أركان الحج ومناسكه

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

أركان الحج ومناسكه

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

باب في أركان الحج ومناسكه
أركانه ثلاثة:

الإحرام.
والوقوف.
وطواف الزيارة.

هذه الثلاثة لا يجبرها شيء، ويفوت الحج بفوات أحد الأولين





فصل في مناسك الحج
ومناسكه اثنا عشر :

الثلاثة الأركان

الإحرام.
والوقوف.
وطواف الزيارة.

و

وطواف القدوم
والسعي
والمبيت بمزدلفة
وجمع العشائين فيها
والدفع منها قبل الشروق
والمرور بالمشعر
والرمي
والمبيت بمنى
وطواف الوداع




فصل في النسك الأول: الإحرام
أول مناسك الحج الإحرام، وله في الشرع معنيان :

أحدهما الدخول في حرمة أمور بنية الحج أو العمرة، وهذا هو المراد بقولهم: لا ينعقد الإحرام إلا بنية. وحقيقته: الدخول في أحد النسكين أو كليهما أو ما يصلح لأحدهما. قوله: أحد النسكين، يدخل الإفراد والتمتع والعمرة المفردة. وقوله: أو كليهما، يدخل القِران. وقوله: أو ما يصلح لأحدهما، المطلق. وهذا أوضح الحدود للإحرام وفي الفتح الذي يظهر أنه الصفة الحاصلة من تجرد وتلبية.
والثاني: النية المذكورة نفسها، وهو المراد بقولهم الإحرام أحد أركان الحج والعمرة.



زمان ومكان الإحرام
وللإحرام زمان ومكان.

أما زمانه فقال الله سبحانه: ﴿ الحج أشهر معلومات ﴾ وهن شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة. قال الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام: ((لا ينبغي لمسلم أن يخالف تأديب الله سبحانه وتأديب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في أن يهلّ بالحج في غير وقته...)) إلى قوله: (( بل يجب عليهم أن ينتظروه، فمن أحرم [ أي قبل وقته] فقد أخطأ وأساء وخالف أمر ربه وتعدى، ويجب عليه ما أوجب على نفسه.)).

مسألة مفيدة: قلت: وثبوت الحكم لا ينافي التحريم كالظِّهار، فإنه يقع ويثبت له حكمه بالإجماع للنص القرآني وكطلاق البدعة على الصحيح. وبهذا يتضح أن ليس معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما لم يكن عليه أمرنا فهو رد )) أنه لا حكم له، وللكلام على هذا مقام آخر.

نعم، والذي ذكره الإمام عليه السلام هو الذي يفيده الحصر في الآية الكريمة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (( ليس من السنة أن يحرم بالحج في غير أشهر الحج.)). أخرجه في الجامع الكافي عن محمد بن منصور، وأخرجه البخاري تعليقًا عن ابن عباس بلفظ: ((من السنة ألا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج.))، ووصله ابن خزيمة والدارقطني عنه بمعناه. وأما ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: ((تمام الحج والعمرة أن تحرم لهما من دويرة أهلك.)) فمحمول على من يمكنه في أشهر الحج. وقد حمله القاسم بن إبراهيم ومحمد بن منصور رضي الله عنهم على مَن كان مِن دون الميقات، روى ذلك في أمالي الإمام أحمد بن عيسى وفي الجامع الكافي (وهما المراد أينما أطلَقتُ الأمالي والجامع)، وتأويل هذا ونحوه أولى من تأويل الآية كما لا يخفى على ذي بصيرة. وقد رُويت روايات لا تقوى على معارضة الآية والأخبار الصريحة.



