواءاً كان من أولاد الحسن، أو من أولاد الحسين رضي الله عنهما...

وهم أصناف ثلاثة: جارودية، وسليمانية، وبتريّة» الملل والنحل: 1/154 ـ 157.

«وأمّا الزيديّة فهم القائلون بإمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وزيد بن علي(عليهم السلام) وبإمامة كل فاطمي دعى إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد» أوائل المقالات: 4.

«] عبدالله بن حمزة [: وكلّ آبائنا عليهم السلام زيدٌ إمامُه لانه ـ عندنا أهل البيت ـ إمام الائمة لفتحه باب الجهاد.

وزيد بن علي ومحمد بن علي وعبدالله بن الحسين وإبراهيم بن الحسن، لم يختلفوا في حرف واحد من أصول دينهم، فلما قام زيد بن علي(عليهما السلام) ـ دونهم ـ على أئمة الجور تبعه فضلاء أهل البيت(عليهم السلام) في القيام.

فقال محمد بن عبدالله النفس الزكية(عليه السلام): ألا إن زيد بن علي فتح باب الجهاد وأقام الحجة وأوضح المحجة ولن نسلك إلاّ منهاجه ولن نقفوا إلاّ أثره...

فأقول: أخبرني أبي تلقيناً وحكايةً عن العدل والتوحيد وصدق الوعد والوعيد... والنبوة والامامة لعلي بن أبي طالب(عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل ولولديه الحسن والحسين(عليهما السلام) بالنصّ، وأن الامامة بعدهما فيمن قام ودعا من أولادهما وسار بسيرتهما واحتذى حذوهما كزيد بن علي ومن حذا حذوه من العترة الطاهرة سلام الله عليهم واختصّت الفرقة هذه من العترة وشيعتهم بالزيدية، وإلاّ فالاصل علي(عليه السلام) والتشيّعُ له لخروج زيد بن علي(عليه السلام)على أئمة الظلم وقتالهم في الدين فمن صوَّبهم ـ من الشيعة ـ وصوّبه وحذا حذوه من العترة فهو زيدي...» انظر: لوامع الانوار: 1/502 ـ 503.

«ونسبة الزيدي إلى الزيدية تعني النسبة إلى الفكر الزيدي وهي نسبة انتماء واعتزاء...

والحقيقة هي: أن المذهب الفقهي المعروف بالمذهب الزيدي في اليمن... لم يكن مذهب إمام معين...

الزيدية لا تعتقد بأن الامام زيد بن علي أولى بالتقليد من غيره كالامام جعفر الصادق...

إن هذه النسبة ] الزيدية [ لم يطلقها الامام زيد على أتباعه، ولا أطلقها ـ في البداية ـ أتباعه على أنفسهم...» راجع: الزيدية نظرية وتطبيق: 11 ـ 14.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 19
--------------------------------------------------------------------------------

ولن نتجشّم العناءَ بعدما أوضح أمرهم «الامام يحيى بن حمزة» في كتابيه «الافحام»(1) و«مشكاة الانوار»(2) وأدقُّ منه «الامام عبد الله بن

____________

1) كتاب «الافحام لافئدة الباطنية الطغام» كتبه الامام يحيى بن حمزة ردّاً على عقائد الباطنيّة ـ كما ظاهرٌ من اسمه ـ وفيه خلطٌ بينهم وبين الامامية الاثنى عشرية، طبع بتحقيق الدكتور علي سامي النشار وفيصل عون سنة 1966 م ـ منشأة المعارف ـ الاسكندرية.

2) كتاب «مشكاة الانوار الهادمة لقواعد الباطنية الاشرار» ليحيى بن حمزة، هو كسابقه «الافحام» ـ تقريباً ـ طبع بتحقيق الدكتور السيّد الجليند، دار الفكر الحديث.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 20
--------------------------------------------------------------------------------

حمزة»(1) في «العقدالثمين»(2) وغيرهما وغيرها!!

وأعقبتْ ذلكم السؤال محاورات تَترى بيني وبين نفسي ومخزوني الفكري والعقائدي والمذهبي.

كانت رياح توجّهي «الحديث» حينها تصرفه عن ما هو فيه إلاّ أني كنتُ أرجعها إليه في مفارقات عدّة لا مجال لتسطيرها هنا!!

ومن ثمَّ رجعت في نهاية المطاف إلى نفسي وقلت: أولستَ قد أخذت على نفسك عهداً أن لا تدع قول فرقة في فرقة قائدك ومقنعك إلا

____________

1) الامام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان (561 ـ 614) من البلغاء والفصحاء والفقهاء ومن أشهر علماء وأئمة الزيدية في القرن السادس، يعتبر كتابه «الشافي» من أهم كتب الزيدية، ادّعى الامامة في 594، حارب المطرفية وكفّرهم ـ وهم من الزيدية ـ لمخالفتهم له في الرأي وعدم مبايعتهم له، انظر ترجمته في: التحف شرح الزلف: 164، الحدائق الوردية: 2/133، الاعلام: 4/83، الموسوعة اليمنية: 2/619.

2) «العقد الثمين في تبيين أحكام الائمة الهادين» كتابٌ في الفرق بين الزيدية والامامية والردّ على الامامية، وهو كتابٌ مليءٌ بالشبه، ولم يتحرّ مؤلّفه عبدالله بن حمزة فيه ـ مع الاسف ـ الموضوعيةَ والدقّة; كحال أكثر الكتب عند كثير من المذاهب والتي تؤلّف لهذا الغرض. والكتاب مازال مخطوطاً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 21
--------------------------------------------------------------------------------

بعد«فحص» ما جاء عنها في كتبها؟

أيقبلُ عقلُك أن يكون «للزيدية» هذه الردود والنقوض على مذهب الاثني عشرية وتظلُّ واقفةً حائرة لا تردّ ولا تدافع عن نفسها، وهي من عرفتَ في ردودها على أهل السنّة(1) ودحض أقاويلهم عليها.

وكم لهم من المؤلفات في ذلك!! اضرب بطرفك لا ترى إلاّ «الغدير»(2) و«عبقات الانوار»(3) و«إحقاق الحقّ»(4)

____________

1) أهل السنة: «هم القائلون بخلافة أبي بكر وعمر عن استحقاق ويقابلهم الشيعة» المعجم الوسيط: 456.

«أما لفظ «السنّة» فلم يظهر مقروناً بلفظ «الجماعة» في بادئ الامر، بل ظهر بمفرده أوّلاً في العهد الاُمَويّ أيضاً للتمييز بين المنتظمين في سلك «الجماعة» وبين الاخرين الذين مازالوا يؤمنون بقداسة الدين التي تأبى أن يكون رجال بني أمية هؤلاء زعماء له ناطقين باسمه...» تاريخ الاسلام الثقافي والسياسي: 577.

وأهل السنة ـ في نظر البغدادي (429) ـ ثمانية أصناف: الصفاتية من المتكلمين وأئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث والمحدّثون (أهل الحديث) وبعض النحاة والادباء والقرّاء والزّهاد والمرابطون في الثغور وعامة البلدان التي غلب فيها شعار أهل السنة. انظر: الفرق بين الفرق: 276.

2) كتاب «الغدير في الكتاب والسنة والادب» كتابٌ ديني، علمي، فني، تأريخي أدبي، أخلاقي...، يُبْحَث فيه عن حديث الغدير كتاباً وسنة وأدباً ويتضمن تراجم أُمة كبيرة من رجالات العلم والدين والادب من الذين نظموا هذه الاثارة من العلم وغيرهم، كما يصفه مؤلّفه العلاّمة الشيخ عبدالحسين أحمد الاميني النجفي (1320 ـ 1390)، ظهرت طبعته المحققة سنة 1416 هـ ـ 1995 م في قم، وهو في طبعاته السابقة أحد عشر مجلّداً.

3) «عبقات الانوار في إمامة الائمة الاطهار» للسيّد ميرحامد حسين الموسوي الهندي (1246 ـ 1306) كتبه ردّاً على «التحفة الاثني عشرية لعبد العزيز الدهلوي السني» طبع بالهند سنة (1293 هـ)، قال عنه السيّد علي الحسيني الميلاني: أجلُّ ما كُتب في الامامة من صدر الاسلام إلى الان، طبع منه أحد عشر مجلّداً ضخاماً.

4) «إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل» للقاضي السيّد الشهيد نورالله الحسيني المرعشي التستري (956 ـ 1019) كتبه رداً على كتاب «إبطال نهج الباطل لابن روزبهان» نشرته مكتبة آية الله المرعشي النجفي مع ملحقاته والفهارس في أربعة وثلاثين مجلّداً ضخماً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 22
--------------------------------------------------------------------------------

و«المراجعات»(1) و...


____________

1) «المراجعات» أبحاث جديدة في أصول المذهب والامامة العامة وهي رسائل متبادلة بين عميد السنة في مصر وهو الاستاذ سليم البشري شيخ الجامع الازهر وبين السيد شرف الدين العاملي، وهو من أشهر الكتب المعاصرة، طبع الطبعة العشرون بالقاهرة سنة 1399 هـ / 1979 م.

... وللعلم أن هذه الكتب لا تختص مباحثها ـ الاختصاصَ التامّ ـ بعقائد السنة ونقاشها ـ كما يحلو لبعض أن يتصوّر، حتى يُلقيَ عن كاهله عبأَ الاطلاع عليها وقراءتها بإدّعاء أنّها لا تناقش مذهب الزيدية ولا تتعرض له ـ فكثيرٌ كثير من مباحث هذه الكتب ومناقشاتها تدخل في نقاش أكثر المذاهب ـ إن لم يكن كلها ـ في صميم بحوث الامامة ـ كالبحث عن العصمة وضرورتها وعقيدة اللطف والنصوص على الائمة(عليهم السلام) ممّا لا يختص البحث فيه بالزيدية وحدها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 23
--------------------------------------------------------------------------------

وقبل أن تراودني نفسي على الاطّلاع على ما عند «الشيعة الاثني عشرية» أدرت حواراً مع نفسي «كعادتي»! كان نتاجه:

البحث العلمي والمنهجي يتطلّب موضوعيةً بحتة، أي أن يرتكز على نقاط أُسُسيّة مبدئيّة ويناقش فقرات مفصلية في عقيدة أي نحلة أو فرقة.

والبحث في «الزيدية» و«الاثني عشرية» هو البحث في «الشيعة» و«التشيع».

إذن هو البحث في «الامامة» و«الخلافة».

البحث عن «التقية والمتعة والمسح على الارجل و(أشهد أن علياً وليّ الله) والسجود على التربة»(1) للوصول إلى حلّ جذري وحاسم عند

____________

1) قال الشيخ الانصاري (1282): التقية: اسم لا تقى يتّقي... والمراد هنا التحفّظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق.

وعرّف محمّد رشيد رضا (1354) ـ من علماء أهل السنة ـ التقية بقوله: (ما يقال أو يُفعل مخالفاً للحقّ لاجل توقّي الضرر).

ويدلّ على جوازها من كتاب الله الكريم قوله تعالى: (... إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً...) آل عمران: 28.

وقد تعرّض ثامر هاشم حبيب العميدي لبحث التقية عند المذاهب الاسلامية بحث موضوعي في كتابه «واقع التقيّة عند المذاهب والفرق الاسلامية من غير الشيعة الامامية» وقد طبع هذا الكتاب وصدر عن مركز الغدير للدراسات الاسلامية سنة 1416 هـ / 1995 م ـ قم ـ ايران.

المتعة: هي النكاح بعينه إلاّ أنها محدّدةٌ بالمدة وتشترط فيها شروط العقد الدائم (في الزواج) قال الله تعالى: (... فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ اُجُورَهُنَّ...) النساء: 24.

للتوسّع انظر: «المتعتان بين النصّ والاجتهاد من كتاب الغدير الشيخ الاميني(رحمه الله)»، المتعة وأثرها في الاصلاح الاجتماعي، زواج المتعة حلال ـ محاكمة المنهج الفقهي عند أهل السنة.

المسح على الارجل: أحد أركان الوضوء وجاء به الكتاب العزيز في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ..) المائدة: 6.

انظر: القول المبين عن وجوب مسح الرجلين للكراجكي: 449، المسح على الرجلين للمفيد: 413.

الشهادة الثالثة: أشهد أنّ عليّاً وليّ الله، والمقصود التلفظ بهذه الشهادة بعد «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» في الاذان، والشيعة لا يأتون بها بقصد الجزئيّة، جاء في منهاج الصالحين / فتاوى آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني حفظه الله: 1/191: «... والشهادة لعليّ(عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين مكمِّلة للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها وإن لم تكن جزءاً من الاذان والاقامة...». وانظر: «سر الايمان الشهادة الثالثة في الاذان».

السجود على التربة: من المسائل التي يُستدلَّ لها عند الشيعة ـ على سبيل الاحتجاج ـ بأحاديث وتصريحات وردت عند السنّة أنفسهم بل وغير السنّة أيضاً. إلاّ أن الشيعة كادت أن تكون الوحيدة من بين الفرق التي أصرّت على هذه المسألة إن لم تكنها، واختصّ التهويل في هذه المسألة على فتوى الاستحباب بالسجود على التربة المأخوذة من أرض كربلاء أو التربة الحسينية ـ عند الشيعة الامامية ـ وفي الاحكام للهادي يحيى بن الحسين (ت/ 298) حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن المسوح واللبود وأشباههما فقال: أحبُّ لكل مصلٍّ أن يضع جبهته على التراب وحضيض الارض...».

وفي صحيح البخاري ـ من أهل السنة ـ عن أبي سعيد الخدري: «... فصلّى بنا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)...» صحيح البخاري: 1/207. انظر: السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الامامية، السجود على الارض.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 24
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 25
--------------------------------------------------------------------------------

النقاش بين «الزيدية» و «الاثني عشرية» ـ بنظر صاحب هذه السطورـ ليس إلاّ لجاجةً وتعنّتاً واستعراض عضلات في الفقه والحديث وأبواب الصلاة وكتاب النكاح !

وليس المقصود ـ لا سمح الله ـ أن لا تُناقش تلك المسائل وأن لا تطرح، إذ قد تكون في أغلب الاحيان هي القضيّة المحورية للنقاش ـ وإن كان هذاالنقاش ممّا لا أراه مجدياً من أجل التوصّل إلى أحقيّة فرقة عن أُخرى ـ
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 26
--------------------------------------------------------------------------------

بل إن هنالك حاجةً ملحةً أحياناً لابداء وجهة نظر المذهب المدافَع عنه في تلك المسائل، خصوصاً إذا كانت في دائرة «الشُبَه» التي تُلقى هنا وهناك! هكذا على عواهنها!، لا لشيء إلاّ للتهويل والتخويف والتحوير والتنفير!!

أقصد أن هنالك ما هو أكبر في دائرة النقاش، بل وما هو أهمّ عند الحديث عن فرقتين من فرق الشيعة كتب لهما البقاء مع أُختهما الثالثة «الاسماعيليّة»(1) حتّى هذا العصر، ولم تنقرض كما انقرضت الفرق الاُخرى سواءاً من الشيعة أو السنّة.