المواقيت
وأما مكانه: فالمواقيت وهي:

لأهل المدينة المطهرة: ذو الحليفة على ستة أميال منها، وعلى مائتين غير ميلين من مكة المشرفة، عشر مراحل. وبها مسجد معروف، ويقال لها أبيار علي عليه السلام. وقد أضجرت هذه النسبة بعضهم - وهو ابن تيمية - فأنكرها في منسكه زاعماً أن أصلها دعوى أن أمير المؤمنين عليه السلام قاتل بها الجن، ونزهه من أن تثبت الجن لمقتالته، فجاء بما أعجب من الدعوى. وكم ينسب كثير من البقاع والبلدان ولم يتمحل لإبطالها مثل هذا التمحل. ثبتنا الله سبحانه على حب من حبه إيمان، ومن بغضه نفاق.
ولأهل الشام: الجحفة على اثنين وثمانين ميلاً ست مراحل من مكة وعلى نحوها من المدينة. وبها غدير خُم كما في النهاية وغيرها بإزاء رابغ.
ولأهل نجد: قرن المنازل على مرحلتين ويسمى الآن وادي السيل. ولما تحولت طريق السيارات صار أغلب من يرد الطائف يحرمون من وادي المحرم على التقدير. والراجح عندي الإحرام من الطائف احتياطًا لمن لم يمر من قرن المنازل.
ولأهل اليمن: يَلَمْلَم بفتح المثناة التحتية واللام وسكون الميم الأولى، على اثنين وثلاثين ميلاً مرحلتين من مكة المشرفة، ويسمى الآن السعدية من طريق الساحل.
هذه المواقيت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا خلاف، وقد صح أنه صلى الله عليه وآله وسلم وقّت لأهل العراق ( ذات عرق ) على مرحلتين.

والحرم: للحرمي، فإن أحرم من خارج الحرم فقيل يلزمه دم، والمذهب لا يلزم كمن قدّم الإحرام.
وميقات مَن مسكنه خلف هذه المواقيت، أي بينها وبين الحرم، داره، أي موضعه، ولا يُحرِم مِن أقرب مِن داره إلى الحرم، فإن جاوز إلى الحرم بغير إحرام لزمه دم على المذهب. وكون هذه مواقيت من ذكر أفاده الخبر المتفق عليه عن ابن عباس رضى الله عنهما: ((ومن كان دونهن فَمَهِلّه من أهله.))، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها. وفي كلام أمير المؤمنين عليه السلام: (( وميقات من كان دون المواقيت من أهله.)). وهذا قول القاسم بن إبراهيم وحفيده الهادي إلى الحق قال الإمام يحيى: وهذا رأي أئمة العترة؛ انتهى. وحكي عن أصحاب أبي حنيفة وأبي العباس أنه يُحرم من حيث شاء إلى الحرم المحرم.
وهذه المواقيت لأهلها ولمن ورد عليها ولساكنيها كما ورد في الأخبار النبوية: (( هن مواقيت لأهلهن ولمن أتى عليهن غير أهلهن.)). أخرجه الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام، وهو في الخبر المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومن ورد بين هذه المواقيت فميقاته ما حاذى أدناها إليه عرضًا، فإن كان لا يحاذي أحدها فعلى مسافة مرحلتين مسافة أقرب المواقيت إلى مكة المشرفة، يقدرها بغلبة الظن إن لم يمكن التحقيق.

تنبيه: معنى المحاذاة: وقيد المحاذاة بالعرض هو المعلوم. أما المقابلة طولاً فكل ميقات له مقابل إلى منقطع الأرض. وقد غلط فيها كثير للجهل بمعناها.

ومن لزمه الحج وهو خلف المواقيت فميقاته موضعه؛ فإن كان بمكة أحرم منها، وإن كان بمنى أو نحوها استحب له من مكة إن كان لا يخشى فوات الوقت.

فائدة: يجوز لساكني هذه المواقيت الدخول إلى الحرم لا لنسك بغير إحرام اتفاقًا.

تنبيه: ليس حكم الميل في هذه المواقيت حكمها، بل المعتبر الموضع المخصوص نفسه.

فائدة: هذه المواقيت للإحرام بالحج والعمرة، ويستثنى من ذلك إحرام العمرة لمن بالحرم، فإنه يلزمه الخروج إلى الحل وأقربه التنعيم، حيث أمر صلى الله عليه وآله وسلم أن تخرج إليه عائشة للإحرام بالعمرة، فدل على تخصيص خبر المواقيت إذ ليس بنص في ميقات عمرة المكي، وإنما هو عموم مع رواية الإجماع على ذلك. وليس بعد بيانه صلى الله عليه وآله وسلم بيان، فلا معنى لما طول به ابن القيم وغيره من عدم لزوم ذلك، محتجًا بأنه لم ينقل ذلك إلا عن عائشة. وما أحسن ما أجاب به عليه في فتح الباري حيث قال: وبعد أن فعلته بأمره صلى الله عليه وآله وسلم دل على مشروعيته. والعجب من قول الأمير في المنحة: إنه بدعة، أي الخروج من الحرم. فيقال له: إن لم يكن أمره صلى الله عليه وآله وسلم سنة، فما هي السنة؟

نعم، فإن كان خلف المواقيت فميقاته داره، أي موضعه إن كان في الحل، وإلا وجب أن يخرج إليه. فإن أحرم بالعمرة من الحرم لزمه دم.



ما يحسن قبل الإحرام
يحسن قبل الإحرام، قلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق ما يعتاد حلقه من الشعر، وهذا مستحب في الحج وغيره، ويسنّ الغسل ولو حايضًا أو جنبًا، ويتيمم غيرهما للعذر.

وفي الجامع الكافي قال محمد: (( وقلّم أظفارك، واحلق عانتك إذا احتجت إلى ذلك، وأفض عليك الماء، وليكن ذلك في وقت صلاة فريضة أو نافلة، ثم البس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارًا ورداء.)). قال: (( فصل ركعتين أو ما تيسر لك، وإن صليت الفريضة أجزاك، ثم قل دبر صلاتك وأنت متوجه إلى القبلة...))، وذكر صفة الإهلال وستأتي. قال: (( وإذا اغتسلت لإحرامك فلا تلبس قبل أن تحرم ما لا ينبغي للمحرم لبسه، فإن لبست شيئًا جاهلاً أو ناسيًا فانزعه وأعد الغسل.)). وروى ذلك عن علي عليه السلام وعن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام، وأوجب الناصر عليه السلام عليهم الغسل والأَولى عدم التفريط فيه. وقد ذكر استحباب ما سبق من التنظيف والغسل ولبس الثوبين الإمام زيد بن علي وأخوه الباقر عليهم السلام، والمروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه اغتسل لإحرامه ولبس ثوبين وأحرم عقيب صلاة الظهر، فإن أمكن ذلك فهو الأَوْلى، وإلا فبعد أي صلاة فريضة أو نافلة.


حكم مجاوزة الميقات إلى الحرم المحرم
وتحرم مجاوزة الميقات إلى الحرم المحرَّم إلا بإحرام على الآفاقي، الحر، المسلم، المكلف، المختار، غالبًا.

قوله: إلى الحرم، احتراز من أن يجاوزه غير قاصد للحرم أو مترددًا في دخول الحرم، فلا يلزمه الإحرام إلا إذا عزم على الدخول لأحد النسكين، أحرم من موضعه كمن ميقاته داره.

فائدة: من جاوز الميقات مريدًا لدخول الحرم بعد إقامته مدة وإن طالت، لزمه الإحرام على المذهب. ورجح الإمام المهدي والفقيه حسن عدمه.

وقوله: الآفاقي، احتراز ممن ميقاته داره، إلا أن يقصد أحد النسكين، أو يأتي من خارج الميقات قاصدًا لمكة.

وقوله: الحر، احتراز من العبد ولو مكاتبًا أو موقوفًا.

وقوله: المسلم، احتراز من الكافر، فلا يصح منه الإحرام ولا يلزمه دم، خلافًا للشافعي. ومن جاوز الميقات ثم أسلم أو عتق، أحرم من موضعه إجماعًا.