إن البحث في المذاهب ومنها «الاثنا عشرية» و«الزيدية» يختزل اختلافاًـ قد يكون واسعاً في بعض أطروحاته ـ في شتّى مناحي التفكير عند تلك المذاهب بدءاً من «العقيدة» وما فيها من: «عدل» و«نبوّة» و«معاد»

____________

1) الاسماعيليون: هم القائلون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق(عليه السلام) بعد أبيه جعفر وبذلك اختلفوا عن الشيعة الامامية الاثنى عشرية (الجعفرية) الذين قالوا بإمامة موسى الكاظم بعد جعفر الصادق(عليهما السلام).

وأشهر فرق الاسماعيلية ـ إن لم تكن الاسماعيلية منحصرة في العصر الحاضر بهما ـ النزارية والمستعلية (البهرة) ويتواجدون في كثير من نقاط العالم الاسلامي.

للتوسّع انظر: بحوثٌ في الملل والنحل / الجزء الثامن، الاسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي، تاريخ الدعوة الاسماعيلية.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 27
--------------------------------------------------------------------------------

و«إمامة» بل و«توحيد» مروراً بـ: «الحديث ورجاله ومتونه وأسانيده ومسانيده» و«التاريخوحركاته وتطوّراته وانكماشاته» و«الفقه واختلافاته واستنباطاتهواجتهاداته ومراحله وتدوينه» و«التفسير» و«الكلام» وانتهاءاً بالطرح المعاصر لذلك المذهب أو ذاك.

من هنا: كان لابدّ من تلمّس أشدِّ المواضيع صلةً برأس الاختلاف وأُسُّ الانشقاق حيث نرى أن للشيعة بمذاهبها الثلاثة المعاصرة: الاثنى عشرية والزيدية والاسماعيلية قاسماً مشتركاً من عنده افترقت.

فما هو أصل اختلاف «الاثني عشرية» و«الزيدية»؟

من المعلوم أنّ الفرقتين شيعيّتان أي أنهما تقولان بـ: بأحقيّة أهل البيت النبوي في الخلافة «الامامة» بل وتتفقان على النصّ على «علي(عليه السلام)والحسنين(عليهما السلام)».

بغضّ النظر عن كونه «جليّاً» أو «خفيّاً»!

ومن بعد الحسين (عليه السلام)يبدأ الخلاف:

فالاثنا عشرية تقول: النصُّ ثابتٌ في من بعد الحسين (عليه السلام) وهو ابنه الامام زين العابدين (عليه السلام) وفي من بعده... هكذا حتّى «الامام الثاني عشرالمهدي المنتظر (عليه السلام)».

والزيدية تقول: لا نصّ بعد الحسين (عليه السلام) إلاّ ما كان نصاً على أهل البيت صلوات الله عليهم بشكل عام، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «تركت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي».

إذن أصل خلاف الفرقتين في «الامامة» ومنها
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 28
--------------------------------------------------------------------------------

انقسامهما.

ومنهجية خلاف الفرقتين «الزيدية» و«الاثني عشرية» يتم مروراً بالخطوات التالية:

1 ـ تعريف «الامامة» عند المذهبين الزيدي والاثني عشري.

2 ـ صفات الامام أو شروط الامام عند المذهبين الزيدي والاثنى عشري.

3 ـ الطريق إلى معرفة الامام عند المذهبين الاثني عشري والزيدي.

وبطرح آخر:

إنّ قول «الزيدية» بأنّ «طريق معرفة الامام هو الدعوة والقيام» ضرورة اقتضاها قولهم بأنّ «شروط الامام شروط أفضلية بشريّة وملكات احتيازية» ـأوصلوها إلى أربعة عشر شرطاً ـ وهذا القول كان ـ هو الاخر ـ ضرورة اقتضاهاقولهم بأنّ «الامامة رئاسة عامة في أُمور الدنيا لم يوجبها اللطف بل المصلحة».

ومن المنطق أن يقول شخصٌ: بأنّ طريق معرفة الامام هو قيامه ودعوته مادام وقد قال بأنّ الشروط المتطلّبة في الامام هي شروط كماليّة بالامكان حصولها في أي شخص اتّفق، والقول الاخير هذا يفرضه المنطق أيضاً!! ـ بناءاً على القول بأنّ «الامامة رئاسة عامة لاحتياج الناس لللطف الذي يُطرح في بحث النبوّة وأن الامامة ليست في طول النبوّة أو في عرضها».


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 29
--------------------------------------------------------------------------------

لكن الامر يختلف إذا ما قلنا بأنّ طريق معرفة الامام ليست قيامه ودعوته، وإنما الطريق إلى معرفة الامام هو «النصّ»، وهذا بدوره يقود إلى القول بأنّ المنصوص عليه لابدّ وأن تكون له خصوصياتٌ غير تلك التي تكون ملكةً واحتيازية، أي أنّه لابدّ أن يكون «معصوماً» حتّى يُنصَّ عليه; كما هو الحال في النبوّة والنبىّ.

والقول بهذا ضرورة تقتضيها العقيدة بأنّ «الامامة رئاسة عامة في الدين والدنيا لللطف الالهي» وأن «الامامة لطفٌ واستمرارٌ للنبوّة».

إذن من النقطة الاُولى «يتمنهج» البحث بشكل أكثر منطقيّةً!!

وكما يعبّر «القدماء» إن قالوا فنقول وإن قلتَ قلتُ!!

إن قلنا: ـ كما هو رأي الزيدية ـ إنّ «الامامة» رئاسة عامّة لشخص معيّن في الدنيا وأُمور الناس; فسنقول ـ ضرورةً ـ إنّ مواصفات هذا الامام كماليّة بشرية أو فقل: «أربعة عشر شرطاً».

وعليه فسنقول: إن طريق معرفته قيامُه ودعوته لنفسه إذ لا طريق غيره.

أما لو قلنا كما تقول «الاثنا عشرية»: إن الامامة لطف واستمرارٌ للنبوّة أو رئاسة عامة في الدين والدنيا يقتضيها اللطف فلا بدَّ من القول بعصمة صاحبها «الامام» وعندها فلا طريق لمعرفة إمامته إلاّ «النصّ».


* * *
وهكذا كانت حركة بحثي في العقيدتين والمذهبين.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 30
--------------------------------------------------------------------------------

تحركتُ من نقطة «اللطف أو المصلحة» فقادتني «الاشارات المرورية الالهيّة والعقليّة المنطقية» إلى «ضرورة» القول بـ «اللطف»! ثمّ قادني «اللطف» بدوره إلى الاعتقاد «بضرورة العصمة» التي دلّت بذاتها إلى الاعتقاد بـ «النص» مخلِّفاً ورائي: أن لا يمكن الايمانُ بـ «الشروط الاربعة عشر» و «القيام والدعوة»، لاعتنق بعد ذلك مذهب الشيعة الاثني عشرية تاركاً مذهبي السابق «الشامخ» القديم المذهب الشيعي الزيدي.

وكم كان صعباً ذلك التحوُّل والاعتناق الجديد!لو لم تكن للنفحات الرحمانيّة جولات وصولات هدّأت النفس وطمأنت القلب وعقّلت العقل!!

محمد بن حمود العمدي

ذمار ـ اليمن

15 شوال 1419 هـ


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 31
--------------------------------------------------------------------------------



شظايا فِكَر

تُعَرَّف الامامة عند الزيدية بأنّها «تابعة للنبوّة في الوجه الذي وجبت له، لانّ الائمّة (عليهم السلام) يقومون مقام الانبياء (عليهم السلام) في تبليغ الشريعة وإحياء مااندرس منها ومقاتلة من عَنَدَ عنها، ولهذا لم تكن إلاّ بإذن من الشارع واختيارمنه كالنبوّة.

ومسألة الامامة من أكبر مسائل أُصول الدين وأعظمها، لانّه يترتبُ عليهاطاعة الله وطاعة الرسول والقيام بالشرائع والجهاد والموالاة والمعاداة والحدود وغير ذلك...

وشرعاً ـ أي في عرف الشرع ـ رئاسة عامة ـ أي على جميع الناس ـ تثبت باستحقاق شرعي أي بدليل من الشرع; أي باختيار من الشارع لصاحبها لانّها، تالية للنبوّة...

وهي واجبةٌ عقلاً وسمعاً.

وقال بعض أئمتنا (عليهم السلام) وهم بعض المتأخرين منهم والجمهور من غيرهم: بل وجبت سمعاً فقط!!

قالوا: ولا إشكال أن الامام لطف ومصلحة للخلق، لكن العلم بكونه لطفاً ومصلحةً إنّما طريقه الشرع كالنبوّة عندهم»(1) .


____________

1) عدة الاكياس: 2/109 ـ 115.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 32
--------------------------------------------------------------------------------

وقد يُظنُّ أن هذا الكلام قولٌ باللطفية، وحينها فلا خلاف بين الزيدية والاثني عشرية في كون الامامة لطفاً، إلاّ أنّه ليس كذلك!

1 ـ لانّ للزيدية نصوصاً أُخرى تدلُّ على عدم اعتقادهم باللطف في مسألة الامامة.

يقول أحمد بن يحيى بن المرتضى(1) :

«... لا طريق إلى اللطف الخاصّ إلاّ السمع، والعام ـ كالمعرفة ـ لابدّ له من وجه يقتضي اللطفية; ولا وجه هنا»(2) .

وهو رأي «يحيى بن حمزة» أيضاً:


____________

1) هو أحمد بن يحيى بن المرتضى (764 ـ 840) الحسني، الامام المهدي لدين الله، العالم، الفقيه، المجتهد، ادّعى الامامة في 793، وخسرو ألقى به في السجن وألف في السجن كتابه الفقهي الشهير «الازهار» عمدة المذهب الزيدي ومرجع طلابه وفقهائه، خلّف كتباً كثيرة في أصول الدين والفقه وفي علوم اللغة وغيرها، يعتبره صبحي في كتابه الزيدية «زيديّاً اعتزل» وله «طبقات المعتزلة».

من آرائه: صحة حكم (قضاء) أبي بكر بن أبي قحافة في «فدك» التي أنحلها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة الزهراء(عليها السلام)!!

انظر: التحف: 193، مقدمة البحر الزخار: 14 ـ 26، الاعلام: 1/269، الموسوعة اليمنية: 1/66، الزيدية: 410، أعيان الشيعة: 3/203.

2) مقدّمة كتاب البحر الزخّار: 91.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 33
--------------------------------------------------------------------------------

«وأمّا القائلون بأن لا طريق إلى وجوب الامامة إلاّ الشرع فهم الزيدية والمعتزلة والاشعرية، وقالوا: لا إشكال في كونه لطفاً ومصلحة للخلق، ولكنّ العلم بكونه لطفاً إنّما يكون طريقه الشرع.

... والمختار عندنا من هذه المذاهب ما عليه أئمة الزيدية وشيوخ المعتزلة ومحققو الاشعرية هو: أنّ الطريق إلى وجوب الامامة هو الشرع»(1) .

2 ـ والزيدية رغم إجلالها الكبير لعقيدة الامامة; حتّى لتكاد بعض تصريحات علمائهم الكبار تقارب نوعاً ما ما عليه الاثنا عشرية من القول بـ: «اللطف» كهذا التصريح «لابن حابس»(2) والذي يعتبره في الاصل قول أئمة الزيدية:

«قلت: الامامة في الدين ـ عند أئمتنا (عليهم السلام) ـ عظيمة الشأن، شامخة البنيان،وبها نظام أمر الاُمّة وحفظ دينها ودنياها، والحاجة إلى الامام في

____________

1) الامام المجتهد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية، صبحي: 144، 145، وأهم مرجع لصبحي في نقل آراء يحيى بن حمزة هو كتابه «الشامل» كما يذكر هو نفسه ذلك في كتابه «الامام المجتهد يحيى بن حمزة...»: 11.

2) هو أحمد بن يحيى حابس الصَّعْدي (1061) تولّى القضاءَ بصعدة حتى توفِّي، أحد مشاهير علماء الزيدية، برع في علوم عدِّة وصنف تصانيف يقول عنها الشوكاني: «جميع تصانيفه مقبولة، منها «المقصد الحسن» و«تكملة الاحكام» انظر: البدر الطالع: 1/86، الاعلام: 1/270.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 34
--------------------------------------------------------------------------------

القيام بأمر الرعيّة وتأدية شريعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنه كالحاجة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في القيام بأمر الامة وتأدية الشرائع عن الله سبحانه، فهي إذاً أصلٌ كليّ وعمادٌ قويّ تحفظ به المعارف الالهية والعلوم الشرعية، إذ بها أُبِيدَت رسومُ أهل الالحاد وبها انطمست معالم ذوي العناد وبها اندرست آثار أهل الفساد، وخليقٌ بما هذا حاله أن يرقى إلى الدرجة العليا، ويبلغ من الفضيلة إلى الغاية القصوى، ويُعدُّ ركناً من أركان دين النبيّ المصطفى، وكما أنّ الشئ يُعدّ أصلاً بالنظر إلى ترتيب غيره عليه فيكتسب بذلك المرتبة الرفيعة; فكذلك يُعدّ أصلاً بالنظر إلى حفظ ذلك الاصل عن الذهاب وإحرازه عن العدم وما عسى أن ينتفع بذلك الاصل مع غموضه وعدمه، فلا يوجد حينئذ توحيد ولا شريعة ولا مرتبة من ذلك رفيعة ولا وضيعة، وإذا كان ما ترتّب عليه غيره حقيقاً بالاصليّة فكيف بما حاجة وجود هذا الاصل ونظام أمره إليه ماسّةٌ ضرورية، فافهم!

فإنّ أساس ذلك ورأسه عِظَمُ أمر الامامة أو عدم عظمه، فمن عَظُمَ في صدره شأنُها وولج في ذهنه ما ذكرنا من الدليل الذي استعلى به بنيانها جَعَلها أصلاً قطعيّاً وركناً للدين قويّاً، وذلك هم أئمتنا (عليهم السلام) وشيعتهم الاعلام.

لكن منهم من جعلهامن فروض العلماء فقط ومنهم من رقّاها إلى درجة فروض الاعيان، بل من أهل هذا القول من جعلها أصلاً من أُصول الدين، ولذا جعلوا معرفةَ إمامة عليٍّ (عليه السلام) وولديه الحسنين خصوصاً ومعرفة إمامة القائم بعدهما عموماً من فروض الاعيان، ووجه خصوصية إمامة علىٍّ وولديه كون معرفة أحوال الامام مترتبةٌ على معرفة إمامتهم، والله
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 35
--------------------------------------------------------------------------------

أعلم.

ومن صَغر عنده أمرُ الامامة وسَهَّل في جانبها، جعلها حكماً ظنيّاً، حتّى تفاحش الامر على من وقع في تلك الورطة فجعل كلَّ مجتهد ـ فيها ـ مُصيباً وصوّب (...) معاوية وعليّاً معاً، وزاد في الفحش من أنكر حكم وجوبها وترك الجماعة فوضى شايعاً فيها قبيح عيوبها وجنح إلى التسهيل في باب الدين، وانتظم في سلك الظلمة المعتدين»(1) .