وقوله: المختار، احتراز من المكره، ومن حصلت المجاوزة به وهو نايم أو مغمى عليه أو مجنون، فإنه بعد عود عقله لا يلزمه الإحرام، بل يجوز له دخول الحرم لا لنسك بغير إحرام. فأما السكران فهو لازم له، وكذا من جاوزه ناسيًا أو ظانًا أن الميقات أمامه فيلزمه على المذهب.

وقوله: غالبًا، احتراز من ثلاثة المرخص لهم بلا إحرام:

الأول: من عليه طواف الزيارة أو سعي العمرة أو بعضهما، أو الحلق أو التقصير في العمرة، فيجوز له الدخول بلا إحرام ولو قد طاف جنبًا أو حايضًا فيجوز له قبل اللحوق بأهله.
الثاني: الإمام وجنده، أو من يقوم مقامه إذا دخلوا لحرب الكفار أو البغاة.
الثالث: الدائم على الدخول والخروج كالحطاب والحشاش والسقاء، فلا يلزمهم إجماعًا. واختلف في تفسير الدايم، فقال في الانتصار: من يدخل في الشهر مرة؛ وقال الإمام أحمد بن الحسين: في العشر مرة؛ والمذهب: ما يسمى دايمًا عرفًا، وتثبت العادة بمرتين فيلزم الإحرام أوّل مرة.
فمن جمع هذه الشروط وجاوز أثم مع العمد، ولزمه دمٌ مطلقاً، ولا بدل له. ولا يسقط عنه الدم إلا أن يرجع إلى الميقات قبل أن يحرم، وقبل أن يصل الحرم المحرم بكل بدنه. فإن جاوز وفاته الإحرام في عامه ذلك قضاه مع الاستطاعة، وفواتُه بطلوع فجر النحر سواء كان حجاً أو عمرة، ولا دم للتأخير. وينوي بإحرامه في القضاء قضاء ما فاته من الإحرام، ولا يداخل في هذا الإحرام غيره، فإن نواه عن قضاء ما فاته وعن حجة الإسلام أو عن نذر أو نحوه لم يُجْزه لأيهما، ووجب عليه أن يقضيهما ويضع إحرامه على عمرة أو حجة نفلاً، وإن نوى لأحدهما صح وبقي الآخر في ذمته. فأما لو أحرم بعد مجاوزة الميقات في تلك السنة فله أن يضع إحرامه على ما شاء من حجة الإسلام أو غيرها، وسواء كان قد رجع إلى أهله قبل أن يحرم أم لا. ولا يسقط عنه الإحرام حيث جاوز الميقات مريداً لدخول الحرم المحرم، ولو رجع واضرب كما لو مات، أفاده في الغيث. وعليه الإيصاء بحجة أو عمرة، وإن لم يحرم فقد لزمه الدم والإحرام على المذهب. وفي حاشية السحولي: لا يلزمه دم ولا إحرام.

فائدة: ويتكرر لزوم الدم والإحرام بتكرار الدخول كنزع اللباس، إلا أن يصير مع التكرار دائم الدخول والخروج. ويجب عليه الرجوع إلى الميقات والإحرام منه إلا لخوف أو لضيق وقت، فيحرم قبل الحرم وعليه دم المجاوزة. فإن أحرم من موضعه من غير عذر أثم، وسقط وجوب الرجوع ولزمه دم واحد... أفاده في الغيث.

رواية الترخيص في الدم : هذا وفي شرح التجريد: وذكر أن القاسم عليه السلام روى عن أمير المؤمنين عليه السلام فيمن جاوزه: لا شيء عليه، فإن صحت الرواية لم يعدل عنها، وإلا فالأولى ما ذكرناه؛ انتهى. وفي أصول الأحكام عن علي عليه السلام فيمن جاوز الميقات فلم يحرم فلا شيء؛ انتهى. وفي شرح التجريد عن المنتخب أن من جاوز الميقات من غير أن يحرم فيه، وجب عليه أن يرجع ويحرم منه، فإن لم يمكنه الرجوع لعذر قاطع أحرم وراءه قبل أن ينتهي إلى الحرم. ويستحب أن يهرق دمًا... إلى آخره.