رغم إجلالها هذا العقيدة الامامة لم تستطع أن تقول باللطف!! وذلك لاسباب كثيرة، لا تستطيع أن تكون مقنعةً للباحث المدقق والمتعامل مع الاقوال بروح موضوعيّة منطقية; جوُّها الدائمُ تحكيم العقل والمنطق في الاراء الكلامية والعقائدية والفلسفية، ولعلّ أهمَّ تلك الاسباب هي التخلّص من تبعات القول بـ: «اللطف» الضروريةوالتي على رأسها ـ كما أسلفنا ـ القول بالحاجة إلى «إمام معصوم»وبالتالي القول: بالحاجة إلى «النصّ» الطريق الوحيد لمعرفة «المعصوم» وهو الشيء الذي لا تملكه الزيدية على آحاد أئمتها; وإن كانت قد افتعلت نصوصاً ما في حق بعض أئمتها(2) إن سُلّم بها; وهو بعيدٌ جدّاً!! ـ فلا تعدو أن تكون فضائل ومناقب

____________

1) المقصد الحسن: 291 ـ 292.

2) انظر: التحف شرح الزلف: 52، 79، 100، 102، 114، وغير «التحف» من الكتب التي تعرضت لسير أئمة الزيدية، وهذا يجعلنا في ريب من موقف الزيدية من النصِّ; فهذه المرويات في «الناصر الاطروش والمنصور ابن حمزة ويحيى بن الحسين الرسي وغيرهم» تكشف لنا عن توق شديد عند الزيدية ـ كان ولا يزال ـ للنص في الامامة!


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 36
--------------------------------------------------------------------------------

ليس فيها أدنى رائحة من نصٍّ على أمر خطير كالامامة.

وبمجرّد نظرة موضوعية إلى استدلالات الاثني عشرية على القول باللطف، سنجد اللطف الطريق الوحيد والمتكامل لايجاب الامامة، إذ لا معنى للقول بإيجابها «شرعاً» مع ذلك الاستدلال «العقلي» الفريد ـ عند الزيدية ـ مع عدم القول بإيجابها عقلاً!!

ولمَ الانَفَةُ عن القول بوجوبها عقلاً؟!!

هل هو إلاّ التخلّص من القول بلوازم «اللطفية»؟!

خصوصاً ما إذا رُدّت بعض إشكالات زيدية القرن الثامن على القول باللطف كإشكال أحمد بن يحيى بن المرتضى(1) بما ذكرُه أوسع من أن يُعرض هنا، كردود «الحمصي الرازي»(2) و«الشريف المرتضى»(3)

____________

1) مقّدمة البحر الزخّار: 91.

2) الشيخ سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي: (توفّي في أوائل المائة السابعة) قال في «الفهرست»: علاّمة زمانه في الاصولين، ورع ثقة، له تصانيف» وقال صاحب «مقابس الانوار»: عمدة المحققين، ونخبة المدققين، نزل الرّي ونُسِب إليها، قال فخر الدين الرازي: كان معلّم الاثني عشرية...».

انظر: مقدّمة تحقيق كتابه «المنقذ من التقليد» وانظر: معجم رجال الحديث: 19/97، أعيان الشيعة: 10/105، جاءت بحوثه وردوده في مسألة اللطف في كتابه المنقذ من التقليد: 2/240 ـ 256.

3) الشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (355 ـ 436) ذو المجدين، علم الهدى، يُكنّى بأبي القاسم، تولّى نقابة النقباء وإمارة الحاج وديوان المظالم، قال فيه أبوالعلاء المعرّي:

يا سائلي عنه لمّا جئتُ أسأله ألا هو الرجل العاري من العار

لو جئته لرأيت الناس في رجل والدهرَ في ساعة والارض في دار

قال ابن خلكان: كان هذا الشريف إمام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق، إليه فزع علماؤها وعنه أخذ عظماؤها...

انظر: مقدّمة تحقيق كتابه «شرح جمل العلم والعمل»، دمية القصر: 1/299، سير أعلام النبلاء: 17/588، تاريخ الاسلام (حوادث 431 ـ 440): 433، معجم رجال الحديث: 12/400، أعيان الشيعة: 8/213، الاعلام: 4/278، دفاعه وبحثه للطلف جاء في «الذخيرة»: 410 ـ 417، وفي كتب أخرى له.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 37
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 38
--------------------------------------------------------------------------------

وغيرهما.

وكإطلالة بسيطة على دفاع الاثني عشرية عن عقيدة «اللطف» والقول بهاومنافحتهم عنها نستعرض هذا النصّ للسيّوري(1) :

«قال(2) : لا يقال: اللطف إنّما يجب إذا لم يقم غيره مقامه، أمّا مع قيام

____________

1) أبو عبدالله المقداد بن عبدالله بن محمّد السيّوري الاسدي الحلّي (ت/826) الشيخ الفاضل الفقيه المتكلم، كان من أعيان العلماء، قال عن تصانيفه العلاّمة المجلسي صاحب البحار: تصانيفه في نهاية الاعتبار والاشتهار.

انظر: معجم رجال الحديث: 19/348، أعيان الشيعة: 10/134، الاعلام: 7/282، وانظر مقدمة تحقيق «إرشاد الطالبين».

2) القائل هو العلاّمة الحلّي، لان كتابَ «إرشاد الطالبين» للسيوري شرحٌ لمتن «نهج المسترشدين» للحلّي.

والعلاّمة الحلّي هو: الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (647 ـ 726) هو الوحيد الذي أطلق عليه في التاريخ العلمي الشيعي الطويل لقب: «العلاّمة» من مصنفاته: المختلف، التذكرة، القواعد، التبصرة، وغيرها، لم تزل كتبه محطّ أنظار العلماء من عصره إلى اليوم تدريساً وشرحاً وتعليقاً قال عنه الشيخ الحرّ: الشيخ العلاّمة، جمال الدين أبو منصور، الحسن بن يوسف...، فاضل، عالم، علاّمة العلماء، محقق مدقق، ثقة ثقة، فقيه محدّث متكلّم، ماهر، جليل القدر...، لا نظير له في الفنون والعلوم والعقليات والنقليات» انظر مقدّمة «كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد». أعيان الشيعة: 5/396، الاعلام: 2/227، معجم رجال الحديث: 6/171.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 39
--------------------------------------------------------------------------------

غيره مقامه فلا يجب، فَلِمَ قلتم أنّ الامامة من قبيل القسم الاول(1) .

أو نقول: إنّما يجب اللطف إذا لم يشتمل على وجه قبح، فلم لايجوز استعمال الامامة على وجه قبح لايعلمونه؟ ولانّ الامامة إنّما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد ليحصل منه منفعة الامامة، وهو انزجار العاصي، أمّا مع غيبة الامام وكفِّ يده فلا يجب، لانتفاء الفائدة.

لاّنا نقول(2) : التجاء العقلاء في جميع الاصقاع والازمنة إلى نصب الرؤساء في حفظ نظامهم، يدلُّ على انتفاء طريق آخر سوى الامامة، وجهة القبح معلومة محصورة، لانّا مكلّفون باجتنابها، فلابدّ وأن تكون معلومة، وإلاّلزم تكليف مالايطاق، ولا شي من تلك الوجوه بمتحقق في الامامة، والفائدة موجودة وإن كان الامام غائباً، لانّ تجويز ظهوره في كلِّ وقت لطفٌ في حقِّ المكلّف.


____________

1) وهو الذي يجب إذا لم يقم غيره مقامه.

2) هذا ردٌ على من قال: إنّه مع غيبة الامام وكفِّ يده لا يجب اللطف في الامامة حينها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 40
--------------------------------------------------------------------------------

أقول(1) : لما قرّر الدليل على مطلوبه، شرع في الاعتراض عليه والجواب عنه، وأورد منع الكبرى(2) أولاً ثمّ منع الصغرى(3) ، والمناسب للترتيب البحثي هو العكس، وتوجيه الاعتراض(4) : هو أنّ دليلكم ممنوع بكلتا مقدّمتيه(5) ، فلاتصدق نتيجته التي هي عين مطلوبكم.

أمّا منع كُبراه فلوجهين:

الاوّل: أنّ لطفيّة الامامة إنّما يتعيّن للوجوب إذا لم يَقُم غيرها مقامها، وهوممنوعٌ، لجواز أن يقوم غيرُها مقامَها، كوعظ الواعظ فإنّه قد يقوم غيره مقامه مع كونه لُطفاً، فلا يكون متعيّنةً للوجوب، كالواحدة من خصال الكفّارة، وهو المطلوب.

الثاني: أنّ الواجب لا يكفي في وجوبه وجهُ وجوبه، بل لابدَّ مع ذلك

____________

1) القائل هو الشيخ جمال الدين مقداد بن عبدالله السيّوري الحلّي.

2) الكبرى في القضيتين هنا هي: القول بتعيّن وجوب لطفّيّة الامام.

3) والصغرى هي: أن الامامة إنّما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد.

4) يصوغ «السيوري» إشكال المخالفين لمسألة اللطف ـ والذي ذكره العلاّمة الحلّي ـ صياغةً جديدةً تتناسب وما أسماه بالترتيب البحثي.

5) المقدّمتين الصغرى والكبرى.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 41
--------------------------------------------------------------------------------

من انتفاء سائر وجوه القبح والمفاسد عنه، لاستحالة وجوب مايشتمل على مفسدة وإن اشتمل على مصلحة، وإلاّ لكان الله تعالى فاعلاً للمفسدة، وهو قبيحٌ.

وحينئذ نقول: الامامة على تقدير تسليم لطفيّتها لايكفي ذلك في وجوبها، بل لابدَّ مع ذلك من انتفاء وجوه المفاسد منها، فَلِمَ قلتم بانتفائها؟ ولِمَلا يجوز اشتمالها على نوع مفسدة لا نعلمها؟(1) .

وحينئذ لا يمكن الجزم بوجوبها عليه تعالى.

وأمّا صغراه: فلانّا نمنع كون الامامة لطفاً مطلقاً، بل إذا كان ظاهراً مبسوط اليد جاز الانزجار عن المعاصي، والانبعاث على الطاعات إنّما يحصل بظهوره وانبساط يده وانتشار أوامره، لا مع كونه خائفاً مستوراً.

والجواب عن الاوّل(2) : أنَّا نختار أن الامام لطف لا يقوم غيره مقامه، كالمعرفة بالله تعالى; فإنّها لا يقوم غيرها مقامها، والدليل على ماقلناه أنّ العقلاء في سائر البلدان والازمان يلتجون في دفع المفاسد إلى نصب الرؤساء

____________

1) ورد التلميح بكون الامامة مشتملةً على مفسدة ـ بناءاً على أنّ العقل يقضي بقبحها ـ في بعض كتب الزيدية كمقدِّمة لوجوبها الشرعي، الذي يحفظها من المفسدة. راجع:ينابيع النصيحة: 250.

2) وهو الاشكال على «لطفيّة الامامة» بأنّها لا تجب إذ أن غيرها يمكن أن يقوم مقامها.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 42
--------------------------------------------------------------------------------

دون غيره، ولو كان له بدلٌ لالتجؤوا إليه في وقت من الاوقات أو بلدمن البلدان.

وعن الثاني(1) : أنّ وجوه القبح والمفاسد معلومةٌ محصورةٌ لنا، وذلك لانّا مكلّفون باجتنابها، والتكليف بالشيء من دون العلم به محال، وإلاّ لزم تكليف ما لايطاق، ولاشيءَ من تلك المفاسد موجودةٌ في الامامة.

وفي هذا الجواب نظرٌ(2) : فإنّه إنما يصلح جواباً لمن قال بوجوبها على الخلق «كأبي الحسين»(3) ، لا لمن قال بوجوبها على الله تعالى كأصحابنا،فإنّه إنّما يجب عليه تعالى أن يعرِّفنا المفاسد إذا كانت من أفعالنا أو

____________

1) وهو الاشكال بـ: «لم لا يجوز استعمال الامامة على وجه قبح لا يعلمونه».

2) هذا النظر للسيّوري شارح متن «نهج المسترشدين».

3) أبوالحسين عبدالرحيم بن محمد بن عثمان الخيّاط (م ـ 311) شيخ المعتزلة البغداديّين من نظراء الجُبّائي، كان من بحور العلم، ترجم له «القاضي عبدالجبّار» في «فضل الاعتزال» وقال: «كان عالماً فاضلاً من أصحاب جعفر ] بن مبشر الثقفي المتكلم [ وله كتب كثيرة في النقوض على ابن الراوندي وغيره، من أشهر كتبه «الانتصار» ردّ فيه على كتاب «فضيحة المعتزلة» لابن الراوندي، وله آراء شنيعة في حق الشيعة. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 14/220، الاعلام: 3/347، بحوث في الملل والنحل: 3/284.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 43
--------------------------------------------------------------------------------

من لوازم أفعالنا،لئلاّ يلزم مالايطاق كما ذكرتم، أمّا إذا لم تكن من أفعالنا بل من فعله فلا يجب أن يُعرِّفنا المفسدة اللازمة لو كانت ثابتةً، وحينئذ يجوز أن لايكون نصب الامام واجباً عليه تعالى، لاستلزامه مفسدةً لانعلمها.

والاجود في الجواب أن نقول: لو كان هناك مفسدةٌ لكانت إمّا لازمةً للامامة، وهو باطلٌ، وإلا لما فعلها الله تعالى، لكنّه فعلها بقوله تعالى (إِنِّيْ جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامَاً...)(1) ، ولاستحال تكليفنا باتّباعه، لكنّا مكلّفون باتّباعه أو(مفارقته) وحينئذ يجوز انفكاكها عنه، فيكون واجبةً على تقدير الانفكاك، وأيضاً هذا السؤال وارد على كلِّ مايوجبه المعتزلة على الله تعالى، فكلّما أجابَ به فهو جوابنا.

وعن الثالث(2) : أنّا نختار أن الامام لطفٌ مطلقاً، أمّا مع ظهوره وانبساط يده فظاهرٌ، وأمّا مع غيبته فلانَّ نفس وجوده لطفٌ، لانّ اعتقاد المكلّفين لوجود الامام وتجويز ظهوره وإنفاذ أحكامه في كلِّ وقت سببٌ لردعهم عن المفاسد ولقربهم إلى الصلاح، وهو ظاهر.

وتحقيق هذا المقام: هو أنّ لُطفيّة الامام تتمُّ بأُمور ثلاثة:

الاوّل: ما هو واجب عليه تعالى، وهو خلق الامام وتمكينه بالقدرة والعلم، والنصِّ عليه باسمه، ونصبه، وهذا قد فعله الله تعالى.


____________

1) سورة البقرة: 124.

2) وهو الاشكال بـ: «أن الامامة إنما تكون لطفاً إذا كان الامام ظاهراً مبسوط اليد».


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 44
--------------------------------------------------------------------------------

الثاني: ماهو واجبٌ على الامام، وهو تحمُّله الامامةَ وقبولُها، وهذا قد فعله الامام.

الثالث: ماهو واجبٌ على الرعيّة، وهو أن ينصروه ويطيعوه، ويذبّوا عنهويقبلوا أوامره، وهذا مالم يفعله أكثر الرعيّة.

فمجموع هذه الاُمور هو السبب التامُّ للطفيّة، وعدم السبب التامّ ليس من الله ولا من الامام لما قلناه، فيكون من الرعيّة.

إن قلت: إنّ الله تعالى قادرٌ على أن يُكَثِّرَ أولياءَه ويحملهم على طاعته، ويقلّلَ أعداءه ويقهرهم على طاعته، فحيث لم يفعل كان مُخِلاًَّ بالواجب.

قلتُ: لمّا كان فعلُ ذلك مؤدّياً إلى الجبر المنافي للتكليف لم يفعله تعالى، فقد ظهر أنّ نفس وجود الامام لطفٌ وتصرُّفه لطفٌ آخر، وعدم الثاني(1) لايلزم منه عدم الاوّل(2) ، فتكون الامامة لطفاً مطلقاً، وهو المطلوب»(3) .

وما أجملَ ما قاله السيّد محسن الامين العاملي(4) :


____________

1) وهو تصرّف الامام «انبساط يده وظهوره».

2) وهو أن وجودَه ـ بحد ذاته ـ لطفٌ.

3) إرشاد الطالبين: 328 ـ 332.

4) السيّد محسن الامين العاملي (1284 ـ 1371) عالم، جليل، ذائع الصيت له مؤلفات عدّة منها موسوعته الكبيرة «أعيان الشيعة». انظر: الحسين والحسينيون: 171، الاعلام: 5/287، أعيان الشيعة: 10/333.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 45
--------------------------------------------------------------------------------

وباللطف يقضي العقلُ حتماً فربُّنا لطيفٌ وفي كلِّ الاُمورِ له خُبْرُ
يقرِّبُنا من كلِّ نفع وطاعة ويبعدُنا عن كلِّ ذنب به الضرُّ
ومن لطفه أمسى مثيباً معاقِباً ومن لطفهِ أن تُرْسَل الرُسْلُ والنُذْرُ
تُبِينُ لنا طُرْق الضلالةِ والهُدى جميعاً وما في حُكْمِه ابداً قَسْرُ
لئلاّ يُرى للناس من بعدُ حُجَّةٌ على اللهِ أو يبدو لهم في غد عُذْرُ
ويحيى الذي يحيى ويهلِك هالِكٌ وقد جاءَه التبيان ما دونه سِتْرُ
فأرسل فينا أنبياءَ تنزَّهُوا عن الذنب لا يُعصَى له فيهمُ أَمْرُ

--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 46
--------------------------------------------------------------------------------

ولو جاز أن يعصوه ما كان أمرُهم مطاعاً وخيفَ الكذْبُ منهم أوالمَكْرُ
ومن بعدهم أبقوا رُعاةً لدينهم يحوطونه من أن يحيقَ به الكـفر
هم الاوصياءُ الراشدون وكلُّهم بحورُ علوم لا يُخاضُ لها غَمْرُ
وكلُّ دليل بالنبوّة قد مضى فمنه بإثبات الامام قضى الفِكْرُ(1)


____________

1) البرهان على وجود صاحب الزمان: 39، قادتنا كيف نعرفهم: 7/242 ـ 243.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 47
--------------------------------------------------------------------------------



العصمة أم الشروط الاربعة عشر؟

ترى الاماميةُ الاثنا عشرية ـ بناءاً على قولها باللطف الالهيّ المطلق ـ أنَّ الامامَ لابُدَّ أن يكون معصوماً، وأنّ منصب الامامة منصبٌ لايستحقه إلاّ المعصوم.

يقول الشيخ المفيد(1) في «أوائل المقالات»(2) : «واتَّفَقَتْ الاماميّةُ على

____________

1) محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي الكَرْخي (336 أو 338 ـ 413 هـ) الشيخ المفيد، ابن المعلّم، عالم الشيعة، صاحب التصانيف الكثيرة، شيخ مشائخ الطائفة الامامية الاثني عشرية، لسان الامامية، رئيس الكلام والفقه، كان يناظر أهل كلّ عقيدة، كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس، له أكثر من مائتي مصنّف، كانت جنازته مشهودة، وشيّعه ثمانون ألفاً. انظر: حياة الشيخ المفيد ومصنّفاته، أعيان الشيعة: 9/420، سير أعلام النبلاء: 17/344، تاريخ الاسلام: (حوادث 411 ـ 420 هـ: 332) الاعلام: 7/21، معجم رجال الحديث: 18/213.

2) «أوائل المقالات في المذاهب والمختارات» للشيخ المفيد، كتاب يشتمل على «الفرق بين الشيعة والمعتزلة وفصل مابين العدلية من الشيعة ومن ذهب إلى العدل من المعتزلة والفرق مابينهم من بعد وبين الامامية فيما اتفقوا عليه من خلافهم فيه من الاصول، وذكر ـ في أصل ذلك ـ ما اجتباه هو من المذاهب المتفرّعة عن أصول التوحيد والعدل والقول في اللطيف من الكلام...».

وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات، وهو من أجود الكتب في بابه.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 48
--------------------------------------------------------------------------------

أنّ إمام الدين لايكون إلاّ معصوماً من الخلاف للهِ تعالى، عالماً بجميع علوم الدين، كاملاً في الفضل، بايناً من الكلِّ بالفضل عليهم في الاعمال التي يُسْتَحَقُّ بها النعيم المُقيم»(1) .

ويُستدل على ذلك بالعقل قبل النقل، جاءَ في «الذخيرة»(2) للشريف المرتضى:

«فأمّا الذي يدلُّ على وجوب العصمة له من طريق العقل، فهو أنّا قد بيّنَا وجوب حاجة الاُمّة إلى الامام، ووجدنا هذه الحاجة تثبت عند جواز الغلط عليهم(3) ، وانتفاء العصمة عنهم، لمابيّنّاه من لزومها لكلِّ من كان بهذه

____________

1) أوائل المقالات: 4، 5.

2) «الذخيرة في علم الكلام أو ذخيرة العالم وبصيرة المعلِّم وهو من تتمة كتاب الملخص في أصول الدين» هو أحد كتابين جليلين في علم الكلام حلاّ في الرعيل الاوّل من الكتب الكلامية التي تناولت بيان مذهب الشيعة الامامية وتبنّت الذبَّ عن أصوله الاعتقادية وتركيز الاسس العلمية التي اعتمدتها في دعم عقيدتها، كما يصفه المحقق السيّد أحمد الحسيني.

3) أي على الاُمّة.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 49
--------------------------------------------------------------------------------

الصفة، وينتفي بانتفاء جواز الغلط، بدلالة أنّهم لو كانوا بأجمعهم معصومين لايجوز الخطأُ عليهم; لما احتاجوا إلى إمام يكون لطفاً لهم في ارتفاع الخطأ، وكذلك لمّا كان الانبياء معصومين لم يحتاجوا إلى الروساء والائمة، فثبت أن جهة الحاجة هي جواز الخطأ.

فإن كان الامام مشاركاً لهم في جواز الخطأ عليه فيجب أن يكون مشاركاًلهم في الحاجة إلى إمام يكون وراهُ، لان الاشتراك في العلّة يقتضي الاشتراك في المعلول.

والقول في الامام الثاني كالقول في الاوّل، وهذا يُؤدِّي إلى إثبات ما لا يتناهى من الائمة أو الوقوف إلى إمام معصوم، وهو المطلوب»(1) .

وترى الاثنا عشرية أنّ لقولها بالعصمة أدلةً من النقل أيضاً; فالاية الشريفة (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيْمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّيْ جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامَاً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِيْ قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيْ الظَّالِمِيْنَ)(2) ، دليلٌ كبيرٌ على العصمة من كتاب الله تعالى مع تفصيل وتفسير طويلان جدّاً، ليس هذا مجال بحثهما.!

ولكن على سبيل الاختصار يمكن أن يقال: «إن الظلم بكلِّ ألوانه

____________

1) الذخيرة: 430، 431.

2) سورة البقرة: 124.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 50
--------------------------------------------------------------------------------

وصوره مانعٌ عن نيل هذا المنصب الالهي(1) ، فالاستغراق في جانب الافراد يستلزم الاستغراق في جانب الظلم، وتكون النتيجة ممنوعيّة كلِّ فرد من أفراد الظَّلَمَة عن الارتقاء الى منصب الامامة، سواء أكان ظالماً في فترة من عمره ثم تاب وصار غير ظالم، أو بقي على ظلمه، فالظالم عندما يرتكب الظلم يشمله قوله سبحانه: (لاَ يَنَالُ عَهْدِيْ الظَّالِميْنَ) ، فصلاحيته بعد ارتفاع الظلم تحتاج إلى دليل.

وعلى ذلك، فكلّ من ارتكب ظلماً، وتجاوز حدَّاً في يوم من أيام عمره، أو عبد صنماً، أو لاذ إلى وثن، وبالجملة ارتكب ما هو حرام، فضلاً عمّا هو كفر، يُنَادَى من فوق العرش: (لاَ يَنَالُ عَهْدِيْ الظَّالِميْنَ) أي أنتم الظلمة الكفرة المتجاوزون عن الحدّ، لستم قابلين لتحمل منصب الامامة; من غير فرق بين أن يصلح حالهم بعد تلك الفترة، أو يبقوا على ماكانوا عليه.

وهذا يستلزم أن يكون المؤهَّل للامامة طاهراً من الذنوب من لدن وُضِعَ عليه القلم إلى أن أُدْرِجَ في كفنه وأدخل في لحده، وهذا ما نسميه بالعصمة في مورد الامامة»(2) .

ومن أدلة الامامية الاثني عشرية على العصمة من الكتاب العزيز قوله

____________

1) الامامة.

2) الالهيات: 4/122.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 51
--------------------------------------------------------------------------------

تعالى: (أَطِيْعُوْا اللهَ وَأَطِيْعُوْا الرَّسُوْلَ وَأُوْلِيْ الاَْمْرِ مِنْكُمْ)(1) «فإنه تعالى أوجب طاعة أولي الامر على الاطلاق كطاعته وطاعة الرسول، وهو لا يتم إلاّ بعصمة أولي الامر، فإنّ غير المعصوم قد يأمر بمعصية وتحرم طاعته فيها، فلووجبت أيضاً اجتمع الضدّان: وجوب طاعته وحرمتها، ولايصحّ حمل الاية على إيجاب الطاعة له في خصوص الطاعات; إذ ـ مع منافاته لاطلاقها ـ لا يجامع ظاهرها من إفادة تعظيم الرسول وأولي الامر بمساواتهم لله تعالى في وجوب الطاعة، إذ يقبح تعظيم العاصي، ولا سيّما المنغمس بأنواع الفواحش.

على أن وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خواص الرسول وأولي الامر، بل تجب طاعة كل آمر بالمعروف، فلابدّ أن يكون المراد بالاية بيان عصمة الرسول وأولي الامر وأنّهم لا يأمرون ولا ينهون إلاّ بحقّ»(2) .

ومن السنة: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إني تارك فيكم الثقلين ـ أو الخَليفتين ـ: كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، فقد قال السيّد محسن الامين العاملي بعد ذكرهذا الحديث وغيره: «دلّت هذه الاحاديث على عصمة أهل البيت من الذنوب والخطأ، لمساواتهم فيها بالقرآن الثابت عصمته في أنّه أحد الثقلين المخلّفين في الناس، وفي الامر بالتمسّك بهم كالتمسّك بالقرآن، ولو كان

____________

1) النساء: 59.

2) دلائل الصدق: 2/17.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 52
--------------------------------------------------------------------------------

الخطأ يقع منهم لما صحّ الامر بالتمسّك بهم الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجةً، وفي أنّ المتمسِّكَ بهم لا يضِلّ كما لا يضِلّ المتمسّكُ بالقرآن، ولووقع منهم الذنوب أو الخطأ لكان المتمسّك بهم يضلُّ، وإنّ في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال، وأنَّهم حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الارض كالقرآن، وهو كنايةٌ عن أنّهم واسطةٌ بين الله تعالى وبين خلقه، وأنّ أقوالهم عن الله تعالى، ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك. وفي أنّهم لم يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مُدّةَ عمر الدنيا، ولو أخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدّم عليهم بجعل نفسه إماماً لهم أوتقصير عنهم وائتمام بغيرهم، كما لايجوز التقدّم على القرآن بالافتاء بغير مافيه أو التقصير عنه باتّباع أقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم(1) وردّ أقوالهم، ولو كانوا يجهلون شيئاً لوجبَ تعليمهم ولم يُنه عن ردِّ قولهم»(2) .


____________

1) اشارة إلى رواية لحديث الثقلين فيها (... ولا تعلموهم فإِنَّهم أعلم منكم...) راجع تخريجه في «المراجعات» لشرف الدين ص36 طبع دار الكتاب الاسلامي أو ص16 طبعة (مطبوعات النجاح بالقاهرة). وراجع تخريج حديث الثقلين في: حديث الثقلين تواتره فقهه كما في كتب السنة، الاعتصام: 1/132 ـ 152، لوامع الانوار: 1/51، بحارالانوار: 22/475، 36/329، 45/313، 68/22، نفحات الازهار: الجزء الاوّل.

2) الغدير: 3/297، 298، وراجع: الاصول العامة للفقه المقارن: 164 ـ 189.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 53
--------------------------------------------------------------------------------

وأمّا الزيديةُ فإنها لا ترى ضرورة عصمة الامام، بل أنّ لهُ شروطاً أربعة عشر.

يقول الشرفي(1) : «وشروط صاحبها ـ أي شروط الامام ـ أربعة عشر شرطاً:

الاوّل: البلوغ والعقل، للاجماع على أن لا ولاية للصبي والمجنون على أنفسهما فضلاً عن غيرهما».

الثاني: الذكورة، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأةً، ولانّ المرأةلا تولّى جميع أمرها، ولانها ممنوعة من مخالطة الناس وغير ذلك.

والثالث: الحرية....

والرابع:... المنصب، فلا تصح الامامة إلاّ في منصب مخصوص بيّنه الشارع....

الخامس:... الاجتهاد...

والسادس:... الورع...

والسابع: اجتناب المهن المسترذلة.


____________

1) أحمد بن محمد بن صلاح الشرفي (975 ـ 1055) كان من ولاة الامام القاسم ابن محمّد وشرح كتابه الاساس بشرحين صغير وكبير، عالم موسوعي ورع وأديب يصفه صاحب «نسمات الاسحار» بخاتمة المحقِّقين له مؤلفات ومصنفات يُدرس بعضها في حلقات العلم عند الزيدية. انظر: عدة الاكياس: 1/17، البدر الطالع: 1/82، الاعلام: 1/238.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 54
--------------------------------------------------------------------------------

الثامن: الافضلية...

والتاسع: الشجاعة...

والعاشر: التدبير...