تنبيه: حكم المريد لأحد النسكين وغير المريد:

اعلم أن المريد لأحد النسكين تحرم عليه المجاوزة للميقات إلى الحرم بغير إحرام إجماعًا. وأما من لا يريد أيَّهما ففيه خلاف؛ فعند الجمهور أنها تحرم المجاوزة على ما سبق تفصيله. وعند الصادق والإمام الناصر وأبي العباس من العترة وأخير قولي الشافعي أنها لا تحرم، ولا يلزم الإحرام إلا القاصد لأحد النسكين. استدل الأولون بقوله تعالى: ﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾، ولم يتقدم ذكر الإحرام، فدل على أن المجاوزة إنما هي بإحرام. كذا في البحر وغيره، وفيه ما لا يخفى. وأجيب بأنه قد تقدم تحريم الصيد عليهم في قوله تعالى: ﴿ غير محلي الصيد وأنتم حرم ﴾ ولا إحرام إلا عن أحد النسكين، وأخبر بإباحته لهم إذا حلَّوا فلا دليل في الآية على المطلوب. واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا يحل لأحد دخول مكة بغير إحرام ، ورخّص فيه للحطابين... رواه في الشفاء وغيره. قال ابن حجر في التلخيص، حديث ابن عباس أخرجه البيهقي من حديثه نحوه، وإسناده جيد. ورواه ابن عدي من وجهين ضعيفين، وأخرجه ابن أبي شيبة عنه بلفظ: لا يدخل أحد مكة بغير إحرام إلا الحطابين والعمالين وأصحاب منافعها. وفي إسناده طلحة بن عمرو وفيه ضعف. وأجيب بأن المرفوع ضعيف، والموقوف اجتهاد، فلم يثبت دليل التحريم. واستدل المجيز بدخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مكة يوم الفتح بغير إحرام. وما في الأخبار من اختصاص الحل به صلى الله عليه وآله وسلم، فالمراد حِلُّ القتال كما هو ظاهر في السياق والألفاظ، لا المجاوزة فلم يجرِ لها ذكر، فهي باقية على الأصل، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر المسلمين الداخلين لحوايجهم إلى مكة المشرفة بالإحرام، كما في قصة الحجاج بن علاط وأبي قتادة لما عقر الوحش داخل الميقات وهو حلال. وأخرج في الموطأ أن ابن عمر جاوز الميقات غير محرم. وفي الجامع الكافي روى محمد بن منصور بإسناده عن محمد بن علي وعمرو بن دينار أنهما خرجا إلى أرضهما خارج الحرم، ثم دخلا مكة بغير إحرام. وروى فيه عن ابن عمر أنه دخل مكة بغير إحرام.

والحجة في فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره، وهو الذي يفيده مفهوم أخبار المواقيت كما في خبر ابن عباس رضي الله عنهما: ((وقّت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة...)) إلى قوله: (( ممن أراد الحج والعمرة ))، أخرجه الخمسة إلا الترمذي. وقول علي عليه السلام المروي في المجموع: (( ميقات من حج من المدينة أو اعتمر ذو الحليفة... )) إلى آخره. والأصل البراءة وإن كان الأحوط والأفضل هو الإحرام؛ هذا هو المختار.

فائدة: وجه لزوم الدم على من ترك نسكًا:

ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (( من ترك نسكًا فعليه دم ))، رواه في الشفاء والانتصار. وأخرج مالك في الموطأ عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا: من نسي شيئًا من نسكه أو تركه مما بعد الفرايض فليهرق دمًا. قال أيوب: لا أدري قال ترك أم نسي، والمراد بالفرايض الثلاثة الأركان. وظاهر كلام المؤيد بالله في شرح التجريد حكاية الإجماع على لزوم الدم لمن ترك نسكًا وهذا هو أقوى ما يحتج به. فقد ظهر من السلف والخلف العمل عليه، والله تعالى أعلم.
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“