والحادي عشر: القدرة على القيام بثمرة الامامة...

والثاني عشر: السخاء بوضع الحقوق في مواضعها..

والثالث عشر: السلامة من المنفرات نحو الجذام والبرص...

والرابع عشر: سلامة الحواس والاطراف...»(1) .

وهي تستدلّ على كلِّ شرط على حدة باستدلالات عقلية ونقلية.

وليس لديهم استقرارٌ على القول بأربعة عشر شرطاً، فهذا «يحيى بن حمزة» يقول:

«... أن طريق الامامة عندنا ـ ممن ليس بمنصوص عليه ـ هي الدعوة، فمن قام منهم ودعا إلى الامام مستجمعاً لاُمور أربعة:... وجب على كافّة المسلمين نصرتُه والدعاءُ إليه، والاحتكام لامره، والتقوية لسلطانه»(2) . ويرى عبدالله بن حمزة أن تلك الشروط «ستة»(3) .


____________

1) عدة الاكياس: 2/120 ـ 134.

2) المعالم الدينية: 144.

3) ديوان عبدالله بن حمزة وعنه دائرة المعارف الاسلامية الشيعية: 7/222.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 55
--------------------------------------------------------------------------------

وأّما «العصمة» فالزيدية لا تراها:

يقول «الشرفي»:

«قال (عليه السلام)(1) : «ولا دليل عليها» أي على اشتراطها أي العصمة «إلاّ تقدير حصول المعصية من الامام «لو لم يكن معصوماً» أي لادليل لهم(2) على اشتراط العصمة إلاّ تقديرحصول المعصية وهو لا يصلح دليلاً; لما ذكره (عليه السلام)بقوله:

«قلنا: ذلك التقدير حاصل في المعصوم فيفرض حصول المعصية منه كما قال تعالى في سيد المعصومين (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(3) .

ولا يلزم من هذا الفرض وقوع الشرك منه (صلى الله عليه وآله وسلم).


____________

1) القائل هو القاسم بن محمّد (1029) صاحب المتن المشروح والمسمّى بـ «الاساس» وقد طبع هذا المتن في بيروت عام 1980 هـ بتحقيق الدكتور البيرنصري نادر عن دار الطليعة، وطبعه بتحقيق آخر / محمد قاسم الهاشمي ـ مكتبة التراث الاسلامي / صعده ـ اليمن وصدرت الطبعة الثانية منه عام 1415 هـ.

2) أي الاثني عشرية.

3) الزمر: 65.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 56
--------------------------------------------------------------------------------

«قالوا: لا سواءَ فإنّه «امتنع وقوعها من المعصوم» قطعاً ولو قُدِّرت منه تقديراً فإنّا نعلم انتفاءَها «بخلاف غيره» أي غير المعصوم فإنّه ـ مع تقديرها منه ـ يمكن وقوعها ولا يمتنع فلم يستوِ التقديران «قلنا ما دام» الامام «عدلاً فلا وقوع» للمعصية منه «وإن وقعت منه» المعصية «فَكَلوْماتَ المعصومُ»;

لانّ تقدير موت الامام المعصوم ووقوع المعصية من الامام غير المعصوم سواءٌ في كونهما مبطلين للامامة، فهلاّ منعتم من قيام الامام المعصوم ـ لتقدير موته، كما منعتم من إمامة العدل لتقدير معصيته، وكذلك تقديرالعمى والجذام أو نحو ذلك؟»(1) .

ومع ذلك فهنالك من الزيدية من ذهب إلى اشتراط العصمة في الامام «كأبي العبّاس الحسني»(2) وهو من هو عند الزيدية!!


____________

1) عدّة الاكياس: 2/134، 135.

2) عدة الاكياس: 2/134. وأبوالعبّاس الحسني هو: أحمد بن إبراهيم الحسني المعروف بأبي العبّاس (353) وُصف في كتب الزيدية بـ «السيّد الامام الحافظ، الحجة، شيخ الائمة، ربّاني آل الرسول، وشيخ المعقول والمنقول، لم يبق شيءٌ من فنون العلم إلاّ طار في أرجائه، وهو تلميذ الامام الناصر الاطروش، وشيخ الامامين الجليلين أبي طالب والمؤيد بالله.

قال عنه عبدالله بن حمزة: «الفقيه المناظر المحيط بألفاظ العترة أجمع غير مدافع ولا منازع، كان محل الامامة، ومنزل الزعامة. انظر: التحف: 118، أعيان الشيعة: 2/469.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 57
--------------------------------------------------------------------------------

بل إن عبارات كبار أئمة الزيدية في صفة الامام لتكاد توحي بأنها لا تنطبق إلاّ على المعصوم أو لا تنادي إلاّ بالمعصوم!

يقول الهادي يحيى بن الحسين(1) : «وكذلك الاوصياء فلا تثبت للخلايق وصية الانبياء إليهم إلاّ باستحقاق لذلك العلم والدليل، فأمّاالاستحقاق منهم لذلك المقام الذي استوجبوا به من الله العلمَ والدليلَ فهو فضلهم على أهل دهرهم وبيانهم عن جميع أهل ملَّتهم بالعلم البارع والدين والورع والاجتهاد في أمر الله وعلمهم ودليلهم فهوالعلم بغامض علم الانبياء

____________

1) الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي (245 ـ 298) أوّل أئمة الزيدية في اليمن، له مقام شامخ عند الزيدية لا يكاد يرقى إليه إمام ـ من أئمتهم ـ غيره، كان على ورع شديد، كتب ابن عمّه عليّ بن محمد العبّاسي العلوي سيرته في مجلد ضخم طبع بتحقيق الدكتور سهيل زكّار سنة 1392 هـ ـ دار الفكر بيروت ـ في 418 صفحة.

عالم، فقيه، سياسي، مؤسس دولة الائمة في اليمن، وواضع أسس الهادوية حارب القرامطة حروباً شديدة، وكان له ولفقهه شأن عظيم في تاريخ اليمن، مقامُه بـ «صعدة» مشهور مزور. من كتبه «الاحكام في الحلال والحرام». انظر: الافادة: 128، الاعلام: 8/141، الحدائق الوردية: 2/13، التحف: 99، الموسوعة اليمنية: 2/1018، تاريخ الاسلام (حوادث ووفيات 291 ـ 300 هـ): 321.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 58
--------------------------------------------------------------------------------

والاطلاع على خفىّ أسرار الرسل واحاطتهم بماخصّ الله به أنبياءه حتى يوجد عندهم من ذلك ما لا يوجد عند غيرهم من أهل دهرهم فيستدلّ بذلك على ما خصّهم به أنبياؤهم وأُلْقِيَ إليهم من مكنون علمها وعجايب فوايد ما أوحى الله به إليها ممّا لا يوجد أبداً عند غير الاوصياء»(1) .

وأمّا قول «القاسم بن محمّد»(2) بأنه لا دليل عليها (أي على اشتراطها = العصمة) إلاّ تقدير حصول المعصية; فمجازفة!!

لادلة كثيرة!

منها:

أولاً: أنّ الامامية المتقدمين والمتأخرين(3) لم يذكروا أنّ مستندهم

____________

1) المجموعة الفاخرة: 48.

2) عدّة الاكياس: 2/134 ـ 135.

القاسم بن محمّد بن علي بن الرشيد (967 ـ 1029) فقيه، عالم، قام بدور سياسي بارز في محاربة الاتراك بعد أن ادّعى الامامة سنة 1006، ترك كثيراً من المؤلّفات منها: «الاعتصام» في الحديث و«الاساس» في أصول الدين، أُلّف في ترجمته كتاب باسم «النبذة المعشيرة» لُقّب بالمنصور بالله، انظر: التحف: 229، البدر الطالع: 1/385، الموسوعة اليمنية: 2/738، الاعلام: 5/182.

3) راجع: الذخيرة: 430، مناهج اليقين: 297 ـ 299، أوائل المقالات: 19، عقائدالامامية: 313، أصل الشيعة وأُصولها: 212،الالهيات: 4/116 ـ 130.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 59
--------------------------------------------------------------------------------

الوحيد في ايجابهم العصمة للامام هو «تقدير حصول المعصية»، بل لم يذكروه ـ أصلاً ـ كدليل على إيجاب العصمة.

ما نراه في كتبهم استدلالاً على العصمة وضرورتها هو:

1 ـ أنّه لو لم يكن ]الامام[ معصوماً لزم التسلسل(1) ، والتالي باطلٌ فالمقدَّم مثله»(2) .

«والدليل على وجوب كونه معصوماً: أنّ الرئاسة إنّما وجبت من حيث كانت لطفاً، يقلُّ الفسادُ ويَكْثُرُ الصلاحُ عندها، وكان الامر منعكساً مع فقدها من كثرة الفساد وقلّة الصلاح، فالرئيس لايخلو من أن يكون معصوماً أو لايكون معصوماً. إن كان معصوماً فهو المقصود، وإن لم يكن معصوماً كان محتاجاً إلى رئيس آخر، ثم الكلام في رئيسه كالكلام فيه، في أنّه إن لم يكن معصوماً احتاج إلى رئيس آخر، فكذا الثالث يحتاج إلى رابع، والرابع إلى

____________

1) أي حاجة «الامام» غير المعصوم إلى «إمام معصوم».

2) «اصطلاح منطقي» بعبارة أُخرى: إن التسلسل باطلٌ، والقول بعدم عصمة الامام يستلزم احتياجه إلى من هو أعلم وأكمل منه وهذا الاعلم والاكمل هكذا يحتاج إلى من هذا أعلم وأكمل منه وهذا يؤدّي إلى التسلسل; إذن القول بعدم العصمة للامام ـ القول الذي يؤدّي إلى التسلسل ـ باطل، فيثبت القول بعصمة الامام مناهج اليقين: 297.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 60
--------------------------------------------------------------------------------

خامس، وذلك يؤدِّي إلى إثبات ما لاينحصر من الرؤساء، وهو باطلٌ، أو إلى إثبات رئيس معصوم، وبه يتُم المقصود، فإنّه يكون إماماً للكلِّ ومن عداه يكونون نوّابه وعمّاله وأمراءه، وإنّما قلنا: إذا لم يكن معصوماً احتاج إلى رئيس آخر من حيثُ: إن العِلّة المحوجة إلى رئيس ـ وهى ارتفاع العصمة وجواز الخطأ ـ تكون قائمة فيه»(1) .

2 ـ آية التطهير:

(إِنّما يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً)(2) .

«وأمّا دلالتها على العصمة، فتظهر إذا اطّلعنا على أنّ المرادَ من الرجس هو القذارة المعنوية لا المادية...

وعلى ضوء هذا، فالمراد من الرجس في الاية: كل عمل قبيح عرفاً أو شرعاً، لا تقبله الطباع، ولذلك قال سبحانه بعد تلك اللفظة: (وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيْرَاً) ، فليس المراد من التطهير، إلاّ تطهيرهم من الرجس المعنوي الذي تُعدُّالمعاصي والمآثم من أظهر مصاديقه.

وقد ورد نظيرالاية في حقّ السيدة مريم، قال سبحانه (إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِيْنَ)(3) .


____________

1) المنقذ من التقليد: 2/278 ـ 279.

2) الاحزاب: 33.

3) سورة آل عمران: 42.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 61
--------------------------------------------------------------------------------

ومن المعلوم أنَّ تعلّق الارادة التكوينية على إذهاب كلِّ رجس وقذارة، وكلِّ عَمَل مُنَفِّر ـ عرفاً أو شرعاً ـ يجعل مَنْ تعلَّقت به الارادة إنساناً مثاليّاً،نزيهاً عن كلِّ عيب وشين، ووصمة عار»(1) .

3 ـ ما سبق ذكره من استشهاد الامامية بآية الامامة(2) ، وطريقة استدلالها بتلك الاية.

وغيرها من الادلّة.

ثانياً:

أنّ من عرف «مبنى» الامامية الاثني عشرية ـ وهو «قاعدة اللطف» ـ جزم ـ بإنصاف ـ بأنّ قولهم بعصمة الامام إنما هو نابعٌ من صميم النتائج العقلية الضرورية لمن التزم بقاعدة اللطف في مسألة الامامة.

ثالثاً:

أنّ الزيدية ـ نفسها ـ احتارت أمام الدلائل التي تفرض نفسها للعصمة، فاضطرّت إلى القول بالعصمة، ولكنّها وقعت في مأزق خطير وهو ادّعاء العصمة في العترة ـ هكذا، مُطْلَقةً ـ في أولاد الحسنين!!(3) ، وكما يعبّر

____________

1) الالهيات: 4/128، 129.

2) سورة البقرة: 124.

3) عدة الاكياس: 2/188.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 62
--------------------------------------------------------------------------------

الفلاسفة والمنطقيون «في الجملة لابالجملة» بدون أن تحدّد، بل قالت: «وجماعة العترة معصومة» فالقول بالعصمة هو قول الزيدية أيضاً!! إلاّ أنهاجعلته في العترة عامّة، وهذا القول فيه ما فيه!! خصوصاً إذا ما لوحظ أنَّ الزيديّة تنفي عن نفسها القول بعصمة آحاد أهل البيت(1) .

وحديث «الثقلين» القارن «العترة = أهل البيت بالقرآن = المعصوم» ـ بحد ذاته ـ كاف ليكون أباً لكل أدلّة القائلين بعصمة الامام.

وكم قد رأينا ـ علماً وعملاً ـ جرّاء عدم القول بضرورة عصمة الامام ولابدّيتها: أن كلَّ الشروط التي تطرح تحت عنوان «صفة الامام» لم تكن سوى شروط كمالية مثالية قلَّ من رقى إليها.

وهذا هو الذي جعل كثيراً من أئمة الزيدية لا يعتبرون بعض الشروط، كما هو المعروف عن «يحيى بن حمزة» وعدم اعتباره للاجتهاد شرطاً في الامام(2) .

وأمّا مراجعة تاريخ اليمن وتاريخ أئمة اليمن بوجه خاص ففيه الادلّة الكثيرة التي تؤيد «مثاليّة» الشروط التي اعتبرت في الامام(3) .


____________

1) شرح الازهار: 1/15 وكتب أصول الفقه عند الزيدية.

2) وقال ـ بعدم اشتراط الاجتهاد في الامام ـ الامام المطهّر والامير الحسين والحسن بن وهّاس والقاضي جعفر والقاضي مغيث والسيّد عبدالله بن يحيى أبو العطايا. انظر: شرح الازهار: 4/520.

3) الموسوعة اليمنية: 1/447 ـ 459 و496 ـ 499. ومن أجل حقيقة ـ أكثر صراحةً ـ لابُدّ من القول بأنّ عمليّة وضع تلك الشروط تمَّ بطريقة تجميعيّة دفعت بها خلفيّة عقليّة ثيوقراطيّة تجعل من المصلحة السياسية والسلطويّة ـ المبتنية على مرتكزات دينيّة وعقيدية; لم يكن بدٌّ من الاعتماد عليها ـ مشرِّعاً جديداً وفق ضوابط «المصالح المرسلة» و«الاستحسان» أو لا وفقها !


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 63
--------------------------------------------------------------------------------

ثمّ نتساءَل!

إلى أين أوصلنا القول بأن لا ضرورة للقول بالعصمة؟

ألم يوصلنا ـ في فترة من الزمن; امتدتْ إلى هذه الفترة ـ إلى أن نضرب صفحاً عن مناهج أهل البيت (عليهم السلام) ونجعل منابع شريعتنا غيرها(1) !؟

ألم نصل إلى القول تارة «بالنصّ الخفىّ» في الامامة وتارة «بالنصّ الجلىّ» ونكون قد ارتكبنا جُرماً عقائدياً ـ إن صحَّ التعبير ـ عندما نقول بالاوّل منهما!!

ألم نصل إلى أن نُصْبِحَ حيارى في أخذ ديننا عن من؟ بل حتّى العلماء صاروا حيارى; إن لم يكونوا أوّلَ من احتار !!

وندندنَ كالسيد الحافظ إسحاق بن يوسف بن الامام المتوكّل على الله(2) :


____________

1) شرح الازهار: 1/8، مقدّمة البحر الزخّار: 196.

2) السيّد إسحاق بن يوسف بن الامام المتوكّل على الله إسماعيل بن الامام القاسم بن محمد (1111 ـ 1173) قال عنه الشوكاني: «إمام الاداب، والفائق في كلِّ باب، على ذوي الالباب»، كان كريماً وشاعراً، فقيهاً محدِّثاً، من كتبه رسالة (الوجه الحسن المذهب للحزن)، وتفريج الكروب في مناقب الامام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام). انظر ترجمته: البدر الطالع: 1/91، الاعلام: 1/297.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 64
--------------------------------------------------------------------------------

أيها الاعلام من ساداتنا ومصابيح دياجي المُشكلِ
خبِّرونا هل لنا من مذهب يُقتفى في القول أو في العمل؟
أم تُركْنا هَمَلاً نَرعى بلا سائم نقفوهُ نَهْجَ السُبُلِ!
فإذا قلنا «ليحيى»(1) قيل لا ها هنا الحقُ لزيد بن علي!(2)


____________

1) الهادي: يحيى بن الحسين بن القاسم الرسّي. 2) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (75 ـ 122) أخ الامام الباقر(عليه السلام) وعمّ الامام الصادق(عليه السلام) وابن الامام السجّاد(عليه السلام)، كان يُعرف بـ «حليف القرآن» ويعتبر من فقهاء ومحدثي أهل البيت(عليهم السلام). قام مخلصاً لله تعالى أمام الجبّارين في عصره، وقال فيه الامام الصادق(عليه السلام) «رحم الله عمّي زيداً لو ظفر لوفى، إنما دعا إلى الرضا من آل محمّد و...» قال الشيخ المفيد في «الارشاد»: كان زيد بن علي(عليه السلام) عين إخوته بعد أبي جعفر الباقر(عليه السلام)وأفضلهم وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخياً شجاعاً، واعتقد كثير من الشيعة فيه الامامة وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد فظنّوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريده لمعرفته باستحقاق أخيه للامامة من قبله...

انظر: الافادة: 61، التحف: 43، الحدائق الوردية: 1/137 (الامام زيد شعلة في ليل الاستبداد) لمحمد يحيى سالم عزّان، معجم رجال الحديث: 8/357 ـ 369، زيد الشهيد، سير أعلام النبلاء: 5/389، تاريخ الاسلام (حوادث 121 ـ 140 هـ): 105، الارشاد: 2/171، زيد بن علي ومشروعيّة الثورة عند أهل البيت(عليهم السلام)، أعيان الشيعة: 7/107، الاعلام: 3/59.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 65
--------------------------------------------------------------------------------

وإذا قلنا «لزيد» حكموا أن «يحيى» قوله النصُّ الجلي
وإذا قلنا لِهذا ولِذا فهمُ خيرُ جميعِ الملل
أو سواهم من بني فاطمة أُمناءِ الوحي بعدَ الرُسُل
قرّروا المذهب قولاً خارجاً عن نصوص الالِ فابعثْ وسلِ!(1)


____________

1) البدر الطالع: 1/91.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 66
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 67
--------------------------------------------------------------------------------



النصّ وملابساته

وتبقى مسألة النصّ كمرحلة أخيرة للتدرج الذي اتبعناه في بحث نظرية الاماميّة تدرّجاً هَرَميّاً!!

ولنا في البداية «وقفة» عند النصّ عند الزيدية.

فالزيدية تختلف اختلافاً جِدَّ خطير في مسألة النصّ!!

منشأه من «مسألتين» اختلفت فيهما اختلافاً واسعاً:

أّما المسألة الاُولى: فهي أنّ الائمة قسمان:

فالقسم الاوّل: مَن نُصَّ عليه «بالامامة» وهؤلاء هم: أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب والامام الحسن بن علي والامام الحسين بن علي (عليهم السلام).

والثاني: من لم يُنصَّ عليه بالامامة، وقد اختلفوا في هذا القسم أيضاً!!

فبعضهم قال: بل نُصَّ عليه نصٌّ جُمليٌّ وهم العترة، ـ واختلفوا في هذاالنص الجملي أيضاً!! فبعضهم قال: إنما هم أولاد عليٍّ (عليه السلام) من الحسن والحسين(عليهما السلام)ابني فاطمة(عليها السلام)، وعبروا عن قولهم هذا بـ «حصر الامامة في البطنين»، والبعض الاخر قال بدخول أولاد عليٍّ (عليه السلام) من غير الحسنين (عليهما السلام)
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 68
--------------------------------------------------------------------------------

كمحمد بن الحنفية والعباس بن علي وعمر بن علي(1) .

والمسألة الثانية: أصل «النصّ» هل هو جليٌّ أو خفي؟

والحقُّ يقال!!: أنه لم يكن للقائلين «بالنص الخفي» «غرضٌ» سوى تنزيه مقام المتقدّمين على أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه ممّا يمكن أن يلحق بهم من تفسيق أو تكفير!!; جرّاء مخالفة النصوص القطعية على أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالامامة الكبرى(2) .

وللاسف أن هذه الشنشنة ـ شنشنة أنّ النصّ على أمير المؤمنين علىِّ بن أبي طالب صلوات الله عليه نصٌّ خفيٌّ غير جلي ـ قد بدأتْ تأخذُ مساراً وئيد الخُطى في الوسط الزيدي المعاصر مع غفلة هروّجية والدعاة إليه عن «أضراره» الكبيرة بالعقيدة الزيدية فضلاً عن غيرها.


____________

1) عدة الاكياس: 2/122.

2) حتّى أن كثيراً من مؤلفي «الزيدية» في العقائد كانوا يعقدون فصلاً أو باباً في سياق ذكرهم«للامامة» تحت عنوان: «حكم من تقدّم أمير المؤمنين (عليه السلام)». انظر: عدة الاكياس: 2/ 166، وراجع: أنوار اليقين للحسن بن بدر الدين، وحقائق المعرفة لاحمد بن سليمان وغيرها، ومن المضحك ـ وشرّ المصائب ما يضحك ـ أن يؤدِّي هذا الدَوَران ـ بعد عناء ـ إلى القول بالنص «الجلي» في الامامين الحسن والحسين(عليهما السلام) والنصِّ «الخفيّ» في أميرالمؤمنين(عليه السلام) !! انظر: شرح الازهار: 4/522.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 69
--------------------------------------------------------------------------------

إنّ الزيدية لو تنازلت عن قولها بالنصّ الجلي على أمير المؤمنين علىِّ بن أبي طالب صلوات الله عليه، فإنها لن تكون قد أخطأت في حقّ أئمّتها الاوائل فقط، بل ستكون قدفتّت في عضد قيموميّتها الشيعية على هوّيتها، وحينها لن يبق من فارق بينهاوبين مذهب أهل السنّة.

وهذا خطرٌ ـ بحمد الله ـ قد توجَّه له بعض علماء الزيدية المعاصرين، ولم يدعوا المجال مفتوحاً أمامَ من يُريدَ ـ في الحقيقة ـ التعرضَ للثوابت عند الزيدية، ولله القائل منهم(1) :

____________

1) ردّاً على من قال:

عليُّ بايعَ الصديق حقاً وناداهُ ليغزو فاستجابا
وللفاروق بايع بعد هذا وزوّجه ابنةً طابت وطابا
وبايع لابن عفّان ووالى وما عنه صوابُ الرأي غـابـا
تولّى ذا وهذا بعد هذا فهل في دينه والحقِّ حـابـا
اجيبوني على هذا بصدق أأخطأ في الطريقة أم أصابا
فإن أنكرتموا ما كان هذا لعنّا فيه أكذبنا جوابا

--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 70
--------------------------------------------------------------------------------

عليٌّ خالف الخلفاء فيما زعمتم أنه فيه أجـابا
ولو كان الذي فعلوه حقّاً لما حضروا سقيفتهم وغـابـا
وما سبب التقاعد عن «عتيق»(1) إذا كانت خلافته صوابـا
ومنها:

اجيبونا على هذا بصدق أأخطأ في التقاعد أم أصابا
فإن أنكرتم ما كان هذا لعنَّا فيه أكذبنا جوابا


____________

1) عتيق: أبو بكر بن أبي قحافة.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 71
--------------------------------------------------------------------------------

ومنها:

إليكَ مقالة عني أجبها فقد عارضت بالوشل العبابا
إذا رضي الوصي لهم فعالا ولم يكُ عندكم سكت ارتيابا
فلم غضبَ الوصي غداةَ جاءوا إليه ولم أنالَهم عتابـا
ولم هدرتْ شقاشقه عليهم وكاد يفضُّ مقولُه الصلابا
ومنها:

ولم هجر السقيفة حين كانت بها الاصواتُ تصطخب اصطخابا
وقلتم في الوصي لنا مقالاً ولم تخشوا من الله العقـابـا
وبايع لابن عفّان زعمتُم وتابعه ولان له الجنـابـا
فلمْ في قتْل عثمان تأنّى واغدف يوم مقتله النقـابـا

--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 72
--------------------------------------------------------------------------------

ولم قتلتهُ(1) أقوامٌ وكانوا كحيدرة وعترتهِ صحـابـا
ولم ردَّ القطائع من تراهُ وكان لسافكي دمه مـآبـا
ومنها:

فكيف جوابُ ما قلناه هاتوا لنا عن بعض ما قلنا الجـوابـا
إذا والى بزعمكم عتيقاً ولم يَرَ في خلافته اضطرابا
ووالى صاحبيه كما زعمتم وما في دينه والحقِّ حـابـا
فلم دفنَ البتولَ الطُهر ليلاً ولم يحثوا بحفرتها ترابا
ولم غضبت على الاقوامِ حتّى غدت فيهم مجرّعة مصـابـا
ولم أخذوا عطيّتها عليها وسوف يرون في غد الحسابا


____________

1) أي: عثمان.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 73
--------------------------------------------------------------------------------

ولم طلبوا عيادتها فقالت ابينوا القومَ حسبهمُ احتقابا
ولِم لعقايل الانصار قالتْ وقد جاءت تسالمها خطـابـا
لقد أصبحتُ عائفةً وإني لمن لم يُرْضِ فىَّ أبي آبا
ولم ماتت بغُصتها ترى في أكفِّ القوم نحلتها نهابا
وماتت وهي غاضبة روته غطارفةٌ بها شرفوا انتسابا
هم غضبوا لفاطمة وإنَّ الـ ملائكَ في السماءِ لها غضـابـا
فكيف يُقال والاهُم عليٌّ وهم أسقوا أبا الحسنين صـابـا
ومنها:

فمن زعم الوصيَّ لهم موال فقد عَظُمَتْ خطيئَتُه ارتكابا(1)

--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 74
--------------------------------------------------------------------------------

نخلص من هذه الوقفة القصيرة ـ التي قد لا يكون لذكرها هنا معنىً سوى الاثارة، ويا لها من إثارة دقيقة جدّاً كثيرة المفارقات غزيرة النتاج عميقة المداليل!! ـ إلى قول الزيدية في النصّ على من بعد الحسين (عليه السلام).

فالزيديّة ـ بشكل عام ـ(2) لا ترى النصَّ على من بعد الحسين تخصيصاً، ولكنها تراهُ عاماً في العترة(3) !!

ولكنّ المشكلة ستكون حينها في نفس مستمسك الزيدية على «إمامة»العترة أو قُل: أحد مستمسكاتها وهو: حديث الثقلين.

فإنّ هذا الحديث ـ بحد ذاته ـ يُلحُّ علينا أن نطالب بالمنصوص عليه،

____________

1) لوامع الانوار: 2/142 ـ 144، وهذا كلّه باعتبار أنّ من أكبر أدلّة القائلين بالنصّ الخفىّ:مخالفة الصحابة له ببيعتهم لابي بكر وظنّهم بأن أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب(عليه السلام) وافقهم وسار معهم على خطتهم غافلين أو متغافلين عن كثير من القضايا التي أشار إلى بعض منها الشاعر.

2) لانّ لهم كلاماً في الوصية إلى زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) راجع: التحف: 42.

3) عدة الاكياس: 2/188.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 75
--------------------------------------------------------------------------------

وإلاّفكيف يوكل أمر الاُمة إلى «عترة» لا نعرف من هم وبأي حق هم أئمة؟

أضف إلى ذلك أن الاحاديث التي قد «خصصت» العترة في «اثني عشر إماماً» أو «خليفةً» قد كفتنا عناءَ البحث والتكلّف وتجشم «الالتواء» على «النصوص» وعرقلة مسيرتها الطبيعية التكوينيّة(1) !!

ونعود لنتساءلَ ـ كما تساءَلنا في مبحث العصمة ـ ما الذي جنته الزيدية من عدم إيمانها بالنصِّ على اثني عشر إمام!؟

كم هو حصاد الائمة الذين تقاتلوا في ما بينهم; ولم توقف سيفَ أحد منهم بحوثُ المتكلِّمين من الزيدية حول جواز قيام إمامين في عصر واحد!؟

بل كم هو حصاد النفوس البشرية التي كانت تسفك في جند هذا الامام أو ذاك الامام؟

ما الذي جعل اليمن حدود ألف ومائتي عام مسرحاً للارهاب الامامي؟ حتّى نفدت كلمات المتكلمين في فسق الطوائف التي كانت تُحارب، فاتجهت إلى البحث عن «تُهَم» جديدة للائمة الذين كانوا يُحارَبون بدل الطوائف والفرق المسلمة الاُخرى(2) .


____________

1) تاريخ الخلفاء: 10 ـ 12، أنوار التمام (تتمة الاعتصام للقاسم بن محمد): 5/400 ـ 402.

2) ومن المؤسف عدم وجود إقدام جاد على مستوى دراسة وإحصاء وتحليل الحروب التي كانت تقع بين الائمة المتنافسين وتقديمها ـ تأريخاً صادقاً ـ لجيل ناهض يُربأُ به عن أن يعيش حالة تقدّس أجوف لحالة الصراع المريرة التي عاشتها اليمن في تلك الحقبة الرهيبة والطويلة من تاريخها، ويمثّل أكثرُ ما في الايدي من ذلك «نُبذاً ونتفاً ومقتطفات. أكثر ما تمنحه تصور أشبه بالتخيّل لما كان يحدث... !


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 76
--------------------------------------------------------------------------------

حقّاً إنها لمأساة!!

وسرّ «المأساوية» فيها أنّ أمرَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في الرجوع إلى اثني عشرإمام معصوم من بعده لم يُتَّبعْ ولم يراعَ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وأمّا الاثنا عشرية فقد قالت: أن الائمة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر إماماً(1) .

واستدلّوا على حصرهم ذلك بالنقل والعقل!!

يقول «الشريف المرتضى»:


____________

1) وليست الاثنا عشرية وحدها هي التي قالت هكذا; بل أنَّ أكثر محدِّثي المذاهب الاسلامية أوردوا في صحاحهم ومسانيدهم حديث الائمة الاثني عشر، إما إجمالاً أو تفصيلاً. انظر: صحيح البخاري: 9/147/79، صحيح مسلم: 3/1452/5 (1821)، مسند أحمد بن حنبل: 1/398، 406، ينابيع المودّة: 3/281. للتوسّع انظر: إعلام الورى: 2/157 ـ 208، نفحات الازهار: 2/337، دلائل الصدق: 2/485، بحارالانوار: 36/192 ـ 418، الالهيّات: 4/109 ـ 115، وراجع: إثبات الهداة للحرِّ العاملي.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 77
--------------------------------------------------------------------------------

«الذي يدلّ على إمامة الائمة (عليه السلام) من لدن حسن بن علي بن أبي طالب إلى الحجة بن الحسن المنتظر صلوات الله عليهم نقل الامامية وفيهم شروط الخبر المتواتر المنصوص عليهم بالامامة وأن كل إمام منهم لم يمض حتّى ينصَّ على من يليه باسمه عنه، وينقلون عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصوصاً في إمامة الاثني عشر صلوات الله عليهم، وينقلون زمان غيبة المنتظر صلوات الله عليه وصفة هذه الغيبة عن كل من تقدّم من آبائه، وكل شيء دللنا به على صحة نقلهم لما انفردوا به من النصّ الجليّ على أمير المؤمنين (عليه السلام) يدلّ على صحة نقلهم لهذه النصوص، فالطريقة واحدة.

ومن قويِّ ما اعتمد في ذلك: أن عصمة الامام واجبة في شهادة العقول،كما أن ثبوت الامامة في كل عصر واجب، وإذا اعتبرنا زمان كل واحدمن هؤلاء الائمة صلوات الله عليهم وجدنا كلَّ من يدعى الامامة له غيرُه في تلك الحال: إما غير مقطوع به على عصمته فلا يكون إماماً، لفقد الشرط الذي لابُدَّ منه، لو تُدَّعى الامامة لميّت ادّعيت حياته كدعوى الكيسانية في محمّدبن الحنفية والناووسية في الصادق (عليه السلام)، والذاهبين إلى امامة اسماعيل بن جعفر(عليه السلام)، وابنه محمّد بن اسماعيل، والواقفة على موسى (عليه السلام) فيعود بالضرورة والانقياد للادلّة إلى إمامة من عيّناه في كلِّ زمان.

والذي يبطل ـ زائداً على ما ذكرناه ـ قول من خالفنا في أعيان الائمة ـ ممّن يوافقنا على الاُصول المقدّم ذكرها ـ شذوذ كل فرقة منهم وانقراضها وخلوّ الزمان من قائل بذلك المذهب، وإن وُجِدَ ذاهبٌ إليه فشاذٌّ جاهل لا
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 78
--------------------------------------------------------------------------------

يجوز في مثله أن يكون على حقّ.

وقد دخل الردّ على الزيدية في جملة كلامنا لفقد القطع على عصمة صاحبهم، وهي الصفة التي لا بُدَّ منها في كل إمام، فلا معنى لاختصاصهم بكلام مفرد.

وإذا بطلت الاُصول بطل ما يُبْنى عليها من الفروع»(1) .

ويقول «الشيخ المفيد»:

«واتفقت الامامية على أن الائمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اثني عشر إماماً، وخالفهم في ذلك كلُّ من عداهم من أهل الملّة(2) ، وحججهم في ذلك على خلاف الجمهور ظاهرةٌ من جهة القياس العقليّ والسمع المرضيّ في البرهان الجلىّ الذي يفضي التمسّك به إلى اليقين»(3) .


____________

1) الذخيرة: 502، 503.

2) ومخالفة من عداهم إنّما هي مخالفة الاتباع والاقتداء والسير على نهج الائمة الطاهرين وأمّا رواياتهم للنصوص على الائمة فهي ما شاء الله في كتبهم كثرةً وايراداً.

3) أوائل المقالات: 6.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 79
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 80
--------------------------------------------------------------------------------



الطريق إلى الامام

وجولتنا الاخيرة ـ في هذا الطواف السريع على الاسس الهرمية لنظرية الامامة عند الزيديّة والاثني عشرية ـ هي في نظرية القيام والدعوة عند الزيدية.

وفي البداية نقول: إنه قد أصبح من شبه البديهي أن الزيدية تقول بقيام الامام ودعوته، خصوصاً لمن عرف تاريخها ودرسه ابتداءاً بزيد بن علي(عليه السلام)وانتهاءاً بآخر إمام لهم في اليمن على اختلاف لهم فيه!! هل هو هو أم أبوه(1) ؟!

ولندع صاحبة النظرية نفسها تُرينا تعريف القيام والدعوة وكيف صارت طريقاً لتعيين الامام ومعرفته بعد الحسين(عليه السلام).

يقول الشرفي:

«قال أئمتنا(عليهم السلام) وشيعتهم: وطريقها ـ أي الامامة ـ أي الطريق إلى كون الشخص إماماً تجب طاعته بعد الحسنين(عليهما السلام): القيام والدعوة ممّن جمع شرائطها التي تقدّم ذكرها.


____________

1) ومع التسليم ـ فرضاً ـ بأنّ زيد بن علي يُعتبَر محوراً لتلك الدائرة او ابتداءاً لخطّ الزيدية الذي نمى ـ من بعده ـ مذهباً وفكراً حركةً وسلطةً.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 81
--------------------------------------------------------------------------------

ومعنى ذلك أن ينصب نفسه لمحاربة الظالمين والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشهر سيفه وينصب رايته ويبث الدعاة للناس إلى إجابته ومعاونته وعلى هذا إجماع العترة(عليهم السلام)وشيعتهم رضي الله عنهم...»(1) .

وجاء في كتاب شرح الازهار:

«واعلم أنّه لابدّ من طريق إلى اختصاص الشخص بالامامة، وقد اختلف الناس في الطريق إلى ثبوت الامامة، فعند الزيدية أن طريقها الدعوة فيما عدا علياً(عليه السلام) والحسن والحسين، ومعنى الدعوة أن يدعو الناس إلى جهاد الظالمين وإقامة الحدود والجُمَع وغزو الكفّار والبغاة ومباينة الظالمين حسب الامكان»(2) .

إذن فقد عَرَّفَنا هذان النصّان على «لُبّ لباب» في مسألة القيام والدعوة.

ولكن ما هو دليل القول بهذه المسألة؟!

هذا ما يحدّثنا به الامام يحيى بن حمزة في هذا النصّ التالي:

«اتفقت الامة على أنّ الرجل لا يصير إماماً بمجرد صلاحيته للامامة، واتفقوا على أنّه لا مقتضى لثبوتها إلاّ أحد أمور ثلاثة: النص والاختيار

____________

1) عدة الاكياس: 2/192.

2) شرح الازهار: 4/522.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 82
--------------------------------------------------------------------------------

والدعوة، وهي أن يباين الظلمة من هو أهل للامامة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى اتِّباعه، واتفقوا على كون النص من جهة الرسول طريقاً إلى إمامة المنصوص عليه، واختلفوا في الطريقين الاخرين، فالاماميّة اتفقت على بطلانهما، وذهبت المعتزلة والاشعريّة والخوارج والزيدية الصالحية إلى أن الاختيار طريق إلى ثبوتها، وذهبت الزيدية غير الصالحية إلى أن الاختيار طريق إلى ثبوتها، وذهبت الزيدية غير الصالحية إلى أن الدعوة طريق الامامة، ووافقهم عليه الجبائي من المعتزلة وأبو حامد الغزالي، أما النص فسيأتي تقديره ولم يبقَ إلاّ الاختيار أو الدعوة، فإذا بطل الاختيار ثبت ما نقوله من أن الدعوة طريق الامامة، والذي يدلّ على بطلان الاختيار، أن كون الاختيار طريقاً إلى ثبوت الامامة حكم يثبت بالشرع ولا دلالة من جهة الشرع عليه، فوجب سقوطه، والذي يتصور فيه من الادلة الاجماع، ومن أنصف عرف أن مثل هذا الاجماع الذي وقع الشجار والتفرق فيه والاختلاف لا يمكن أن يقضى بمثله في مسألة ظنية، فضلاً عن أعظم الاشياء وأخطرها وهي الامامة»(1) .

ومن هذا النصّ الجامع لعقيدة الزيدية في مسألة القيام والدعوة قد تتضح لنا أمورٌ عدّة يهمّنا منها الان:

1 ـ أن بعض الزيدية لم يقولوا بالقيام والدعوة، بل قالوا بالاختيار كإخوان لهم من أهل السنة.


____________

1) المعالم الدينية: 130، 131.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 83
--------------------------------------------------------------------------------

2 ـ أن دليل القيام والدعوة يبتني في البداية على عدم صلاحية العقد والاختيار والنصّ كطريق لمعرفة الامام، وحينها لا يبقى لدينا إلاّ القيام والدعوة كطريق أخير للامامة فنعتقده.

3 ـ أنّ «يحيى بن حمزة» لا يرى الاجماع على مسألة القيام والدعوة ويخالف بذلك بعض أئمة الزيدية، إن لم يكن كلّهم، أو أنّ الائمة الزيدية لهم نظريات متعدّدة في الدليل على القيام والدعوة!!

4 ـ وهكذا يتركنا يحيى بن حمزة حيارى بعده دون أن يعطينا دليلاً قاطعاً على «القيام والدعوة»!!

وأما «الاثنا عشرية» فالمسألة محلولة عندهم سلفاً وذلك بقولهم بالنصّ من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على اثني عشر إمام.

ولكن لا بأس بذكر نموذج من استدلالاتهم العقلية والموضوعية على القول هذا وردّ آراء مخالفيهم:

«فأمّا الطريق إلى تعيين الامام فعندنا إنّما هو النصُّ من جهته تعالى عليه أو ما يقوم مقامه من المعجز، وعند أكثر مخالفينا طريقة الاختيار والعقد، وعند الزيدية طريقه النصّ أو الخروج أو الدعوة، ونحن ندلّ على صحّة ما ذهبنا إليه نفي صحّة بطلان قول جميع من خالفنا في ذلك.

والذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه هو ما قد دللنا عليه من وجوب عصمة الامام، والعصمة لا طريق إلى معرفتها إلاّ إعلام الله تعالى بالنصّ على لسان نبي صادق أو بإظهار معجزة على الامام نفسه، فأمّا اختيار الامّة وعقدهم وبيعتهم فلا يصلح أن يكون طريقاً إلى معرفة المعصوم، فبطل أن يكون الاختيار طريقاً إلى تعيين الامام، وكذلك الخروج والدعوة لا يكونان
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 84
--------------------------------------------------------------------------------

طريقاً إلى العصمة، لجواز حصولهما في غير المعصوم، فلا يكونان طريقاً إلى تعيين الامام»(1) .


____________

1) المنقذ من التقليد: 2/296.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 85
--------------------------------------------------------------------------------



واحـة

وإلى هنا تنتهي بنا «رحلة عقل» مصغَّرة، استوقفتنا ـ فيها ـ محطّاتٌ جادّة للمباني الهرمية الاسسية في نظرية الامامة عند الزيدية والاثني عشرية.

آملُ أن تكون هذه الاوراق والتساؤلات «إثارات» للباحثين عن الطريق الصحيح، و«برنامج عمل عقائدي بحثي موضوعي» لمن يريد لنفسه «الخلاص» من الموروث العقائدي الذي لم يُقم على «إقناعات» تامّة وجلية، وتَرَكَ فراغات واسعة; لم تحلّ ـ ولن تُحَلَّ ـ إلاّ بغربلة واسعة النطاق لكلِّ مفردات ذلك الموروث العقائدي.


محمّد العمدي


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 86
--------------------------------------------------------------------------------


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 87
--------------------------------------------------------------------------------


المراجع

ـ القرآن الكريم.

ـ إثبات الهداة:

محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (1104)، المطبعة العلمية قم.

ـ الاحكام في الحلال والحرام:

يحيى بن الحسين الهادي الرسي (298)، ط 1، 1410/1990م.

ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد:

محمّد بن محمّد البغدادي المفيد (413)، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 1، قم 1413.

ـ إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين:

المقداد بن عبدالله السيّوري الحلّي (826)، تحقيق مهدي الرجائي، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم، 1405 هـ.

ـ الاسماعيليون والمغول ونصيرالدين الطوسي:

حسن الامين، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417 هـ / 1997 م قم.

ـ أصل الشيعة وأُصولها:


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 88
--------------------------------------------------------------------------------

محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (1373)، تحقيق علاء آل جعفر، مؤسسة الامام علي(عليه السلام)، ط 1، 1415هـ، قم.

ـ الاصول العامة للفقه المقارن:

محمّد تقي الحكيم، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)، ط 2، قم 1979 م.

ـ الاعتصام بحبل الله المتين:

القاسم بن محمّد (1029)، مكتبة اليمن الكبرى، 1408 هـ / 1987 م.

ـ الاعلام:

خير الدين الزركلي (1396)، دارالعلم للملايين، ط 9، بيروت 1990م.

ـ إعلام الورى بأعلام الهدى:

الفضل بن الحسن الطبرسي (القرن السادس)، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام)لاحياء التراث، ط 1، قم 1417 هـ.

ـ أعيان الشيعة:

محسن الامين (1371)، حققه وأخرجه: حسن الامين، دارالتعارف للمطبوعات، 1403 هـ / 1983م بيروت.

ـ الافادة في تاريخ أئمة الزيدية:

يحيى بن الحسين بن هارون الحسني (424)، تحقيق: محمّد يحيى سالم عزّان، دارالحكمة اليمانية، ط 1، صنعاء 1417 هـ / 1996 م.

ـ الالهيات:

محاضرات جعفر السبحاني، بقلم: حسن محمّد مكّي العاملي، المركز العالمي للدراسات الاسلاميّة، ط 3، قم 1412 هـ.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 89
--------------------------------------------------------------------------------

ـ الامام المجتهد يحيى بن حمزة وآراؤه الكلامية:

أحمد محمود صبحي، منشورات العصر الحديث، ط 1، 1410هـ / 1990م.

ـ أنوار التمام:

أحمد بن يوسف بن الحسين زبارة (1252)، طبع مع الاعتصام للقاسم بن محمد.

ـ أوائل المقالات في المذاهب والمختارات:

محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي (المفيد 413)، انتشارات مؤسسة مطالعات إسلامي، دانشگاه تهران، 1372هـ ش/ 1413 هـ ق. طهران.

ـ بحارالانوار:

محمّد باقر المجلسي (1111)، المكتبة الاسلامية، ط 2، طهران 1405هـ.

ـ بحارالانوار:

محمّد باقر المجلسي (1111)، (الاجزاء /29 ـ 30 ـ 31) تحقيق: عبدالزهراء العلوي، دارالرضا بيروت.

ـ البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الامصار:

أحمد بن يحيى بن المرتضى (840)، دار الحكمة اليمانية، 1409هـ /1988م، صنعاء.

ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع:

محمّد بن علي الشوكاني (1250)، تحقيق: خليل المنصور، دار الكتب العلمية، ط 1، 1418هـ، بيروت.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 90
--------------------------------------------------------------------------------

ـ البرهان على وجود صاحب الزمان:

محسن الامين (1371)، مكتبة نينوى، طهران.

ـ بحوث في الملل والنحل:

جعفر السبحاني، مؤسسة الامام الصادق(عليه السلام)، ط 1، قم 1418هـ.

ـ تاريخ الاسلام:

محمّد بن أحمد الذهبي (748)، تحقيق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري، دارالكتاب العربي، ط 2، بيروت 1417 هـ / 1997م.

ـ تاريخ الاسلام الثقافي والسياسي:

صائب عبدالحميد، الغدير، ط 1، بيروت 1417 هـ / 1997 م.

ـ تاريخ الخلفاء:

عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (911)، تحقيق: محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية الكبرى، ط 3، القاهرة 1383 هـ / 1964م.

ـ تاريخ الدعوة الاسماعيلية:

الدكتور مصطفى غالب، دارالاندلس، ط 2، بيروت 1965 م.

ـ التحف شرح الزلف:

مجدالدين بن محمّد المؤيّدي، تحقيق: محمّد يحيى سالم عزّان، علي أحمد الرازحي، مؤسسة أهل البيت للرعاية الاجتماعية، ط 1، صنعاء
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 91
--------------------------------------------------------------------------------

1414 هـ / 1994 م.

ـ التشيّع نشأته معالمه:

هاشم الموسوي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417هـ/ 1997 م.

ـ التصوّف منشؤه مصطلحاته:

الدكتور أسعد السحمراني، دارالنفائس، ط 1، بيروت 1407 هـ / 1987م.

ـ الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية:

حميد بن أحمد المحلّى (652)، طبعة أوفست.

ـ حديث الثقلين تواتره فقهه كمافي كتب السنة، نقد لما كتبه الدكتور السالوس:

علي الحسيني الميلاني، قم 1413 هـ.

ـ الحسين والحسينيّون:

نورالدين الشاهرودي، ط 1، طهران 1413 هـ / 1992 م.

ـ حقائق عن التصوّف:

عبدالقادر عيسى، مكتبة دارالعرفان، ط 5، حلب / سوريا 1414هـ / 1993 م.

ـ حياة الشيخ المفيد ومصنفاته:

محمدرضا الانصاري، عبدالعزيز الطباطبائي، المؤتمر العالمي للذكرى الالفية للشيخ المفيد، الحوزة العلمية، قم 1413 هـ.

ـ دائرة المعارف الاسلامية:


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 92
--------------------------------------------------------------------------------

أحمد الشنتاوي وآخران، دارالمعرفة، بيروت.

ـ دائرة المعارف الاسلامية الشيعية:

حسن الامين، دارالتعارف للمطبوعات، ط 5، بيروت 1418 هـ / 1997 م.

ـ دلائل الصدق:

محمد الحسن المظفّر (1375 هـ)، دار المعلّم للطباعة، ط 2، القاهرة 1396هـ.

ـ دمية القصر:

علي بن الحسن بن علي الباخرزي (467)، تحقيق ودراسة: الدكتور محمد ألتونجي، دارالجيل، ط 1، بيروت 1414 هـ / 1993 م.

ـ الذخيرة في علم الكلام:

علي بن الحسين الموسوي (الشريف المرتضى 436)، تحقيق: أحمد الحسيني، مؤسسة النشر الاسلامي، قم 1411هـ.

ـ زواج المتعة حلال:

صالح الورداني، كنوته، ط 1، 1417 هـ / 1997 م.

ـ زيد بن علي ومشروعية الثورة عند أهل البيت (عليهم السلام):

نوري حاتم، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، قم 1416 هـ /1995م.

ـ زيد الشهيد:

عبدالرزاق الموسوي المقرّم (1391)، انتشارات الشريف الرضي،
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 93
--------------------------------------------------------------------------------

ط 1، قم 1411 هـ.

ـ الزيدية:

دكتور أحمد محمود صبحي، منشأة المعارف، الاسكندرية 1980 م.

ـ الزيدية نظرية وتطبيق:

علي بن عبدالكريم الفضيل شرف الدين، جمعية عمّال المطابع التعاونية، ط 1، عمان 1405 هـ / 1985 م.

ـ السجود على الارض:

علي الاحمدي، دارالتبليغ الاسلامي، بيروت 1399 هـ / 1978 م.

ـ السجود على التربة الحسينية عند الشيعة الامامية:

عبدالحسين الاميني (1390)، دارالزهراء، ط 2، بيروت 1397 هـ / 1977 م.

ـ سرّ الايمان الشهادة الثالثة في الاذان:

عبدالرزاق الموسوي المقرّم (1391)، ط 3، قم 1412 هـ.

ـ سير أعلام النبلاء:

محمّد بن أحمد الذهبي (748)، مؤسسة الرسالة، ط 11، بيروت 1419هـ / 1998 م.

ـ الشافي:

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله 614)، مؤسسة الاعلمي، بيروت، منشورات مكتبة اليمن الكبرى، ط 1، 1406 هـ / 1986 م صنعاء.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 94
--------------------------------------------------------------------------------

ـ شرح الازهار:

عبدالله بن مفتاح (877)، توزيع مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء، طبعة حجازي ـ القاهرة 1357هـ.

ـ شرح جمل العلم والعمل:

الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (436)، صححه وعلّق عليه: يعقوب الجعفري المراغي، دارالاسوة، ط 2، إيران 1419هـ.

ـ شرح منهاج الكرامة في معرفة الامامة:

علي الحسيني الميلاني، مؤسسة دار الهجرة، ط 1، قم، 1418هـ.

ـ صحيح البخاري:

محمد بن اسماعيل البخاري (256)، دار إحياء التراث العربي، عالم الكتب، ط 5، بيروت 1406 هـ / 1986 م.

ـ صحيح مسلم:

مسلم بن الحجاج النيسابوري (261)، دار الفكر، ط 2، بيروت، 1398 هـ / 1978 م.

ـ عدّة الاكياس في شرح معاني الاساس:

أحمد بن محمّد الشرفي (1055)، دار الحكمة اليمانية، ط 1، صنعاء 1415هـ.

ـ عقائد الاماميّة:


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 95
--------------------------------------------------------------------------------

محمّد رضا المظفّر (1383)، تحقيق: محمّد جواد الطريحي، مؤسسة الامام علي(عليه السلام)، ط 1، قم 1417هـ.

ـ الغدير:

عبدالحسين أحمد الاميني (1390)، دار الكتب الاسلامية، ط 6، طهران، 1374 هـ. ش.

ـ الفرق بين الفرق:

عبدالقاهر البغدادي (429)، دارالمعرفة، ط 1، بيروت 1415هـ / 1994م.

ـ قادتنا كيف نعرفهم:

محمّد هادي الحسيني الميلاني (1395)، تحقيق: محمّد علي الميلاني، مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 2، قم 1413هـ.

ـ القول المبين عن وجوب مسح الرجلين:

أبوالفتح محمّد بن علي الكراجكي (449)، تحقيق: علي موسى الكعبي، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لاحياء التراث، ط 1، قم 1417 هـ.

ـ كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد:

الحسن بن يوسف الحلّي (726)، دارالصفوة، ط 1، بيروت 1413 هـ /1993 م.

ـ لسان العرب:

محمّد بن مكرم بن منظور (711)، دار صادر، بيروت.

ـ المتعتان بين النصّ والاجتهاد (من كتاب الغدير للشيخ الاميني):

إعداد: طاهر الموسوي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 1،
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 96
--------------------------------------------------------------------------------

1419 هـ / 1998 م.

ـ المتعة وأثرها في الاصلاح الاجتماعي:

توفيق الفكيكي (1389)، تحقيق: هشام شريف همدر، دارالاضواء، ط 5، بيروت 1418 هـ / 1998 م.

ـ مذهب الاماميّة:

عبدالهادي الفضلي، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط 2، 1417هـ / 1997 م.

ـ المراجعات:

عبدالحسين شرف الدين (1377)، تحقيق وتعليق: حسين الراضي، مؤسسة دارالكتاب الاسلامي، وطبعة مطبوعات النجاح، ط 20، القاهرة 1399هـ / 1979م.

ـ مسألة في النبوّة والامامة:

يحيى بن الحسين بن القاسم (الهادي) (298)، مكتبة اليمن الكبرى، صنعاء. (ضمن المجموعة الفاخرة).

ـ المسح على الرجلين:

محمّد بن محمّد بن النعمان (المفيد) (413)، تحقيق: مهدي نجف، المؤتمر العالمي لالفية الشيخ المفيد، ط 1، قم 1413 هـ.

ـ المسند:

أحمد بن حنبل (241)، دارالفكر، بيروت.

ـ المعالم الدينيّة في العقائد الالهيّة:

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله 749)، تحقيق: سيّد مختار محمّد أحمد حشّاد،
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 97
--------------------------------------------------------------------------------

دار الفكر المعاصر، ط 1، بيروت 1408هـ.

ـ المعجم الوسيط:

مجمع اللغة العربية / القاهرة، دارالدعوة، اسطامبول / تركية 1989م.

ـ معجم رجال الحديث:

أبوالقاسم الموسوي الخوئي (مرجع الطائفة) (1992م)، ط 5، 1413 هـ / 1992م.

ـ مقدّمة البحر الزخّار (يشمل عدّة مختصرات ومقدّمات):

أحمد بن يحيى بن المرتضى (840)، طبع مع البحر الزخّار.

ـ المقصد الحسن:

أحمد بن يحيى حابس (1061)، مخطوط.

ـ الملل والنحل:

عبدالكريم الشهرستاني (548)، تحقيق: محمّد سيّد كيلاني، دارالمعرفة، بيروت.

ـ مناهج اليقين في أُصول الدين:

الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (726)، تحقيق: محمّد رضا الانصاري القُمّي، ط 1، 1416هـ.

ـ المنقذ من التقليد:

سديد الدين محمود الحمصي الرازي (القرن السابع)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي، ط 1، قم 1414هـ.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 98
--------------------------------------------------------------------------------

ـ منهاج الصالحين:

فتاوى آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني دام ظلّه، مكتب السيّد السيستاني، ط 5، قم 1417 هـ.

ـ الموسوعة الفلسفية:

عبدالمنعم الحفني، دار ابن زيدون / مكتبة مدبولي، ط 1، بيروت.

ـ الموسوعة الفلسفية:

وضع لجنة من العلماء والاكاديمين السوفياتيين / بإشراف: م. روزنتال / ي. يودين، ترجمة: سميركرم، ط 2، دارالطليعة، بيروت 1980م.

ـ الموسوعة الفلسفية المختصرة:

نقلها عن الانجليزية: فؤاد كامل وآخران، بإشراف: الدكتور زكي نجيب محمود، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة 1963 م.

ـ الموسوعة اليمنيّة:

مؤسسة العفيف الثقافية، ط 1، 1412 هـ / 1992 م.

ـ نفحات الازهار في خلاصة عبقات الانوار في الردّ على التحفة الاثني عشرية:

علي الحسيني الميلاني، ط 1، 1414 هـ.

ـ ينابيع المودّة:

سليمان بن إبراهيم القندوزي (1294)، تحقيق: سيّد علي جمال أشرف الحسيني، دارالاسوة، ط 1، 1416 هـ.

ـ ينابيع النصيحة في العقايد الصحيحة:

الحسين بن محمد بن أحمد (662)، دار ومكتبة الخير، صنعاء

حفيد الإمام زيد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2
اشترك في: الجمعة سبتمبر 03, 2010 9:43 am

Re: الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة حفيد الإمام زيد »

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على آل بيت رسول الله المتقين الطاهرين ،اللهم واصل واسلم على نبيك الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله ، بلَّغ الرسالة ونصح الأمة ، فمنهم من طاعه وفاز في الدنيا والآخرة ، ومنهم من كذَّبه وعصاه وحاربه وحارب دينه الإسلام ، في حياته وما بعد موته ، والمعذرة يا سادتي وياسيداتي فلم أحضِّر موضوع والسبب من فرحتي عندما جاءت للأميل حقي ، رسالة تتضمن أنه تم تفعيل عضويتي ، عرهعت مهرولا إلى بيت اجتمع فيه أحبابنا وبنو عمومتنا ، واخوتنا في العروبة والإسلام ، وبالنسبة لما كتبه أخي " لن نذل " فكنت منذ دخلت قبل اسبوعين أتردد على هذا الموضوع وأقرأه مرة بعد مرة ، وأقول بارك الله فيك وفي بحثك القيم ، ولي رغبة نقل الموضوع باسم صاحبه الحقيقي ، حيث مدونتي باسمي الحقيقي ، ومن حرصي والأمانة لم أستطع أن أنسخه إلا بعد الموافقه ، بارك الله فيك يا أخي " لن نذل " وأقول بإذن الله لن تذلون مابقي فينا عرق ينبض كلام يجمد على الشارب ، وبارك الله في القائمين على هذا المنتدى والمشرفين عليه وكذلك جميع الأعضاء دون تمييز بالجنس واللون . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لن نذل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 862
اشترك في: السبت مايو 28, 2005 9:16 pm

Re: الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة لن نذل »

أهلاً بك أخي الكريم بين اخوانك في هذه المجالس المباركة
الأبحاث التي نشرتها في الأعلى قام بكتابتها ونشرها بعض العلماء وطلبة العلم قبل عدة سنوات وانا لم اقم سوى بإعادة نشرها هنا.
نسأل الله أن يكتب أجر من قام بتأليفها وتوزيعها
سأجعل قلبي قدساً، تغسله عبراتي، تطهره حرارة آهاتي، تحييه مناجاة ألآمي، سامحتك قبل أن تؤذيني، وأحبك بعد تعذيبي..

أحمد يحيى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1079
اشترك في: الثلاثاء يوليو 24, 2007 1:09 am

Re: الموعظة الحسنة - شبهات وردود على الأخوة الاثني عشرية

مشاركة بواسطة أحمد يحيى »

حيا الله بالمهموم،، ومبروك العضوية

مع محبتي
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الحوار مع الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى“